جعجع: حمل سلاحاً أقوى من البندقية وهو سلاح الفكر
كرّم جهاز الإعلام والتواصل في حزب "القوات اللبنانية" برعاية رئيس الحزب سمير جعجع، الكاتب والمُفكّر السياسي الدكتور نبيل خليفة، تقديراً لدوره ومسيرته ونضاله السياسي وعطائه الفكري، وذلك خلال احتفال أقيم في المركز الثقافي في بلدية جبيل بحضور عضوي تكتّل "الجمهوريّة القويّة" النائبين زياد الحوّاط وغيّاث يزبك، راعي أبرشية البترون المارونية المطران منير خيرالله، الوزير السابق كريم بقرادوني، النائب السابق إيلي كيروز، رئيس حزب الإتحاد السرياني إبراهيم مراد، رئيس حركة التغيير المحامي إيلي محفوض، أمين الداخلية في حزب الوطنيين الأحرار كميل جوزف شمعون، الدكتور عصام خليفة، القاضي بيتر جرمانوس، نائب رئيس اتحاد بلديات قضاء جبيل رئيس بلدية ميفوق الدكتور بشير الياس، مؤسس دار الحوار بشارة خيرالله، منسِّق "حركة تحرُّر" الدكتور علي خليفة، رئيس ائتلاف الديمقراطيين اللبنانيين جاد الأخوي، رئيس جهاز الإعلام والتواصل شارل جبّور، وفاعليات سياسية واجتماعية وثقافية وإعلامية، أصدقاء المكرم وعائلته، بالإضافة إلى حشدٍ من المدعوين والمُهتمّين.
بعد النشيد اللبناني ونشيد القوات، قدّمت للحفل الزميلة جوزيان الحاج موسى. بعدها ألقى رئيس دائرة الإعلام الداخلي في القوات مارون مارون قصيدة بالمناسبة.
جبّور
والقى جبور كلمة قال فيها: "كَرَّمناكَ فَتَكَرَّمنا"، وأضاف: "لماذا طلب الدكتور سمير جعجع تكريم الدكتور نبيل خليفة؟ ثلاثة أسباب أساسية وراء إصرار الحكيم على تكريم النبيل: السبب الأول لأن الدكتور جعجع يعتبر أن الفكر كالصخر، ولأن البناء لا يحصل على الرمل، إنّما على الصخر، فإن بناء الأوطان لا يحصل من دون الفكر، أي الفكر المؤسِّس للأوطان، والفلسفة الموحِّدة للشعوب، ومن أسباب سقوط الهيكل اللبناني ضُعف الفكرة المؤسِّسة أو عدم تعميمها وترسيخها وتثبيتها وتجذيرها بالشكل المطلوب، وهنا بالذات تكمن أهمية فكر الدكتور نبيل خليفة الذي يشكّل، اعتماده، العمود الفقري للجمهورية التي لا تهزها العواصف لا القومية ولا البعثية ولا الخمينية. اما السبب الثاني فهو لأنّ الإنسان الذي يجسِّد صورة الله على الأرض لا يجوز أن يكون سائحًا في هذه الأرض، إنما عليه أن يكون تلميذًا مجتهدًا في صفّ الخالق، فيعطي لهذا الوجود الذي أراده الله المعنى والدور والقيمة، وهي الوزنات التي تحدّث عنها السيد المسيح، وهنا أيضًا يكمن فكر الدكتور خليفة الباحث في عمق الوجود وقدسية الإنسان. والسبب الثالث لإصرار القائد الحكيم على تكريم المفكِّر النبيل توجيه رسالة إلى جميع القواتيين مفادُهَا أنّه بالفكر يحيا الإنسان وتعمَّر الأحزاب، ومن دون فكر يتحوّل الإنسان إلى كائن بيولوجي، وتتحوّل الأحزاب إلى أحزاب سلطة، والسلطة، بمفهوم القوات، هي الوسيلة، لا الهدف، والهدف هو أن يتحصّن لبنان الوطن والإنسان بالفكر النبيل."
وختم "ألف تحية وتحية للدكتور نبيل خليفة."
