
الجوع في عصر الوفرة: لماذا هناك مجاعات في العالم؟
تشير إحصاءات منظمة الأغذية العالمية وغيرها من المؤسسات المعنية بالجوع حول العالم إلى أن ثلث الغذاء العالمي يُهدر سنوياً، ويبلغ وزن هذا الغذاء المهدور أو المرمي أو المعرّض للتلف حوالى 1.3 مليار طن، وهو وزن يمكنه أن يوفر الغذاء لـ3 مليارات إنسان من الجوعى، بحسب الأرقام في العقد الثاني من القرن الـ21.
أخيراً، أصدرت فرنسا قانوناً يمنع السوبرماركت من رمي الطعام، ويُلزمها بالتبرع به، لكن الاستثناء الفرنسي لا يغيّر في الأمر شيئاً، إذ إن الغذاء المُهدر سنوياً يمكنه أن يحل مشكلة الجوع العالمية، التي تنفق الأمم المتحدة عليها مليارات الدولارات من دون أن تتمكن من وقفها.
تلف المنتجات الغذائية بدل التبرع بها
أما الأسباب التي تدفع الشركات إلى رمي الطعام، فكلها غريبة وغير مقنعة بالنسبة إلى المنظمات الإنسانية حول العالم، فعلى سبيل المثال تُرمى الفواكه المائلة مثل الخيار الأعوج أو التفاحة المخدوشة أو البرتقالة الأصغر حجماً من رفيقاتها لأنها "لا تليق بالرفوف"، فقد بات مظهر المنتج الذي يُقدَّم للمستهلك أهم من المنتج نفسه أو الغرض منه.
وهناك شركات كثيرة تتلف منتجاتها في يوم انتهاء تاريخ الصلاحية على رغم أنها تبقى صالحة للاستخدام لأسابيع أو أشهر، كما تعرف الشركات، ولكن التخلص من المنتجات يوم انتهاء صلاحيتها بدل التبرع بها هو أمر تختاره الشركات كي لا تتعرض للمجازفة بسمعتها أو لدعاوى قضائية في حال وجد المستهلك منتجاً منتهي الصلاحية على الرف.
ويُرمى الفائض من المنتجات الغذائية في حالات "الإفراط في الإنتاج" (Overproduction)، حين تقوم الشركات الكبرى بإنتاج كميات ضخمة تغمر السوق، فلا يوازي الطلب العرض فيُرمى الفائض، ويتكرر هذا الأمر لدى المستهلك، الذي يقع في إغراء التنزيلات الموقتة التي تملأ الرفوف بعروض مثل "اشترِ 3 واحصل على واحدة مجاناً"، فيشتري المستهلكون من المنتجات الغذائية أكثر مما يحتاجون إليه، فتنتهي في القمامة.
وتبرر الشركات الغذائية العالمية الأمر في حال مطالبتها، بالقول إنه حتى عندما توجد نية بالتبرع، لا تتوفر وسائل نقل أو حفظ للطعام إلى حين إيصاله إلى الدول التي تشهد مجاعات، وبخاصة في الجنوب العالمي، إلا أن بعض منظمات الأمم المتحدة المكلفة توزيع الغذاء حول العالم لا تقتنع بهذا التبرير، طالما أنه بإمكانها توزيع ما قد يتم التبرع به من الشركات الغذائية العالمية، التي تشكل أحد أقوى كارتيلات الشركات في العالم.
تعريف الجوع بيولوجياً
الجوع، في الدرجة الأولى، هو شعور بيولوجي نشعر به بسبب إشارة فيزيولوجية يرسلها الجسم إلى الدماغ كأنه ينذره بقرب نفاد الطاقة، فحين يبدأ مستوى الغلوكوز في الدم بالانخفاض، ترسل إحدى الغدد في الدماغ إنذاراً للجسم بأنه بحاجة إلى الطعام.
يدفعنا الجوع إلى الأكل كي نمد أنفسنا بالطاقة التي من دونها قد نقترب من الموت.
في الزمن الحالي، لا يزال هناك بشر يموتون من الجوع في دول كثيرة، وأشهرها هذا العام عملية التجويع المقصود التي يمارسها الجيش الإسرائيلي بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، مستخدماً الجوع كسلاح حربي، وهو من الأمور المجرّمة في القوانين الدولية والإنسانية.
