
علماء الأمة يطلقون "ميثاق طوفان الأقصى" لتوحيد الموقف الشرعي تجاه جرائم الاحتلال
إسطنبول- أطلق علماء الأمة الإسلامية اليوم الجمعة، "ميثاق علماء الأمة في طوفان الأقصى وتداعياته" في تجمع علماء حاشد عقد في مدينة إسطنبول ، بمشاركة واسعة من كبار العلماء والدعاة من مختلف الدول الإسلامية، إلى جانب مؤسسات علماء من شتى البلدان.
ويأتي الحدث ثمرةَ مشاورات موسعة استمرت أشهرا بين مؤسسات إسلامية وعلمية، في ظل استمرار المجازر التي ترتكبها قوات الاحتلال في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الثاني 2023.
وشهد المؤتمر حضور عدد من كبار العلماء والدعاة من فلسطين، ومصر، وسوريا، والعراق، وتركيا، والمغرب العربي، واليمن، والسعودية، والسودان، وشرق آسيا، وغيرها، حيث بلغ عدد الهيئات ورابطات العلماء الموقعة على الميثاق 37 هيئة، بينما تجاوز عدد العلماء والشيوخ الموقعين 350 عالما وشيخا من مختلف أنحاء العالم الإسلامي.
واجب تجاه فلسطين
حصلت الجزيرة نت على نسخة من الميثاق الذي اعتمد رسميا في المؤتمر، وهو وثيقة توجه رسالة للأمة ولعلمائها وحكامها بأن فلسطين، بكامل أراضيها ومقدساتها، هي جزء لا يتجزأ من هوية المسلمين، وأن الجهاد لتحريرها، وفي مقدمتها المسجد الأقصى ، واجب شرعي لا يقبل التنازل.
ويؤكد الميثاق أن فلسطين أرض إسلامية، وأن الكيان الصهيوني باطل شرعا وقانونا، ولا يمكن القبول بأي شكل من أشكال التطبيع معه. كما يشدد على أن المقاومة واجب على كل مسلم، وأن الجهاد ضد هذا الاحتلال، هو جهاد دفع لا يتطلب إذنا من الحاكم أو تكافؤا في القوى، بل هو فرض عين على الأمة الإسلامية.
وتركز الوثيقة على ضرورة دعم المجاهدين في فلسطين في مختلف الجوانب: النفس، المال، والكلمة، باعتبارهم يمثلون طليعة الأمة في مواجهة الاحتلال. كما تدعو إلى مقاطعة جميع المنتجات والشركات التي تدعم الكيان الصهيوني، مؤكدا أن كل تعاون مع الاحتلال يعد خيانة لقضية فلسطين.
ويتناول الميثاق تفصيلاً الواجبات التي تقع على عاتق العلماء والحكام وأفراد الأمة في هذه المعركة المصيرية. إذ يطالب العلماء بتوجيه الأمة نحو الجهاد والتوعية بأهمية دعم المجاهدين، في حين يحمل الحكام المسؤولية الأكبر في قطع العلاقات بالاحتلال الإسرائيلي وتوجيه كافة الإمكانات لصالح المقاومة.
أما الأمة، فيشدد عليها بتربية الأجيال الجديدة على قيم الجهاد وحماية المقدسات الإسلامية، داعيا إلى التضامن الكامل مع الشعب الفلسطيني في محنته.
وختاما، يؤكد الميثاق، أن معركة طوفان الأقصى هي جزء من صراع مستمر ضد مشروع الاحتلال الصهيوني، وأن الأمة مطالبة بتكثيف تضحياتها في كافة المجالات، بما يتناسب مع التحديات التي فرضها هذا الاحتلال على أرض فلسطين والمقدسات الإسلامية.
توحيد الخطاب
أكد الدكتور عبد الحي يوسف، رئيس لجنة الميثاق، أن "ميثاق علماء الأمة بشأن طوفان الأقصى وتداعياته" يعكس الاستجابة الطبيعية لدور العلماء في بيان الحق وتوضيحه للأمة، لا سيما في مواجهة ما سماه حملة شرسة يقودها بعض الأشخاص الذين يتنكرون للدين، والذين حاولوا تزييف الحقائق وادعوا أن معركة "طوفان الأقصى" عمل غير مشروع وإرهاب.
