
"إلى أين أذهب": إنسانيات لبنانية برؤًى نسوية
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب
تتناول مطر قضيتها من زاوية اختبار سابقة وذلك بالتعاون مع نساء في لبنان، لأنها ترى ذاتها في هؤلاء النساء، في ما عبّرن عنه في يومياتهن، ومسلكهن الآني، في كل لحظة.
وتعالج الفنانة اللبنانية - الفلسطينية - الأميركية، رانيا مطر، الواقع اللبناني عبر معرضها الفوتوغرافي في غاليري "تانيت" في بيروت. تعكس مطر الكثير من الشؤون اللبنانية بطريقة الإيحاء من خلال مجموعة من الشابات اللبنانيات اللاتي قصدتهن، محاولةً استكشاف ما تركته الحروب الأهلية اللبنانية في البنى الثقافية والمسلكية التي قد تصل إلى بنية الإنسان الوراثية.
هجرة مطر إلى الولايات المتحدة عام 1984، تعبّر عن موقف لبناني شامل، يوم شهد لبنان في النصف الأول من ثمانينات القرن الماضي، ذروة الهجرة التي شملت الآلاف. يشير التاريخ إلى يأس لبناني من الحالة الراهنة آنذاك، في إشارة ضمنية إلى ما خلّفه اجتياح بيروت 1982، وانعكاسه على النفوس. كأن مطر رحلت لإنقاذ شبابها قبل التقدم في العمر، لتطرح على نفسها وقد قاربت الخمسين: "إلى أين أذهب؟"، فكان عنواناً لمعرضها.
تقول مطر إنها يوم عادت إلى لبنان، لم تجد فرقاً في حالتها العمرية، وترى نفسها أصغر سناً وهي تتفاعل مع نساء أخريات هن اليوم مثلها عندما هاجرت في العشرينيات من عمرها، وفي الذكرى الخمسين لاندلاع الحرب الأهلية، تلاحظ أن لبنان لا يزال يعاني من عواقبها.
في عودتها إلى لبنان، وانعكاس صورتها الخمسينية، عشرينية في الشابات اللاتي التقت بهن، تجد مطر "دائماً الأمل والإلهام في النساء". فهي سبق أن خصصت عملها لاستكشاف قضايا الهوية الشخصية والجماعية من خلال صور فتيات مراهقات ونساء "في كل من الولايات المتحدة حيث أعيش، وفي لبنان حيث أتيت"، كما تقول بهدف "تسليط الضوء على إنسانيتنا المشتركة".
تتناول مطر قضيتها من زاوية اختبار سابقة وذلك بالتعاون مع نساء في لبنان، لأنها ترى ذاتها في هؤلاء النساء، في ما عبّرن عنه في يومياتهن، ومسلكهن الآني، في كل لحظة.
ينتقل عملها من شابة إلى أخرى، يربطهن فقط انتماؤهن للبنان، وخضوعهن لتفاعلاته، وترى مطر أن ما قامت به معهن واحدة واحدة هو "عملية تعاونية حيث تتطور جلسة التصوير بشكل منظم مع مشاركة النساء الفاعلة في عملية التصوير، وقيادتهنّ للبيئة، وجعلها ملكهنّ". هكذا دعت مطر العديد منهنّ إلى التواصل، فكان معرضها، وصوره الفوتوغرافية.
أول إلهاماتها لعملها الحالي، رسومات على الحائط مكتوبةٌ بالعربية: "إلى أين أذهب؟". بيرلا، الشابة اللبنانية العشرينية هي صاحبة الرسم. تراها مطر مُلقيةً بنفسها على الحائط في كفر متى، فأصبح عنوان هذا العمل، تضيف إليه تساؤل خصوصيتها: "في الخمسين: إلى أين أذهب؟".
وتتنوّع اللوحات الفوتوغرافية مع علياء في ماء الذهب في الخيام، وآية في عباءة جدّها تتسلق قبة "معرض طرابلس الدولي"، ولارا في مسرح مظلم مهجور في زحلة، وبترا مع ملكة جمال لبنان 1972 في الجميزة، وتيرا في "هوليداي إن" في بيروت وقد ألحقت به الحرب الكثير من الضّرر، والتشوّهات، وياسمينا تنعكس صورتها في الماء، وفرح وسيارتها المحترقة في عبيه، وغنوة في مخيم الاعتقال في الخيام، وريانا ومرآتها في عمشيت، وتارا بين الزهور.
