للإستقلال في القلب مكانة وفي الضمير حضور
ماذا يعني الإستقلال؟!
سؤال كبير بحجم محبتنا جميعا للأردن الوطن الأغلى وصدق الإنتماء إلى ترابه، وهضابه وجباله، وسهوله ... بحجم عمق ولائنا وتجديد بيعتنا التي لا تنطفيء جذوتها لجلالة قائد مسيرتنا الملك عبد الله الثاني بن الحسين حفظه الله وأعز ملكه... بحجم محبتنا إلى الأرض المباركة بقمحها وزيتونها وشيحها وقيصومها وزعترها... بحجم هيبة وكبرياء المعلم الذي يغرس القيم النبيلة معرفة وعلما وسلوكا ونهجا تم حفره بالقرطاس والقلم ... بحجم رباطة جأش وشدة بأس الجندي المخلص المرابط على حدود الوطن، للدفاع عن أمنه وإستقراره ليعيش الإنسان كريما عزيزا في وطن حر أردني هاشمي ... بحجم إعتزازنا بالعامل في مصنعه، والمزارع في أرضه أصحاب الزنود والسواعد القوية الذين يعملون بتفان إخلاص حيث أدركوا أن قيمة الحياة، تكون بالعمل الجاد يغمسون لقمة عيشهم بالكرامة وعفة النفس ... بحجم المسؤولية العظيمة والحنث باليمين " وإنه لقسم لو تعلمون عظيم" ليكون الحفاظ على ثوابتنا الوطنية ودستورنا أمر مقدّس، وواجب الإلتزام بها من كل مسؤول وفرد من المكان إلى المكان وفي كل زمان وآن، هو قوة لأردننا وطنا يقف في وجه التحديات بكل صلابة.
نعم، الإستقلال مسيرة عطاء مستمر وإنجاز ليس لها حدود ... الإستقلال أن نسهم جميعا في زراعة بذور نقيّة وبراعم خضراء قويّة تنبت كبرياء ومجدا ونهضة، وتؤتي أكلها كل حين ضمن نهج نقي يشرف عليه أوفياء صادقون مخلصون يضعون مصلحة الوطن فوق كل إعتبار، أصحاب مواقف وبطولة، لا تجار مواقف ومصالح.
الإستقلال أن نتابع المشوار مع قيادتنا الهاشمية الحكيمة التي له حضور كبير على المستوى الوطني قائدا مخلصا وفيّا لشعبه، وعلى المستوى الإقليمى عنصر توازن وحكمة لرأب الصدع في كل مكان، وعلى المستوى العالمي صاحب كلمة شجاعة وجريئة ومؤثرة في المنتديات الدولية يحمل الفكر الرصين والبيان البليغ في مخاطبة العالم ليقول للعالم، لا للظلم ولا لغطرسة العدوان الاسرائيلي تجاه أهلنا في فلسطين وغزة وتجاه ما تتعرض له المنطقة في إقليم ملتهب.
في ظلال إحتفالاتنا، بمناسبة ذكرى الإستقلال الوطني التاسع والسبعين لمملكتنا الراسخة كرسوخ جبال عمّان ومرتفعات السلط وجبال عجلون وشيحان والشراة، حيث تعيش هذه المناسبة في ذاكرتنا الوطنية على إمتداد هذا الثرى المبارك، وتنبري أقلامنا لتكتب بمداد الوفاء والصدق للعناوين الأبرز التي تشكّل مرتكزات وثوابت، نلتقي عليها ونصونها لوحات عز وكبرياء على صفحات سفر هذا الوطن الأشم، لأن الإستقلال قصة كفاح ونضال كتبت بدماء الشهداء دفاعا عن الحمى والأرض والكرامة.
في هذا اليوم الأغلى تزدان مملكتنا بطلتها البهية، وترتدي عباءة المجد والتاريخ والأصالة، وتلبس ثياب النور والصباح المشرق بإذن الله، وترتوي بقطرات الندى النقيّة الصافية تتخللها أشعة الشمس تبشر بامل ومستقبل يحقق النهضة والتقدم... في هذا اليوم، يرفرف علمنا الأردني بألوانه الزاهية الجميلة خافقا في المعالي والمنى عربي الظلال والسنا، كما هي فسيفساء أبناء شعبنا الأردني الواحد الموحّد الذي يجتمع على الخير صفّا متراصّا وقويّا في ظل مملكتنا ودولتنا الراسخة التي تسير بخطى واضحة وواثقة، ضمن ثوابت ومباديء رصينة قوية لم تتلون ولم تتبدّل يوما، ولم تنحن لعاصفة الظروف والتحديات، وكانت تواجه الصعاب بقوة وصلابة لتبقى أردننا حصنا منيعا برعاية الله وحمايته.
