logo
فيروز «سوبرنوفا» حاتم سعيد منذ 6 ساعات

فيروز «سوبرنوفا» حاتم سعيد منذ 6 ساعات

المصري اليوممنذ 19 ساعات
رحيل زياد الرحباني لن يمنعني من التهكم جهرًا على رفقائي المتحدثين دائمًا عن فنجان القهوة المصاحب لصوت فيروز، فلا جامع لهما لديَّ سوى التفاصح، لكن في الوقت نفسه، وما أن تلامس أصابعي التراب الزعفراني على شاطئ «ماريا»- كما أطلق عليها الأندلسيون- ألتقي بفيروز سرا مع ابتلاع البحر للشمس، لأستمع للأغنية نفسها دون سأم: «البحر ورياحه والفُلك الغريبْ.. يحملها جراحه ويرحل في المغيبْ».
الإذاعي المصري محمد فتحي (1910- 1986) فرح كثيرا بلقب «كروان الإذاعة» الذي أطلقه جمهوره عليه، فما كان منه إلا ربط لقب «كوكب الشرق» بـ«أم كلثوم»، فيما اختار جليل البنداري «العندليب الأسمر» صفة لعبدالحليم حافظ، بعد أن سبقه الموسيقار اللبناني حليم الرومي وجاور بين «القمر» وفيروز، دون أن يرد في خلد الأخير ما اختصه الزمن لـ«قمره» من مآس دون «الكواكب والنجوم» الأخرى.
فكرة استقرار المجتمعات على لقب «نجم/ نجمة» كصفة ملازمة للفنانين تثير أسئلة جادة وهزلية في آن، لماذا «النجم» دون غيره من مخلوقات السماء، ألا يوجد أي لامع في السماء غيره، أم لأن غاز الهيليوم ضمن خصائص تكوين «النجم» وهو ما يمنح «فنان الأرض» شعورا زائفا بالتحليق في الهواء؟ وحتى إذا افترضنا جدلا صحة هذا العبث، فإن الهيليوم يفسد صوت الإنسان، مؤقتا.
طبقا لـ«ناسا»، يتكون القمر من ثلاث طبقات، «القشرة، والنواة، والوشاح»، والأخيرة هي الطبقة الأكبر في القمر، تماما كما كان زياد الرحباني الحب الأكبر في حياة «جارة القمر»، وشغلها الشاغل في حياته، وفاجع قلبها عند رحيله، وكأن القدر كتب على فيروز، أحد أشهر «كواكب الغناء العربي»، دخول مرحلة «سوبرنوفا»، على يد أقرب الناس إليها، فهذه الفاجعة لا تشبه ما سبقها، وما آت ليس كما مضى.
اللافت أن فيروز خلال سنوات ما قبل الاعتزال، كانت ترتدي «وشاحا» على رأسها، أبيض تارة، وذهبيا تارة أخرى، لكن في قداس «زياد» ارتدت واحدا أسود، ورغم ارتدائها الأسود أكثر من مرة، لكن للوشاح الأخير أثره المختلف، ففي الحفلات كان يهيأ لي كهالة كوكب زحل، أما في القداس فكان أشبه براية سوداء على شاطئ بحر هائج حالك الظلام.
توقعت عدم حضور فيروز قداس «زياد» لأسباب عدة: التقدم في السن، ووضعها الصحي، وحالتها النفسية، لكنها تحدت موانعها وحضرت ثابتة ومتماسكة، في حضور أشبه بصرخة علانية رفضا لوداع أخير لا تقبله، دون أن تهتم بكل العدسات المسلطة عليها كـ تلسكوب يبحث عن جزيئات ماء في تربة القمر.
يشير موقع Little Astronomy، إلى أن عمر «القمر» يبلغ نحو 4.4 مليار سنة، فيما لم تتخط «جارته» سوى عامها الـ90 بقليل، لكنها كانت أعوامًا ثقالًا، ولم تكن أبدًا هنية، خاصة الـ39 عامًا الأخيرة، إذ خسرت خلالها عاصي الرحباني زوجها ورفيق دربها، ثم ابنتها «ليال»، والآن «زياد»- الفاجعة الأكبر لها- أضف إلى ذلك ما تمر به مع ابنها «هلي». وكأن المآسي والصدمات هي انعكاس لسنوات عمرها- أطال الله فيها- أو إشارة إلى أن طول عمر الإنسان ليس دائما في صالحه.
ذات مرة، وفي أثناء لقاء سريع مع عمي الأكبر «كرم»، رحمه الله، وكان قاب قوسين من إتمام عامه الـ90، رأيته يهم بتدخين سيجارة، فمازحته: ألا تزال تدخن، ألا تحرص على صحتك؟ فابتسم قائلا: «مللت الدنيا وزهدت فيها وعرف أبنائي طريقهم؛ ما الدافع لبقائي إذن؟». فشلت في تحديد ما يقصده، هل رغبة حقيقية بالسفرة الأخيرة أم مجرد إجابة دنيوية تقطع وصلة نصائح مملة يحفظها كل من هو فيه عمره عن ظهر قلب؟.
مشهد «فيروز الإنسانة» في الكنيسة يؤكد أنه إذا ما تدبرنا في الحياة كفكرة سنشعر بالتضاؤل، وإذا ما تمعنا في الموت كأجل سنقف عاجزين، وما بين الحياة والموت تُكتب مسيرة بشر وأزهار وطيور وبحور وكواكب، ومن المفارقة أن نستخدم نحن البشر كل ما تعلمه «آدم» من أسماء لنميز بين أبنائه، وكأن أي فنان بلا أقمار أو كواكب هو إنسان دون هوية.
«جارة القمر» غنت عام 1999 «الأرض لكم»، على هامش حفل توقيع «نداء جنيف لدعم القانون الدولي الإنساني»، حيث مثلت لبنان والعالم العربي، وحينها تمنت أن يسود السلام والإنسانية بقاع الأرض، لكن الوضع الراهن في غزة يؤكد أن «زهرة المدائن» لم تشفع، و«الأرض لكم» لم تنفع، وأن السلام المنشود لن يعم كوكبنا إلا بدخولنا جميعا مرحلة «سوبرنوفا».
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

