logo
جورج خباز يواجه الكبيرة هانا شيغولا في مهرجان برلين

جورج خباز يواجه الكبيرة هانا شيغولا في مهرجان برلين

Independent عربية٢٠-٠٢-٢٠٢٥

لعل العديد من السينمائيين العرب باتوا يعيشون خارج بلدانهم وينجزون أفلامهم انطلاقاً منه، وهذه حال المخرج أمير فخر الدين (من أصل فلسطيني سوري)، فوالداه من هضبة الجولان، لكنه ولد ونشأ في كييف، قبل أن ينتقل للعيش في ألمانيا.
فيلمه "يونان" يأتي في إطار ثلاثية سينمائية في عنوان "وطن"، كان باشر بها مع "الغريب" قبل أربعة أعوام (شارك في مهرجان البندقية)، وهو يعود اليوم بالجزء الثاني في انتظار اتمام الثالث. يحملنا الفيلم إلى إحدى الجزر الألمانية التي تختفي أجزاء منها بفعل المد والجزر، الظاهرة التي حولها فخر الدين إلى استعارة عن المنفى والنزوح والاقتلاع، وكل هذه المسائل التي تقيم في وجدان فنان مهموم لا يزال في مقتبل تجربته، فهو لا يتجاوز الرابعة والثلاثين من العمر. إنها دورة الحياة المتواصلة، بظهورها وغيابها المستمرين، وما تحمل معها من فلسفة وجودية.
الممثّل اللبناني جورج خباز يلعب في الفيلم دور كاتب من أحد بلدان الشرق الأوسط (بلد غير محدد في النص)، يبدو أنه يعاني من عقم كتابي نتيجة الإرهاق الشديد، فينتقل بناءً على توصية من طبيبه للعيش، فترة من الزمن على الجزيرة، بحثاً عن الراحة. ولعل هذا المكان يساعده في الكتابة، خصوصاً أنه مطارد بأشباح راع، كانت أمه المصابة بتشتت الذاكرة، قد روت له قصته، وها هو يحاول بلا جدوى، تحويلها إلى رواية.
لقطة من الفيلم المصري "المستعمرة" المعروض في مهرجان برلين (ملف الفيلم)
على هذه الجزيرة، يتسكّع ويتأمّل ويتعرف إلى بعض أهلها، وعلى رأسهم سيدة ثمانينية تلعب دورها الممثلة الألمانية الأسطورة هانا شيغولا التي اقترن اسمها باسم المخرج الراحل راينر فرنر فاسبيندر. شيغولا تلعب دور صاحبة نُزل تفتح أبوابه أمام الكاتب، وتكون العلاقة بينهما معقدة في البداية، قبل أن تتطور لحظة بعد لحظة، لتصبح شيئاً أشبه بلقاء ثقافات وحضارات، واختزال للأماكن والأزمنة.
الفيلم شاعري إلى أبعد حد، مشبع بحركات كاميرا بطيئة وتصوير بديع للطبيعة عندما تنتفض، حتى لتصبح هي بطلة الفيلم الأبرز. وإذا كانت جذور بعض المشاهد تضرب في سينما شعرية كسينما تاركوفسكي، فبعضها الآخر يجد ضالته في أفلام التركي نوري بيلغي جيلان. وسواء فكّر فخر الدين في هذه المراجع أو لا، عند كتابة السيناريو، فهذه انطباعات عامة قد لا تكون بالضرورة منطلقات المخرج الذي يقدّم على رغم كل شيء، عملاً أصيلاً مشغولاً (ربما أكثر ممّا ينبغي) بأسئلة الانتماء والهوية والزمن. وهذا كله من خلال إمعان شديد في البيئة والمكان والعناصر الطبيعية. الهواء والماء والأعشاب البرية لها كلمة في كل ما يحدث وهذه دعوة صريحة من الفيلم للعودة إلى الطبيعة والإنصات إلى همساتها.
في الملف الصحافي الخاص بالفيلم، يصرح أمير فخر الدين: "لطالما انجذبتُ إلى التوتر الحساس بين العزلة والاتصال، وإلى الطريقة التي يتواصل فيها الناس بعضهم مع بعض، خصوصاً عندما يشعرون بعدم وجود قيود. هذا ليس فيلماً يعتمد على التصريحات الكبيرة، بل الهمسات الرقيقة. تتكشف الأحداث في اللحظات الصغيرة التي بالكاد يمكن ملاحظتها. كيف يمكن نظرة أو لفتة أو مباردة لطيفة أن تحمل ثقل شيء أكبر. مدفوعاً بهذه الأفكار، عملتُ على تشكيل إيقاع الفيلم ليعكس تجربة المنفى: الدوامة والعودة، التحرك في دوائر بدلاً من التقدم إلى الأمام. كان من البديهي أن أبقى في حال من عدم اليقين فألاحظ التحولات الصغيرة والدقيقة. تحمل المسافة بين الكلمات، بين الضوء والظل، شوقاً هادئاً، شيئاً غير منطوق ولكنه حي".
"مستعمرة" المصري محمد رشاد
واذا كان "يونان" أحد أهم أفلام مسابقة الـ"برليناله"، فيصعب قول الكلام نفسه عن "المستعمرة" لمحمد رشاد، الفيلم المصري المعروض في قسم "برسبكتيف" الذي استُحدث هذا العام لضم الأفلام الأولى. فهذا العمل يحمل علامات عدم نضج كثيرة وينطوي على بعض الزيف الحرفي. ينتمي الفيلم إلى هذا النمط من السينما المصرية التي تحاكي إحدى مدارس السينما الأوروبية، ولا بأس في ذلك، باستثناء أن نقل هذا النمط الممعن في البطء والتأمل، إلى مصر، يخرجه عن بيئته الطبيعية فيبدو مفتعلاً. فلا هكذا يتصرف المصريون ولا هكذا يتحدثون، ولا هكذا ينظرون بعضهم إلى بعض. هذا كله في فيلم يدّعي الواقعية الاجتماعية.
الفيلم مستوحى من قصة حقيقية، ويدور حول شقيقين، حسام وهو صاحب السوابق الكثيرة (23 سنة) الذي يلعب دوره أدهم شكر، وشقيقه مارو ذو الـ12 سنة (زياد إسلام)، الذي يريد ترك المدرسة ليمشي على خطى شقيقه الأكبر. إنهما يتحدران من قعر المجتمع الاسكندراني. بعد وفاة والدهما في حادثة خلال عمله في مصنع الحديد، تعرض الإدارة على حسام أخذ محل والده، كنوع من تعويض عن الخسارة، وهذا يعني أنه يتعين عليهما التخلي عن الإجراءات القانونية. لكن، يوماً بعد يوم، يصبح سؤال ما إذا مات فعلاً بحادثة، أكثر إلحاحاً في بال الشقيقين.

