logo
صارخ ع الفاضي

صارخ ع الفاضي

الإمارات اليوم١٧-٠٢-٢٠٢٥

في كثير من المواقف نعتقد أن رفع الصوت أسرع وسيلة لاسترداد الحقوق.. نصرخ، نحتج، نُلوّح بالشكاوى، معتقدين أن ذلك يكفي ليُحدث تغييراً، لكن الواقع غير ذلك: الصراخ من دون متابعة وإصرار، لا يتجاوز كونه مجرد رد عابر، سرعان ما يذوب وسط تجاهل المسؤولين، وازدحام التفاصيل اليومية.
تجربة سفر مررت بها أخيراً في أحد المطارات خارج الدولة، كشفت لي الوجه الحقيقي لهذا الغضب المؤقت، تأخير لساعات داخل طائرة، حرارة خانقة، وجوع تجاهلته وعود متكررة بأن الإقلاع «قريباً»، بدأ الصبر ينفد، ومعه تصاعدت أصوات الاحتجاج، بعض الركاب طالبوا بالنزول، وآخرون لوّحوا بضرورة اتخاذ إجراء فوري، كنا نظن أن الضوضاء ستدفع الطاقم لإيجاد حل سريع، لكن النتيجة؟ بقينا مكاننا حتى أنزلونا بعد خمس ساعات من الاحتجاز غير المبرر.
خرجنا غاضبين، وتدافع البعض نحو موظفي المطار لتقديم شكاوى عاجلة، وبمرور الوقت بدأت الانفعالات تخفت، وتحوّل الصراخ لصمت، وانشغل الركاب بالهواتف أو فنجان قهوة، وكأن ما حدث كان مجرد موجة غضب لحظية.
لكن المفارقة أن هذه الشركات ليست عشوائية في تعاملها مع العملاء، هي مدربة على امتصاص الغضب الأوّلي، مستندة إلى أن معظم الناس يثورون، ثم يتراجعون تدريجياً، حتى يصبح الأمر مجرد قصة.
ما لا يدركه كثيرون أن التجاهل ليس دائماً ضعفاً بالأداء، بل قد يكون جزءاً من استراتيجية مدروسة، فالعميل الغاضب يعتقد أنه يُحدث تأثيراً عندما يصرخ أو يشتكي، لكن في الحقيقة، النظام مصمم لامتصاص هذه الطاقة حتى تتلاشى.
لكن ماذا لو أن كل شخص تابع شكواه بإصرار؟.. حتى إن سكتُّ عن حقي فلن أمنحهم تقييماً إيجابياً، بل أُقيّم التجربة بـ«صفر من 10»، لأن المشكلة في تحول العميل من محور اهتمام إلى مجرد رقم بنظام خدمة العملاء.
الصراخ وحده لا يُغيّر شيئاً، والحقوق لا تُنتزع بالصوت العالي فقط، بل بالإصرار والصبر لإنهاء القضية.
* محامٍ وكاتب إعلامي
twitter.com/dryalsharif
www.ysalc.ae
لقراءة
مقالات
سابقة
للكاتب،
يرجى
النقر
على
اسمه

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

«ما تصبرنيش بوعود»
«ما تصبرنيش بوعود»

الإمارات اليوم

time٠٥-٠٥-٢٠٢٥

  • الإمارات اليوم

«ما تصبرنيش بوعود»

