
مخطط لبناء 1900 وحدة استيطانية على أراضي القدس وبيت لحم
تناقش اللجنة المحلية للتخطيط والبناء التابعة لبلدية الاحتلال الإسرائيلي في القدس ، اليوم الأربعاء، خطة جديدة للتوسع الاستيطاني شرقي المدينة المقدسة، تحت اسم "جنوب شرق جيلو" وذلك على حساب أراضي المواطنين الفلسطينيين في بلدة بيت جالا غرب مدينة بيت لحم، الواقعة جنوب القدس، والتي يضم بعضها أشجار زيتون رومانية.
وتشمل الخطة -وفقا لمنظمة "عير عميم" الحقوقية الإسرائيلية- البناء على الأراضي المفتوحة الواقعة بين شارع الأنفاق والمستوطنة، وتمتد على مساحة 176 دونما، وتتضمن بناء 1900 وحدة سكنية جديدة للمستوطنين.
وأضافت المنظمة أن جزءا كبيرا من هذه الأراضي عبارة عن بيارات زيتون قديمة، تعود ملكية معظمها لأهالي بيت جالا، وأن سلطات الاحتلال استولت على نسبة كبيرة من هذه الأراضي باستخدام قانون " أملاك الغائبين" الذي يتيح لها مصادرة أراضي وممتلكات الفلسطينيين الذين غادروا أراضيهم أو هُجّروا منها إبّان نكبة عام 1948 أو بعدها.
ضم الأرض ونفي السكان
وتتوزع ملكية الأراضي الواقعة ضمن نطاق الخطة وفقا لـ"عير عميم" كالآتي: 29% ملكية خاصة، 12% تعود لبلدية الاحتلال والدولة، 15% تحت إدارة "الوصي على أملاك الغائبين" و44% من الأراضي غير مسجلة رسميًا، وفق منظمة "عير عميم".
ونقل البيان عن الباحث في المنظمة أفيف تاتارسكي قوله إن "السبب الوحيد الذي يجعل إسرائيل تصنّف أصحاب هذه الأراضي كغائبين هو أنها ضمّت بياراتهم إلى حدودها، لكنها أبقتهم خارج تلك الحدود كمقيمين في الضفة الغربية بلا حقوق".
وأضاف أن "الاستخدام الواسع لقانون أملاك الغائبين لبناء المستوطنات في القدس الشرقية يُعتبر من أبرز مظاهر التمييز الذي تمارسه إسرائيل في المدينة".
ويصف المواطن عيسى خليلية (70 عاما) هذا التمييز بأنه "عربدة وجبروت" مبينا أن عائلته ممتدة من إحدى عائلات بيت جالا المتضررة من مصادرة أراضيها منذ سبعينيات القرن الماضي.
ويقول خليلية للجزيرة نت إن عائلته تملك في تلك المنطقة 21 دونما (الدونم يساوي ألف متر مربع) وإن إسرائيل وضعت اليد عليها عام 1970 باعتبارها أملاك غائبين "لكننا حاضرون ولم نغب يوما، وما حصل أن إسرائيل صادرت أراضينا وضمّتها وبقينا نحن السكّان دون ضم، بالمختصر نحن داخل حدود الضفة الغربية وأراضينا أصبحت داخل القدس ويمنع علينا الوصول إليها".
ملكية ثابتة
لم يستسلم هذا المسن للواقع يوما، بل تابع سابقا مع المؤسسات الحقوقية وأبلغه المحامون أن الأراضي صادرها الاحتلال "للمصلحة العامّة".
"في منطقة صليّب تقع معظم أراضينا، وهي مصادرة رغم أننا نملك أوراقا ثبوتية منذ عهد الانتداب البريطاني.. مصادرة أراضي بيت جالا حرمت أصحابها من التمدد العمراني الطبيعي، ومن الاعتناء بأراضيهم وزراعتها وجني ثمارها.. لقد حوصرنا وصودرت أراضينا عنوة" كما أضاف خليلية.
