
التنمية الحيويّة ضد مخاطر العواصف
تبدو الأزمات المتصاعدة في الإقليم لبعضهم وكأنها مفاجئة؛ والواقع أنها نتيجة متفجّرة لموضوعاتٍ أيديولوجية متفاقمة هائلة تم التركيز عليها طوال عقودٍ من الزمن. وماكان حلّها جدياً وحاسماً لدى بعض الدول حتى انبثقت أعمال أولئك، واتضحت نواياهم، وباشروا الميادين.
ولو تأملنا خطابات واستراتيجيات الزعماء الحكماء حول المأزق الأصولي لعرفنا أن هذه النتيجة متبصّرٌ بها أنها ستحدث، لأنهم يعلمون مدى الأيديولوجية الكارثية التي يمكن أن تعصف بدولٍ كان يمكن أن يكون حالها أكثر اطمئناناً وتنمويةً وسلاماً.
قاد الحكماء في الإقليم حيويّة ثقافية واجتماعية وتنموية لشعوبهم طوال العقدين الماضيين؛ تربّى عليها جيل متمكّن من المجتمع، جيل متعلّم وواعٍ هدفه الحياة الطبيعية القائمة على العلم والعمل، ومن دون التداخل بالشؤون الوعرة لأنها تصيب علمهم وعملهم وتعطب حياتهم، ولكن ثمة دولاً وتنظيمات تريد لهذه المشاريع أن تفشل، ومع كل أزمةٍ أوخلل سياسي يعيدون تثوير خطابهم بغية اختطاف العقول الشابة النيّرة التي تجاوزت الخطابات القديمة الاعتيادية، بل تتمسّك بحكِم القادة وقولهم وتوجيههم وعملهم التنموي المدروس.
كان الفيلسوف ماكس فيبر يؤمن بأن التغيير لأي مجتمع أساسه الاقتصاد كونه يقود التغيير الثقافي والاجتماعي والتربوي، ولكن ثمة أجيالاً وتنظيمات تعتبر الهدم أو التثوير هو الذي يصنع الاقتصاد ويبني الدولة وهذه نتيجة تفسيرية خطيرة، فالتنمية أساس كل شيء، بالتنمية وحدها تبنى المجتمعات، وتصنع الحياة، وتبنى المؤسسات.
لو تأملنا بالدول التي نجحت في التعليم وهي نماذج معروفة ونموذجية في تجربتها بالشرق والغرب لوجدنا أن أساسها التنمية والتعليم، من دون ذلك يتحوّل المجتمع إلى فوضى وتتصاعد إمكانات الحرب الأهلية، وكما يعرّف ذلك توماس هوبز في تحليله للحرب الأهلية الإنجليزية التي شهدها بأنها تحوّل الإنسان ذئباً على أخيه الإنسان، وللأسف أن هذا الذي يحصل في بعض الدول المضطربة اليوم التي تجاوزت مفهوم الدولة، واتجهت نحو الميادين والسلاح.
إن طريقة الفهم للحدث تتطلّب معايير عالية تتعالى على الشعارات المتداولة؛ فالواقعة السريعة لها تحدياتها وتبويبها الذي يجب أن يكون ضمن أسس علمية وتحليلية غير اعتيادية، بل توضع ضمن سرد التاريخ ودرسه.
وماكانت الأمور خلال العقدين الماضيين خالية من المحاولات الأيديولوجية لهدم مفهوم الدولة الناجحة، ولكن الحكمة والقوة هي من لجمت تلك الفوضى العارمة، ومحاولة تسييس كل حدثٍ صغيرٍ أو كبير نظرية أصولية معروفة، ولها أدبياتها وأساليبها وخطاباتها.