هكذا صدحت أم كلثوم، وكأنها تتحدث بلسان كل مراجع طرق أبواب بعض المسؤولين، فلم يُفتح له سوى بوابات إلكترونية، ولا ردّ عليه سوى رسائل تلقائية، ووُعِد كثيراً بأن المعاملة ستُنجز «خلال يومين»، ثم مرت الشهور ولم تُنجز. حين نشرت مقالي السابق بعنوان «إمتى أنا أشوفك؟»، لم أكن أظن أن صداه سيكون بهذه القوة، تفاعُل واسع من القراء، وكلهم يشكون صعوبة الوصول إلى من يفترض أن يستمع إليهم، بعض المسؤولين يتحدث عن سياسة الباب المفتوح، لكنه – من دون أن يدري أحياناً – محاط بسكرتارية حديدية، تردّ المتعامل وتصدّه، وتخترع الأعذار، وكأنها في مهمة لحمايته لا لخدمة الناس. وفي خضم هذا التفاعل، تلقيت اتصالاً كريماً من محمد بن طليعة، رئيس الخدمات الحكومية في وزارة شؤون مجلس الوزراء، يشيد بالمقال ويثمن محتواه، وهذه اللفتة الراقية تعكس حسّاً مسؤولاً نادراً في زمن امتلأ بالصمت والتجاهل، فله مني كل التقدير والشكر. لكن الواقع لايزال يطرح أسئلة موجعة، اليوم بعض البوابات الذكية تحوّلت إلى عذر جاهز للتهرب من خدمة الناس. الموظف يقول: «قدّم الطلب إلكترونياً»، ثم لا يرد، أو يطلب منك الانتظار دون سقف زمني، المعاملة التي كانت تُنجز في نصف ساعة، أصبحت تمر عبر «نظام»، ثم «تذكرة»، ثم «موافقة»، ثم «تحويل»، وأحياناً لا ترى النتيجة إلا بعد أن «تفقد الأمل أو تطرق باب المدير شخصياً». وهنا تكمن المفارقة.. حين يضطر المراجع إلى مقابلة المدير العام، فهذا ليس إنجازاً ولا لباقة إدارية، بل علامة على أن الإدارة التي تحت هذا المدير قد فشلت في أداء دورها. المدير الناجح هو من يجعل فريقه يُنجز العمل دون أن يضطر هو للظهور إلا نادراً، لا أن يتحوّل إلى «الحل الأخير» لإنقاذ كل معاملة متعثرة. بل إن بعض الجهات تقول بأن مديرها ينزل بنفسه إلى صالة المراجعين، والحقيقة أنه لا فرق إن قابلهم في القاعة أو في مكتبه، إن لم تُنجز أعمالهم بسهولة من أصلها. الأساس هو سير النظام، لا استعراض الحضور. ومن هنا، تتجدد أهمية «الموظف السري» الذي أطلقه صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، ليس لمراقبة أداء الموظفين، بل ليراقب أثر الأداء: هل ازدحمت الصالات؟ هل الناس جاؤوا لأن الأنظمة الذكية لم تنفع؟ هل ينتظرون المدير لأن من دونه لا يردّ أحد؟ وأختم بتحذير مهم: أرجو ألا يُفهم هذا الطرح عكسياً، فيلجأ البعض إلى إغلاق القاعات بدعوى التنظيم، ويظن نفسه ناجحاً لأن «نسبة المراجعة صفر»، بينما الحقيقة أن الناس مُنعت من المراجعة، لا أن معاملاتهم أُنجزت، وهذا ليس خللاً، بل «غلطة» والمطلوب ألا تتكرر. *محامٍ وكاتب إعلامي لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

على فكرة يا مطعم.. ترى اسمك على الكيس!
على فكرة يا مطعم.. ترى اسمك على الكيس!

الإمارات اليوم

time٠٧-٠٤-٢٠٢٥

  • الإمارات اليوم

على فكرة يا مطعم.. ترى اسمك على الكيس!

باتت تطبيقات التوصيل جزءاً أساسياً من حياتنا اليومية، وسهلت كثيراً من تعاملاتنا مع المطاعم، سواء في العمل أو المنزل، لكنها في المقابل، كشفت لنا عن وجه آخر لبعض المطاعم التي كانت تبهرنا عندما نزورها شخصياً، فإذا بطعامها يصلنا عبر التطبيق كأنه من مطبخٍ عشوائي لا يحمل اسماً ولا هوية! الملاحظ أن كثيراً من الطلبات يصل بشكل غير مرتب، العلب مفتوحة، السندويشات ناقصة الحشو، والمذاق أقل بكثير مما عهدناه، والأسوأ من ذلك أن بعض المطاعم تتعامل مع طلبات التوصيل كأنها «نسخة مخففة» من منتجاتها الأصلية، متناسية أن الزبون لا يرى «الطباخ»، بل يرى الاسم المكتوب على الكيس! ما يغيب عن بال بعض أصحاب المطاعم أن جودة الطلب الخارجي لا تقل أهمية عن جودة الطعام داخل المطعم، بل قد تكون هي الصورة الوحيدة التي يأخذها الزبون عن المكان، خصوصاً إن لم يزره من قبل، فهل من المنطقي أن نُقدِّم وجبة أقل جودة لأن الزبون لم يرَنا وجهاً لوجه؟! أليس من الأجدر أن تكون هذه الطلبات أكثر عناية، لأنها تصل إلى العميل دون تجربة المكان أو الخدمة؟ ولا ننسى أيضاً الأسعار المبالغ فيها أحياناً، حيث تُضاف رسوم توصيل وخدمات فوق أسعار أصلاً قد تكون مرتفعة، ثم نفاجأ بطعام لا يرقى للمستوى المطلوب، فيشعر الزبون كأنه دُفع به نحو خيارٍ غير عادل. على فكرة يا مطعم.. لا تنسَ أن اسمك مكتوب على الكيس، وأن كل وجبة ترسلها هي بطاقة تعريف عنك، فإما أن تُبقي على احترامك وثقة الناس، أو تتركهم يبحثون عن غيرك! *محامي وكاتب إعلامي لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