وبالإضافة إلى 21 دونما مصادرة تملكها عائلته؛ فإن هذا المسن يملك 10 دونمات ونصف الدونم، في منطقة رأس بيت جالا والتي يطلق عليها الاحتلال اسم "هار جيلو". ولم يتردد جيش الاحتلال في مصادرة 7 دونمات ونصف الدونم منها وعزلها داخل الجدار، وأبقى لخليلية 3 دونمات ونصف الدونم وقد جُرف معظمها لصالح الجدار العازل.
وعن ذكرياته في هذه الأرض قال "كنا نقضي شهور الصيف الأربعة في هذه الأراضي الزراعية.. نعيش في غرفة نطلق عليها اسم العزبة ونعمل في الأرض ونعتني بأشجار التين والتفاح والعنب المثمرة فيها.. لكن كل ذلك اندثر الآن".
وعن شعوره إزاء مناقشة مخطط استيطاني جديد لبناء 1900 وحدة سكنية للمستوطنين على أراضي عائلته وعائلات أخرى تنحدر من بيت جالا، قال "يؤلمني كثيرا هذا الواقع لأن كل ذرة تراب من هذه الأراضي مجبولة بعرق أجدادنا.. عاش والدي 94 عاما قضى منها 80 عاما داخل الأرض ومعها".
إعلان
"لا يضيع حق وراءه مطالِب"
وأضاف خليلية "الاحتلال يسرح ويمرح في الأراضي باعتبارها لغائبين عنها رغم أننا حاضرون.. أي قانون ومنطق يسمح بذلك؟".
وعندما أُقيم الجدار العازل على أراضي بيت جالا تجنّد الأهالي -كما يذكر خليلية- من أجل الاحتجاج وتنظيم مظاهرات لثني الاحتلال عن إكمال بنائه، لكنهم لم ينجحوا أمام "جبروت الدولة الاستعمارية الطاغية" كما يقول.
لكن هذا المسن على يقين وأمل بأن الأرض ستعود لأصحابها الأصليين يوما ما، وقال "إن لم تعد خلال حياتي ستعود خلال حياة أبنائي لأنه لا يضيع حق وراءه مُطالِب، ولأنه مهما طال وجود إسرائيل فهي إلى زوال".
ومن جهته استهل خبير الخرائط والاستيطان خليل التفكجي حديثه -للجزيرة نت- بالقول إن مشروع التوسعة هذا طُرح للمرة الأولى عام 2017|، وتم الاعتراض عليه من قبل مؤسسات حقوقية آنذاك.
وأضاف أن المنطقة المستهدفة هي المطلة على "وادي أحمد" مقابل دير "كريمزان" ويفصل هذا الوادي بين مدينة بيت جالا من الناحية الجنوبية الغربية وبين منطقة "صليّب" بالتسمية الفلسطينية و"جيلو" بالتسمية الإسرائيلية.
وصودرت الأراضي المستهدفة بالتوسعة -وفقا للتفكجي- عام 1970 "للمصلحة العامة" وهي أراض صخرية وبعضها مزروع بأشجار الزيتون، وهي تطل على شارع "الأنفاق" الرئيسي.
جيلو في أرقام
وأقيمت مستوطنة جيلو -وفقا للخبير المقدسي- عام 1971 بعد عام من مصادرة 12 ألف دونم تعود ملكية معظمها لأهالي بيت جالا، وجزء بسيط منها يملكه أهالي بلدتي بيت صفافا وشرفات المتلاصقتين، واللتين تقعان داخل حدود بلدية الاحتلال في القدس.
وتعتبر جيلو واحدة من كبرى المستعمرات الإسرائيلية الواقعة داخل حدود البلدية، ويبلغ عدد سكانها نحو 38 ألف مستوطن، ومرّت بعدة مراحل لتطويرها وتوسعتها بعد أن استمر البناء فيها منذ عام 1971 حتى عام 1990، ووفق الرؤية الإسرائيلية فإن الهدف أن تضم هذه المستوطنة 27 ألف وحدة استيطانية في المستقبل.