سيدي جلالة الملك حامي الإستقلال، ونحن في أردن العزم نتفيأ ظلال خيمتنا الهاشمية الكبيرة معنى ومبنى، نمضي معكم وبكم حاميا لمسيرة الإستقلال عطاء وبناء، وأنتم يا سيدي القائد الشجاع قكرا ورأيا والجندي الملك المقدام في كل المواقف، كما أنتم ياسيدي قلب الأمة النابض بالخير وضميرها اليقظ وصوتها القوي إنتماء لرسالتها ومبادئها، يسيرمعكم وبكم الأخيار الأكثر صدقا وإخلاصا من حماة الوطن، كوادر أبناء جيشنا العربي المصطفوي، وأجهزتنا الأمنية الأمينة اليقظة تلك الهامات العالية التي لا ولم ولن تنحن الا لله، تدافع دائما ببسالة ورجولة وبطولة عن ثوابت الدولة الاردنية، وهي الحارس الأمين على حياة الناس والمجتمع وصمام أمننا الاجتماعي والتربوي والاقتصادي، كما يحيط بكم ويسير معكم شعب وفيّ أصيل كنتم يا سيدي المعلم لنا والقدوة والقوي الأمين، تمتلكون الرؤية التي تستشرف المستقبل، وتمتلك علو الهمة والتفاني، ضمن نهج وطني شمولي ينهض بالأردن وطنا يستحق منا كل التضحية.
في هذا اليوم المبارك العزيز، نتابع مع جلالة سيدنا مسيرة الاستقلال مترسمّين توجيهاته السامية بأن بناء الوطن لا يكون بالتنظير والأقوال، ولكن بالعمل الجاد المخلص الذي يترك أثره الواضح، لأن الوطن هو المظلة الباسقة والشجرة الكبيرة التي نتفيأ جميعا تحت ظلها، وأن المقياس الحقيقي للإنتماء هو مقدار ما نعطي ونقدّم بعيدا عن المصالح الآنية والضيقة، فالوطن هو الأبقى والأغلى ونحن ذاهبون.
سيدي صاحب السمو ولي العهد الأمين، يا فارس الكلمة والموقف، كنتم على الدوام قرة عين الوطن، وموضع إعتزاز وثقة جلالة قائدنا الأعلى، وسندا وظهيرا لأردن العزم والكرامة نحو أردن مزدهر وآمن ومستقر بإذن الله.
أمّا البناة الأوائل منذ عهد جلالة المغفور له الملك عبد الله الأول المؤسس، وجلالة المغفور له الملك طلال بن عبد الله واضع الدستور الأردني، وجلالة راحلنا العظيم المغفور له الحسين بن طلال طيّب الله ثراه، ومن معهم من البناة المخلصين من أبناء الأردن الذين بنوا أساسات وأركان الإستقلال، وتابعوا مسيرة البناء ضمن دائرة الوطن الأكثر رحابة وإتساعا، ومنهم من مضى إلى رحاب، فمن واجبهم علينا أن نكتب لهم بمداد حروف الصدق وكلمات الوفاء لتمتزج بمداد الدم والتضحية الذي إرتوت به أرض الرسالات والبطولات، ساهموا في بناء مجد وطن سيجوه بأعمدة الإخلاص وصدق الإنتماء. وستبقون الشعلة المضيئة في سماء أردننا الغالي حيث سطّرتم بنبض شرايين دمائكم معاني البطولة والفداء على إمتداد هذه الأرض، توجهون رسالة لنا وللأجيال القادمة لنواصل مسيرة العمل والبناء في أردن العزم الهاشمي الوجه والعربي الرسالة.
في هذا اليوم، ذكرى الاستقلال الوطني التاسع والسبعين، نبارك للوطن ولجلالة سيدنا حفظه الله وأعز ملكه، ولصاحب السمّو الملكي ولي العهد المخلص الأمين، ولشعبنا الأردني الأصيل كل في موقعه، كما نبارك لكافة منتسبي جيشنا الأردني العربي الباسل وأجهزتنا الأمنية حماة الإستقلال، مدركين عمق مدلولات الإستقلال عطاء وإنتماء، لنرفع بنيان أردننا بإرادة وعزيمة وإيمان لنترجم معاني الإستقلال واقعا نعيشه وتحميه سواعد الرجال الأبيّة، ولنرسم مع جلالة سيدنا وقيادتنا الهاشمية الحكيمة لوحة جميلة عنوانها "الوطن الأغلى والأجمل والأبقى، وهو أكبر منا جميعا".
