logo
حديث الجمعة : (( يحذر المنافقون أن تنزّل عليهم سورة تنبّئهم بما في قلوبهم قل استهزءوا إن الله مخرج ما تحذرون ))

حديث الجمعة : (( يحذر المنافقون أن تنزّل عليهم سورة تنبّئهم بما في قلوبهم قل استهزءوا إن الله مخرج ما تحذرون ))

وجدة سيتيمنذ 2 أيام
حديث الجمعة : (( يحذر المنافقون أن تنزّل عليهم سورة تنبّئهم بما في قلوبهم قل استهزءوا إن الله مخرج ما تحذرون ))
من المعلوم أن الله تعالى صنَّف في فاتحة سورة البقرة عباده إلى متقين يؤمنون بالغيب ، ويقيمون الصلاة ، وينفقون مما رزقهم ، ويؤمنون بما أنزل على رسوله صلى الله عليه وسلم ، وبما أنزل على من سبقوه من المرسلين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، وهم موقنون بالآخرة ، وأثنى عليه بصفة الهداية ونعمة الفلاح ، وإلى كافرين لا يؤمنون به سواء أُنذِروا أو لم يُنذَروا ، وجعل قلوبهم مختوما عليها، والغشاوة على سمعهم وأبصارهم ، وإلى منافقين يدّعون كذبا الإيمان بالله واليوم الآخر ، وهم يخادعون بذلك أنفسهم دون شعورمنهم ، وقد زاد قلوبهم نفاقا على نفاقهم ، ويدعون الصلاح والإصلاح وهم فاسدون مفسدون ، ويعتبرون الإيمان سفاهة وهم السفهاء ، كما أنهم يدعون الإيمان في علانيتهم وإذا خلوا إلى بعضهم استهزءوا بالمؤمنين والله مستهزىء بهم ،وممدهم في طغيانهم وهم في تردد وحيرة من أمرهم ، وقد خسرت تجارتهم بمقايضتهم الهدى بالضلالة ، ووصفهم سبحانه وتعالى بالصَّمَم والبَكاَمة والعَمَى بعدما مثّل لهم بِحال الذي يستوقد النار، فتضيء ما حوله، لكنها سرعان ما تخبو، فيسود حوله الظلام من جديد ، وبحال من يمشون في ليل مظلم ممطر تنقشع ظلمته ببرق خُلّب ثم تسود من جديد ، وهم يضعون أصابعهم في آذانهم مخافة الموت حذر صواعقه ، وهذان تمثيلان لحالهم وهم يسمعون من رسول الله صلى الله عليه وسلم آيات الذكر الحكيم تتلى عليهم ، و لكنهم لا يفيدون منها شيئا كما لا يفيد مستوقد النار من إنارتها حين تخبو ، ولا من ضوء البرق الخاطف .
والملاحظ في هذا التصنيف الإلهي للخلق أنه جمع بين الكافرين والمنافقين في صفات الصَّمم والبَكَامة والعَمَى مع إسهاب وزيادة في وصف المنافقين .
ولقد سمى الله تعالى سورا من كتابه الكريم باسم كل فئة : مؤمنون، وكافرون، ومنافقون ، ولا يخلو في العديد من غيرها ذكرهم وسرد أوصافهم ، وأحوالهم . ولقد فضح الله تعالى المنافقين في سورة التوبة ، وسميت لذلك بالفاضحة ، و قد عدد فيها أحوالهم بعبارة : » ومنهم » التي تكررت فيها عدة مرات، والضمير عائد عليهم. ومن آياتها هذه السورة ، الآية الرابعة والستون التي يقول فيها الله عز وجل : (( يحذر المنافقون أن تنزَّل عليهم سورة تنبئهم بما في قلوبهم قل استهزءوا إن الله مخرج ما تحذرون )) ، وقد جاء في سبب نزول هذه الآية أن المنافقين كانوا يجلسون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ،يستمعون ما يتلوه عليهم من الذكر الحكيم فيظهرون صدق الإنصات إليه ، والاهتمام به ، وهم يخفون الاستهزاء به وبما يتلى عليهم ، و في نفس الوقت يحذرون نزول ما يفضحهم من القرآن الكريم ، وقد تعهد الله تعالى بالكشف عما كانوا منه يحذرون ، وجعله قرآنا يتلى إلى آخر الزمان.
ومعلوم أن الله عز وجل لم يذكر الفئات الثلاث : مؤمنين ، وكافرين ، ومنافقين في الرسالة الخاتمة الموجهة إلى العالمين حتى تقوم الساعة لمجرد قص أخبارهم على من سيأتي بعدهم ، بل لأن هذه الفئات ستتكرر في كل زمان ، وفي كل مكان إلى يوم الدين . وقد تتباين أحوالهم في هذه الحياة الدنيا إلا أنهم لا تنفك عنهم صفاتهم التي وصفهم بها الله تعالى، بل هي تلازمهم ما لم يغيروا ما بأنفسهم من إيمان أو كفر أو نفاق .