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
هذا أول فيلم روائي طويل لمحمد رشاد الذي سبق أن قدّم بضعة أفلام قصيرة ووثائقية، وقد استغرق تصويره خمس سنوات، ومكّنته ظروف الإنتاج من فرض رؤيته في اختيار ممثّلين غير معروفين، وإشراك عمّال حقيقيين ضمن الشخصيات الثانوية للمزيد من الواقعية. وحرص على التصوير في مواقع حقيقية، كي تتطابق الحقيقة مع ما يتخيله عنها، انطلاقاً من قناعته بأن الأجواء الاصطناعية توفّر مادة غاية في الثراء.
لكنّ الكائنين الفاقدين المرجعية واللذين نتعرف إليهما، لا يمكن التعاطف معهما بسهولة، على رغم كل المحاولات في تقريبهما إلى المشاهد. في حين أن قصة الانتقام التي ينجران إليها، لا تأتي بالتأثير الذي كان من الممكن أن يحدث، لو قام المخرج بخيارات غير تلك التي قام بها. أرى في "المستعمرة" مادة لعمل وثائقي أكثر منه روائي، ذلك أن المكان وسطوته الإيحائية أقوى وأكثر حضوراً في المخيلة من أي شيء آخر يمكن أن يُروى. هذا المكان أعنف من الشخصيات الباردة التي تسحقها بيئتها باستمرار، من دون أي قدرة وأي رغبة على مواجهتها.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