وأوضح يوسف في حديث للجزيرة نت، أن الميثاق يتكون من خمسة أبواب تبدأ بديباجة توضح المصطلحات التي قد تكون غامضة، مثل الصهيونية، والسردية الصهيونية، والأقصى، وفلسطين، وحدودها وجهاد الدفع والمقاومة، مع توفير تعريفات "جامعة مانعة" لهذه المفاهيم لضمان فهم دقيق من الجميع.
وأشار إلى أن الميثاق يهدف إلى ضبط خطاب العلماء في مواجهة التطورات المختلفة. ولفت إلى أن التنسيق بين هيئة علماء فلسطين وبقية الهيئات الإسلامية من مختلف البلدان يتم لضمان أن يظل الخطاب موحدا ومتسقا في جميع القضايا المطروحة، بما فيها الإجابة عن الشبهات التي يروج لها بعضهم، مثل تلك التي تدعي أن تسليم سلاح المقاومة أو القبول بالتهجير هو حقن للدماء، مؤكدا أن هذه الكلمات قد تكون مغلوطة في سياق استخدامها لتحقيق أهداف مشبوهة.
وتحدث رئيس لجنة الميثاق عن ضرورة تنسيق خطاب العلماء في الفتاوى في النوازل، مثل تلك التي ظهرت عقب الحرب الإيرانية الصهيونية، التي أدت إلى اضطراب في آراء الناس وتعارض في بعض المواقف.
كما أشار إلى أن الميثاق يسعى لإنتاج خطاب علماء موحد يُوزع على المؤسسات العلمية لضمان أن يكون جميع العلماء في العالم الإسلامي على كلمة واحدة.
رسائل الميثاق
من جانبه، أكد الدكتور نواف التكروري، رئيس هيئة علماء فلسطين، أن الميثاق ليس مجرد بيان عاطفي، بل هو تأصيل علمي شرعي يعكس استجابة دقيقة لما يجري في فلسطين، ويعبر عن موقف الأمة الإسلامية الموحد تجاه العدوان المستمر في غزة. وأضاف أن الميثاق يتناول بالتفصيل أحكام ما جرى ويجري، وما ينبغي أن يحدث وما يجب أن يمنع، ليكون بمثابة مرجعية علمية توضح المواقف الشرعية في هذه القضية الكبرى.
وأشار التكروري في حديث للجزيرة نت، إلى أن هذا الميثاق صيغ بتعاون واسع بين أكثر من 35 مؤسسة علمائية و350 عالما من كبار العلماء، حيث يجمع بين تأصيل شرعي للمواقف المختلفة، بعيدا عن التوظيف السياسي والانحياز الإقليمي.
وفي حديثه عن الرسائل التي يحملها الميثاق، أكد التكروري، أنه موجه أولا إلى العلماء الذين يجب أن يكونوا في مقدمة المدافعين عن الحق، مؤكدا أن العالم الذي لا ينتصر للمظلوم ويصمت عن الظالم يفرط بالأمانة. كما أشار إلى أن الميثاق يدعو الحكام إلى تحمل مسؤولياتهم الشرعية والسياسية، محذرا من أن التخاذل أمام الجرائم الصهيونية لا يمكن أن يكون مقبولا.
كما وجه التكروري رسالة للمفكرين والإعلاميين، مؤكدا أن الدفاع عن غزة ليس خيارا عاطفيا، بل هو موقف حضاري يعيد تعريف العدل والحرية والكرامة.
وعن المجاهدين في غزة، شدد التكروري على أن سلاحهم هو سلاح عزة الأمة وكرامتها.