بقرادوني
ثم كانت كلمة بقرادوني توجه فيها الى المُكرّم خليفة بالقول: "في يوم تكريمك اخترت أن أركّز على سمة هي الابرز وهي صورة المناضل. أنت ناضلت على مختلف الأصعدة وفي عدة مراحل، فكنت المناضل على الصعيد الطالبي، على الصعيد الفكري اللبناني وعلى صعيد الخيارات السياسية الكبرى."
واضاف: "ظهرت في البدايات كمناضل طالبي عبر انضمامك الى حزب الكتائب اللبنانية وبالتحديد الى مصلحة الطلاب فيه حيث التقينا في النضال، عبر المساهمة في توحيد الصف المسيحي في الجامعة اللبنانية بتأسيس "حركة الوعي"، وعبر اعطاء النضال الطالبي محتواه الاجتماعي والثقافي المتكامل عن طريقة مجانية التعليم والثورة ضد الفساد والفاسدين، وشروط تفرغ الاساتذة في الجامعة اللبنانية. وإثر انتقالك من النضال الطالبي الى النضال الفكري كتبت حول "رؤية لتجمع بين المسيحيين والعروبة"، مشروع دولي لانهاء حرب لبنان والحروب المتداخلة فيه والسلام اللبناني ومشروع العالم الجديد."
وأردف: "من موقع المناضل السياسي اقترحت المشاريع ومنها: إلغاء الطائفية السياسية واعتماد مفهوم دعم دولة المواطنة، القضية اللبنانية بين العلمنة والحياد والتحييد، لبنان والعالم الجديد ومشروع بشير الجميل في التغيير."
وختم بقرادوني: "هذه أحلام برسم المستقبل لكنها قد تتحول جزئياً أو كلياً الى تيار ينقذ الحاضر في لحظة انهيار مفاجئ لا يتوقعه أحد. وما أتمناه لأجيالنا الطالعة أن يكون فيها لكل جيل نبيل خليفه واحد على الأقل."
يزبك
أما النائب يزبك فتوجّه الى أستاذه المكرّم بالقول: "ليس سهلاً ان يقف تلميذ في حضرة أستاذه ومعلمه ليعبّر عما يكنّه له من احترام وعرفان ومحبة. ليس سهلاً أن يخوض هذا التلميذ في شختورته الورقية المتداعية بحر نبيل خليفة في أبعاده الثقافية والفلسفية واللاهوتية والنسكية، والأهم، بُعده الفلاحي، الماروني، المقاوم الذي جعل من نبيل خليفة قِبلة ومزاراً أعطى لتعبير "عالم كماروني" كل بريقه، وبرّره وجدده."
وقال: "قوة نبيل خليفة تكمن في أنه، وبخلاف كثير من الموارنة، ظل فلاحاً يحمل المحراث، كفعل إيمان والتصاق بالأرض والهويّة، وحمل القلم كبعد معرفي يكمّل فعل الإرتقاء الفكري، ولم يسكره الإرتقاء الإجتماعي الناجم عن العِلم، فلم يبتعد عن الأرض كما فعل الكثير من اللبنانيين، بحيث بارت وكثرت الهجرات وتحوّل القلم إلى ديماغوجية والوطن إلى وجهة نظر لا تستند إلى حقيقة اقتصادية متماسكة. هذه الميزات العُظمى، يختصرها نبيل خليفة الحدتوني في شخصه وفي نهج عيشه وفي لهجته ولكنته الجبلية التي حرص على صيانتها. هذا التمسك بالفكرة اللبنانية لدى نبيل خليفة لم يكن نظرياً أو كلاماً يُستهلك في الصالونات وعلى الشاشات، بل علّمه في المدارس والمعاهد التي مر فيها وكتب فيها مقالات قيّمة في الصحف اللبنانية والعربية وألّف فيها كتباً هي بحق، دراسات مرجعية تربى في هدي سطورها رجالاً ساهموا في إعطاء لبنان ألقه العلمي والثقافي، وبشّروا به بالقلم وسط الظلم والظلمات، ومقاتلين بذلوا الغالي والنفيس للحفاظ عليه من الضياع والإندثار بالبندقية كلما دق الخطر الأبواب."
