
عبد الهادي راجي المجالي : صلاة..
كل جمعة أذهب للصلاة، حين بدأتها كنت طفلا، أجلس في اخر الصف..أركع برشاقة، وأسجد برشاقة أكثر..وأصلي تحية المسجد والسنن.
حين أصبحت شابا، صار من وظائفي أن أعتني بكبار السن، فمن الممكن أن أغير مكاني أثناء الخطبة، كي يأتي رجل ما أو شيخ وقور ليجلس بجانب الحائط ويسند ظهره...كانوا يقولون لي: ( الله يرضى عليك عمي).
مرت الأيام وخطبة الجمعة واحدة لم تتغير، وتعددت الوظائف أيضا..صار منها مثلا: إحضار كرسي جاري (أبو محمود)، "ياما" فقد أبو محود الكرسي الخاص به، و"ياما" بحثت عن كرسيه!!، المشكلة أنه لايرضى بالبديل، وكان يقول لي دوما: ( عمي الكرسي تاعي ازرق)، وأمضي الوقت باحثا عن كرسي (أبو محمود).
من وظائفي أيضا، زجر الأطفال الذين يتهامسون، أثناء الخطبة..كان يكفي أن أرفع إصبعي وأضعه على فمي وأقول لهم: (بس عمو)...فيغادرون إلى زاوية أخرى.
لدي فلسفة أيضا في الصلاة، أن لا أمنح متسولة أو متسولا (بريزة) أو حتى قرشا..هم يجلسون في الخارج ينتظرون أن نمنحهم النقود ولا نعرف هل قاموا بأداء الصلاة أم لا، وكل واحد منهم يستولي على مكان بجانب الباب، ونحن من نصلي...والمشكلة أنهم يدعون لنا، ذات مرة قال لي واحد منهم: ( الله يبعد عنك بنات الحرام وأولاد الحرام )... أعطيته سيجارة لم أكن أحمل مالا.
هذه الجمعة، حين ذهبت للصلاة..أحسست بشيء قد تغير، وجدت مكانا ضيقا في زاوية المسجد، وحاولت الجلوس، متخففا من عناء الكرش، وطول (الدشداشة) التي أرتديها، وحين نادى الشيخ للصلاة، وضع أحد الشباب لي كرسيا، كي أصلي عليه...فوجئت بأني أقف في صف كبار السن، ومن يعانون من (الدسك) وإصابات القدم...لقد وضعوا لي كرسيا في الصلاة، وأنا جلست عليه..وبجانبي كان يجلس (ابو محمود ) جاري...لقد كبرنا يا أبا محمود.
الجمعة التي عبرت، أحسست فيها بالعمر...أحسست أني كبرت بما يكفي... أو لنقل أحسست بأني لم أعد ذاك الشاب، أعذروني على الغياب...ليس جسمي وحده من هرم، لقد هرمت معه المقالات أيضا.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

عمون
منذ ساعة واحدة
- عمون
الحاج ماهر الناصر رئيس غرفة صناعة إربد الأسبق في ذمة الله
عمون - ينعى ال الناصر و عموم عشيرة الخصاونة فقيدهم و احد وجهائهم المغفور له باذن الله تعالى، الحاج ماهر محمد الأحمد الناصر رئيس غرفة صناعة اربد الاسبق وعضو غرفة تجارة اربد الاسبق لعدة دورات. والمرحوم والد كل من محمد ( ابو قاسم) و الدكتور عمر ( ابو نور ) و عبير ( زوجة اسامة محمد حسين بني هاني ) و نجوى ( زوجة المحامي سيف قسيم الروسان ) و لينا. والفقيد شقيق المرحوم القاضي قاسم الناصر (ابو اسامة) والمرحومة آمنة (ام وائل الناصر ) و المرحومة أمينة (ام مازن الناصر ) والمرحومة غادة (ام مهند الناصر ) والمربية الفاضلة عبلة (ام عصام بركات) و المرحومة نجوى (ام علاء الخصاونة) و المرحومة هند (ام عارف الشرايري) و المرحومة الحاجة بسمة الناصر و كفى (ام هاجم التل) . وسيتم تشييع جثمانه والدفن بعد صلاة عصر يوم الاثنين ٤/ ٨ / ٢٠٢٤ من مسجد ايدون الكبير الى مقبرة البلدة. وتقبل التعازي ايام الاثنين بعد انتهاء مراسم الدفن والثلاثاء والاربعاء من الساعة الرابعة عصراً و لغاية الحادية عشر ليلاً للرجال في مضافة آل الناصر / ايدون وللنساء في منزل المرحوم الكائن في اربد شارع قرية الاطفال sos منزل رقم 34. إنا لله وإنا إليه راجعون.

