logo
"ما زلت صامدة": "رامونا سميث".. من رماد الإخفاق إلى قمة الخطابة العالمية

"ما زلت صامدة": "رامونا سميث".. من رماد الإخفاق إلى قمة الخطابة العالمية

خليج تايمزمنذ 19 ساعات

هل تتذكر لحظةً حاولت فيها الحياة أن تُسقطك؟ من كان أقوى خصمٍ واجهته؟
عندما طرحت "رامونا جيه سميث" هذه الأسئلة الجسيمة بصوتها القوي وثباتها في بطولة العالم للخطابة العامة لعام 2018، لم تكن تدري أن تتويجاً هادئاً ينتظرها في الطرف الآخر. أخذت الجمهور في جولة في حياتها الحافلة بالإخفاقات وخيبات الأمل، لتنهض من رمادها وتتصدر المشهد العالمي بخطابٍ غيّر حياتها بعنوان "ما زلت صامدة". أصبحت هذه العبارة رمزاً دائماً للصمود في حياة "سميث"، خطاباً لم يحدد هويتها فحسب، بل جلب لها مجداً لم تتخيله يوماً.
وبعد سبع سنوات، أصبحت عبارة "ما زلتُ صامدة" أكثر من مجرد شجاعةٍ وانطلاقٍ من الحضيض. فهي تعني الآن، على حد تعبير "سميث" نفسه، "الامتنان لاستمراري في الحديث، ولاستمرار احتفائي ببطلٍ عالمي".
وفي حديثها على هامش مؤتمر "توستماسترز" السنوي لمنطقة "توستماسترز" (DTAC 2025) في دبي، قالت إنها لم تنضم إلى المنظمة بهدف التغلب على رهبة المسرح. لم تكن يوماً ممن يترددون على خشبة المسرح، لكنها تذكرت اللحظة التي شعرت فيها برغبة لا تُقاوم في العثور على صوتها وإطلاقه للعالم ليتردد صداه. ولم يكن ذلك أمراً خارجياً.
"عندما أصبحتُ أماً، أدركتُ حينها أن عليّ الدفاع عن نفسي، لأنني سأضطر للدفاع عن ابني. أدركتُ أنني سأضطر إلى القيام بدور القائد، لأن لديّ طفلاً صغيراً يراقب كل حركة أقوم بها، وأردت أن أكون أفضل نسخة من نفسي من أجل ابني.
وبصفتها أماً غير متزوجة، وتختلف عن الأم العزباء في الصعوبات التي تواجهها، لم يكن من السهل على "سميث" الخروج من كواليس الفشل والإحباط. ومع ذلك، فهي تُبرز بفخر حقيقة أن ابنها كان يعتمد على والده في سنوات نموه، وهذا منحها الفرصة والحرية للانطلاق بمفردها من مسرح ماضيها. شكّل هذا طريقة ظهورها على المسرح كقائدة هدفها حمل رسالة إيجاد الذات في عالم مليء بالمشتتات من جميع الأنواع. منحها هذا مساحةً لتفرد جناحيها وهي مطمئنة بأن ابنها يكبر بأمان وقوة مع والده الرائع.
بالنسبة لشخصٍ يواجه الصعاب بنفس رباطة الجأش التي يواجه بها الجمهور، فإن الفوز ببطولة العالم لم يكن مجرد إسماع صوته، بل كان أيضاً التخلص من خوفه من عدم تحقيق أحلامه. "أخشى ألا أعيش حياتي على أكمل وجه، هذا هو خوفي الوحيد، وكيف أتجاوز ذلك اليوم هو الاستمرار في الظهور عالمياً والسعي لتحقيق أحلامي وأهدافي."
ولا تؤمن "سميث" بمجرد إلقاء كلماتها في الميكروفون. بالنسبة لها، ينبغي أن يكون الخطاب قادراً على التغلغل في عقول المستمعين، وترك أثر دائم عليهم، لدرجة أنه يُغيّر حياتهم بشكل أو بآخر. ومثل معظم الشخصيات العامة التي تُقدّم دروساً عملية في الحياة وتقترح آليات للتأقلم بنجاح في عالم فوضويّ مُضطرب رقمياً، تستقي سميث أيضاً من نبع صراعاتها وتجاربها والدروس المستفادة، وتنقلها للناس بطرق مؤثرة.
تقول: "إن المتحدثين العظماء هم رواة قصص عظماء"، وتنتقل إلى شرح كيف تحولت من مجرد متحدثة أرادت أن تحكي قصصها عندما بدأت رحلتها، إلى خطيبة تستخدم تجاربها لتوجيه الآخرين نحو اكتشاف العظمة داخل أنفسهم.
