logo
عند اختيار لجان مناقشة الأبحاث الجامعية

عند اختيار لجان مناقشة الأبحاث الجامعية

وطنا نيوزمنذ 5 أيام

بقلم د. محمد عبد الله القواسمة
من المعتاد، في الجامعات العربية الحرص عند اختيار لجان مناق هوشة رسائل الماجستير وأطاريح الدكتوراه، وبخاصة في الدراسات الإنسانية أن يكون أعضاؤها ممن يحملون الدرجات الأكاديمية في التخصص موضوع الرسالة أو الأطروحة، واستبعاد غيرهم، حتى لو كان ذا علاقة قوية بالموضوع المناقَش، فلم يحدث أن استعانوا بشاعر، أو روائي، أو ناقد، أو مؤرخ ليكون عضوًا في لجنة علمية تناقش أعماله، كما لم يحدث أن سمحوا لمبدع أو باحث بأن يقدم مداخلة أو رأيًا إذا كان من الحاضرين جلسة مناقشة.
يحضرني هنا مناقشة أطروحة دكتوراه عن جهود روكس بن زائد العزيزي في التراث الشعبي، أعدها المرحوم الصديق عبدالله رشيد، وقدمها إلى معهد الآداب الشرقية بجامعة القديس يوسف عام 1996م. وكانت لجنة المناقشة من أساتذة من الجامعة وكان العزيزي من الحاضرين إلى جانب نخبة من السياسيين والمفكرين، فلم يسمح له بالمشاركة. وبعد نهاية المناقشة، وإصدار الحكم بنيل رشيد درجة الدكتوراه بتقدير جيد جدًا، استمعنا من العزيزي ومن غيره من الحاضرين آراء عميقة ومفيدة في تقييم الأطروحة، والكشف عما أنجزته.
هذا ما يحدث في جامعاتنا أما في الجامعات الغربية فقد يُدعى الشاعر، أو الناقد، أو الروائي، أو المؤرخ ليكون عضوًا في لجنة علمية لمناقشة دراسة أو بحث أكاديمي عن عمل نهض به، أو أن له خبرة ودراية بموضوع المناقشة. يذكر الناقد غالي شكري في كتابه «برج بابل النقد والحداثة الشريدة» 1989 م أن الناقد الفرنسي غريماس اختير ليكون عضوًا من أعضاء مناقشة أحد طلبة الدكتوراه العرب المغرمين بالحداثة، ممن طبقوا منهجه النقدي السيميوطيقي على مجموعة من القصائد القصيرة. ويورد احتجاجه على قسوة الطالب في نقده بأن وصف منهجه بالدبابة، التي تسحق كل شيء أمامها؛ إذ بدت تلك القصائد لغريماس» كالزهور الجميلة تحتاج إلى سلاح صغير رقيق لتنقية الأرض من الحشائش حولها، لا إلى دبابة أكلت الزهور والحشائش والأرض جميعًا»
لا أدري ما المسوغات التي يعتمد عليها رؤساء الأقسام الإنسانية في جامعاتنا في إبعاد مؤلفين وشعراء وروائيين عن لجان المناقشة، ممن لهم علاقة مباشرة بموضوعات الرسائل والأطاريح، التي تناقش وتمنح عليها الدرجات العلمية.
لا يغيب عن بالنا بأن المؤلف، الذي يدار النقاش عنه أو عن عمله أحد أقطاب العملية الإبداعية أو الفكرية بعد النص والقارئ. وهو يستطيع أن ينبه مقدم الرسالة أو الأطروحة إلى مراجع لم يعد إليها. أو أخطاء وقع فيها، وقد يساعده على إضاءة كثير من جوانب البحث، وطرق مقاربته، كما قد ينبه أعضاء اللجنة إلى قضايا مهمة لم يلتفتوا إليها. وفي ذلك كله إثراء للنقاش من ناحية، وإفادة للطالب في تجويد أبحاثه، وما يكتبه في المستقبل من ناحية أخرى.
لعل إشراك المؤلف في لجان المناقشة، يفتح الباب في المستقبل، إلى السماح لبعض الحاضرين من الجمهور إلى المشاركة في النقاش، وإبداء آرائهم وأفكارهم، وبخاصة إذا كان الموضوع يتصل بالبيئة المحلية، أو بمشاكل عامة، فهذا التوجه يحقق للجامعة التواصل مع المجتمع، ومعرفة توجهاته واحتياجاته، فضلًا عن يبعث الحيوية في الحياة الثقافية، والمساهمة في تغيير كثير من المفاهيم البالية والأفكار السقيمة، أو على الأقل إثارة الوعي بها.
لا شك في أن كثيرًا من الاعتراضات ستواجه هذه الفكرة. لكن الموضوع (كما أرى) يستحق النقاش والتفكير، لأن تجارب الحياة والأفكار الجميلة والعميقة والمفيدة، قد تغيب عن الأكاديميين أثناء مناقشتهم الأبحاث الجامعية، وتحضر عند بعض الحاضرين، فليس من الصواب إبعادهم عن المشاركة في النقاش