وهناك ضحايا بسبب المجاعات في أنحاء مختلفة من العالم لأسباب عدة، بعضها سببه الحروب وفشل المواسم الزراعية، وبعضها بسبب الإهمال الحكومي للتنمية، وبعضها لأسباب طبيعية قاهرة كالفيضانات أو الجفاف.
حين نجوع، نطلب الطاقة من الطعام على شكل كربوهيدرات ودهون وبروتينات، ولهذا يمكن القول إن الجوع البيولوجي نظام إنذار دقيق يعمل على مراقبة كمية الوقود في الجسم، مثل عدّاد البنزين في السيارة.
وإذا استمر الجوع البيولوجي أو فقدان الجسم للطاقة، يبدأ الجسم بأكل نفسه، فيستهلك الدهون، ثم البروتينات التي تحويها العضلات.
ومن أعراض تفاقم الجوع البيولوجي ونتائجه أيضاً: ضعف التركيز واضطراب في التفكير، لأن عمل الدماغ يتباطأ بسبب نقص الغلوكوز، ثم يبدأ التعب الجسدي والشعور بالخمول، ثم يظهر الضعف في المناعة فيصبح الجسم عرضة للأمراض.
وهذه النتائج، في حال وقعت في الجوع الجماعي، تؤدي إلى أعداد كبيرة من الوفيات.
قد يبقى الإنسان من دون طعام من 30 إلى 60 يوماً في حال كان يشرب الماء، وبحسب وزنه وحالته الصحية، لكن لو بقي من دون طعام وماء، فإن مدة التحمل تتفاوت من ثلاثة إلى سبعة أيام فقط قبل أن تبدأ أعضاء الجسد بالفشل.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ما يحدث في الجسد والدماغ
لو أردنا أن نعرف ما هو المسار الذي يقطعه الجسم والدماغ في الرحلة ما بين الجوع البيولوجي العادي والجوع في حالاته القصوى:
تبدأ الرحلة في اليومين الأولين، حين يحرق الجسم الغلوكوز المخزّن، وبعدها يبدأ الكبد بتحويل الجلوكوز المخزّن إلى سكر في الدم، أما في الحالة النفسية، ففي خلال اليومين الأولين يصاب الجائع بالقلق والعصبية، ويخفت تركيزه.
في المرحلة الثانية، أي من اليوم الثالث وحتى اليوم السابع، ينتقل الجسم إلى مرحلة جديدة في البحث عن الطاقة، فبعد نفاد السكر، يبدأ بحرق الدهون، أما عمل الدماغ فيصبح ضبابياً، ويظهر التعب، ثم يبدأ الجسد يقتصد في استهلاك الطاقة، حتى في التفكير.
تتحول رحلة الجائع جسدياً وذهنياً في الأسبوع الثاني والثالث، وتصل إلى مرحلة ما يسمى "الجوع العميق". تبدأ الدهون بالنفاد، وتتقلص العضلات وكأن الجسم يأكل نفسه، وتأخذ عضلة القلب بالانكماش، ويضعف جهاز المناعة إلى درجات دنيا، ويبدأ تساقط الشعر وتظهر أمراض الجلد، ويظهر على الجميع ما يُشبه الاكتئاب العميق.
في الأسبوعين الرابع والسادس ننتقل إلى مرحلة ما بعد الجوع التي تنتهي بالموت، يقع الكبد والكلى في بدايتها تحت ضغط رهيب، ويكون الإنسان تحت تأثير الهلوسات، وفقدان الوعي، والارتعاشات، والتشنجات، ثم يبدأ الدماغ بالانهيار عبر استهلاك نفسه، وكأنه يُفكك خلاياه حرفياً، ثم يقع الموت بعد فشل القلب أو الكلى بسبب تراكم السموم أو تلف الدماغ، وهذا ما يُسمّى "الموت جوعاً" (Starvation death).
الجوع بسبب التدخل البشري
لا يمكن للإنسان العادي أن يقوم بتجويع نفسه حتى الموت، فعندما يصل إلى مرحلة معينة من الجوع، يلجأ الدماغ إلى طرق دفاعية حثيثة لدفع الشخص نحو الأكل.
على رغم أن هناك قلة قليلة من رجال الدين البوذيين، أو من المؤمنين من أديان ومعتقدات مختلفة، قد يتمكنون من الصيام لفترات طويلة، نتيجة التمرين المتواصل، وتحقيقاً لأهداف روحانية مختلفة عبر الصوم، فإن الانتحار جوعاً مستبعد تماماً، كما هو الانتحار بكتم التنفس.