• أستاذ جامعي وكاتب/ جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية حاليا
• عضو مجلس أمناء حاليا
• عضو مجلس كلية الدراسات العليا في جامعة اليرموك حاليا
• عميد كلية الصيدلة / جامعة العلوم والتكنولوجيا الاردنية وجامعة اليرموك سابقا
• رئيس جمعية أعضاء هيئة التدريس سابقا

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


رؤيا
منذ 42 دقائق
- رؤيا
وثيقة نادرة تكشف تفاصيل أول احتفال رسمي بالاستقلال في إمارة شرق الأردن عام 1928
مركز التوثيق الملكي: الوثيقة تُبرز رمزية الاستقلال في الوجدان الوطني بمناسبة الذكرى التاسعة والسبعين لاستقلال المملكة الأردنية الهاشمية، عرض مركز التوثيق الملكي الأردني الهاشمي وثيقة تاريخية نادرة تعود إلى عام 1928، تكشف لأول مرة تفاصيل أول احتفال رسمي بالاستقلال في إمارة شرق الأردن، والذي نظمته متصرفية عجلون آنذاك. وقال المركز في بيان صدر السبت، إن الوثيقة تُبرز رمزية الاستقلال في الوجدان الوطني، وتعكس التفاعل العميق بين الشعب والقيادة في تلك الحقبة المفصلية من تاريخ الأردن الحديث. وأوضح أن الوثيقة تتضمن تفاصيل دقيقة حول مراسم وبرنامج الاحتفال، ما يجسد روح الفخر والانتماء الوطني التي سادت في البلاد آنذاك، مشيرًا إلى أن نشرها يأتي في إطار جهود المركز المستمرة لحفظ الذاكرة الوطنية وتوثيق المحطات التاريخية التي ساهمت في تشكيل ملامح الدولة الأردنية وتطورها السياسي والاجتماعي. ويُشار إلى أن أول استقلال للأردن كان بتاريخ 25 أيار 1923، عندما اعترفت الحكومة البريطانية رسميًا باستقلال إمارة شرق الأردن تحت قيادة الأمير عبدالله بن الحسين، طيب الله ثراه. وفي مثل هذا اليوم من كل عام، يجدد الأردنيون تمسكهم بتاريخهم الوطني المجيد، ويستذكرون مسيرة بناء الدولة التي أسسها الأجداد بقيادة هاشمية حكيمة، نحو مستقبل زاهر للأجيال القادمة.


جو 24
منذ ساعة واحدة
- جو 24
عيد الاستقلال، من صرح البناء إلى معركة الوجود والإصلاح
د. هاني العدوان جو 24 : إن الخامس والعشرين من أيار يمثل منعطفاً تاريخياً حاسماً في سجل الأردن، ليس لأنه يوم إعلان الاستقلال وتحول الإمارة إلى مملكة دستورية عام 1946 على يد المغفور له الملك المؤسس عبد الله الأول فحسب، بل لأنه يجسد سفراً حافلاً بالصبر والمجابهة، وملحمة وطن صُلب عوده في أتون الشدائد ليخرج منها أشد بأساً ومنذ ذلك التاريخ، خاض الأردن غمار خطوب عظام، بدءاً من النكبة الفلسطينية وحرب عام 1948 التي كان للجيش العربي الأردني فيها صولات وجولات، وأفضت إلى ضم الضفة الغربية والقدس الشرقية عام 1950، ما ألقى بظلاله عميقاً على نسيجه الديمغرافي والسياسي ما كان الدرب مفروشاً بالرياحين، فبعد اغتيال الملك المؤسس عبد الله الأول طيب الله ثراه في القدس عام 1951، شهدت المملكة توارثاً سلساً للمقاليد، فتولى الملك طلال سدة الحكم لفترة وجيزة، ثم اعتلى العرش عام 1952 الملك الحسين بن طلال، الذي أمسك بزمام القيادة في فترة الخمسينات والستينات، وسط معضلات داخلية وإقليمية عاصفة، تمثلت في المد القومي العربي وصراعاته، ومحاولات التغيير السياسي، لكن الملك الراحل طيب الله ثراه أبان عن مقدرة فذة على صون استقرار الأردن ووجهته ومع حلول عام 1967، كانت حرب الأيام الستة لتشكل منعطفاً جوهرياً، حيث فقد الأردن الضفة الغربية والقدس الشرقية، واستقبل موجات جديدة من اللاجئين، إلا أن معركة الكرامة