وتشكّل هذه المستوطنة جزءا من الكتلة الاستيطانية التي تفصل المدن والقرى الفلسطينية عن بعضها، وتلتقي مع كتلة "غوش عتصيون" بالشوارع والأنفاق التي أوجدت في هذه المنطقة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
٠٤-٠٥-٢٠٢٥
- الجزيرة
عودة مظاهر الحياة إلى مدينة جرمانا بعد استكمال الترتيبات الأمنية فيها
جرمانا- تعود مظاهر الحياة إلى مدينة جرمانا شرقي العاصمة دمشق بشكل تدريجي بعد اتفاق الحكومة السورية مع الهيئة الروحية للمسلمين الموحدين الدروز وممثلي المجتمع الأهلي في المدينة على استكمال الترتيبات الأمنية الخاصة بها أول أمس الجمعة. وكشف مصدر محلي من مدينة جرمانا -رفض الكشف عن هويته- عن مضمون الترتيبات الأمنية التي تم التوصل إليها بموجب الاتفاق، والتي تضمنت نشر 100 عنصر من الأمن العام داخل المدينة، وقبول تطوع 85 عنصرا من شبان جرمانا في الأمن العام بشكل مبدئي، ريثما يتم النظر بحوالي 200 طلب تطوع آخر قُدِمَ من شبان المدينة للجهاز. وأضاف المصدر أنه تم الاتفاق على توزيع العناصر على الحواجز في جرمانا وفق "نظام المناوبات" لتكون الحواجز مشتركة بين متطوعي الأمن العام من المدينة ومن خارجها. ترتيبات أمنية ومن جهته، قال المسؤول في المكتب الإعلامي التابع لمجموعة العمل الأهلي في مدينة جرمانا، خلدون قسام، إن الاجتماع بين وفد الحكومة السورية والهيئات الروحية والأهلية في المدينة أول أمس الجمعة كان للتأكيد على ضرورة استكمال الترتيبات المتفق عليها في اجتماع سابق الشهر الماضي. وأكد قسام أن جميع الترتيبات الأمنية التي شهدتها مدينة جرمانا في الأيام القليلة الماضية من دخول الأمن العام إليها وقبول تطوع شبان من المدينة ما هي إلا إجراءات متفق عليها قبل الأحداث المؤسفة التي تعرضت لها المدينة الاثنين الماضي. وأوضح المسؤول الإعلامي أنه بموجب اتفاق بين الحكومة السورية والهيئة الروحية والمجتمع الأهلي في جرمانا يعود لشهر مارس/آذار الماضي، تم إنشاء مركز لجهاز الأمن العام يشمل عناصر من متطوعي مدينة جرمانا وآخرين من خارجها. ونص اتفاق مارس/آذار أيضا على تطوع حوالي 300 عنصر من أبناء مدينة جرمانا في جهاز الأمن العام يساندهم عناصر من خارج المدينة لإدارة الحواجز وضبط الأمن في جرمانا، بحسب قسام. ويشير قسام إلى أن جرمانا تنتظر استكمال الإجراءات الحكومية التي من شأنها إرساء حالة الأمن والاستقرار والدفع باتجاه تفريغ حالة الاحتقان الطائفي والمناطقي التي أجّجتها الأحداث المؤسفة في المدينة الاثنين الماضي. ويختتم المسؤول الإعلامي حديثه للجزيرة نت بالتأكيد على أن التواصل بين الهيئات في جرمانا والحكومة لم ولن يقتصر على الحوادث الأمنية، إذ إنه بدأ منذ سقوط نظام الأسد في ديسمبر/كانون الأول الماضي وكان مثمرا ولا يزال مستمرا إلى اليوم. عودة مظاهر الحياة ورصدت الجزيرة نت في جولة بمدينة جرمانا عودة مظاهر الحياة إلى طبيعتها مع استئناف الفعاليات التجارية والصناعية والحرفية لأعمالها، وعودة حركة المواصلات إلى نشاطها السابق بين جرمانا والعاصمة دمشق. وقال إيهاب دلو (41 عاما)، أحد سكان مدينة جرمانا، إن إيقاع الحياة في المدينة عاد إلى طبيعته بعد الأحداث