جولة مع الشابات في أنحاء مختلفة من لبنان تروي حكاية البلد بصورة عامة، وما خلفته الأحداث على مختلف المواقع، إضافة إلى الشابات، وما الذي تكتنزه كل منهنّ من حيوية.
وجدت مطر في الشابات صباها، وحيويتها يوم غادرت لبنان، فهن، كما لاحظت، "يتسلقن الصخور والأشجار، ويقفزن بكامل ملابسهن في التراب والماء والشلالات، ويزحفن تحت الأشواك، ويتسللن إلى أكواخ مهجورة، ويحتضنّ الحياة، ويتسخن، ويخاطرن، ويستمتعن إذا أُتيحت لهن مساحة للتعبير عن أنفسهن، فهن على استعداد للتجربة، والذهاب إلى أماكن لم نكن نعتقد أنها ممكنة قبل لحظات".
وتطرح حيوية الشابات، بنظر مطر، إشكالية الاختيار بين الهجرة والبقاء، حيث ترى كثيرين يواجهون القرار المؤلم بين البقاء والمغادرة، طريقٌ يقود إلى الانفصال عن العائلات والبيوت والحياة كما اعتادوها. أما الآخرون، فبقوا رغم الظروف الصعبة في البلاد، متمسكين دائماً بأمل أن تكون أيامهم أفضل".
وتخلص مطر إلى غايتها من المعرض، قائلة إن: "صوري قد لا تقدم حلولاً، إلا أنني آمل أن تدعو المشاهد إلى التوقف واكتشاف الجمال، والإنسانية المشتركة، والنعمة التي لا تزال موجودة رغم كل شيء. إنها رسائل حبي لنساء لبنان"، قبل أن تختم بأن "هذا المشروع لنا جميعاً: من بقي ومن رحل ولمن لن يستطيع الرحيل أبداً".
علاوة على معارضها الفنية نشرت مطر 4 كتب: "هي" (2021)؛ "المرأة العاشقة" (2016)؛ "فتاة وغرفتها" (2012)؛ "النظام في حيوات متعددة" (2009)، وتعمل حالياً على كتاب جديد بعنوان: "بعد 50 عاماً: أين أذهب؟" (2026).

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الديار
منذ 14 ساعات
- الديار
بينالي الفنون الإسلامية يسلط الضوء على التراث الإسلامي
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب تحت عنوان "وما بينهما"، في كانون الثاني الماضي، فعاليات الدورة الثانية من "بينالي الفنون الإسلامية" في مطار الملك عبد العزيز الدولي في جدة، بتنظيم من "مؤسسة بينالي الدرعية". ويشكل البينالي الذي يستمر حتى 25 أيار الجاري، منصة ثقافية وفنية تجمع بين الفن والمعرفة، وتسعى لتعميق التأمل في العلاقة بين التحولات الاجتماعية والثقافية والفنون الإسلامية. وضم البرنامج الثقافي المصاحب للبينالي سلسلة من اللقاءات والمحاضرات وتسليط الضوء على قضايا الهوية، والتاريخ، والتراث المعماري في العالم الإسلامي. تناولت هذه اللقاءات موضوعات متعددة، منها ممارسات الترميم والصيانة في مكتبة الفاتيكان، وتاريخ مكتبة الخالدية في القدس وما تحتويه من مخطوطات نادرة، بالإضافة إلى الإرث المكتوب في التقاليد الإسلامية والمسيحية في المدينة المقدسة. وشمل البرنامج محاضرة "السماء والأرض وعشرة آلاف شيء"، التي استعرض خلالها المصور، بيتر ساندرز، العلاقة العميقة بين الإسلام والصين عبر العصور، وورشة عن "صناعة البلاط الخزفي المستوحى من بيوت جدة التاريخية"، وجلسة "لماذا يؤلف الفنانون الكتب؟"