الدستور
منذ 4 ساعات
- الدستور
أهل البيوت النظيفة
ينصح بعض خبراء التربية ألا نقارن أولادنا بأولاد الآخرين؛ فلكلّ ولد طبيعته، وإمكاناته، وفرادته. المقارنة تزرع في نفسه الإحباط، وتزيد من ألمه، ولا تدفعه إلى سباق النجاح. وإن كان لا بدّ منها، فالأجدى أن نقارن أبناءنا بأنفسهم: كيف كانوا؟ وأين أصبحوا؟ ونفسح لهم المجال كي يتفوقوا على ذواتهم مرة تلو الأخرى، حتى يحرزوا التميز الذي يستحقونه. لا أعرف مدى نجاعة هذه النصيحة أو حجم خيبتها. كل ما أعرفه أن المقارنات، في أغلب الأحوال، ترهق النفس، وتترك فيها وخزات لا تندمل. ولهذا كففت، منذ زمن بعيد، عن مقارنة بلدي بالبلدان التي أسافر إليها. تعلمت هذه المهارة النفسية بعد مرارات قاسية، كنت أتحمّص فيها قهرا، كلما رأيت تفوقا أو نجاحا في بلد نستطيع إن أردنا أن نحقق مثله، وربما أكثر. عادةً ما يشعر الناس بالألم حين يقارنون وطنهم ببلدان يزورونها، وقد يصابون بصدمة تحرمهم من الراحة في أوطانهم. هذا، بالطبع، يختلف عن رغبتها في استلهام تجربة ناجحة وننقلها لبلدنا بما يناسبه. لكنني لا أفهم كيف لم نحقق وفرة من النجاحات، رغم أن كثيرا من مسؤولينا يجوبون بلاد الله الفسيحة! ومن زاوية أقرب، لا نقارن أنفسنا بأنفسنا، لا في بلادنا ولا حين نسافر. لماذا يلتزم البعض بقواعد المرور في دبي مثلا، ثم يكسرها بكل استهتار في عمان؟ لماذا نحرص على نظافة المدن التي نزورها، بينما نشوّه بلادنا بنفاياتنا في غابة أو متنزه؟ قبل سنوات، راينا على شواطئ «نعمة بيه» في شرم الشيخ عائلة أردنية سهرت قبالتنا على الرمل الناعم. وقبل أن تغادر، تعاون أفرادها كلهم على جمع نفاياتهم، حتى آخر قشرة بزر. وضعوها في كيس، وساروا به لمسافة تزيد على مئتي متر، حتى وجدوا حاوية نفايات. وفي المقابل، يكفي أن تزور غابة فراس العجلوني في عنجرة أو غابات دبين والصفصافة لترى مئات الأطنان من النفايات تركناها خلفنا دون أن نشعر بشيء من الخجل أو الحزن، ودون حتى أن نسأل أنفسنا بعد نهار طيب في أحضان الطبيعة: كيف يمكن لنا أن نعود إلى هذا المكان مرة أخرى بعد أن زبّلناه؟ لا أريد أن أخوض في سبب انضباطنا خارج الوطن وانفلاتنا فيه، ولا أريد أن أرجع ذلك إلى الخوف من العقوبة وحده، ولا أريد أن أفتّش عن تفسير منطقي لنظافتنا الوسواسية في بيوتنا، وقبولنا بشوارع وأماكن عامة تقشعر الأبدان من قذارتها. ولكني أعتقد أن ثمة شعوراً يلازم بعضنا مفاده أن الوطن فقط، هو بيتك فقط؟ وما وراء البوابة فليأكله الخراب.

