logo
"حافة رطبة" آخر مجموعاتها القصصية... عزة سلطان لـ"النهار": لا كتالوغ للكتابة ولا خلاص

"حافة رطبة" آخر مجموعاتها القصصية... عزة سلطان لـ"النهار": لا كتالوغ للكتابة ولا خلاص

النهار٠٤-٠٥-٢٠٢٥

حزينة هي، لأنها تعيش في حقبة يُحرم فيها الفن والثقافة؛ جميعنا في نظر الكاتبة المصرية عزة سلطان "على الحافة". ومن هذه الحافة جاء عنوان مجموعتها القصصية الأخيرة "حافة رطبة" (بيت الحكمة للصناعات الثقافية)، وبها تستكمل علاقتها بعوالمها ومساراتها المتعددة، عن المرأة وتطلعاتها، خيباتها، ونجاحاتها، وإخفاقاتها.
"النهار" حاورت سلطان عن مجموعتها الجديدة وعن شؤون الكتابة والجوائز والإبداع:
* ما هي دوافع كتابتك هذه المجموعة؟
- جميعنا على الحافة، ولكل منا حافته التي يسعى ألا ينزلق من عليها فتتهشم روحه أو طموحاته، وربما كلاهما.
حين أتحدث عن دوافع الكتابة فإن أي كاتب تحركه دومًاً لقطة، ربما هي التجربة أن أتواجد في بلد آخر للعمل، فهذا إحساس مختلف، وأشهد لقطات متتالية لباحثين وباحثات عن العمل، ثم أقترب من مناطق قلق وغربة يعانيها هؤلاء الباحثون، إن الأمر يبدو صورة ضبابية ونحن نسمع عنه، لكن ما إن نقترب ونرى تُصبح الرؤية أكثر وضوحاً، فإذا كان الرجل يُعاني فكيف هي معاناة المرأة التي تغترب وتواجه تجربة البحث في بلد ربما كل ما يربطها به هو الأمل وتشجيع صديق/ة أو الأهل أو ضغوط دفعتها للاغتراب.
* وهل دائماً، ما تكون الدوافع لكتابة الأدب، محطات واقعية أو أحداث تخص الكاتب؟
- لا يوجد كتالوغ للكتابة، فهناك من يكتب عن شيء سمعه، أو فكرة خطرت في باله وشغلته، وهناك من يحكي عن تجربة عاشها أو عاش جزءاً منها، وفي الحقيقة أنا لا أميل إلى الصور النمطية الخاصة بأي فعل أو حكم لموقف أو جماعة، الكتابة تحدث حين يقوم المبدع بالفعل، وليس بالضرورة أن يعيش الكاتب/ة التجربة التي يكتب عنها، فهذه الصورة كثيراً ما تدفع بنا إلى منطقة الدفاع عن أنفسنا، بخاصة الكاتبات اللواتي يضطلعن بطرح قضايا أو إشكاليات ساخنة، وبشكل شخصي وضعت في هذا النفق أكثر من مرة، منها عندما صدر كتابي "أن تُحبي رجلاً متزوجاً"، فقد ظل بعضهم يتحدث عن أنه تجربتي الشخصية، كما أن مجموعتي الأخيرة، ولأنها تتحدث عن الغربة، يعتقد بعضهم أنها تجربتي، فهل على الكاتب/ة أن يكتب في بداية عمله قسماً أن كتابته ليست تجربة شخصية، وحتى مع التجارب الشخصية التي قد يسردها بعضهم فإن الخيال يلعب دوراً، تُصبح التجربة مجرد متكأ لبداية الكتابة، فأتمنى أن نتجاوز هذه الفكرة ونتعامل مع العمل الإبداعي لكونه منتجاً إبداعياً من دون أن نجتهد في إثبات نسبه إلى تجربة المبدع الحياتية والشخصية.
* وماذا عن التأرجح، مابين القص/ والرواية، أين تجدين نفسك وطموحاتك ونشوتك/ أو خلاصك، في القصة أم في الرواية؟
- لا أجد أن هناك تأرجحاً، أرى أن الموضوع وطريقة معالجته هما اللذان يحددان شكل النوع الأدبي، فهناك موضوعات أو أفكار يكون خروجها في نص شعري هو الأفضل لها، وهناك القصة، أو الكتابة للأطفال، وأحياناً يكون السيناريو، واجمالًا أنا أجد نفسي عندما أعبر عن أفكاري وقلقي أيا كان شكل النوع الأدبي فكلها كتابة إبداعية.
