
رامي المتولي يكتب: الإسكندرية للفيلم القصير 11.. منصة للمواهب ونشاط متواصل وضعف الدعم الرسمي
احتضنت محافظة الإسكندرية في الفترة من 27 أبريل وحتى 2 مايو الجاري فعاليات سينمائية متواصلة على مدار اليوم، موزعة بين المتحف اليوناني الروماني وسينما مترو والمركز السينمائي المستقل "سينيفل "ودار أوبرا الإسكندرية (مسرح سيد درويش)، في نشاط متواصل يتولى مسؤوليته وينظمه مجموعة من شباب المحافظة ضمن فعاليات الدورة الحادية عشرة من مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير.
منصة المواهب والمبدعين
وقد جاءت هذه الدورة التي اختُتمت فعالياتها كما بدأت، بحفلين تميّزا بالألفة والحميمية بعيدًا عن الرسميات، بالشكل الذي يتناسب مع طبيعة المهرجان القريب جدًا من الجمهور الحقيقي للسينما. وكان ذلك واضحًا حتى في التكريمات التي صاحبت الحفلين، والمقدمات التي سبقت دخول المُكرَّمين من شخصيات مقربة منهم. أي أن المهرجان، بكل فعالياته، عكس روح التعاون والإبداع، وهو ما أتاح فرصة نادرة الوجود في المهرجانات المصرية لتبادل الخبرات وتوسيع مدارك الحضور حول تطوّرات المشهد السينمائي فيما يتعلق بالفيلم القصير بكل أشكاله.
هذه الأجواء المفعمة بالحماس والإبداع شكّلت منصة مثالية لدعم المواهب الجديدة وتعزيز شبكة التواصل بين مبدعي السينما من مختلف أنحاء العالم، من محترفين، ومن يخطون خطواتهم الأولى في هذا المجال.
إلى جانب عروض الأفلام التي تلتها مناقشات مع الجمهور، جاءت الندوات الصباحية التي ضمت لقاءات جمعت بين المتخصصين والجمهور، وأثيرت خلالها عشرات الأفكار والتساؤلات التي حظيت بنقاشات موسّعة في موضوعات مختلفة.
كما استضاف "سينيفل" ورشة متخصصة، بالتعاون بين المركز الذي يُعد مؤسسة خاصة وإدارة المهرجان التي تُعد بدورها مؤسسة خاصة ليصنع أبناء الإسكندرية، من خلال الإدارة والمتطوعين والجمهور، مهرجانهم الخاص الذي يحمل طابعهم وطموحاتهم، في ظل غياب الدعم الرسمي الواجب لحدث فني كبير تتسع دائرته عامًا بعد عام.
يوجد عدد قليل من المهرجانات المتخصصة في الفيلم القصير، وهناك عدد أكبر من المهرجانات التي تضم مسابقات للفيلم القصير، والكثير منها يحظى بدعم رسمي. من بين هذه المهرجانات، اثنان فقط تؤهل جائزتهما الأولى لمنافسات أوسكار أفضل فيلم قصير في العام، وهما مهرجان القاهرة الدولي، ومهرجان الإسكندرية للفيلم القصير. وتُعد هذه الخطوة الحلقة الأحدث في تطور المهرجان، الذي بدأ كنافذة لعرض الأفلام القصيرة فيما يشبه الملتقى، ثم تطور ليصبح مهرجانًا محليًا، ثم عربيًا، ثم دوليًا، ثم مؤهلًا لمنافسات الأوسكار، بميزانية صغيرة وجهود ذاتية، وبالتعاون مع شباب يشبهون صُنّاع المهرجان من المتخصصين في الإسكندرية والقاهرة.
87 فيلمًا من 49 دولة
تكشف أرقام وإحصاءات الدورة الحادية عشرة للمهرجان الكثير عن تنامي مكانته محليًا وعالميًا، إذ تقدّم 2500 فيلم للمشاركة هذا العام، وهو ضعف عدد الأفلام المتقدمة في العام الماضي، وبلغ عدد الدول المتقدمة 119 دولة، وتم عرض 87 فيلمًا من 49 دولة، وهذا يكشف حجم الجهد المبذول في التصفية والبرمجة والترجمة، التي تولّاها المكتب الفني للمهرجان، وعلى الرغم من هذا التنوع الدولي الكبير والمتفوّق فنيًا، فقد أولى المهرجان اهتمامًا خاصًا بالفيلم المصري، الذي كان ممثلًا في جميع المسابقات الدولية تقريبًا.
حيث ضمّت كل مسابقة فيلمًا أو أكثر مميزًا في وسطها، وعلى الرغم من عدم حصولها على جوائز المهرجان، إلا أن المستوى الفني المتميز يكشف إلى حد كبير مدى التطور الذي شهدته صناعة الفيلم القصير في مصر، ليُسلّط المهرجان الضوء على أسماء صناع متوقع لهم مستقبل واعد، كما هو الحال في مهرجانات أخرى تهتم بالفيلم القصير، مثل مهرجان الإسماعيلية الدولي للأفلام الوثائقية والقصيرة، ومسابقة الفيلم القصير في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، ومهرجان الجونة.
