
سودانية تفوز بجائزة «نانسن للاجئ» 2024 مناصفة مع أخريات
التغيير: وكالات
فازت السودانية ندى فضل، بجانب 4 أخريات، بجائزة 'نانسن للاجئ' لعام 2024، التي تقدمها سنوياً المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
والفائزات الـ 5 راهبة، وناشطة، ورائدة أعمال اجتماعية، وعاملة إغاثة متطوعة، ومناصرة في مجال القضاء على انعدام الجنسية.
وحظيت بالجائزة العالمية لهذا العام الراهبة روزيتا ميليزي (79 عاماً)، وهي محامية برازيلية، ناشطة اجتماعية دافعت عن حقوق وكرامة الأشخاص المهجرين منذ قرابة 40 عاماً.
وعلى المستوى الإقليمي، مُنحت 4 نساء أخريات جوائز إقليمية بحسب مناطق عملهن، هنّ ميمونة با من بوركينا فاسو، وجين داوود اللاجئة السورية في تركيا، وندى فضل اللاجئة السودانية في مصر، بالإضافة للناشطة النيبالية ديبتي غورونغ.
كما سيحصل شعب مولدوفا على تكريم فخري لعمله كـ'منارة إنسانية'، نتيجة لدوره في 'وضع الصعوبات الاقتصادية التي يمر بها جانباً، لتحوّل البلاد بسرعة مدارسها ومساحاتها المجتمعية ومنازلها إلى ملاذ آمن لأكثر من مليون شخص اضطروا للفرار من الحرب في أوكرانيا'، وفق بيان لمفوضية الأمم المتحدة، نُشر على موقعها الإلكتروني.
وسيتم توزيع الجوائز اليوم الاثنين خلال حفل سيُقام في مدينة جنيف السويسرية.
مبادرة روح
وفازت السودانية ندى فضل، عن فئة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من بين النساء الخمس، وهي تُدير مركز 'مبادرة روح' الواقع في مدينة الإسكندرية بمصر، حيث يتلقى فيه اللاجئون خدمات الرعاية الصحية المجانية والتدريب على المهارات.
وبحسب تقرير للمفوضية عن رحلة فضل (31 عاماً) التي أوصلتها لنيل جائزة 'نانسن للاجئ'، فقد وصلت إلى الإسكندرية عام 2015 بمفردها، وليس لديها سوى التصميم على إعادة بناء حياتها.
لكن التكيّف مع الحياة في بلد جديد كان 'أمراً صعباً' بالنسبة لفضل، خصوصاً أنها لم تكن تعمل أو تواصل دراستها، لذلك قررت أن تعلم الأطفال اللاجئين في الحيّ الذي عاشت فيه، وكان معظمهم من السوريين.
وفق المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، تأسست الجائزة عام 1954″إحياءً لإرث فريدجوف نانسن، العالم النرويجي، المستكشف القطبي والدبلوماسي والمفوض السامي الأول في حقبة عصبة الأمم، الحاصل كذلك على جائزة نوبل للسلام 1922″.
