
حواجز الاحتلال في القدس.. نقاط عسكرية لعزل المدينة وإهانة أهلها
تنتشر في مدينة القدس المحتلة شبكة واسعة من الحواجز العسكرية التي أقامتها قوات الاحتلال الإسرائيلي حول المدينة وداخلها، لعزلها عن محيطها الفلسطيني وإحكام السيطرة عليها وربطها بالمستوطنات، والاستيلاء على المزيد من أراضيها. ويعتبر حاجزا قلنديا والكونتينر من أخطرها.
وتخدم هذه الحواجز العسكرية الإسرائيلية بشكل أساسي المستوطنين، وتسهم في تهويد مدينة القدس، وتنغص على المقدسيين معيشتهم من خلال إجراءات التفتيش والتدقيق الشديدة والإذلال الذي يتعرضون له أثناء مرورهم عبرها.
التضييق والتهجير
منذ احتلال إسرائيل مدينة القدس، وهي تحاول التنغيص على أهلها لتهجيرهم والاستيلاء على أرضهم ومنازلهم. ولم يبق الاحتلال الإسرائيلي وسيلة إلا واتبعها في سبيل ذلك. وتعد الحواجز العسكرية التي تفصل المدينة المقدسة عن محيطها الفلسطيني إحدى أخطر هذه الوسائل.
وتهدف إسرائيل من وراء هذه الحواجز إلى ما يلي:
تعزيز سيطرتها ومحاولة إخضاع المقدسيين وضبط سلوكهم ومستوى معيشتهم الاقتصادي.
السيطرة الكاملة على مدينة القدس وتهويدها وعزلها عن محيطها الفلسطيني.
تفتيت القدس بالحواجز في محاولة لدفع المقدسيين نحو الهجرة طوعا إلى خارجها.
التحكم في حركة الفلسطينيين القادمين إلى القدس والخارجين منها، لاسيما القادمين من الضفة الغربية و أراضي 48 لأداء الصلاة في المسجد الأقصى المبارك.
تسهيل وصول المستوطنين إلى المستوطنات، وكذا إلى المسجد الأقصى لاقتحامه.
ربط المستوطنات الإسرائيلية بعضها ببعض.
قيود مشددة
القيود المشددة وعمليات التفتيش المهينة أحد أبرز تجليات الحواجز الإسرائيلية بالقدس، إذ يقاسي الفلسطينيون أثناء ذهابهم إلى مدينة القدس المحتلة أو خروجهم منها، فالاحتلال يفرض على دخولهم وخروجهم إجراءات مشددة بينها التدقيق في الهويات والتفتيش الشديد والدقيق.
إعلان
وفي بعض الأحيان يعتقل جنود الاحتلال من يشاؤون من المواطنين بحجج ومزاعم واهية، كما يتعمدون إهانتهم وتنغيص حياتهم والنيل منهم.
ويحتجز الاحتلال العديد من الفلسطينيين ساعات طويلة في الشمس، كما يُرغم الجنود النساء الفلسطينيات أحيانا على خلع جلابيبهن لتفتيشهن بدقة.
ويضطر الخارجون من القدس أو الداخلون إليها إلى الاستيقاظ أحيانا في تمام الساعة الثانية فجرا للاصطفاف في طوابير طويلة على الحواجز.
وفيما يلي أبرز الحواجز العسكرية الإسرائيلية التي تنتشر في محيط مدينة القدس المحتلة وداخلها:
حاجز قلنديا
يقع حاجز قلنديا بمحاذاة مخيم قلنديا على مسافة 4 كيلومترات تقريبا إلى الجنوب من رام الله، وتبعد 11 كيلومترا عن المدينة المقدسة.
ويعتبر هذا الحاجز من بين أكبر الحواجز العسكرية التي أقامها الجيش الإسرائيلي عقب الانتفاضة الفلسطينية الثانية التي اندلعت نهاية سبتمبر/أيلول 2000، وحولته إسرائيل أواخر 2001 إلى حاجز عسكري ضخم أعاق إلى حد كبير تنقل المدنيين، وعطل الحركة الاقتصادية، وزاد من عزلة القدس.