في الحادي والعشرين من آذار عام 1968 جاءت لتعلي الهامات وترسخ اقتدار الجيش العربي الأردني على الذود عن حياضه، ولم يمض وقت طويل حتى شهد الأردن مجريات أيلول الدامية عام 1970، التي انتهت بخروج الفصائل المسلحة، لتوطد أركان الاستقرار في الداخل وفي حرب تشرين الأول عام 1973، شارك الأردن بفعالية نصرة للأشقاء في سوريا ودفاعاً عن الأرض العربية أما حقبة الثمانينات، فقد مثلت فترة استقرار، جعل الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه الأردن شعلة وهاجة في دروب التقدم وعلى كل الأصعدة، في التعليم وفي الطب وفي ميادين شتى، وارتقى بالأردن إلى مصاف الأمم العليا دولياً، رغم استمرار التحديات الاقتصادية الصعبة ومع دخول التسعينات، واجه الأردن أزمة الخليج الأولى عام 1990، حيث اتخذ موقفاً اتسم بالحياد النسبي ألقى بظلاله على وشائج علاقاته الإقليمية والدولية، وتكبد خسائر اقتصادية فادحة جراء الحصار على العراق وفي عام 1994، جاء توقيع معاهدة وادي عربة مع إسرائيل، لينهي حالة الحرب الرسمية، في خطوة أثارت ردود فعل متباينة بين مؤيد ومعارض وفي عام 1999، رحل الملك الحسين طيب الله ثراه، تاركاً ميراثاً خالداً، ليتولى جلالة الملك عبد الله الثاني مقاليد الحكم، مستهلاً عهداً جديداً من التحديث والإصلاح، ومع حرب العراق عام 2003، عارض الأردن الغزو واستقبل أعداداً كبيرة من اللاجئين، لتترك تداعيات أمنية واقتصادية عليه لم تكن التحديات قد بلغت منتهاها هنا، ففي عام 2011، تأثر الأردن بهبوب رياح التغيير، وشهد مظاهرات طالبت بالإصلاح ومكافحة الفساد، فاستجابت القيادة بسلسلة من الإصلاحات الدستورية والقانونية والسياسية، مستوعبة الأزمة وصائنة لوشائج الاستقرار ومع ظهور تنظيم داعش عام 2014، شكل هذا التنظيم خطراً داهماً على الأردن الذي شارك بفعالية في التحالف الدولي ضده، وعانى من هجمات إرهابية، وفي الوقت ذاته، استقبل الأردن أعداداً هائلة من اللاجئين السوريين، إثر ما قام به النظام السوري البائد من جرائم ضد شعبه، ما شكل عبئاً لم يسبق له مثيل على موارده وبنيته التحتية، ولم تنج المملكة من حبائل المؤامرات التي كانت تستهدف أمنه واستقراره، فأصبحت حدوده الشمالية هاجساً متنامياً جراء وجود التنظيمات المسلحة والمهربين وتجارة المخدرات، والتي تبين لاحقاً أنها برعاية النظام السوري البائد، وما زال الأردن في مواجهة مستمرة مع هذه المشكلة المقلقة، فضلاً عن مواقف الأردن الراسخة تجاه الأشقاء في فلسطين المحتلة وما يتعرضون له من قبل الكيان المحتل، وإسهامه الجلي والفاعل في دعم الإخوة في غزة، والتخفيف عنهم بإنشاء المستشفيات الميدانية وتقديم العون المتواصل لهم، وكان السباق لإغاثتهم وفك الحصار عنهم، والأول الذي تبنى مبدأ الجسر الجوي حيث شارك جلالة الملك عبد الله الثاني إخوانه في السلاح في القوات المسلحة، يمد جسراً جوياً يوصل المساعدات والإغاثة للأهل تحت القصف الإسرائيلي المستمر وليومنا هذا، وما زالت هذه التحديات تلقي بظلالها على الأردن، الذي يسعى جاهداً للحفاظ على أمنه واستقراره ودوره المحوري على الرغم من كل هذه التحديات الجسام التي واجهها الأردن عبر تاريخه، أظهر هذا الوطن صلابة وشموخاً لا يضاهيان، مما يرسخ مقدرته على النهوض في وجه التحدي الاقتصادي الراهن، والذي أصبح يهدد ركائز استقراره الاجتماعي وقوت مواطنيه فبينما تزدان سماء الوطن بألوان الفرح بذكرى استقلاله