شهدت مسابقة الفيلم الروائي القصير الدولية مشاركة فيلم "ميرا" للمخرج أحمد سمير، وفي مسابقة فيلم التحريك فيلم "لفين" للمخرج عمر حسام الدين، وفي مسابقة الفيلم العربي القصير، تنافس فيلم شديد التميز هو "نحن في حاجة إلى المساعدات الكونية" للمخرج أحمد عماد خليفة. حيث عبّر الأول بأسلوب شاعري عن معاناة مصرية مهاجرة إلى ألمانيا في التأقلم مع المجتمع الجديد الذي تعيش فيه، معتمدًا على الألوان والتكوين. وتناول الفيلمان الآخران نماذج مصرية؛ إذ يناقش الثاني النمط الاستهلاكي والوتيرة السريعة في مناحي الحياة، فيما يتناول الثالث، بأسلوب ساخر بسيط وعميق في آن، مشهدًا صغيرًا من حياة زوجين تشاجرا، وساهمت ناموسة تسللت إلى غرفة نومهما في إصلاح آثار الشجار وعودة المياه إلى مجاريها بينهما، دون استخدام حوار، معتمدًا فقط على الأداء التمثيلي، والخدع البصرية، والمونتاج، وسيناريو سريع لا يترك مجالًا للاستطراد، ليكون الناتج فيلمًا بديعًا من اكتشافات المهرجان لهذا العام.
كل ما سبق يجعل هذا المهرجان حالة فريدة، ليس فقط في روحه الشبابية أو طاقته الدافعة، بل في الإخلاص التام والإيمان الواضح بالأهداف، وهما ملمحان يمكن ملاحظتهما بسهولة في عيون كل من يشارك في هذه التجربة، سواء كانوا فنانين أو مبرمجين أو نقادًا أو جمهورًا. هذا الإخلاص هو ما ساهم في ترسيخ قاعدة المهرجان عامًا بعد عام، رغم تواضع الدعم الرسمي، بل وأحيانًا غيابه.
ومع كل دورة جديدة، يتسع نطاق المهتمين والداعمين، وتتسع أيضًا مساحة الحب والاحترام لهذا الحدث الثقافي المهم، الذي أصبح في نظر كثيرين من أهم - إن لم يكن الأهم - بين المهرجانات المتخصصة في السينما القصيرة في مصر.
في قلب هذا المشهد، تبرز أسماء محمد محمود وموني محمود ومحمد سعدون، الذين لا يمكن تصوّر المهرجان دون جهودهم وتفانيهم، هم محظوظون بجمهور يقدّر ما يفعلونه، ونحن بدورنا محظوظون بوجودهم في مشهد ثقافي يحتاج دائمًا إلى من يحمل شعلته، حتى في أحلك الظروف.
وربما يكون الأمل اليوم أن يلتفت الدعم الرسمي إلى هذه التجربة، لا باعتبارها حدثًا سنويًا فحسب، بل باعتبارها مشروعًا ثقافيًا طويل الأمد، يستحق أن يُستثمر فيه، وأن يُمنح ما يوازي ما يقدّمه من طاقة وإلهام.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الدستور
منذ 27 دقائق
- الدستور
"البروكة" تعكس عبقرية فنان الشعب سيد درويش بمكتبة الإسكندرية
تحدث الدكتور محمد عبدالقادر، أستاذ الغناء بكلية التربية الموسيقية، عن أوبريت "البروكة" لـ سيد درويش، قائلًا: الأوبريت يتم عرضه لثالث مرة ضمن إحياء تراث سيد درويش. وأضاف عبدالقادر، خلال تصريحاته عبر فضائية "اكسترا نيوز": "كان لنا الشرف في استقبال مكتبة الإسكندرية للعرض بمسرحها، بقيادة المايسترو ناير ناجي، أوركسترا وكورال مكتبة الإسكندرية". اسم العرض "البروكة" مأخوذ من كلمة "البركة" وأوضح أستاذ الغناء بكلية التربية الموسيقية، أن اسم العرض "البروكة" مأخوذ من كلمة "البركة" وليس كما يظن البعض أنه يشير إلى "الباروكة"، لافتًا إلى أن الأوبريت يأتي ضمن مشروع فني لإحياء التراث الغنائي المصري، لا سيما الأعمال التي فُقدت تسجيلاتها الأصلية. وأشار أستاذ الغناء بكلية التربية الموسيقية، إلى أن يوسف حلمي كان أول من قدّمه بعد سيد درويش، ثم قُدِّم عبر الإذاعة المصرية على يد زكي طليمات، فيما حاولت وزارة الثقافة إعادة عرضه عام 1997 لكنه توقف بسبب بعض الأزمات.