ويحيط الاحتلال الحاجز بمناطق عازلة وأسلاك شائكة وحواجز إلكترونية، إضافة إلى بوابات وكاميرات تمنع دخول الفلسطينيين إلا من خلال ممرات شبيهة بالأقفاص، وحواجز دوارة يرتفع كل واحد منها أكثر من مترين.
ويعد هذا الحاجز مصدر معاناة للفلسطينيين، وأداة لتمزيق أوصال الأراضي الفلسطينية المحتلة، إذ يتعين على كل فلسطيني يرغب في التوجه إلى القدس المحتلة أو القدوم منها إلى وسط الضفة الغربية المرور به والخضوع للتفتيش، ويستغرق عبوره أحيانا ساعات عدة.
وتسيّر شركات الحافلات العاملة في الضفة الغربية حافلاتها يوم الجمعة من مختلف مدن الضفة الغربية باتجاه حاجز قلنديا، وتنتظر حافلات القدس على المدخل الآخر لنقل المصلين إلى باب العمود على مدخل البلدة القديمة للقدس المحتلة.
وتشير مؤسسة أبحاث الأراضي إلى أن جنود الاحتلال في حاجز قلنديا يستخدمون أساليب خادشة للحياء مثل تعرية المواطنين، وإطلاق النار على عدد منهم ومنع آخرين من الدخول والفحص الدوري.
حاجز مخيم شعفاط
نصب الاحتلال الحاجز بشكل مؤقت قرب مخيم شعفاط أثناء الانتفاضة الثانية، ووضع فيه دوريات عسكرية ووسائل لتفتيش المركبات، ومع بدء بناء جدار الفصل الإسرائيلي حول المنطقة في 2002 تحول إلى حاجز شبه دائم.
وفي عام 2009 حولت سلطات الاحتلال الحاجز المؤقت إلى "معبر دولي" يفصل القدس عن الضفة الغربية.
استمر العمل على توسيع الحاجز وبناء غرف تفتيش ومسارات المركبات وأبراج مراقبة وبوابات إلكترونية أكثر من 4 سنوات.
ومع إغلاق الحاجز تحول السكان في تلك المنطقة إلى سجناء في منطقة معزولة بالجدار عن الضفة وعن القدس.
ويتكون الحاجز من 3 مسارات رئيسية، الأول للمشاة عبر بوابات فحص إلكتروني، والثاني مخصص للحافلات التي تخضع لتفتيش دقيق أيضا، والثالث للمركبات الخاصة.
وفي هذا المسار جهاز للكشف على لوحات تسجيل المركبات، وإذا كان هناك أي مخالفات على المركبة يتم اعتقال الشخص والتحقيق معه في مركز الشرطة المقام على الحاجز.
يتحكم الجنود في هذه المسارات، وفي بعض الأيام يفتحها الاحتلال كاملة، وفي أخرى يفتح مسارا واحدا للفئات الثلاث، مما يخلف أزمة خانقة على الحاجز ويعرقل وصول أكثر من 10 آلاف مقدسي لمناطق أعمالهم في القدس وأراضي الـ48.
وسلب الحاجز أراضي واسعة، خاصة بعدما أنشأ الاحتلال بالقرب منه ما سماها بـ"مراكز الخدمات المدمجة"، التي تضم مقرا للشرطة ومكاتب لوزارات ومكاتب أخرى تابعة لبلدية الاحتلال.
وشهد الحاجز العديد من العمليات الفدائية، أشهرها يوم الثامن من أكتوبر/تشرين الأول 2022، عندما نفذ الشاب المقدسي عدي التميمي، هجوما أدى إلى مقتل مجندة إسرائيلية وإصابة عدد آخر من الجنود الموجودين على الحاجز.
إعلان
وقد أغلقته قوات الاحتلال في أعقاب العملية وفرضت حصارا مشددا على مخيم شعفاط وبلدة عناتا. وفي 13 فبراير/شباط 2023، نفذ الشاب محمد باسل الزلباني عملية طعن عند الحاجز أدت إلى مقتل جندي إسرائيلي.