وداعاً زياد الرحباني
وداعاً زياد الرحباني

يمرس

timeمنذ 17 دقائق

  • يمرس

وداعاً زياد الرحباني

صوته العميق الجارف كموجات رعود بعيدة تهوي بالغيث، لا لتروي الأرض فحسب وإنما لتكشف عمق تكسراتها وشقوقها في لوحة تشبه متاهة الفصول البيروتية في اغاني فيروز : من عشرين شتاء (بعد عشرين شتاء) "ولّعت الدِنِي".. و انزاح عن زهر البيلسان الربيع.. وعن الجنوب صيف العناقيد "، ليؤذن الخريف من على قلعة صور: حيَّ على الرحيل ... رحلَ زياد، مسجى في صوت الكمنجات.. يلوّح بروحه الرشيقة للقمم والمنحدرات والأودية... من القرنة السوداء إلى حرمون ومن القلمون إلى الباروك... ولموج البحر من البترون إلى الرملة البيضاء إلى صور... إلى كل لبنان: الجبل والبحر والبيوت والمزهريات.. و"ورقو الأصفر شهر ايلول".. والطرقات.. والأزقة.. والمساءات المسكونة بصوت فيروز.. ونبض الرحبانية... و قصائد شعراء لبنان: من جبران والأخطل الصغير وميخائيل وجوزيف حرب وطلال حيدر وانسي الحاج وعاصي... لم يكن زياد شاعراً بالمعنى الكلاسيكي لكنه كتب الشعر حين عزف.. وتلاه حين تحدث.. وأوجعه حين صمت... ملحن، بعبقريته المبكرة، لأجمل ما غنّت فيروز.. وقدم للمسرح أعمالاً عابرة للأجيال. غنى ليسْخرَ من المأساة فهو ابن الطائفة التي لم تروّضه.. وابن العائلة التي لم يعش على تراثها وإنما زادها ثراء.. وابن الوطن الذي مزقته الطوائف و احتلته إسرائيل... فظل يقاوم وجع الطوائف والاحتلال.. بصوته وأعماله وأحاديثه، يحارب النخبة السياسية بدندنات "الأيام اللي وصلنا لها".. و يهشم سياج "التدين الطقوسي" الذي "بلا روح"، وهو يصرخ؛ أنا مش كافر بس الجوع والفقر والذل كافر... زياد "خلاصة" و "عصير الرحابنة "، عباقرة الفن.. حصيلة ومحتوى.. أضاف لهم مدرسته الخاصة و بصمته و شخصيته المتمردة. كأنه أسطورة أظهرها لبنان ليقول بأن هذا البلد وإن ظل تحت الدخان لكنه يمتلك فضاءً اثيرياً خاص ، يختزن خيمياء الحياة بطقوسها الساحرة ومحافل الأرواح المتمردة على مسارات الشمس ودوائر البروج ليظل ذلك ال" لبنان" المتميز في كل هذا الشرق. كان يلحن ويغني ويعتلي خشبة المسرح وفيه من كل شيء وجع وفرح وسخرية.. ليجمع لبنان كل لبنان.. التاريخ.. الجغرافيا.. الفن.. الحروب.. التشرد... وحتى الشتائم المختنقة في صدر المواطن اللبناني... كلها في مساء واحد. ولد من الفيروز، لكنه لم يتجمّل يوماً.. مشى حافياً في أزقة اللغة، يسخر من الخطابة السياسية ويضحك من الوعود.. ويُسمي الأشياء بأسمائها... لا كما يحبها الناس، بل كما هي في الحقيقة: جميلة تارة و قبيحة موجعة، أو مثقلة بالتكرار تارة اخرى. لبنان ، في نظره، الوطن الذي قدم المفكرين والشعراء والفنانين والمدنية والديمقراطية الأولى... يُفرّغ من قيَمه ومن أهله كما تُفرغ المزهريات من الورد، وكلما فيه يشي بالفقد: الدولة الطوائف.. البنوك.. الكهرباء.. كل شيء... كأن لبنان البلد الذي خُلق ليعلّم البشرية معنى المفارقات. زياد ينتمي لكل ما يُحتمل وما لا يُحتمل لكنه كان الأمل الجميل في جفون لبنان ، ذلك الذي يقول: رغم كل شيء، نحن نغني... ولو على الركام. لم يكن مجرد موسيقي ومؤلف مسرحي أو إبن عاصي وإبن فيروز... بل كان مختبرًا لأوجاع لبنان ومرآة الناس العاديين حين يصدقون وحين لا يصدقون.. وسقف حين تنهار كل السقوف. رحل زياد.. وفيروز، بعد غياب، في العزاء.. كأنها تغني ثانية الترنيمة الكنسية، "قامت مريم": "حبيبي حبيبي يا ولداه خاطبني كيف أراك عريان ولا أبكيك..." وداعاً زياد احمد عبد اللاه