و ليست العبرة بسبب نزول هذه الآية ، بل العبرة بعموم لفظها ككل آي القرآن الكريم ، وبذلك ينسحب حكمها على فئة النفاق في كل زمان وفي كل مكان إلى أن يرث الله عز وجل الأرض ومن عليها . ولن تنفك عن هذه الفئة صفاتها التي وصفها بها الله عز وجل من إبطان للكفر ، وإظهار للإيمان ، وحيرة وتردد بينهما، وخداع للمؤمنين ، والسخرية منهم ، والحذر من أن يفضحهم الله تعالى أمام المؤمنين ، وهو فاضحهم لا محالة كما تعهد بذلك ، والله تعالى لا يخلف الميعاد.
مناسبة حديث هذه الجمعة هي تحذير المؤمنين من آفة النفاق سواء وقعوا فيه دون وعي منهم أو قصد أو ابتلاهم الله تعالى بأهله ، فانخدعوا بهم إلى أن يفضحهم الله تعالى ، ويكشف ما يبطنون وما يخفون . ولنا في واقعنا المعيش من الدلائل الدامغة على وجود هذه الفئة بين المؤمنين في كل بلاد الإسلام دون استثناء ، وخارجها أيضا ما بكفي للتأكد من خطورتها على الإسلام وعلى هوية أهله . وبالأمس فقط طلعت علينا وسائل التواصل الاجتماعي نقلا عن وسائل الإعلام بمجموعة من المحسوبين على الدعوة إلى الله حسب ادعائهم وهم يزورون رئيس الكيان الصهيوني ، وهو مسؤول الأول مع غيره من المسؤولين عن جرائم الإبادة الجماعية التي ترتكب في حق الفلسطينيين نساء، ورضعا ،وأطفالا، وشيوخا عجزة ، وقد مدحوه ، وأثنوا عليه ثناء جميلا ، ووصفوه برجل السلام ،سخرية بضحايا الإبادة ، بل وأنشدوا في حضرته الأناشيد الدينية ،وصافحوه ، وعانقوه بحرارة ، وكل ذلك مما تعهد الله تعالى بفضحه والكشف عنه في محكم التنزيل ، وقد أنجزه وعده كي يطلع عليه المؤمنون في كل شبر من المعمور وعلى أوسع نطاق عبر وسائل التواصل الاجتماعي .
وليست هذه الفئة وحدها من كشف الله تعالى ما تخفي من كره لدينه وحقد على أهله ، بل كل الذين يطعنون في مصداقية كتابه الكريم ، و في مصداقية سنة رسوله صلى الله عليه وسلم المشرفة ، أو يحاولون تعطيلها تحت ذرائع لا يخفى ما فيها من مكر وخبث ،أو يسوقون لما يخالفهما من شرائع وأحوال مناقضة لما شرع سبحانه وتعالى ، أومفسدة للفطرة التي فطر عليه خلقه … إلى غير ذلك من المكائد ما ظهر منها وما بطن .
و إنه ليوشك الذين أوكل الله إليهم بيان ما شرع للمؤمنين في محكم تنزيل ، وفيما سنه رسوله صلى الله عليه وسلم بوحي منه أن يقعوا إما خائفين أو طامعين في شيء من عرض الدنيا الزائل أومتعمدين وعن سبق إصرار في آفة النفاق سواء بسكوتهم عن منكرات لا يجب السكوت عنها أو بتورطهم أو بمشاركتهم في شيوعها بين المؤمنين بشكل أو بآخر خدمة لأعداء دين الله عز وجل ، ودعما لتيارات الفساد والإفساد في بلاد الإسلام .
وعلى المؤمنين اتقاءً للوقوع في آفة النفاق العمل بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم في إنكار المنكرات كل حسب قدرته ووسعه ، وتخصصه، وليس بعد إنكارها بالقلوب ـ وهو أضعف الإيمان ـ رتبة أو درجة يمكن أن يعذر بها المعتذرون عن القيام بهذا الواجب المفروض شرعا .
اللهم إنا نبرأ إليك من آفة النفاق، و من المنافقين في هذا الزمان ، ونعوذ بك منها ، ومما يوقع فيها من قول أو عمل . اللهم اصرف هذا البلاء الوخيم عن سائر بلاد الإسلام والمسلمين ، وبصرهم اللهم به كي يحذروه ، ويتجنوا سبله .
والحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات ، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