المجيد، لا ينفك الأمل يحدونا ويسمو بطموحنا نحو رؤية إصلاحية شاملة، نأمل أن لا يقتصر احتفالنا على المظاهر البهيجة، بل أن يكون دعوة صادقة لإعادة تقييم مسيرتنا الإصلاحية، والغوص في عمق المعضلة الحقيقية التي تثقل كاهلنا، ألا وهي تدهور اقتصادنا وتآكل مستوى معيشة أبنائنا، لنتصدى لها بعزم وإرادة لا تلين إن هذا التدهور لم يأت من فراغ، بل هو نتيجة لتراكمات مزمنة من الفساد المستوطن الذي لا يلقى المحاسبة الرادعة، ومن منهج إداري عقيم يعتمد على توارث المناصب وتدويرها، والزبائنية والمحسوبية، وسياسة الاسترضاء على حساب القدرات الوطنية النزيهة المخلصة للوطن، القادرة على تحمل المسؤولية بكل كفاءة واقتدار، وصاحبة العزيمة التي لا تلين إن هذا النهج هو الحجر العثرة الذي يعيق كل مسارات الإصلاح، سواء الإداري أو الاقتصادي أو السياسي، فعندما تُولى المناصب العليا والمسؤوليات الحساسة لأشخاص يفتقرون إلى المؤهلات الجوهرية، ولا الكفاءة المطلوبة، ولا الولاء الصادق إلا لذواتهم ومصالحهم، تكون النتيجة الطبيعية هي تراجع الأداء، وهدر الموارد، واستشراء البيروقراطية، وخنق روح الإبداع والابتكار، هذه الممارسات لم تكن مجرد أخطاء فردية، بل أصبحت نهجاً متأصلاً يفضي إلى وضع الرجل غير المناسب في الموقع غير المناسب، مما يصيب مفاصل الدولة بالشلل ويعرقل أي ارتقاء حقيقي وعندما تمنح المناصب على سبيل الاسترضاء أو المكافأة على الولاء الشخصي بدلاً من الكفاءة، أو عندما تدار المسؤوليات ضمن شبكات أو تكتلات بعيدة عن الشفافية والنزاهة، فإن الوطن هو من يتكبد الثمن الباهظ إن الفساد هنا ليس مجرد نهب للمال العام، بل هو فساد إداري يفتك بمنظومة كاملة، ويبدد الثقة بين المواطن والدولة، فعندما يرى المواطن القدرات المغمورة، والمجتهدين المبعدين، بينما يتربع غير الأكفاء، وتعاد تدوير المناصب بين ذات الوجوه، يتولد لديه إحساس عميق باليأس والإحباط، ويتآكل ولاؤه للوطن، وتتلاشى آماله في مستقبل أفضل إن هذا الفساد، بكل أشكاله، هو المسبب الرئيس في تضخم الدين العام، وتراجع الاستثمارات، وندرة فرص العمل، وتآكل الطبقة الوسطى، واتساع هوة الفقر، وتدهور الخدمات الأساسية كلنا أمل بتوجيهات ملكية سامية، أن يكون عنوان احتفالنا القادم بعيد استقلال الأردن متوجاً بـ مصالحة وطنية صادقة وجذرية، تتضمن تحولاً جوهرياً في المنهج السائد في إدارة شؤون الدولة، وأن يكون هذا التغيير مبنياً على العدل والشفافية وتكافؤ الفرص، وأن يعطي الأولوية المطلقة لـ الكفاءات الوطنية الحرة المخلصة للوطن، التي تمتلك القدرة على تحمل المسؤولية بكل اقتدار، وتتصف بالولاء الصادق والعزيمة التي لا تكسر إن الاستقلال الحقيقي لا يكتمل إلا بتحرر الوطن من أغلال الفساد والمحسوبية والشللية، ومن سياسات الاسترضاء التي ألحقت به بالغ الضرر هذا هو الاستقلال الذي يجب أن يحظى به الأردن، وهذا هو مطلب كل أردني غيور على وطنه، يرى مستقبل بلده أمانة في عنقه إن تحقيق هذا التحول يتطلب إرادة سياسية راسخة، وعزيمة لا تفتر، وكسراً لكل الأغلال التي كبلت الطاقات وأعاقت المسيرة فالأردن، بتاريخه الحافل بالصمود، وبحنكة قيادته الملهمة، وشعبه العظيم، يستحق أن يكون قدوة في الرقي والعدالة، وأن يستعيد عافيته الاقتصادية ليحقق لمواطنيه الحياة الكريمة التي تليق بهم تابعو الأردن 24 على


جفرا نيوز
منذ ساعة واحدة
- جفرا نيوز