حاجز حزما
أقام الاحتلال حاجز حزما العسكري الرئيسي عام 1990 على أراضي بلدة حزما، وفصلها عن بيت حنينا وشعفاط، ومن ثم عزلها عن مدينة القدس بشكل كامل بعد بناء الجدار حول الحاجز عام 2004.
ويوجد جنود الاحتلال بشكل دائم على هذا الحاجز، وينفذون بشكل شبه يومي عمليات الاقتحام والاعتقال في البلدة.
وخصص الاحتلال حاجز حزما لعبور المستوطنين والمقدسيين بسياراتهم، كما تسلكه حافلات السياح الأجانب وفلسطينيي الداخل المحتل.
حاجز الزعيم
يقع في قرية الزعيم الفلسطينية شرقي القدس التي عزلها الجدار، وهو حاجز مخصص لعبور السيارات فقط، خاصة سكان مستوطنة معاليه أدوميم.
وضع الاحتلال بوابة حديدية على المدخل الرئيسي للقرية عام 2005م بحجة اليقظة الأمنية، ويفتحها ساعات محددة، مما يعزل سكانها عن العالم.
يشكل الحاجز مصدر قلق للسكان، خاصة بعدما هدمت سلطات الاحتلال العديد من المنازل القريبة منه، وتنفذ انطلاقا منه عمليات اقتحام لمنازل المقدسيين.
حاجز العيزرية (الزيتونة)
يطلق عليه أيضا حاجز الزيتون، ويقع في بلدة العيزرية شرقي القدس، ويفصلها عن قرية الطور غربا، وهو مخصص للمشاة من حملة تصاريح المرور من فلسطينيي الضفة والقدس.
حاجز بيتونيا
أقامه الاحتلال الإسرائيلي على أراضي بلدة بيتونيا غرب مدينة بالضفة الغربية.
يخصص هذا الحاجز لنقل البضائع من إسرائيل إلى الضفة الغربية خاصة مدينة رام الله، وتسلكه الشخصيات السياسية التي تزور رام الله قادمة من مدينة القدس.
حاجز الكونتينر (وادي النار)
يفصل حاجز الكونتينر مدن جنوب الضفة الغربية عن مدينتي القدس ورام الله والمدن الشمالية، ويقع على أراضي بلدة السواحرة جنوب شرق مدينة القدس.
ويقع الحاجز تحديدا في نهاية طريق وادي النار، الذي يربط بيت لحم جنوبا والسواحرة شمالا، وهو طريق صعب وخطر يصل بين قمتي جبلين.
بدأ تشغيل الحاجز عام 2002 إبان عملية "السور الواقي" التي شنها الاحتلال الإسرائيلي على الضفة الغربية، وبات ضمن منشآت عسكرية أقامها الاحتلال على أراض صادرها من بلدة السواحرة.
عام 2003 سمح الاحتلال بمرور الشاحنات والسيارات العمومية عبر الحاجز، وفي عام 2007، سمح بمرور السيارات الخاصة.
ويتمركز على هذا الحاجز يوميا نحو 6 جنود إسرائيليين يتحكمون في حركة آلاف الفلسطينيين وسياراتهم، وهو الطريق الوحيد أمام السكان الفلسطينيين المتجهين من مدن وبلدات جنوب الضفة إلى مدينتي القدس ورام الله والمدن الشمالية.
وتحيط بالحاجز أسلاك شائكة وحواجز إلكترونية، إضافة إلى بوابات حديدية على طرفي الحاجز يمكن إغلاقها في أي وقت، فضلا عن كاميرات دقيقة تمنع دخول أي شخص إلا بعد التحقق منه بدقة عالية.
وتضع فيه قوات الاحتلال متاريس للسيارات، إضافة إلى نقطة عسكرية ثابتة، وتحظر على الفلسطينيين المشاة المرور عبر الحاجز إلا بأمر منها، وأي فلسطيني يحاول اجتياز الحاجز راجلا قد يطلق عليه جنود الاحتلال الرصاص الحي.
يقع حاجز أبو غنيم إلى الشرق من مستوطنة جبل أبو غنيم بين مدينتي بيت لحم والقدس، وهو مخصص لعبور المستوطنين والمقدسيين.