مستقبل وطن
منذ 12 ساعات
- مستقبل وطن
أعمال محمد الموجي في حفل على مسرح سيد درويش بالإسكندرية
أقامت دار الأوبرا المصرية، برئاسة الدكتور علاء عبد السلام، مساء الخميس، حفلا لفرقة أوبرا الإسكندرية للموسيقى والغناء العربي، بقيادة الدكتور مصطفى حلمي، وذلك على مسرح سيد درويش بالإسكندرية؛ حيث تضمن برنامج الحفل باقة مختارة من أعمال الموسيقار الراحل محمد الموجي، إلى جانب مجموعة متنوعة من أغنيات عمالقة الطرب. شارك في الحفل: الفنانة حنين الشاطر، ونجوم أوبرا الإسكندرية: ياسر سعيد، آلاء أيوب، وائل أبو الفتوح، محمد الخولي. تجدر الإشارة إلى أن فرقة أوبرا الإسكندرية للموسيقى والغناء العربي تأسست عام 2004؛ بهدف إحياء تراث الموسيقى العربية وتقديم الأشكال التراثية والقوالب الغنائية والموسيقية المختلفة لمحبي ومتذوقي الموسيقى العربية الشرقية، مثل الموشحات والقصائد والأدوار والطقاطيق، وتعتمد على الأداء الجماعي والفردي في الغناء والعزف.. قدمت العديد من الحفلات الفنية الناجحة، وشاركت في العديد من المهرجانات المحلية والدولية.


بوابة الفجر
منذ يوم واحد
- بوابة الفجر
روائع الموجي تتألق في أوبرا الإسكندرية ضمن فعاليات الثقافة المصرية
في إطار الأنشطة الثقافية والفنية التي تنظمها وزارة الثقافة، تشهد مدينة الإسكندرية أمسية فنية متميزة على مسرح سيد درويش "أوبرا الإسكندرية"، مساء الخميس 22 مايو، في تمام الساعة التاسعة مساءً. تقيم دار الأوبرا المصرية برئاسة الدكتور علاء عبد السلام حفلًا غنائيًا ضخمًا لفرقة أوبرا الإسكندرية للموسيقى والغناء العربي بقيادة المايسترو الدكتور مصطفى حلمي، يتضمن فاصلًا كاملًا مخصصًا لأعمال الموسيقار الكبير محمد الموجي، بالإضافة إلى باقة من أغنيات عمالقة الطرب الأصيل. مشاركة متميزة لنجوم الغناء العربي يشارك في هذا الحفل نخبة من الأصوات المتميزة، على رأسهم الفنانة المتألقة حنين الشاطر، إلى جانب المطربين ياسر سعيد، آلاء أيوب، وائل أبو الفتوح، ومحمد الخولي. ويُنتظر أن يقدموا مجموعة من الروائع التي حفرت مكانتها في وجدان الجمهور العربي، في ليلة طربية تعيد إلى الأذهان سحر الألحان الكلاسيكية وتفاصيل الجمال الموسيقي الذي تميّزت به حقبة الزمن الجميل. الموجي.. مبدع التجديد في الموسيقى العربية تُعد هذه الأمسية تكريمًا لمسيرة أحد أعظم المجددين في الموسيقى والغناء العربي، الموسيقار محمد الموجي، الذي وُلد في مارس 1923 بمحافظة كفر الشيخ. حصل على دبلوم الزراعة عام 1944، وعمل في بداية حياته بعدة وظائف، قبل أن تكشف موهبته الغنائية طريقه نحو عالم التلحين. كانت البداية بأغنية "صافيني مرة" التي قدمها لعبد الحليم حافظ وحققت نجاحًا مذهلًا، لتفتح أمامه أبواب التعاون مع نخبة من نجوم الغناء في العالم العربي، من بينهم كوكب الشرق أم كلثوم، ونجاة الصغيرة، ووردة الجزائرية، وصباح، وفايزة أحمد. تراث خالد وذاكرة لا تُنسى على مدار عقود، ترك الموجي بصمته الخالدة في سجل الأغنية العربية، بألحانه التي امتزجت فيها الأصالة بالتجديد، والوجدان بالابتكار، لتظل أعماله حيّة في ذاكرة الأجيال، وقد رحل عن عالمنا في عام 1995، لكنه ما زال حيًا في قلوب محبيه من خلال إرثه الفني الذي لا يُنسى. ليلة موسيقية تمزج بين الوفاء والإبداع يُعد هذا الحفل رسالة وفاء من الأوبرا المصرية تجاه رموز الفن العربي، وفرصة للجمهور للاستمتاع بأجواء موسيقية راقية تجمع بين دفء الماضي وتألق الحاضر، وتُبرز دور الثقافة المصرية في الحفاظ على الهوية الفنية وتقديمها للأجيال الجديدة بروح معاصرة.