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

عند اختيار لجان مناقشة الأبحاث الجامعية
عند اختيار لجان مناقشة الأبحاث الجامعية

وطنا نيوز

timeمنذ 5 أيام

  • وطنا نيوز

عند اختيار لجان مناقشة الأبحاث الجامعية

بقلم د. محمد عبد الله القواسمة من المعتاد، في الجامعات العربية الحرص عند اختيار لجان مناق هوشة رسائل الماجستير وأطاريح الدكتوراه، وبخاصة في الدراسات الإنسانية أن يكون أعضاؤها ممن يحملون الدرجات الأكاديمية في التخصص موضوع الرسالة أو الأطروحة، واستبعاد غيرهم، حتى لو كان ذا علاقة قوية بالموضوع المناقَش، فلم يحدث أن استعانوا بشاعر، أو روائي، أو ناقد، أو مؤرخ ليكون عضوًا في لجنة علمية تناقش أعماله، كما لم يحدث أن سمحوا لمبدع أو باحث بأن يقدم مداخلة أو رأيًا إذا كان من الحاضرين جلسة مناقشة. يحضرني هنا مناقشة أطروحة دكتوراه عن جهود روكس بن زائد العزيزي في التراث الشعبي، أعدها المرحوم الصديق عبدالله رشيد، وقدمها إلى معهد الآداب الشرقية بجامعة القديس يوسف عام 1996م. وكانت لجنة المناقشة من أساتذة من الجامعة وكان العزيزي من الحاضرين إلى جانب نخبة من السياسيين والمفكرين، فلم يسمح له بالمشاركة. وبعد نهاية المناقشة، وإصدار الحكم بنيل رشيد درجة الدكتوراه بتقدير جيد جدًا، استمعنا من العزيزي ومن غيره من الحاضرين آراء عميقة ومفيدة في تقييم الأطروحة، والكشف عما أنجزته. هذا ما يحدث في جامعاتنا أما في الجامعات الغربية فقد يُدعى الشاعر، أو الناقد، أو الروائي، أو المؤرخ ليكون عضوًا في لجنة علمية لمناقشة دراسة أو بحث أكاديمي عن عمل نهض به، أو أن له خبرة ودراية بموضوع المناقشة. يذكر الناقد غالي شكري في كتابه «برج بابل النقد والحداثة الشريدة» 1989 م أن الناقد الفرنسي غريماس اختير ليكون عضوًا من أعضاء مناقشة أحد طلبة الدكتوراه العرب المغرمين بالحداثة، ممن طبقوا منهجه النقدي السيميوطيقي على مجموعة من القصائد القصيرة. ويورد احتجاجه على قسوة الطالب في نقده بأن وصف منهجه بالدبابة، التي تسحق كل شيء أمامها؛ إذ بدت تلك القصائد لغريماس» كالزهور الجميلة تحتاج إلى سلاح صغير رقيق لتنقية الأرض من الحشائش حولها، لا إلى دبابة أكلت الزهور والحشائش والأرض جميعًا» لا أدري ما المسوغات التي يعتمد عليها رؤساء الأقسام الإنسانية في جامعاتنا في إبعاد مؤلفين وشعراء وروائيين عن لجان المناقشة، ممن لهم علاقة مباشرة بموضوعات الرسائل والأطاريح، التي تناقش وتمنح عليها الدرجات العلمية. لا يغيب عن بالنا بأن المؤلف، الذي يدار النقاش عنه أو عن عمله أحد أقطاب العملية الإبداعية أو الفكرية بعد النص والقارئ. وهو يستطيع أن ينبه مقدم الرسالة أو الأطروحة إلى مراجع لم يعد إليها. أو أخطاء وقع فيها، وقد يساعده على إضاءة كثير من جوانب البحث، وطرق مقاربته، كما قد ينبه أعضاء اللجنة إلى قضايا مهمة لم يلتفتوا إليها. وفي ذلك كله إثراء للنقاش من ناحية، وإفادة للطالب في تجويد أبحاثه، وما يكتبه في المستقبل من ناحية أخرى. لعل إشراك المؤلف في لجان المناقشة، يفتح الباب في المستقبل، إلى السماح لبعض الحاضرين من الجمهور إلى المشاركة في النقاش، وإبداء آرائهم وأفكارهم، وبخاصة إذا كان الموضوع يتصل بالبيئة المحلية، أو بمشاكل عامة، فهذا التوجه يحقق للجامعة التواصل مع المجتمع، ومعرفة توجهاته واحتياجاته، فضلًا عن يبعث الحيوية في الحياة الثقافية، والمساهمة في تغيير كثير من المفاهيم البالية والأفكار السقيمة، أو على الأقل إثارة الوعي بها. لا شك في أن كثيرًا من الاعتراضات ستواجه هذه الفكرة. لكن الموضوع (كما أرى) يستحق النقاش والتفكير، لأن تجارب الحياة والأفكار الجميلة والعميقة والمفيدة، قد تغيب عن الأكاديميين أثناء مناقشتهم الأبحاث الجامعية، وتحضر عند بعض الحاضرين، فليس من الصواب إبعادهم عن المشاركة في النقاش

