logo
ملخص قصة 'رجل في عالم الرؤيا'

ملخص قصة 'رجل في عالم الرؤيا'

البلاد البحرينيةمنذ يوم واحد

أصدرت في العام 2007م قصة قصيرة عنوانها 'رجل في عالم الرؤيا'، وهي القصة الوحيدة التي كتبتها في مسار مجالي في الكتابة والتأليف، وقد نفدت جميع النسخ التي طبعت.
يعود سبب كتابتي هذه القصة القصيرة إلى دراستي الجامعية في البدايات الأولى للتاريخ القديم والحديث والمعاصر، وما شهدته مناطق العالم بصورة عامة والمنطقة العربية بصورة خاصة من حروب وانتشار ظاهرة الإرهابيين والتكفيريين.
تتمثل القصة في شاب يدعى (مسيلمة) ولد في قرية ويسكن في كوخ متواضع وسط الحقل الذي ورثه عن والده، ولديه حمار أطلق عليه اسم (عنبر) لنقل محصول الحقل إلى المدينة.
وفي إحدى ليالي الشتاء القارسة البرودة وهطول الأمطار الغزيرة، خلد (مسيلمة) إلى النوم وهو في غاية التعب، فرأى في عالم الرؤيا أنه تحول إلى حماره (عنبر) وتحول الحمار إلى شخص صاحبه (مسيلمة)، وأخذ كل واحد يمارس دور الآخر أثناء حلمه.
في الصباح الباكر جلس الحمار (عنبر) وهو يفكر كيف تحول إلى إنسان. وكان يشاهد صاحبه في الكثير من الأوقات يقضي وقت فراغه بمشاهدة التليفزيون. فأخذ (عنبر) يشاهد محطات التلفاز، وأصيب بالدهشة عند مشاهدته الأخبار حيث الدماء التي تسيل من بني البشر أثناء عراكهم وحروبهم واعتداء بعضهم على بعض.
لم يصدق أن الإنسان يقتل أخاه الإنسان، وقال في نفسه الحيوانات تتقاتل مع حيوانات أخرى وليس من نفس الجنس، أي أن الأسود تقاتل بقية الحيوانات لتأكلها، ولكن لا يقتل أسد أسدًا آخر، وكذلك تفعل بقية الحيوانات، فلماذا يقتل الإنسان أخاه الإنسان؟
سمع وهو يشاهد التليفزيون بالأمم المتحدة ومجلس الأمن، وقال وهو في حالة تعجب: في ظل وجود منظمة دولية تشترك فيها جميع الدول وهي منظمة الأمم المتحدة، ووجود مجلس الأمن، يتحارب أبناء البشر وتزهق الأرواح.. فكيف يكون الوضع لو لم تكن هذه المنظمات موجودة؟
يقول (عنبر): انظر إلى عالم الحمير لا توجد لدينا منظمة أممية، ولا مجلس أمن، لكننا نعيش في وئام، لا يظلم بعضنا بعضًا، ولا نعتدي على حقوق غيرنا، ولكن نهاجم من يهاجمنا.
شاهد (عنبر) في ذات يوم مكتبة متواضعة في الكوخ، فأخذ يقرأ كتبًا تتحدث عن الديانات السماوية، وعرف أن هناك ثلاث ديانات رئيسية هي بالترتيب اليهودية، والمسيحية، والإسلام. وتوصل إلى أن جميع هذه الديانات السماوية تدعو إلى توحيد خالق هذا الكون العظيم. كما وجد أن لكل ديانة كتابًا مقدسًا، ويقصد بذلك التوراة والإنجيل والقرآن الكريم.