وهذه الصفة القيادية التي تُمكّنها الآن من تمكين الآخرين لم تكن شيئاً وُلدت به؛ بل شكّلتها الظروف وصقلت باختيارها. لم تظهر هذه الصفة إلا بعد انضمامها إلى القوات الجوية الأمريكية، حيث دفعها مُدرّب تدريب عسكري فجأةً إلى دور قيادي. تتذكر قائلةً: "كان ذلك عندما دفعني إلى هذا الدور لأنه رأى فيّ صفاتٍ لم أكن أتوقعها. لقد تقبلتُ الأمر، وتمكنت من قيادة مجموعة من 50 امرأة لم ألتقِ بهن من قبل من خلال التدريب. لقب "قائدة" وجدني بالتأكيد. لم أكن أعتقد أنني قائدة من قبل، لكنني متأكدة الآن أنني كذلك".
تحمل كلماتها تواضعَ من لم يسعَ وراء السلطة، بل نضج معها. تؤكد قصتها حقيقة أن العظمة لا تُولد دائماً، بل يمكن صقلها بالعزيمة والالتزام والرغبة في أن تكون ذا قيمة لمن تسعى لخدمتهم.
لنعترف بذلك، ليس من السهل أن تكون متحدثاً عاماً. يتطلب الأمر شجاعة للتغلب على عائقين ذهنيين رئيسيين يعيقان معظم الناس: متلازمة المحتال وفخ المقارنة. إن الاعتقاد المزعج بأنني لست جيداً بما يكفي ليس حكراً على المتحدثين فحسب؛ بل هو أمرٌ عانى منه كل من وقف على منصة النصر في مرحلة ما.
ووفقاً لـ"سميث"، يكمن الحل في دفع النفس إلى ما وراء حدود الأمان والراحة. تقول: "أدرّبهم وأجعلهم يتحدثون بطريقة لم يدركوا حتى قدرتهم عليها. يبدأون في اكتساب ثقة لم يدركوا وجودها من قبل، ومع مرور الوقت، يبدأون في اكتشاف نسخ مختلفة من أنفسهم، وهذا مُحرّر للغاية".
ترى "سميث" أن الخطيب الماهر يجب أن يمتلك تجارب حياتية لا تقتصر على سردها بصدق، بل يجب أن يمتلك القدرة على استيعابها واستخلاص دروس منها تُغير منظور الجمهور. وتلخص السمات الأساسية للخطيب الماهر على خشبة المسرح، القادر على جذب انتباه الجمهور وأسره بالسحر: "يتشكل الخطيب الماهر من خلال النضال والممارسة المتعمدة".
ولا يثنيها غزو الذكاء الاصطناعي للمجال الإبداعي، الذي يُعدّ الخطابة جزءاً لا يتجزأ منه، وتؤمن إيماناً راسخاً بدورها كمتحدثة ومُغيّرة للحياة. وهي مقتنعة بأن التواصل المباشر والصادق في عصر يهيمن عليه المحتوى السريع والشخصيات الافتراضية له مكانة خاصة لا جدال فيها. وبينما لا تُنكر أن "الذكاء الاصطناعي يُمكن أن يُساعد في ابتكار أفكار وعبارات إبداعية، ويخلق الإبداع"، وتُضيف أنه لا شيء يُضاهي "التواجد مع مجموعة من الأشخاص الذين تضحك معهم وتقضي وقتاً ممتعاً". فالطاقة التي يُضفيها التفكير والتواصل الصادق لا تُضاهى، و"لا بديل عن التفاعل المباشر".
لاحظت "سميث" أن أكثر ما يميز مجتمع "توستماسترز" في الإمارات العربية المتحدة هو حماسهم الملموس، وشغفهم العميق، وتفانيهم تجاه المنظمة. بخلاف ما تراه غالباً في الولايات المتحدة، حيث لا يعامل الجميع "توستماسترز" بنفس القدر من الاهتمام الشخصي، فإن أعضاء الإمارات العربية المتحدة يكنون لها كل الاحترام والتقدير. وقد وجدت "سميث" أن حفاوة الاستقبال التي حظيت بها هي وباقي أبطال العالم كانت محل تواضع كبير.
ورغم أن العديد من القصص والأصوات الفردية حركت مشاعرها أثناء زيارتها، فإن ما بقي أكثر ما لا يُنسى هو الروح الجماعية، ومستوى الحماس والالتزام الذي تعتبره من بين أقوى المستويات التي واجهتها في رحلتها.
"سميث" فاتنةٌ بشكلٍ آسرٍ عندما تقول إنه لو لم تُصبح متحدثةً مشهورةً عالمياً، لربما كانت ببساطة ربة منزل. إذا كانت هناك خرافةٌ واحدةٌ عن الخطابة العامة ترغب في دحضها، فهي فكرة أنها "صعبةٌ، مُرهِقةٌ، ورهيبة". بالنسبة لها، فإن أقوى ما تعلمته من هذه المهنة هو القدرة على قول: "أنا كافيةٌ" بثقة.
بالنسبة لشخص يستيقظ كل يوم ويشعر بالسعادة والحماس لما قد تحمله الساعات القادمة، ويجد قوة عميقة في الرضا الهادئ عن القيام بما يحب، فإن هذا الكلام البسيط يصبح إعلاناً عميقاً مدى الحياة.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

