
بعد 4 أيام من الهجمات الصاروخية المتبادلة.. خسائر كبرى في إيران وإسرائيل
في اليوم الرابع على التوالي من الهجمات الصاروخية المتبادلة بين إسرائيل وإيران تفاقمت الخسائر المادية والبشرية بشكل غير مسبوق، حيث تحولت حرب الظل بين البلدين إلى تصعيد عسكري أخلف خسائر هائلة وسط مخاوف من اتساع رقعة الصراع.
وأطلقت إيران أكثر من 270 صاروخًا بالستيًا وما يزيد عن 100 طائرة مسيرة بما في ذلك طائرات شاهد.
خسائر كبرى في إسرائيل
وبحسب وكالة "بلومبرج" الأمريكية، فقد شهدت إسرائيل خسائر غير مسبوقة، حيث بلغ عدد القتلى أكثر من 23 شخص حتى الآن مع إصابة قرابة 400 آخرين، نتيجة الضربات الإيرانية الصاروخية المتتالية بالصواريخ والطائرات المسيّرة منذ يوم الجمعة، بحسب ما أعلنت خدمات الطوارئ الإسرائيلية.
واستهدفت الضربات مناطق مكتظة في تل أبيب وحيفا وبات يام، ما أسفر عن دمار كبير في مبانٍ سكنية ومواقع حيوية.
إحدى الضربات الصاروخية أصابت مبنى في مدينة بات يام الساحلية، حيث تفقد رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو موقع الهجوم، وصرّح قائلًا إن إيران ارتكبت جريمة قتل متعمدة بحق المدنيين، متوعدًا برد عنيف.
وأشارت الوكالة الأمريكية إلى أن الضربات الإيرانية يبدو أنها تستهدف العمق الإسرائيلي والمنشأت العسكرية بالإضافة إلى منشأت الطاقة ومستودعات النفط، ومطار حيفا.
وأضافت أنه بالرغم من تصدي أنظمة الدفاع الجوية الإسرائيلية لعشرات الصواريخ والمُسيرات الإيرانية، ولكن وقعت خروقات مدمرة في عدة مواقع استراتيجية إسرائيلية بعضها عسكري وآخر علمي ومدني.
كما تم توجيه ضربة مباشرة على مقر القرية العسكري (The Kirya) في تل أبيب، وهو المقر الرئيسي لجيش الاحتلال الإسرائيلي، وفقًا لتقارير إسرائيلية، وأصيبت القواعد العسكرية بأضرار هى الأخرى بما في ذلك قاعدة نفاتيم الجوية.
وانتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي لمغردين إسرائيليين أن حكومة نتنياهو لا تعلن حجم الخسائر الحقيقية وتكهن البعض بمقتل وإصابة ما لا يقل عن 20 مجند إسرائيلي خلال المواجهات.
خسائر فادحة في إيران
وأكدت الوكالة الأمريكية، أن الضربات الإسرائيلية أسفرت عن سقوط 224 قتيل في إيران بينهم عدد كبير من القيادات العسكرية والعلماء النووين، وإصابة أكثر 1400 شخص الغالبية العظمى منهم من المدنيين.
وأضافت أن أكبر الخسائر الإيرانية تمثلت في اغتيال كل من اللواء محمد باقري، رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية واللواء حسين سلامي، قائد الحرس الثوري الإيراني والعميد أمير علي حاجي زاده، قائد القوات الجو-فضائية و أمير علي حاجي زاده، قائد القوة الجوفضائية في الحرس الثوري وعلي شمخاني، المشرف على المفاوضات النووية وقائد الاستخبارات ونائبه في الحرس الثوري، فضلًا عن اغتيال 6 علماء نوويين كبار في الغارات، ومقتل 14 عالم نووي بسيارات مفخخة.
وتابعت الوكالة الأمريكية، أن الهجمات أسفرت عن اشعال النيران في مصفاة نفط رئيسية جنوبي العاصمة طهران، كما تم تدمير الجزء الظاهر من منشأة تخصيب اليورانيوم في نطنز بالكامل بينما ظل الجزء الموجود تحت الأرض سليم، كما تم تدمير منشأة خنداب النووية و قاعدة الإمام علي الصاروخية قرب خرم آباد ومقر قيادة القوات الجو فضائية للحرس الثوري في طهران، ومنشآت تحت الأرض لتخزين الصواريخ الباليستية.