وقال إن هذا الميثاق يمثل "خطوة جديدة في العمل العلمي الجماعي"، داعيا جميع علماء الأمة ومؤسساتها للانضمام إلى هذا المسار وتوحيد الجهود لمواجهة مشروع الإبادة الذي يمارسه الاحتلال.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
خبير عسكري: عمليات المقاومة تعيق تقدم جيش الاحتلال داخل غزة
قال الخبير العسكري والإستراتيجي العقيد الركن حاتم كريم الفلاحي إن العمليات التي تقوم بها المقاومة الفلسطينية في محاور متعددة من قطاع غزة تؤدي إلى عرقلة تقدم قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى داخل القطاع. وجاء كلام العقيد الفلاحي في سياق تعليقه على المشاهد التي بثتها كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) بشأن استهداف مقاتليها جنود وآليات الاحتلال الإسرائيلي في محاور التوغل بمدينة خان يونس جنوبي القطاع، وذلك ضمن سلسلة عمليات " حجارة داود". وتحدث العقيد الفلاحي عن عمليات متعددة نفذتها كتائب القسام ضد جنود وآليات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة بالاعتماد على العديد من التكتيكات، منها استخدام العبوات والقصف بالهاون وتفخيخ وتفجير الأنفاق. وشملت عملية القسام -يضيف العقيد الفلاحي في تحليله للمشهد العسكري بغزة- مكونات الجيش الإسرائيلي، حيث استهدف مقاتلو القسام ناقلات وقوات راجلة وقوات هندسية، مشيرا إلى أن تعدد المحاور التي تنشط فيها المقاومة يزيد الضغط على جيش الاحتلال ويعيق تقدمه إلى داخل القطاع. ولفت إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي حاول في الفترة الماضية أن يمارس ضغوطه على منطقة خان يونس وعلى المنطقة الشمالية من قطاع غزة بغرض فرض سيطرته على ما نسبه 75% من الأراضي، وحصر المقاومة في منطقة جغرافية ضيقة. وبشأن استخدام بروتوكول " هانيبال"، قال العقيد الفلاحي إن جيش الاحتلال الإسرائيلي يسارع إلى تفعيل هذا المبدأ لتجنب وقوع قواته أسرى لدى المقاومة، وهو ما فعله في منطقتي الشجاعية و جباليا شمالي قطاع غزة وغيرهما من المناطق. وكشفت كتائب القسام أن جيش الاحتلال فعّل بروتوكول "هانيبال" عندما فجّر مقاتلوها في 16 يونيو/حزيران الجاري عين نفق في منطقة القديحات في عبسان الكبيرة شرق مدينة خان يونس، وقالت القسام إن ذلك حصل فور تقدم مقاتليها لسحب ضابط قتل في العملية. وتواصل فصائل المقاومة عملياتها ضد قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي، وأعلنت كتائب القسام في وقت سابق أن مقاتليها قنصوا جنديا إسرائيليا قرب "تلة المنطار" شرق حي الشجاعية، في حين قالت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي إنها قصفت مع كتائب القسام بقذائف الهاون تجمعا لجنود وآليات إسرائيلية شمال خان يونس. كما أكدت القسام تدمير دبابتي " ميركافا" وناقلة جند وجرافة عسكرية بعبوات أرضية شديدة الانفجار معدة مسبقا يوم الجمعة الماضي في شرق جباليا.


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
الحرب على غزة مباشر.. 100 شهيد حصيلة المجازر وترامب يتحدث عن اتفاق قريب لوقف إطلاق النار
مع دخول اليوم الـ103 من استئناف حرب الإبادة على غزة واصلت طائرات الاحتلال استهداف المدنيين بعد أن ارتكبت أمس الجمعة مجازر أسفرت عن نحو 100 شهيد.


