
مفتي الجمهورية: التّعارف الإنسانيّ مبدأ ديني
أكد الدكتور نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، أن مبدأ التّعارف الإنسانيّ يعدّ من أهمّ المبادئ الدّينيّة، والقيم الحضاريّة في الإسلام، وهو ما أمر به الله سبحانه وتعالى في قوله تعالى ﴿يا أيّها النّاس إنّا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا إنّ أكرمكم عند اللّه أتقاكم إنّ اللّه عليم خبير﴾.
وأوضح أنه الأصل الّذي ينبني عليه مبدأ التّعارف الإنسانيّ في الإسلام، هو الخلق من نفس واحدة.
وأضاف مفتي الجمهورية، خلال كلمته في مؤتمر المجلس الإسلامي الأعلى بالجزائر الذي يعقد بعنوان "التعارف الإنساني وأثره في إرساء العلاقات وتحقيق التعايش"، أن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قد ترجم هذا المبدأ ترجمةً عمليّةً من خلال وثيقة المدينة المنوّرة، وما حدّده من عهود مع نصارى نجران، وهو الأمر الذي يؤكّد احترام الإسلام لثقافات الشّعوب ومعتقداتها، وسعيه لفتح آفاق التّعاون بين البشر.
وبين أن من حقّ كلّ أمّة أن تكون لها ثقافتها، ومنظومتها الاجتماعيّة والسّياسيّة والقيميّة الخاصّة، وأن الحوار المستمرّ بين الثّقافات هو الذي يرسّخ قيم التّسامح والاحترام المتبادل والتّعدّديّة الثّقافيّة، موضحا أننا إذا أردنا أن نناقش آليّات تفعيل مبدأ التّعارف الإنسانيّ، فإنّه لا ينبغي لنا أن نناقشها بمعزل عن التّحدّيات الكبيرة الّتي نواجهها بشكل صارخ، والمتمثلة في حروب الإبادة الّتي تمارسها بعض الكيانات بحقّ الضّعفاء والمساكين، والّتي أصبحت عارًا كبيرًا في جبين الإنسانيّة إلى يوم الدّين.
في السياق ذاته، أكد المفتي أن أبشع صور هذا التحدي الإنساني الجسيم تتمثل فيما يرتكبه الاحتلال الإسرائيلي الغاصب بحقّ أهلنا في غزّة الجريحة؛ إذ تمارس آلة البطش الإسرائيلي جرائمها البشعة في وضح النهار، بلا وازع من ضمير، ولا رادع من قانون، مشيرا إلى أن البيوت باتت تقصف على رؤوس قاطنيها، والأطفال يُنتزعون من بين أكفّ أمهاتهم جثثًا هامدة، والنساء تُستهدف في مآوي النزوح، لتتحول الحياة في هذه البقعة من الجغرافيا إلى جحيم دائم لا يطاق في ظل تواطؤ عالمي سافر.
وشدد المفتي، على أنّ هذه الحروب قد سبقتها نظريّات عنصريّة، ومعارف متطرّفة، كرّست لمبدأ صدام الحضارات، وحتميّة المواجهة بين الأديان، وضرورة الصّراع بين الشّرق والغرب، مضيفًا: أننا توقّفنا في كثير من جهودنا عند مبدأ التّعارف الدّينيّ ولم نتجاوزه إلى مرتبة التّعارف الحضاريّ،، ومن ثم بذلنا جهودًا كبيرةً في سبيل تعزيز التّعارف والتّقارب الدّينيّ، وأنجزنا إنجازات نوعيّةً في هذا المسار، توّجت بـ"وثيقة الأخوّة الإنسانيّة" الّتي وقّعها الأزهر الشّريف مع الكنيسة الكاثوليكيّة، ووصلنا إلى صيغة تفاهم رشيدة نحو تعزيز مبادئ "الحوار الإسلاميّ–الإسلاميّ".
ودعا إلى ضرورة أن تكون فكرة "التّعارف الحضاريّ" بين الشّعوب والأمم من أهمّ الأفكار الارتكازيّة والمحوريّة في المنظومة الفكريّة والميدانيّة للمؤسّسات الدّينيّة – الإسلاميّة والمسيحيّة – حتّى تضطلع بدور محوريّ في وقف الصّراعات الدّائرة اليوم، مشددا على أنّ من أهمّ عوامل تحقيق "التّعارف الحضاريّ" هو: السّعي نحو امتلاك أدوات العلم والقوّة، الأمر الّذي يحقّق التّوازن بين الشّعوب والأمم، ومن هذا المنطلق يأتي دورنا لدعم قياداتنا السّياسيّة والوطنيّة والعسكريّة، الّتي تيقّظت لهذا الأمر، وتسلّحت بسلاح الإيمان والعلم والمعرفة، وتمكّنت من تحقيق هذا التّوازن القويّ.