وصادرت سلطات الاحتلال مئات الدونمات في محيط بلدة أبو غنيم لصالح الحاجز، الذي أصبح يفصلها عن باقي المدن الفلسطينية.
حاجز 300 (قبة راحيل)
شيد الاحتلال الإسرائيلي حاجز 300 أو حاجز قبة راحيل عام 2005 ليفصل القدس عن مدينة بيت لحم جنوبا.
يستخدم الحاجز لعبور المقدسيين وحملة التصاريح الخاصة من الفلسطينيين، خاصة من مناطق جنوب الضفة، إضافة إلى حافلات السياح.
إعلان
يتعمد الاحتلال إذلال آلاف الفلسطينيين يوميا ممن يضطرون لعبوره، وتقول منظمات حقوقية إن هذا الحاجز يعتبر الأسوأ والأكثر اكتظاظا، وتعبر منه أعداد كبيرة من فلسطينيي جنوب الضفة الغربية يوميا ويتكدسون لساعات في طوابير طويلة، في حين يسمح للحافلات السياحيّة الإسرائيلية بالدخول عبره بسهولة.
وشكلت منطقة الحاجز بؤرة مواجهة يومية مع قوات الاحتلال، وارتقى فيها شهداء، وأصيب العشرات من المقدسيين، كما يلحق الاحتلال الضرر بالبيوت والمحلات والفنادق المجاورة للحاجز، وذلك باستخدام العيارات النارية وقنابل الغاز والمياه العادمة.
حاجز النفق
يقع على أراضي بلدة بيت جالا في بيت لحم جنوبي مدينة القدس، وهو مخصص لعبور المستوطنين وحملة هوية القدس من الفلسطينيين.
يخدم الحاجز بشكل أساسي عبور المستوطنين القادمين من وإلى المستوطنات المقامة في المنطقة، ويسهل وصولهم إلى القدس دون المرور بالتجمعات الفلسطينية، في حين يقيد حركة الفلسطينيين بشكل كبير، ويغلقه الاحتلال في وجههم بشكل متكرر، مما يؤثر على حياتهم اليومية.
وشهد الحاجز العديد من العمليات الفدائية التي نفذها مقاومون فلسطينيون ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين، أبرزها يوم 11 ديسمبر/كانون الأول 2024 عندما نفذت عملية إطلاق نار أدت إلى مقتل مستوطن وإصابة 3 آخرين.
حاجز الولجة (المالحة)
يقع حاجز الولجة العسكري الإسرائيلي على مدخل منطقة "عين يالو" غربي القدس المحتلة على طريق قرية الولجة الالتفافي المؤدي للمدينة، وهو مخصص لعبور المستوطنين من جنوب الضفة وكذا سكان القدس.
في مايو/أيار 2025 نقلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي الحاجز إلى مسافة كيلومترين باتجاه أراضي الفلسطينيين في القرية، مما أدى إلى مصادرة نحو ألفي دونم (الدونم يعادل ألف متر مربع) من أراضي المقدسيين الزراعية، وحرمان السكان من الوصول إلى "عين الحنية"، الينبوع الطبيعي الذي لطالما كان متنفسا لأهالي القرية.
حاجز الشيخ سعد
يقع حاجز الشيخ سعد جنوبي مدينة القدس، ووضعه الاحتلال عام 2003، ويعبره سكان المنطقة مشيا على الأقدام.
ويمنع الحاجز أهالي بلدات الشيخ سعد والسواحرة الشرقية من دخول بلدة جبل المكبر إلا عن طريق تصريح خاص، وحتى الأموات يجب أن يحصل ذووهم على إذن للمرور عبر الحاجز لدفنهم في مقبرة البلدة.
ولا يسمح الاحتلال إلا لـ20 إلى 50 شخصا بمرافقة الجثمان.
يقع حاجز فندق كليف على الجدار الفاصل إلى الجنوب من بلدة أبو ديس إلى الشرق من مدينة القدس المحتلة.
