
جريدة «الوسط»: الوضع في ليبيا يفتح الباب أمام أسوأ الاحتمالات
في مشاهد تعكس تصاعد حالة توتر في الشارع الليبي، تتمدد الاحتجاجات ليلاً إلى عدة مدن في طرابلس للمطالبة برحيل جميع الأجسام السياسية، وتتوعد بشن عصيان مدني، وسط تبني حكومة «الوحدة الوطنية الموقتة» سياسة النفس الطويل لاحتواء الشارع وامتصاص حدة التوتر، في وقت يصر مجلس النواب على المضي نحو إزاحة هذه الحكومة عبر استعراض برامج 14 مترشحاً لرئاسة الحكومة الجديدة.
وفي غياب أفق لحل الأزمة الليبية في مناخ تشوبه فوضى المسارات المتعدّدة والمتضاربة والعناد السياسي بين أطراف الأزمة، مع تصاعد حالات الانقسام والتوتر، والفشل الملازم للعملية السياسية بقيادة البعثة الأممية في ليبيا، يفتح الباب أمام عديد الاحتمالات بما فيها أسوأها وهو الارتكان إلى القوة.
حراك في طرابلس ضد حكومة الوحدة
وفي العاصمة طرابلس وعدد من المناطق المجاورة لها يستمر الحراك الجاري كمحاولة للضغط على حكومة عبدالحميد الدبيبة للتنحي، في ظل أجواء من التوتر الأمني المتصاعد، وبدأ هذا الحراك الاحتجاجي المناهض لحكومة الدبيبة منذ الاشتباكات المسلّحة التي شهدتها العاصمة طرابلس، وأعقبت مقتل رئيس ما يسمى بـ«جهاز دعم الاستقرار» التابع للمجلس الرئاسي عبدالغني الككلي.
ويرجح موقع «كرايسس 24» الأميركي المتخصص في الشؤون الاستخباراتية على المدى القريب أن تشهد طرابلس استمراراً في دوامة عنف الميليشيات؛ حيث تواصل مجموعات مسلحة، مثل «قوة الردع» و«اللواء 444 قتال» التنافس على السيطرة على مقاليد الأمور في العاصمة.
الدبيبة يتمسك بالانتخابات
وبالنسبة لعبدالحميد الدبيبة، الذي اتهم خلال التظاهرات الأخيرة بحشد احتجاجات موالية له، وتجاهل أصوات الشارع أو نداءات سكان الجنوب المتضرر من أزمة نقص وقود حادة، فإن الحل يبقى في «إجراء الانتخابات مباشرة»، وفق ما ردده في أكثر من مناسبة، رافضاً توجه مجلس النواب إلى خلق فترات انتقالية جديدة.
ويتوافق موقف الدبيبة مع إعلان رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي اعتزامه تنظيم استفتاءات شعبية حول القضايا المصيرية، بما في ذلك مقترحات اللجنة الاستشارية التابعة للبعثة الأممية، لحسم الخلافات حول القوانين الانتخابية. ويسعى المنفي إلى تكليف المفوضية الوطنية للاستفتاء والاستعلام برئاسة عثمان القاجيجي، الرئيس الأسبق لمفوضية الانتخابات، بالمهمة، وفي الاتجاه نفسه أكد مستشار رئيس المجلس الرئاسي لشؤون الانتخابات والمجالس التشريعية زياد دغيم، في مقابلة مع قناة «الوسط»، أن المجلس الرئاسي هو المخول بتسمية رئيس الحكومة وليس البرلمان.
تحذير من تبعات إنتاج البرلمان سلطة جديدة
وتعليقاً على تحركات مجلس النواب لتشكيل حكومة بديلة لحكومة الدبيبة، حذر دغيم من أن إنتاج سلطة جديدة سيؤدي إلى حرب، مشيراً إلى أن المجلس الرئاسي مختص «دستورياً» بتعيين أو تسمية رئيس الحكومة ولا يملك إقالته، وأن مجلسي النواب والدولة لا يملكان حق تسمية رئيس الحكومة.
وعلى الرغم من ذلك، واصل رئيس مجلس النواب عقيلة صالح الاستماع إلى برامج المرشحين الأربعة عشرة لرئاسة الحكومة الجديدة، منتقداً غياب أعضاء في مجلس النواب عن جلسات الاستماع، ومهدداً بفرض عقوبات على المتغيبين.