أمسية موسيقية في مكتبة محمد بن راشد السبت المقبل
أمسية موسيقية في مكتبة محمد بن راشد السبت المقبل

الإمارات اليوم

timeمنذ 32 دقائق

  • الإمارات اليوم

أمسية موسيقية في مكتبة محمد بن راشد السبت المقبل

تنظّم مكتبة محمد بن راشد، السبت المقبل، بالتعاون مع وزارة الثقافة، أمسية موسيقية، تقدمها فرقة الإمارات الموسيقية، وتضم الأمسية كوكبة من ألمع النجوم في المشهد الفني الإماراتي والعربي، حيث يتشارك المسرح كل من الفنان أحمد الرضوان، وسيف العلي، وجاسم محمد، بقيادة المايسترو أحمد طه، ويتضمن برنامج الحفل أربع وصلات موسيقية تجمع بين الطرب الخليجي الأصيل والموسيقى العربية الكلاسيكية، في توليفة فنية تحتفي بجماليات النغم وروح التراث، حيث يقدم الفنانون مجموعة من الأغاني والمقطوعات التي تعكس عمق الإرث الموسيقي في المنطقة، وتبرز التنوع الثقافي الغني الذي يميزها، ما يمنح الجمهور تجربة سمعية راقية تمتزج فيها الأصالة بالإبداع المعاصر.

نهيان بن مبارك يحضر أفراح الغفلي والخاطري في أبوظبي
نهيان بن مبارك يحضر أفراح الغفلي والخاطري في أبوظبي

الإمارات اليوم

timeمنذ 44 دقائق

  • الإمارات اليوم

نهيان بن مبارك يحضر أفراح الغفلي والخاطري في أبوظبي

حضر الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش، أمس، حفل الاستقبال الذي أقامه محمد مايد خليفة الغفلي، بمناسبة زفاف نجله مايد إلى كريمة مايد سلطان الخاطري، وذلك بمجلس المشرف في أبوظبي، بحضور جمع غفير من الأهل والأصدقاء والمدعوين. وقدّم الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان التهاني والتبريكات للعروسين وذويهما، متمنياً لهما حياة أسرية سعيدة ومستقرة، وأن يرزقهما الله الذرية الصالحة، داعياً المولى، عزّ وجلّ، أن يديم على دولة الإمارات نعمة الأمن والرخاء والازدهار. من جانبهم، عبّر ذوو العروسين عن خالص شكرهم وتقديرهم للشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان على حضوره ومشاركتهم أفراحهم، معربين عن بالغ اعتزازهم بنهج التواصل والترابط الأصيل مع أبناء الوطن. وتخلل الحفل عدد من الفقرات التراثية والفنية، شملت عروضاً من الفنون الشعبية الإماراتية، إلى جانب الأهازيج واللوحات الفولكلورية.