وفي ختام كلمته نبه فضيلة المفتي إلى أن الله أنعم على البشريّة في هذا العصر ببرامج وأدوات الذّكاء الاصطناعيّ المتنوّعة، إلا أنّ الإنسان أصبح الآن يستخدم الذّكاء الاصطناعيّ لقتل أخيه الإنسان، وتدمير أرضه، وأصبحت جماعات الصّدام الحضاريّ وحركاته تروّج لضرورة استخدام هذه البرامج وتلك الأدوات في تدمير الآخر.
وشدد على ضرورة استخدامه في مجالات الإغاثة الإنسانيّة، ومواجهة الفقر والجهل والمرض، وهو ما يحتّم على المؤسّسات الدّينيّة والعلميّة أن توجّه خطابها وبرامجها نحو تأصيل هذه الرّؤية الرّشيدة، ووضع ميثا أخلاقي عالمي يؤطّر لاستخدام الذّكاء الاصطناعيّ وفق ضوابط تضمن تكريس ثقافة السّلام والتّعايش الآمن بين الشّعوب والثّقافات كافّةً، بما يسهم في خدمة الإنسانيّة وتقدّمها.
وتأتي مشاركة فضيلة مفتي الجمهورية في هذا المؤتمر؛ اضطلاعًا بدور دار الإفتاء المصرية في تفعيل الحضور العلمي والدعوي في المحافل الدولية التي تُعنى بتعزيز قيم الحوار والتفاهم بين الشعوب، وتأكيدًا على الدور الريادي للمؤسسات الدينية في العالم الإسلامي في بناء الجسور الفكرية بين الثقافات، وترسيخ مبادئ السلام الإنساني، ويُشارك في المؤتمر نخبة من كبار العلماء والمفكرين من مختلف دول العالم؛ لمناقشة قضايا التعايش المشترك، وسبل مواجهة التحديات الفكرية والإنسانية الراهنة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


24 القاهرة
منذ 24 دقائق
- 24 القاهرة
مجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي يقر مشروع القرار المقدم من اتحاد إذاعات وتليفزيونات دول المنظمة في اجتماعه الـ51 بأنقرة
أقر مجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي، في اجتماعه الحادي والخمسين المنعقد بالعاصمة التركية أنقرة، مشروع القرار المقدم من اتحاد إذاعات وتلفزيونات دول منظمة التعاون الإسلامي، وذلك في خطوة تُجسد الدور الريادي الذي يضطلع به الاتحاد في دعم قضايا الأمة الإسلامية عبر الإعلام، وتعزيز أطر التعاون الإعلامي بين الدول الأعضاء. مجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي يقر مشروع القرار المقدم من اتحاد إذاعات وتلفزيونات دول المنظمة ويُعد هذا الإقرار تتويجًا للجهود الدؤوبة التي بذلها الاتحاد، برئاسة الدكتور عمرو الليثي ، من أجل تعزيز العمل الإعلامي المشترك، وتطوير آلياته، والنهوض بدور الإعلام في نشر قيم التسامح والاعتدال، والتصدي لحملات التشويه التي تستهدف صورة الإسلام والمسلمين. وجاء اعتماد المجلس لمشروع القرار كجزء من مخرجات الدورة الـ51، التي ناقشت عددًا من الملفات الحيوية على الساحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بما يعزز مسيرة التضامن والتكامل بين الدول الأعضاء، ويمنح الإعلام دورًا محوريًا في بناء جسور التفاهم والدفاع عن قضايا العالم الإسلامي. وأعرب الدكتور عمرو الليثي عن تقديره لهذا الدعم، مؤكدًا أن إقرار مجلس وزراء الخارجية لمشروع القرار المقدم من الاتحاد يُشكل دفعة قوية لمواصلة أداء رسالته، وتكريس الإعلام كأداة استراتيجية في خدمة شعوب الأمة الإسلامية، وتمتين التعاون المهني والتقني بين المؤسسات الإعلامية في دول المنظمة. سلوى محمد علي في ضيافة عمرو الليثي ببرنامج واحد من الناس.. الاثنين عمرو الليثي يلتقي بـ أحمد السقا خلال رمي الجمرات: اللهم تقبل منا واجعلها خالصة لوجهك

24 القاهرة
منذ 39 دقائق
- 24 القاهرة
المفتي عن حفلات التخرج: جائزة شرعًا ما دامت تراعي الضوابط الشرعية والاحتشام وستر العورات