وتعرضت منشأة فوردو لهجوم محدود، مع تقارير عن انفجارات قريبة، ولكن وجود المنشأة في قلب الجبل وعلى عمق كبير من سطح الأرض يجعل استهدافها مهمة شبة مستحيلة.
كما تضرر مركز أصفهان للأبحاث النووية بشكل كبير مع تدمير مختبرات وبنية تحتية مرتبطة بالبرنامج النووي.
ومن ضمن الخسائر أيضًا تدمير مواقع تخزين صواريخ بالستية، بما في ذلك قاعدة بختاران (بانج بيله) تحت الأرض في كرمنشاه، وقاعدة أماند الصاروخية، بالإضافة إلى قاعدة الجوية الثانية في تبريزالتي (Artesh Air Force 2nd TAB) تعرضت لأضرار، مع تدمير مبانٍ وإحداث فوهات بالقرب من المدرجات، وقاعدة جوية في همدان، مع تدمير محتمل لهنجار طائرات ورادار.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

مصرس
منذ 17 دقائق
- مصرس
كتائب القسام تعلن وقوفها إلى جانب إيران وتشيد بدعمها قضية فلسطين
أعلنت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، مساء الأحد، وقوفها إلى جانب إيران في مواجهة العدوان الإسرائيلي المستمرة، مشيدة بدعم طهران لقضية فلسطين. ونعت "القسام"، في بيان، "قادة القوات المسلحة (الإيرانية) الكبار الذين ارتقوا جراء العدوان الصهيوني المستمر على الجمهورية".وعددت منهم قائد هيئة الأركان العامة للجيش الإيراني اللواء محمد باقري، والقائد العام للحرس الثوري اللواء حسين سلامي، وقائد مقر "خاتم الأنبياء" المركزي بالجيش اللواء غلام علي رشيد.وأثنت على "الدور المحوري والتاريخي لهؤلاء القادة الكبار وإخوانهم في دعم القضية الفلسطينية ومقاومتها على مدار عقود".وأضافت أن أحدث محطات هذا الدعم كانت معركة "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر 2023.وفي ذلك اليوم، هاجمت حماس قواعد عسكرية ومستوطنات بمحاذاة قطاع غزة، فقتلت وأسرت إسرائيليين؛ ردا على "جرائم الاحتلال الإسرائيلي اليومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، ولاسيما المسجد الأقصى"، وفق الحركة.وبدعم أمريكي مطلق ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023 جرائم إبادة جماعية في غزة خلّفت أكثر من 184 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، فضلا عن مئات آلاف النازحين.وزادت كتائب "القسام" أنه "رغم علمهم (الإيرانيون) بأن هذا الدعم الكبير والمعلن (لفلسطين) سيكون له ضريبة باهظة ستُدفع بالدم والتضحيات، إلا أنهم لم يتراجعوا".وأردفت: "ستكشف الأيام طبيعة هذه الإسهامات المهمة التي شكلت رافعةً في مسار صراعنا مع العدو الصهيوني، حتى بتنا اليوم أقرب إلى تحقيق النصر النهائي".واستطردت: "ننعى شهداء الشعب الإيراني العزيز، الذي لطالما كان داعما وسندا للمقاومة، ونتمنى الشفاء لجرحاه، ونعلن وقوفنا إلى جانب الجمهورية قيادة وشعبا"."القسام" أشادت ب"الفعل البطولي والكبير للقوات المسلحة الإيرانية الذي هز أركان كيان الاحتلال (إسرائيل) ردا على العدوان".وشددت على أن الرد الإيراني يهدف إلى "لجمه (الاحتلال الإسرائيلي) عن عدوانه وعربدته في المنطقة التي بقيت لعقود دون رادع للأسف، ما جرّأه على التمادي".و"قد تابع شعبنا الفلسطيني المكلوم، لا سيما في غزة، هذه الضربات (الإيرانية) القوية بمنتهى الفخر والاعتزاز، وكان لها ما كان من شفاء لصدروهم من هذا المحتل المجرم الذي ارتكب بحقهم جرائم الإبادة والتطهير العرقي".