وأضاف: "امتلك نبيل خليفة العين الثالثة التي تنظر دائماً إلى المشهد اللبناني من فوق بحيث تراه بلا انقطاع، ضمن المسرح الجيوسياسي المشرقي والشرق أوسطي ولا تغرق مكتفية بالرؤية الأفقية في بُعديها الطائفي واللبناني فقط، وهذه الفضيلة جعلت من نبيل خليفة، ليس فقط ضمير المجتمع الماروني والمستشار الأقرب للبطريرك صفير، وصديق الدكتور سمير جعجع الأقرب، بل جعلته مرجعاً تقرأه الدبلوماسيات الدولية والجامعات الكبرى حول العالم."
وقال: "إن تكريمنا الدكتور نبيل كقوات لبنانية، إنما هو تكريم لشهدائنا وتحفيز لشبابنا وصبايانا، إذ نُعطيهم من خلال هذا الفعل كتاباً وطنياً يرجعون إليه، ومركباً صلباً يعبرون على متنه بحار الشك والإفتراء على القيم الوطنية وعلى مفهوم الوطن وجوهره، ومرساة صلبة على شاطئ الأمان الوطني، كذلك إن هذا التكريم يُشكّل نقطة مضيئة بل منارة تهتدي بها وإليها كل من تُساور نفسه الشكوك والكفر بالقيم اللبنانية، فالإقبال على نبيل خليفة هو منهل يرتوي منه اللبنانيون التائهون في هويتهم، الباحثون عن ذواتهم في زمن العولمات واندثار الهويات."
وختم يزبك: "دكتور، مَن مثلك لا يُختصر في سطور، لكن استميحك لأسرد هذه الومضة الوجدانية الصغيرة، لقد قلت فيّ عندما رشّحني حزب القوات على المقعد النيابي في البترون، أن لبنان يحتاج إلى هذه الخامات ليواجه ما يتعرّض له من مخاطر ليس )قلها تهديد "حزب الله" الفكرة اللبنانية والطائف والصيغة، وأنا أدين لك بردٍ متواضعٍ فأقول أنكَ انتَ صانع القامات وحائك الخامات ولكَ في قلبي وفي قلب الحكيم وفي قلوب كل القواتيين واللبنانيين الأقحاح أكثر من منزل وحديقة مطوّقة بباقات الزعتر والقصعين والزوفا وبخور مريم ورجع نواقيس المناسك والرهبان. أطال الله عمرك وأبقاك ذخراً للقضية اللبنانية وملجأ الأحرار. سلام خاص وحار من الدكتور سمير جعجع، وشكراً."
وبعد عرض فيديو عن مسيرة خليفة من إعداد رئيس الدائرة الثقافية في جهاز الإعلام والتواصل جورج حايك، ألقى الكاتب والباحث السياسي الدكتور ميشال الشمّاعي قصيدة استعرض فيها أهميّة فكر الدكتور نبيل خليفة في مسار الكيانية اللبنانية فبفضله: " باقي وطن محراب، فكرك قمر ضاوي بسما معراب".
واعتبر الشمّاعي في قصيدته أنّ "تكريم خليفة حقّ حتى بعلمك هالوطن يبقى لأبد الدهور."
عسّاف
وألقى الدكتور ساسين عسّاف كلمة تحدّث فيها عن "نبيل خليفة مفكّر الكيانيّة اللبنانية"، وقال: "الكيانيّة اللبنانية لدى المفكّر نبيل خليفة هي كيانيّة موقع في الجغرافيا، وكيانيّة شعب ذي مسار تاريخي مفرد، وكيانيّة مجتمع سياسي له ميثاقيّته الخاصّة. هذه الكيانيّة بمرتكزاتها الجغرافية والتاريخية والثقافية والسياسية أخرجها عن أحكام القوانين العامّة في التفاعل مع المحيط، وعمّا يحدثه هذا التفاعل من تبدّلات وتحوّلات في قوانينها الخاصّة، ومنحها بُعداً لاهوتياً وارتفع بها هويّة ثابتة في المطلق فنشأت بينها وبينه خصوصيات الفرادة."
