
صحابة اعتزوا بإعاقتهم
نجوى عبداللطيف جناحي
كثيراً منا يعتبر الإعاقة عقبه تعيقه عن الإنجاز والعمل، بل ربما تجعل منه شخصاً يتكل على الآخرين، وقد تكون إعاقته عن العمل نتيجة تعطل في إحدى قدراته كالقدرة على الكلام أو السمع أو النظر أو الحركة، أو القدرة على استخدام اليدين، فإذا ما تعطلت إحدى هذه القدرات عند الإنسان سواء كان سبب هذا التعطل مرضاً طارئاً أو عجزاً منذ ولادته قد يشعر الإنسان بالضعف والعجز عن الاعتماد على النفس، بل وخدمة الآخرين، إلا أن الشواهد تؤكد لنا أن العجز عن إنجاز والعطاء ليس بعجز الأجساد والحواس، بل بعجز الهمم. فأصحاب الهمم هم صناع النجاح ودعونا نقرأ في سيرة الصحابة، لنجد من بين هؤلاء الصحابة رجالاً يعانون من الإعاقة أو العجز بسبب المرض، إلا أنهم لم يعتبروا هذا العجز مبرراً للتكاسل والتخاذل، بل شدوا الهمم وجادوا بالعطاء، فمن أشهر من وضعوا أسماءهم على صفحات تاريخ الإبداع البشري من صحابة الرسول عليه الصلاة والسلام «سعد بن أبي وقاص» الذي عاش أربعين عاماً في حالة إعاقة، كان خلالها قائداً لجيوش الفتح في العراق..
و«عبدالله بن أم مكتوم» الكفيف الذي كان نائباً لرسول الله على المدينة.. و«ربعي بن عامر» الصحابي الذي عانى من عرج شديد، إلا أنه تميز بالفصاحة لذا أُنتدب إلى الفرس كسفير .. ومن التابعين كان «إبان بن عثمان بن عفان» كان أصم أحول أبرص، ثم أصيب بالشلل. لكن كل هذا لم يمنعه من أن يكون من فقهاء التابعين.. وأن يتولى إمارة المدينة وقضائها.
ودعونا نتأمل كلمة «معاق» لنرى أنه مصطلح لم يتداول في تاريخ المجتمعات الإسلامية القديمة، كي لا يوصم من لديه إعاقة وفق المصطلح الحديث، بصفة تضعف من عزمه وهمته، فتلك الكلمة توحي بالعجز، فلم يستخدم العرب كلمة واحدة تجمع معاني العجز والضعف أو التحقير، فيقال الأعمى، الأصم، الأبكم، القعيد، ذلك لأن كل إنسان لديه عجز في جانب ما فلا أحد سالم من العجز فالكمال لله تعالى، فهذا عاجز في جانب من جسده، وهذا عاجز في جانب من حواسه، وآخر عاجز في جانب من ذكائه، وذاك عاجز في جانب من حكمته فهو يعجز عن التفريق بين الحق والباطل، وذاك عاجز عن الفصاحة والبيان، فالقدرة المطلقة ضرب من المستحيل. وبمعنى آخر كل منا لديه إعاقة في جانب ما وعندما نتأمل سير الصحابة الذين تربوا على يد الرسول صلى الله عليه وسلم، لم نجده يصفهم بصفة الإعاقة، أو يتعامل معهم على أنهم شريحة مختلفة في المجتمع، فكل إنسان لديه قصور في جانب معين، فكان ينظر لجوانب القوة في شخصيتهم ويعتمد عليهم، فالإعاقة الحقيقية في ضعف الإرادة والعزيمة والهمم.. ودمتم سالمين.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البلاد البحرينية
منذ ساعة واحدة
- البلاد البحرينية
الحاج عبدالله الذهبة.. تاجر مجوهرات أشرف على ملجأ أيتام بالهند