وبدعم ضمني من الولايات المتحدة، بدأت إسرائيل فجر الجمعة هجوما واسعا على إيران بعشرات المقاتلات، فقصفت منشآت نووية وقواعد صواريخ واغتالت قادة عسكريين بارزين وعلماء نوويين، ما خلف إجمالا 128 قتيلا و900 جريح.وفي مساء اليوم نفسه، بدأت إيران الرد بسلسلة هجمات بصاروخية باليستية وطائرات مسيّرة، بلغ عدد موجاتها 10، وخلفت حتى مساء الأحد نحو 14 قتيلا وأكثر من 345 مصابا، وأضرار مادية كبيرة، وفق وزارة الصحة الإسرائيلية وإعلام عبري.وحسب وسائل إعلام عبرية، تفرض إسرائيل تعتيما إعلاميا عبر رقابة عسكرية مشددة على ما يتم نشره بشأن الخسائر البشرية والمادية جراء الرد الإيراني.وتعتبر تل أبيب وطهران العاصمة الأخرى العدو الأول لها، ويعد عدوان إسرائيل الراهن على إيران الأوسع من نوعه، ويمثل انتقالا من "حرب الظل"، عبر تفجيرات واغتيالات، إلى صراع عسكري مفتوح.وتتهم إسرائيل وحليفتها الولايات المتحدة إيران بالسعي إلى إنتاج أسلحة نووية، بينما تقول طهران إن برنامجها مصمم للأغراض السلمية، بما في ذلك توليد الكهرباء.وتعد إسرائيل الدولة الوحيد في المنطقة التي تمتلك ترسانة نووية، وهي غير خاضعة لرقابة دولية، وتواصل منذ عقود احتلال أراض في فلسطين وسوريا ولبنان.

مصرس
منذ 37 دقائق
- مصرس
سماع دوي انفجارات جديدة في العاصمة الإيرانية طهران
دوت انفجارات جديدة، اليوم الأحد 15 يونيو، في العاصمة الإيرانية طهران، بحسب ما أفاد صحافي في وكالة فرانس برس، مع مواصلة إسرائيل شنّ ضربات في الجمهورية الإسلامية لليوم الثالث تواليًا. وأفادت وسائل إعلام إيرانية منها صحيفة "هم ميهن" وموقع "خبر أونلاين" بتفعيل وسائط الدفاع الجوي فوق غرب وشمال غرب طهران "للتصدي لهجمات جديدة".من جهتها، نشرت صحيفة "شرق" على موقعها الالكتروني مقطع فيديو لتصاعد أعمدة من الدخان في شرق العاصمة.اقرأ أيضًا: إيران تؤكد امتلاكها «دليلًا قاطعًا» على دعم القوات الأمريكية للضربات الإسرائيليةوبادرت إسرائيل، في وقتٍ مبكرٍ من صباح الجمعة 13 يونيو/ حزيران، بشنّ هجمات واسعة النطاق على إيران، لتكون بمثابة شرارة التصعيد بين الجانبين.وتسببت الضربات الإسرائيلية في الأراضي الإيرانية في مقتل عدد من أبرز القادة العسكريين في إيران، على رأسهم رئيس هيئة الأركان محمد باقري والجنرال حسين سلامي، قائد الحرس الثوري الإيراني.كما قامت إسرائيل باستهداف مواقع عسكرية ونووية إيرانية خلال هجماتها العسكرية ضد الدولة الفارسية.ولم تصمت إيران كثيرًا حيال ذلك، وقامت مساء نفس اليوم بشن هجمات وضربات جوية طالت كبرى المدن الإسرائيلية، وعلى رأسها تل أبيب، وأوقعت عشرات القتلى والجرحى في صفوف الإسرائيليين.وجاء ذلك بعد أن توعد المرشد الإيراني علي خامنئي إسرائيل ب"العقاب القاسي"، وقال إن إسرائيل كتبت "مصيرًا مريرًا لنفسها"، حسب تعبيره.وتتواصل في الأثناء الهجمات العسكرية المتبادلة بين الجانبين وسط مخاوف من انزلاق الوضع نحو حرب شاملة بين طهران وتل أبيب.وأتت الضربات الإسرائيلية والهجمات المتبادلة من الجانبين في طهران وتل أبيب بالتزامن مع مباحثات مستمرة في سلطنة عمان بين إيران والولايات المتحدة حول الملف النووي الإيراني، وهو ما يُعرّض تلك المباحثات لخطر الانهيار.