* هل ينتهي حلم الكاتب بالخلاص، مع الانتهاء، من كتابة نصه، أم أن هناك معاني أخرى لماهية الخلاص الوجودي؟
- لا خلاص ما دامت الحياة مستمرة، وأنا بعد انتهاء النص يعتريني القلق حول جودته، وهل هي كتابة جيدة أو لا وهذا يجعلني أتوجه إلى أصدقائي الذين أثق برأيهم، وحتى مع تأكيدهم جودة النص، يستمر القلق، وما إن يخرج العمل إلى النور، حتى يأتي قلق جديد مرتبط بموضوع جديد، نحن أبناء الشقاء، ولا خلاص.
* في ظل الحروب، عبر الهوية/ الديانات، بل والتاريخ والجغرافيا، كيف ترين مستقبل الآداب والفنون؟
- عندما أتابع شريط الأخبار، أو أمر ببعض السلوكيات لبعض الأفراد أجدني حزينة لأنني أعيش هذه الحقبة من التاريخ، إذ تصاعد اليمين الديني المتطرف الذي يُحرم الثقافة والفنون، ورغم المقاومة من كثير من الفنانين والكتاب وأصحاب الوعي، ننزلق نحو التفاهة والسطحية، لكن بالنظر إلى التاريخ، فمثل هذه الحقب تعاقبت وكان هناك أيضاً إبداع يحكي عنها، أنا متفائلة في كل الأحوال.
* عن الجوائز، هل هناك عتبات ما تتكئ عليها لجان التحكيم في الجوائز، المصرية/ العربية، في مسألة منح الجوائز وحجبها، أم هي اختيارات فنية/ جمالية، حدثينا عن هذه الإشكالية؟
- دعنا نتفق على أن الجوائز بشكل عام تعتمد على معايير أساسية تتحقق في الفرز الأول ثم تأتي ذائقة لجان التحكيم، تلك اللجان التي تتغير من وقت إلى آخر، ومن ثم تتغير توجهات الجائزة، وأحياناً نسمع عن توجيهات من قبيل الصوابية السياسية أو الاجتماعية، في كل الأحوال على المبدع أن يخلص لعمله، لأن معايير الجوائز مختلفة ولا يمكن التكهن بها إلا قليلًا، والكتابة من أجل جائزة بعينها على مرمى نظر الكاتب لم تحقق نجاحاً، حتى من كتب ونجح فهو استثناء، فعلى سبيل المثال عندما فازت رواية "دروز بلغراد" للروائي المبدع ربيع جابر، نحا البعض إلى كتابة الرواية التاريخية، فهل كل من كتب في هذا الصدد نال جائزة؟ أعتقد أن الصدق وجودة العمل وأيضاً الحظ تلعب دوراً، فهناك مبدعون رائعون لم ينالوا جوائز، فهل هذا ينتقص من جمال ما يكتبون؟ لا أظن، حتى الروائيون الذين فازوا بجوائز عندما تراجع أعمالهم تجد لديهم أعمالاً رائعة سبقت الجائزة، وأخرى تلت الجائزة.
* حدثينا عن المشهد النقدي في الخريطة الثقافية/ الإبداعية، انطلاقاً من التعامل، مع نصوصك الأدبية؟
- أعتقد أن النقاد يعانون في الحقيقة، ومعاناتهم تنبع من أسباب عِدة، أولها أن منصات النشر للنقد الجاد آخذة في التناقص، ومع انتشار السطحية، والمجاملات، تتقدم التفاهة لحجب الجدة، وإذا أضفنا ارتفاع أسعار الكتب، والأعداد الكبيرة من العناوين، سنجد أن الناقد يواجه أزمات متنوعة، من الحصول على الكتاب وإمكان نشر مقاله أو دراسته عبر نافذة بمقابل مادي، هذه الإشكاليات تثقل على الناقد الذي يجد صوته ضائعاً في صخب مجموعات القراءة، ومجاملات القراء والأصدقاء، حتى إن أي ملاحظات أو مآخذ على نص يواجه بانتقاد وحروب وهجوم. ما لا يدركه بعضهم أن خفوت الحركة النقدية الجادة يؤثر على الإبداع بالسلب، فقوة النقد تشير إلى قوة الإبداع، وأتمنى أن تزيد منافذ النشر للنقاد.