سحر الشرق في حضارات الغرب: الدانتيل العريق يتربع على عرش موضة العروس لعام 2026
سحر الشرق في حضارات الغرب: الدانتيل العريق يتربع على عرش موضة العروس لعام 2026

مجلة هي

timeمنذ 2 أيام

  • مجلة هي

سحر الشرق في حضارات الغرب: الدانتيل العريق يتربع على عرش موضة العروس لعام 2026

كهالة تحتضن العروس برقي، ينساب الدانتيل الفاخر بين الأقمشة فتشع إطلالة الزفاف فخامة ورقيّاً. لم يشّح خيال هذا القماش رغم مضي عصور على انطلاقة خيوطه، ولم يخفت ضوؤه رغم تراكم السنين، حيث بقي هذا النسيج المخرّم الأغلى والأغنى على ساحة الموضة العرائسية. لعام 2026، يستمر هذا القماش بتربعه على عرش الفخامة، فيجمع بين الأصالة العريقة واللمسات العصرية، ليطلق عروساً متغلغلة في جذور الماضي وتواّقة لما يحمله المستقبل. بين أرقى الدور العالمية وبأنامل أبرز المصممين، تتم خياطة الدانتيل ليتداخل بين الأقمشة كروح تضفي حياة على إطلالة الزفاف، ويأتي مزداناً برسومات وطبعات وتصاميم متنوّعة تترك بصمة أبدية في مظهر خالد لا يُنسى. تابعي آخر صيحات الدانتيل في العروض العرائسية واختاري فستاناً ينقل مستوى إطلالتكِ إلى مستويات عالية من الرقي والرفاهية في يومكِ الكبير. الدانتيل الفينتاج: لمسات العصر في إطلالات زفاف عريقة عندما يغازل القماش العروس ويحتضنها برقة وكأنّه خائف من نظرات الحضور، يغطي الدانتيلالرأس بطرحة تشبه الحجاب العريق فيضفي مظهراً رزيناً ومحافظاً مشبعاً بالرسومات. فالدانتيل الفينتاج عاد ليتربع على عرش الموضة العرائسية في عام 2026؛وهذه المرة، سجّل دخولاً قوياً للعام القادم، بتصاميم عريقة تحمل نفحات الماضي وسحر المستقبل. الدانتيل الفينتاج من Annie's Ibiza بزخارف دقيقة متقنة مشغولة يدوياً، وبالدانتيل الشانتيلي العاجي، تنبثق العروس القادمة كي تلهمنا بوحي ملائكة فلورنسا الآتية من البندقية في أواخر القرن الخامس عشر. تمشي كأنها لوحة زيتية أُعيد إحياؤها، حيث يتماوج قماشها الحريري مع خطواتها كهمسة صلاة، وتتلألأ تفاصيل فستانها كضوء شموع على جدران كاتدرائية عتيقة، فتغدو أيقونة زمنية تتجاوز اللحظة، وتحمل في حضورها سكون الجمال الأبدي. بتصميم الدرابيه الترندي وبقصات قصيرة ضيقة وقطار طويل، مع طرحة ملفوفة على الرأس، ستطل العروس بقالب الفينتاج المشغول بالدانتيل بالكامل، لتضفي سحراً ووقاراً على يومها المميّز. فساتين زفاف بقطعتين بالدانتيل لعروس 2026: أناقة ناعمة ووقار خالد إطلالة زفاف بالدانتيل من Boutique vestidos de novia ELYBRIDE مع انطلاق موضة العروس لربيع وصيف 2026، نرى وثبة نوعية في أزياء الزفاف، تعكس الأذواق المتنوّعة والقيم المتغيّرة في عالم العرائس. فقد انطلقت أحدث اتجاهات إطلالات العروس لتنقل الإبداع والأناقة وتتبنى الإستدامة والفردية. من بين أهم الاتجاهات التي ستهيمن على أزياء الزفاف العام المقبل هي فساتين الزفاف بقطعتين، التي