
لندن في رمضان.. العاصمة الأوروبية للمساجد
لأول مرة أقضي بضعة أيام من شهر رمضان المبارك في لندن، التي توصف بأنها 'مدينة المساجد الأوروبية'، وبكل بساطة يستطيع أي زائر أن يكتشف أن المسلمين في بريطانيا، وفي العاصمة لندن بالذات، يعيشون ويتمتعون بأجواء رمضانية لا تختلف كثيرًا عن مثيلاتها في أي من عواصم الدول العربية والإسلامية، فولائم الإفطار ومحلات بيع المواد الغذائية اللازمة للشهر الفضيل منتشرة، ومطاعم الدول الإسلامية تصبح مكتظة بالصائمين وقت الإفطار، والمساجد متوفرة وبشكل متزايد لأتباع كل المذاهب والمدارس الفكرية الإسلامية، ولا يوجد أدنى صعوبة لأداء صلاة التراويح أو غيرها من الصلوات؛ إذ يبلغ عدد المساجد في لندن أكثر من 400 مسجد، وتشير بعض التقديرات إلى أن العدد قد تجاوز الآن 500، وهي بذلك تصبح المدينة التي تحتضن أكبر عدد من المساجد في أوروبا.وعلى نطاق المملكة المتحدة ككل، فقد قدر عدد المساجد فيها بـ 1500 مسجد، حسب الإحصاءات التي تمت في العام 2015، أي قبل 10 سنوات، من بينها مساجد تميزت بطراز معماري فريد وزخرفة إسلامية بديعة، وأصبحت تعد من المعالم الحضارية والسياحية التي يحرص البريطانيون على رعايتها وصونها والمحافظة عليها، ومن أهمها مسجد لندن المركزي أو 'مسجد ريجنت بارك' بقبته الذهبية الضخمة، المقام على قطعة أرض مميزة ملاصقة لحديقة ريجنت الشهيرة وسط لندن، اشترتها حكومة رئيس الوزراء الراحل ونستون تشرشل بمبلغ 100 ألف جنيه في العام 1940 ومنحتها للجالية المسلمة لإقامة مسجد عليها.وتجدر الإشارة إلى أن قرار حكومة تشرشل لم يكن نابعًا من أريحية تسامحية، بل جاء نتيجة لضغوط فرضها تاريخ الإمبراطورية البريطانية التي كانت في يوم من الأيام الكيان الكبير الذي يضم مسلمين أكثر من مسيحيين، ما يقتضي وجود مسجد لهم في عاصمة إمبراطوريتهم، كما جاء القرار كبادرة تقدير أملتها دماء عشرات الآلاف من الجنود المسلمين الهنود التي سُفكت دفاعًا عن بريطانيا خلال الحرب العالمية الثانية، إلى جانب ضرورة تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل بعد أن بادر الملك فاروق الأول، ملك مصر والسودان في ذلك الوقت، بمنح قطعة أرض في قلب مدينة القاهرة للجالية البريطانية لبناء كاتدرائية أنغليكانية عليها.وبشكل عام، يُعزى تزايد عدد المساجد في بريطانيا إلى نمو عدد المسلمين فيها، حيث أشارت إحصائيات العام 2021 إلى أن عددهم يقترب من أربعة ملايين شخص، ما يمثل أكثر من 6.5 % من مجمل عدد السكان، بعضهم جاء إلى هذه البلاد فارًا من البطش أو الفقر في بلاده، وفي المقابل، وربما للمرة الأولى منذ ألف عام، انخفضت نسبة البريطانيين الذين يقولون إنهم مسيحيون في إنجلترا وويلز إلى أقل من 50 %، وفقا لبيانات من مكتب الإحصاءات الوطنية في المملكة المتحدة (ONS)، كما أن عدد البريطانيين غير المتدينين قد بلغ 25.3 مليون شخص، أي ما يعادل 37.8 % من إجمالي عدد السكان، منهم 9.9 % ملحدون، حسب الاستطلاعات التي أجرتها مؤسسة 'يوروستات يوروبامتر'. إن هذه الأرقام والنسب تشير إلى أن إنجلترا وويلز لم تعد على الأرجح دولة ذات أغلبية مسيحية.