* مابين سحر الصورة في الدراما التي أجادت فيها الكاتبة/ الفنانة عزة سلطان في الكثير من الأعمال الدرامية المصورة، وبين السرد الإبداعي، أين تجدين طموحاتك، وفي أي المسارين؟
- أحب العمل للشاشة، فهي مساحة تحدٍّ مختلفة، وأعتقد أن شخصيتي وكتابتي تطورتا كثيراً بفضل العمل للشاشة، سواء في الدراما أم في صناعة الأفلام، لكن أيضاً يتملكني الحنين إلى الكتابة الأدبية التي أعبر خلالها عن أفكار وموضوعات تشغلني.
* وهل هناك دوافع إبداعية/ وجودية/ شخصانية/ واقعية، لاختيارك عوالم الأدب والكتابة؟
- بدأت الكتابة في سن صغيرة كي أعبر عن نفسي، ثم اكتشفت أنها تقودني نحو الجمال والسلام النفسي، أكتب لأتصالح مع نفسي، ومع العالم، وأعبر مناطق الوجع والحزن، إنني أتعافى بالكتابة.
* وهل هناك، ما يسمى، رمزاً/ أو مثلاً أعلى آمنت به، أو تأثرت به مصرياً، أو عربياً فكانت له السطوة في الذوبان في عوالم الأدب والكتابات السردية؟
- كل منا لديه رمز أو مثل أعلى، في كل مرحلة من حياتي لدي مثل أعلى ورمز، ففي صغري على سبيل المثال، كنت مفتونة بعبد الحميد جودة السحار، وفي مرحلة أخرى ببهاء طاهر، وغبريال غارسيا ماركيز، وفي مرحلة أخرى بإبراهيم عبد المجيد، وميلان كونديرا، مع حفظ الألقاب بالطبع، وهكذا في كل مرحلة أجدني مفتونة أو معجبة بكتاب آخرين، سواء أكانوا عرباً أم أجانب، وهو ما يدفع للتطور وتجاوز اللحظة لما هو أفضل.
*أخيراً، هل هناك كاتب -عربي، مصري، عالمي بعينه- تفضلينه، أنت المطّلعة على الكثير من العوالم الآدبية ومساراتها في واقعنا الثقافي؟
- قلت إنني حزينة لأني أعيش في هذه الحقبة التي يُحرم فيها الفن والثقافة، والآن عندما أُفكر في هذا السؤال أجدني سعيدة لأني أعيش في حقبة بات العالم فيها قرية صغيرة بشكل حقيقي، فعن طريق الترجمات تعرفت إلى كتاب صينيين وهنود، ومن كل دول العالم تقريباً، كما عرفتنا الجوائز بالعديد من الكُتاب، وأجدني أحب كثيراً من الكتاب مثل الكاتبة الكويتية بثينة العيسى، والقاص المغربي أنيس الرافعي، والكاتب البحريني د. حسن مدن، والكاتب الليبي محمد النعاس، والكاتبين العمانيين زهران القاسمي وسماء عيسى، والشاعر العماني لبيد العامري، والروائيين السعوديين محمد حسن علوان ورجاء العالم، والكاتبة اللبنانية نجوى بركات، والروائيين السودانيين حمور زيادة وأمير تاج السر ، والكاتب الأردني جلال برجس، والكاتبة والفنانة التشكيلية تبارك الياسين ومن الإمارات ميسون صقر، وعلياء الشمسي، وصالحة عبيد وعائشة سلطان. الحقيقة أن الأسماء كثيرة وأخشى أن أسهو عن أسماء مهمة وفى مصر طبعاً هناك عشرات الأسماء التي أحب كتابتها.
ربما لو جاء هذا السؤال منذ عشرين عاماً كانت الإجابة ستقتصر على أسماء محددة، نظراً إلى أن الترجمة والجغرافيا حجبتا عنا الكثير من الروعة، فمحدودية الترجمة حرمتنا من التعرف إلى إبداعات كثيرة، وهو ما لم يعد موجوداً الآن، كذلك ساعدتنا التكنولوجيا ووسائل التواصل في التعرف إلى إبداع المبدعين في الدول العربية.
وبشكل عام التفضيل المطلق غير متحقق، فأنا أقرأ عملاً مميزاً لأحد المبدعين أو المبدعات فأنحاز إليه، وآخذ في قراءات ما يتيسر من أعماله، ثم أقرأ لكاتب آخر وهكذا.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