تحتلّ مكاناً خاصاً على ساحة الموضة للموسمين المقبلين. خلال عامي 2025-26، ستستمر اتجاهات أزياء الزفاف في التطوّر، مع التركيز الجديد على منطقة الصدر كإحدى أكثر الابتكارات شعبية. وبذلك، تسلّط موضة العروس الضوء على أشكال الكورسيه الفريدة التي تبرز بقوّة، ليس فقط لقصتها ولكن أيضًا لتفاصيلها غير المتوقعة، خاصة في ما يتعلّق بالزوايا الحادة التي تحتضن الصدر على صورة ظلّية ساحرة. ويعتمد المصممون هذا النمط لعدّة دلالات؛ أبرزها أنّ الزوايا الحادة في منتصف الصدر لافتة للنظر بشكل خاص، كما أنّها تبدو على هيئة الشاكرا الثالثة، فتضفي أجواءً من الغموض والأناقة على التصميم. إلى ذلك، تلفت هذه التصاميم الإنتباه إلى أكثر جوانب خط العنق أناقة، مثل عظام الترقوة، مما يسلّط الضوء على أنوثة العروس ورشاقتها. إلى ذلك، تخلق التفاصيل الأخرى، مثل البودي سوت والحواف الحادة على طول الجزء العلوي من الكورسيه، لمسة ديناميكية وأنيقة إلى مظهر العروس بشكل عام. فساتين زفاف دانتيل مع أوفر سكيرت: فخامة ملكية في يوم الزفاف فستان زفاف دانتيل مع أوفرسكيرت ن Pronovias دار إن كنتِ من محبّات فساتين الزفاف بالأوفرسكيرت، فأنتِ محظوظة جداً، لما تتضمنه إطلالات العروس من انماط ساحرة لموضة العام. وتنورة فستان الزفاف هذه هي عبارة عن إكسسوار متعدد الاستخدامات يمكنه تحويل أي فستان زفاف إلى إطلالة استثنائية؛ سواء كنت تبحثين عن إضافة حجم أو طول أو لمسة من السحر إلى فستانك، فإنّ التنورة الخارجية هي الحل المثالي لرفع مستوى إطلالتك كعروس. فالتنورة الخارجية ليست مجرد اتجاه، بل هي إضافة معاصرة لإطلالتك كعروس، وتضمن لكِ أن يكون طريقك في الممر أنيقًا ومذهلًا. فساتين زفاف دانتيل مرصعة باللؤلؤ: فخامة ناعمة للعروس الأنيقة فستان زفاف بقطعتين مع زخارف اللؤلؤ- الصورة من دار @kleinfeldbridal مستوحاة من الأناقة الخالدة للأزياء الراقية في الخمسينيات، تنطلق أحدث اتجاهات فساتين الزفاف لعامي 2025/2026، لتحتفل بالرشاقة والرقي وجمال تلك الحقبة التي لا تُنسى، مع رغبة هادفة إلى تعزيز الأناقة، كي تحتفظ العروس بأعلى معايير النقاء والتناغم والجمال الهادىء. هذه المعايير لا يمكن تمثيلها بعنصر أروع من حبيبات اللؤلؤ العريقة، التي ترمز إلى أنوثة العروس الباحثة عن أسلوب فريد، حيث توفّر لمسات اللؤلؤ المزيج المثالي بين الجمال الكلاسيكي والأناقة المعاصرة. يشهد هذا العام على انطلاقة جديدة لحبيبات اللآلئ كواحدة من أكثر الاتجاهات رواجًا في موضة العروس، بحيث لم تعد تقتصر على القلائد أو الأقراط التقليدية، بل تنتشر الحبيبات المزخرفة كلمسات أنيقة على فساتين الزفاف العصرية، مما يضيف لمسة من الرقي إلى كل إطلالة. وستظهر خيوط اللؤلؤ لتزيّن الصدر، أو تتدفق برفق على الظهر، أو تبرز خط الكتف، مما يخلق انطباعًا بالرشاقة والخفة، ناتجاً عن احتضان صناعة الأزياء هذا الاتجاه بالكامل.

