logo
الأمير سلمان بن حمد والفورمولا 1— تحالف الرؤية والطموح في صنع الحدث السياحي

الأمير سلمان بن حمد والفورمولا 1— تحالف الرؤية والطموح في صنع الحدث السياحي

في عام 2004، وخلال محادثة مع أحد كبار المصرفيين الأجانب المقيمين في البحرين، أدهشني تعليقه الذي ظلّ راسخًا في ذهني حتى اليوم. قال لي: "صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله، يتمتع ببصيرة استراتيجية ثاقبة بإدخاله سباق الفورمولا 1 – وما يحمله من ثقافة عالية – إلى البحرين". وعندما طلبت منه توضيحًا، شرح لي أن الفورمولا 1 ليست مجرد رياضة، بل هي ثقافة عالمية، وصناعة نخبوية تقوم على الفخامة والابتكار والثراء.
من موناكو إلى سنغافورة، استغلت مدن كثيرة سباقات الفورمولا 1 لبناء صورة راقية وجذب الزوار الأثرياء. قال لي: "انظر إلى موناكو، كيف بنت ثقافتها الغنية حول الفورمولا 1، فخلقت هالة من الفخامة والسرعة والحصرية التي أنعشت الفنادق والمطاعم والتسوق الفاخر". وكان يرى أن البحرين تسير على الطريق ذاته.
تجسدت هذه الرؤية عندما استضافت حلبة البحرين الدولية أول سباق فورمولا 1 لها في 4 أبريل 2004، لتصبح البحرين أول دولة في الشرق الأوسط تستضيف هذا الحدث العالمي. وكان فوز مايكل شوماخر في هذا السباق الافتتاحي علامة فارقة، ليس فقط في عالم الرياضة، بل في دخول البحرين إلى المشهد العالمي.
وفي 13 أبريل 2025، استضافت الحلبة من جديد جائزة البحرين الكبرى للفورمولا 1، حيث اجتذب الحدث عشرات الآلاف من الزوار ورفع نسب إشغال الفنادق إلى ما يقارب 100%، حسب ما أفادت به هيئة البحرين للسياحة والمعارض (BTEA). وقد أدى هذا الطلب الكبير إلى انتعاش قطاعات الضيافة والنقل والمطاعم، مما يعزز التأثير الاقتصادي العميق لسياحة الفعاليات.
وتتماشى استضافة الفورمولا 1 مع رؤية البحرين الاقتصادية 2030، التي تهدف إلى تنويع مصادر الدخل الوطني وتقوية قطاع السياحة كركيزة أساسية في بناء اقتصاد مستدام لا يعتمد على النفط.
على المستوى العالمي، تطورت الفورمولا 1 لتصبح صناعة تدرّ مليارات الدولارات. ففي عام 2022، حققت أكثر من 2.6 مليار دولار أمريكي من الإيرادات، وسجّلت حضور 5.7 مليون مشجع في السباقات حول العالم. هذا الاتجاه لا يقتصر على السيارات والمنافسة، بل يعكس تحوّلاً كبيرًا في قطاع السياحة حيث أصبحت التجارب والفعاليات الكبرى هي محور الجذب الأول للمسافرين.
واستمرار استثمار البحرين في الفورمولا 1 جعلها في طليعة هذا التوجه. وعلى غرار لاس فيغاس التي أبرمت عقدًا لعشر سنوات مع الفورمولا 1 وحققت أكثر من 100 مليون دولار من عائدات الضرائب في سباق واحد عام 2023، تستخدم البحرين هذه الرياضة ليس فقط كترفيه، بل كركيزة لاستراتيجيتها الاقتصادية.
لم يكن قرار سمو ولي العهد باحتضان الفورمولا 1 خطوة اقتصادية فحسب، بل كان مشروعًا وطنيًا للارتقاء بالعلامة الوطنية وتعزيز مكانة البحرين عالميًا، وتحقيق تنويع اقتصادي بعيد المدى. أصبح السباق منصة تدعم التعليم، إذ بدأت جامعات حول العالم بتطوير برامج في إدارة الفعاليات، الضيافة الفاخرة، وتسويق الرياضة مستلهمة من الفورمولا 1. كما دخلت البحرين من خلال هذا الحدث في دائرة الابتكار والاستدامة، في ظل الجهود المتزايدة لجعل هذه الرياضة أكثر صداقة للبيئة.
وقد رافق هذا الحدث تطوير كبير للبنية التحتية في المنطقة، بما يشمل الطرق، والمرافق السياحية، والتجهيزات التقنية، وهو ما يعكس حرص القيادة البحرينية على الجمع بين الحداثة والاستدامة في التخطيط الحضري.
كما ساهمت التغطية الإعلامية العالمية للسباق، والتي تصل إلى مئات الملايين من المشاهدين، في تعزيز موقع البحرين كوجهة عالمية، وجعل اسم المملكة حاضرًا في أبرز محافل الرياضة والإعلام.
ورغم أن دراسات عالمية عدة تشير إلى وجود فجوات أحيانًا بين أهداف منظمي الفعاليات الكبرى والواقع المحلي، فإن تجربة البحرين تشكل استثناءً ناجحًا. فقد ساهمت الفورمولا 1 في تعزيز صورة البحرين عالميًا، مع توفير فوائد ملموسة لاقتصادها ومجتمعها.
ليست جائزة البحرين الكبرى مجرد سباق، بل هي دليل على القيادة الحكيمة والرؤية المستقبلية. وفي قلب هذا النجاح يقف صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، الذي تمكن من تحويل مضمار سباق محلي إلى مركز عالمي.
واليوم، لا تُعد البحرين فقط رائدة في سياحة رياضة السيارات في الشرق الأوسط، بل هي أيضًا نموذج حي لكيف يمكن للرؤية، إذا اقترنت بالتنفيذ، أن تحوّل التوجهات العالمية إلى إنجازات وطنية. في زمن تتغير فيه خريطة الاقتصاد العالمي بسرعة، تبرز البحرين كواحة استقرار وطموح، يقودها أمير جعل من الرياضة والثقافة أدوات لصياغة مستقبل وطني مشرق.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