جورج وسوف رداً على شائعة وفاته: "أترجاكم خففوها" (فيديو)
جورج وسوف رداً على شائعة وفاته: "أترجاكم خففوها" (فيديو)

النهار

timeمنذ 6 أيام

  • النهار

جورج وسوف رداً على شائعة وفاته: "أترجاكم خففوها" (فيديو)

ردّ سلطان الطرب جورج وسوف على الشائعات المغرضة عن وفاته، والتي تلاحقه باستمرار عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وشارك الوسوف مقطع فيديو له عبر حسابه الرسمي في إنستغرام ظهر فيه يلعب الطاولة، يقول فيه: "حبايبي، أنا بخير وألف خير وصحتي جيدة، وكل هذه الشائعات غير صحيحة، فأنا أتكلم معكم وأشاهد "آسر" على "شاهد"". وتابع: "أترجاكم خففوها، ما بتستاهل"، مشيراً إلى تلقيه العديد من الاتصالات من القريبين للاطمئنان. واختتم الفيديو قائلاً بسخرية: "يلا خيرها بغيرها"، مرفقاً منشوره بتعليق: "الحمدلله أنا بألف خير وإن شاء الله أن تكونوا بخير أيضاً ". View this post on Instagram A post shared by Georges Wassouf (@officialwassouf) ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها أبو وديع لمثل هذه الشائعات، إذ تنتشر بين الحين والآخر أخبار كاذبة عن حالته الصحية أو شائعات عن وفاته، ما يضطر القريبين منه إلى نفيها، فضلًا عن نشر مقاطع فيديو تعبيراً عن تضامنهم معه وحبهم له. وكان رئيس هيئة الترفيه في المملكة العربية السعودية، المستشار تركي آل الشيخ، لفت أنظار الجمهور، الشهر المنصرم، بصورة كرتونية تجمعه بوسوف، بحيث جمع بين الذكاء الاصطناعي والفنّ. وشارك آل الشيخ مقطعاً من أغنية "ياه عالزمن" للوسوف، مع صورة كرتونية صُممت بتقنية الذكاء الاصطناعي، ظهر فيها وهو يحتضن وسوف من الخلف، في لقطة عفوية تعبّر عن المودة والتقدير. وأرفق رئيس هيئة الترفيه منشوره عبر حسابه الرسمي في "إكس"، برموز تعبيرية موسيقية وقلب. ❤️🎼🤷🏻‍♂️🎶 — TURKI ALALSHIKH (@Turki_alalshikh) April 11, 2025

نقابة محترفي الموسيقى والغناء في لبنان تستنكر التصريحات المسيئة بحق فارس إسكندر
نقابة محترفي الموسيقى والغناء في لبنان تستنكر التصريحات المسيئة بحق فارس إسكندر