في عهد الملك عبدالله الثاني.. إنجازات تتواصل بهيكلة القوات المسلحة وتطورها
جفرا نيوز - عهود مرت وعقود مضت من عمر المملكة الأردنية الهاشمية، والمسيرة المباركة تزهر وتثمر، وتلقي بظلالها على ربوع الوطن الخلابة بعز الهاشميين الأطهار، أصحاب الريادة والسيادة، فمن عهد إلى عهد مجد يمتد وإنجاز يتجدد، منذ تأسيس الإمارة حتى أيامنا هذه، بناء ونماء وسخاء ورخاء وخير وعطاء عناوين كبيرة ذات معان عظيمة راسخة الجذور لمحطات خالدة من عمر الوطن الأشم صاغها الهاشميون الأخيار لنهضة البلاد ومجد الأمة فكان الاستقلال مظلة ألقت بفيئها على رحاب المملكة الخضراء فأثمرت خيرا وفيرا عم أرجاء البلاد. ورسخ الهاشميون عبر التاريخ قاعدة عميقة الارتباط مع جميع دول العالم حتى أصبح الأردن مشهودا له في كل المحافل الدولية، فقد وضع جلالة الملك عبدالله الأول طيب الله ثراه الدولة والشعب نصب عينيه، ساعيا إلى الارتقاء بالدولة وتطورها ووضعها على خارطة العالم بعد أن بذل جهودا ومضنية في سبيل تأسيس إمارة شرق الأردن عام 1921 وتعد هذه المرحلة في تاريخ الأردن نقطة تحول هامة وبعد 25 عاما من الكفاح الطويل تحقق حلم الاستقلال وتحولت إمارة شرق الأردن إلى المملكة الأردنية الهاشمية ذات السيادة والقانون والهيكلية السياسية المحددة بالأنظمة واللوائح الضابطة، فشهدت البلاد مزيدا من التطور والتقدم والتحديث، بدءا من جلالة الملك المؤسس والملك طلال صانع الدستور والملك الحسين الباني وصولا إلى جلالة الملك المعزز عبدالله الثاني حفظه الله ورعاه. ونالت القوات المسلحة حظا وافرا وحصة كبيرة منذ تأسيس الإمارة حتى وقتنا هذا ومرت بالعديد من مراحل التطوير والتحديث شملت جميع النواحي تنظيما وتسليحا وتدريبا واستطاعت خلالها مواكبة الجيوش المتقدمة في هذه المجالات حتى وصلت لدرجة عالية من الاحترافية والكفاءة والتميز مكنتها من أداء أدوارها الدفاعية والقومية والإنسانية والتنموية على أكمل وجه واستطاعت بهمة الهاشميين الأخيار أن تمد يد العون والمساندة لكل محتاج، فأغاثت الملهوف، ولبت نداء المحتاجين داخل الوطن وخارجه وغدت عنوانا للأصالة والتميز والإباء. واستطاع الجيش العربي بفضل القرار الحكيم والصائب لجلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال، أن يمتلك زمام الأمور وينطلق في أداء مهامه وتنفيذ واجباته بكل كفاءة واحترافية واقتدار ومراعاة لمصالح البلاد وشؤونها وحفاظا على حقوق مواطنيها، حيث غدا الجيش درة الوطن وشامة وضاءة على جبين البلاد، وحافظت القوات المسلحة التي تعد من أقدم الجيوش العربية على عقيدتها العسكرية المستمدة من مبادئ الثورة العربية الكبرى، حيث تعتبر القوات المسلحة من الركائز الأساسية التي تضمن أمن واستقرار الوطن، فضلا عن الأدوار التنموية والمساهمة الفاعلة في العمليات الإنسانية والإغاثية. وأولى الهاشميون منذ اللحظة الأولى للحكم القوات المسلحة جل الاهتمام والرعاية لتواكب آخر التطورات في العصر الحديث من الناحية التأهيلية والقدرات التسليحية، إضافة إلى السعي الدائم لتطوير قدراتها ورفدها بأحدث الأسلحة والمعدات لتكون قادرة على حماية مقدرات الوطن وصون مكتسباته وتنفيذ ما يوكل لها من مهام وواجبات، وتم إعادة تنظيمها بما يتناسب مع التهديدات المتوقعة من خلال إعادة هيكلة عدد من الوحدات وتشكيلات المناطق وتزويدها بأحدث الأسلحة، ودمج بعض التشكيلات والمديريات ذات الأدوار المتشابهة، وإعادة تنظيم بعض الوحدات. وفي