يمنع الاحتلال الإسرائيلي مرور الفلسطينيين من الحاجز باستثناء سكان حي القنبر الذين يسكنون إلى الغرب من الجدار الفاصل ممن يحملون بطاقات هوية القدس.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
مقال بغارديان: أوروبا لن تتفق أبدا بشأن إسرائيل لكن يمكنها مساعدة غزة
نشرت غارديان البريطانية مقالا يفيد بأن أوروبا لن تتوحد في سياستها تجاه إسرائيل ، ومع ذلك يمكنها التصرف من أجل تغيير مسار الحرب على قطاع غزة ، خاصة أن أوروبا هي أكبر شريك تجاري لإسرائيل. وقالت كاتبة المقال ناتالي توتشي إن العلاقة التجارية بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل تمنحه نفوذا يمكّنه من اتخاذ إجراءات عملية، وترى أن الحرب الإسرائيلية لا تتعلق بأمن إسرائيل أو تحرير "الرهائن"، بل بإعادة الاحتلال والطرد الجماعي للفلسطينيين. وأشارت إلى أن الضمير الأوروبي بدأ يستيقظ على جرائم الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وحتى أكثر الداعمين لإسرائيل يجدون حاليا صعوبة متزايدة في تبرير هذه الجرائم. أسباب اليقظة المتأخرة وتساءلت عن أسباب هذه اليقظة المتأخرة والبطيئة، ورأت أن ذلك ربما يكون بسبب العدد الكبير من القتلى الفلسطينيين في غزة، أو ربما لتعرض آلاف الأطفال لخطر الموت من الجوع وسوء التغذية، أو احتراق المدنيين أحياء، أو خطط إسرائيل لإعادة احتلال قطاع غزة واستعماره مجددا وطرد الفلسطينيين، أو ربما بسبب إطلاق الجيش الإسرائيلي النار على دبلوماسيين، من بينهم أوروبيون، في الضفة الغربية ، أو الهتافات العنصرية في مسيرة برعاية الدولة في القدس مثل "الموت للعرب" و"لتُحرق قراهم". ورجحت أن تكون الإجابة مزيجا من كل ما سبق، إضافة إلى إدراك أن الضغط المبدئي على إسرائيل لن يأتي من واشنطن بالتأكيد. ومهما كانت الدوافع، تقول الكاتبة، فإن أوروبا أصبحت تقترب من نقطة تحول، وتطوي صفحة سوداء من تواطؤها في حرب إسرائيل المستمرة منذ نحو 20 شهرا على غزة. مواقف مختلفة ثم استعرضت توتشي المواقف المختلفة للدول الأوروبية تجاه إسرائيل، مثل اعتراف بعضها بدولة فلسطين العام الماضي، ودعمها لفلسطين في المحافل الدولية والجمعية العامة للأمم المتحدة. ومثل مواصلة أقلية من الدول الأوروبية تقديم دعم غير مشروط لحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ، وعدم تأييدها لوقف إطلاق النار والتهدئة إلا في ربيع 2024، حتى بعد أن غيّرت إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن -المؤيدة بشراسة لإسرائيل- موقفها. وأشارت إلى أن أغلبية من الدول الأوروبية ظلت صامتة طوال الحرب على غزة، لكنها بدأت الآن تتحرك، إذ أوقفت المملكة المتحدة مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة الثنائية مع إسرائيل. وأصبحت فرنسا أكثر صخبا ونشاطا، ليس فقط في مساعيها الدبلوماسية لحل الدولتين، بل أيضا من خلال تلميحها إلى إمكانية فرض عقوبات محددة على إسرائيل. ووصفت الكاتبة هذه الخطوات بأنها صغيرة ومؤقتة، لكنها تشير إلى تغير في الوتيرة والموقف. الخطوة الأهم وذكرت أن الخطوة الأهم حتى الآن من الاتحاد الأوروبي تتمثل في تحركه لتعليق الامتيازات التجارية التفضيلية لإسرائيل بموجب اتفاقية الشراكة بين الطرفين. وقالت من المهم التوضيح أن تعليق هذه الامتيازات لا يُعد عقوبة، إذ إن العقوبات (مثل