لكن الجوع يمكن أن يكون إجبارياً عبر التدخل البشري المباشر، خصوصاً حين يتم استخدامه كسلاح في وجه جماعة من الجماعات لأسباب سياسية أو عنصرية أو استعمارية.
وعبر التاريخ، كان الجوع إحدى الأدوات الحربية المؤثرة، خصوصاً في فترات حصار القلاع المحصنة أو المدن العاصية على الغزاة.
حاصر الرومان اليهود في مدينة القدس عام 70 بعد الميلاد، ونقلت التدوينات حول هذا الحصار أن الجوع اشتد بالناس إلى درجة أنهم أكلوا جيف الحيوانات ولحم الموتى من البشر.
هذا النوع من الحصار، من أجل دفع العدو إلى الاستسلام، تكرر في مناسبات كثيرة، منها حصار القسطنطينية، وجميع الحصارات خلال الحروب الصليبية.
في القرن الـ20، وقعت "الهولودومور" بين عامي 1932 و1933 في أوكرانيا، حين كان الاتحاد السوفياتي تحت حكم جوزيف ستالين، وكان قد قرر مصادرة محاصيل الفلاحين الأوكرانيين، مما أدى إلى وقوع مجاعة أودت بحياة ما بين 3 و7 ملايين أوكراني.
ويمكن وضع قائمة بأشهر المجاعات في التاريخ الحديث بدءاً بمجاعة إيرلندا الكبرى بين عامي 1845 و1852 التي أدت إلى مليون وفاة، وهناك مجاعة البنغال في الهند عام 1943 التي أودت بحياة 3 ملايين شخص، والمجاعة الصينية الكبرى بين عامي 1959 و1961 وذهب ضحيتها ما بين 15 و45 مليون نسمة وقد وقعت بسبب سياسة "القفزة الكبرى" التي وضعها ماو تسي تونغ لنهضة الصين والتي فرضت تقشفاً واسعاً في جميع أنحاء الصين.
وهناك مجاعة كوريا الشمالية بين عامي 1994 و1998، ومجاعة إثيوبيا ومجاعة الصومال ومجاعات السودان، ولا بد من الإشارة إلى المجاعة التي ضربت لبنان خلال الحرب العالمية الأولى بين عامي 1915 و1918، وكان سببها الحصار العثماني لجبل لبنان براً وبحراً، الذي ترافق مع موجة جفاف وموجات للجراد.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Independent عربية
منذ 7 ساعات
- Independent عربية
الجوع في عصر الوفرة: لماذا هناك مجاعات في العالم؟
تشير إحصاءات منظمة الأغذية العالمية وغيرها من المؤسسات المعنية بالجوع حول العالم إلى أن ثلث الغذاء العالمي يُهدر سنوياً، ويبلغ وزن هذا الغذاء المهدور أو المرمي أو المعرّض للتلف حوالى 1.3 مليار طن، وهو وزن يمكنه أن يوفر الغذاء لـ3 مليارات إنسان من الجوعى، بحسب الأرقام في العقد الثاني من القرن الـ21. أخيراً، أصدرت فرنسا قانوناً يمنع السوبرماركت من رمي الطعام، ويُلزمها بالتبرع به، لكن الاستثناء الفرنسي لا يغيّر في الأمر شيئاً، إذ إن الغذاء المُهدر سنوياً يمكنه أن يحل مشكلة الجوع العالمية، التي تنفق الأمم المتحدة عليها مليارات الدولارات من دون أن تتمكن من وقفها. تلف المنتجات الغذائية بدل التبرع بها أما الأسباب التي تدفع الشركات إلى رمي الطعام، فكلها غريبة وغير مقنعة بالنسبة إلى المنظمات الإنسانية حول العالم، فعلى سبيل المثال تُرمى الفواكه المائلة مثل الخيار الأعوج أو التفاحة المخدوشة أو البرتقالة الأصغر حجماً من رفيقاتها لأنها "لا تليق بالرفوف"، فقد بات مظهر المنتج الذي يُقدَّم للمستهلك أهم من المنتج نفسه أو الغرض منه. وهناك شركات كثيرة تتلف منتجاتها في يوم انتهاء تاريخ الصلاحية على رغم أنها تبقى صالحة للاستخدام لأسابيع أو أشهر، كما تعرف الشركات، ولكن التخلص من المنتجات يوم انتهاء صلاحيتها بدل التبرع بها هو أمر تختاره الشركات كي لا تتعرض للمجازفة بسمعتها أو لدعاوى قضائية في حال وجد المستهلك