عندما يسلم الكاتب قلمه إلى الآلة
عندما يسلم الكاتب قلمه إلى الآلة

وطنا نيوز

time٠٢-٠٥-٢٠٢٥

  • وطنا نيوز

عندما يسلم الكاتب قلمه إلى الآلة

بقلم د. محمد عبد الله القواسمة غيّر الذكاء الاصطناعي من طريقة عمل الإنسان، وأسلوب حياته، وتفاعله وتواصله مع غيره. وبدأنا نتلمس من خلال تطور الذكاء الاصطناعي واستخدامه مخاطره على الإنسان ومستقبله. فلم يكتف بعض الناس باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي مثل شات جي بي تي (ChatGPT)،وجي بي تي-4 (GPT-4)، وكلود+ (Claude+) وغيرها وسائل وأدوات للبحث، والوصول إلى المعلومات، وتصحيح الأعمال الكتابية وتدقيقها، بل تخطى ذلك إلى تكليف الذكاء الاصطناعي بإنتاج الأبحاث والأعمال الإبداعية، مثل الرواية، والمقالة، والخاطرة، والقصة القصيرة. وتبلغ الخطورة أوجها حين ينسب الإنسان لنفسه ما أنتجته الآلة، ويعلن بأنه هو الكاتب وهو الأديب. على ضوء التجربة الشخصية قدّم لي أحد الباحثين دراسة عن شاعر معاصر، ورجا أن أقرأها، وأقدّم ملاحظات عليها. أعجبني من النظرة الأولى عنوان الدراسة، وحسن صياغة الفقرة الأولى من مقدمتها. ومع القراءة بدأ الإعجاب يتحول إلى ملل، ثم يتحول الملل إلى استياء، ثم تحول الاستياء، مع تلاحق المصطلحات دون ضرورة، وسريان الأسلوب على نمط واحد ودون علامات ترقيم إلى غضب. أسرعت في القراءة، والقفز عن الصفحات حتى انتهيت؛ فرميت البحث إلى حيث سلة القمامة. انتابني الشك في أن البحث ليس من عمل بشري بل هو من عمل الآلة، وأزلت الشك باليقين عندما عرضت أجزاء منه على مواقع الكشف عن الذكاء الاصطناعي؛ فهالتني النتيجة بأن 96% من البحث من إنتاج الذكاء الاصطناعي. كررت الكشف أكثر من مرة، وكانت النتائج متقاربة. اتصلت بالباحث واعتذرت عن إبداء ملاحظات عن البحث، ولم أحرجه بذكر جريمته التكنولوجية. من غرائب المصادفات أني كنت في اليوم