الحظر أو القيود التجارية) تتطلب إجماعا بين الدول الأعضاء، ومن الصعب تصور أن جميع الدول الـ27 ستتفق على ذلك. كما أن تعليق الاتفاقية بالكامل أيضا يتطلب إجماعا، وهو أمر مستبعد. لكن تعليق الامتيازات التجارية التفضيلية، تقول توتشي، أي الامتناع عن منح إسرائيل ميزات بموجب الاتفاقية، يقع ضمن نطاق سياسة التجارة الأوروبية، ويحتاج فقط إلى "أغلبية مؤهِلة"، وهي 15 دولة من جملة 27 تمثل 65% من سكان الاتحاد. وأشارت إلى أن التبادل التجاري بين الطرفين يمكن أن يستمر، ولكن دون التسهيلات التي يتضمنها منذ دخول الاتفاقية حيز التنفيذ عام 2000. المستحيل تحوَّل إلى محتمل وعلقت بأن ما كان يُعد مستحيلا في الماضي، أصبح اليوم احتمالا واقعيا، إذ يقوم الاتحاد الأوروبي حاليا بمراجعة مدى امتثال إسرائيل لالتزاماتها بموجب الاتفاقية. وأشارت إلى أنه من اللافت أن الطلب الرسمي بإجراء المراجعة لم يأتِ من دولة مؤيدة للفلسطينيين، مثل إسبانيا أو أيرلندا، ولا حتى من فرنسا، بل من هولندا، المعروفة تاريخيا بدعمها لإسرائيل، والتي تقودها حكومة يمينية. وقالت إن تعليق المزايا التجارية التفضيلية لإسرائيل ربما لن ينهي الحرب في غزة فورا، لكنه سيكون أول إجراء ملموس من المجتمع الدولي لفرض ثمن على إسرائيل مقابل جرائمها. وفي نهاية المطاف، فإن فرض مثل هذه الأثمان هو السبيل الوحيد لإحداث تغيير، حسب تعبيرها.


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
ناشط يهودي: هكذا قلبت 6 أشهر بالضفة الغربية كل المفاهيم الصهيونية
كتب الناشط اليهودي الأميركي سام شتاين أنه نشأ كغيره من أقرانه على النظر إلى إسرائيل باعتبارها دولة معصومة من الخطأ، لكن العيش بين الفلسطينيين علّمه حقائق جوهرية عن واقع الاحتلال. ويروي هذا الناشط، في مقاله بموقع 972+، تجربته التي بدأت من التحاقه ببرنامج "ميخينا" (برنامج تحضيري عسكري إسرائيلي) في إحدى المستوطنات غير الشرعية في كتلة غوش عتصيون جنوب القدس ، وانتهى به مقيما بين الفلسطينيين في مسافر يطا ، وهي مجموعة قرى فلسطينية في تلال جنوب الخليل ، عانى أهلها من عنف المستوطنين والجيش من أجل تهجيرهم من أراضيهم. يقول سام شتاين "أول مرة سمعت كلمة "احتلال" كانت عندما تذمر حاخام من سكان مستوطنة ألون شفوت غير الشرعية من تقييد وصول الإسرائيليين إلى الحرم القدسي الشريف"، قائلا "إسرائيل محتلة من قبل العرب". كان سماع شتاين لطالب فلسطيني يدرس معه في كلية هانتر بنيويورك، يشكو من كون الدراسة في نيويورك تتطلب منه الحصول على تصاريح إسرائيلية لعبور الأردن، مما جعله يدرك التناقض بين حياة اليهود وحياة الفلسطينيين بعد أن كان يظن بسذاجة أنهم يتعايشون كجيران. وبعد سبع سنوات من عام "الميشنا"، عاد سام شتاين إلى إسرائيل وفلسطين، ولكن بفهم عملي لاحتلال الضفة الغربية وإدراك لواجب الانخراط في نشاط ملموس ضد الاحتلال، مما جعله ينضم إلى "كل ما تبقى"، وهي جماعة شعبية غير هرمية من يهود الشتات ملتزمة بالعمل المباشر ضد الاحتلال. سافر شتاين بانتظام إلى الضفة الغربية، وانضم إلى المزارعين الفلسطينيين في حقولهم، ورافق الرعاة مع قطعانهم، وشارك في الاحتجاجات ضد عنف الدولة الإسرائيلية، ووثق مع ناشطين آخرين هجمات المستوطنين والتوغلات العسكرية "على أمل أن يردع وضعنا المتميز في نظر الدولة بعض العنف"، كما