ويحصل الفائز على مبلغ 150 ألف دولار أميركي تتبرع به حكومتا سويسرا والنرويج، بهدف متابعة مشروع موجه لمساعدة النازحين قسراً، يتم تطويره بالتشاور الوثيق مع مفوضية اللاجئين.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


التغيير
منذ 3 أيام
- التغيير
فضيلي جماع يكتب : الكتابة موقف
فضيلي جماع يكتب : الكتابة موقف فضيلي جماع يكتب : الكتابة موقف قديم هو السؤال: هل الفن للفن أم أن الفن للقضية؟ لن يضيع كاتب هذا الزاوية وقته في التنطع والشرح، فإن خياره كان منذ أمد طويل: الكتابة موقف، وموقف إنساني ! كتب الروائي الفرنسي الشهير آندرية جيد (1869-1951) يقول: (من الأفضل أن تكون ممقوتاً لما تؤمن به من أن يحبك الآخرون لشيء لا تؤمن به !) ولعل هذا هو ما دفع بذاك الكاتب الإنسان أن يكون نسيج وحده في عصره، ليدين بصوت جهور الفاشية وجرائم هتلر ضد السامية. ويقول في موضع آخر: (طالما إننا نعيش وسط الناس، دعونا نعتز بإنسانيتنا!) ولهذه المواقف الواضحة من الكتابة كعمل إنساني خلاق، أصبح آندرية جيد أيقونة النبض الإبداعي والفكري لرهط من أكثر المفكرين والمبدعين الفرنسيين من بعده ومنهم الروائي الشهير آلبير كامي. وفي جنوب افريقيا ما الذي يجعل سيدة بيضاء – نادين غورديماير- لأب يهودي من الطبقة الوسطى مهاجر من بريطانيا أن تختار الصعاب في دولة تقوم على نظام الفصل العنصري (أبارتايد)، وهي التي لا تحتاج بالمعنى الانتهازي للكلمة أن تتجشم المخاطر طالما انها تستمتع كمواطنة بيضاء بكامل حقوقها؟ عرفت غورديماير منذ شبابها النضال ضد الظلم، واختارت طريق مصادرة الرقيب لما تنزفه أعصابها دفاعاً عن الحق. كانت معجبة بأسطورة النضال نيلسون مانديلا، وبكفاح السود من أجل الحرية والمساواة. كتبت تقول ( ليس في وسعك أن تغير نظاما على أساس من الشفقة. هناك أدوات أكثر قسوة للتغيير !) ليس غريبا أن تنال غورديمير إذن جائزة نوبل للآداب تقديرا لكتاباتها التي وصف مانديلا صاحبتها بأنها «سفيرة الضمير الإنساني» ! لويس نكوزي، الروائي الجنوب – افريقي قضى أربعين عاماً في المنفى وهو يفضح نظام الفصل العنصري عبر السرد القصصي. اختار ألا يستسلم وعاد لوطنه بعد سقوط نظام الفصل العنصري ليتوفي بعد عشر سنوات من عودته فقيرا ومريضاً. لكنه اختار أن يكتب لأن الكتابة موقف إنساني ووطني! كتب في أخريات أيامه: «لقد رأيت مستوطنين بيض في جنوب افريقيا ممن أقسموا بأنهم لن يجلسوا قط في طاولة تجمعهم باولئك (القذرين السود) ! لكنهم جلسوا مع رجال القبائل السود شبه العراة عندما تحررت جنوب افريقيا. إنها السلطة التي تغير السلوك وتحول الكراهية إلى عاطفة!». لا يمكن للإبداع ان يكون للمتعة وتزجية الفراغ. هذه مهمة يمكن مزاولتها بين البيت والمكتب إن كان الأمر كذلك. الكاتب الذي يختار كالبهلوان سكة السلامة هو أفشل من يمسك بالقلم ليقول للقارئ إن عالمه جميل إذ يختار طريقا بين، بين ! اختار محمود درويش، طريقاً وعراً، لأن الطريق الوسط في فلسطين غير متاح، وخاصة لشاعر تقول موهبته منذ نعومة أظفاره أنه ولد ليكون صوت القضية وضميرها. كانت أشعاره منذ (بين ريتا وعيوني بندقية)، مروراً بـ«بيروت..بيروت» و«تلك صورتها وهذا انتحار العاشق» وانتهاء بـ «لماذا تركت الحصان وحيدا؟» كانت أشعاره تدخل أروقة الكنيست وأضابير أجهزة الموساد دون إذن. وكان درويش يدفع نظير المنفى والحب القاسي لبلد مغتصب وشعب مخيمات- كان يدفع عافيته.. لكنه اختار الموقف. كتب يقول: من أي ريحٍ جئتِ ؟ قولي ما اسم جرحكِ أعرف الطرقَ التي سنضيعُ فيها مرتينْ وكلَّ نبضٍ فيكِ يوجعني ويرجعني إلى زمنٍ خرافي ويوجعني دمي والملح يوجعني…ويوجعني الوريد !!