التالي من تلك الحادثة عند أحد الأصدقاء الناشرين، فحدثني عن مجموعة قصصية قُدمت له من إنتاج الذكاء الاصطناعي، وعندما كاشف كاتبها المزيف اعترف له بذلك، وأنه أقدم على فعلته ليحقق رغبته بأن يصبح كاتبًا، نصحه بأن يبحث عمن يكتبها له من جديد، أو من يقربها لتكون من عمل مخلوق بشري. هكذا وصلت الحالة ببعض الكتاب إلى تسليم أقلامهم إلى الآلة لتكتب لهم ما شاؤوا من أجناس كتابية، ليضعوا أسماءهم عليها مع اعتزازهم بما فعلوه، يعتقدون بأنهم سينجحون في خداع القراء، وهم في الحقيقة لا يخدعون إلا أنفسهم. فلا يمر هذا النوع من الكتابة حتى على القارئ العادي؛ لأنها ببساطة كتابة بلا روح، بلا مشاعر، بلا عواطف إنسانية. لكن ما نخشاه أن تعم هذه الحالة، وتنتشر بين الكتاب والأدباء انطلاقًا من اتباع الطريق السهل؛ ففي ساعات يُصدر الكاتب أو الأديب الذي يتقن استخدام الذكاء الاصطناعي كتابًا في النقد، أو يصدر رواية، أو مسرحية، أو مجموعة قصصية في غاية الأناقة، خالية من الأخطاء اللغوية والطباعية. والأخطر من ذلك أن يستمرئ الناس هذا النوع من الكتابة، ويقبلون على القراءة، فيكثر عدد الكتاب المزيفين، ويغدو الأدب مثل الجماد لا حياة فيه، ويصبح الإنسان قريبًا من الروبوت، فاقدًا الإحساس بالجمال. على الإنسان في خضم هذا التطور الهائل في تقنيات الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته أن يبقى سيد هذه التكنولوجيا، يراقبها، ويتحكم فيها، ويستخدمها، لتيسير حياته، والارتقاء بعقله ووجدانه. ويجب على النقاد والأكاديميين التنبيه إلى مخاطر إساءة استخدام الذكاء الاصطناعي في مجالات البحث المختلفة، وعدم التساهل بل فضح من يتخطى قواعده وقوانينه العلمية والأخلاقية، كما أن على عاتق الأديب ألا يسلم قلمه إلى الآلة؛ فيكون كمن يسلم سلاحه لعدوه، أو كمن يسلم روحه للشيطان، كما فعل فاوست في مسرحية غوته المشهورة