هاشتاغز

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الإمام الحسين (ع) في الزيارات المأثورة
الإمام الحسين (ع) في الزيارات المأثورة

شبكة النبأ

timeمنذ 23 دقائق

  • شبكة النبأ

الإمام الحسين (ع) في الزيارات المأثورة

هذا البحث بمثابة دعوة وتحفيز لكافة البشرية بأن تتوجه نحو الزيارات وتطرق بابها العظيم لكي تطلع على الكنوز الثمينة فيها. البحث يساهم إلى حد ما في فهم الزيارات المأثورة الواردة في أهل البيت ويُطلع القارئ على بعض مقاصدها. البحث يساهم إلى حد ما في معرفة الزائر بالمزور... كُتبت حول الإمام الحسين (عليه السلام) كثيراً من البحوث ومن زوايا متعدّدة، وساهم كل منها في بيان جانب من بحر عظمته الواسعة التي لا يبلغ الخلق ساحلها المترامي الأطراف. وبالرغم من كثرة ما كُتب حول الإمام الحسين (عليه السلام) ووفرته إلا أنه مازال هناك مجالاً واسعاً للكتابة والبيان حوله، فالإمام الحسين (عليه السلام) فوق من أن يحدّ بمداد الأقلام، وأعظم من أن يحاط بعقول البشر المحدودة. ومن الأبواب التي قلّ طرقها في معرفة الإمام الحسين (عليه السلام) وبيان عظمته المترامية الأطراف -رغم أهميّة ذلك الباب وامتيازه على كثير من الأبواب الأخرى التي طرقها الباحثون- هو باب الزيارات المأثورة الواردة عن أهل البيت (عليهم السلام)، فلم أجد بحثاً مستقلاً يبيّن لنا من هو الإمام الحسين (عليه السلام) بمنظار الزيارات المأثورة الواردة عن أهل البيت (عليهم السلام) رغم كثرتها. قد يُقال: هناك كثير من الأبحاث طرقت باب زيارات سيّد الشهداء (عليه السلام) وتعرّضت إلى مضامينها الرفيعة عبر العصور المختلفة. وفي جوابه يقال: ما كُتب في شرح زيارات الإمام الحسين (عليه السلام) هو بيان لمضامين الزيارات بشكل عام وغير مختص بتعريف المولى أبي عبدالله (عليه السلام) فقط، أضف إلى ذلك هناك بعض الزيارات لم نجد لها شرحاً. والأهم من ذلك كلّه أنّ هذا البحث يطلع القارئ على أبعاد مختلفة من الزيارات حول الإمام الحسين (عليه السلام) ويفتح له آفاقا جديدة لها مدخلية خاصة في تزويد الموالين بمعرفة من نوع آخر بأبي الأحرار (عليه السلام) الذي أُكد على زيارته عن معرفة. لماذا هذا البحث؟ قد يتساءل البعض عن السبب في كتابة هذا البحث حول الإمام الحسين (عليه السلام) رغم كثرة البحوث التي كُتبت حوله ووفرتها وجودتها؟ وفي جواب هكذا تساؤل نقول: هناك عدّة أمور قادتني إلى كتابة هذا البحث وهي: أولاً: أنّ هذا البحث بمثابة دعوة وتحفيز لكافة البشرية بأن تتوجه نحو الزيارات وتطرق بابها العظيم لكي تطلع على الكنوز الثمينة فيها. ثانياً: أنّ البحث يساهم إلى حد ما في فهم الزيارات المأثورة الواردة في أهل البيت (عليهم السلام) ويُطلع القارئ على بعض مقاصدها. ثالثاً: أنّ البحث يساهم إلى حد ما في معرفة الزائر بالمزور -أي المولى أبي عبدالله الحسين (عليه السلام) - ويرفع من مستوى اطلاعه على مفردات الزيارات المأثورة. من هو الإمام الحسين (عليه السلام)؟ عرفت الزيارات المأثورة الإمام الحسين (عليه السلام) وبيّنت عظمته بأنحاء مختلفة ومن ذلك: التعريف بالاسم، ففي أكثر من زيارة عرف الإمام باسمه ومن ذلك: السَّلَامُ عَلَيْكَ‏ يَا حُسَيْنَ‏ بْنَ‏ عَلِيٍ(1). وفي الأخبار الشريفة أنّ الله انتخب له هذا الاسم على لسان نبيّه الأكرم (صلى الله عليه وآله)، والشواهد على ذلك كثيرة منها أنّ النبي (صلى الله عليه وآله) دخل على فاطمة (عليها السلام) فأقرأها من الله السلام، وقال لها: يا بنيّة سمّيه‏ الحسين‏ فقد سمّاه الله الحسين. فقالت: من مولاي السلام وإليه يعود السلام والسلام على جبرئيل، وهنأها النبي (صلى الله عليه وآله)(2). وهذا الاسم كاسم نبي الله يحيى (عليه السلام) لم يسم به أحد من قبله، ففي الحديث عن عبد الخالق بن عبد ربّه، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: لم يجعل الله له‏ من قبل سميّاً الحسين بن علي (عليه السلام) لم يكن‏ له‏ من‏ قبل‏ سميّاً(3). نسب الإمام الحسين (عليه السلام) قبل أن نذكر الزيارات المأثورة التي تعرّضت إلى نسب الإمام الحسين (عليه السلام) ينبغي أن نجيب على تساؤل وهو: ما هو الوجه في تركيز الزيارات المأثورة على نسب الإمام الحسين (عليه السلام)؟ وفي جوابه يقال: ليس المُراد بذلك هو بيان ماهو نسب الإمام الحسين (عليه السلام)، لأنّ ذلك لا يخفى على أحد، بل المقصود بذلك هو أنّ الإمام الحسين (عليه السلام) ينحدر من هكذا نسب طاهر وسلالة طيّبة لا تضاهيها سائر الأنساب ولاتبلغ من الشرف رتبتها. وعلى كل فقد تناولت الزيارات نسب الإمام الحسين (عليه السلام) على نحوين: النحو الأول: التعريف العام لنسبه حيث عرفته الزيارات بأنّ ينحدر من خيرة الأنساب وأطهرها ومن ذلك: ما ورد في الزيارة الناحية: السَّلَامُ عَلَيْكَ وَعَلَى آبَائِكَ‏ الطَّاهِرِين (4) ‏. النحو الثاني: التعريف الخاص لنسب الإمام الحسين (عليه السلام) وبيانه بالتفصيل ومن ذلك: والد الحسين (عليه السلام) عرّفت الزيارات المأثورة الإمام الحسين (عليه السلام) من حيث الأب تارة بالاسم، وأخرى باللقب، وتارة بالصفات، وهذا الاختلاف والتنوع في البيان والألفاظ ليس هو نوع من الترف الأدبي بل هناك مقاصد ومعاني عميقة عديدة قصدها المعصوم (عليه السلام) من هذا الاختلاف في الألفاظ والعبارات وإن اجتمعت جميعها في إثبات أبويه أميرالمؤمنين (عليه السلام) للإمام الحسين (عليه السلام). ففي بعض الزيارات: وَأَشْهَدُ أَنَ‏ أَبَاكَ‏ عَلِيَ‏ بْنَ أَبِي طَالِبٍ(5). وفي بعضها: السَّلَامُ‏ عَلَيْكَ‏ يَابْنَ‏ عَلِيٍ‏ الْمُرْتَضَى(6). وفي بعضها: السلام عليك يا ابن أميرالمؤمنين(7). وفي بعضها: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَ ابْنَ‏ سَيِّدِ الْوَصِيِّينَ(8)‏. وفي بعضها: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَلِيَّ اللَّهِ وَ ابْنَ‏ وَلِيِّهِ (9). وفي بعضها: السَّلَامُ عَلَيْكَ... وَابْنُ‏ خَلِيفَةِ رَسُولِ‏ اللَّهِ (10). وفي بعضها: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مَوْلَايَ الشَّهِيدَ بْنَ‏ الشَّهِيدِ (11). وفي بعضها: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ‏ يَعْسُوبِ‏ الدِّينِ (12). والدة الحسين (عليه السلام) نصّت الزيارات المأثورة على أنّ والدة الإمام الحسين (عليه السلام) هي فاطمة الزهراء (عليها السلام) سيدة نساء العالمين، وهو شرف عظيم ومقام كريم له، فقد جاء في الزيارة: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ سَيِّدَةِ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ (13). وكان الإمام الحسين (عليه السلام) يعتبر أن انتسابه إلى الصديقة الزهراء (عليها السلام) شرفاً ومنزلة، ولذا كان يذكر القوم في يوم عاشوراء بذلك ويقول: أنشدكم الله هل تعلمون أنّ أمي فاطمة بنت محمد؟ فقالوا: اللهم نعم (14). الحسين ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله) عرّفت الزيارات المأثورة نسبة الإمام الحسين (عليه السلام) إلى جدّه رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعناوين متعددة ومنها: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ‏ مُحَمَّد الْمُصْطَفَى (15). وفي بعضها: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابن رَسُولِ اللَّهِ (16). وفي بعضها: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ‏ خَاتِمِ‏ النَّبِيِّينَ (17). وفي بعضها: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ‏ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ (18)‏. وفي بعضها: كُنْتَ‏ لِلرَّسُولِ‏ وَلَداً (19) وفي بعضها: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ‏ الْبَشِيرِ النَّذِيرِ (20). وفي بعضها: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ‏ بَقِيَّةِ النَّبِيِّينَ (21). وكما ذكرنا أنّ الاختلاف في الألفاظ له مقاصده وأهدافه العظيمة، فإنّ الألفاظ المذكورة وإن كانت تجتمع في إثبات أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) هو جد الحسين (عليه السلام)، ولكنها تختلف في مقاصدها، فإنّ اللفظ الذي يثبت أن الحسين (عليه السلام) ابن خاتم النبيين يختلف في دلالته وإيحاءاته على اللفظ الذي يثبت أنه ابن البشير النذير، وتفصيل ذلك يوكل إلى محله. الإمام الحسين (عليه السلام) ابن خديجة الكبرى (عليها السلام) من الأمور التي عرّفت الزيارات المأثورة الإمام الحسين (عليه السلام) بها أنّه ابن السيّدة خديجة الكبرى، ومن ذلك: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ‏ خَدِيجَةَ الْكُبْرَى (22). وفي بعضها: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ‏ خَدِيجَةَ الْكُبْرَى‏ أُمِ‏ الْمُؤْمِنِينَ (23). وهذه مفخرة ما فوقها مفخرة أن ينتسب الإمام الحسين (عليه السلام) إلى السيدة خديجة أُمّ المؤمنين (عليها السلام) وزوج النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله). الإمام الحسين (عليه السلام) أخو الإمام الحسن (عليه السلام) عرّفت بها الزيارات الإمام الحسين (عليه السلام) على أنه أخ الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام) وذلك بعبارات مختلفة، ومن ذلك: أَنَا يَا سَيِّدِي