عهد جلالة الملك عبدالله الثاني، القائد الأعلى للقوات المسلحة، جاءت التوجيهات الملكية بإجراء خطة هيكلة القوات المسلحة لتطوير أدائها، لتتمكن من مواجهة جميع التحديات من خلال مراجعة المتطلبات المتعلقة بتطوير وتحديث القوات المسلحة من حيث الإعداد والتدريب والتسليح بما يتواءم مع المستجدات بشكل يضمن أعلى مستويات التنسيق مع الأجهزة الأمنية من خلال دمج بعض التشكيلات وتعزيز قدراتها للتعامل والتصدي للتهديدات المتوقعة، فشهدت القوات المسلحة نقلة نوعية في مجال التسليح من خلال رفدها بأحدث منظومات الأسلحة للقيام بمهامها بكفاءة عالية وإنجاز واجباتها بتميز واقتدار. وشمل هذا التحديث القوات البرية والقوات الجوية والقوة البحرية والزوارق الملكية والعمليات الخاصة التي انضم جلالة الملك إليها في 20 تشرين الثاني عام 1994 وعين قائدا لها وتم إعادة تنظيمها لتكون قوة مرنة وضاربة قادرة على الانتشار السريع والتنقل البري والجوي والبحري، حيث وجه جلالته بتزويدها بأحدث التقنيات ووسائل الاتصال وتكنولوجيا المعلومات والأسلحة لمواكبة تطورات الحرب الحديثة ولتصل إلى ما أراد جلالته من الاحتراف والتميز لتنفيذ ما يوكل إليها من واجبات بكفاءة عالية. كما تم رفد مختلف وحدات القوات المسلحة بأحدث ما توصلت إليه تكنولوجيا الصناعات الدفاعية من الأسلحة والمعدات والآليات بما يضمن رفع قدرات القتال في مختلف الظروف والأوقات، حيث تم إدخال دبابات وناقلات جند حديثة لتشكيلات ووحدات القوات المسلحة وتحديث الأسلحة الفردية، إضافة إلى تشكيل لواء مدرع خفيف وتسليحه بدبابات وناقلات جند مدولبة، ليكون ذا قابلية حركة عالية، بالإضافة إلى إدخال دبابة تشالنجر ودبابة السينتارو، وتشكيل لواء سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان-التدخل السريع وتزويده بوسائط النقل البرية والجوية ليشكل قوة ضاربة يستطيع من خلالها مواجهة أي تهديد بأسرع وقت ممكن واستخدامها في الزمان والمكان المناسبين وتشكيل كتائب هاون (120 ملم) منها قسم محمول في آليات ذات تكنولوجيا عالية كما تم توفير قوة ردع ذات قابلية حركة عالية من خلال إدخال راجمات الصواريخ للخدمة في القوات المسلحة. ونفذ سلاح الجو الملكي برنامجا واسعا للتحديث قام على عمليتي الإزاحة والإحلال واستبدل الكثير من الطائرات والمعدات القديمة، وتم إحلال طائرات ومعدات حديثة، وشملت هذه العملية تحديث أسراب طائرات (F-16) العاملة في سلاح الجو الملكي، وإنشاء أسراب من الطائرات العامودية المقاتلة، وإنشاء لواء الأمير هاشم بن عبدالله الثاني/ طيران العمليات الخاصة، الذي تم تزويده بطائرات حديثة من نوع "بلاك هوك والليتل بيرد"، ثم جرى هيكلته ليصبح ضمن قاعدة الملك عبدالله الثاني الجوية بعد إعادة الهيكلة وإدخال طائرات التدريب المتقدم (PC- 21) طائرات (GROB) للخدمة، وتحديث أسطول طائرات النقل الاستراتيجي في سلاح الجو الملكي من نوع (C-130J) إضافة إلى تحديث منظومة الدفاع الجوي. وتم تحديث زوارق القوة البحرية الملكية، والعمل على زيادة قدراتها، لتكون قادرة على حماية المياه الإقليمية للمملكة في العقبة وشواطئها، وتم إدخال زوارق حديثة تواكب أحدث القطع البحرية في العالم (بحث وإنقاذ، اسعاف، مقاتلة)، وتم تشكيل كتيبة المشاة البحرية/77 عام2009. وطور الأردن منظومات مراقبة الحدود وأصبحت تضم أنظمة إلكترونية متطورة تشمل الكاميرات والرادارات والطائرات