logo
تعريب قيادة الجيش.. وسام شرف يزين صدور الأردنيين

تعريب قيادة الجيش.. وسام شرف يزين صدور الأردنيين

الرأي٠٢-٠٣-٢٠٢٥

عدنان مفضي الحدادين
تحتفل الأسرة الأردنية الواحدة الكبيرة وعلى امتداد رقعة الوطن الغالي كل عام بذكرى عزيزة على قلب كل مخلص في أردن ابي الحسين، ألا وهي ذكرى تعريب قيادة الجيش العربي، حيث تحملنا ذاكرة الأيام الى تسعة وسـتين عاماً خلت، كان فيها صوت الحسين طيب الله ثراه مدوياً ومعلناً قراراً قومياً وتاريخياً أثر في التاريخ الأردني بل وفي التاريخ العربي وكان له بصماته الواضحة في التخلص من نير الاستعمار عندما أعلن وبصوته الهاشـمي إنهاء خدمات الفريق جلوب من قيادة الجيش العربي حيث قال: (ايها الضباط والجنود البواسل احييكم اينما كنتم وحيثما وجدتم ضباطاً وحرساً وجنوداً،وبعد، فقد رأينا نفعاً لجيشنا وخدمة لبلدنا ووطننا أن نجري بعضاً من الإجراءات الضروية في مناصب الجيش فنفذناها متكلين على الله العلي القدير متوخين مصلحة امتنا وإعلاء كلمتها وأني آمل فيكم كما هو عهدي بكم النظام والطاعة).
فالأول من آذار عام 1956 شعلة أضاءت آفاق بلادنا بالحرية وملأت قلوبنا بالإيمان بهذا الثرى الطيب وقيادته الحكيمة الشجاعة وزرعت فينا نبتة ما تزال ازهارها تفوح بشذى الكرامة والمجد والفخار لأمة العرب تتنفس عبيرها مع اطلالة كل يوم جديد ومستقبل واعد، فكان التعريب فاتحة خير لأمة العرب لتنهض من سبات طويل واستعمار تعددت اشكاله.
وباستعراض احداث تلك الأيام حول القرار الشجاع لجلالتهِ ومجريات تلك الأحداث التي شهدت إزاحة القيادة الأجنبية وجلاء الضباط الانجليز والخلاص من آخر وأهم صور الاستعمار، الذي لم يخطر بباله مثل هذا القرار نرى فيه اروع الصور للتصميم والصرامة في اتخاذ القرارات التي تخدم الأمة.
ففي صباح يوم 29 شباط 1956 وصل الملك الحسين الى الديوان الملكي في ساعة مبكرة مرتدياً بزته العسكرية وفي عينه تأهب وتحفز وتحد للزمن ليلتقي يومها رئيس الأركان وبدأ جلالته حديثه مستوضحاً منه عن رأيه في تعريب قيادة الجيش العربي، وكان رد جلوب أن هذه المسألة ليست بالسهولة ويقول الحسـين في كتابه مهنتي كملك: (ولما كنت خادماً للشعب فقد كان علي ان اعطي الأردنيين مزيداً من المسؤوليات وكان واجبي ايضاً ان اقوي ثقتهم بأنفسهم وان ارسخ في اذهانهم روح الكرامة والكبرياء القومي لتعزيز قناعتهم بمستقبل الأردن وبدوره ازاء الوطن العربي فالظروف والشروط كانت إذن ملائمة لإعطائهم مكاناً اكثر اهمية في تدبير وادارة شؤون بلادهم لا سيما الجيش، ولكن على الرغم من ان جلوب كان قائداً عاماً للجيش فلم يكن بمقدوره ان ينسى اخلاصه وولاءه لانجلترا وهذا يفسر سيطرة لندن، فيما يخص شؤوننا العسكرية وقد طلبت مراراً من الانجليز أن يدربوا مزيداً من الضباط الأردنيين القادرين على الارتقاء الى الرتب العليا وكان البريطانيون يتجاهلون مطلبي).
وقد أثارت هذه التراكمات سـخط جلالة الملك الحسين وزادت من إصراره على انهاء خدمات القيادة الإنجليزية بأي شكل وأن هذا الأمر يجب أن يتحقق مهما كلف الثمن وفي أقرب وقت وبلا تراجع.