مُتَقَرِّبٌ إِلَى اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ وَإِلَى جَدِّكَ رَسُولِ اللَّهِ وَإِلَى أَبِيكَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَإِلَى‏ أَخِيكَ‏ الْحَسَنِ‏ (24). وفي بعضها: وَكَذَلِكَ أَخُوكَ‏ الْحَسَنُ‏ بْنُ عَلِيٍّ صَلَوَاتُ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِه (25). وفي بعضها: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَخَا الْحَسَنِ (26). وفي بعضها: السَّلَامُ عَلَى أَخِيكَ وَشَقِيقِكَ‏ الْحَسَنِ (27). ومن المسلّم به أنّ من مفاخر الإمام الحسين (عليه السلام) أيضاً أنه أخ للإمام الحسن (عليه السلام) وهذا لا يحتاج إلى دليل ولكنّا نشير إلى بعض الشواهد على ذلك: عن الإمام الحسين (عليه السلام)، قال: دخلت أنا وأخي‏ الحسن‏ على جدّي رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فأجلسني على فخذه وأجلس أخي على فخذه الآخر وقبّلنا، وقال: بأبي وأمّي أنتما من إمامين زكيين صالحين اختاركما الله عزّ وجلّ منّي ومن أبيكما وأمكما، واختار من صلبك يا حسين تسعة أئمة تاسعهم قائمهم وكلاكم في المنزلة سواء (28). وفي يوم عاشوراء ناشد الإمام الحسين (عليه السلام) القوم بأن يعرضوا عن قتله وعرفهم بحسبه ونسبه، وكان مما قاله لهم: أتعلمون أنّ‌ في الأرض حبيبين كانا أحبّ‌ الى رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) منّي ومن أخي، أو على ظهر الأرض ابن بنت نبيّ‌ غيري وغير أخي الحسن‌؟ قالوا: لا (29). الفرق بين الأخ والشقيق الجواب: أنّ الأخ لغةً ينقسم إلى قسمين: القسم الأول: أخ شقيق وهو الأخ الذي يلتقي مع أخيه بالأبوين. القسم الثاني: أخ غير شقيق وهو الذي يلتقي مع أخيه بأحد الأبوين. قال في النهاية: شقيق الرجل: أخوه لأبيه وأُمّه، ويجمع على أشقّاء (30). وفي لسان العرب: شقيق الرجل: أخوه لأمه وأبيه (31). ولذلك فإنّ الإمام الحسن (عليه السلام) هو الأخ الشقيق للإمام الحسين (عليه السلام)، أي أنهما يجتمعان في أخوتهما من حيث الأب والأم. ............................................... (1) إقبال الأعمال: 3/341. (2) حلية الأبرار: 4/110. (3) کامل الزيارات: 90. (4) المزار الكبير لابن المشهدي: 498. (5) إقبال الأعمال: 3/70. (6) زاد المعاد: 53. (7) زاد المعاد: 54. (8) کامل الزيارات: 176. (9) إقبال الأعمال: 2/65. (10) إقبال الأعمال: 1/334. (11) کامل الزيارات: 289. (12) بحار الأنوار: 98/236. (13) مصباح المتهجد: 2/773. (14) أمالي الصدوق: 158. (15) مصباح المتهجد: 2/720. (16) کامل الزيارات: 208. (17) البلد الأمين: 281. (18) إقبال الأعمال: 2/712. (19) بحار الأنوار: 98/239. (20) المزار الكبير: 91. (21) بحار الأنوار: 98/237. (22) المزار الكبير: 461. (23) کامل الزيارات: 290. (24) مصباح المتهجد: 1/290. (25) إقبال الأعمال: 2/572. (26) زاد المعاد: 510. (27) بحار الأنوار: 98/371. (28) إعلام الورى: 2/191. (29) الإحتجاج: 2/299. (30) النهاية: 2/492. (31) لسان العرب: 10/183.