وأضاف: "منهجه الفكري إعتمد القراءات التاريخية الأنتروبولوجية والبيولوجيّة المخبريّة والسوسيوثقافية الحفرية، والعلوم البيئية لطبيعة المكان اللبناني، وتكوين مجتمعه، وتاريخانيّة شعبه وإبداعاته الأدبية والفلسفية واللّاهوتيّة لكي يحدّد ويسوّغ خصوصيّة الكيانيّة اللبنانية. كيانيّة الدكتور نبيل خليفة تؤسّس لأدبيات الفكر السياسي السيادي الإستقلالي المحايد المبني على معرفة علمية بجغرافية لبنان السياسية (الجيوبوليتيكية) التي حكمت مفاصل من مسيرته ما بين دولة لا هو يعترف بها ولا هي تعترف به وبين دولة هو يعترف بها وهي لا تعترف به، بين ما يسمّيها "مطامع إسرائيل ومطامح سوريا." وهذا في رأيه قدر لبنان الكياني. (إنّه قدر جغرافي/حدودي). لقد لجأ إلى نظرية الحدود التاريخية في بناء إستراتيجيّته في التصدّي للمطامح السوريّة، وفي سجاله مع فكر أنطون سعادة وفكر ميشال عفلق وفي دعوته إلى الإستقلال التام عن سوريا التي وفق مذهبه تشكّل تهديداً وجودياً للكيان اللبناني فهي في اعتباره لا تعترف بحدوده وترفض ترسيم حدودها معه. إنّ تفكيره الكياني قائم على ثنائيّة ضدّية: "لبنان التاريخي" و "سوريا الطبيعية".
وتابع: "أمّا بالنسبة للمطامع الإسرائيلية فقوله فيها واضح: لقد سعت الدولة العبرية دائماً إلى احتياز لبنان، أي السيطرة على حيّزه الجغرافي، وذلك بدافعين ديني توراتي وأمني توسّعي، إنّ إسرائيل عملت وتعمل على أن يكون لبنان دولة ضعيفة على حدّ قوله مشفوعاً بقول ميشال شيحا في كتابه "فلسطين": إنّ إسرائيل لا تريدنا مسلّحين بل تريدنا ضعفاء في كلّ شيء أي أن ترانا بدون سلاح. فكره السياسي الكياني بمضمونه السيادي الإستقلالي يدرس الظواهر في وقائعها العينية فيعمد إلى إقامة مقارنات إسنادية تماثليّة وتسويغية بين الكيان اللبناني وسائر كيانات الدول المحايدة ليخلص إلى أنّ الدولة/الحاجز هي من شروط الدولة الحيادية. بناء على هذه المقارنات الإسنادية يطرح نظريّة الحياد الدولي إستراتيجية للبنان".
وأردف: "يعالج الدكتور نبيل خليفة هذه القضايا ذات الصلة بالكيانية اللبنانية معالجة معرفية علمية من منطلق فكري سياسي يزيل اللبس في فهم خصوصيّة لبنان الكيانية، فيقدّم للقارئ الذي هو في الموقع النقيض فهماً لها مؤدّاه خصوصيّة الموقع الجغرافي والتجربة التاريخية والتكوين المجتمعي. في ضوء شرحه لهذه الخصوصية يطرح الدكتور نبيل أفكاراً سجالية فهو مفكّر إشكالي بامتياز يكاد يختصر في كتاباته المرحلة بكلّ عناوينها والسجالات."
وختم: "إنّه صاحب بناء فكري متماسك يقوم على وضوح في الرؤية وعمق في التحليل وصدق في الموقف وصلابة في التزامه سرمديّة الكيان اللبناني، وقدسيّته، إذ ارتقى به من كيانيّة أرض وحدود إلى كينونة جوهر ورسالة".