في الوقت ذاته، ونتيجة لذلك، فإن عدد الكنائس في بريطانيا أخذ يشهد تراجعا ملحوظا بعد أن أصبحت هذه الكنائس تواجه تحديات مع انخفاض أعداد المصلين، ما أدى إلى إهمال أو إغلاق بعضها، أو تحويلها إلى استخدامات أخرى مثل المطاعم والحانات وما شابه، كما تم شراء وتحويل بعض منها إلى مساجد لخدمة المجتمع المسلم المتنامي. وبخلاف موقف الإسلام بالنسبة لحرمة المساجد، فلا يوجد في المسيحية ما يمنع من هدم الكنيسة وإزالتها أو بيعها واستعمالها لأغراض أخرى. وقد كشفت البيانات أن ما يقرب من ألف كنيسة في إنجلترا قد اضطرت إلى التصفية والإغلاق بين العام 1987م والعام 2019م. وعلى ضوء ذلك فقد وصفت كنيسة إنجلترا، التي تمثل معظم المسيحيين والكنائس في جميع أنحاء البلاد، التحدي الحالي بأنه 'جدي وعميق الجذور'.
من ناحية أخرى وإلى جانب كل ذلك، فإن لندن لم تعد مدينة المجون واللهو، فقد انخفض عدد صالات القمار وقل عدد روادها، وشهدت المملكة المتحدة بالفعل انخفاضًا في عدد صالات القمار في السنوات الأخيرة. ووفقًا لتقرير صادر عن 'لجنة المقامرة' في المملكة المتحدة، انخفض عدد صالات القمار من 659 في مارس 2014 إلى 583 في مارس 2022، ما يمثل انخفاضًا بنسبة 11.5 %. ويعود هذا التراجع إلى عوامل عدة، منها التغيرات في التشريعات وزيادة الوعي حول مشكلات المقامرة.ووفقًا لتقرير نشر في ديسمبر 2024، شهدت المملكة المتحدة انخفاضًا حادًا أيضًا في عدد الملاهي الليلية، حيث تراجع العدد من 1,700 ملهى في العام 2013 إلى 787 في العام 2024. هذه الأرقام تشير إلى أن حوالي 54 % من الملاهي الليلية أغلقت أبوابها خلال هذه الفترة، مع تسارع الإغلاقات بعد جائحة كوفيد - 19، إلا أن العامل الأكثر تأثيرا هو أن الجيل الشاب لم يعد مولعا بارتياد الملاهي، ويفضّل قضاء الوقت وراء شاشات وسائل التواصل الاجتماعي.
إلى جانب ذلك فقد أظهرت دراسة حديثة أن ما يقرب من نصف الشباب البريطاني الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و34 عامًا، وثلث من هم في منتصف العمر (35 - 54 عامًا)، لم يعودوا يرتادون حانات شرب الخمر، ولا يشربون الكحول أو توقفوا عن شربها نتيجة لارتفاع مستوى الوعي الصحي لديهم.
إن المتأثرين سلبًا من هذه التحولات أخذوا يحذرون ويتباكون على تأثيراتها وأضرارها الاقتصادية، ويشيرون إلى أن قطاع الليل في بريطانيا، بكل مكوناته من مطاعم وحانات ودور عروض فنية وملاهٍ ليلية، كان يولد نحو 66 مليار جنيه إسترليني سنويا، ويوفر فرص عمل لنحو 1.3 مليون شخص، بحسب جمعية 'أن.تي.آي.إي' المختصة بالقطاع.
أما بالنسبة للمسلمين فإن مثل هذه التطورات سيكون لها تأثير إيجابي على تجربتهم خلال شهر رمضان في بريطانيا، وتجعلهم يحسون بالاطمئنان والارتياح وهم يرون هذا التحول الثقافي والاجتماعي الذي يشهده المجتمع البريطاني نحو أنماط حياة أكثر ملاءمة مع ثقافتهم ومعتقداتهم وأساليب حياتهم، وأكثر صحة ووعيًا ومسؤولية خاصة بين الأجيال الشابة.