منتجاً منتهي الصلاحية على الرف. ويُرمى الفائض من المنتجات الغذائية في حالات "الإفراط في الإنتاج" (Overproduction)، حين تقوم الشركات الكبرى بإنتاج كميات ضخمة تغمر السوق، فلا يوازي الطلب العرض فيُرمى الفائض، ويتكرر هذا الأمر لدى المستهلك، الذي يقع في إغراء التنزيلات الموقتة التي تملأ الرفوف بعروض مثل "اشترِ 3 واحصل على واحدة مجاناً"، فيشتري المستهلكون من المنتجات الغذائية أكثر مما يحتاجون إليه، فتنتهي في القمامة. وتبرر الشركات الغذائية العالمية الأمر في حال مطالبتها، بالقول إنه حتى عندما توجد نية بالتبرع، لا تتوفر وسائل نقل أو حفظ للطعام إلى حين إيصاله إلى الدول التي تشهد مجاعات، وبخاصة في الجنوب العالمي، إلا أن بعض منظمات الأمم المتحدة المكلفة توزيع الغذاء حول العالم لا تقتنع بهذا التبرير، طالما أنه بإمكانها توزيع ما قد يتم التبرع به من الشركات الغذائية العالمية، التي تشكل أحد أقوى كارتيلات الشركات في العالم. تعريف الجوع بيولوجياً الجوع، في الدرجة الأولى، هو شعور بيولوجي نشعر به بسبب إشارة فيزيولوجية يرسلها الجسم إلى الدماغ كأنه ينذره بقرب نفاد الطاقة، فحين يبدأ مستوى الغلوكوز في الدم بالانخفاض، ترسل إحدى الغدد في الدماغ إنذاراً للجسم بأنه بحاجة إلى الطعام. يدفعنا الجوع إلى الأكل كي نمد أنفسنا بالطاقة التي من دونها قد نقترب من الموت. في الزمن الحالي، لا يزال هناك بشر يموتون من الجوع في دول كثيرة، وأشهرها هذا العام عملية التجويع المقصود التي يمارسها الجيش الإسرائيلي بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، مستخدماً الجوع كسلاح حربي، وهو من الأمور المجرّمة في القوانين الدولية والإنسانية. وهناك ضحايا بسبب المجاعات في أنحاء مختلفة من العالم لأسباب عدة، بعضها سببه الحروب وفشل المواسم الزراعية، وبعضها بسبب الإهمال الحكومي للتنمية، وبعضها لأسباب طبيعية قاهرة كالفيضانات أو الجفاف. حين نجوع، نطلب الطاقة من الطعام على شكل كربوهيدرات ودهون وبروتينات، ولهذا يمكن القول إن الجوع البيولوجي نظام إنذار دقيق يعمل على مراقبة كمية الوقود في الجسم، مثل عدّاد البنزين في السيارة. وإذا استمر الجوع البيولوجي أو فقدان الجسم للطاقة، يبدأ الجسم بأكل نفسه، فيستهلك الدهون، ثم البروتينات التي تحويها العضلات. ومن أعراض تفاقم الجوع البيولوجي ونتائجه أيضاً: ضعف التركيز واضطراب في التفكير، لأن عمل الدماغ يتباطأ بسبب نقص الغلوكوز، ثم يبدأ التعب الجسدي والشعور بالخمول، ثم يظهر الضعف في المناعة فيصبح الجسم عرضة للأمراض. وهذه النتائج، في حال وقعت في الجوع الجماعي، تؤدي إلى أعداد كبيرة من الوفيات. قد يبقى الإنسان من دون طعام من 30 إلى 60 يوماً في حال كان يشرب الماء، وبحسب وزنه وحالته الصحية، لكن لو بقي من دون طعام وماء، فإن مدة التحمل تتفاوت من ثلاثة إلى سبعة أيام فقط قبل أن تبدأ أعضاء الجسد بالفشل. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) ما يحدث في الجسد والدماغ لو أردنا أن نعرف ما هو المسار الذي يقطعه الجسم والدماغ في الرحلة ما بين الجوع البيولوجي العادي والجوع في حالاته القصوى: تبدأ الرحلة في اليومين الأولين، حين يحرق الجسم الغلوكوز المخزّن، وبعدها يبدأ الكبد بتحويل الجلوكوز المخزّن إلى سكر في الدم، أما في الحالة النفسية، ففي خلال اليومين الأولين يصاب الجائع بالقلق والعصبية، ويخفت تركيزه. في المرحلة الثانية، أي من اليوم الثالث وحتى اليوم السابع، ينتقل الجسم إلى مرحلة جديدة في البحث عن الطاقة، فبعد نفاد السكر، يبدأ بحرق الدهون، أما عمل الدماغ فيصبح ضبابياً، ويظهر التعب، ثم يبدأ الجسد يقتصد في استهلاك الطاقة، حتى في التفكير. تتحول رحلة الجائع جسدياً وذهنياً في الأسبوع الثاني والثالث، وتصل إلى مرحلة ما يسمى "الجوع العميق". تبدأ الدهون بالنفاد، وتتقلص العضلات وكأن الجسم يأكل نفسه، وتأخذ عضلة القلب بالانكماش، ويضعف جهاز المناعة إلى درجات دنيا، ويبدأ تساقط الشعر وتظهر أمراض الجلد، ويظهر على الجميع ما يُشبه الاكتئاب العميق. في الأسبوعين الرابع والسادس ننتقل إلى مرحلة ما بعد الجوع التي تنتهي بالموت، يقع الكبد والكلى في بدايتها تحت ضغط رهيب، ويكون الإنسان تحت تأثير الهلوسات، وفقدان الوعي، والارتعاشات، والتشنجات، ثم يبدأ الدماغ بالانهيار عبر استهلاك نفسه، وكأنه يُفكك خلاياه حرفياً، ثم يقع الموت بعد فشل القلب أو الكلى بسبب تراكم السموم أو تلف الدماغ، وهذا ما يُسمّى "الموت جوعاً" (Starvation death). الجوع بسبب التدخل البشري لا يمكن للإنسان العادي أن يقوم بتجويع نفسه حتى الموت، فعندما يصل إلى مرحلة معينة من الجوع، يلجأ الدماغ إلى طرق دفاعية حثيثة لدفع الشخص نحو الأكل. على رغم أن هناك قلة قليلة من رجال الدين البوذيين، أو من المؤمنين من أديان ومعتقدات مختلفة، قد يتمكنون من الصيام لفترات طويلة، نتيجة التمرين المتواصل، وتحقيقاً لأهداف روحانية مختلفة عبر الصوم، فإن الانتحار جوعاً مستبعد تماماً، كما هو الانتحار بكتم التنفس. لكن الجوع يمكن أن يكون إجبارياً عبر التدخل البشري المباشر، خصوصاً حين يتم استخدامه كسلاح في وجه جماعة من الجماعات لأسباب سياسية أو عنصرية أو استعمارية. وعبر التاريخ، كان الجوع إحدى الأدوات الحربية المؤثرة، خصوصاً في فترات حصار القلاع المحصنة أو المدن العاصية على الغزاة. حاصر الرومان اليهود في مدينة القدس عام 70 بعد الميلاد، ونقلت التدوينات حول هذا الحصار أن الجوع اشتد بالناس إلى درجة أنهم أكلوا جيف الحيوانات ولحم الموتى من البشر. هذا النوع من الحصار، من أجل دفع العدو إلى الاستسلام، تكرر في مناسبات كثيرة، منها حصار القسطنطينية، وجميع الحصارات خلال الحروب الصليبية. في القرن الـ20، وقعت "الهولودومور" بين عامي 1932 و1933 في أوكرانيا، حين كان الاتحاد السوفياتي تحت حكم جوزيف ستالين، وكان قد قرر مصادرة محاصيل الفلاحين الأوكرانيين، مما أدى إلى وقوع مجاعة أودت بحياة ما بين 3 و7 ملايين أوكراني. ويمكن وضع قائمة بأشهر المجاعات في التاريخ الحديث بدءاً بمجاعة إيرلندا الكبرى بين عامي 1845 و1852 التي أدت إلى مليون وفاة، وهناك مجاعة البنغال في الهند عام 1943 التي أودت بحياة 3 ملايين شخص، والمجاعة الصينية الكبرى بين عامي 1959 و1961 وذهب ضحيتها ما بين 15 و45 مليون نسمة وقد وقعت بسبب سياسة "القفزة الكبرى" التي وضعها ماو تسي تونغ لنهضة الصين والتي فرضت تقشفاً واسعاً في جميع أنحاء الصين. وهناك مجاعة كوريا الشمالية بين عامي 1994 و1998، ومجاعة إثيوبيا ومجاعة الصومال ومجاعات السودان، ولا بد من الإشارة إلى المجاعة التي ضربت لبنان خلال الحرب العالمية الأولى بين عامي 1915 و1918، وكان سببها الحصار العثماني لجبل لبنان براً وبحراً، الذي ترافق مع موجة جفاف وموجات للجراد.