المؤسفة التي شهدتها الاثنين الماضي. وأضاف دلو أن الأحداث التي تخل بأمن جرمانا تؤدي إلى تعطيل أعمال وأشغال الآلاف من الموظفين والطلبة وعمال المياومة، مما ينعكس بشكل سلبي على حياتهم نظرا للأزمة المعيشية الحادة التي تعيشها سوريا والتي لا يحتمل معها الوضع توقف الأعمال، مشيرا إلى أن تعداد سكان جرمانا يتجاوز المليون نسمة. وبالرغم من غياب الإحصاءات الرسمية حول تعداد سكان جرمانا، فإن المدينة الكائنة في محيط العاصمة دمشق قد تزايد عدد سكانها منذ عام 2012 بشكل ملحوظ بعد موجات النزوح السورية إليها على خلفية الصراع المسلح في البلاد. وكانت مدينة جرمانا قد شهدت، الاثنين الماضي، اشتباكات عنيفة أودت بحياة 8 أشخاص، وذلك على خلفية انتشار تسجيل صوتي مسيء إلى النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- منسوب إلى أحد أبناء الطائفة الدرزية، مما أدى إلى موجة غضب واسعة بين السوريين. وأوضح بيان لوزارة الداخلية السورية، الثلاثاء الماضي، أن التحقيقات الأولية بشأن التسجيل الصوتي أشارت إلى أن الشخص الذي وجهت إليه أصابع الاتهام لم تثبت علاقته بالتسجيل، وأن العمل جار للوصول إلى صاحب التسجيل، وتقديمه للعدالة لينال العقوبة المناسبة وفق القوانين المعمول بها في البلاد.


الجزيرة
٠٣-٠٥-٢٠٢٥
- الجزيرة
تفاؤل أوكراني بعد "اتفاقية المعادن".. ماذا تتوقع كييف من واشنطن؟
كييف- بعد عقبات وتوترات كثيرة وغير مسبوقة بين كييف وواشنطن، وبعد خلافات ومشادّة حادة بين الرئيسين الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والأميركي دونالد ترامب ، رأت " اتفاقية المعادن النادرة" ضوءا في نهاية النفق، وتنفس الجميع الصعداء. ويعمّ تفاؤل كبير بين الأوكرانيين، ساسة وعامة، بعد نحو 100 يوم من مخاوف وشكوك فرضتها عودة ترامب، وكأنما ارتووا بعد طول ظمأ في الصحراء الأميركية، بحثا عن استمرار الدعم بالمال والسلاح. حتى أن الرئيس زيلينسكي قال إن "الاتفاق هو النتيجة الأولى للاجتماع مع ترامب في الفاتيكان"، الذي دام نحو 15 دقيقة فقط، على هامش جنازة البابا فرانشيسكو في 26 أبريل/نيسان المنصرم. يرى الأوكرانيون أن بنود الاتفاقية التي نشرتها نائبة رئيس الوزراء ووزيرة الاقتصاد يوليا سفيريدينكو، "عادلة"، ويعتقدون أنه على عكس ما كان متوقعا، لم تتنازل فيها كييف أمام ضغوط واشنطن. وباختصار، يشرح مدير معهد البحوث والاستشارات الاقتصادية في كييف إيهور بوراكوفسكي أهم ما جاء فيها قائلا إن "الاتفاقية تقضي بإنشاء صندوق استثماري لإعادة الإعمار، يسهم كل طرف فيه بنسبة 50%، وهو صندوق يبقي ملكية الأراضي والمنشآت والشركات لأوكرانيا، ولا يحتسب المساعدات المالية والعسكرية السابقة كديون عليها". وأضاف في حديث للجزيرة نت "تم توسيع مجال الاتفاقية لتشمل 57 معدنا، إضافة إلى النفط والغاز، التي حال العجز والفساد عن استثمارها طيلة 34 سنة، حتى أصبح اسمها (اتفاقية باطن الأرض)". وفي السياق ذاته أيضا، يقول الكاتب في الشأن الاقتصادي، سيرهي فورسا للجزيرة نت، إن "أهم ما في الاتفاق أنه لا ضرر فيه لنا أو تبعية استعمارية كما أراد ترامب، وأننا لا نعترف فيه بديْن وهمي حدده ترامب في رأسه، ولا