ينتسب الراحل الحاج عبدالله الذهبة إلى عائلة لها مكانتها وامتدادها في البحرين وبعض دول الخليج، وممن اشتهر من أعلام هذه الأسرة هو المرحوم الشاعر الشيخ عبدالله بن الشيخ أحمد الذهبة البحراني المولود في قرية جدحفص أوائل القرن الثاني عشر الهجري، ولا يزال مسجد الذهبة في القرية يحمل اسم والده الشيخ أحمد. مسؤولية إعالة الأسرة في فريق الحطب بالمنامة ولد الحاج عبدالله الذهبة عام 1926، وهو بالمناسبة حفيد الشاعر الشيخ عبدالله الذهبة رحمه الله، ومن أصدقاء طفولته ورفاقه المرحومين العلامة الشيخ أحمد بن خلف العصفور، حسن بن عبد الرسول بن رجب وإخوانه، عبدالرسول المسقطي، السيد مجيد الماجد، الحاج على أبو ديب، الحاج حسن على السماهيجى وجاسم محمد الصفار، توفي والده وهو صغير فتولى مسؤولية إعالة أسرته إذ كان هو الابن الوحيد بين ثلاث أخوات. بين صفوى ورحيمة والرياض سافر إلى السعودية في منتصف الأربعينيات بحثًا عن لقمة العيش حيث عمل في إحدى شركات النفط متنقلًا بين منطقتي صفوى ورحيمة ثم العاصمة الرياض، ودام عمله في السعودية ما يقارب 10 أعوام. بعد فترة عمله في السعودية، تزوج ابنة خالته كريمة السيد أحمد السيد محمود، ثم غادر إلى الكويت في منتصف الخمسينيات وزاول مهنة الدلالة وتجارة المواد الغذائية، واستقر في الكويت نحو 15 عامًا ثم قرر العودة إلى البحرين ليستقر بشكل دائم مع العائلة عام 1970، وافتتح محلًّا لبيع الذهب والمجوهرات واستمر في هذه التجارة لما يقارب 15 عامًا. مجمع الأيتام في 'رامبور' كان المرحوم الحاج عبدالله الذهبة مشهورًا بالأمانة ودماثة الخلق وحسن المعشر، ليس على مستوى البحرين فحسب، ولكن على مستوى الخليج والمنطقة، لذا تولى مسؤولية القيام بالعديد من المشاريع الخيرية نيابة عن عدد من تجار الخليج، ومن هذه المشاريع بناء مجمع للأيتام في قرية رامبور بالهند أوائل الستينيات بالهند، ويحوي ذلك المجمع مدرسة وسكن بتمويل من مؤسسة مناهل الخير في دولة الكويت. مجوهرات الهند وأحجارها الكريمة كان رحمة الله عليه كثير السفر للهند لتجارة المجوهرات والأحجار الكريمة، وكان يصطحب ابنه عادل في بعض السفرات ليتعرف على التجار الهنود، وكانت تمتد فترة إقامته لأكثر من 6 أشهر في بعض الأحيان بالزيارة الواحدة، وكان يزور دول الخليج للقاء التجار ورجال الأعمال. توفى رحمة الله عليه يوم الخامس والعشرين من شهر سبتمبر عام 1998، ودفن بمقبرة المنامة. في مجوهرات الذهبة بشارع الشيخ عبدالله من لقاءاته مع التجار البحرينيين والسعوديين مع تجار دبي محمد أحمد العباس وعلي ابراهيم الفردان


البلاد البحرينية
منذ 5 أيام
- البلاد البحرينية
استعدوا لزيادة عدد سكان سترة إلى 65 ألف نسمة
ترحب 'البلاد' برسائل ومساهمات القراء، وتنشر منها ما لا يتعارض مع قوانين النشر، مع الاحتفاظ بحق تنقيح الرسائل واختصارها. يرجى توجيه الرسائل إلى البريد الإلكتروني ([email protected]) متضمنة الاسم ورقم الهاتف. تأسست جمعية سترة الخيرية تحت مسمى 'صندوق سترة الخيري' في الأول من سبتمبر بالعام 1993م، وذلك طبقًا لأحكام القانون الخاص بالجمعيات والأندية الرياضية والهيئات الاجتماعية والثقافية. ومنذ ذلك التاريخ، والجمعية تقدم خدماتها لعموم مناطق سترة دون تمييز، وتسعى جاهدة لتلبية احتياجات الأسر المتعففة، وتقديم المساعدات للأفراد والطلبة المحتاجين، ودفع تكاليف العلاج لبعض الحالات المرضية، وتغطية نفقات الزواج. لدى الجمعية العديد من المشروعات الرائدة التي تلامس الحياة المعيشية لأبناء جزيرة سترة، مثل ترميم البيوت، وتوفير