النهار

time١٠-٠٥-٢٠٢٥

  • النهار

نقابة محترفي الموسيقى والغناء في لبنان تستنكر التصريحات المسيئة بحق فارس إسكندر

استنكرت نقابة محترفي الموسيقى والغناء في لبنان بشدة التصريحات المسيئة التي وُجّهت إلى الفنان والشاعر اللبناني فارس إسكندر من قبل إحدى الفنانات العربيات عبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة. وأوضحت النقابة في بيانها أن هذه التصريحات تضمّنت "عبارات غير لائقة ونعتاً لا يليق بالمستوى الأخلاقي ولا بالخطاب الفنّي الراقي الذي نحرص جميعاً على تعزيزه في الساحة الثقافية والفنية العربية". وأكدت النقابة دعمها الكامل لفارس إسكندر الذي وصفته بـ"المعروف بعطائه الفني وأخلاقه"، معربة عن "رفضها القاطع لأيّ شكل من أشكال الإسفاف اللفظي أو التهجم الشخصي الذي يسيء إلى الفنان والفنانين"، داعية "جميع الزملاء والزميلات في الوسط الفني اللبناني والعربي إلى اعتماد لغة الحوار الهادئ والنقد الموضوعي كأسلوب حضاري في التعبير عن الرأي". وفي ختام بيانها، حمّلت النقابة الجميع "المسؤولية في أي تصريح من شأنه أن يثير الجدل السلبي أو يمسّ كرامة الفنانين ويزعزع أجواء الاحترام المتبادل". يُذكر أنّ بيان النقابة جاء بعد تعليق الفنانة السورية صفاء سلطان على تصريح سابق لاسكندر، لتشنّ هجوماً عليه خلال حلولها ضيفة في برنامج الإعلامية رابعة الزيات عبر قناة "الجديد". وكانت بداية الأزمة عندما رفض اسكندر في إحدى مقابلاته التلفزيونية تشبيه والدته وأخواته بفنانات الوسط، واتهم فنانات بتقديم تنازلات وتلبية رغبات للعديد من رجال الأعمال في بداية مشوارهن الفني. وهذا دفع سلطان إلى استنكار ما جاء على لسان اسكندر، معتبرة أنّ ما قاله "معيب وقلّة أدب". لم ينته الأمر عند هذا الحد، إذ ردّ اسكندر على سلطان قائلاً إن أكثر شخص انزعج من كلامه هو أكثر شخص قدّم تنازلات، وردة فعل صفاء عادية لأنها قدّمت تنازلات ولم تصل إلى أيّ محل، وغير معروف هل هي فنانة أم مطربة، مذيعة أم ممثلة. بدورها ردّت سلطان على كلام اسكندر، معتبرة أه "غير موجود على الخارطة". تصريحات سلطان مع الإعلامية رابعة استدعت اسكندر للرّد على الأخيرة وضيفتها صفاء سلطان. View this post on Instagram A post shared by FARES M. ESKANDAR | فارس إسكندر (@officialfaresiskandar)

"حافة رطبة" آخر مجموعاتها القصصية... عزة سلطان لـ"النهار": لا كتالوغ للكتابة ولا خلاص
"حافة رطبة" آخر مجموعاتها القصصية... عزة سلطان لـ"النهار": لا كتالوغ للكتابة ولا خلاص

النهار

time٠٤-٠٥-٢٠٢٥

  • النهار

"حافة رطبة" آخر مجموعاتها القصصية... عزة سلطان لـ"النهار": لا كتالوغ للكتابة ولا خلاص

