عبد الله السعدون نشر في الرياض يوم 17 - 03
بما أن أكثر المجتمعين من رجال الأعمال، فقد دار الحديث عن التحكيم التجاري، وما طرأ على المركز السعودي للتحكيم التجاري، من تطوير، حيث تم تعيين أفضل الكفاءات فيه من القطاع العام والخاص، وتزويده بالعنصر البشري من الكفاءات الدولية. أشاروا إلى أهميته، بالنسبة لمن يرغب الاستثمار في المملكة. وقد أورد أحد الحضور تجربته مع التحكيم الدولي وما مرّ به مع شركة أميركية، حيث قامت الشركة بسحب مبلغ من المال مخصص للاستثمار المشترك من مصرف سعودي إلى حساب الشركة في أميركا، وماطلت في إعادته، وحين لجأ الشريك السعودي للتحكيم، كما هو موضح في العقد الموثق بين الشركتين؛ طلب القاضي من ممثل الشركة الأميركية إحضار البريد الإلكتروني الذي بموجبه تم سحب المبلغ. وحين اطلع القاضي على البريد الإلكتروني حكم للشريك السعودي، وتمت إعادة المبلغ، مع تكاليف أتعاب المحامين والتحكيم.. وأضاف صديقي المتحدث عبارة فيها تعميم أخلّ بها، وهي أن: "الأميركي لا يكذب"، والحقيقة أنه في الغالب لا يكذب، ليس لأنه ملاك، لكن لأنه يخاف العقاب، وقد يعاقب على الكذب أكثر مما يعاقب على الفعل نفسه. وهو ما حصل للكثير من المسؤولين في الحكومة والشركات الأميركية. وقد كنت شاهداً على حالة كذب دفع الكاذب ثمنها غالياً. فقد كنت في دورة تدريب على الطيران المتقدم حين ذهب أحد ضباط الدورة إلى طبيب الطيران وادعى أنه مريض، لكن المسؤولين اكتشفوا أن ادعاءه غير صحيح وأنه تحايل ليتمتع بنهاية أسبوع طويلة، وقد تم فصله من القوات الجوية مع ما يتبع ذلك من إجراءات أخرى.
الكذب من أسوأ العادات المذمومة في أي مجتمع، وتؤدي الاستهانة به إلى إهدار الحقوق وإخلاف المواعيد وضياع الأمانة. ولهذا حذر الرسول صلى الله عليه وسلم من الكذب، وعدّه نقصاً في الإيمان. فالمسلم قد يسرق لحاجة، لكنه لا يكذب. وقد ورد التحذير منه في آيات وأحاديث كثيرة، وثناء على الصادقين كقوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين". (التوبة 119) وقوله تعالى: "هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم، لهم جنات تجري من تحتها الأنهار". (المائدة 119).
كل ذلك يجعلنا نحرص على تنشئة جيل يتوخى الصدق في كل أفعاله وأقواله. وهذا يحتم علينا أن نبذل جهوداً مضاعفة، ومنذ الطفولة المبكرة من أهمها:
أولاً: المنزل هو الأساس لتعلم القيم النبيلة ومنها تعلم الصدق واجتناب الكذب. وهنا لابد أن تكون الأم والأب قدوة في قول الصدق، وعدم الكذب في أي حال من الأحوال. يجب أن يعطى الطفل الأمان ليقول الصدق. ويكافأ على قول الصدق، كما يعاقب على الكذب. ما يتعلمه الطفل في سنواته الست الأولى هو الأهم والذي يبقى دليلا له في مسيرته في الحياة كقمة جبل يستدل بها مهما تعددت الطرق من سفح الجبل إلى القمة.
ثانياً: المدرسة هي خط الدفاع الثاني بعد البيت، وأحياناً تصبح خط الدفاع الأول حين لا يقوم المنزل بدوره المطلوب في زرع القيم، ومنها فضيلة الصدق. حين تستهين منظومة التعليم بالكذب، وتسمح بالغش فإنها ترسم الطريق للطالب ليصبح كذلك بعد تخرجه، وقد يكون معلماً أو طبيباً أو قاضياً، وكلما كانت الوظيفة أكبر كان الضرر أكثر. وفي كليات الغرب العسكرية مثل كرانول وسنت هيرست في المملكة المتحدة ، وفي أكاديميات القوات الجوية والبرية في أميركا يتولى الطلبة محاكمة زميلهم حين يرتكب ما يستوجب ذلك، وقد يتم فصله من الكلية لو تبين أنه يكذب في إفادته أو في دفاعه عن نفسه.
من المهم أن تضمن المناهج الدراسية وبالأخص المقررات الدينية كل القيم التي نرغب في زرعها لدى الطلبة، وأن يكون الصدق من أهمها.
ثالثاً: خطب الجمعة تعد فرصة لا تعوض لتهذيب أخلاق المسلم وزرع القيم التي تميزه عن غيره. ولكن حتى اليوم لا تزال الكثير من خطب الجمعة مكررة، وتركز على عبادات معينة وتنسى المعاملات التي هي الأهم، وهي التي يجب أن تميز المسلم من غيره، ولنتذكر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق".
أتمنى أن يأتي يوم يردد فيه العالم: "المسلم لا يكذب" وما أجملها من عبارة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