سعورس
منذ 9 ساعات
- سعورس
المملكة الثانية بين دول «العشرين» في تطوير تنظيمات الاتصالات والتقنية
ويأتي هذا الإنجاز تأكيدًا على مدى تقدم تنظيمات قطاع الاتصالات والتقنية في المملكة وتعزيز الابتكار التنظيمي، وإرساء بنية تحتية رقمية متطورة، وتطبيق أدوات تنظيمية فعالة لسوق الاتصالات والتقنية، بالإضافة إلى التزامها بتوفير بيئة تنظيمية جاذبة ومحفزة للاستثمار ونمو الاقتصاد الرقمي مما يعزز من مكانة المملكة قوة تنظيمية رائدة على المستوى الدولي. وأوضحت هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية أن المؤشر يهدف إلى دعم صناع القرار والهيئات التنظيمية في مواكبة تطورات هذا القطاع الحيوي، ويقيس تطور البيئة التنظيمية لقطاع الاتصالات والتقنية في (194) دولة حول العالم ويرتكز على (50) معيارًا موزعة على أربعة محاور رئيسة هي استقلالية الجهة التنظيمية والصلاحيات التنظيمية والإطار التنظيمي وإطار المنافسة في القطاع. ويُعد هذا الإنجاز امتدادًا لعدد من النجاحات الدولية التي حققتها المملكة في قطاع الاتصالات والتقنية، وواصلت تعزيز مكانتها العالمية من خلال تحقيقها أعلى التصنيفات والمراكز المتقدمة، وحافظت على المركز الثاني بين دول مجموعة العشرين في مؤشر تنمية الاتصالات والتقنية للعام 2024 لعاميين متتاليين، إضافة لتحقيقها المركز الثاني ضمن مجموعة العشرين في مؤشر البنية التحتية للاتصالات (TII) الصادر عن الأمم المتحدة.

سعورس
منذ 17 ساعات
- سعورس
المملكة ثانياً على "العشرين" بمؤشر تطور تنظيمات قطاع الاتصالات
يأتي هذا الإنجاز تأكيدًا على مدى تقدم تنظيمات قطاع الاتصالات والتقنية في المملكة، وتعزيز الابتكار التنظيمي، وإرساء بنية تحتية رقمية متطورة، وتطبيق أدوات تنظيمية فعالة لسوق الاتصالات والتقنية، بالإضافة إلى التزامها بتوفير بيئة تنظيمية جاذبة ومحفزة للاستثمار ونمو الاقتصاد الرقمي، ما يعزز من مكانة المملكة قوة تنظيمية رائدة على المستوى الدولي. وأوضحت هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية، أن المؤشر يهدف إلى دعم صناع القرار والهيئات التنظيمية في مواكبة تطورات هذا القطاع الحيوي، ويقيس تطور البيئة التنظيمية لقطاع الاتصالات والتقنية في (194) دولة حول العالم، ويرتكز على (50) معيارًا موزعة على أربعة محاور رئيسة، هي استقلالية الجهة التنظيمية والصلاحيات التنظيمية، والإطار التنظيمي وإطار المنافسة في القطاع. ويُعد هذا الإنجاز امتدادًا لعدد من النجاحات الدولية، التي حققتها المملكة في قطاع الاتصالات والتقنية، وواصلت تعزيز مكانتها العالمية من خلال تحقيقها أعلى التصنيفات والمراكز المتقدمة، وحافظت على المركز الثاني بين دول مجموعة العشرين في مؤشر تنمية الاتصالات والتقنية للعام 2024 لعاميين متتاليين، إضافة لتحقيقها المركز الثاني ضمن مجموعة العشرين في مؤشر البنية التحتية للاتصالات (TII) الصادر عن الأمم المتحدة.