نِعَم الحاضر وتأملات المستقبل
نِعَم الحاضر وتأملات المستقبل

الإمارات اليوم

time٢٤-٠٣-٢٠٢٥

  • الإمارات اليوم

نِعَم الحاضر وتأملات المستقبل

نحن نعيش اليوم في عالم مملوء بالنعم والرفاهية التي لم تكن متاحة للأجيال السابقة، من التكييف الذي يخفف عنا حرارة الصيف القاسية، إلى التدفئة التي تبعد عنّا برد الشتاء، وصولاً إلى الطائرات والسيارات التي تقرّب المسافات البعيدة في ساعات قليلة. حياتنا اليوم هي نتاج لتطور تكنولوجي هائل، سهل علينا الكثير من الأمور التي كانت في الماضي ضرباً من الخيال. إذا عدنا بالذاكرة إلى العصور الماضية، نجد أن حضارات قديمة رغم تقدمها في بعض المجالات كانت تعاني نقصاً في سبل الراحة التي نعيشها اليوم، فوسائل التدفئة كانت تعتمد على الحطب والنار، ما يمثل تحدياً كبيراً في مواجهة الطقس القاسي. في المقابل، نحن اليوم نستفيد من أنظمة تكييف متطورة تتحكم بدرجات الحرارة في منازلنا بشكل مستمر. وربما في المستقبل، قد تصل التكنولوجيا إلى مستوى يسمح بتحويل أجواء دولة بأكملها إلى مناخ معتدل طوال العام، بفضل أنظمة تحكم متقدمة. التكنولوجيا لم تتوقف عند تسهيل حياة الأفراد في منازلهم، بل امتدت لتشمل وسائل النقل أيضاً. الطائرات، التي نعتبرها اليوم أسرع وسيلة للسفر، قد تبدو للأجيال القادمة بطيئة ومحدودة. كما ننظر نحن للعجلة الخشبية كأداة بدائية، قد ينظرون هم إلى الطائرات بالطريقة نفسها. يمكن أن يظهر نوع جديد من وسائل النقل يسافر بسرعات هائلة تتجاوز سرعة الطائرات الحالية بمرات، تجعلنا نتذكر السفر بالطائرات كأنه تنقل بوسيلة قديمة. لكن السؤال الذي يطرح نفسه: ماذا سيقول عنا أحفادنا بعد 50 أو 100 عام؟ هل سيشعرون بالشفقة تجاه حياتنا التي نعتبرها مملوءة بالرفاهية؟ هل سيعتبرون أن استخدامنا التكنولوجيا الحالية كان بدائياً، مقارنةً بما سيحظون به من تقدم؟ من هذا المنطلق، ندرك أن ديدن الحياة هو التطور والتقدم المستمر. كل جيل يبني على إنجازات من سبقه، ويحاول التغلب على التحديات بطرق جديدة ومبتكرة. الحكمة التي يمكن استخلاصها هنا هي أهمية الشكر على النعم التي نعيشها الآن، والتأمل في كيفية تسخير هذه النعم لتترك أثراً إيجابياً للأجيال القادمة. ربما ما نعتبره اليوم قمة الراحة والتطور سيكون محط مقارنة لأحفادنا الذين سيجدون طرقاً جديدة للعيش بشكل أفضل وأكثر راحة. بفضل التقدم المستمر، يجب أن نسعى جاهدين لنترك إرثاً يسهم في تحسين حياة الأجيال المقبلة، مثلما استفدنا نحن من تقدم الأجيال السابقة. التحدي ليس في الاستمتاع بما هو متاح، بل في استغلاله لتطوير المستقبل، تماماً كما فعل أسلافنا من قبل. *محامي وكاتب إعلامي لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store