غولدن غوس تقدّم "تحوّلات الإدراك" لماركو برامبيلا في بينالي العمارة 2025
غولدن غوس تقدّم "تحوّلات الإدراك" لماركو برامبيلا في بينالي العمارة 2025

مجلة هي

timeمنذ 5 أيام

  • مجلة هي

غولدن غوس تقدّم "تحوّلات الإدراك" لماركو برامبيلا في بينالي العمارة 2025

دشّنت علامة Golden Goose فعاليات بينالي العمارة 2025 بكشفها عن سلسلة مبتكرة من التجارب الفنية في هاوس HAUS، منصّتها الثقافية في مرغيرا، البندقية. هاوسHAUS ليست مجرد مساحة عرض، بل هي موطنٌ لمجتمع Golden Goose العالمي من "الحالمين" Dreamers، ومركز إبداعي يجمع بين الحِرف والثقافة والفنّ. هذا العام، سلّمت هاوس HAUS مفاتيحها للفنان ماركو برامبيلا، المعروف بأعماله البصرية الفاخرة ذات الطبقات المفاهيمية العميقة، والتي تستكشف التقاء تاريخ الفن بالثقافة الشعبية والتقنيات المتقدّمة. يعمل برامبيلا ضمن طيف واسع من الوسائط البصرية والإلكترونية – من التركيبات الفيديوية إلى الواقع الافتراضي والكولاج الرقمي – ويقوم بتشكيل مناظر خيالية مكتظة، كثيراً ما تكون سريالية، يعيد من خلالها تأطير المشهد الثقافي من منظور الابتكار التكنولوجي. وقد سبق لأعماله أن اجتاحت معالم شهيرة مثل سفير Sphere في لاس فيغاس وتايمز سكوير في نيويورك، كما عُرضت في متاحف بارزة مثل متحف الفنّ الحديث MoMA ومتحف غوغنهايم، إلى جانب مهرجانات سينمائية كالبندقية وصندانس. ويقدّم برامبيلا في هاوسHAUS معرضه الجديد "حالات متحوّلة" Altered States، في أول عرض موسّع له في إيطاليا، ضمن سلسلة من الأعمال التي أنجزها خصيصاً لهذا الفضاء. يستحضر المعرض السينما كحالة من عالم الأحلام، محوّلاً البنية الصناعية التي تميّز هاوس HAUS إلى واقع مائع يتغيّر باستمرار، حيث تتلاشى الحدود بين المادي والافتراضي. ويعتمد برامبيلا في ذلك اعتماداً تاماً على صور وأصوات سينمائية ليصوغ رؤية تربط الحلم باللاوعي الجمعي، مغموراً بصرياً وصوتياً في عوالم متشابكة من الذاكرة والخيال والرغبة. المعرض من تنسيق جيروم سانس، القيّم الفني البارز والمؤسِّس المشارك لمركز قصر طوكيو Palais de Tokyo في باريس. ومن خلال تقاطع وتباين رموز ثقافية بارزة ومناظر خيالية أخرى من عالم مختلف، يدعو المعرض الزوّار للتأمل في كيفيّة تشكيل الإعلام والتكنولوجيا إدراكنا للواقع. ويعمد من خلال المشاهد الآسرة والمناظر الصوتية الحُلُمية إلى إغراق الزائرين في تجربة حسّية تتلاشى فيها الحدود بين الإدراك الذاتي والمحفزات. وتُضفي خبرة جيروم سانس الواسعة في الفن المعاصر والمشاريع متعددة التخصصات عمقًا استثنائيًا على هذه التجربة، ما يُرسّخ موقع هاوسHAUS كمساحة تلتقي فيها العوالم الإبداعية وتتصادم في آنٍ. وقد شهد حفل الافتتاح حضور شخصيات بارزة من مختلف المجالات، من بينهم عمدة مدينة البندقية، وعارضون وفنّانون وعازفون وموسيقيون عالميون، إلى جانب أصحاب صالات عرض ومدراء فنيين، ومجموعة من روّاد الأعمال وصانعي المحتوى، ولاعبو تزلّج محترفون، ممن شاركوا في أمسية غامرة من العروض الحية، تخلّلها عرض طهي خاص قدّمه الشيف باولو غريفا. افتَح هاوسHAUS أبوابه أمام الجمهور يومَيّ10 و11 مايو ضمن فعاليات أسبوع هاوس HAUS، الذي يضم عروضاً أدائية وورش عمل وحلقات نقاش حول الفنّ والثقافة والأحذية الرياضية والرياضة، وذلك بهدف دعم المجتمع المحلي في البندقية، وتعزيز الحوار الثقافي، والإبداع، وحرية التعبير.