نلتزم بسداده ما حيينا". الجانب العسكري لكن الجانب الاقتصادي للاتفاقية، على أهميته، قد لا يعني الأوكرانيين بقدر ما يعنيهم الحصول على ما يدعم جبهات القتال، ويحمي المدن من الضربات الروسية، ويلحق بالروس أوجاعا أكبر. والاتفاقية، رغم مطالب الأوكرانيين، لم تشر إلى أية ضمانات أمنية أميركية، لكنها تأخذ بعين الاعتبار أن تكون المساهمة الأميركية على شكل "أسلحة ودفاعات جوية". وقال رئيس الوزراء دينيس شميهال، إن "اتفاقية باطن الأرض ستسمح بحماية سمائنا بشكل أفضل، وذلك بفضل أنظمة الدفاع الجوي الأميركية". ليس هذا فحسب، فبعد ساعات من توقيع الاتفاقية، قالت صحيفة "كييف بوست" إن "إدارة ترامب وافقت على أول عملية تصدير أسلحة لأوكرانيا، بقيمة 50 مليون دولار". تحول أميركي هذه المستجدات كلها تتزامن مع تحول كبير في الموقف الأميركي، لا سيما فيما يتعلق بجهود الوساطة بين أوكرانيا وروسيا لإيقاف الحرب وإحلال السلام. ومن دلالات هذا التحول، كما يراه الأوكرانيون، تسليم نائب الرئيس الأميركي، جيه دي فانس ، بأن "أفق الحرب بلا نهاية واضحة، والمهمة صعبة قد تحتاج إلى 100 يوم أخرى". بينما لوّحت واشنطن بسحب جهودها، وغيّر ترامب نبرته تجاه الروس، فصار يتذمر من مماطلة بوتين، وتوعده فعلا في حال عدم التوصل إلى اتفاق قريب لوقف إطلاق النار وبداية المفاوضات، قائلا "سنعطي زيلينسكي الكثير، وأكثر مما حصل عليه في أي وقت مضى"، في إشارة مباشرة إلى الدعم الأميركي. وإزاء هذه التطورات، يرى رئيس مركز الدراسات السياسية التطبيقية "بنتا" فولوديمير فيسينكو "أن ترامب فهم أن بوتين خدعه، وأن الأخير لا يريد السلام، حتى وإن قال وأظهر غير ذلك". همّ مشترك من وجهة نظر بعض الخبراء، تُشرك الاتفاقية الموقعة الولايات المتحدة في تحمل "الهمّ" الأوكراني، وتمنعها من الضغط على أوكرانيا ودفعها نحو سلام لا يواتيها. وفي هذا السياق، يقول أستاذ العلوم السياسية ورئيس "مركز التنسيق المشترك" أوليغ ساكيان، إن "واشنطن باتت معنية وبشكل مباشر بإحلال السلام، دون أن تخسر كييف مزيدا من الأراضي". وأضاف موضحا "يخشى ترامب تحمل التبعات إذا تراجع دعم بلاده واستطاعت روسيا سحق أوكرانيا. وكذلك لن يستطيع ترامب إجبار أوكرانيا على إبرام اتفاق يعود بالضرر على الحكومة والشركات الأميركية التي ستساهم في "الصندوق الاستثماري المشترك". ومن وجهة نظره، "بعد واشنطن، ستزيد الدول الغربية الضغوط على بوتين في المرحلة المقبلة" ويعتقد أن هذه الدول، ستزيد وتشدد العقوبات على روسيا بعد الاحتفال الأوكراني بـ 9 أيار/مايو (ذكرى يوم النصر على النازية)". الوساطة باقية وعلى أساس ما سبق، يستبعد مسؤولون أوكرانيا انسحاب الولايات المتحدة فعليا من جهود الوساطة وإحلال السلام، حتى وإن تعثرت تلك الجهود ولمّحت واشنطن إلى غير ذلك. في حديث لموقع "آر بي كا"، قال مستشار الرئيس الأوكراني ميخايلو بودولاك، في تلميح غير مباشر للأميركيين "إذا كانت لديكم اتفاقية شراكة إستراتيجية، وكانت لديكم أصول أو أرباح هنا، فلن تُسلموا هذه المنطقة لمنافس مباشر، خاصة في مجالات صناعية تعنيكم، وتخص المعادن الأرضية النادرة. ستحمون أصولكم، وهذا سيعود عليكم بالنفع".