دعاء اليوم الاثنين 14-7-2025
دعاء اليوم الاثنين 14-7-2025

الجمهورية

timeمنذ 27 دقائق

  • الجمهورية

دعاء اليوم الاثنين 14-7-2025

«الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرةً وأصيلا» استفتح به رجل من الصحابة فقال -صلى الله عليه وسلم-: عجبت لها ! فتحت لها أبواب السماء»، رواه مسلم. « اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السموات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراطٍ مستقيم»، رواه مسلم، و كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يفتتح به صلاته إذا قام من الليل. «الحمد لله حمدا كثيرا طيّبا مباركا فيه» استفتح به رجل فقال -صلى الله عليه وسلم-: « لقد رأيت اثني عشر ملكاُ يبتدرونها أيهم يرفعها»، رواه مسلم.

مقامة طِشّاري
مقامة طِشّاري

موقع كتابات

timeمنذ 29 دقائق

  • موقع كتابات

مقامة طِشّاري

طِشّاري (بكسر الطاء وتشديد الشين) : هي مفردة تستخدم في العراق لتسمية ووصف طلقة الصيد التي تتوزع في عدة اتجاهات , وإذا وصفت جماعة نفسها بهذه الكلمة فهذا يعني بأنها (( مُبعثرة )) , ويرمز بها العراقيون للتشتت والضياع , وقد حاولت الروائية (( إنعام كجه جي )) من خلال رواية (( طِشّاري )) , أن تتناول كارثة الشتات العراقي , في العقود الأخيرة , من خلال سيرة طبيبة عملت في أرياف جنوب العراق في خمسينيات القرن العشرين وأبنائها الثلاثة الموزعين في ثلاث قارات , لاسيما ابنتها البكر التي أصبحت طبيبة أيضًا , وتعمل في المناطق النائية من كندا , وبمواجهة تمزق شمل العائلة يبتكر الحفيد إسكندر مقبرة إلكترونية , جعل لها موقعًا خاصًا على شبكة الإنترنت , دفن فيها الموتى من العائلة حيث يتعذر جمعهم في مقبرة على الأرض , وخصص لكل فرد من أفراد السلالة المتفرقة في قارات العالم قبرًا خاصًا به. تلقي إنعام كجه جي الضوء على قضية الطائفية في العراق , من خلال حكاية (( وردية )) , وصولًا للحرب والتناثر أو التشتت في بلدان الله , من هنا عنوان الرواية , طشاري , لم يعرف رأسُ ورديَّة العباءةَ سوى مرّة واحدة , يوم ذهبَت مع كمالة وخطيبها إلى النجف لشراء سجّادة عجميّة , عباءة من قماش ثقيل أملس ينزلقُ وينزل على كتفيها ويسحل فتتعثّر به , ترتبكُ ولا تعرف كيف تواصل سيرها في السوق , لقد رأت والدتها ترتدي العباءة السوداء عندما كانوا في الموصل , وكذلك كمالة وجولي , أما هي فكانت طفلة , ولما انتقلت العائلة إلى بغداد ذهبَت الى المدرسة الابتدائية بضفيرتين سافرتين , مثل رفيقاتها , خابر سُليمان صديقه آمر موقع الديوانية وأخبره بأن شقيقته قد تعيّنت طبيبة عندهم , سأله : هل عليها أن ترتدي العباءة؟ لو كانت لي ابنة تخرَّجت دكتورة فلن أُغطّيَها بالعباءة. كمطر هادئ ينزّ على أرض عطشى , تهطل ذكريات الدكتورة (( وردية )) على صفحات الرواية , ذكريات تسحبها المؤلفة من ذاكرة بطلتها وتباريح روحها , لتنقشها بأحرف من وجع وشجن في سردها , وتمزجها بالكثير من (( ذهب )) التراث العراقي : الأمثال الشعبية , الأغاني , الأسماء , والمفردات العامية , فالدكتورة (( وردية )) طبيبة عراقية , مسقط رأسها بغداد , وهي مسقط قلبها أيضاً , لكن الحرب وتغيُّر ظروف البلاد تجبرها على الرحيل إلى باريس , بعد أن توزعت عائلتها في كل أقاصي الأرض , (( كأن جزاراً تناول ساطوره وحكم على أشلائها أن تتفرق في كل تلك الأماكن , رمى