غرب الإخبارية
منذ يوم واحد
- غرب الإخبارية
جاهزية كاملة.. المنافذ الجمركية تواصل استقبال وخدمة ضيوف الرحمن
المصدر - حساب هيئة الزكاة والضريبة والجمارك منصة أكس واصلت المنافذ الجمركية البرية والبحرية والجوية، جهودها في استقبال وخدمة ضيوف الرحمن القادمين إلى المملكة وذلك بإمكانيات متكاملة تركز على إدارة منظومة الخدمات الجمركية بكفاءة عالية. وأوضحت هيئة الزكاة والضريبة والجمارك، أنها تسعى من خلال خطتها التشغيلية في موسم الحج إلى الإسهام في تيسير إجراءات دخول حجاج بيت الله الحرام عند قدومهم إلى المملكة، وتحقيق التعاون الفاعل والتنسيق المستمر مع الجهات ذات العلاقة المرتبطة بخدمة الحجاج، وتوحيد الجهود وتحقيق العمل التكاملي، الأمر الذي يُسهم في جودة الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن. وأكدت الهيئة أنها تعمل على تحقيق أفضل الخدمات الجمركية لحجاج بيت الله الحرام، وذلك بما يتماشى مع تطلعات القيادة الرشيدة -أيّدها الله- المتمثلة في تسهيل دخول ضيوف الرحمن وتقديم كافة الخدمات لهم منذ قدومهم إلى المملكة وحتى مغادرتهم إلى بلادهم سالمين، وبما يتوافق مع مكانة المملكة العربية السعودية على مستوى العالم، والتي شرّفها وأكرمها المولى عز وجل باحتضان أطهر وأقدس البقاع على وجه الأرض.


المدينة
منذ يوم واحد
- المدينة
الرشيد يتفقد أعمال تأهيل المواقع التاريخية والإثرائية في مكة المكرمة
تفقد الرئيس التنفيذي للهيئة الملكية لمدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة، المهندس صالح بن إبراهيم الرشيد, اليوم, عددًا من المواقع التاريخية والإثرائية بهدف الاطلاع على أعمال التنقيب والتأهيل ومتابعة تطورها, ضمن أعمال الهيئة الملكية لإثراء تجربة السكان والزوار وضيوف الرحمن. واستمع الرشيد لشرح عن الأعمال التأهيلية لتلك المواقع التاريخية وسيرها في الإطار الزمني المخطط له، وبما يضمن إعادة تأهيل وتطوير تلك المواقع الإسلامية الأثرية لتكون مناسبة لاستقبال الزوار. وشملت المواقع سوق ذي المجاز, الذي يعد من أسواق الحج ومحطةً لقوافل الحجاج، ويقع في وادي المغمس، ويبعد عن مدينة مكة المكرمة حوالي 20 كيلو مترًا إلى جهة الشرق، وينطوي هذا السوق على أهمية تاريخية وحضارية وأثرية، بوصفه من أسواق العرب الشهيرة حتى بداية العصر الإسلامي، وعُرف هو وسوق عكاظ ومجنة باسم أسواق الحج؛ لأنها تقام في أشهر الحج قديمًا. فيما يقع مسجد البيعة، أسفل جبل (ثبير) قريبًا من مشعر منى، وسمي بمسجد البيعة لمبايعة الأنصار لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- في موقعه قبل الهجرة، ويحمل قيمة تاريخية عظيمة، ومكانة جغرافية، ويعد أحد أهم المعالم الدينية العريقة بمكة المكرمة منذ وقت اكتشافه, أما متحف حرف الأولين يضم مجموعةً من نوادر القطع الأثرية، ويستعرض أهم الحرف التقليدية وأدواتها وتطورها عبر التاريخ.


المدينة
منذ يوم واحد
- المدينة
غسان السليمان... تمكينٌ بإيمان، وإنجازٌ بامتنان
كان دائمًا معالي الدكتور غسان بن أحمد السليمان كما عرفته أول مرة: حاضر الذهن، شغوف بالرؤية، مؤمن بأن التمكين ليس شعارًا، بل مسارا تنمويا ومسؤولية وطنية.التقيته فعرفته عن قرب عندما كنتُ عضوًا في مجلس إدارة غرفة جدة، ثم جمعتنا محطات متعددة في "منشآت" وفي مؤسسات غير ربحية.لم يكن مجرد مسؤول، بل "عرّاب شباب الأعمال"، كما أحب أن أصفه. يفتح الأبواب حتى في أماكن لا تخصه، ويخلق الفرص لمن حوله دون أن ينتظر مقابلًا. يكفي أن يؤمن بالفكرة، ليمنحها دفعة تجعلها تنطلق بثقة.يعشق تطوير المنشآت الصغيرة والمتوسطة، يرى فيها نبض الاقتصاد وروح المستقبل. أحلامه لا تعرف التوقف، وكلما تحدّث عن هذا القطاع، شعرت أن بين كلماته وعدًا بغدٍ أكثر ازدهارًا.في ديوانية البر – ثنائية التمكين والتنمية المستدامة، التي نظّمتها جمعية البر بجدة، لم نستضف ضيفًا عابرًا، بل استضفنا قصة نجاح وطنية.معالي الدكتور غسان بن أحمد السليمان... نفتخر بك، ونعتز بكل لحظة نعمل فيها إلى جانبك من أجل وطن يستحق الأفضل، ونرى فيك دائما داعما ملهما للشباب.. حفظ الله بلادنا وحفظ لنا رجالاتها المخلصين.