الأسبوع
منذ ساعة واحدة
- الأسبوع
بعد « العدوان الغادر» على إيران.. ماذا حدث؟ ما الأهداف والتكتيكات؟.. ما دلالات التوقيت والرسائل الموجهة؟
إيران أحمد بديوي ماذا بعد «العدوان الغادر» على إيران؟ الأهداف والتكتيكات.. ودلالات التوقيت والرسائل الموجهة ما موقف الخليج؟ وماذا وراء الصمت الروسي- الصيني؟ تشكل عملية «الأسد الصاعد» العسكرية الإسرائيلية ضد إيران أعنف تصعيد مباشر بين الطرفين، حيث تحاول حكومة بنيامين نتنياهو تقويض العمق الاستراتيجي الإيراني وكسر توازن الردع القائم في الإقليم، وتأكيد أن الاستهداف ليس مجرد ضربات تكتيكية، بل رسالة استراتيجية مزدوجة: انكشاف الخطوط الحمراء لإيران، وأن إسرائيل تملك اليد الطولى في مسرح العمليات. وفي مقابل رد إيراني محدود وغارق في خطاب التهديد والوعيد، ويصف ما حدث بأنه «عدوان غادر»، كشفت الضربات الإسرائيلية عن ضعف الدفاعات الجوية الإيرانية (تعتمد على منظومات متعددة، أهمها إس-300 الروسية، ومنظومة باور-373 محلية الصنع) عبر العجر عن الكشف المبكر والتصدي للصواريخ الإسرائيلية، والتصدي للأسراب الجوية الإسرائيلية (مقاتلات إف-35، وإف-15، وإف-16)، المدعومة بطائرات حرب إلكترونية والتزود بالوقود جوًا. وظفت إسرائيل المسيرات لتشتيت الدفاعات الإيرانية وفتح ثغرات في جدار الحماية الجوي قبل موجة الغارات الأساسية، وبدا الدور الأمريكي على المستوى الاستخباراتي (توفير معلومات دقيقة تم جمعها من طائرات الاستطلاع: RC-135V) قبل الهجوم، ومنظومات الأقمار الصناعية ومنصات التجسس الفضائية والقواعد العسكرية المجاورة لإيران، من خلال تحديد مواقع التجمعات القيادية، وحدات إطلاق الصواريخ، ومستودعات تخصيب اليورانيوم. وأثارت العملية صدمة كبيرة داخل المؤسسة العسكرية والحرس الثوري تحديدًا، ظهر ذلك في ارتباك التصريحات الإيرانية الرسمية وتناقضها، فضلًا عن حالة الهلع الشعبي التي أعقبت الغارات، نتيجة حجم الدمار والخسائر البشرية التي تعذر إخفاؤها (أكثر من 112 عسكريًا إيرانيًا قُتلوا) لكن الأضرار التي لحقت بالبرنامج النووي الإيراني، لكنها لم تكن في مستوى ما تم عام 1981، عندما دمرت إسرائيل المفاعل النووي العراقي، عبر عملية «أوبرا»، والمفاعل النووي السوري في منطقة دير الزور عام 2007، عبر عملية «خارج الصندوق». ومنذ ذلك الحين، بلورت إسرائيل عقيدة «الضرب أولًا» كخيار دفاعي، أما إيران، فمنذ حربها مع العراق وحتى اليوم، بنت عقيدتها العسكرية على مبدأ «الرد غير المتماثل»، أي استخدام الوكلاء والقوة غير النظامية لتعويض ضعفها في مواجهة الجيوش التقليدية، غير أن عملية «الأسد الصاعد» أعادت ترتيب الأولويات وأدخلت الإقليم في معادلة جديدة، وبعد سنوات من «الحرب الرمادية» بين الطرفين، التي كانت تعتمد على اغتيالات، هجمات سيبرانية، استهداف شحنات أسلحة، لكن المواجهة لم تعد تقتصر على حرب الظل أو الضربات السرية، بل انتقلت إلى مرحلة الحرب الجوية المركزة في العمق الإيراني. على المستوى