الموقف الدولي من تحركات تشكيل حكومة ثالثة
وتأتي هذه التحركات باتجاه تشكيل حكومة ثالثة، في وقت تظهر مؤشرات بعدم التسرع الدولي في التخلي حالياً عن حكومة الدبيبة، وهو ما يبينه موقف الممثلة الخاصة للأمين العام رئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا هانا تيتيه، التي اعتبرت أن الحديث عن تشكيل حكومة جديدة يحتاج مساراً سياسياً توافقياً يفضي إلى رئيس وزراء تقبله جميع الأطراف. وتابعت في تصريحات تلفزيونية «أن مجلس النواب سعى في مرتين لإنشاء حكومة بديلة عن حكومة الوحدة الوطنية، ويبدو أن هذه العملية لم تحظ بقبول كبير، وبالتالي فمن الأهمية بمكان أن أي مبادرة جديدة يقوم بها أي طرف لا يجب أن تكون أحادية لأنه إذا نظرنا إلى التجارب الماضية فهذا الطريق لن ينجح».
وأشارت تيتيه إلى أن المجتمع الدولي الآن لا يزال يعترف بحكومة الوحدة الوطنية على الرغم من انتهاء التفويض الأصلي الممنوح لها.
وعلى مستوى الداخل وليس بعيداً عن كل ذلك، قضت الدائرة الإدارية بالمحكمة العليا بعدم اختصاص محكمة استئناف جنوب طرابلس ولائياً في نظر الدعوى المقدمة من محمد تكالة ضد خالد المشري المتنازعين على رئاسة مجلس الدولة، واعتبرت أن الحكم الصادر سابقاً عن محكمة استئناف جنوب طرابلس باطل، لكونه صادراً عن جهة غير مختصة، وبناء على منطوق هذا الحكم يعد المشري هو الرئيس القانوني لمجلس الدولة.
ورحب عقيلة صالح بالحكم وقال إن «هذا القرار سيكون له أثر إيجابي في توحيد مجلس الدولة وتفعيل دوره، بما يسهم في الدفع نحو تسوية سياسية شاملة».
دلالات الاستعراض العسكري في بنغازي
وسط هذا المشهد جاء الاستعراض العسكري الذي شهدته مدينة بنغازي بتنظيم من «القيادة العامة» وعلى رأسها المشير خليفة حفتر بمناسبة الذكرى 11 لـ«عملية الكرامة» ليضع الحالة الليبيية في سياق احتمالات عديدة، كونه يحمل رسائل إلى الداخل والخارج، خصوصاً وقد حضره نائب وزير الدفاع الروسي يونس بيك إيكفوروف، ومسؤولون من بيلاروسيا، ووفود من دول بينها النيجر وتشاد، بالإضافة لرؤساء بعثات دبلوماسية عربية وأجنبية؛ إذ تعهد فيه حفتر بأن القوات المسلحة الليبية كانت وستظل صاحبة الكلمة الأولى والأخيرة، على حد تعبيره.
مضيفا خلال الاستعراض: «ستكون الكلمة الفصل لها في اللحظة الحاسمة». هذه التصريحات لم يفصلها متابعو الشأن الليبي عن السيناريوهات المحتملة لمآلات الوضع في ليبيا، ومنها فرضية تجدد الحرب لحسم أزمة السلطة في البلاد، إذا ما ظلت العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة لحل الأزمة الليبية تدور في حلقة مفرغة؛ بل ويراها البعض أنها تدير الأزمة ولا تحلها، وهو الاتهام الذي وجه كثيراً إلى البعثة الأممية للدعم في ليبيا ولرؤساها تحديداً، في وقت تتزايد الانقسامات في البلاد، وتزيد معها مظاهر الارتباك الاقتصادي والتوتر الأمني، ما ينعكس قلقاً وترقباً لدى المواطن الليبي الضحية الأولى لهذا المشهد المتخم بالصراعات.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الوسط
منذ 11 ساعات
- الوسط
وزير الخارجية السعودي يعلن مزيدًا من الدعم المالي لسورية
أكد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، اليوم السبت، من دمشق أن بلاده ستكون في مقدمة الدول التي تقف إلى جانب سورية في مسيرة إعادة الإعمار والنهوض الاقتصادي، مشيرا إلى أن الرياض وقطر ستقدمان دعما ماليا للقطاع العام. وتشكّل السعودية أبرز الداعمين للإدارة السورية الجديدة. وتأتي الزيارة بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الرياض في مايو رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سورية، في خطوة تمهّد لبدء مسار التعافي الاقتصادي بعد 14 عاما من نزاع مدمّر، بحسب «فرانس برس». مسيرة إعادة الإعمار والنهوض الاقتصادي وقال بن فرحان خلال مؤتمر صحفي مع نظيره السوري أسعد الشيباني «نؤكد أن المملكة العربية السعودية ستظلّ في مقدم الدول التي تقف إلى جانب سورية في مسيرة إعادة الإعمار والنهوض الاقتصادي». وأضاف أن بلاده «ستقدّم بمشاركة دولة قطر دعما ماليا مشتركا للعاملين في القطاع العام». وأفادت وكالة الأنباء السعودية «واس» بأن هذا الدعم السعودي-القطري سيكون «لمدة ثلاثة أشهر». وأشار بن فرحان إلى رغبة لدى مستثمرين في المملكة للعمل في سورية، وإلى أن وفودا اقتصادية سعودية ستزور دمشق قريبا، لافتا إلى أن «العمل جار على بحث أوجه الدعم الاستثماري والتعاون الاقتصادي والتجاري» بين البلدين. والتقى بن فرحان، الذي ترأس وفدا اقتصاديا سعوديا رفيع المستوى، الرئيس أحمد الشرع، كما زار برفقة الشيباني المسجد الأموي في دمشق حيث أدّى الصلاة. وشكّلت السعودية وجهة أول زيارة للشرع إلى الخارج بعد تولّيه الحكم. كما سدّدت مع قطر الديون المستحقة على سورية لصالح البنك الدولي والبالغة نحو 15 مليون دولار. وأعرب الشيباني خلال المؤتمر الصحفي عن امتنان بلاده «للدور الذي قامت به المملكة خصوصا في موضوع رفع العقوبات» الأميركية. «مرحلة قوية من التعاون الاستثماري والاقتصادي المشترك» وأعلن دخول البلدين في «مرحلة قوية من التعاون الاستثماري والاقتصادي المشترك»، مشيرا إلى «مبادرات استراتيجية تهدف إلى إعادة البنى التحتية وإنعاش الزراعة وإعادة تدوير عجلة الاقتصاد وخلق فرص عمل حقيقية للسوريين». وتعوّل دمشق على دعم حلفائها والمجتمع الدولي من أجل إطلاق مسار التعافي الاقتصادي وعملية إعادة الإعمار، بعد الحرب التي أودت بأكثر من نصف مليون سوري. وفُرضت العقوبات بمعظمها ردّا على قمع السلطات السابقة بقيادة بشار الأسد الانتفاضة الشعبية التي بدأت سلمية في العام 2011 قبل أن تتحوّل إلى نزاع مسلّح. وأنهكت سنوات النزاع الاقتصاد السوري واستنزفت مقدراته. وقدّرت الأمم المتحدة في تقرير أصدرته في فبراير مجمل خسائر الناتج الإجمالي المحلي بنحو 800 مليار دولار.


أخبار ليبيا
منذ 16 ساعات
- أخبار ليبيا
الحجازي: مجلسا النواب والدولة يرغبان في تشكيل حكومة جديدة تعمل على إجراء الانتخابات
🏛️ ليبيا | الحجازي: المشهد السياسي معقد وأي مرشح لرئاسة الحكومة بحاجة لغطاء داخلي ودولي ليبيا – قال المحلل السياسي الليبي خالد محمد الحجازي إن الوضع السياسي في ليبيا معقد للغاية، وإن البرلمان يواجه تحديات كبرى في فرض شرعيته وقدرته على إقناع جميع الأطراف بقبول رئيس حكومة جديد، في ظل انقسام المؤسسات وتعدد القوى الفاعلة على الأرض. 🔹 تزكيات متبادلة ومساعٍ لتشكيل حكومة 📝 الحجازي أوضح، في تصريحات خاصة لموقع 'إرم نيوز' القطري، أن شخصيات عديدة تقدمت بترشيحاتها، وقد حصل بعضها على تزكية 100 عضو من مجلس الدولة و100 من مجلس النواب، ما يعكس رغبة المجلسين في تشكيل حكومة جديدة تُكلّف بإجراء الانتخابات، في ظل سحب الثقة سابقًا من حكومة عبد الحميد الدبيبة وتصاعد المطالب الشعبية بإسقاطها. 🔹 صعوبة التوافق في ظل انقسام البرلمان ⚖️ وأضاف الحجازي أن التحدي الأكبر يتمثل في أن أي مرشح يحتاج إلى قبول من طرابلس وبنغازي معًا، إضافة إلى دعم من الأمم المتحدة وبعض القوى الإقليمية، معتبرًا أن البرلمان نفسه منقسم، وهناك شكوك حول تمثيله لجميع الأطراف، خاصة مع استمرار وجود حكومة موازية في طرابلس. 🔹 فرص أكبر لشخصية محايدة أو تقنية 🤝 وشدد الحجازي على أن اختيار شخصية محايدة أو ذات خلفية تكنوقراطية قد يُسهم في تحقيق توافق هش على الأقل، إذا ما حظي بدعم دولي، لكنه لن يكون كافيًا لحل الأزمة من جذورها، ما لم يحصل على غطاء سياسي داخلي وإقليمي واسع.