الجزيرة
٠٢-٠٥-٢٠٢٥
- الجزيرة
تكميم أفواه متواصل.. وزير الداخلية الفرنسي يقرر حل جمعية داعمة لفلسطين
باريس- أعلن وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو، الأربعاء، بداية إجراءات حل جمعية "إيرجونس فلسطين" (طوارئ فلسطين)، مبررا ذلك بالقول إنه من الضروري "ضرب الإسلاميين" وتجنب "تشويه الإيمان". وأضاف ريتايو أنه "لا ينبغي لنا أن نشوه القضية العادلة للفلسطينيين"، مؤكدا أن "العديد من مواطنينا المسلمين يعتنقون عقيدة تتوافق تماما مع قيم الجمهورية". وقد تشكلت الجمعية مع بداية الحرب على قطاع غزة ، ونظمت وشاركت في عدد كبير من المظاهرات المتضامنة مع فلسطين في كل المدن الفرنسية، وطالبت بشدة بفرض وقف فوري لإطلاق النار. اعتداء على الحريات وتعليقا على هذا القرار، قال المتحدث باسم جمعية "إيرجونس فلسطين" عمر السومي "إننا نشعر بالغضب، لكننا لسنا متفاجئين، لأن الحكومة الفرنسية قمعت بعنف شديد التحركات الداعمة لمقاومة الشعب الفلسطيني منذ البداية، وهو ما يشكل اعتداء صارخا على حرياتنا الأساسية لتنظيم المظاهرات والتحدث والنضال". وأضاف السومي في حديثه للجزيرة نت "منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، نواجه عنفا غير مسبوق من جانب الحكومة التي تسمح بارتكاب الجرائم الإسرائيلي والإبادة الجماعية مع الإفلات الكامل من العقاب، في حين يواجه الفلسطينيون الذين ينظمون أنفسهم وحلفاءهم محاكمات لا نهاية لها، فضلا عن كل أنواع الإهانات والتشهير". ويرى المتحدث أن التحركات والمظاهرات التي شارك فيها مئات الآلاف من الناس في الفعاليات التي نظمتها جمعية "إيرجونس فلسطين" شكلت مصدر إزعاج للسلطات "لأنها تزعزع مصالح حكومة فرنسا والمصالح الصهيونية على حد سواء". وقد أثار هذا القرار موجة من التعليقات المتباينة والانتقادات من قبل النخبة السياسية اليسارية بشكل خاص، فقد اعتبرت النائبة الفلسطينية في البرلمان الأوروبي ريما حسن أن "التوجه الاستبدادي والفاشي لماكرون حقيقي وملموس". في المقابل، قالت سارة ايزنمان رئيسة جمعية "نعيش نحن" التي تدين معاداة الصهيونية إن "الجمهورية تؤكد من جديد أنه لا يمكن أن يهرب أيّ معاد للسامية من العقاب في فرنسا"، واصفة جمعية "إيرجونس فلسطين" بـ"المنظمة الداعمة للإرهاب ولا تدافع عن الحقوق الفلسطينية". عمل تعسفي أعلنت جمعية "التضامن مع فلسطين وفرنسا" رفضها للقرار، وقالت "اتخذه بعض نواب التجمع الوطني والمؤيدين للحكومة الإسرائيلية، وهو يقوض حرية التعبير وتكوين الجمعيات في بلدنا، وهذا له عواقب وخيمة للغاية على حرياتنا الفردية والجماعية". وأضافت الجمعية في بيان لها أنه "بسبب إدانة الإبادة الجماعية في غزة والتعبير عن التضامن النشط مع الشعب الفلسطيني، يتم طرد طلاب معهد الدراسات السياسية من جامعتهم، ويتم جر الناشطين السياسيين والنقابيين إلى المحاكم، ويتم محاكمة باحثين مشهورين مثل فرانسوا بورغا". ومن الجدير بالذكر أن وزير الداخلية ريتايو أعلن أيضا حل المجموعة المناهضة للفاشية "الحرس الشاب" وجماعة "ليون بوبيلير" اليمينية المتطرفة التي أسست عام 2019 