ملك زاهر تنشر 16 إطلالة مختلفة لها بالصيف والجمهور يغازلها
ملك زاهر تنشر 16 إطلالة مختلفة لها بالصيف والجمهور يغازلها

مصراوي

timeمنذ 22 دقائق

  • مصراوي

ملك زاهر تنشر 16 إطلالة مختلفة لها بالصيف والجمهور يغازلها

شاركت الممثلة الشابة ملك أحمد زاهر، متابعيها عبر السوشيال ميديا، إطلالات مختلفة لها بالصيف. ونشرت ملك زاهر، الصور، عبر حسابها على إنستجرام، وعلقت: "قضيت الصيف كله بالألوان". وجاءت بعض تعليقات الجمهور، كالتالي: "القمر، عسل أوي، أجمل ملوكة، ما شاء الله، زي القمر، زي نسمة الليل". يذكر أن، ملك زاهر عُرض لها في شهر رمضان الماضي مسلسل "سيد الناس" بطولة عمرو سعد، خالد الصاوي، إلهام شاهين، أحمد زاهر، أحمد رزق، بشرى، منة فضالي، أحمد فهيم، رنا رئيس، نشوى مصطفى، وآخرين، تأليف وإخراج محمد سامي.

بمشاركة ابنته.. رامي رضوان يروّج لفيلم "روكي الغلابة"
بمشاركة ابنته.. رامي رضوان يروّج لفيلم "روكي الغلابة"

مصرس

timeمنذ 39 دقائق

  • مصرس

بمشاركة ابنته.. رامي رضوان يروّج لفيلم "روكي الغلابة"

روّج الإعلامي رامي رضوان لفيلم "روكي الغلابة"، الذي تقوم ببطولته زوجته الفنانة دنيا سمير غانم، وتشاركها ابنتهما "كايلا" والمقرر طرحه قريبًا في دور العرض السينمائي. ونشر رضوان البوستر الرسمي للفيلم عبر حسابه الشخصي على موقع "إنستجرام"، وعلّق عليه قائلًا: "ما شاء الله ولا قوة إلا بالله.. ادعولي".وتجسّد دنيا سمير غانم خلال أحداث الفيلم شخصية "روكي الغلابة"، وهي فتاة تمارس رياضة الملاكمة وتعمل بودي جارد للفنان محمد ممدوح، الذي يشاركها البطولة، كما يظهر الفنان محمد رضوان في دور مدرب الملاكمة الخاص ب دنيا سمير غانم.فيلم "روكي الغلابة" بطولة دنيا سمير غانم، محمد ممدوح، محمد ثروت، محمد رضوان، وسلوى عثمان، أحمد الفيشاوي، وغيرهم، وإخراج أحمد الجندي.اقرأ أيضًا:بالصور - نانسي عجرم تحتفل بألبوم "نانسي 11" بأكثر من إطلالة مختلفة

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store