حزينة هي، لأنها تعيش في حقبة يُحرم فيها الفن والثقافة؛ جميعنا في نظر الكاتبة المصرية عزة سلطان "على الحافة". ومن هذه الحافة جاء عنوان مجموعتها القصصية الأخيرة "حافة رطبة" (بيت الحكمة للصناعات الثقافية)، وبها تستكمل علاقتها بعوالمها ومساراتها المتعددة، عن المرأة وتطلعاتها، خيباتها، ونجاحاتها، وإخفاقاتها. "النهار" حاورت سلطان عن مجموعتها الجديدة وعن شؤون الكتابة والجوائز والإبداع: * ما هي دوافع كتابتك هذه المجموعة؟ - جميعنا على الحافة، ولكل منا حافته التي يسعى ألا ينزلق من عليها فتتهشم روحه أو طموحاته، وربما كلاهما. حين أتحدث عن دوافع الكتابة فإن أي كاتب تحركه دومًاً لقطة، ربما هي التجربة أن أتواجد في بلد آخر للعمل، فهذا إحساس مختلف، وأشهد لقطات متتالية لباحثين وباحثات عن العمل، ثم أقترب من مناطق قلق وغربة يعانيها هؤلاء الباحثون، إن الأمر يبدو صورة ضبابية ونحن نسمع عنه، لكن ما إن نقترب ونرى تُصبح الرؤية أكثر وضوحاً، فإذا كان الرجل يُعاني فكيف هي معاناة المرأة التي تغترب وتواجه تجربة البحث في بلد ربما كل ما يربطها به هو الأمل وتشجيع صديق/ة أو الأهل أو ضغوط دفعتها للاغتراب. * وهل دائماً، ما تكون الدوافع لكتابة الأدب، محطات واقعية أو أحداث تخص الكاتب؟ - لا يوجد كتالوغ للكتابة، فهناك من يكتب عن شيء سمعه، أو فكرة خطرت في باله وشغلته، وهناك من يحكي عن تجربة عاشها أو عاش جزءاً منها، وفي الحقيقة أنا لا أميل إلى الصور النمطية الخاصة بأي فعل أو حكم لموقف أو جماعة، الكتابة تحدث حين يقوم المبدع بالفعل، وليس بالضرورة أن يعيش الكاتب/ة التجربة التي يكتب عنها، فهذه الصورة كثيراً ما تدفع بنا إلى منطقة الدفاع عن أنفسنا، بخاصة الكاتبات اللواتي يضطلعن بطرح قضايا أو إشكاليات ساخنة، وبشكل شخصي وضعت في هذا النفق أكثر من مرة، منها عندما صدر كتابي "أن تُحبي رجلاً متزوجاً"، فقد ظل بعضهم يتحدث عن أنه تجربتي الشخصية، كما أن مجموعتي الأخيرة، ولأنها تتحدث عن الغربة، يعتقد بعضهم أنها تجربتي، فهل على الكاتب/ة أن يكتب في بداية عمله قسماً أن كتابته ليست تجربة شخصية، وحتى مع التجارب الشخصية التي قد يسردها بعضهم فإن الخيال يلعب دوراً، تُصبح التجربة مجرد متكأ لبداية الكتابة، فأتمنى أن نتجاوز هذه الفكرة ونتعامل مع العمل الإبداعي لكونه منتجاً إبداعياً من دون أن نجتهد في إثبات نسبه إلى تجربة المبدع الحياتية والشخصية. * وماذا عن التأرجح، مابين القص/ والرواية، أين تجدين نفسك وطموحاتك ونشوتك/ أو خلاصك، في القصة أم في الرواية؟ - لا أجد أن هناك تأرجحاً، أرى أن الموضوع وطريقة معالجته هما اللذان يحددان شكل النوع الأدبي، فهناك موضوعات أو أفكار يكون خروجها في نص شعري هو الأفضل لها، وهناك القصة، أو الكتابة للأطفال، وأحياناً يكون السيناريو، واجمالًا أنا أجد نفسي عندما أعبر عن أفكاري وقلقي أيا كان شكل النوع الأدبي فكلها كتابة إبداعية. * هل ينتهي حلم الكاتب بالخلاص، مع الانتهاء، من كتابة نصه، أم أن هناك معاني أخرى لماهية الخلاص الوجودي؟ - لا خلاص ما دامت الحياة مستمرة، وأنا بعد انتهاء النص يعتريني القلق حول جودته، وهل هي كتابة جيدة أو لا وهذا يجعلني أتوجه إلى أصدقائي الذين أثق برأيهم، وحتى مع تأكيدهم جودة النص، يستمر القلق، وما إن يخرج العمل إلى النور، حتى يأتي قلق جديد مرتبط بموضوع جديد، نحن أبناء الشقاء، ولا خلاص. * في ظل الحروب، عبر الهوية/ الديانات، بل والتاريخ والجغرافيا، كيف ترين مستقبل الآداب والفنون؟ - عندما أتابع شريط الأخبار، أو أمر ببعض السلوكيات لبعض الأفراد أجدني حزينة لأنني أعيش هذه الحقبة من التاريخ، إذ تصاعد اليمين الديني المتطرف الذي يُحرم الثقافة والفنون، ورغم المقاومة من كثير من الفنانين والكتاب وأصحاب الوعي، ننزلق نحو التفاهة والسطحية، لكن بالنظر إلى التاريخ، فمثل هذه الحقب تعاقبت وكان هناك أيضاً إبداع يحكي عنها، أنا متفائلة في كل الأحوال. * عن الجوائز، هل هناك عتبات ما تتكئ عليها لجان التحكيم في الجوائز، المصرية/ العربية، في مسألة منح الجوائز وحجبها، أم هي اختيارات فنية/ جمالية، حدثينا عن هذه الإشكالية؟ - دعنا نتفق على أن الجوائز بشكل عام تعتمد على معايير أساسية تتحقق في الفرز الأول ثم تأتي ذائقة لجان التحكيم، تلك اللجان التي تتغير من وقت إلى آخر، ومن ثم تتغير توجهات الجائزة، وأحياناً نسمع عن توجيهات من قبيل الصوابية السياسية أو الاجتماعية، في كل الأحوال على المبدع أن يخلص لعمله، لأن معايير الجوائز مختلفة ولا يمكن التكهن بها إلا قليلًا، والكتابة من أجل جائزة بعينها على مرمى نظر الكاتب لم تحقق نجاحاً، حتى من كتب ونجح فهو استثناء، فعلى سبيل المثال عندما فازت رواية "دروز بلغراد" للروائي المبدع ربيع جابر، نحا البعض إلى كتابة الرواية التاريخية، فهل كل من كتب في هذا الصدد نال جائزة؟ أعتقد أن الصدق وجودة العمل وأيضاً الحظ تلعب دوراً، فهناك مبدعون رائعون لم ينالوا جوائز، فهل هذا ينتقص من جمال ما يكتبون؟ لا أظن، حتى الروائيون الذين فازوا بجوائز عندما تراجع أعمالهم تجد لديهم أعمالاً رائعة سبقت الجائزة، وأخرى تلت الجائزة. * حدثينا عن المشهد النقدي في الخريطة الثقافية/ الإبداعية، انطلاقاً من التعامل، مع نصوصك الأدبية؟ - أعتقد أن النقاد يعانون في الحقيقة، ومعاناتهم تنبع من أسباب عِدة، أولها أن منصات النشر للنقد الجاد آخذة في التناقص، ومع انتشار السطحية، والمجاملات، تتقدم التفاهة لحجب الجدة، وإذا أضفنا ارتفاع أسعار الكتب، والأعداد الكبيرة من العناوين، سنجد أن الناقد يواجه أزمات متنوعة، من الحصول على الكتاب وإمكان نشر مقاله أو دراسته عبر نافذة بمقابل مادي، هذه الإشكاليات تثقل على الناقد الذي يجد صوته ضائعاً في صخب مجموعات القراءة، ومجاملات القراء والأصدقاء، حتى إن أي ملاحظات أو مآخذ على نص يواجه بانتقاد وحروب وهجوم. ما لا يدركه بعضهم أن خفوت الحركة النقدية الجادة يؤثر على الإبداع بالسلب، فقوة النقد تشير إلى قوة الإبداع، وأتمنى أن تزيد منافذ النشر للنقاد. * مابين سحر الصورة في الدراما التي أجادت فيها الكاتبة/ الفنانة عزة سلطان في الكثير من الأعمال الدرامية المصورة، وبين السرد الإبداعي، أين تجدين طموحاتك، وفي أي المسارين؟ - أحب العمل للشاشة، فهي مساحة تحدٍّ مختلفة، وأعتقد أن شخصيتي وكتابتي تطورتا كثيراً بفضل العمل للشاشة، سواء في الدراما أم في صناعة الأفلام، لكن أيضاً يتملكني الحنين إلى الكتابة الأدبية التي أعبر خلالها عن أفكار وموضوعات تشغلني. * وهل هناك دوافع إبداعية/ وجودية/ شخصانية/ واقعية، لاختيارك عوالم الأدب والكتابة؟ - بدأت الكتابة في سن صغيرة كي أعبر عن نفسي، ثم اكتشفت أنها تقودني نحو الجمال والسلام النفسي، أكتب لأتصالح مع نفسي، ومع العالم، وأعبر مناطق الوجع والحزن، إنني أتعافى بالكتابة. * وهل هناك، ما يسمى، رمزاً/ أو مثلاً أعلى آمنت به، أو تأثرت به مصرياً، أو عربياً فكانت له السطوة في الذوبان في عوالم الأدب والكتابات السردية؟ - كل منا لديه رمز أو مثل أعلى، في كل مرحلة من حياتي لدي مثل أعلى ورمز، ففي صغري على سبيل المثال، كنت مفتونة بعبد الحميد جودة السحار، وفي مرحلة أخرى ببهاء طاهر، وغبريال غارسيا ماركيز، وفي مرحلة أخرى بإبراهيم عبد المجيد، وميلان كونديرا، مع حفظ الألقاب بالطبع، وهكذا في كل مرحلة أجدني مفتونة أو معجبة بكتاب آخرين، سواء أكانوا عرباً أم أجانب، وهو ما يدفع للتطور وتجاوز اللحظة لما هو أفضل. *أخيراً، هل هناك كاتب -عربي، مصري، عالمي بعينه- تفضلينه، أنت المطّلعة على الكثير من العوالم الآدبية ومساراتها في واقعنا الثقافي؟ - قلت إنني حزينة لأني أعيش في هذه الحقبة التي يُحرم فيها الفن والثقافة، والآن عندما أُفكر في هذا السؤال أجدني سعيدة لأني أعيش في حقبة بات العالم فيها قرية صغيرة بشكل حقيقي، فعن طريق الترجمات تعرفت إلى كتاب صينيين وهنود، ومن كل دول العالم تقريباً، كما عرفتنا الجوائز بالعديد من الكُتاب، وأجدني أحب كثيراً من الكتاب مثل الكاتبة الكويتية بثينة العيسى، والقاص المغربي أنيس الرافعي، والكاتب البحريني د. حسن مدن، والكاتب الليبي محمد النعاس، والكاتبين العمانيين زهران القاسمي وسماء عيسى، والشاعر العماني لبيد العامري، والروائيين السعوديين محمد حسن علوان ورجاء العالم، والكاتبة اللبنانية نجوى بركات، والروائيين السودانيين حمور زيادة وأمير تاج السر ، والكاتب الأردني جلال برجس، والكاتبة والفنانة التشكيلية تبارك الياسين ومن الإمارات ميسون صقر، وعلياء الشمسي، وصالحة عبيد وعائشة سلطان. الحقيقة أن الأسماء كثيرة وأخشى أن أسهو عن أسماء مهمة وفى مصر طبعاً هناك عشرات الأسماء التي أحب كتابتها. ربما لو جاء هذا السؤال منذ عشرين عاماً كانت الإجابة ستقتصر على أسماء محددة، نظراً إلى أن الترجمة والجغرافيا حجبتا عنا الكثير من الروعة، فمحدودية الترجمة حرمتنا من التعرف إلى إبداعات كثيرة، وهو ما لم يعد موجوداً الآن، كذلك ساعدتنا التكنولوجيا ووسائل التواصل في التعرف إلى إبداع المبدعين في الدول العربية. وبشكل عام التفضيل المطلق غير متحقق، فأنا أقرأ عملاً مميزاً لأحد المبدعين أو المبدعات فأنحاز إليه، وآخذ في قراءات ما يتيسر من أعماله، ثم أقرأ لكاتب آخر وهكذا.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store