توقف (عنبر) عن حرث الأرض والمسحاة بيده وأخذ يحدث نفسه: ما دامت هذه الديانات السماوية جاءت عبر رسل كرام من الخالق العظيم، فهي بالتأكيد ديانات مقدسة.. نعم إنها مقدسة وتدعو إلى الإصلاح وخير الإنسان وعزته وكرامته، والرفق بالحيوان. وأخذ يتساءل: لماذا لا يحترم البعض من بني البشر هذه الديانات العظيمة؟ ولماذا أشاهد موجات التعصب الأعمى بين فئات من هذه الديانات التي يكفر بعضها بعضًا.
عاد (عنبر) إلى الكوخ واتجه إلى قراءة كتب التاريخ، فوجد حروبًا طاحنة وقعت بين أصحاب الديانات اليهودية والمسيحية. كما وقعت حروب بين المسيحيين والمسلمين عرفت بالحروب الصليبية.
آلمه كثيرًا الصراع بين أبناء الديانة الواحدة، كالصراع بين الكاثوليك والبروتستانت في الديانة المسيحية، الذي راحت ضحيته آلاف مؤلفة، والخلافات بين المذاهب الإسلامية التي يعتقد أتباعها جميعا بالخالق العظيم، وبنبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم. كما يعتقدون جميعهم بالقرآن الكريم، وحرمة البيت الحرام قبلة المسلمين جميعًا، وبأداء الصلوات الخمس، وصوم رمضان والحج إلى بيت الله الحرام.
توصل أثناء تفكيره في الديانات والمذاهب إلى أن الطفل الذي يولد وسط أسرة مسلمة يصبح مسلمًا، وكذلك نفسه بالنسبة لأطفال الديانات الأخرى، وهذا الأمر ينطبق أيضًا على اعتناق المذاهب في الديانات الثلاث.
قال (عنبر): سمعت عبارة يتناولها الناس، تقول العبارة 'الدين لله والوطن للجميع'، فلماذا لا يطبق الناس على اختلاف أديانهم ومذاهبهم هذه العبارة العظيمة؟
توقف (عنبر) قليلًا عن العمل وجلس على العشب الأخضر وهو في حالة تأمل وذهول، ولسان حاله يقول: ليتني بقيت حمارًا ذلك خير لي من أن أكون إنسانًا أحمل عقلًا.. فإن أكره ما عندي هو سفك الدماء وقتل الروح التي حرمها الله بغير ذنب.
تعب (عنبر) من التفكير وقال: عليَّ أن أذهب إلى حماري (مسيلمة) وأتحدث معه قبل أن أستمر في التفكير في أعمال وتصرفات بني البشر. وعندما وصل (عنبر) إلى الحمار (مسيلمة) هز رأسه فرحًا به، فقال له (عنبر): هل تريد أن تصبح إنسانًا كما كنت؟ وبمجرد طرح هذا السؤال فزع الحمار (مسيلمة) لأنه وجد في كونه حمارًا سعادة تامة؛ فهو يأكل طعامًا طازجًا غير مطبوخ، خاليًا من الدهون والبهارات والأملاح والسكر، كما أنه يعيش في الهواء الطلق بحرية غير مقيدة ولا معقدة. فهو يستطيع أن ينهق متى يشاء وينام حين يشاء.. ولا يشاهد الأخبار التي تجلب الهم والغم وترفع الضغط، فهو سعيد لأنه لا يرى حمارًا يفجر نفسه في مجموعة حمير كما يفعل أبناء البشر.
توقف (عنبر) عن التفكير والتجأ إلى المكتبة الصغيرة بالكوخ، وتذكر أنه اقتنى مجموعة دواوين شعر، فمد يده إلى ديوان يجمع قصائد الشاعر الكبير نزار قباني، وقال إن هذه القصائد ستريح أعصابي، وإذا به يقرأ قصيدة يصف فيها نزار قباني حال الأمة العربية إذ يقول:
قبلاتهم عربية من ذا رأى فيما رأى قبلًا لها أنياب
يتقاتلون على بقايا تمرة وخناجر مرفوعة وحراب
قال (عنبر) يخاطب نفسه: أردت أن أبتعد قليلًا عن مشاكل العرب وقضاياهم وإذا بي أقع فيها، فأرجع ذلك الديوان إلى الرف الخاص به، وفتح كتابًا آخر، وإذا به يقرأ التالي: 'قال رجل لخالد بن صفوان: مالي إذا رأيتكم تتذاكرون الأخبار وتتدارسون الآثار، وتتناشدون الأشعار، وقع علي النوم؟ قال: لأنك حمار في مسلاخ - أي جلد - إنسان.'.
غضب (عنبر) وقال: الحمار يقدم خدمات جليلة لبني البشر دون تبرم، والحمار يعرف الطرق التي اعتاد عليها دون دليل، والحمار استخدم واستغل من قبل الإنسان على الرغم من الخدمات التي يقدمها، ووصل إلى حد ضربه وهو يعرف أن ذلك يؤذيه. وكذلك وصل بالأدباء الاستهزاء بالحمير ومن بينهم ابن أبي علقمة الذي مر بمجلس 'بني ناحية'، فكب حماره لوجهه - أي سقط على وجهه - فضحكوا منه، فقال: ما يضحككم؟ رأى وجوهكم فسجد، وهذا استهزاء ما بعده استهزاء بالحمير.
قال (عنبر): على الرغم من كل ما تقدم عليَّ أن أعترف أن قلة قليلة من العرب أخذ يتفهم عالم الحيوان بصورة منصفة جعلتني أشعر بالسعادة. فمثلًا عندما يريدون التباهي برجل له عقل كبير وذكاء حاد يقولون عنه أنه صاحب عقل 'خرافي'. وعندما يشارك رجل في انقلاب يصفونه تكريمًا له وتخليدًا لإنجازاته الكبيرة بأنه 'ثوري'.
بذل (عنبر) جهدًا كبيرًا في جني ثمار الحقل، وفي الصباح وضع الحمل على ظهر حماره (مسيلمة) واتجه إلى المدينة. وفي أثناء بيعه الثمار جاءه رجل مسن وسأله عن (مسيلمة) أين هو الآن؟ وهل هو بخير؟ فأجابه (عنبر): إن مسيلمة بألف خير وقد تطور تطورًا باهرًا. فقال الشيخ المسن: هل تقصد أنه أصبح من كبار التجار؟ فرد عليه (عنبر) لقد أصبح أكثر من ذلك.. لقد تحول إلى حمار، فتمتم الشيخ بكلمات لم يسمعها (عنبر) وانصرف إلى حال سبيله.
في هذه الأثناء استيقظ (مسيلمة) من نومه وهو لا يصدق ما حدث له في عالم الرؤية، وفتح باب كوخه ليطمئن على حماره (عنبر) وعلى ماشيته وزرعه، وقد توقف المطر وسكنت الريح. وقال فزعًا أريد أن أكون حمارًا خير لي من أن أكون إنسانًا؛ لأبتعد عن كل المآسي التي تتعرض لها الأمة العربية من خلال ما نقرأ في الصحف ونشاهد عبر التلفاز.
قال وهو ينظر إلى حماره (عنبر) الذي تبدو عليه آثار الفرحة والسرور: لا.. لا أريد هذا الوضع.. أريد أن أكون مثلك.. أريد أن أكون حمارًا.. فقد عشت في عالم الرؤيا أسعد أوقات حياتي.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ملخص قصة 'رجل في عالم الرؤيا'
ملخص قصة 'رجل في عالم الرؤيا'