يقول. وبعد انضمام شتاين إلى منظمة "حاخامات من أجل حقوق الإنسان" منسقا ميدانيا، قرر الانتقال للعمل بدوام كامل في مسافر يطا، وكما يقول "وضعت كل ما أملكه في سيارتي وانطلقت جنوبا نحو مسافر يطا، ولمدة ستة أشهر عشت بين أولئك الذين قيل لي إنهم سيقتلونني في أول فرصة". ولخص شتاين تجربته هذه في خمس نصائح وجهها إلى أولئك الذين نشؤوا على المخاوف نفسها التي نشأ عليها، خاصة أن مسافر يطا تواجه حملة هدم تهدد بمحو سكانها من الأرض الوحيدة التي يعرفونها. 1- عليك تجاهل اللافتات الحمراء كان المدير في الميشنا يشير دائما إلى أن اللافتات الحمراء، التي تحدد مداخل المنطقة "أ"، الخاضعة رسميا للسيطرة الفلسطينية الكاملة، تعلن أن دخول المواطنين الإسرائيليين "غير قانوني" و"خطر على حياتهم"، وهو يدعي أن "هذا هو الفصل العنصري الحقيقي"، متحسرا على استبعاد الإسرائيليين المزعوم من هذه المناطق. ولاحقا، يقول الناشط إنه أدرك أن الفلسطينيين لم يقصدوا استبعاده، وأنهم لم يكونوا يمتلكون سلطة فعلية على هذه المساحات، كما أدرك أن هذه القيود لا تهدف إلى حماية الإسرائيليين، بل إلى تعزيز نظام وثقافة الفصل العنصري من خلال الحواجز النفسية. 2- مستوطنو البؤر الاستيطانية لا يمثلونك ويحذر شتاين من ينصحهم أولئك الذين يقضون عصر السبت في استخدام الهواتف لتنسيق الهجمات على الفلسطينيين، ويذكّرهم بأن الرجال الذين يديرون البؤر الاستيطانية ليسوا مثل الحاخامات الذين درّسوهم، ووصفهم بأنهم متطرفون أيديولوجيون "يستخدمون تقاليدنا كسلاح ويدوسون على الشريعة". 3- الجيش يكذب ومع أن معظم اليهود والإسرائيليين نشؤوا على أن الجيش الإسرائيلي معصوم من الخطأ، فإن شتاين يؤكد لهم أن الجيش يكذب ويختلق الواقع جملة وتفصيلا، كما يختلق خيالات لا أساس لها من الصحة، وهو شاهد ذلك بنفسه، كما يقول. وضرب الكاتب مثالا بتراجع إسرائيل مرارا وتكرارا عن رواياتها الرسمية، كما حدث في أعقاب اغتيال الصحفية شيرين أبو عاقلة ، وقال إن على العالم اليوم، في الوقت الذي ترتكب فيه إسرائيل إبادة جماعية في قطاع غزة خلف جدار من الرقابة، أن ينطلق من أن كل كلمة رسمية تصدر من الجيش كذبة. علمتني التجارب في مسافر يطا أن أقوى ترياق للدعاية هو الوقوف مع المضطهدين والمهمشين، لا بناء على فكرة زائفة من التعايش، بل على التزام مشترك بالعدالة والتحرير بواسطة سام شتاين 4- الاحتلال يعمل على مدار الساعة وصف أحد الناشطين الاستجابة للعنف في مسافر يطا بأنها "لعبة طريفة"، حيث كانت مكالمة الطوارئ الصباحية تطلق يوما جديدا من الركض السريع بين البؤر الساخنة وتوثيق الفظائع، مما استطاع الكاتب أن يتكيف معه -كما يقول- لمّا اتضح له أن مجرد وجوده كان يقلق الجنود الإسرائيليين بشدة. 5- التضامن الحقيقي هو الحل وينبه شتاين إلى أن اندماجه في المجتمع الفلسطيني أظهر له قبضة الاحتلال القاسية، و"علمتني التجارب هناك أن أقوى ترياق للدعاية هو الوقوف مع المضطهدين والمهمشين، لا بناء على فكرة زائفة عن "التعايش"، بل على التزام مشترك بالعدالة والتحرير". وخلص سام شتاين إلى أن ساعة من الاستماع الصادق لزميل يتحدث في الجامعة كانت هي المحطة الأولى نحو إدراكه التجربة الفلسطينية، وهو الآن يقدم تجربته بعد 6 أشهر قضاها مع الفلسطينيين في مسافر يطا آملا أن يساعد آخرين نشؤوا مثله على كسر جدار الخداع.