التغيير
٢٤-٠٧-٢٠٢٥
- التغيير
فيلم «ملكة القطن» للمخرجة السودانية سوزانا ميرغني يشارك في مهرجان فينيسيا السينمائي
ويُعد اختيار فيلم 'ملكة القطن' إنجازًا كبيرًا للمخرجة سوزانا ميرغني، التي أثبتت مهارتها في صناعة الأفلام وتصوير القصص الإنسانية. يعكس الفيلم رؤية فنية متميزة واهتمامًا بقضايا المجتمع السوداني. اُختير فيلم 'ملكة القطن' للمخرجة السودانية سوزانا ميرغني للمشاركة في مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي، ضمن فعاليات أسبوع النقاد الذي يُقام على هامش النسخة الـ82 من المهرجان. ويتنافس الفيلم ضمن سبعة أفلام في المسابقة، مما يعكس التقدير العالمي للفيلم السوداني. تدور أحداث الفيلم في قرية سودانية تعتمد على زراعة القطن، حيث تواجه البطلة نفيسة صراعًا حول مصير القرية ومستقبل أرضها مع وصول رجل أعمال سوداني شاب يحمل بذورًا معدلة وراثيًا. يتناول الفيلم قضايا بيئية واقتصادية واجتماعية مهمة، مما يجعله فيلمًا ذا قيمة فنية وإنسانية عالية. مهرجان فينيسيا يُقام مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي في الفترة من 27 أغسطس إلى 6 سبتمبر في فينيسيا، إيطاليا. يتنافس الفيلم على جائزة أسد المستقبل بقيمة 100 ألف دولار، مما يعكس الأهمية الكبيرة التي يوليها المهرجان للأفلام المشاركة. ويُعد اختيار فيلم 'ملكة القطن' إنجازًا كبيرًا للمخرجة سوزانا ميرغني، التي أثبتت مهارتها في صناعة الأفلام وتصوير القصص الإنسانية. يعكس الفيلم رؤية فنية متميزة واهتمامًا بقضايا المجتمع السوداني. ويتوقع أن يحظى الفيلم باهتمام كبير من قبل النقاد والجمهور في مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي. وسيكون الفيلم فرصة لتعريف العالم بقضايا البيئة والزراعة في السودان، وهو فرصة لتعزيز التبادل الثقافي بين السودان والعالم. ويعرض لسوزان ميرغني فيلمها الروائي الطويل الأول 'ملكة القطن' (2025)، بعد سنوات من العمل الإبداعي والبحث البصري الذي قادها من أرشيفات الذاكرة النسائية في السودان إلى أروقة كبرى المهرجانات السينمائية في العالم، وعلى رأسها مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي في نسخته الـ82، حيث يشارك الفيلم ضمن أسبوع النقاد الدولي، وينافس على جائزة الأسد الذهبي لأفضل عمل أول أو ثانٍ. صوت نسوي بملامح هجينة سوزانا ميرغني ليست اسماً جديداً على خارطة السينما المستقلة. فهي كاتبة ومخرجة ومنتجة سودانية روسية، تميزت بأعمالها التي تمزج بين الحكايات المحلية وقضايا المرأة، حيث انطلقت نحو العالمية عبر فيلمها القصير 'الست' (2020)، الذي نال جائزة كانال بلس في مهرجان كليرمونت فيراند السينمائي للأفلام القصيرة، إلى جانب عشرات الجوائز في مهرجانات أخرى. ثم عادت عام 2021 لتُقدّم فيلم 'الصوت الافتراضي'، والذي عُرض في مهرجان ترابيكا السينمائي، مؤكدة مرة أخرى على بصمتها الفريدة كصانعة أفلام تتمسك بالسرد النسوي، وتجمع بين الحس الشعري والواقعية النقدية. وفي عام 2022، كلّفها غاليري سيربنتين بإخراج فيلم وثائقي عن الفنانة