الجيوسياسي، تمثل عملية «الأسد الصاعد» لحظة فارقة في ميزان الردع الإقليمي، فإسرائيل، التي كانت على مدار سنوات تتبع سياسة «الغموض البناء» تجاه عملياتها في العمق الإيراني، كشفت هذه المرة عن وجهها سافرا، ورغم أن إسرائيل حاولت احتواء العملية ضمن «ضربة تأديبية استراتيجية»، فإن إيران ترى في الهجوم تعديًا على سيادتها وتهديدًا وجوديًا لبرنامجها النووي، وبعدما فقدت، في وقت سابق، معظم أوراقها الإقليمية (الميليشيات الحليفة التي كانت تنتشر في العراق، سوريا، لبنان، واليمن) لم يعد أمامها سوى الاعتماد على قدراتها العسكرية المباشرة، لخلق حالة ضغط استراتيجي على إسرائيل والولايات المتحدة، والقوى المؤثرة خلف الكواليس، ممثلة في شبكة التحالفات والمصالح، خاصة أن خصوم إيران يصدرون أن التفاوض غير مجدٍ ما دامت أجهزة الطرد المركزي الإيرانية تدور، وأن خيار القوة أصبح أداة تفاوض في حد ذاته. يعيد هذا إلى الأذهان العقيدة العسكرية الإسرائيلية (عقيدة بيجن) التي تنص على منع أي دولة في المنطقة من امتلاك السلاح النووي، حتى لو تطلب ذلك ضربة استباقية (تجربتي العراق وسوريا) لكن الاختلاف هذه المرة يكمن في الطبيعة اللامركزية للبرنامج النووي الإيراني، الذي يتوزع على عشرات المواقع، بعضها مخفي تحت الأرض بعمق يتجاوز 80 مترًا، ويصعب تدميره حتى بأقوى القنابل الخارقة للتحصينات، كما أن إيران تمتلك قدرات ردع متعددة الطبقات، تبدأ من الصواريخ الباليستية وتصل إلى الهجمات السيبرانية. عملية «الأسد الصاعد» كشفت عن تحولات عميقة في العقيدة العسكرية الإسرائيلية، التي باتت تعتمد على «الضربات المهيمنة» بدلًا من العمليات المحدودة، وهذا النمط من العمليات يعكس حالة من الهلع الاستراتيجي داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، التي ترى أن الزمن لا يعمل لصالحها، في ظل تعاظم القوة الإيرانية وتنامي محور المقاومة. لذلك، فإسرائيل تحاول كسر المعادلة بالقوة، حتى لو عنى ذلك مواجهة متعددة الجبهات، ترى أنها أهون من سيناريو إيران نووية محصنة. تبدو عملية «الأسد الصاعد» لحظة مفصلية في تاريخ الصراع الإيراني- الإسرائيلي، حيث تجاوزت حدود الرسائل الرمزية إلى الفعل العسكري المباشر، بل وواسع النطاق، وهي لحظة تضع كل الأطراف أمام معادلة جديدة، فإما الرد والتصعيد نحو حرب شاملة، وإما العودة إلى طاولة التفاوض تحت ضغط الضربات، مع ما يحمله كل خيار من كلفة سياسية وعسكرية واقتصادية، وقد رفضت إيران «رسميًا» دفع هذه التكلفة، عندما علقت مشاركتها في المفاوضات غير المباشرة مع الولايات المتحدة، بحجة أنها «شريك في العدوان»، خاصة مع وجود شخصيات نافذة في وزارة الدفاع الأمريكية ومجمع الاستخبارات تلعب دورًا في دعم استراتيجية نتنياهو، انطلاقًا من رؤية مفادها أن تحجيم إيران بات ضرورة لحماية المصالح الأمريكية في الخليج وإسرائيل. هذا التحول له دلالات عميقة في ميزان القوى الإقليمي، ويطرح تساؤلات حول مستقبل الاتفاق النووي الإيراني، وتوازنات الردع