وقد توجت هذه المشاهد قبل أيام بانتشار مقاطع فيديو مصورة على مواقع التواصل الاجتماعي يظهر في واحد منها الملك تشارلز والملكة كاميلا وهما يشاركان في توزيع التمر لإعداد وجبات الإفطار التي ستوزع على المرضى في المستشفيات في لندن، وفي الفيديو الآخر يصدح المؤذن بأذان المغرب في الجناح الملكي بقلعة وندسور قبل أن يبدأ الصائمون بتناول وجبة الإفطار على المائدة التي أعدها الملك تشارلز لعدد كبير من المسلمين البريطانيين.
وهكذا تستمر الحياة، وتبقى أبواب لندن مفتوحة للمؤمنين والصائمين والفارين من الفقر والظلم والاستبداد، ولعشاق الحرية والجمال، وتظل قلعة للفن والثقافة والإبداع، الطوابير الطويلة تصطف يوميًا طوال فصول العام بزوار من مختلف الألوان والأوطان تنتظر دورها لدخول متاحفها العريقة، وطوابير مماثلة على مداخل دور السينما والمسارح الراقية لحضور العروض والمسرحيات التي ظل بعضها معروضًا يلاقي إقبالًا ورواجًا مستمرًا لسنوات طويلة مثل مسرحية 'فانتوم أوف ذا أوبرا'، ومسرحية 'البؤساء' وغيرهما الكثير.
وتظل الصحافة في بريطانيا مزدهرة تتمتع بسلطتها الرابعة، وقرائح الكتاب والمؤلفين تتفتق بإبداعات رائعة، والمخرجون يلتقطونها، والناشرون ينشرونها ويصدرون الكتب ويبثونها عبر المنصات الرقمية، الملايين من الكتب يتم إصدارها وتوزيعها، والقراء والمتابعون بالملايين أيضًا، تجدهم في كل مكان، في الباصات وعربات القطارات وعلى كراسي المقاهي وغيرها، الناس يقرأون والمكتبات مزدحمة، والفنانون يبدعون في مختلف آفاق وميادين الفنون؛ الموسيقى، الغناء، الرقص، الرسم، النحت، التصوير وغيرها، عجلات الفكر والإبداع تدور دون توقف، الدولة ترعى وتحترم المفكرين والفنانين والمبدعين ولا تخاف منهم، المجتمع يحمي ويشجع الحراك الفني والثقافي، رجال المال والثروات يدعمون ويقتنون ويشاركون و يتهافتون على صالات المزادات، هنا تُحترم الحياة، ويُحترم الفن ويُقدر ويُقدس، ومن خلاله يُحترم الإنسان، وهكذا تُبنى الأمم وتُحفظ الأنظمة والأوطان، ورمضان كريم.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البلاد البحرينية
منذ 5 أيام
- البلاد البحرينية
الكلمة مسؤولية... كيف نختار ما نقول؟
الكلمة ليست مجرد أصوات تُنطق أو حروف تُكتب، بل هي أداة قوية تخترق الحواجز لتصل إلى أعماق النفس البشرية؛ فتكمُن خطورتها في قدرتها على إنقاذ روحٍ من ظلام اليأس بكلمة طيبة، أو تحطيم قلبٍ بكلمة جارحة، كرصاصة تنطلق بلا عودة، تاركة آثارًا قد تمتدُّ إلى المجتمع بأسره؛ فبكلمة تُبنى الأمم، وبكلمة هدِمت القيم، وبكلمة تُشعل الحروب أو تُطفئ النزاعات، ولذلك أولى الإسلام للكلمة مكانة عظيمة، وجعلها مسؤوليةً يُحاسَب عليها المرء يوم القيامة، كما قال تعالى: (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)، وقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم أروع الأمثلة في اختيار الكلمات حينما قال: (إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ، لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا، يرفع اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ، وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ، لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا، يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ)، وهذا يبيّن بوضوح أن كلمةً واحدةً قد تكون الفارق بين النجاة والهلاك، ودليلًا على أن اللسانَ أعمقُ أثرًا من السنان. وفي عصرنا الراهن، حيث تعددت وسائل النشر، وتنوعت منصات التواصل الاجتماعي، باتت الكلمة تنتشر في ثوانٍ كالوباء، فتتحول الإشاعة إلى أزمة يصعب احتواؤها، قد تنهار سمعةٌ في لحظات، أو تندلع فتنة في مجتمع، أو يهتزّ سوقٌ بأكمله. لقد أصبح التنمّر الإلكتروني سببًا في دفع ضحاياه إلى حافة اليأس، وتحول الخطاب التحريضي إلى شرارة تُشعل الصراعات، فيما تلقي الأخبار الكاذبة بظلالها الثقيلة على الأمن والاستقرار. وهنا تكمُن المفارقة، فالكلمة التي كانت يومًا تتداول شفهيًّا بتأثير محدود، صارت اليوم سلاحًا رقميًّا نافذًا يطول ملايين العقول في لحظة، ما يستدعي منا وعيًا مضاعفًا بمضامينها، وعواقبها. إن مسؤوليتنا تجاه الكلمة هي مسؤولية عظيمة تتطلب منا إدراكًا عميقًا لتأثيرها البالغ في بناء المجتمعات وتشكيل الوعي الإنساني، ما يفرض على حامليها تبعةً أخلاقيةً عاليةً في توظيفها بحكمةٍ وروية؛ فليكن مقصد الكاتب أو المتحدث أن يبني جسور الفهم، لا أن يهدم قِيم التواصل، وأن يكون النقد مرآة تُظهر العيوب لتُصلحها لا سيفًا يُشهر لجرح الكرامات، أو اصطياد الهفوات. إن حرية الكلمة لا تعني أن يُطلق الإنسان لسانه، أو قلمه في نشر الأكاذيب، أو في تشويه صورة الآخرين، أو في إذكاء الفتن والفرقة بين الأفراد والمجتمعات؛ فالكلمة مسؤولية، وعلى من يملكها أن يُتقن استخدامها بحذر وحكمة، كي تكون مصدر خير وفائدة لا مصدر ضرر وهدم.


البلاد البحرينية
١٤-٠٥-٢٠٢٥
- البلاد البحرينية
الكلمة مسؤولية: كيف نختار ما نقول؟
الكلمة ليست مجرد أصوات تُنطق أو حروف تُكتب، بل هي أداة قوية تخترق الحواجز لتصل إلى أعماق النفس البشرية؛ فتكمُن خطورتها في قدرتها على إنقاذ روحٍ من ظلام اليأس بكلمة طيبة، أو تحطيم قلبٍ بكلمة جارحة، كرصاصة تنطلق بلا عودة، تاركةً آثارًا قد تمتدُّ إلى المجتمع بأسره؛ فبكلمة تُبنى الأمم، وبكلمة أُهدِمت القيم، وبكلمة تُشعل الحروب أو تُطفئ النزاعات، ولذلك أولى الإسلام للكلمة مكانةً عظيمة، وجعلها مسؤوليةً يُحاسَب عليها المرء يوم القيامة، كما قال تعالى: ﵟ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﵞ، وقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم أورع الأمثلة في اختيار الكلمات حينما قال:( إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ، لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا، يرفع اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ، وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ، لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا، يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ)، وهذا يبيّن بوضوح أن كلمةً واحدةً قد تكون الفارق بين النجاة والهلاك، ودليلاً على أن اللسانَ أعمقُ أثرًا من السنان. وفي عصرنا الراهن، حيث تعددت وسائل النشر، وتنوعت منصات التواصل الاجتماعي، باتت الكلمة تنتشر في