التشكيلية السودانية البارزة كامالا إسحاق بعنوان 'كاملا إبراهيم إسحاق: حالات تفرّد'، وهو عمل أرّخ لبصمة فنية نسوية في السودان بصريًا وجماليًا. حكاية من أرض الحلم فيلم 'ملكة القطن' هو استكمال بصري وفكري لثيمة سوزانا المفضلة: المرأة السودانية. وتعود جذوره إلى عالم فيلمها السابق 'الست'، لكنه هذه المرة يتخذ من الطابع الروائي الطويل فضاءً رحبًا لبناء قريةٍ سودانية من القطن والحلم والمواجهة. نفيسة، بطلة الفيلم، فتاة مراهقة نشأت في قرية تعيش على زراعة القطن، وقد تربت على قصص الجدة عن مقاومة الاستعمار البريطاني، وأسطورة 'ملكة القطن' التي تحولت إلى مرجعية طفولية لها. لكن، ما أن يصل رجل أعمال سوداني شاب يحمل بذورًا معدلة وراثيًا، حتى تدخل نفيسة في صراع خفي لا ينفصل عن أسئلة الأرض، والهوية، والاستقلال. الفيلم لا يقتصر على التوتر بين التراث الزراعي المحلي والرأسمالية الزراعية المعولمة، بل يفتح جرحًا آخر أعمق، حين يقرر رجل الأعمال التقدّم لخطبة نفيسة، لتجد البطلة نفسها في مواجهة قاسية مع قضية الزواج القسري وزواج القاصرات، في مجتمعٍ لا يزال متأرجحًا بين موروث العادات وأحلام التغيير. من الهامش إلى فينيسيا نظراً لغياب البنية التحتية لصناعة السينما في السودان، وجدت سوزانا نفسها مضطرة للانتقال إلى قطر، حيث تعاونت مع معهد الدوحة للأفلام للتخطيط والإنتاج. هناك، في مساحة من الدعم المهني، بدأت ملامح الفيلم تتكوّن، مع إصرار من سوزانا على أن تقدم للعالم سينما سودانية نسوية، قادرة على قول الحقيقة بلغتها الخاصة. وتعليقًا على عرض 'ملكة القطن' في فينيسيا، قال المخرج السوداني محمد كردفاني: 'سعيد باختيار فيلم سوزانا، خصوصًا أنني كنت شاهدًا على ولادة هذا المشروع ومراحل تطويره. فخور أن السودان، رغم الحرب، لا يزال ينتج سينما بمستوى عالمي'. المرأة السودانية كبطلة 'ملكة القطن' لا تحكي فقط قصة فتاة، بل تستحضر تاريخًا طويلًا من المقاومة النسائية في السودان، وتحاول إعادة تقديمه بصريًا بطريقة حداثية. إنه فيلم عن البذور؛ بذور القطن، وبذور الأساطير، وبذور الوعي. وفي حديث لها لمجلة فاريتي، قالت ميرغني: 'لدينا الكثير من الأفلام الوثائقية عن النساء في السودان، وكانت ضرورية في وقتٍ ما، لكنّ الثقافة تغيرت الآن. علينا أن نسمح للسودانيات بصناعة أفلامهن الخاصة'. سوزانا، التي تمارس الكتابة الشعرية أيضًا، نشرت قصيدتها الشهيرة 'خصائص سلوكية للسودانيين' في مجلة 'مزنة'، والتي عكست وعيًا سياسيًا وثقافيًا بالمجتمع السوداني. ويبدو أن هذا الحس الشعري يتسرّب بهدوء إلى أفلامها، فيعطيها أبعادًا تتجاوز الحكاية التقليدية. نحو سينما سودانية مستقلة 'ملكة القطن' ليس مجرد فيلم عن فتاة من الريف السوداني، بل هو بيانٌ فني عن أهمية التمثيل النسوي في السينما، وعن قدرة السودان، حتى في ظل الحرب، على إنتاج أعمالٍ بمستوى عالمي. سوزانا ميرغني، بصبرها وشغفها، تفتح الباب لأجيال جديدة من صانعات الأفلام السودانيات، وتؤكد أن الحكايات السودانية تستحق أن تُروى — لا كتراث، بل كحياة مستمرة.