وزير 'الصناعة': البحرين تنتهج مجموعة مسارات لدعم التصنيع الذكي
وزير 'الصناعة': البحرين تنتهج مجموعة مسارات لدعم التصنيع الذكي

البلاد البحرينية

timeمنذ 8 ساعات

  • البلاد البحرينية

وزير 'الصناعة': البحرين تنتهج مجموعة مسارات لدعم التصنيع الذكي

شارك وزير الصناعة والتجارة، عبدالله بن عادل فخرو، كمتحدث رئيس في النسخة الرابعة لمنتدى 'اصنع في الإمارات 2025'، والذي تنظمه وزارة الصناعة و التكنولوجيا المتقدمة بدولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة، خلال الفترة من 19 و حتى 22 مايو الجاري، في مركز أبوظبي الوطني للمعارض (أدنيك). وأوضح وزير الصناعة والتجارة خلال مشاركته في الجلسة الحوارية التي أقيمت تحت عنوان 'الشراكة الصناعية التكاملية لتنمية اقتصادية مستدامة' مجموعة من المسارات التي تنتهجها مملكة البحرين بهدف دعم التصنيع الذكي وتعزيز المحتوى المحلي في ظل حرص المملكة على التكامل الصناعي كركيزة لتحقيق التنمية المستدامة وتعزيز الأمن الصناعي في المنطقة، مشدداً على ضرورة تضافر الجهود وتطوير أدوات التعاون العملي بين دول الشراكة. وفي هذا الصدد، أشار سعادة الوزير إلى إطلاق مملكة البحرين ودولة الإمارات العربية المتحدة مؤخرًا شراكة استراتيجية للتعاون في برامج المحتوى الوطني والقيمة المحلية المضافة (ICV)، في خطوة نوعية لتعزيز مسار التعاون الاقتصادي الإقليمي. وأضاف أن هذا التعاون يسهم في تعزيز المعايير المشتركة للمحتوى المحلي، وتشجيع توطين التكنولوجيا، وخلق حوافز حقيقية للشركات للاستثمار في الكفاءات والابتكار في كلا البلدين. كما أضاف أن هذا التوافق يُمكّن الصناعات البحرينية من الاندماج مباشرة ضمن سلاسل الإمداد الخليجية، لا سيما في القطاعات الحيوية مثل المعادن، والبتروكيماويات، والتصنيع المتقدم، منوّهًا بمميزات هذا التعاون للمصنعين بدولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة للاستفادة من آليات تفضيل المحتوى المحلي والمشتريات الحكومية في مملكة البحرين. وأكد فخرو على الدور البارز الذي تلعبه مملكة البحرين ضمن 'الشراكة الصناعية التكاملية لتنمية اقتصادية مستدامة'، والتي تضم دولة الإمارات المتحدة، وجمهورية مصر العربية، والمملكة الأردنية الهاشمية، والمملكة المغربية، ودولة قطر، والجمهورية التركية. وأوضح أن هذه الشراكة الإقليمية تهدف إلى تحقيق تكامل فعلي في القدرات الصناعية، وتسهيل الوصول إلى المواد الخام، وفتح الأسواق أمام المصدرين، بالإضافة إلى خلق فرص لشراكات بحث وتطوير مبتكرة. وكشف أن مملكة البحرين أبرمت في هذا السياق اتفاقيتين لتوريد خام الحديد إلى كل من دولة الإمارات العربية المتحدة ودولة قطر، بقيمة تتجاوز 4 مليارات دولار أميركي، مما يعكس مدى إمكانية استفادة دول الشراكة من هذه الشراكة النوعية. وعلى صعيد متصل التقى سعادة السيد عبدالله بن عادل فخرو وزير الصناعة والتجارة بمعالي الدكتور سلطان بن أحمد الجابر وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، حيث جرى خلال اللقاء بحث عدد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك.