في أعقاب حل سلفها الحركة الفاشية الجديدة "باستيون سوشال"، التي تم حظرها بسبب العنف والعنصرية. وعن تبرير مستأجر ساحة بوفو (وزير الداخلية) حل جمعية "إيرجونس فلسطين" بضرورة "ضرب الإسلاميين"، فسر السومي ذلك بأنه "مظهر آخر من مظاهر الإسلاموفوبيا التي ترسخت في قلب الحكومة، إنها إسلاموفوبيا قاتلة ولا تتجلى اليوم فقط بالقتل المروع للشاب المالي أبو بكر سيسيه، بل تتجلى أيضا في تصريحات الوزير". إعلان وأوضح السومي أن الجمعية تعمل في المقام الأول على جمع الفلسطينيين في المنفى، وهي منظمة سياسية تجمع قوى متنوعة من الساحة السياسية الفرنسية، ومجموعة تضم آلاف الأشخاص من فرنسيين، وفلسطينيين، وعرب، ومسلمين، ومسيحيين، ويهود، وملحدين، معبرا عن افتخاره بهذا التنوع الإيجابي. من جانبها، ترى المحامية دومينيك كوشان أن هذا الأمر يعد بمثابة طريقة لإقصاء الناشطين في مجال حقوق الإنسان ومعاملتهم كـ"إسلاميين" على اعتبار وجود بعض المسلمين في الحركة، علما أن هناك غير المسلمين وحتى غير العرب. وكمقارنة تحليلية، قدمت المحامية في حديثها للجزيرة نت مثال "رابطة الدفاع اليهودية" ـوهي جمعية تضم عددا لا يُحصى من الأعضاءـ التي أدانتها الحكومات المتعاقبة بارتكاب أعمال عنف خطيرة واستخدمت السلاح أيضا، فضلا عن الهجمات العنصرية والمنشورات والتعليقات، ورغم كل ذلك، رفضت وزارة الداخلية حلها. لا حق في الدفاع ومن الناحية القانونية، أشارت المحامية كوشان إلى وجود أحكام في قانون الأمن الداخلي تنص على إمكانية حل الجمعيات والمجموعات أيضا، وهو ما تم تنفيذه بشكل طفيف نسبيا من قبل، والآن يتم تنفيذها بكامل قوتها. وأوضحت كوشان، التي تولت قضايا بعض النشطاء الذين تمت محاكمتهم في دعاوى قضائية رفعتها الوكالات الموالية لإسرائيل ضد حركة المقاطعة، أن وزارة الداخلية تُرسل رسالة إلى ممثلي الجمعية والمجموعة لإبلاغهم بقرارها المتعلق بالحل، ثم يكون هناك فترة 8 أيام للرد وتنفيذ القرار. لكن المحامية الفرنسية تعتبر أن هذه الإجراءات لا تتعدى كونها شكلية فقط، أي "لا يوجد حق حقيقي للرد أو الدفاع أو الوصول إلى عناصر القضية من شأنه أن يسمح لأي جهة بالجدل في هذا السياق ضمن مناظرة تنافسية. لذا، فإن اتخاذ القرار يتم قبل وقت طويل من تبادل المراسلات". أما من حيث المضمون، فترى كوشان أن الحل "أمر مضحك"، لأنه ليس إجراء عقابيا، بل إجراء إداري للشرطة، موضحة ذلك بالقول "بما أنه لا يعتبر عقوبة، فإن أحكام المادة السادسة من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان بشأن حق الدفاع لا تنطبق عليه أساسا". ورغم ذلك، أكد المتحدث باسم "إيرجونس فلسطين" عمر السومي أن الجمعية ستقاتل بكل أسلحة القانون "ولدينا مجموعة من المحامين بجانبنا لضمان دفاعنا، وقد تلقينا رسائل دعم استثنائية من آلاف الأشخاص، ففي أقل من 24 ساعة، وقع أكثر من 4 آلاف شخص على عريضة لدعم القضية الفلسطينية والتنديد بالإبادة الجماعية وحظر جمعيتنا". وأضاف "سنقوم في الأيام المقبلة بتنظيم مظاهرات وتعبئة مختلفة حتى نُسمع أصواتنا وأصوات الشعب الفلسطيني في جميع أنحاء فرنسا".