الخلاصة؛ أن الرهان على الوعي المجتمعي هو الأساس، فالضلوع بالقضايا ليس من شأن كل إنسان، هذه مهمات الكبار والقادة. والهدف الرئيس للفرد أن يتعلّم ويعمل، وأن يكون عنصراً فاعلاً في مجتمعه مخلصاً لدولته، وأن لاينصت للأقوال العالية في المنصّات، بل أن يعلم يقيناً أن ماتقوم به دولته هو من مصلحته، فثمة متربصون يحسدون مجتمعاتنا على الأمن والتنمية والرفاه، بل ويريدون تدميرها من أجل أفكار ليست منا ولافينا، فالحيويّة التنمويّة التي نعيشها هي الأساس، وهي المبدأ الذي تأسسنا عليه.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ 2 ساعات
- الشرق الأوسط
فيصل بن فرحان: رفض إسرائيل زياة الوفد العربي لرام الله يؤكد تطرفها
أكد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود الأحد أن رفض إسرائيل زيارة الوفد الوزاري العربي إلى الضفة الغربية «تجسيد لرفضها مسلك السلام الدبلوماسي» وتمسكها بالعنف. وقال الأمير فيصل في مؤتمر صحافي مشترك عقده مع نظرائه الأردني والمصري والبحريني في عمّان، بعد اجتماع عبر الفيديو مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، «رفض إسرائيل زيارة هذه اللجنة الى الضفة هو تجسيد وتأكيد لتطرفها، ورفضها أي محاولات جدية لمسلك السلام الدبلوماسي»، مضيفاً: «واضح هم لا يريدون إلا العنف».وتابع «إذا كانت الحرب في غزة قد أوضحت شيئاً، فهو أن الحلول العسكرية لافائدة منها ولن تأتي بالأمن لأي طرف لذلك لا بدّ من حل سياسي ونهائي». وكان يفترض أن يقوم الوفد الأحد بزيارة إلى الضفة الغربية للقاء عباس، إلا أن إسرائيل أعلنت أنها «لن تتعاون» مع الزيارة الهادفة الى «الترويج لإقامة دولة فلسطينية». وقال الوفد السبت إنها رفضت السماح له باستخدام الأجواء التي تسيطر عليها للهبوط في رام الله. وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان ونظيره الأردني أيمن الصفدي خلال مؤتمر صحافي في عمّان الأحد (رويترز) وقال بن فرحان «في غزة حرب إبادة، وفي الضفة الغربية خطوات متتالية من الواضح أنها تهدف لإضعاف السلطة الفلسطينية، وبالتالي تقويض إمكانية قيام الدولة الفلسطينية».إلا أنه أكّد أن اللجنة الوزارية المنبثقة عن القمة العربية الإسلامية الاستثنائية المشتركة لمتابعة الوضع في قطاع غزة، ستواصل جهودها الدبلوماسية للوصول الى حل الدولتين. وأشار الى أن الوزراء تحدثوا مع عباس عن هذه الجهود والمؤتمر الذي سيعقد في نيويورك في 18 يونيو (حزيران) برئاسة فرنسا والسعودية، «لدفع أكبر قدر ممكن من الدول للاعتراف بدولة فلسطين وتجييش الرأي العام الدولي والسياسة الدولية لإيجاد مسار سريع لوقف الحرب في غزة». وتابع «مرة أخرى أؤكد من يتبنى نهج أن لا حلّ إلا حل الدولتين عليه أن يتبنى أيضا مواقف تدعم هذا النهج ومن ضمنها الاعتراف بالدولة الفلسطينية».


الرياض
منذ 2 ساعات
- الرياض
الجمعية العمومية السعودية للإرشاد الطلابي تعقد اجتماعها في جامعة جازان
عقدت الجمعية العمومية للجمعية العلمية السعودية للإرشاد الطلابي اجتماعها العادي للعام الحالي 2025 في جامعة جازان، بحضور وكيل جامعة جازان للدراسات العليا والبحث العلمي، الدكتور عبدالكريم بن محمد مريع، الذي رحب بأعضاء الجمعية العمومية مقدمًا لهم الشكر والتقدير على جهودهم المبذولة لإنجاز المهام المنوطة بالجمعية. وتم خلال الاجتماع مناقشة عدد من المواضيع، منها الخطة التشغيلية للجمعية للعام الحالي، إضافة إلى مناقشة موضوع تحديد رسوم اشتراكات العضوية بأنواعها. كما تمت الموافقة على تحديد المراجع الخارجي لحسابات الجمعية العلمية للإرشاد الطلابي، وتضمن الاجتماع كذلك مناقشة موضوعات أخرى تتعلق بأعمال الجمعية العلمية السعودية للإرشاد الطلابي. الجدير بالذكر أن هذه الجمعية هي إحدى الجمعيات العلمية التخصصية التابعة لجامعة جازان، وتضم جمعيتها العمومية عددًا من المختصين والمهتمين بخدمات الإرشاد الطلابي من الجامعات السعودية وإدارات التعليم في المملكة. تسعى الجمعية لتهيئة بيئة متميزة يلتقي فيها الخبراء والأكاديميون والباحثون والمهتمون بالإرشاد الطلابي لتبادل المعارف والتجارب والخبرات فيما بينهم، كما تعمل الجمعية على رسم مستقبل الإرشاد الطلابي ووضع تصور لسبل التطوير المستمر، مما ينعكس إيجابًا على المهنة والخدمات التي تقدمها في مختلف مؤسسات التعليم.