، بمشاركة فنانات مثل فاطمة عبد الهادي، وآلاء يونس، وتمارا كالو، وحياة أسامة. وسلطت هذه الجلسة الضوء على الكتاب كوسيلة فنية مبتكرة، تتجاوز الطباعة لتصبح مساحة للتفكير البصري، والتجريب، والحميمية، حيث تشكل كتب الفنانين امتداداً لأعمالهم وتفتح أمام الجمهور تجربة فنية مختلفة وتفاعلية. ومن أبرز جلسات "لقاءات البينالي" لهذا العام، جلسة بعنوان "مشاريع محلية تعنى بالتراث الثقافي الإسلامي"، التي تجمع نخبة من المهتمين بصون التراث السعودي، مثل سارة العبدلي، وفواز المحرج، وطيب الطيب، وعبد الله القاضي. كما تعقد جلسة أخرى بعنوان "البيت الحرام: بحث في الكعبة المشرفة" للكاتب والفنان السعودي، علي القريشي، وتتناول الكعبة من منظور تاريخي ومعماري، وتسرد تطورها ورمزيتها في العالم الإسلامي. ويقدم البينالي أيضاً ورشاً تفاعلية مثل "بينالي بعد المدرسة"، و"بينالي بعد العمل"، وفعاليات أسبوعية متنوعة تشمل "خميس الطهي"، و"أيام السبت للرسم"، و"أمسيات السينما". ويشارك في البينالي هذا العام أكثر من 30 مؤسسة دولية من دول متعددة بينها السعودية، وفلسطين، ومصر، وسلطنة عمان، وفرنسا، وإيطاليا، والولايات المتحدة، وإندونيسيا، والبرتغال. ويضم البينالي أكثر من 500 قطعة أثرية وفنية موزعة على 7 أقسام رئيسية هي: البداية، المدار، المقتني، المظلة، المكرمة، المنورة، المصلى.


الديار
منذ 14 ساعات
- الديار
"BYPA": صوت غزة وفلسطين إلى العالم
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب في قلب مدينة لوس أنجلوس، وعلى بعد آلاف الأميال من غزة، نُصبت خيمة فلسطينية رمزية، على مدار يوميّ 25 و26 نيسان الماضي، في جاكسون ماركت، كاليفورنيا - أكثر الأماكن صخباً، لكنها حملت صمتاً ثقيلاً ومشهداً لا يُنسى، ليقدم للزوار تجربة بصرية وإنسانية غير مسبوقة، تعبر عن معاناة غزة وشعبها من قلب المأساة إلى العالم. صُمّمت الخيمة من أقمشة بالية وأكياس طحين ممزقة تابعة للمساعدات الدولية، حيث عايش الزوار تفاصيل النزوح القسري الذي شهدته شواطئ غزة خلال حرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة ضد القطاع المحاصر، وغُطيت أرضية الخيمة برمال البحر الحقيقي. هناك، عُرضت غزة كما لم تُعرض من قبل؛ لا عبر الشاشات ولا الأخبار العاجلة، بل من خلال تجربة حسّية كاملة، تحاكي الواقع بكل تفاصيله الموجعة. "ما بين السماء والبحر" ليس مجرد معرض فوتوغرافي تركيبي، بل شهادة بصرية، استخدمت الصور والصوت والفيديو ليقدم للزائرين تجربة متكاملة تربطهم مباشرةً بواقع أهالي غزة ولحظات النزوح: أزيز الطائرات، هدير البحر، وبشاعة الحرب، ووجوه النازحين التي حملت ذاكرة أوسع من الزمن. لكن خلف عدسة هذا المعرض، تقف قصة شخصية مؤثرة لمخرج ومصور فلسطيني عاش الحرب بجسده، لا بعدسته فقط. إنه إسماعيل أبو حطب، الذي أصيب إصابة خطيرة في 2 تشرين الثاني عام 2023 خلال عمله الصحفي في برج الغفري في غزة، وقرر أن يقيم معرضاً مستوحى من تجربته الشخصية. لم تكن إصابة أبو حطب عابرة. إذ فقد القدرة على المشي لفترة طويلة، واضطر إلى خوض تجربة النزوح والتنقل داخل القطاع بنفسه، كمدني هذه المرة، لا كمصوّر ومخرج. رحلة إسماعيل من النزوح إلى التعافي، ومن