موقع عالمي: الناتج المحلي الإجمالي البحريني سيصل إلى 60 مليار دولار
موقع عالمي: الناتج المحلي الإجمالي البحريني سيصل إلى 60 مليار دولار

البلاد البحرينية

timeمنذ 8 ساعات

  • البلاد البحرينية

موقع عالمي: الناتج المحلي الإجمالي البحريني سيصل إلى 60 مليار دولار

كشف موقع ستاتيستا المتخصص في الإحصاءات العالمية، عن أنه من المتوقع أن يصل الناتج المحلي الإجمالي في مملكة البحرين إلى 60.37 مليار دولار (22.76 مليار دينار) في العام 2030. وأضاف الموقع أن الناتج المحلي الإجمالي في البحرين زاد بين العامين 1980 و2025 بزيادة قدرها 44.08 مليار دولار، مبينا أن هذه الزيادة كانت متذبذبة أحيانا بحسب البيانات المنشورة. وتابع 'ولكن بين العامين 2025 و2030، من المتوقع أن يكون هناك ارتفاع مستمر، وسيبلغ الناتج المحلي الإجمالي نحو 60.37 مليار دولار أميركي في العام 2030. ووفقًا للتوقعات، ومقارنة مع العام 2025، يُمثل هذا زيادة إجمالية قدرها 12.54 مليار دولار تقريبًا. ويعكس هذا النمو اتجاها تصاعديا ثابتا'. وتابع الموقع 'يصف هذا المؤشر الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية، وتستند القيم إلى الناتج المحلي الإجمالي بالعملة الوطنية المحولة إلى الدولار الأميركي باستخدام أسعار الصرف السائدة في السوق (المتوسط السنوي)، ويمثل الناتج المحلي الإجمالي القيمة الإجمالية للسلع والخدمات النهائية المنتجة خلال عام واحد'. وبقياس الارتفاع المتوقع بين العامين 2025 و2030، فإن الزيادة ستكون قرابة 28.5 % في الناتج المحلي الإجمالي. تنبه صحيفة البلاد مختلف المنصات الإخبارية الإلكترونية الربحية، لضرورة توخي الحيطة بما ينص عليه القانون المعني بحماية حق الملكية الفكرية، من عدم قانونية نقل أو اقتباس محتوى هذه المادة الصحفية، حتى لو تمت الإشارة للمصدر.