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
هل تنجح خطة نتنياهو لـ"شرق أوسط جديد" أم يفرض العرب واقعا مختلفا؟
بعد الغارات التي نفذتها إسرائيل بمشاركة أميركية على منشآت نووية إيرانية بدا أن تل أبيب تتحرك بأقصى ما تملك من قوة لإعادة رسم خريطة المنطقة متسلحة بما تصفه بـ"نصر إستراتيجي" على العدو الأخطر، ومروجة لفكرة شرق أوسط جديد تنحسر فيه مكانة إيران وتتلاشى القضية الفلسطينية. ولم تكن الخريطة التي عرضها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قبل أشهر في الأمم المتحدة وغابت عنها الضفة الغربية و قطاع غزة مجرد صورة رمزية، فوفق المتابعين تمثل جزءا من تصور إسرائيلي لواقع إقليمي جديد تُحسم فيه القضايا العالقة بالقوة، وتتقدم فيه إسرائيل إلى صدارة المشهد كقوة مهيمنة لا كفاعل بين آخرين. وفي هذا السياق، يرى الباحث الأول بمركز الجزيرة للدراسات الدكتور لقاء مكي في حديثه لبرنامج "مسار الأحداث" أن الضربة ضد إيران لم تكن سوى تتويج لسلسلة ممتدة من العمليات التي استهدفت ما تسميه إسرائيل "وكلاء طهران"، من غزة إلى لبنان. ووفق مكي، فإن المشروع الإسرائيلي لا يقتصر على تفكيك المحور الإيراني، بل يمتد ليشمل فرض نموذج شرق أوسطي جديد يقوم على التعاون الاقتصادي والانضباط الأمني، ويقصي كل من يعارضه. وتستند الرؤية الإسرائيلية -كما يصفها- إلى تصفية القوى الخارجة عن سيطرة الدولة، وتحويل دول المنطقة إلى كيانات "مطبعة" منشغلة بالتنمية، في حين تُقصى الجماعات المناهضة لإسرائيل وتُحاصر الأنظمة غير المنسجمة مع منطق السوق والتحالفات الغربية. تحولات سياسية كبرى ولا تبدو المعركة الأخيرة مجرد ضربة عسكرية، فبحسب تل أبيب باتت إيران أبعد عن امتلاك القدرة النووية، مما يمهد الطريق أمام تحولات سياسية كبرى، ومع ذلك يشير مكي إلى أن هذا الطموح يغفل حجم التعقيدات في المنطقة، ويحمل شيئا من الغرور الذي قد يصطدم مجددا بوقائع لا تنكسر بسهولة. أما الخبير في الشؤون الإسرائيلية مهند مصطفى فيتحدث عن 3 مقاربات إسرائيلية لرؤية الشرق الأوسط الجديد: الأولى ظهرت في تسعينيات القرن الماضي حين ربط شيمون بيريز بين السلام مع الفلسطينيين واندماج إسرائيل في المنطقة، وتمثلت الثانية في تجاوز القضية الفلسطينية لصالح تطبيع سريع ومباشر مع العرب. أما المقاربة الحالية التي يقودها نتنياهو فترتكز على التفوق العسكري وحده، وهي لا حاجة فيها لاتفاقيات أو مقترحات سلام، بل قوة ضاربة تُسكت الخصوم وتفرض إيقاعا جديدا على الإقليم، وهكذا لا تعود تل أبيب تطالب بحل سياسي، بل تسعى إلى تصفية القضية الفلسطينية بالقوة بالتوازي مع تفكيك النفوذ الإيراني. وبناء على هذه الركائز ترى إسرائيل أن إضعاف محور المقاومة وحسم الصراع الفلسطيني لصالحها يقودان حتما إلى تطبيع واسع مع العرب، وتعود في ذلك -بحسب مصطفى- إلى نظرية جابوتنسكي القديمة "العرب لا يقبلون بإسرائيل إلا إذا كانت قوة لا تُقهر". لكن المعطيات على الأرض لا تسير في هذا الاتجاه بالسهولة المتخيلة، فحتى وإن تلقت إيران ضربة موجعة -كما تقول واشنطن وتل أبيب- فإن قدرتها على إعادة بناء برنامجها النووي لم تتلاشَ، كما أن