الحوّاط
أما الحوّاط فأعرب عن فخره واعتزازه بالمشاركة في تكريم الدكتور خليفه وقال: "نلتقي اليوم في جبيل لنكرم مفكراً مناضلاً سياسياً رفيعاً هو الدكتور نبيل خليفة ونحن وجبيل نفتخر بتكريم من تربطنا به علاقة محبة واحترام. نبيل خليفه إبن عائلة وطنية، سيادية، مُقاوِمة حقيقية ضد كل الاحتلالات. فمع الدكتور عصام لنا صولات وجولات حول ترسيم الحدود، ومع الدكتور نبيل من المقاومة ضد أي احتلال، من الفلسطيني إلى السوري وصولاً الى هيمنة "حزب الله" على القرار اللبناني، عائلة تستحق التكريم والتقدير لأنها أعطت ولم تأخذ، وأنا أعني ما أقول بهذا الكلام، عندما عائلة تعطي كل ما عندها ولا تأخذ شيئاً ولا تطلب شيئا في الأساس ولا شيء عندها مقابل ثمن إلا الإستقامة والوطنية وحب هذا الوطن، فلا يوجد أسمى من ذلك، وهذه هي عائلة خليفة. وما أحوجنا في لبنان وفي هذه الأيام والظروف لعائلات مثل عائلة خليفه ومناضلين مثل الدكتور نبيل لكي ينشأ الجيل على هذه القِيم والمبادئ التي هي أساس المواطنية الحقيقية."
وأضاف الحوّاط: "ما أحوجنا إلى الحياد الذي نادى به الدكتور نبيل، الحياد الذي، لو اعتمدنا سياسته، لوفّرنا الكثير من الويلات على لبنان، وقد رأينا ما جلبت لنا سياسة المحاور من الحروب وانهيارات وكوارث سياسية واقتصادية وأمنية ومالية. اما تطبيق اللامركزية فهي أساس بناء الوطن السليم، وهو مطلب أساسي بعدما دمرت السلطة المركزية التي تم خطف قرارها كل مؤسساتنا وأضحت دولة مستباحة وكأنها مزرعة لبعض القيمين عليها. اللامركزية نَصّ عليها الطائف، لكن الوصاية السورية وأزلامها في لبنان منعونا من تطبيقها، لأن اللامركزية تبني وطناً وتبني منافسة شريفة بين المناطق وتهتم بحاجات الناس وتُرسّخ المُحاسبة المباشرة بين المسؤول والمواطن."
وختم متوجهاً الى الدكتور خليفة بالقول: "فكرك يجب أن يُعمم على الجيل الجديد من أجل صناعة وطن لا تهزُّه العواصف، ونشكر الأستاذ شارل جبور لأنه أفسح المجال لنشر التوعية عبر هذا اللقاء، وعلينا أن نُشجّع هذا الجيل لكي يتنشق هذه القيم، قيم الحريّة والإستقامة والتضحية والعنفوان والعمق وحب الأرض، من أجل بناء لبنان الغد، لبنان المستقبل ونحن نتوق للبنان شبيه نبيل خليفه."
جعجع
واستهل جعجع كلمته بالترحيب بالحضور ثم استعاد بداية علاقته بالدكتور نبيل خليفة بين أواخر السبعينيات وبداية الثمانينيات في دير القطّارة في بلدة ميفوق جارة حدّتون مسقط رأس خليفة. وقال: "لقائي الأول بالدكتور نبيل فتح لي أفقاً على مجال كنت أجهله، وهو الفكر الاستراتيجي. وبعد سلسلة لقاءات بيننا وُلِدَ لدي شغف لمتابعة هذا الفكر كما يجب. فوجدت في الدكتور خليفه شخصاً ضليعاً في هذا المجال على مستوى لبنان."
وتوجّه إلى خليفة بالقول: "الشكر الكبير لكَ على كل ما أعطيني وعلمتني في هذا المجال وفي مجالات أخرى، فكنت وما زلت مثال الإنسان المُلتزم بكل ما للكلمة من معنى، ويكفي أنك لم تسعَ لهدف مُعيّن أو موقع أو مكسب، بل عملت من أجل العيش بكرامة انطلاقاً من علمك وثقافتك، ومن ارتباطك بمراكز دراسات ووسائل إعلام."