ثوانٍ كالوباء، فتتحول الإشاعة إلى أزمة يصعب احتواؤها، قد تنهار سمعةٌ في لحظات، أو تندلع فتنةٌ في مجتمع، أو يهتزّ سوقٌ بأكمله. لقد أصبح التنمّر الإلكتروني سببًا في دفع ضحاياه إلى حافة اليأس، وتحول الخطاب التحريضي إلى شرارة تُشعل الصراعات، فيما تلقي الأخبار الكاذبة بظلالها الثقيلة على الأمن والاستقرار، وهنا تكمُن المفارقة: فالكلمة التي كانت يومًا تتداول شفهيًا بتأثير محدود، صارت اليوم سلاحًا رقميًا نافذًا يطال ملايين العقول في لحظة، مما يستدعي منا وعيًا مضاعفًا بمضامينها، وعواقبها. إن مسؤوليتنا تجاه الكلمة هي مسؤولية عظيمة تتطلب منا إدراكًا عميقًا لتأثيرها البالغ في بناء المجتمعات وتشكيل الوعي الإنساني مما يفرض على حامليها تبعةً أخلاقيةً عاليةً في توظيفها بحكمةٍ وروية؛ فليكن مقصد الكاتب، أو المتحدث أن يبني جسور الفهم، لا أن يهدم قِيم التواصل، وأن يكون النقد مرآة تُظهر العيوب لتُصلحها لا سيفًا يُشهر لجرح الكرامات، أو اصطياد الهفوات. إن حرية الكلمة لا تعني أن يُطلق الإنسان لسانه، أو قلمه في نشر الأكاذيب، أو في تشويه صورة الآخرين، أو في إذكاء الفتن والفرقة بين الأفراد والمجتمعات؛ فالكلمة مسؤولية، وعلى من يملكها أن يُتقن استخدامها بحذر وحكمة، كي تكون مصدر خير وفائدة لا مصدر ضرر وهدم.


البلاد البحرينية
٢٨-٠٤-٢٠٢٥
- البلاد البحرينية
بيع رسالة ناجي من تيتانيك مقابل 400,000 دولار
بيعت رسالة نادرة كتبها أحد ركاب السفينة "تيتانيك" قبل أيام فقط من غرقها، بمبلغ 300 ألف جنيه إسترليني (نحو 400 ألف دولار أميركي) في مزاد أُقيم في المملكة المتحدة، وهو مبلغ يفوق بخمسة أضعاف التقديرات الأولية التي توقعت أن تحقق الرسالة نحو 60 ألف جنيه فقط. الرسالة التي وُصفت بأنها "متنبئة" كتبها العقيد الأمريكي أرشيبالد جرايسي، أحد ركاب الدرجة الأولى على متن السفينة المنكوبة، وأرسلها لأحد معارفه قائلاً فيها إنه "ينتظر نهاية الرحلة" قبل أن يصدر حُكماً على "السفينة الجميلة"، في عبارة أثارت اهتمام هواة المقتنيات التاريخية لما تحمله من دلالات مأساوية. تعود الرسالة إلى 10 أبريل 1912، اليوم الذي صعد فيه جرايسي على متن تيتانيك من ميناء ساوثهامبتون، أي قبل خمسة أيام فقط من اصطدام السفينة بجبل جليدي وغرقها في شمال المحيط الأطلسي، في واحدة من أشهر الكوارث البحرية في التاريخ. وقد كُتبت الرسالة من المقصورة C51 وتم إرسالها أثناء توقف السفينة في كوينزتاون بإيرلندا، ثم وُضعت عليها ختم لندن في 12 أبريل. العقيد جرايسي كان من بين 2200 راكب وأفراد طاقم على متن تيتانيك، وقد نجا من الغرق لكنه توفي بعد ذلك بعام متأثراً بمضاعفات التجربة. وذكرت دار مزادات "هنري ألدريدج آند سون" التي تولّت بيع الرسالة في مقاطعة ويلتشير، أن الوثيقة التاريخية جذبت اهتمامًا عالميًا، وحققت أعلى سعر تم تسجيله لأي رسالة كُتبت على متن تيتانيك، وفقاً لتقرير بثّته هيئة الإذاعة البريطانية. تنبه صحيفة البلاد مختلف المنصات الإخبارية الإلكترونية الربحية، لضرورة توخي الحيطة بما ينص عليه القانون المعني بحماية حق الملكية الفكرية، من عدم قانونية نقل أو اقتباس محتوى هذه المادة الصحفية، حتى لو تمت الإشارة للمصدر.