الكبد إلى الشمال الأميركي وطوّح بالرئتين صوب الكاريبي وترك الشرايين طافية فوق مياه الخليج , أما القلب , فقد أخذ الجزار سكينه الرفيعة الحادة وحزّ بها القلب رافعاً إياه , باحتراس , من متكئه بين دجلة والفرات ودحرجه تحت برج إيفل )) , في باريس , تستقبلها إبنة أخيها, لتصبح العجوز الثمانينية صديقة ابنها (( إسكندر)) ,تحكي له عن العراق , وعن أمنيتها في أن تعود لتدفن في ترابه بعد موتها , يقوم الفتى بإنشاء مقبرة إلكترونية على (( كومبيوتره )) يجمع فيها شتات الأقارب المتوزعين في كل أنحاء العالم , يضع قبوراً للأحياء إلى جوار قبور الأموات , محققاً بذلك حلماً يصعب تحقيقه على أرض الواقع : (( وضعت السماعتين فسمعت موسيقى ناعمة تتناغم مع حركة فأرة الكومبيوتر التي يقبض عليها إسكندر , عرض عليها قبوراً تفنن في تشييدها ,وأقام عليها شواهد ملونة مثل أقواس قزح . تتناول الكاتبة في روايتها تاريخ العراق , منذ الخمسينيات حتى اليوم , بكل مآسيه وأحداثه ومنعطفاته , من خلال ذكريات (( وردية )) الفتاة المسيحية , التي درست الطب في بغداد ثم انتقلت لتعمل في (( الديوانية )) وأحبت الناس هناك وأحبوها , حين لم تكن المذاهب ولا الطوائف لتفرّق بين الناس آنذاك , تتزوج من طبيب يعمل معها في المشفى وتنجب أطفالها , الذين يكبرون ويرحل كلّ منهم إلى وجهة مختلفة , (( ياسمين )) تشحن كطرد بريدي إلى دبي لتتزوج بشخص بالكاد تعرفه , لأنها هددت بالخطف من قبل جماعة تكفيرية , و(( برّاق )) يعيش متنقلاً من بلد إلى بلد بحسب عقد العمل الذي يحصل عليه , أما (( هندة )) التي تحتل قصتها جزءاً كبيراً من السرد , فرحلت مع زوجها بعد ويلات حرب 1991, وعانوا الأمرّين للظفر بتأشيرة للسفر إلى كندا , وبعد وصولهم إلى هناك , بدأت مصاعب من نوع آخر, إذ توجب عليها معادلة شهادتها كي تحصل على عمل , لن تجده إلا في منطقة نائية وبعيدة عن أسرتها. تنقل الإبنة معاناتها إلى أمها من خلال رسائل ترسلها إليها , لتصبح الرسائل جزءاً من تنوّع الأساليب السردية التي استخدمتها (( إنعام كجه جي)) في روايتها , إضافة إلى الفصول المروية على لسان الراوي العالم بكل شيء , والفصول الأخرى المكتوبة على لسان إبنة أخت (( وردية )) , لا يوجد خط زمني صاعد أو هابط للأحداث , فتارة تأخذنا إلى الماضي وتارة تعود بنا إلى الوقت الحاضر , وكأنها أرادت أن يكون شكل روايتها مكتوباً بأسلوب (( طشاري )) الذي أثبتته كعنوان للرواية , ليرمز إلى الشتات العراقي في كل بقاع الأرض , وليكون عنواناً أيضاً لديوان شعري تكتبه إبنة الأخ , يسألها إبنها (( إسكندر)) عن معنى الإسم , تجيبه (( بالعربي الفصيح : تفرّقوا أيدي سبأ )) : ( وهوتعبير بحكم التركيب والمجاز كناية عن التفرّق والانتشار في كل وجه كما تبدّد سبأ وقومه , وأصله من قصة سبأ والسيل العرم الذي خَرّب اليمن وفَرَّق أهلها , ثم جرى مجرى المثل وشاع استعماله وصار تعبيرا اصطلاحيّا لخروجه عن معناه الأصلي إلى هذا المعنى البلاغي فصار له تأثير في النفس ) , وتوضّح أكثر (( تطشّروا مثل طلقة البندقية التي تتوزع في كل الاتجاهات , إنهم أهلي الذين تفرّقوا في بلاد العالم مثل الطلق الطشّاري)) , تنتهي الرواية , فيظلّ القارئ مأسوراً ومسكوناً بالحنين , الحنين الجامح إلى العراق بكل ما فيه , حتى لو لم يكن قد زاره من قبل.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store