وتابع جعجع: "وجدت في الأستاذ نبيل، كما أحب أن أسمّيه، إنساناً شغوفاً في المجتمع" مُضيفاً: "الإلتزام هو التزام مهما كان، وليس من الضروري أن يلتزم الإنسان بحزب مُعيّن، بالرغم من أن الإلتزام بالأحزاب هو أمر مهم، ولكن الإتزام بكل ما هو إيجابي ومُفيد ومُنتج هو قمة الإلتزام. وهكذا كان الأستاذ نبيل، ملتزماً بالمجتمع بكلّيته وبالفكر الإستراتيجي تحديداً وبالفكر بشكل عام. وهنا، لا بد من التنويه، أنه بدون فكر استراتيجي لا يمكن لأي مجتمع أو أي دولة أن تقوم، وقد رأينا في العالم مجتمعات مزدهرة في التاريخ قد اندثرت بسبب غياب الفكر."
وأردف جعجع: "الأستاذ نبيل كان إنساناً مُلتزماً إلى أقصى حدود الإلتزام الفعلي والكلي بالمجتمع وبكل هدوء وعمق وسكون مؤدياً دوراً فاعلاً ومُهمّاً في تعميق وتوعية الناس على الفكر وتحديداً الفكر الإستراتيجي عصب وجود ومكسب وتقدم أي مجتمع."
وقال: "الأستاذ نبيل هو مثال الجندي المجهول الذي حمل سلاحاً أقوى من البندقية وهو سلاح الفكر. هو الذي كان دائماً عند خطوط المواجهة الكبرى، عندما كانت الشيوعية العالمية تبث يومياً مغالطاتها وأفكارها في المجتمع وعبر وسائل ضخمة، وفي ظل انتشار الافكار المستوردة والتي لا علاقة لها بلبنان، من السورية القومية الإجتماعية، إلى القومية العربية وغيرها، فكان الأستاذ نبيل في المواجهة المباشرة من خلال الفكر المضاد الذي كان ينشره، الفكر الذي لم يكن مبنياً على شعبوية ولا معادلات جامدة، بل على وقائع وحقائق في التاريخ والجغرافيا والديموغرافيا والإقتصاد. لذلك كان فكره يدحض الفكر الآخر المبني على نقاط ارتكاز إيديولوجية لا تُصلح في معظم دول العالم وفي ظل العديد من الأزمات في العالم."
وختم جعجع: "التقينا اليوم لنكرّم رَجُلاً استثنائياً يستحق التكريم، وهذا الكلام ليس من باب المجاملات أو رد الجميل أو الشكليات، وأشكر كل مَن ساهم في تنظيم حفل تكريم الأستاذ نبيل خليفه، الإستثنائي والمتجرّد ومثال الإستقامة والأخلاق، والمُلتزم بالفكر الذي يخدم المجتمع. والشكر لكَ دكتور نبيل على ما قدّمته لي شخصياً والشكر الأكبر، باسمي وباسم رفاقي في حزب القوات اللبنانية، على كل ما قدّمت للقضية، بهدوء وبعيداً من الضجيج، انطلاقاً من فكرك الذي فتحت آفاقنا عليه وهو أساس أي مجتمع وركيزة تطوره. على أمل أن يُعطينا الله من أمثالك في المجتمع ونتمنى لكَ الصحة والعمر الطويل."
خليفة
بعد ذلك قُدّم درعاً تقديرية للدكتور خليفة الذي ألقى كلمة استهلها "بتمجيد العذراء مريم سيدة إيليج لأنها أنقذتني من خمس محاولات اغتيال" ثم شكر أهله ووالديه وعائلته والمرحومة زوجته وأولاده وأشقاءه وعائلاتهم.
ثم شكر "للدكتور سمير جعجع وعقيلته السيدة ستريدا وهو صاحب المبادرة في الدعوة إلى هذا التكريم وهو المعروف بأنه رجل المبادرات الأخلاقية والفكرية والإنسانية منذ عرفته وتعرّفت إليه في بشرّي عام 1963 يوم كنت مسؤولاً في ثانوية بشرّي الرسمية. إن بيني وبين هذا الرجل ما يتجاوز الكلام والحبر والورق، إلى عمق الوجدان المشترك في المحبة والتقدير وفي الخط الوطني السيادي، القيادي من زمن بشير الى زمن سمير الذي لم يُغيّر حرفاً واحداً فيه، البقاء إحدى عشرة سنة في السجن تحت الأرض: هذه هي النموذجية العقائدية."