التغيير
٣١-٠٥-٢٠٢٥
- التغيير
وداعاً نغوجي واثيونغو
عمر الدقير أعلنت عائلة الأديب الكيني نغوجي واثيونغو وفاته، أول أمس الأربعاء ٢٨ مايو ٢٠٢٥، بعد معاناة مع مشاكل صحية في الكلى. لم يكن نغوجي واثيونغو مجرد روائي بارع ظل اسمه يتردد خلال مواسم الترشيح لجائزة نوبل للأدب، بل كان صوتاً قوياً في بريّة الهيمنة الثقافية واللغوية، مُشهِراً قلمه سيفاً في مواجهة هذه الهيمنة، ومعتصماً بالمسرح خندقاً لمقاومتها. هو الذي أعلن المقاومة من رحم الأدب، معتبراً اللغة ساحة المعركة الأولى للتحرر ومؤكداً أن 'اللغة ليست مجرد وسيلة تواصل، بل وسيلة تفكير وتصوّر للعالم. حين نُقصَى عن لغتنا، نُقصَى عن ذواتنا'، فكان أنْ هجر الكتابة باللغة الإنجليزية وكتب بلغته الأم 'الكيكويو' معتزاً بها، ومبرهناً على قدرتها على حمل الأفكار والرؤى، ومُصرّاً على أن تُترجم أعماله منها لا إليها.. كما ألّف العديد من المسرحيات وأنشأ مسرح 'كمريثو' وسط القرى الكينية النائية ليشعل شموع الوعي في مناطق التهميش والنسيان، لكن ذلك لم يكن بلا ثمن؛ ففي عام ١٩٧٧ اعتُقِل على إثر مشاركته، مع عمالٍ ومزارعين من قريته، في عرض مسرحية 'سأتزوج عندما أريد' التي كانت دفاعاً عن حقوق المزارعين والعمال والنساء في مواجهة السلطة والكنيسة.. وفي داخل المعتقل – حيث ينعدم الورق – استخدم لفافات مناديل الحمّام لكتابة رواية 'الشيطان على الصليب' بلغة 'الكيكويو'. لم تكن قضية نغوجي محلية كينية، بل كان من أنصار الأفروعمومية (Pan-Africanism)، داعياً إلى إحياء اللغات والثقافات الإفريقية وربطها برؤية مشتركة، وموقناً بأن نهضة أفريقيا يجب أن تكون على أساس قاري جماعي. منذ أن نشر روايته الأولى 'لا تبكِ أيها الطفل'، مروراً بـ 'حبة قمح' و'بتلات الدم' وكتاب 'تصفية استعمار العقل' – الذي يمثل زبدة مشروعه الثقافي، والذي ترجمه للعربية الشاعر العراقي سعدي يوسف – سَخّر نغوجي قلمه لمقاومة 'الاستعمار الجديد' بكل تجلياته. جسّد بأعماله العديدة والمتنوعة النسخة الأكثر نضجاً من أدب الهوية الأفريقية، متخذاً من اللغة أداةً للتحرر، ومن الأدب منصةً للكرامة. رغم أن نغوجي لم يقتفِ آثار تيار 'الزنوجة' في الأدب الفرنكفوني الذي أطلقه ليوبولد سنغور وإيمي سيزير وليون داماس في ثلاثينيات القرن الماضي، إلا أن مشروعه الأدبي والثقافي تلاقى مع هذا التيار في صرخة الاعتراف بالذات والاعتزاز بالهوية الأفريقية. لكنه سرعان ما تجاوز ذلك، مؤمناً بأن التحرر لا يكتمل بمجرد الاعتزاز بالذات، بل أيضاً بلغة الذات ومعارفها وثقافتها وبيئتها، دون أن يعني ذلك الانغلاق والقطيعة مع المعارف والثقافات الإنسانية الأخرى.. لم يتحمّس نغوجي لميل تيار 'الزنوجة' للرمزية، وانحاز إلى أدب شعبي ثوري مباشر يخاطب الناس بلغتهم ويحرض على التحرر. برحيل نغوجي واثيونغو تفقد أفريقيا أحد أعظم المدافعين عن ذاتها الثقافية وحقها المشروع في التقدّم من موقع الندية لا التبعية.. سيحتضن الأسلاف ابنهم التحرري ويحتفون به؛ أما الأحياء، فقد ترك لهم إرثه المعرفي والأدبي مساهمةً منه في السعي من أجل كرامة ونهضة أفريقيا الأم. لروحه السلام.