الأطراف العربية -خاصة السعودية ومصر- لم تسلّم بعد بقيادة إسرائيلية للإقليم. الرؤية الأميركية للمنطقة بدوره، يرى الخبير العسكري الدكتور أحمد الشريفي أن الرؤية الأميركية للشرق الأوسط الجديد تتجاوز إسرائيل وحدها، وتهدف إلى إعادة تشكيل جغرافيا المصالح الأميركية على غرار تجربة الاتحاد الأوروبي، لكنها بشكل يخدم التوازنات الإستراتيجية في وجه خصوم واشنطن، من طهران إلى بكين. ولا يستبعد الشريفي أن تكون الولايات المتحدة بصدد هندسة بنية إقليمية جديدة تجمع الحلفاء وتُقصي الخصوم، لكن هذا لا يعني -من وجهة نظره- أن إسرائيل ستكون القاطرة الوحيدة للمشروع، فدول الخليج وبعض العواصم الإقليمية كأنقرة والدوحة والرياض باتت فاعلة في المعادلة، وتملك أوراقا تجعلها شريكة لا تابعة. وفي خلفية هذه الحسابات، تعود القضية الفلسطينية إلى الواجهة رغم كل محاولات التهميش حسبما يرى الشريفي، فالسعودية مثلا لم تتخل عن شروطها للانضمام إلى ركب التطبيع، وعلى رأسها إقامة دولة فلسطينية على أساس قرارات الشرعية الدولية، بل إنها تعمل على حشد دولي لإطلاق مؤتمر خاص بهذا الهدف. وبحسب مكي، فإن هذا الحراك لا يخرج عن مسار مواجهة الرؤية الإسرائيلية التي تراهن على شطب القضية الفلسطينية من الذاكرة السياسية، كما أن مشاريع التنمية الخليجية الكبرى مثل نيوم تمضي في طريقها دون الحاجة إلى شراكة إسرائيلية، بل ربما تتفوق عليها وتحد من تأثيرها. ولا يُختزل الدور الأميركي في هذا السياق في الدعم العسكري لتل أبيب، فثمة مؤشرات على رغبة في احتواء إيران بدلا من إسقاطها، بل إن تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب -قبل أن يعود للتصعيد- حملت رسائل موجهة لطهران تدعوها إلى الانضمام للنظام الدولي مقابل رفع العقوبات. تبلور محور جديد لكن -كما يقول مكي- فإن طبيعة النظام الإيراني لا تسمح بسهولة بقبول مثل هذا العرض إلا إذا فقدت طهران آخر ما تبقى من رصيدها الأيديولوجي، وحتى في حال الانكفاء لا يبدو أن إسرائيل قادرة على فرض واقع إقليمي منفرد، خاصة في ظل تبلور محور جديد يضم تركيا وبعض العواصم العربية. هذا المحور -الذي تشكل بعض ملامحه العلاقة المتنامية بين أنقرة والرياض وعودة سوريا إلى دائرة التواصل العربي- قد يمثل -وفق مكي- موازنا فعليا للرؤية الإسرائيلية، وإن تطور وتبلور فسيحول دون فرض الشرق الأوسط الذي تحلم به تل أبيب، وسيعيد تشكيل المشهد على نحو مختلف. إعلان ويظهر الإخفاق الإسرائيلي في حسم معركة غزة وترددها في فرض تسوية نهائية في الضفة حدود ما يمكن أن تفعله القوة العسكرية. وعلى الرغم من كل الدعم الأميركي فإن القضية الفلسطينية تبقى عصية على التصفية ما دامت تستعيد حضورها كلما ظن البعض أنها اندثرت. وبينما يحاول نتنياهو تقديم نفسه باعتباره صانع التحولات الكبرى يرى مصطفى أن الداخل الإسرائيلي يشهد صراعا بين تيارين: أولهما إستراتيجي يسعى إلى تسويات عقلانية، وثانيهما أيديولوجي مسياني يرفض أي حل لا يتضمن الهيمنة المطلقة. وفي اللحظة الراهنة يبدو أن واشنطن ممثلة بترامب تراهن على إنقاذ الأول عبر تمكين نتنياهو سياسيا حتى لو تطلب الأمر إعادة تشكيل الائتلاف الحاكم.