وشكر جهاز الإعلام والتواصل بشخص رئيسه الأخ شارل جبّور ومساعديه ولجنة التنظيم، وحيّا "الدكتور بشير الياس والدكتورة كليمانس حيث تلاقت عبر ميفوق عظمة إيليج وروعة التكنولوجيا الروحية والطبية."
كما حيّا المتكلمين فرداً فرداً وشكر الذين يُقدّرون فكره وخطه التاريخي.
بعد ذلك، تناول مواضيع عدة منها: شرعة الكيانية اللبنانية، الأهمية الجيو-استراتيجية لسلسلة جبال لبنان، تصنيف لبنان، الدولة الحاجز والحياد. وتكلم في "مار مارون والمارونية ولبنان، ولبنان جبل الحريّة".
وختم بإهداء الاحتفال لمدينة زحلة، ثم أقيم حفل كوكتيل بالمناسبة.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الديار
منذ 6 ساعات
- الديار
عودة: دعوتنا أن نحفظ أنفسنا في المسيح من كلّ تعليم ضالٍ ومُضلّ ونستنير بنعمة الروح القدس
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عودة، خدمة القداس في كاتدرائية القديس جاورجيوس، حيث أشار في العظة إلى أن "دعوتنا اليوم أن نحفظ أنفسنا في المسيح من كل تعليم ضال ومضل، ونستنير بنعمة الروح القدس، ونتقوى بكلمة الرب في إنجيله، ونحفظ العقائد الإلهية، ونثبت في الإيمان المستقيم أمام عواصف التعاليم المضلة التي تبقى كاذبة". ولفت إلى أنّ "أننا نسمع في إنجيل اليوم صلاة الرب يسوع التي بها خاطب الله الآب قائلا: «إحفظهم باسمك الذين أعطيتهم لي ليكونوا واحدا كما نحن» (يو 17: 11). قال هذه الكلمات لأنه عارف بما ستواجهه الكنيسة من هجمات واضطهادات بعد موته وقيامته وصعوده إلى السماوات. لذلك، نجده يؤكد على هذه الصعوبات المقبلة بقوله: "إحترزوا من الأنبياء الكذبة، الذين يأتونكم بثياب الحملان، ولكنهم من داخل ذئاب خاطفة" (متى 7: 15). هذه الذئاب تتغلغل في المجتمع، تبث أفكارا كاذبة مضللة، مدفوعة بالجهل أو الحسد، أو مفتشة عن مجد أو ربح، وتشوش نفوس البسطاء وتضللهم". وقال عودة "اليوم، تقيم كنيستنا المقدسة تذكار الآباء القديسين المجتمعين في المجمع المسكوني الأول، منذ 1700 سنة، الذين انتصروا على أحد تلك الذئاب الخاطفة، المدعو آريوس، الكاهن الإسكندراني الذي هاجم وحدة الكنيسة وإيمانها القويم. لقد علم آريوس أن ربنا ومخلصنا يسوع المسيح خليقة خلقها الله من العدم، عندما خلق جميع الكائنات. بكلام آخر، أنكر آريوس أن ألوهة المسيح هي نفسها ألوهة أبيه، ونأسف أننا نجد في يومنا هذا من لا يزالون يؤمنون بمثل هذه التعاليم الخاطئة والمضلة عن الرب يسوع أمثال شهود يهوى وغيرهم من البدع".


