
محمد ابو رمان : الدبلوماسية الأردنية.. ومصالحنا الاستراتيجية
أخبارنا :
عندما نتحدث عن الدبلوماسية الأردنية فلا نقصد حصرياً أيمن الصفدي، وزير الخارجية، وإن كان له دور كبير ومهم ومحوري في ذلك، لكن الدبلوماسية مرتبطة بعملية صنع القرار في السياسة الخارجية، التي تبدأ بالملك، وتشمل القيادات العليا سياسياً وأمنياً وعسكرياً واقتصادياً، نظراً لتشابك الملفات المختلفة وترابطها مع بعضها، بخاصة أنّ من عمل مع الملك في العديد من المواقع والمراكز يعرف تماماً أنّه يؤمن بنظرية «عمل الفريق»، فالقرارات تؤخذ ضمن «مجلس السياسات الوطني» NPC أو مجلس الأمن القومي NCC عبر الحوار والنقاش المعمّق من قبل أعضاء المجلس أو حتى من يتم استدعاؤهم بحسب طبيعة الموضوع والقضية المطروحة على المجلس.
قبل أيام قليلة كان هنالك اجتماع على درجة كبيرة في عمان لوزراء خارجية دول جوار سورية (الأردن وتركيا ولبنان والعراق وسورية نفسها) وحضر الاجتماع مدراء الأجهزة الأمنية في هذه الدول ورؤساء هيئات الأركان، وتمّ خلاله طرح التحديات التي تواجه سورية وكيفية العمل الداخلي والإقليمي على حماية وحدة الأراضي السورية ورفض التوغل الإسرائيلي الخطير وأجندة بنيامين نتنياهو ومتطرفيه في تقسيم سورية وتجزئتها.
النشاط الدبلوماسي الأردني تجاه سورية مدهش في حجمه وسرعته في التعامل مع متغيرات الحالة السورية، وفي المرونة والفعّالية الأردنية في تخطي العديد من الحواجز والأطر التقليدية وصولاً إلى تحقيق مصلحة سورية التي تتزاوج مع المصلحة الوطنية الأردنية، التي تمّ تعريفها بصورة مبكرة، بعد انهيار النظام السابق مباشرة، بأنّها تتمثل بوحدة الأراضي السورية والأمن والاستقرار هناك، وإنهاء حرب المخدرات في الشمال، والعودة الطوعية للاجئين السوريين وتهيئة البيئة المناسبة لذلك، وممانعة الأجندة الإسرائيلية الخطيرة والأمن المائي والتعاون الاقتصادي مع نظام صديق للأردن في دمشق، فمثل هذا التعريف والتأطير للمصالح العليا سهّل منذ البداية على وزير الخارجية القيام بالتعامل مع التطورات والمتغيرات المختلفة الكبيرة، ولولا وجود اتفاق ضمن مراكز القرار على هذه الملفات الرئيسية لما تمكّنا من اتخاذ خطوات جريئة وفعالة.
مما يعزز الدور الإقليمي الأردني أنّه مبني على حوار وتواصل وتشاركية بين مؤسسات الدولة المختلفة المعنية، وهو الأمر الذي أصبحنا نراه في اجتماعات عمان الأخيرة، وقبلها في زيارة الصفدي إلى تركيا مع مدير المخابرات العامة ورئيس هيئة الأركان ولقاء أقرانهم الأتراك، ثم الرئيس رجب طيب أردوغان، بل ومشاركة ولي العهد في هذه الجهود الدبلوماسية بصورة لافتة خلال الفترة الأخيرة من خلال زياراته لكل من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وكلها مؤشرات على وجود فريق عمل وتفكير استراتيجي في دوائر القرار في التعامل مع المتغيرات والتحولات الإقليمية الخطيرة.
بالطبع يبقى الملف الفلسطيني محورياً، والدور الذي قامت به الدبلوماسية الأردنية في الحرب على غزة كان مشهوداً وعالمياً ومتفوقاً، وحظي بإعجاب عدد كبير من النخب السياسية في العالم وفي المنطقة العربية، وحتى في فلسطين نفسها، وتجلّت المهارة والخبرة الدبلوماسية الأردنية في لقاء الملك بترامب، الذي بات بمثابة نموذجاً يدرس على الذكاء والحكمة في مثل هذه المواقف الدبلوماسية والإعلامية المحرجة.
هنالك تحديات كبيرة لا تزال أمام الأردن، بخاصة خلال المرحلة القادمة وملف الضفة الغربية المشتعل، لكن من المهم أن نرصد هنا حجم الانتقال الكبير والكفاءة الدبلوماسية الأردنية في التعامل مع الانقلابات الدولية والإقليمية والتحديات للمصالح الوطنية وللأمن القومي، وإعادة الأردن لصياغة دوره الإقليمي بهدوء بما يتوافق مع المصالح الوطنية من جهة والمتغيرات المحيطة من جهةٍ أخرى.
وإذا كانت هذه الإنجازات المهمة تسجل للدولة وللنظام السياسي ولفريق مطبخ القرار، ولمنهجية الملك في إدارة السياسة الخارجية بدرجة أولى، فإنّه من الضروري أن نقدم تحية احترام وتقدير لوزير الخارجية أيمن الصفدي، الذي ترجم هذه السياسات بكفاءة عالية، وعمل بجدّ واجتهاد وأصبح أحد أبرز الشخصيات السياسية المخضرمة في المنطقة ومرجعية لكثير من وزراء الخارجية الغربيين والعرب، وكرّس فكرة العمل الإقليمي العربي المشترك بصورة كبيرة، وكان له دور كبير في مواجهة الحرب الإسرائيلية على غزة وفي النشاط الدبلوماسي الأردني والعربي تجاه سورية، ووظّف قدراته الفكرية والسياسية والكارزما الشخصية لتحقيق المصالح الوطنية الأردنية والاستقرار الإقليمي، فالأعوام الأخيرة والتحديات الصعبة كشفت عن عملاق في أروقة الدبلوماسية والسياسة الأردنية..