الأجهزة المنزلية والكهربائية، وإقامة حفلات تكريم للمتفوقين، وكفالة الأيتام، وتوزيع السلال الرمضانية، وحقيبة الطالب، والمبادرات الموجهة لأصحاب الهمم. ولا تختلف جمعية سترة الخيرية عن باقي الجمعيات والمؤسسات في مملكة البحرين، فهي تعيش المصاعب، وتتقاسم الهموم والمتاعب، وتواجه المنعطفات الخطيرة والتحديات المختلفة. لكنها تجتاز تلك العقبات بفضل الله تعالى، وبجهود وإخلاص أعضاء المجالس الإدارية المتعاقبة، وصبر العاملين في اللجان التابعة للجمعية، رحم الله الماضين وأطال في عمر الباقين. كما لا يمكن إغفال دعم ومساندة أهالي سترة، الذين كانوا عونًا وسندًا لجمعيتهم منذ تأسيسها وحتى اليوم. واليوم، وبعد مرور قرابة 32 عامًا على تأسيسها، ما تزال جمعية سترة الخيرية قادرة على العطاء على رغم صعوبة العمل ووعورة الطريق. وأحسب أن التحديات تزداد قوة من حين لآخر، ومعها يجب أن تتضاعف الجهود، ويزداد النشاط، وتُبتكر أساليب جديدة، وتُوضع برامج وخطط ناجحة. من الضروري أن تخرج الجمعية من حالة الرتابة والروتين، وتنفتح أكثر على الحاضنة الاجتماعية، وتوثق علاقتها بالأفراد وبقية جمعيات ولجان المجتمع المدني في سترة. كما أنه من واجب كل ستراوي مخلص الوقوف إلى جانب الجمعية، ومساندة العاملين فيها، فالأمر لم يعد كالسابق، لا على المستوى الإداري ولا الشعبي. الجمعية اليوم بحاجة ماسة إلى سجل منظم للأعضاء المنتسبين حسب النظام الأساسي؛ لأن ازدياد وتنوع العضوية سيسهم في تشكيل جمعية عمومية فاعلة، تدعم الإدارة القادمة، وتساهم في تطوير مستقبل الجمعية، وتعزز قوة الانتخابات، وتفرز إداريين ولجانًا عاملة تعيد للجمعية هيبتها وقوتها المعهودة. وليسمح لي مجلس إدارة جمعية سترة الخيرية أن أشير إلى بعض النقاط المهمة: أولًا: تحت شعار 'سترة تنتخب'، دشنت لجنة الإشراف على الانتخابات حملتها لانتخاب مجلس إدارة جديد. لكن، في ظل المعطيات الحالية، لن يتطور الأداء الإداري والمالي ما لم تكن هناك جمعية عمومية مختلفة وفاعلة، لها حضور قوي في الانتخابات وما بعدها. ثانيًا: لا ينبغي على الأخوة الأفاضل في اللجنة المشرفة على الانتخابات الاكتفاء بالجانب التنظيري، وإصدار البيانات والدعوات فقط، بل يجب تفعيل البرامج العلمية والعملية التي تشجع على المبادرة، وتنفيذ زيارات ميدانية لإقناع الكوادر المؤهلة بالترشح. ثالثًا: مع اكتمال مدينة شرق سترة، سيزداد عدد السكان بنسبة كبيرة قد تصل إلى نصف العدد الحالي، ليبلغ نحو 65 ألف نسمة أو أكثر. ومع هذا التوسع العمراني، ستزداد الضغوط على البنية التحتية، بما فيها جمعية سترة الخيرية؛ ما يستدعي الاستعداد المبكر بدءًا من الانتخابات القادمة، بإحياء الجمعية العمومية وتقوية مجلس الإدارة واللجان العاملة. رابعًا: لدي ثقة بوزارة التنمية الاجتماعية، ولا أشك في متابعتها لاحتياجات جمعية سترة الخيرية، خصوصًا مع التوسع العمراني والسكاني. ومن هذا المنطلق، أوجه الدعوة إلى وزير التنمية الاجتماعية أسامة العلوي، لزيارة الجمعية والاطلاع عن قرب على احتياجاتها، وما يواجهه مجلس إدارتها من معوقات وصعوبات، والعمل على تذليلها لضمان استمرار الجمعية في أداء واجباتها وتحقيق أهدافها.