أجاب الدكتور نظير عياد مفتي الجمهورية، على سؤال ورد إليه نصه: ما الحكم الشرعي في إقامة احتفال للتخرج في الجامعة؟ وقال المفتي عبر الموقع الرسمي لدار الإفتاء المصرية: إقامة حفلات التخرج الجامعي أمر جائز شرعًا ما دامت تراعي فيها الآداب والضوابط الشرعية التي من شأنها ضبط تصرفات الإنسان وفق ما يرضي الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، ككون هذه الاحتفالات لإظهار نعمة الله لا للرياء والفخر والاستطالة، ووجوب الالتزام بالاحتشام وستر العورات، وألا تشتمل على أمور محرمة شرعًا. الإفتاء: التهنئة بمناسبة رأس السنة الهجرية جائزة شرعا ولا بدعة فيها هل يجوز تعليم النساء للرجال علوم القرآن وتلاوته؟.. الإفتاء تجيب وأضاف المفتي: مع الالتزام بالآداب التعليمية والأخلاق الشرعية والقيم والأعراف المجتمعية، على أن تكون تلك الحفلات داخل المؤسَّسات التعليمية التي تخرج فيها الطلاب، أو في أماكن تشرف عليها المؤسسة التعليمية متى أمكن ذلك؛ ضمانًا للانضباط وعدم الخروج على الأعراف والقيم. حث الشرع الشريف على طلب العلم وأكمل المفتي: حثت نصوص القرآن الكريم والسُّنَّة النبوية المطهرة على طلب العلم وبذل الجهد في تحصيله، وتطابقت دلائلها الصريحة على فضيلة العلم والتعلم، فجعلت ذلك عبادةً من أجلِّ العبادات، وقربةً من أفضل القربات تعبدًا وأعظمها أجرًا وأكثرها ثوابًا، قال الله تعالى: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ [المجادلة: 11].


النهار المصرية
منذ 39 دقائق
- النهار المصرية
الجبهة الوطنية: الصراع المستمر ينذر بفوضى إقليمية
حذر المهندس باسم الجمل، القيادي بحزب الجبهة الوطنية، من خطورة استمرار التصعيد العسكري في المنطقة، في ظل احتدام المواجهة بين إسرائيل وإيران، وتصاعد التوتر مع دخول الولايات المتحدة على خط الأزمة عبر استهداف منشآت نووية إيرانية. وأكد الجمل أن استمرار وتيرة العنف وغياب لغة الحوار سيقود المنطقة إلى أزمة معقدة قد تتجاوز كل السبل المتاحة للحل، داعيًا إلى ضرورة تغليب الوسائل الدبلوماسية والعودة إلى طاولة المفاوضات كخيار وحيد لتجنب الانزلاق نحو الفوضى. وأشار إلى أن مصر، بقيادتها السياسية، كانت من أوائل الدول التي حذرت من خطورة التصعيد الجاري، حيث دعت إلى التهدئة ونددت بالاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي الإيرانية، معربة عن بالغ قلقها إزاء التطورات المتسارعة التي تهدد الأمن والسلم الدوليين. وشدد الجمل على أن استمرار دائرة الصراع سيؤدي حتمًا إلى زعزعة استقرار المنطقة بأسرها، ويفتح الباب أمام موجات جديدة من التوتر والعنف، محذرًا من تجاهل الأصوات الداعية إلى السلام والحلول السياسية. وأضاف الجمل أن الحلول الدبلوماسية هي السبيل الوحيد لتحقيق تسوية دائمة ومستقرة، داعيًا إلى ضبط النفس وتغليب لغة الحوار وبناء أرضية مشتركة للتفاهم بين الأطراف المتنازعة، حفاظًا على الأمن والاستقرار. وفي ختام تصريحاته، جدد المهندس باسم الجمل دعم حزب الجبهة الوطنية الكامل للقيادة السياسية المصرية، وعلى رأسها السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، مؤكدًا تفويض الحزب والشعب المصري له في اتخاذ ما يراه مناسبًا من قرارات وإجراءات لحماية الأمن القومي المصري والعربي. وقال الجمل: "في ظل ما تمر به منطقتنا والعالم من تطورات معقدة، نقف صفًا واحدًا خلف الرئيس السيسي ونقدر جهوده الحثيثة لتحقيق السلام الإقليمي والدولي، وندعم توجهاته الساعية للحفاظ على أمن مصر واستقرارها". واختتم بقوله: "حفظ الله مصر وقيادتها الحكيمة".