أخبار ليبيا
منذ 16 ساعات
- أخبار ليبيا
بيان مصري تونسي جزائري مشترك حول ليبيا
أصدرت مصر وتونس والجزائر بيانا مشتركا بعد اجتماع في القاهرة اليوم، لوزراء خارجية الدول الثلاث ضمن آلية التعاون الثلاثي بشأن ليبيا، مؤكدين ضرورة الإسراع في حل الأزمة بشكل توافقي. وذكر البيان أنه 'في ضوء التطورات الخطيرة التي تشهدها ليبيا ومستجدات الوضع الأمني في العاصمة طرابلس، جدد الوزراء الدعوة لكل الأطراف الليبية إلى التزام أقصى درجات ضبط النفس والوقف الفوري للتصعيد، بما يكفل سلامة أبناء الشعب الليبي الشقيق'. وأكد الوزراء في هذا الصدد، أهمية إعلاء مصالح الشعب الليبي الشقيق والحفاظ على مقدراته وممتلكاته، وتحقيق التوافق بين كل الأطراف الليبية، بإشراف ودعم من الأمم المتحدة وبمساندة من دول الجوار، بما يفضي إلى إنهاء الانقسام والمضي قدما بالعملية السياسية في ليبيا نحو توحيد المؤسسات وعقد الانتخابات البرلمانية والرئاسية بالتزامن. وشدد الوزراء على ضرورة الإسراع في التوصل إلى حل للأزمة الليبية وإنهاء حالة الانقسام السياسي تجنبا لمزيد من التصعيد وانتشار العنف والإرهاب واتساع دائرة الصراع، مؤكدين في هذا الصدد على أن أمن ليبيا من أمن دول الجوار. وأكد الوزراء ضرورة الملكية الليبية الخالصة للعملية السياسية في ليبيا وأن الحل السياسي يجب أن يكون ليبيا – ليبيا ونابعا من إرادة وتوافق كل مكونات الشعب الليبي الشقيق، بمساندة ودعم الأمم المتحدة، وبما يراعي مصالح أبناء الشعب الليبي الشقيق دون إقصاء. كما أكد الوزراء، رفض كل أشكال التدخل الخارجي في ليبيا والتي من شأنها تأجيج التوتر الداخلي وإطالة أمد الأزمة الليبية بما يهدد الأمن والاستقرار في ليبيا ودول الجوار، وكذلك ضرورة مواصلة دعم جهود اللجنة العسكرية المُشتركة (5+5) لتثبيت وقف إطلاق النار القائم، وخروج كل القوات الأجنبية والمقاتلين الأجانب والمرتزقة في مدى زمني مُحدد، وإعادة توحيد المؤسسات العسكرية والأمنية، في إطار من الانسجام التام مع المساعي الجارية في الأطر الأممية والأفريقية والعربية والمتوسطية. واتفق الوزراء على مواصلة التنسيق بين الدول الثلاث والأمم المتحدة لتقييم الوضع في ليبيا وتبادل الرؤى حول مستقبل المشهد السياسي الليبي وكيفية التعاون لتحقيق الأمن والاستقرار والتنمية في المنطقة. وأعرب وزيرا خارجية تونس والجزائر عن خالص شكرهما لمصر لاستضافة هذا الاجتماع في هذا التوقيت الدقيق وعلى حسن الاستقبال وكرم الضيافة، وأكد الوزراء ضرورة عقد اجتماعات دورية لآلية دول الجوار الثلاثية، على أن يعقد الاجتماع الوزاري المُقبل للآلية في الجزائر ثم تونس قبل نهاية العام الجاري. يذكر أن الآلية الثلاثية بين مصر والجزائر وتونس تم تدشينها عام 2017 وتوقفت عام 2019، ويأتي الاجتماع بالقاهرة اليوم في إطار إعادة تفعيل هذه الآلية المشتركة، 'انطلاقا من حرص الدول الثلاث على دعم الأمن والاستقرار فى ليبيا الشقيقة'. المصدر: RT