«تحدي القراءة العربي» تُتوّج أبطال الدورة التاسعة في الإمارات غداً
«تحدي القراءة العربي» تُتوّج أبطال الدورة التاسعة في الإمارات غداً

الإمارات اليوم

timeمنذ ساعة واحدة

  • الإمارات اليوم

«تحدي القراءة العربي» تُتوّج أبطال الدورة التاسعة في الإمارات غداً

تُنظّم مبادرة تحدي القراءة العربي، غداً، احتفالية حاشدة في مركز دبي التجاري العالمي، لتتويج أبطال دورتها التاسعة على مستوى دولة الإمارات، والتي شهدت مشاركة قياسية، حيث خاض المنافسات 810 آلاف و838 طالباً وطالبة. ويجري تتويج أصحاب المراكز الأولى بحضور وزيرة التربية والتعليم، سارة بنت يوسف الأميري، وعدد من المسؤولين والتربويين القائمين على مبادرة تحدي القراءة العربي، والمهتمين بالشأن المعرفي والتعليمي، وحشد كبير من طلبة المدارس في الإمارات، وأولياء أمور الطلاب والطالبات المشاركين في التصفيات. وحققت الدورة التاسعة من مبادرة تحدي القراءة العربي، التي تنضوي تحت مظلة مؤسسة «مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية»، مشاركة قياسية، وصلت إلى 32 مليوناً و231 ألف طالب وطالبة من 50 دولة يمثّلون 132 ألفاً و112 مدرسة، وبإشراف 161 ألفاً وأربعة مشرفين ومشرفات. وإضافة إلى الإعلان عن بطل مبادرة تحدي القراءة العربي في دورتها التاسعة على مستوى دولة الإمارات، تشهد الاحتفالية تتويج صاحب المركز الأول في فئة أصحاب الهمم، كما يجري تكريم الفائز بلقب «المشرف المتميّز»، والمدرسة الفائزة بلقب «المدرسة المتميّزة». وكانت مبادرة تحدي القراءة العربي توّجت الطالب أحمد فيصل علي، من إمارة دبي، بطلاً لدورتها الثامنة على مستوى دولة الإمارات، حيث شهدت مشاركة أكثر من 700 ألف طالب وطالبة مثّلوا 1174 مدرسة، تحت إشراف 1897 مشرفاً ومشرفة. كما أحرز عاصم عبارة، من إمارة أبوظبي، لقب «المشرف المتميّز»، ومدرسة الإبداع الحلقة الأولى من إمارة دبي لقب «المدرسة المتميّزة»، في حين ذهب المركز الأول في فئة أصحاب الهمم إلى الطالب سليمان خميس سليمان الخديم من إمارة الفجيرة. وتهدف «تحدي القراءة العربي»، التظاهرة القرائية الأكبر من نوعها باللغة العربية على مستوى العالم، والتي انطلقت دورتها الأولى في العام الدراسي 2015-2016 بتوجيهات صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، إلى تعزيز أهمية القراءة لدى الطلبة المشاركين على مستوى الوطن العربي والعالم، وتنمية مهارات التفكير الإبداعي. كما يهدف التحدي إلى إنتاج حراك قرائي ومعرفي شامل، وترسيخ ثقافة القراءة باللغة العربية، لغةً قادرةً على مواكبة كل أشكال الآداب والعلوم والمعارف، وتشجيع الأجيال الصاعدة على استخدامها في تعاملاتهم اليومية، وتزويدهم بالمعرفة الضرورية للإسهام في بناء مستقبل أفضل وصقل قدراتهم وشخصياتهم، وتمكينهم من الاطلاع على الثقافات الأخرى، بما يسهم في ترسيخ مبادئ التسامح والتعايش وقبول الآخر. • 32.2 مليون طالب وطالبة من 50 دولة شاركوا في الدورة التاسعة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store