الألم إلى تأسيس منصة "BYPA"، تلخّص روح المعرض: صوت لا يُخمد، وصورة لا تُكسر. هكذا تأسست منصة BYPA - By Palestine، لتكون منصة إبداعية فلسطينية مستقلة، متخصصة في رواية القصص الفلسطينية عبر الصورة، الفيديو، والفنون المتعددة. وتسعى لجعل الأصوات الفلسطينية مسموعة عالمياً، عبر نقل روايات الفلسطينيين بألسنتهم. أسس أبو حطب المنصة بعد أن بدأ يستعيد عافيته تدريجياً، لتكون صوتاً فلسطينياً حراً، ينقل القصص من الداخل الفلسطينين بوسائط متعددة، بعين من عاشها، لا من سمع بها. في هذا الإطار شكل معرض "ما بين السماء والبحر" أول إنتاجات هذه المنصة، وجاء كترجمة فنية لتجربة أبو حطب الشخصية ولواقع جماعي تعيشه غزة، وليس فقط شهادة على النزوح، بل للحديث عن النهوض بعد السقوط، واستعادة الكاميرا كأداة حياة، لا مجرد توثيق. نجح المعرض في تحويل الألم إلى صورة، والمأساة إلى ذاكرة بصرية حية، والانقطاع إلى وصال جديد بين غزة والعالم، هو رسالة أمل وصمود يحملها الفلسطينيون إلى العالم عبر الفنون. في تلك الخيمة، لم يكن البحر مجرد خلفية، بل شريك في الحكاية. أما غزة، فكما عهدناها، تحكي... وتُسمع.


الديار
منذ 14 ساعات
- الديار
مهرجانات بيت الدين لصيف 2025: 5 محطات فنية
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب بين 3 و27 تموز المقبل تقام فعاليات دورة صيف 2025 من مهرجانات بيت الدين الدولية بعدما كانت غابت العام المنصرم بسبب الإعتداءات الإسرائيلية، وعلى البرمجة 5 محطات فنية متنوعة. فخلال مؤتمر صحافي في القاعة الزجاجية لوزارة السياحة عقدت لجنة إدارة مهرجانات بيت الدبن الدولية برئاسة السيدة نورا جنبلاط مؤتمراً صحفياَ حضره وزراء السياحة – لورا الخازن لحود – الثقافة – الدكتور غسان سلامة – الإعلام – المحامي بول مرقص – الفنانة جاهدة وهبة والمخرج روي الخوري، وحشد إعلامي. بعد كلمات للوزراء الثلاثة تحدثت السيدة نورا جنبلاط رئيسة المهرجانات، وبعدما أعلنت عن سعادتها بإعلان الوزير سلامة مباشرة درس وتنفيذ ما يحتاجه قصر بيت الدين من صيانة بتوجيه من رئيس الجمهورية جوزف عون، استعرضت برمجة دورة صيف 2025 من المهرجانات والمؤلفة من 5 محطات لبنانية عربية وعالمية تنطلق في 3 تموز المقبل بليلة أوبرالية مع إناي بريدجز يرافقها على البيانو جوناثان وور. وفي العاشر منه: ديوانية حب: مع جاهدة وهبة، ريهام عبد الحكيم، ولبانة البيطار، يرافقهن 3 عازفين مميزين: المصري أحمد طه على التشيلو، العراقي أسامة عبد الرسول على القانون، واللبناني علي المذبوح على الناي.. وفي 18 تموز ليلة مع الفنّان العراقي نصير شمة يرافقه 14 عازفاً عالمياً في رسالة سلام بواسطة الموسيقى. وبعد افتتاحها في كازينو لبنان ستكون مسرحية: كلو مسموح، للمخرج روي الخوري مع الفنانة كارول سماحة على موعد مع عرضين في بيت الدين يومي 23 و24 تموز المقبل. وفي 27 منه حفلة مع: le bam – dance around the world بمشاركة 37 موسيقياً لبنانياً شاباً. وعلى مدى أيام المهرجان يقام معرضان كبيران بالتعاون مع متحف بيروت للفن، و british council.