البلاد البحرينية

timeمنذ يوم واحد

  • البلاد البحرينية

ملخص قصة 'رجل في عالم الرؤيا'

أصدرت في العام 2007م قصة قصيرة عنوانها 'رجل في عالم الرؤيا'، وهي القصة الوحيدة التي كتبتها في مسار مجالي في الكتابة والتأليف، وقد نفدت جميع النسخ التي طبعت. يعود سبب كتابتي هذه القصة القصيرة إلى دراستي الجامعية في البدايات الأولى للتاريخ القديم والحديث والمعاصر، وما شهدته مناطق العالم بصورة عامة والمنطقة العربية بصورة خاصة من حروب وانتشار ظاهرة الإرهابيين والتكفيريين. تتمثل القصة في شاب يدعى (مسيلمة) ولد في قرية ويسكن في كوخ متواضع وسط الحقل الذي ورثه عن والده، ولديه حمار أطلق عليه اسم (عنبر) لنقل محصول الحقل إلى المدينة. وفي إحدى ليالي الشتاء القارسة البرودة وهطول الأمطار الغزيرة، خلد (مسيلمة) إلى النوم وهو في غاية التعب، فرأى في عالم الرؤيا أنه تحول إلى حماره (عنبر) وتحول الحمار إلى شخص صاحبه (مسيلمة)، وأخذ كل واحد يمارس دور الآخر أثناء حلمه. في الصباح الباكر جلس الحمار (عنبر) وهو يفكر كيف تحول إلى إنسان. وكان يشاهد صاحبه في الكثير من الأوقات يقضي وقت فراغه بمشاهدة التليفزيون. فأخذ (عنبر) يشاهد محطات التلفاز، وأصيب بالدهشة عند مشاهدته الأخبار حيث الدماء التي تسيل من بني البشر أثناء عراكهم وحروبهم واعتداء بعضهم على بعض. لم يصدق أن الإنسان يقتل أخاه الإنسان، وقال في نفسه الحيوانات تتقاتل مع حيوانات أخرى وليس من نفس الجنس، أي أن الأسود تقاتل بقية الحيوانات لتأكلها، ولكن لا يقتل أسد أسدًا آخر، وكذلك تفعل بقية الحيوانات، فلماذا يقتل الإنسان أخاه الإنسان؟ سمع وهو يشاهد التليفزيون بالأمم المتحدة ومجلس الأمن، وقال وهو في حالة تعجب: في ظل وجود منظمة دولية تشترك فيها جميع الدول وهي منظمة الأمم المتحدة، ووجود مجلس الأمن، يتحارب أبناء البشر وتزهق الأرواح.. فكيف يكون الوضع لو لم تكن هذه المنظمات موجودة؟ يقول (عنبر): انظر إلى عالم الحمير لا توجد لدينا منظمة أممية، ولا مجلس أمن، لكننا نعيش في وئام، لا يظلم بعضنا بعضًا، ولا نعتدي على حقوق غيرنا، ولكن نهاجم من يهاجمنا. شاهد (عنبر) في ذات يوم مكتبة متواضعة في الكوخ، فأخذ يقرأ كتبًا تتحدث عن الديانات السماوية، وعرف أن هناك ثلاث ديانات رئيسية هي بالترتيب اليهودية، والمسيحية، والإسلام. وتوصل إلى أن جميع هذه الديانات السماوية تدعو إلى توحيد خالق هذا الكون العظيم. كما وجد أن لكل ديانة كتابًا مقدسًا، ويقصد بذلك التوراة والإنجيل والقرآن الكريم. توقف (عنبر) عن حرث الأرض والمسحاة بيده وأخذ يحدث نفسه: ما دامت هذه الديانات السماوية جاءت عبر رسل كرام من الخالق العظيم، فهي بالتأكيد ديانات مقدسة.. نعم إنها مقدسة وتدعو إلى الإصلاح وخير الإنسان وعزته وكرامته، والرفق بالحيوان. وأخذ يتساءل: لماذا لا يحترم البعض من بني البشر هذه الديانات العظيمة؟ ولماذا أشاهد موجات التعصب الأعمى بين فئات من هذه الديانات التي يكفر بعضها بعضًا. عاد (عنبر) إلى الكوخ واتجه إلى قراءة كتب التاريخ، فوجد حروبًا طاحنة وقعت بين أصحاب الديانات اليهودية والمسيحية. كما وقعت حروب بين المسيحيين والمسلمين عرفت بالحروب الصليبية. آلمه كثيرًا الصراع بين أبناء الديانة الواحدة، كالصراع بين الكاثوليك والبروتستانت في الديانة المسيحية، الذي راحت ضحيته آلاف مؤلفة، والخلافات بين المذاهب الإسلامية التي يعتقد أتباعها جميعا بالخالق العظيم، وبنبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم. كما يعتقدون جميعهم بالقرآن الكريم، وحرمة البيت الحرام قبلة المسلمين جميعًا، وبأداء الصلوات الخمس، وصوم رمضان والحج إلى بيت الله الحرام. توصل أثناء تفكيره في الديانات والمذاهب إلى أن الطفل الذي يولد وسط أسرة مسلمة يصبح مسلمًا، وكذلك نفسه بالنسبة لأطفال الديانات الأخرى، وهذا الأمر ينطبق أيضًا على اعتناق المذاهب في الديانات الثلاث. قال (عنبر): سمعت عبارة يتناولها الناس، تقول العبارة 'الدين لله والوطن للجميع'، فلماذا لا يطبق الناس على اختلاف أديانهم ومذاهبهم هذه العبارة العظيمة؟ توقف (عنبر) قليلًا عن العمل وجلس على العشب الأخضر وهو في حالة تأمل وذهول، ولسان حاله يقول: ليتني بقيت حمارًا ذلك خير لي من أن أكون إنسانًا أحمل عقلًا.. فإن أكره ما عندي هو سفك الدماء وقتل الروح التي حرمها الله بغير ذنب. تعب (عنبر) من التفكير وقال: عليَّ أن أذهب إلى حماري (مسيلمة) وأتحدث معه قبل أن أستمر في التفكير في أعمال وتصرفات بني البشر. وعندما وصل (عنبر) إلى الحمار (مسيلمة) هز رأسه فرحًا به، فقال له (عنبر): هل تريد أن تصبح إنسانًا كما كنت؟ وبمجرد طرح هذا السؤال فزع الحمار (مسيلمة) لأنه وجد في كونه حمارًا سعادة تامة؛ فهو يأكل طعامًا طازجًا غير مطبوخ، خاليًا من الدهون والبهارات والأملاح والسكر، كما أنه يعيش في الهواء الطلق بحرية غير مقيدة ولا معقدة. فهو يستطيع أن ينهق متى يشاء وينام حين يشاء.. ولا يشاهد الأخبار التي تجلب الهم والغم وترفع الضغط، فهو سعيد لأنه لا يرى حمارًا يفجر نفسه في مجموعة حمير كما يفعل أبناء البشر. توقف (عنبر) عن التفكير والتجأ إلى المكتبة الصغيرة بالكوخ، وتذكر أنه اقتنى مجموعة دواوين شعر، فمد يده إلى ديوان يجمع