البلاد البحرينية
منذ 5 أيام
- البلاد البحرينية
الكلمة مسؤولية... كيف نختار ما نقول؟
الكلمة ليست مجرد أصوات تُنطق أو حروف تُكتب، بل هي أداة قوية تخترق الحواجز لتصل إلى أعماق النفس البشرية؛ فتكمُن خطورتها في قدرتها على إنقاذ روحٍ من ظلام اليأس بكلمة طيبة، أو تحطيم قلبٍ بكلمة جارحة، كرصاصة تنطلق بلا عودة، تاركة آثارًا قد تمتدُّ إلى المجتمع بأسره؛ فبكلمة تُبنى الأمم، وبكلمة هدِمت القيم، وبكلمة تُشعل الحروب أو تُطفئ النزاعات، ولذلك أولى الإسلام للكلمة مكانة عظيمة، وجعلها مسؤوليةً يُحاسَب عليها المرء يوم القيامة، كما قال تعالى: (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)، وقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم أروع الأمثلة في اختيار الكلمات حينما قال: (إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ، لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا، يرفع اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ، وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ، لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا، يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ)، وهذا يبيّن بوضوح أن كلمةً واحدةً قد تكون الفارق بين النجاة والهلاك، ودليلًا على أن اللسانَ أعمقُ أثرًا من السنان. وفي عصرنا الراهن، حيث تعددت وسائل النشر، وتنوعت منصات التواصل الاجتماعي، باتت الكلمة تنتشر في ثوانٍ كالوباء، فتتحول الإشاعة إلى أزمة يصعب احتواؤها، قد تنهار سمعةٌ في لحظات، أو تندلع فتنة في مجتمع، أو يهتزّ سوقٌ بأكمله. لقد أصبح التنمّر الإلكتروني سببًا في دفع ضحاياه إلى حافة اليأس، وتحول الخطاب التحريضي إلى شرارة تُشعل الصراعات، فيما تلقي الأخبار الكاذبة بظلالها الثقيلة على الأمن والاستقرار. وهنا تكمُن المفارقة، فالكلمة التي كانت يومًا تتداول شفهيًّا بتأثير محدود، صارت اليوم سلاحًا رقميًّا نافذًا يطول ملايين العقول في لحظة، ما يستدعي منا وعيًا مضاعفًا بمضامينها، وعواقبها. إن مسؤوليتنا تجاه الكلمة هي مسؤولية عظيمة تتطلب منا إدراكًا عميقًا لتأثيرها البالغ في بناء المجتمعات وتشكيل الوعي الإنساني، ما يفرض على حامليها تبعةً أخلاقيةً عاليةً في توظيفها بحكمةٍ وروية؛ فليكن مقصد الكاتب أو المتحدث أن يبني جسور الفهم، لا أن يهدم قِيم التواصل، وأن يكون النقد مرآة تُظهر العيوب لتُصلحها لا سيفًا يُشهر لجرح الكرامات، أو اصطياد الهفوات. إن حرية الكلمة لا تعني أن يُطلق الإنسان لسانه، أو قلمه في نشر الأكاذيب، أو في تشويه صورة الآخرين، أو في إذكاء الفتن والفرقة بين الأفراد والمجتمعات؛ فالكلمة مسؤولية، وعلى من يملكها أن يُتقن استخدامها بحذر وحكمة، كي تكون مصدر خير وفائدة لا مصدر ضرر وهدم.