الأميركي الذي حدَّث القصيدة: «كن حديثاً»
الأميركي الذي حدَّث القصيدة: «كن حديثاً»

الشرق الأوسط

time١٧-٠٥-٢٠٢٥

  • الشرق الأوسط

الأميركي الذي حدَّث القصيدة: «كن حديثاً»

ذهب عزرا باوند إلى البندقية يكتب الشعر بين قنواتها كما فعل اللورد بايرون من قبل. وأعطت حركة «شعر» فكرة غير دقيقة عن حياته ومكانته، ربما لنقص في الاطلاع على أعماله. في ثلاثينات القرن الماضي، أمسك عزرا باوند بمطرقة خشبية وضرب بها على الطاولة مخاطباً جميع أقرانه: كن حديثاً!. «نحن بحاجة إلى أشكال فنية جديدة»، يصرح أنطون تشيخوف في مسرحيته «النورس»: «الأشكال الجديدة مطلوبة، وإذا لم تكن متوفرة، فقد لا يكون لدينا شيء على الإطلاق». كانت المهمة إبداعية وتدميرية في الوقت نفسه، كما اقترح فريدريك نيتشه. كانت مهمة جعل الأمر حديثاً تعني المضي قدماً، وإيجاد طريق جديد. كان لا بد من تغيير كل شيء. الفلسفة التي تقوم عليها الفنون، والرؤية الأساسية التي تعبر عنها، والعلاقة بين الشكل والمضمون، والفنان والجمهور، والفرد المبدع والمجتمع. وكما أعلن نيتشه، كان لهذه الرحلة في المعرفة الفنية الحديثة مخاطرها العميقة. ينوي راسكولنيكوف، تلميذ دوستويفسكي، في رواية «الجريمة والعقاب»، أن يتحرر من حدود الفكر: «يبدو لي أن أكثر ما يخشاه المرء هو أن يخطو خطوة جديدة أو ينطق بكلمة جديدة». يخطو راسكولنيكوف الخطوة، وينطق بالكلمة، ويرتكب جريمة حديثة، ويجد عقاباً حديثاً. كانت أخطار الطريقة الحديثة ستصبح واضحة حتى بالنسبة لباوند. فقد كان باوند مغترباً في إيطاليا خلال الحرب العالمية الثانية، وخاب أمله لأن الرئيس روزفلت لم يطلب استشارته في المسائل الاقتصادية، والثقافية، والسياسية. انحاز إلى بينيتو موسوليني، الذي كانت له بالفعل بعض الآراء المستقبلية. أنهى باوند الحرب محتجزاً في قفص في بيزا من قبل الجيش الأميركي في انتظار توجيه تهمة الخيانة إليه في الولايات المتحدة. حتى إن هذا كان له منطق معين، إذ اعتبر باوند أن مهمة الفنان هي أن يكون ملهب العصر، وأن يخلق الثقافة من خلال التمرد على الثقافة. وبحلول نهاية حياته، كان باوند مستعداً للاعتراف بأن طموحه في تحويل سياسة الثقافة كان خطأً خطيراً، وهو خطأ يشكك في إنجازه الفني وفي الهدف من «صنع الجديد». مثل كثيرين غيره، ثار باوند ضد الحداثة، لكنه آمن بها. والاسم الذي صار يطلق على ذلك التحول الكبير في أشكال الفنون وروحها، وطبيعتها، الذي حدث في الفترة ما بين سبعينات القرن التاسع عشر، واندلاع الحرب العالمية الثانية. لقد كانت ثورة فنية عميقة حركت أوروبا بأكملها. ويرجع الفضل في ذلك جزئياً إلى باوند نفسه. لقد كانت أزمة في تاريخ الإنسانية الغربية، ومحاولة عميقة لفهم وإدراك طبيعة الوجود الحديث. إلى اللقاء...

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store