قصائد الشاعر الكبير نزار قباني، وقال إن هذه القصائد ستريح أعصابي، وإذا به يقرأ قصيدة يصف فيها نزار قباني حال الأمة العربية إذ يقول: قبلاتهم عربية من ذا رأى فيما رأى قبلًا لها أنياب يتقاتلون على بقايا تمرة وخناجر مرفوعة وحراب قال (عنبر) يخاطب نفسه: أردت أن أبتعد قليلًا عن مشاكل العرب وقضاياهم وإذا بي أقع فيها، فأرجع ذلك الديوان إلى الرف الخاص به، وفتح كتابًا آخر، وإذا به يقرأ التالي: 'قال رجل لخالد بن صفوان: مالي إذا رأيتكم تتذاكرون الأخبار وتتدارسون الآثار، وتتناشدون الأشعار، وقع علي النوم؟ قال: لأنك حمار في مسلاخ - أي جلد - إنسان.'. غضب (عنبر) وقال: الحمار يقدم خدمات جليلة لبني البشر دون تبرم، والحمار يعرف الطرق التي اعتاد عليها دون دليل، والحمار استخدم واستغل من قبل الإنسان على الرغم من الخدمات التي يقدمها، ووصل إلى حد ضربه وهو يعرف أن ذلك يؤذيه. وكذلك وصل بالأدباء الاستهزاء بالحمير ومن بينهم ابن أبي علقمة الذي مر بمجلس 'بني ناحية'، فكب حماره لوجهه - أي سقط على وجهه - فضحكوا منه، فقال: ما يضحككم؟ رأى وجوهكم فسجد، وهذا استهزاء ما بعده استهزاء بالحمير. قال (عنبر): على الرغم من كل ما تقدم عليَّ أن أعترف أن قلة قليلة من العرب أخذ يتفهم عالم الحيوان بصورة منصفة جعلتني أشعر بالسعادة. فمثلًا عندما يريدون التباهي برجل له عقل كبير وذكاء حاد يقولون عنه أنه صاحب عقل 'خرافي'. وعندما يشارك رجل في انقلاب يصفونه تكريمًا له وتخليدًا لإنجازاته الكبيرة بأنه 'ثوري'. بذل (عنبر) جهدًا كبيرًا في جني ثمار الحقل، وفي الصباح وضع الحمل على ظهر حماره (مسيلمة) واتجه إلى المدينة. وفي أثناء بيعه الثمار جاءه رجل مسن وسأله عن (مسيلمة) أين هو الآن؟ وهل هو بخير؟ فأجابه (عنبر): إن مسيلمة بألف خير وقد تطور تطورًا باهرًا. فقال الشيخ المسن: هل تقصد أنه أصبح من كبار التجار؟ فرد عليه (عنبر) لقد أصبح أكثر من ذلك.. لقد تحول إلى حمار، فتمتم الشيخ بكلمات لم يسمعها (عنبر) وانصرف إلى حال سبيله. في هذه الأثناء استيقظ (مسيلمة) من نومه وهو لا يصدق ما حدث له في عالم الرؤية، وفتح باب كوخه ليطمئن على حماره (عنبر) وعلى ماشيته وزرعه، وقد توقف المطر وسكنت الريح. وقال فزعًا أريد أن أكون حمارًا خير لي من أن أكون إنسانًا؛ لأبتعد عن كل المآسي التي تتعرض لها الأمة العربية من خلال ما نقرأ في الصحف ونشاهد عبر التلفاز. قال وهو ينظر إلى حماره (عنبر) الذي تبدو عليه آثار الفرحة والسرور: لا.. لا أريد هذا الوضع.. أريد أن أكون مثلك.. أريد أن أكون حمارًا.. فقد عشت في عالم الرؤيا أسعد أوقات حياتي.