الدستور
منذ 4 ساعات
- الدستور
يتكلمون بما لا يعلمون
إن الجاهل بالشيء جاهلٌ به ولو كان من أعلم الناس بغيره، وما علمه بما علم برافعٍ جهله فيما جهل، فالناس قسمان الجاهلون بكل علم، والعاملون، وليس منهم من يعلم كل علم، علمًا بأن أهل الجهل أعرف بجهلهم فلا يتكلمون فيما لا يعلمون، هكذا قالوا، نذكر ذلك عندما نرى من يريد أن يمس وطننا ومجتمعنا ويشكك بموقفنا، ووضحت لنا الصورة شرورهم، قال تعالى (ولا تقفُ ما ليس لك به علمٌ إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولًا) الإسراء . أي على الإنسان أن لا يقول أو يفعل شيئًا بمجرد الظن، وبما ليس لك علمٌ كافٍ به، وليس لديك دليلٌ صحيحٌ على صحته، إن سمع الإنسان وبصره وقلبه، كلّ هذه الأعضاء العالية الفوائد والمنافع، بديعة التكوين، سيسأل الله الإنسان عنها يوم القيامة فيما استعملها، وماذا عمل فيها صاحبها، وسوف تشهد بما قال وكتب وفعل، من خير أو شر. فعلى الإنسان أن لا يختلط عليه المعلوم والمظنون والموهوم، فهناك يجب أن يكون إصلاح اجتماع جليل، حيث يُجنِّب الوطن من الوقوع والإيقاع في الأضرار والمهالك والأزمات، مجدد الاستناد إلى شائعات وأدلة وأخبار موهومة ومفبركة، هدفها الإضرار بمصلحة الوطن والمواطن. وعلى الإنسان أن لا يتكلم بشيء دون علمه به بشكل سليم ودقيق، ولا ينفي شيئًا إلا بعلمه بحقيقة الأمر، ولا يثبته إلا بعلم حقيقي، فهناك من يتكلم بالدين ويستهين بالشرح وفق فكرهم ومعتقداتهم، ولم يكونوا يدركون أن الدين علم، والتدين العملي هو سلوك، وهناك فرق بين علم الدين وبين التدين العملي، وإن علم الدين هو علم كسائر العلوم، له مبادئ وقواعد ومصطلحات ومناهج وكتب وأُسس... إلخ. وإن طريق التعلُّم له درجات مختلفة، كصفوف التعلم بالمدرسة، من الابتدائي إلى الإعدادي إلى الثانوي إلى الجامعي وهكذا، وله أساليبه المختلفة، ومنها الحياتي، ومنها العملي، وهناك مواهب يمنحها الله لكل شخص ليتميّز بها عن غيره بحكم اجتهاده. كذلك السياسة، فالسياسة لها رجال أصحاب خبرة ومعرفة وتجربة وأقدر على التحليل والتقييم لكثير من المواقف والأزمات، فليس من الصح أن تكون السياسة منثورة لكل ما هب ودب، وأن تكون منثورة في المجالس، لكل واحد أن يقول بما لا علم له بحقيقة ذلك الشيء. فهناك من يسعى إلى أن يجعل الكثير يمضي وقته بالقيل والقال الذي لا فائدة منه، ومنهم من يكون الصواب معه، لكنه يطرح العكس ليضع الكثيرين في مواضع الخطأ، ليحمل غيره المسؤولية. أما الجلوس مع المسؤولين فلا مانع من ذلك، ليستمع ويحلل ويقيّم ويتوخى الحقيقة، ومع مرور الأيام نجد البعض يتراجع عن كلامه أو يثبت صحة كلامه، فهناك من جعل من السياسة عملًا يرتزقون منه بأحاديثهم وتحليلاتهم ونقاشهم، وهناك من يسعى إلى المجد عن طريقها، فهم يبحثون عن الصيغة التي يستدرجون بها الأشخاص ويرضى عنها الجميع، والسياسة يجب أن تكون راعيةً لمصالح الشعب، وفي كافة أمور حياته. ونحن نعلم أن هناك من السياسيين من يحوّلون السياسة إلى حِرفة ومهنة، يكسبون منها المجد والمال، ويوهمون الناس بأشياء لا صحة لها، وأن لديهم قدرات ليست عند غيرهم، والأحداث السياسية لا تتوقف، ونجد أنها توثَّق عبر وسائل الإعلام المختلفة، والعقل السياسي كثيرًا ما يرتبط بالحدس الذي لا ينبني على دراسة ممنهجة، بقدر ما هو معرفة تلقائية بالأشياء، فالسياسة حقل للعواطف والمشاعر، يلتقي فيها الإعجاب والانبهار، والغضب، والكراهية، والانتقام، والأنانية، والإخلاص، والخيانة، والخديعة. وللمعرفة السياسية دورٌ كبير في صنع القرار، حيث تحوّل منظرون في العلاقات الدولية إلى مهندسي السياسة الخارجية الأمريكية، على رأسهم هنري كيسنجر، وغيره الكثير، فعلى الإنسان أن يتوخى الحقيقة، سواء كان تعليقه بقضايا الدين أو قضايا السياسة، وأن لا يزج بنفسه في متاهات لا يعرف ولا يعلم من خلفها أو أهدافها، ليقع في المحظور ويُحاسَب عليه.