الديار
منذ 6 ساعات
- الديار
هنأت بعيد الأضحى واعتذرت عن عدم تقبّل التهاني مشيخة العقل: للتخفيف قدر الإمكان من مظاهر الإبتهاج
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب أصدرت مشيخة العقل لطائفة الموحدين الدروز تعميماً بمناسبة اقتراب عيد الأضحى، قالت فيه: "تتوجّه مشيخة العقل لطائفة الموحّدين الدروز إلى أبناء الطائفة بالتهنئة والتبريك بمناسبة قرب حلول عيد الأضحى، متمنيةً لجميع أبنائنا الموحّدين أينما كانوا في أوطانهم وفي بلدان انتشارهم تمام العافية والأمان ببركة هذه الأيام والليالي التي أقسم بها الله سبحانه وتعالى بقوله: "والفجرِ وليالٍ عشر..."، وراجيةً أن يحلّ العيد الكبير حاملاً معه بشائر الخير والطمأنينة والسلام لوطننا ولكافة الأوطان، وبوادر الجمع والتآلف والتكاتف في مجتمعنا وفي كافة المجتمعات". وختمت: "إذ يعتذر شيخ العقل رئيس المجلس المذهبي عن تقبّل التهاني في دار الطائفة في بيروت، شعوراً مع الأهالي المعانين في بلادنا وفي قرى السويداء وجرمانا وصحنايا والأشرفية وغيرها، واحتراماً لدماء الشهداء الأبرار وآلام المصابين، يأمل من جميع أبناء الطائفة التخفيف قدر الإمكان من مظاهر الابتهاج بالعيد، والاكتفاء بالقيام بواجب التهاني العائلية والاجتماعية والأخوية بما يراعي الظروف الاستثنائية التي نمر بها، مع التأكيد على واجب فهم معاني العيد المبارك وعيشها، بما تختزنه من قِيم المحبة والتواضع والتضحية والإحسان".


الديار
منذ 6 ساعات
- الديار
فضل الله: الوطن لا يُبنى بسياسة الإقصاء بل بتكاتف الجميع لمواجهة كلّ الضغوط
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب أشار السيّد علي فضل الله في لقاء حواري في المركز الإسلامي الثقافي في حارة حريك، إلى أن "الاسلام رفض منطق العصبيات سواء كانت عصبيّاتٍ عائليّةً، أو حزبية او شخصية أو مناطقية وغير ذلك"، لافتا إلى أن "العصبيّة تجعل الإنسان يتحرّك غرائزيّاً، وتدفعه إلى أن يعادي كل الذين يختلف معهم". وأوضح أنه "لا يجتمع التعصّب والدّين تحت سقفٍ واحدٍ، ولا مع الحسّ الإنساني. وقد يتعصب الإنسان لاعتباراتٍ دنيوية زائفة لجاهٍ هنا أو زعامةٍ هناك أو مصلحةٍ خاصة ويقيم الحواجز مع من يختلف معهم"، مشيرا إلى أن "الاختلاف في الرأي أو في السياسة وغير السياسة هو حقّ مشروع، ولكن ما ليس مشروعاً، أن يحوّل أحدنا هذا الحقّ إلى منصّة لإطلاق الشّتائم أو التصريحات المستفزة أو التّشكيك في وطنية هذا المكون او ذاك". وشدد على "ضرورة أن نحبّ الّذين نلتقي معهم، لنؤكّد مواقع اللّقاء على القيم والمبادئ، ونحبّ الّذين نختلف معهم، من أجل تأكيد لغة التّواصل والحوار، ونحبّ كلّ النّاس وبحيث نعمل على ان نحاصر كل الذين يفسدون لهم الحياة عندما لا يكون هناك مجالٌ لإصلاحهم. ورأى أن المشكلة في واقعنا لم تكن أبداً من تنوّع الطّوائف والمذاهب والأحزاب، بل عندما نغلق الأبواب على بعضنا البعض، وننصب الحواجز والمتاريس فلا نتعارف ولا نتلاقى، ويرفض كلّ منّا الآخر برغم كلّ الإيجابيات الّتي تكون عنده، ونخسر كلّ ذلك الجوّ التعارفيّ الإيجابيّ، وهذا ما جعل الآخرين ينجحون في تعميق الهوّة في ما بيننا، من خلال العصبيّات الّتي تمزّقنا وتعمي أبصارنا عمّا يراد لنا". وذكر فضل الله أنّ "هذا الوطن لا يبنى بمنطق التعصب وسياسة الإقصاء والعزل لهذا المكون او ذاك بل بتضافر جهود جميع أبنائه وتكاتفهم لمواجهة كل الضغوط التي تمارس ضد هذا الوطن، فنحن جربنا في السابق سياسة العزل فماذا اثمرت الا القتل والتمزيق والانقسام"، داعيا "إلى عدم تكرار تجربة الماضي حتى لا نندم من جديد وندمر بلدنا ونجعله ساحة للصراعات والفتن، بدلا من ان يكون واحة للتلاقي والمحبة".