ترامب: «القبة الذهبية» ستُبنى خلال 3 سنوات بتكلفة 175 مليار دولار
ترامب: «القبة الذهبية» ستُبنى خلال 3 سنوات بتكلفة 175 مليار دولار

الوطن

timeمنذ 8 ساعات

  • الوطن

ترامب: «القبة الذهبية» ستُبنى خلال 3 سنوات بتكلفة 175 مليار دولار

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن مشروع "القبة الذهبية"، وهو نظام دفاعي متطور، سيستغرق ثلاث سنوات للانتهاء من بنائه، أي قبل انتهاء ولايته الرئاسية. وأشار ترامب إلى أن تكلفة المشروع ستبلغ حوالي 175 مليار دولار، مؤكداً أن هذا المشروع سيعزز الأمن القومي الأمريكي. ولم يقدم ترامب تفاصيل إضافية حول طبيعة النظام أو مصادر التمويل، مما أثار تساؤلات حول جدوى المشروع وتأثيره على الميزانية الفيدرالية. تفاصيل نظام الدفاع الصاروخي "القبة الذهبية" نظام "القبة الذهبية" (Golden Dome) هو مبادرة دفاعية أمريكية طموحة أعلن عنها الرئيس دونالد ترامب، تهدف إلى حماية الأراضي الأمريكية من التهديدات الصاروخية، بما في ذلك الصواريخ الباليستية، المجنحة، والفرط صوتية. النظام مستوحى جزئياً من "القبة الحديدية" الإسرائيلية، لكنه يتجاوزها في النطاق والتكنولوجيا ليغطي كامل الولايات المتحدة. إليك أبرز التفاصيل بناءً على المعلومات المتوفرة: الغرض والتصميم: النظام عبارة عن درع صاروخي متطور متعدد الطبقات، مصمم لاعتراض الصواريخ في جميع مراحل الطيران (الإطلاق، التحليق، والهبوط). يعتمد على تقنيات متطورة تشمل أجهزة استشعار فضائية، صواريخ اعتراضية، وأشعة ليزر دقيقة، مع شبكة من الأقمار الصناعية لتأمين التفوق الدفاعي. الهدف هو مواجهة التهديدات من دول مثل كوريا الشمالية أو غيرها، بما في ذلك الصواريخ بعيدة المدى والأسلحة النووية المدارية. التكلفة والتمويل: تقدر التكلفة الإجمالية بنحو 175 مليار دولار، مع تخصيص أولي بقيمة 25 مليار دولار للمرحلة الأولى. التمويل الأولي يشمل 7.2 مليار دولار لتطوير أجهزة استشعار فضائية، 5.6 مليار دولار لصواريخ اعتراضية فضائية، و2.4 مليار دولار لتكاليف أخرى. المشروع أثار انتقادات بسبب تكلفته الباهظة وتحديات التنفيذ، حيث يُعتبر غير قابل للتنفيذ بالكامل من قبل بعض الخبراء. الجدول الزمني: أعلن ترامب أن المشروع سيستغرق ثلاث سنوات للانتهاء، أي قبل انتهاء ولايته الثانية في يناير 2029. البنتاغون وضع مسودة تصميم أولية، وعرض قادة عسكريون خيارات التطوير على البيت الأبيض. التكنولوجيا والشركات المشاركة: النظام يعتمد على شبكة أقمار صناعية مسلحة بصواريخ دقيقة وأشعة ليزر، مع دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي لتسريع الاستجابة. شركة "سبيس إكس" التابعة لإيلون ماسك مرشحة بقوة للمشاركة في تطوير النظام، خاصة في الجوانب الفضائية. شركة L3Harris تعمل على توسيع قدراتها الفضائية لدعم المشروع. الانتقادات والتحديات: المشروع يواجه انتقادات حادة بسبب التكلفة العالية وصعوبة تحقيق الحماية الشاملة للمجال الجوي الأمريكي. روسيا والصين أعربتا عن مخاوفهما من أن النظام قد يزعزع التوازن الاستراتيجي العالمي. بعض الخبراء يرون أن الاعتماد على تكنولوجيا فضائية معقدة قد يواجه عقبات لوجستية وتقنية. السياق الاستراتيجي: ترامب أعلن عن المشروع في سياق تهديدات متزايدة، مثل القدرات الصاروخية لكوريا الشمالية والصين. النظام يُنظر إليه كجزء من تحديث الثالوث النووي الأمريكي، مع التركيز على الدفاع الفضائي. المعلومات حول النظام لا تزال في مرحلة مبكرة، مع تفاصيل محدودة عن الجوانب التقنية الدقيقة. المشروع أثار جدلاً واسعاً، حيث يراه البعض خطوة لتعزيز الأمن القومي، بينما يعتبره آخرون مكلفاً وغير عملي.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store