أجمل رحلة من أرض مكة
أجمل رحلة من أرض مكة

الوطن

timeمنذ يوم واحد

  • الوطن

أجمل رحلة من أرض مكة

بدر علي قمبر حين تطأ قدمك أرض مكة الحبيبة، تتبدّل الأحاسيس والمشاعر كليّاً عن تلك التي تعيشها في روتين الحياة اليومية، وتبلغ ذروتها في أيام ذي الحجة، حيث تحيا أجمل رحلة في العمر على الإطلاق. اعتدت أن أكتب سطور مقالاتي في هذه الفترة انطلاقاً من خلجات النفس، التي تعيش صدى هذه المشاعر الروحانية في رحاب مكة. مكة التي تتزين بأسمى المعاني، حيث يتفرغ المرء لله تعالى وحده، في واحة إيمانية فريدة من نوعها، لا يدرك عمقها إلا من اعتاد التردد على هذه الأرض الطاهرة، وتلذذ بخيراتها، مقتفياً أثر النبي ﷺ وصحابته الكرام في حجّة الوداع؛ في منى، وعرفات، ومزدلفة، ورمي الجمرات، والطواف، والسعي. تجربة هذا العام في خدمة ضيوف الرحمن، ضمن الطاقم الإداري لحملة صُهيب الرومي، كانت مليئة بالدروس والمعاني. وفي أجواء أكبر تجمّع للحجاج، تشرفت من خلالها بخدمة الحجاج والعمل على راحتهم. كانت تجربة ثرية بالعطاء وجديدة من نوع آخر، بذل فيها كل فرد من الطاقم الإداري أقصى ما يستطيع، في صورة تعاونية تشبه خلية نحل نشطة ومنتجة، حيث كانت «اللحظة» في الحج ذات قيمة عظيمة، في البذل، والعطاء، والاستعداد، والتجهيز لكل منسك من مناسك الحج. وكان أجمل ما في التجربة، هو استشعارك لجمال اللحظة وأثرها، وسعادتك بأن تقدم شيئاً لضيوف الرحمن. لذلك، أطلقت على هذه التجربة عنوان «أجمل رحلة»، كما اعتدت تسميتها في كل عام، وقد أضفت عليها هذا العام لقباً خاصاً: «»أجمل رحلة مع صهيب». دائماً ما تكون هذه المحطة الإيمانية بالنسبة لي نقطة تجديد في الإيمان والحياة، وتحول في مسار العمر، لأنني مؤمن بأن الإنسان في حياته العادية يضعف، وتعتريه فترات من الفتور والانشغال بتفاهات الدنيا. وهو بحاجة إلى وقفة تعيده إلى ذاته، وتُذكّره بقيمته في الحياة، وغاياته السامية، وبالنِّعَم التي أغدقها الله تعالى عليه. هي محطة يخلو بها الإنسان إلى نفسه، يستعرض فيها نعم الله وآلائه، ويتأمل فيها قيمة الدنيا والآخرة. تجربة هذا العام كانت بالنسبة لي تحدياً كبيراً، وفي ذات الوقت فرصة لمراجعة النفس، وترويضها، وإعادة ترتيب بعض المفاهيم التي طفت على السطح، ونحتاج دوماً إلى تجديدها حتى لا نضل الطريق، ولتُصلِح علاقتنا مع الله عزّ وجل. وعندما أقول «تجربة»، فإنني أتحدث عن مشاعر عميقة غمرتني خلال هذه الرحلة، والتي كانت بالفعل رحلة لتجديد الأحاسيس، وتغيير بعض القناعات التي ظننا يوماً أنها صائبة في مسيرة حياتنا. وسط الجموع الكبيرة من الحجاج، رأيت نفوساً تعيش هذه المشاعر لأول مرة، تؤدي أول حجة لها، وتُظهر شوقاً ولهفة كأنها عثرت على كنز افتقدته طيلة حياتها. ولِمَ لا؟ وهي الآن في أطهر بقاع الأرض، في أجمل الرحلات، وفي ظل شرف الزمان. وقفت في عرفة، فاستشعرت عظمة الموقف، وتطهرت من شوائب الدنيا، وتعلّق قلبها بالآخرة. رأيت نفوساً تحرص على أن تكون حجتها خالصة لله، خالية من الشوائب، مؤدية للمناسك كما أرادها الله تعالى، وعلى هدي النبي الكريم صلى الله عليه وسلم. نفوساً تحمد الله تعالى أن اصطفاها من بين البشر، لتكون ضمن وفده، وتتلذذ بأجواء إيمانية لا يعرفها إلا من ذاقها. إنه الاصطفاء الحقيقي، ناتج عن صدق النوايا، وإخلاص المشاعر، والإيمان العميق بأن ما عند الله هو الأبقى. اصطفاءٌ يحمّل النفس مسؤولية عظيمة، لتخلو من كل ما يثقلها، وترفع يديها إلى الله، تبثه حاجاتها، وتفرغ بين يديه كل ما يعتلج في داخلها، طمعاً في عفوه وغفرانه ولطفه. هي نفوس فاضت منها العَبرات، وتضرعت إلى الرحمن، تسأله الستر، وطول العمر، والثبات، لتكون من خلفائه الصالحين في الأرض. إنها رحلة تخلي عن الأهواء، وعن معارك الحياة، وكل ما يُرهق النفس.وبعد نفحات عرفة، ترى الوجوه غير الوجوه، والقلوب غير القلوب، كأن شيئًا قد تبدل، وكأن الله ألقى في رُوحهم طمأنينة، وألهمهم ذكره، ووفقهم لطريق الاستقامة والثبات على دينه.تبقى رحلة الحج حكاية من أجمل حكايات العمر، وتجربة ثرية بالمعاني، لا ينبغي أن تمرّ مرور الكرام، بل تستحق التأمل والمراجعة والمحاسبة، حتى يكون كل منسكٍ فيها خطوة نحو التغيير والارتقاء. رحلة تظل معانيها معك طيلة حياتك، ذلك لأنك ـ بلا شك ـ سوف تفكر في العودة مرة أخرى إلى مثل هذه الرحلة، لتتجدد مراراً وتكراراً، وتضع عن كاهلك أثقال الحياة المُعقدة.ومضة أملالحياة محطات سفر مؤقتة، وفي كل محطة، عليك أن تختار أجمل الرحلات، لتتزود لآخرتك، ولا تركن إلى الدنيا، فتقع في غفلة، وتبتعد عن الله تعالى.