عندما يسلم الكاتب قلمه إلى الآلة
عندما يسلم الكاتب قلمه إلى الآلة

الدستور

time٠١-٠٥-٢٠٢٥

  • الدستور

عندما يسلم الكاتب قلمه إلى الآلة

د. محمد عبدالله القواسمة غيّر الذكاء الاصطناعي من طريقة عمل الإنسان، وأسلوب حياته، وتفاعله وتواصله مع غيره. وبدأنا نتلمس من خلال تطور الذكاء الاصطناعي واستخدامه مخاطره على الإنسان ومستقبله. فلم يكتف بعض الناس باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي مثل شات جي بي تي (ChatGPT)،وجي بي تي-4 (GPT-4)، وكلود+ (Claude+) وغيرها وسائل وأدوات للبحث، والوصول إلى المعلومات، وتصحيح الأعمال الكتابية وتدقيقها، بل تخطى ذلك إلى تكليف الذكاء الاصطناعي بإنتاج الأبحاث والأعمال الإبداعية، مثل الرواية، والمقالة، والخاطرة، والقصة القصيرة. وتبلغ الخطورة أوجها حين ينسب الإنسان لنفسه ما أنتجته الآلة، ويعلن بأنه هو الكاتب وهو الأديب. على ضوء التجربة الشخصية قدّم لي أحد الباحثين دراسة عن شاعر معاصر، ورجا أن أقرأها، وأقدّم ملاحظات عليها. أعجبني من النظرة الأولى عنوان الدراسة، وحسن صياغة الفقرة الأولى من مقدمتها. ومع القراءة بدأ الإعجاب يتحول إلى ملل، ثم يتحول الملل إلى استياء، ثم تحول الاستياء، مع تلاحق المصطلحات دون ضرورة، وسريان الأسلوب على نمط واحد ودون علامات ترقيم إلى غضب. أسرعت في القراءة، والقفز عن الصفحات حتى انتهيت؛ فرميت البحث إلى حيث سلة القمامة. انتابني الشك في أن البحث ليس من عمل بشري بل هو من عمل الآلة، وأزلت الشك باليقين عندما عرضت أجزاء منه على مواقع الكشف عن الذكاء الاصطناعي؛ فهالتني النتيجة بأن 96% من البحث من إنتاج الذكاء الاصطناعي. كررت الكشف أكثر من مرة، وكانت النتائج متقاربة. اتصلت بالباحث واعتذرت عن إبداء ملاحظات عن البحث، ولم أحرجه بذكر جريمته التكنولوجية. من غرائب المصادفات أني كنت في اليوم التالي من تلك الحادثة عند أحد الأصدقاء الناشرين، فحدثني عن مجموعة قصصية قُدمت له من إنتاج الذكاء الاصطناعي، وعندما كاشف كاتبها المزيف اعترف له بذلك، وأنه أقدم على فعلته ليحقق رغبته بأن يصبح كاتبًا، نصحه بأن يبحث عمن يكتبها له من جديد، أو من يقربها لتكون من عمل مخلوق بشري. هكذا وصلت الحالة ببعض الكتاب إلى تسليم أقلامهم إلى الآلة لتكتب لهم ما شاؤوا من أجناس كتابية، ليضعوا أسماءهم عليها مع اعتزازهم بما فعلوه، يعتقدون بأنهم سينجحون في خداع القراء، وهم في الحقيقة لا يخدعون إلا أنفسهم. فلا يمر هذا النوع من الكتابة حتى على القارئ العادي؛ لأنها ببساطة كتابة بلا روح، بلا مشاعر، بلا عواطف إنسانية. لكن ما نخشاه أن تعم هذه الحالة، وتنتشر بين الكتاب والأدباء انطلاقًا من اتباع الطريق السهل؛ ففي ساعات يُصدر الكاتب أو الأديب الذي يتقن استخدام الذكاء الاصطناعي كتابًا في النقد، أو يصدر رواية، أو مسرحية، أو مجموعة قصصية في غاية الأناقة، خالية من الأخطاء اللغوية والطباعية. والأخطر من ذلك أن يستمرئ الناس هذا النوع من الكتابة، ويقبلون على القراءة، فيكثر عدد الكتاب المزيفين، ويغدو الأدب مثل الجماد لا حياة فيه، ويصبح الإنسان قريبًا من الروبوت، فاقدًا الإحساس بالجمال. على الإنسان في خضم هذا التطور الهائل في تقنيات الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته أن يبقى سيد هذه التكنولوجيا، يراقبها، ويتحكم فيها، ويستخدمها، لتيسير حياته، والارتقاء بعقله ووجدانه. ويجب على النقاد والأكاديميين التنبيه إلى مخاطر إساءة استخدام الذكاء الاصطناعي في مجالات البحث المختلفة، وعدم التساهل بل فضح من يتخطى قواعده وقوانينه العلمية والأخلاقية، كما أن على عاتق الأديب ألا يسلم قلمه إلى الآلة؛ فيكون كمن يسلم سلاحه لعدوه، أو كمن يسلم روحه للشيطان، كما فعل فاوست في مسرحية غوته المشهورة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store