المسيرة، لزيادة القدرة على المراقبة والكشف للأهداف الأرضية والمركبات والأشخاص والطائرات المسيرة وأنظمة التداخل الإلكتروني، وتوفر هذه المنظومة قدرات ردع للتهديد المتنامي الناتج عن استخدام الطائرات المسيرة لأغراض الاستطلاع والتهريب، إضافة إلى توفير كشف راداري لتهديد الطائرات المسيرة في المناطق الحدودية. من جهة أخرى، شهد الدور التنموي للقوات المسلحة تطورا كبيرا، ففي مجال التربية والتعليم ازدادت أعداد مدارس الثقافة العسكرية لتصل إلى 55 مدرسة عام 2025، واستفاد من المنح الدراسية الجامعية "المكرمة الملكية السامية لأبناء العسكريين العاملين والمتقاعدين" أكثر من 100 ألف طالب وطالبة. وتغطي الخدمات الطبية الملكية شريحة واسعة من مواطني المملكة بالتأمين الصحي من خلال مستشفياتها ومراكزها المنتشرة في جميع محافظات المملكة التي تم إنشاء عدد منها أخيرا، وتتميز اليوم بأنها أصبحت ذات بعد عالمي وعربي واضح في نظام خدماتها من خلال مقدرتها على فتح مستشفيات لإغاثة المتضررين من الكوارث والحروب. وكانت القوات المسلحة بتوجيهات جلالة القائد الأعلى على الدوام حاضنة للإنسانية وملهمة خصوصا في الملمات على اختلافها، وكانت أبرز المشاهد الإنسانية تتجلى في المستشفيات الميدانية التي لبت النداء إقليميا ودوليا سعيا لإغاثة الملهوف ومد يد العون والمساعدة، حيث وصلت أعداد الدول التي أرسلت إليها مستشفيات أو محطات جراحية إلى 25 دولة صديقة وشقيقة، وللقوات المسلحة الآن ثلاثة مستشفيات ميدانية موزعة في شمال غزة، وجنوبها في "خان يونس" ونابلس، ومحطتان جراحيتان في رام الله وجنين، كما استطاعت القوات المسلحة أن تنفذ ثالث أكبر عملية تزويد لوجستي في العصر الحديث على قطاع غزة، إذ عملت القوات المسلحة بأقصى طاقتها وإمكاناتها لهذا الجهد الإنساني العظيم الذي لعب دورا مهما في التخفيف من المعاناة الإنسانية للأشقاء في القطاع جراء الحرب. وتضاعف دور القوات المسلحة في الأمن الغذائي الوطني من خلال إنشاء الأسواق التابعة للمؤسسة الاستهلاكية العسكرية في جميع أنحاء المملكة، بالإضافة للمشاريع الزراعية الريادية التي تشرف عليها القوات المسلحة آخرها في منطقتي الباقورة والغمر، كما أسهمت القوات المسلحة بتطهير مساحات حدودية واسعة من الألغام ليصار إلى الاستفادة منها في الزراعة، فضلا عن إنشاء وترميم العديد من السدود والحفائر المائية في مختلف مناطق المملكة. وتم تحديث وتطوير وإعادة افتتاح متحف صرح الشهيد عام 2016 وإنشاء العديد من المتاحف العسكرية "متحف جامعة مؤته الجناح العسكري عام 2012، متحف المشير حابس المجالي عام 2014، متحف المنطقة العسكرية الشرقية عام 2018، تحديث صرح ومتحف الكرامة عامي 2018 و 2023، متحف قيادة المنطقة العسكرية الجنوبية عام2021، متحف الحرس الملكي الخاص في عام 2021، متحف كلية الأميرة منى للتمريض عام 2022، وغيرها من المتاحف العسكرية، استذكارا لبطولات وتضحيات نشامى القوات المسلحة وشهدائنا الأبرار الذين قدموا أرواحهم فداء للوطن وقضايا الأمة. وفي إطار اهتمام جلالة القائد الأعلى بالتطوير والتحديث الإداري لمنشآت القوات المسلحة، تم تطوير وإنشاء عدد كبير من المباني في تشكيلات ووحدات القوات المسلحة، وافتتح جلالته أخيرا المقر الجديد للقيادة العامة للقوات المسلحة، بحضور ولي العهد، الذي يقع على مساحة أرض تبلغ 300 دونم بمنطقة ياجوز وأُنشئ وفقا لأحدث الأسس والمعايير الهندسية.