ومع صباح يوم الخميس الأول من آذار عام 1956 أصدر الملك الحسين أمره لرئيس الديوان الملكي في عقد جلسة لمجلس الوزراء يرأسها بنفسه ونفذ الأمر الملكي في الحال لتنتهي جلسة مجلس الوزراء الملكية بإصدار قرار يحمل الرقم 198 تقرر فيه إنهاء خدمة الفريق جلوب من منصب رئاسة اركان حرب الجيش العربي وترفيع الزعيم راضي عناب لرتبة لواء وتعيينه لمنصب رئاسة اركان حرب الجيش العربي الأردني.
تلك الخطوة الجريئة والمباركة التي اتخذها الحسين خدمة لوطنه وجيشه العربي ولأبناء أمته العربية، والشعب في الأردن لا يعلم والجيش في معسكراته ومواقعه على الحدود لا يدري بأحداث الليلة الماضية حيث سجل الحسين عملاً جباراً وفريداً في سفر التاريخ، فالفريق جلوب لم يدر بخلده او خلد غيره ان ذلك حدث او قد يحدث، جاءت الساعة السابعة والنصف من مساء ذلك اليوم حين نقلت الاذاعة الأردنية من القدس التي ظلت تذيع لمستمعيها انها بعد قليل ستذيع كلمة مهمة سيلقيها صاحب الجلالة للشعب والجيش، وترقب الجميع ماذا عسى ان يكون الخبر الى ان جاء صوت الحسـين يزف للدنيا بنبراته القوية وصلابته الوطنية النبأ العظيم في بيان تاريخي يبشر بالحرية والكرامة والسيادة.
وكما ادت خطوة تعريب قيادة الجيش الى توظيف جميع قدرات الجيش وامكانياته لخدمة امن الوطن وصون حقوقه والمحافظة على ترابه ومكتسباته من بناء مؤسسة عسكرية حديثة امتازت بالانضباط ومشاركة القوات المسلحة بالخطط التنموية وبناء الوطن والمشاركة الفاعلة لجيشه في رفد مسيرة البناء والعطاء.
هذا الجيش الذي ساهم في استقرار الكثير من الدول العربية وتمكن من بناء الروابط القوية مع جيوش المنطقة من خلال تبادل الخبرات وفتح مدارس التدريب لجميع الصنوف والمعاهد العسكرية العليا التي اهلت ضباط وافراد هذا الجيش ليكونوا في الطليعة كما ارادهم الحســين القائد.
ومنذ ذلك التاريخ وقواتنا المسلحة تحظى بالاهتمام الأكبر من القيادة الهاشمية من حيث التدريب والتسليح والتأهيل حيث شهدت القوات المسلحة تطوراً كبيراً في صنوف الأسلحة المختلفة، وتستمر المسيرة بتولي جلالة الملك عبدالله الثاني مقاليد الحكم فلقى الجيش العربي جل اهتمامه ورعايته حيث زود بمختلف الأسلحة والأجهزة المتطورة وشهد الجيش العربي إعادة هيكلة لمختلف صنوفه لتناسب المسؤوليات الملقاة على عاتقه ولتواكب هذه القوات كل جديد في مجال الإعداد والتدريب حتى غدت قواتنا المسلحة نموذجاً يحتذى في التضحية والإقدام والبذل والعطاء ويمكننا القول إن تعريب قيادة الجيش كان بحق وسام شرف يزين صدور كل الأردنيين.
وبعد، فإن أبناء هذا الوطن الغالي وهم يتفيأون ظلال هذه الذكرى العطرة فإنهم يبتهلون الى الله العلي القدير ان يشمل بمنه وكرمه المغفور له بإذن الله الحسين بن طلال بواسع رحمته ورضوانه ويستذكرون صاحب القرار الشجاع والخطوة الجريئة التي كان لها كبير الأثر في بناء هذا الوطن ويعاهدون جلالة قائدنا الأعلى الملك عبدالله الثاني المفدى أعز الله ملكه وارث الرسالة ان يبقوا درعاً للأمة وأملها في الدفاع عن الحق وصون الكرامة، يعملون بكل ما اوتوا من قوة وعزم في سبيل الحفاظ على أمن واستقرار الوطن جنوداً أوفياء ورجالاً أقوياء يسيرون على ذات النهج وذات الطريق، سائلين الله عز وجل أن يحفظ جلالة سـيدنا ابا الحسين وابن الحسين وولي عهده الأمين وان يبقيهم سنداً وذخراً للأمتين العربية والإسلامية انه نعم المولى ونعم النصير.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