في الخليج، وموقف القوى الدولية الكبرى مثل روسيا والصين، وفي الخلفية، تبرز الولايات المتحدة بوصفها الداعم الصامت، لكنها المؤثر الأكبر، وهذا الدعم يعكس رغبة أمريكية في احتواء النفوذ الإيراني، دون الانجرار إلى حرب شاملة، مع ترك إسرائيل تقوم بـ«العمل القذر»، كم أن هذه التطورات ستعيد تشكيل خريطة التحالفات الإقليمية، فدول الخليج، التي تسعى لتقارب هادئ مع طهران منذ الاتفاق السعودي- الإيراني برعاية صينية، قد تجد نفسها في موقف حرج بين الانفتاح الاقتصادي والخطر الأمني. ولعل ما يزيد المشهد تعقيدًا هو الصمت الروسي- الصيني، وهو صمت يُقرأ ضمن ميزان النفعية، فموسكو، المنشغلة في الحرب الأوكرانية، تجد نفسها عاجزة عن الرد أو حتى الإدانة العلنية، خوفًا من التصعيد مع الغرب، أما بكين، التي ترتبط بعلاقات اقتصادية متنامية مع طهران، فإنها تدرك أن استقرار الخليج ضروري لمصالحها في مجال الطاقة، وبالتالي فهي توازن بين مصالحها الإيرانية وتفاهماتها مع إسرائيل وأمريكا، وهذا التوازن الهش يعكس طبيعة النظام الدولي المتعدد الأقطاب، حيث لا يُقاس النفوذ بالولاء، بل بالقدرة على المناورة في الوقت المناسب. تداعيات هذه العملية على المدى البعيد تحمل ثلاثة سيناريوهات رئيسة: أولًا، احتمال نشوب حرب شاملة بين إسرائيل وإيران، وهو سيناريو مستبعد مرحليًا، نظرًا للتوازنات الدولية، لكنه يبقى قائمًا إذا ما قررت إيران الرد بقوة. ثانيًا، تصاعد عمليات الاغتيال والهجمات السرية المتبادلة، بما يعيد مناخ المنطقة إلى ما يشبه حقبة ما قبل الاتفاق النووي لعام 2015. ثالثًا، توسيع الفجوة داخل إيران بين المؤسسة العسكرية والمتشددين من جهة، والجمهور الناقم على الأوضاع الاقتصادية والسياسية من جهة أخرى، مما قد يسرع من وتيرة الاحتجاجات الداخلية، نتيجة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، أو ينقلب السحر على الساحر ويحدث الاصطفاف في مواجهة العدو الخارجي. أما في إسرائيل، فقد جاءت العملية في سياق داخلي لا يقل اضطرابًا. فحكومة نتنياهو تواجه انتقادات واسعة بسبب فشلها في إدارة الحرب مع غزة، وانقسام المؤسسة الأمنية حول أولويات المواجهة. لذا، ينظر كثيرون إلى «الأسد الصاعد» كعملية تهدف إلى استعادة الثقة الداخلية، وتعزيز صورة نتنياهو كقائد حازم في زمن الأزمات، لكنه بذلك يدفع المنطقة كلها نحو حافة الهاوية، خصوصًا في ظل استعداد إيران للرد، وتصاعد التوترات على جبهات متعددة. عملية «الأسد الصاعد» قد تكون جولة أولى في حرب لم تُعلن بعد، لكن تكتب فصولها الآن، بصمت المقاتلات وضجيج الصواريخ. عملية تختبر ليس فقط قدرة إسرائيل على توجيه ضربات موجعة، بل أيضًا قدرة إيران على امتصاصها دون الانهيار، ومع دخول المنطقة مرحلة ما بعد الردع، باتت كل العواصم الإقليمية مطالبة بإعادة حساباتها، لأن العملية (بكل أدواتها وتداعياتها)، تعيد تشكيل المعادلة الاستراتيجية في المشرق، وتدفع بمخاوف الانفجار الكبير إلى واجهة النقاش الإقليمي والدولي.