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
منسق إغاثة: المساعدات من إسرائيل لقطاع غزة حيلة دعائية قاتلة
قال إياد عماوي، وهو منسق منظمات غير حكومية محلية في قطاع غزة ، إنه شعر باليأس عند سماع أنباء عن إطلاق جنود إسرائيليين النار على الباحثين عن الطعام، مؤكدا أن هذا ليس حلا لمعاناتهم. وذكر عماوي -في مقال بصحيفة غارديان- أن جنودا إسرائيليين أطلقوا النار قبل يومين فقتلوا شخصا وأصابوا 48 بجروح عندما استهدفوا حشدا هائلا من الفلسطينيين الجائعين الذين وصلوا بعناء إلى نقطة توزيع المساعدات الوحيدة في رفح جنوبي قطاع غزة، بحثا عن المساعدة التي تقدمها مؤسسة غزة الإنسانية المدعومة من قبل إسرائيل. وكتب منسق الإغاثة أن ما تفعله مؤسسة غزة الإنسانية ليس سوى حملة علاقات عامة، تروج بها للوهم بأن المساعدات بدأت تدخل القطاع بطريقة مجدية، "ولكن ما علمناه هو أن المؤسسة وزعت ثماني شاحنات من الطعام فقط يوم الأربعاء" الماضي. وأشار الكاتب إلى أن جمعية خيرية أميركية، تدعى "رحمة العالمية"، كانت لديها طرود غذائية لم تتمكن من إدخالها إلى القطاع، فسمحت لمؤسسة غزة الإنسانية بأخذها، لكنها اتهمتها باستخدام شعارها دون إذن في توزيع المساعدات، وصرحت "رحمة" بأنها تعارض العمل مع "مؤسسة غزة الإنسانية" بسبب استخدامها متعاقدين أمنيين مسلحين. و"بصفتي عامل إغاثة -يقول الكاتب- أرى أن هذا ليس حلا مستداما للحصار الشامل الذي فرضته إسرائيل علينا. إن دخول المساعدات غير المشروط بإشراف وكالات الأمم المتحدة هو الحل الوحيد". وذكر الكاتب أن الكارثة التي يعيشها أهل غزة منذ 19 شهرا لا تصدق، وأن حجم المعاناة والألم يفوق الوصف لأن الناس يسيرون في الشوارع دون طعام ولا ماء صالح للشرب، وسط تضخم خانق ورفوف فارغة. ومع أن عمال الإغاثة نذروا أنفسهم لرعاية سكان غزة تحت الاحتلال الإسرائيلي الوحشي والقصف لأكثر من 600 يوم، فإن إسرائيل أظهرت نيتها في تطهير القطاع عرقيا من جميع الفلسطينيين بالحظر الشامل لجميع أنواع المساعدات الإنسانية والطبية، وإغلاق المعبر الإنساني الوحيد كرم أبو سالم منذ مارس/آذار الماضي. وخلص المنسق الإغاثي إلى أن قطاع غزة يحتاج إلى ما لا يقل عن 500 أو 600 شاحنة يوميا لتلبية احتياجاته الإنسانية، وأن وجود عدد قليل من المراكز العاملة في جنوب القطاع لا يغني عن مئات مراكز التوزيع التابعة لبرامج ومؤسسات الأمم المتحدة التي اضطرت إلى وقف عملياتها بسبب الحصار. وختم الكاتب بالقول إن هناك حاجة ملحة لوقف هذه الإبادة الجماعية والسماح بدخول المساعدات دون قيد أو شرط، مؤكدا أن تخفيف هذه الأزمة لن يكون إلا من خلال توزيع وكالات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، لا من خلال إسرائيل.