نادي الجالية الأردنية في سلطنة عُمان يهنئ بالاستقلال
نادي الجالية الأردنية في سلطنة عُمان يهنئ بالاستقلال

السوسنة

timeمنذ 38 دقائق

  • السوسنة

نادي الجالية الأردنية في سلطنة عُمان يهنئ بالاستقلال

مسقط – السوسنة - رفع نادي الجالية الأردنية في سلطنة عُمان، ممثلًا برئيس مجلس الإدارة السيد عمار علي عبيدات وأعضاء مجلس الإدارة والجمعية العمومية، أسمى آيات التهاني والتبريكات إلى حضرة صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، وسمو ولي عهده الأمين الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، بمناسبة عيد الاستقلال التاسع والسبعين للمملكة الأردنية الهاشمية.وأكد النادي في بيان بهذه المناسبة الوطنية الغالية، أن يوم الاستقلال سيبقى محفورًا في وجدان الأردنيين، بما يحمله من معاني الفخر والاعتزاز والوفاء لكل من بذل وقدّم وضحّى في سبيل رفعة الوطن، مستذكرين أرواح الشهداء الذين قدموا أرواحهم فداءً للأردن.وجاء في البيان:"نستقبل هذه المناسبة بكل مشاعر الفرح بما تحقق، والفخر بما أُنجز، والوفاء لتضحيات الأجداد، والدعاء بأن يديم الله نعمة الأمن والاستقرار على أردننا الغالي تحت ظل القيادة الهاشمية الحكيمة."كما عبر النادي عن اعتزازه بالماضي، وفخره بالحاضر، وتطلعه إلى مستقبل أفضل، مؤكدًا التزامه بالعمل الصادق والإخلاص في سبيل تقدم الأردن وازدهاره.وختم النادي تهنئته بالدعاء إلى الله أن يحفظ الأردن، قيادةً وشعبًا وحكومة، وأن يديم على جلالة الملك وولي عهده موفور الصحة والعافية.

الأردن في عيد استقلاله
الأردن في عيد استقلاله

السوسنة

timeمنذ 39 دقائق

  • السوسنة

الأردن في عيد استقلاله

على مدار التاسعة والسبعين، ونحن على ثبات موقف واحد تجاه أردننا الحبيب، يكبر كل يوم معنا، لكنه لا يشيخ، ويبقى في عرين شبابه معطاءً، قويًا، يزيد صلابة. الأردن لم يكن في الوجود حلمًا يريد أن يتحقق، بل الأردن واقع جميع رسمته حدوده أحلامنا، وحرسه عيون جنودنا، وحفظت أرضه أقدامنا. الأردن لم يكن وسيلة في يوم، بل كان جسرًا للعطاء والخير، حافظ على كرامة الإنسان، بل صانها كما صان ترابه وسمائه. وحينما يسألوننا: "أنت من الأردن؟" بكل فخر نقول نحن أردنيون، من ديار الهاشميين، وأسماؤنا النشامى، وعروبتنا أصيلة، وجذورنا متينة. نحن من عرفنا بالجود، وقضيتنا الأردن في عالم يختل فيه مبادئ العدالة والوجود. هناك حروب، وهناك قتل، وهناك دمار، وهناك نزوح، وهناك في الأردن وطن وسع الجميع، رحب بالزائرين، قدم العون بالرغم من الإمكانيات المحدودة، لكن أثبت دور الأردن على مستوى العالم بالرغم من زمن زادت فيه قوى التشكيك، وبعض زخم الإعلام السلبي الذي لم يؤثر علينا، لأننا وطن عرف نفسه وأثبت أنه لم يتخلَ عن دوره تجاه العرب.ولن نقول إن التحديات قد انتهت، لكننا على يقين أن للوطن قائدًا وجيشًا وشعبًا، كالدماء في الجسد يسري في عروقه. بدون مجاملة على حساب الوطن أبدًا، لكن الحقيقة في واقع صخب الإعلام وبث الإشاعات وكثرة وسائل الاتصالات وتزييف الأخبار. وما زلنا ننظر إلى وطننا على أنه حقيقة تتجدد. رفع علمه كل الأجيال وعلى مدار تسعة وسبعين عامًا، لم تغادرنا سنة إلا ونحن نحتفل في يوم الاستقلال، ونحن بفضل الله في أحسن حال. كان الأردن قد وُلِد من جديد، بنفس الشعور. حب الأردن يولد ويكبر معنا، ولن يغادرنا.