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

عمون
منذ 5 ساعات
- عمون
ترامب يقيل عشرات الموظفين في مجلس الأمن القومي
عمون - كشفت خمسة مصادر مطلعة على الأمر أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أقدم أمس الجمعة على إقالة العشرات من موظفي مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، في إطار مساعيه لإعادة هيكلة المجلس، والحد من دوره الواسع الذي تمتع به سابقاً. وقالت المصادر التي طلبت عدم الكشف عن هويتها لوكالة (رويترز) للأنباء؛ لأنها غير مخولة بالتحدث إلى وسائل الإعلام إنه تم تسريح موظفين يتولون قضايا جيوسياسية مهمة من أوكرانيا إلى كشمير. وجاءت هذه الخطوة بعد أسابيع فقط من تولي وزير الخارجية ماركو روبيو منصب مستشار الأمن القومي خلفاً لمايك والتس. وأوضحت المصادر أن إعادة هيكلة مجلس الأمن القومي من المتوقع أن تؤدي إلى تراجع نفوذه بشكل أكبر، وتحويله من جهة رئيسة لصياغة السياسات إلى كيان صغير يكرس جهوده لتنفيذ أجندة الرئيس بدلاً من تشكيلها. وأضافت المصادر أن هذه الخطوة ستمنح فعلياً المزيد من الصلاحيات لوزارة الخارجية، ووزارة الدفاع، وغيرهما من الوزارات والهيئة المعنية بالشؤون الدبلوماسية، والأمن القومي، والمخابرات وتسعى إدارة ترامب إلى تقليص حجم مجلس الأمن القومي ليقتصر على عدد محدود من الموظفين. وقالت أربعة مصادر مطلعة على الخطط إن العدد النهائي المتوقع للموظفين في المجلس سيبلغ نحو 50 شخصاً. وعادة ما يعتبر مجلس الأمن القومي الجهة الرئيسة التي يعتمد عليها الرؤساء في تنسيق سياسات الأمن القومي. ويقوم العاملون فيه بدور محوري في اتخاذ قرارات حاسمة بشأن سياسة الولايات المتحدة تجاه الأزمات العالمية الأكثر تقلباً، إلى جانب مساهمتهم في الحفاظ على أمن البلاد. وتجاوز عدد موظفي مجلس الأمن القومي 300 موظف في عهد الرئيس الديمقراطي السابق جو بايدن، إلا أن عددهم حتى قبل عمليات التسريح الأخيرة في عهد ترامب كان أقل من نصف هذا الرقم. وأوضح مصدران لـ«رويترز» أن الموظفين الذين سيتم الاستغناء عنهم من المجلس سيتم نقلهم إلى مناصب أخرى داخل الحكومة. ووصف مصدران آخران مشهداً فوضوياً خلال الساعات الماضية، مشيرين إلى أن بعض الموظفين المغادرين لم يتمالكوا أنفسهم، وانخرطوا في البكاء داخل مبنى أيزنهاور التنفيذي حيث يقع مقر مجلس الأمن القومي. وقالت ثلاثة مصادر إن من بين الإدارات التي قد تتوقف عن العمل باعتبارها هيئات مستقلة تلك المعنية بالشؤون الأفريقية، والمنظمات متعددة الأطراف، مثل حلف شمال الأطلسي. الشرق الاوسط


خبرني
منذ 7 ساعات
- خبرني
أردوغان: سنواصل معارضة احتلال إسرائيل أراضي سورية
خبرني - خبرني - قال مكتب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن أردوغان أبلغ الرئيس السوري أحمد الشرع خلال محادثات في إسطنبول اليوم السبت بأن تركيا ترحب بقراري الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي برفع العقوبات عن سوريا. وجاء في بيان على منصة إكس أن أردوغان قال أيضا إن "احتلال إسرائيل وعدوانها على الأراضي السورية أمر غير مقبول" وإن تركيا ستواصل معارضته في جميع المحافل.

سرايا الإخبارية
منذ 7 ساعات
- سرايا الإخبارية
أردوغان: تركيا ستواصل معارضة الاحتلال الإسرائيلي لأراض سورية في جميع المحافل
سرايا - قال مكتب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن أردوغان أبلغ الرئيس السوري أحمد الشرع خلال محادثات في إسطنبول اليوم السبت بأن تركيا ترحب بقراري الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي برفع العقوبات عن سوريا. وجاء في بيان على منصة إكس أن أردوغان قال أيضا إن "احتلال إسرائيل وعدوانها على الأراضي السورية أمر غير مقبول" وإن تركيا ستواصل معارضته في جميع المحافل.