بعد خمس محاولات.. غفران مرهون تحصد المركز الرابع في تحدي القراءة العربي
بعد خمس محاولات.. غفران مرهون تحصد المركز الرابع في تحدي القراءة العربي

البلاد البحرينية

timeمنذ 2 أيام

  • البلاد البحرينية

بعد خمس محاولات.. غفران مرهون تحصد المركز الرابع في تحدي القراءة العربي

نظمت وزارة التربية والتعليم الحفل الختامي لتحدي القراءة العربي للموسم التاسع، وقد حصدت الطالبة غفران حمزة حسن مرهون من مدرسة مدينة عيسى الابتدائية الإعدادية للبنات المركز الرابع على مستوى مملكة البحرين بكل جدارة واستحقاق، بعد خمس محاولات متتالية من الإصرار والمثابرة، أثمرت أخيرًا بتتويج طال انتظاره، ليكون شاهدًا على رحلة شغفٍ بدأت منذ الصف الثاني الابتدائي، وتكللت بالنجاح في هذا المحفل الوطني المشرّف. وقالت الطالبة غفران في حديثها عن هذه المحطة المميزة من مسيرتها: "بعد خمس محاولات متتالية في تحدي القراءة العربي، جاء التتويج أخيرًا… من الله سبحانه، الذي لا يُخيب أمل المتوكلين عليه. تُوّجتُ بفرحةٍ نسيت معها كل تعبٍ مرّ، وأيقنتُ في ذلك اليوم أن الأحلام حين تُروى بالصبر، تُزهر ولو تأخرت". وأردفت الطالبة: "كنت صغيرة نعم، لكن الخطوات الصغيرة لا تُقاس بحجمها، بل بما تهدي إليه من طرق عظيمة." مشيرةً إلى أن بداياتها المتواضعة كانت في الصف الثاني الابتدائي، حين لمحت إحدى معلماتها في مدرسة توبلي الابتدائية للبنات شغفًا لافتًا في عينيها، فآمنت بها وشجعتها، وكان ذلك الشرارة الأولى لانطلاقتها في عالم القراءة. كما أكدت أن كل خسارة على مدار مشاركاتها المتتالية كانت بمثابة دروس ثمينة، وقالت: "كنت أعود في كل مرة بروحٍ أقوى، وقلبٍ أكثر إصرارًا، وقد قطعتُ على نفسي عهدًا: لن أتوقف حتى أبلغ الحلم". وأوضحت أن رحلتها لم تكن سهلة، بل مليئة بالتحديات والسقوط أحيانًا، لكنها تعلمت كيف تنهض وتعيد بناء نفسها بإصرارٍ أكبر، مضيفة: "الفشل الحقيقي هو أن نتوقف، أما أنا، فلم أفعل ذلك أبدًا". وعن نقطة التحوّل في مسيرتها، قالت: "ومع انتقالي إلى المرحلة الإعدادية، وجدت من يمدّني بدعمٍ جديد، فكانت مدرسة مدينة عيسى الابتدائية الإعدادية للبنات حاضنة لطموحي، مؤمنة بمشروعي، دافعة لي للاستمرار في هذا الطريق الذي بدأتُه، وقد ساعدني ذلك على المضي قدمًا في تحدي القراءة العربي بكل عزم وثبات". وتابعت حديثها عن حبها للتحدي، قائلة: "بطبعي، أملك طاقةً تنافسية لا تهدأ، أحب التحدي… مع نفسي أولًا قبل الآخرين. لا أكتفي بالمشاركة، ولا أرضى إلا بالمراكز المتقدمة". وأشارت إلى أن تحدي القراءة العربي لم يكن مجرد مسابقة، بل "الرحلة التي صقلتني، والنور الذي أضاء طريقي، والصوت الذي همس في أذني: أكملي… ما زال أمامك الكثير لتسطريه في قصة نجاحكِ المستقبلية". وأكملت غفران: "اليوم، بعد سنواتٍ من المحاولات والإصرار، أقطف ثمرة جهدي… المركز الرابع على مستوى المملكة في تحدي القراءة العربي. إنها ليست مجرد جائزة، بل شهادة على أن الإيمان بالنفس، والتوكل على الله، يمكنه أن يصنع المستحيل". وفي ختام حديثها، لم تنسَ الطالبة أن تتوجه بالشكر لكل من ساندها في رحلتها، فقالت: "شكري أولًا لله سبحانه وتعالى ، ثم لأمي العظيمة، الداعم الأول لي، ولأبي الذي زرع فيّ الثقة، ولمعلماتي وصديقاتي وكل من قال لي: غفران، أنتِ تستطيعين".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store