عيد الاستقلال: مجد متجدد ووطن يزهو بالعزة
عيد الاستقلال: مجد متجدد ووطن يزهو بالعزة

خبرني

timeمنذ ساعة واحدة

  • خبرني

عيد الاستقلال: مجد متجدد ووطن يزهو بالعزة

عيد الاستقلال ليس مجرد ذكرى في تقويم الوطن، بل هو تاج المجد الأردني، يوم تتجلى فيه كرامة الأمة وعزتها، ويقف فيه الأردنيون بكل فخر واعتزاز أمام راية رفرفت بعزيمة الأحرار، وإرادة لا تلين. في الخامس والعشرين من أيار عام 1946، كتب الأردنيون بقيادة الملك المؤسس عبدالله الأول ابن الحسين فصلاً جديداً من تاريخهم المجيد، حيث خرج الوطن من عباءة الانتداب إلى رحاب الحرية، معلناً قيام الدولة الأردنية المستقلة ذات السيادة، لترتفع راية الاستقلال فوق كل التحديات، ويبدأ عهد البناء والنهضة. في عيد الاستقلال يتجدد الكبرياء الوطني، نستذكر فيه محطات الفخار، ونستحضر فيه تضحيات رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وآمنوا بأن الاستقلال ليس غاية فحسب، بل بداية لمسيرة لا تعرف التراجع، عنوانها: الكرامة، والبذل، والعطاء. القيادة الهاشمية، منذ التأسيس وحتى اليوم، كانت وما زالت القائد الأمين للمشروع الوطني الأردني، والضامن لوحدة الوطن واستقراره. فها هو جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، يحمل الراية بجدارة، ويقود الوطن نحو آفاق من التقدم والتحديث، مُجسّداً رؤية هاشمية تستند إلى شرعية تاريخية، وولاء شعبي راسخ، وحكمة في التعامل مع التحديات الإقليمية والدولية. في يوم الاستقلال، يزهو الوطن بأبنائه، وتنبض القلوب بالوفاء، وتتعانق رايات العز على امتداد الجغرافيا الأردنية رافعين رؤوسنا عالياً بهذا اليوم الخالد، مجددين العهد بأن نظل الأوفياء لمسيرة الأجداد، والحماة لمنجزات الوطن، والبناة لمستقبله المشرق. إن تمجيد الاستقلال لا يكون فقط بالكلمات، بل بالفعل، بالولاء، وبالانتماء. أن نحب الأردن يعني أن نحمي مؤسساته، نحترم قانونه، نعمل بإخلاص، نرفض الفساد، نزرع الأمل، ونتسلح بالعلم والمعرفة. ونحمي المنجزات الوطنية وصونها. فالتحديات التي يواجهها الأردن داخلياً وخارجياً تتطلب وعياً شعبياً، وعزيمة وطنية، واستمرار العمل بروح الجماعة والمسؤولية. إن الاستقلال لم يكن نهاية الطريق، بل بداية لمسيرة طويلة من العطاء والتحدي. والوفاء لتلك اللحظة التاريخية يتطلب منّا جميعاً أن نكون شركاء حقيقيين في الحفاظ على الدولة ومكتسباتها، والسير خلف قيادة هاشمية حكيمة أثبتت، في كل مفصل من مفاصل التاريخ، أنها جديرة بثقة الشعب وتطلعاته. فالمحافظة على منجزات الاستقلال مسؤولية وطنية تقع على عاتق كل أردني وأردنية، وتبدأ بالتمسك بالقيم الوطنية، واحترام القانون، والإخلاص في العمل، وتعزيز ثقافة الحوار والانتماء، والمشاركة الفاعلة في مسيرة الإصلاح والتحديث. ففي يوم الاستقلال نجدد عهد الولاء والانتماء، ونرفع أكفّنا بالدعاء أن يحفظ الله الأردن، قيادةً وشعبًا، جيشًا وأمنًا، حاضرًا ومستقبلًا. كل عام والأردن بألف خير، وكل عام ورايتنا تعانق السماء. وفي هذه المناسبة العزيزة، نرفع أسمى آيات التهنئة والتبريك إلى جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، وسمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، والأسرة الأردنية الواحدة، سائلين الله أن يديم على الأردن نعمة الأمن والاستقرار، وأن تبقى رايته خفّاقة في سماء المجد.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store