الشرق السعودية
منذ 2 ساعات
- الشرق السعودية
رئيس الوزراء السوداني الجديد: سأقف على مسافة واحدة من كل القوى السياسية
تعهد رئيس الوزراء السوداني الجديد، كامل إدريس، الأحد، بالعمل لخدمة الوطن وإنفاذ مبادئ العدالة والسلام وسيادة القانون والتنمية المستدامة، وفق ما أوردت وكالة الأنباء السودانية "سونا". وأدى كامل الطيب إدريس اليمين الدستورية رئيساً جديداً للوزراء في السودان، السبت، أمام رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان. وأكد إدريس خلال كلمة وجهها للشعب السوداني، على ضرورة "إعمال مبدأ المساواة مع جميع القوى السياسية والفعاليات السودانية، والوقوف على مسافة واحدة من الجميع"، مشيراً إلى "أنه سيكون قريباً من المواطن والشعب السوداني الأبي". وقال: "أدرك تماماً حجم المسؤولية الملقاة على عاتقي، وأتعهد بالعمل لخدمة إنسان السودان بكل إخلاص وتفان". وأضاف: "سنعمل على تحقيق مبادئ العدالة والسلام وسيادة القانون والتنمية المستدامة"، مؤكداً أن "أهم الأولويات الوطنية العاجلة هي الأمن القومي السوداني، وهيبة الدولة بالقضاء على التمرد والمليشيات المتمردة". وأكد رئيس الوزراء على "أهمية بناء دولة القانون، بما في ذلك النيابة والقضاء والمحكمة الدستورية"، وشدد على "تعزيز علاقات السودان الخارجية مع دول الجوار والعالم العربي والإفريقي وكافة دول العالم". وأشاد إدريس بالقوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى والقوات المشتركة والمقاومة الشعبية بجميع قطاعاتها وكل من شارك في "حرب الكرامة". وتوجه رئيس الوزراء السوداني بالشكر لكل الدول الشقيقة والصديقة والمنظمات الإقليمية والدولية التي ساندت السودان في وحدته وسيادته. حوار وطني وأعلن رئيس الوزراء أن "برنامج الدولة للمرحلة المقبلة سيركز على الاستفتاء الوطني الشامل والحوار (السوداني- السوداني)، الذي لا يستثني أحداً، فضلاً عن نبذ الجهوية والعنصرية". وتعهد إدريس بالعمل على "إدارة الفترة الانتقالية والجهاز التنفيذي بكل كفاءة ونجاعة"، مشيراً إلى "إعطاء الأولوية لاستتباب الاستقرار والسلام والأمن في كافة ربوع البلاد". وأبدى رئيس الوزراء في خطابه اهتماماً بالاقتصاد ومعاش الناس وأمن المواطن، داعياً إلى "استنفار كافة الإمكانيات الداخلية لزيادة الصادر، وتفعيل الصناعات والزراعة، خاصة الشركات الصغيرة والمتوسطة". ومضى قائلاً: "من الأولويات العاجلة، إعادة الإعمار وجبر الضرر، بل وإعادة هيكلة الدولة السودانية ما يتطلّب تضافر الجهود واستنفار كافة الإمكانيات المحلية الممكنة لتحقيق ذلك".