
ماذا لو.. انكسرت العصا ؟
الألباب المغربية/ ميمونة الحاج داهي
يُروى في كتب التفسير أن سيدنا سليمان، عليه السلام، لما قبض الله روحه، ظل واقفًا متكئًا على عصاه، وظنّت الجن أنه لا يزال حيًا، فاستمروا في خدمته سنوات، حتى نخرت دابة الأرض العصا، فخرّ الجسد على الأرض، وظهر للجميع أن الروح قد غادرت منذ زمن.
غريبة هذه الصورة… لكنها تصلح اليوم لتأمل وضع حزب العدالة والتنمية.
فهو، سياسيًا، يبدو واقفًا… يتحدث، يعارض، يعقد مؤتمرات… لكن كلّما أنصتنا جيدًا، نشعر أن الحزب لا يتحرك فعليًا، بل يعيش على طيف حياةٍ سابقة، متكئًا على عصا بنكيران، التي بدأت تنخرها التصريحات العشوائية والتناقضات المتراكمة.
نحن لا نحاكم الأشخاص هنا، بل نحاول فقط أن نفكر بصوت عالٍ.
هل يعقل أن حزبًا بقي لعقدٍ في واجهة السلطة والمعارضة، تنحصر هويته اليوم في خطاب فرد واحد ؟
وهل استمرار بنكيران على رأس الحزب يُعَدّ دليلَ حياة، أم علامة على غياب بدائل داخلية حقيقية؟
ألا يصبح الزعيم التاريخي، في لحظة ما، مرآةً لجمود الحركة، لا لقوتها؟
كان من الممكن أن تكون عودة بنكيران بعد الهزيمة الانتخابية لحظة انتقالية، لملء الفراغ، ثم فسح المجال أمام جيل جديد. لكنه تحوّل إلى قطب دائم، وكأن الحزب عوض أن يُجدد شبابه، قرر العودة إلى رحم الأب الرمزي والمفارقة أن هذا 'الأب' نفسه، بدأ يضيق ذرعًا بالزمن الجديد، ويخوض المعارك الخاطئة، في الوقت الخاطئ، بلغة لم تعد تستفز إلا من يطلب مادة جدل لا مشروع بديل.
العدالة والتنمية لم يعد فقط حزبًا خسر الانتخابات. هو اليوم حزب يبدو غير قادر على إنتاج خطاب سياسي متماسك في عالم ما بعد 'الربيع'، ولا على بناء تحالفات واقعية تفتح أفقًا للحكم أو المعارضة. خطابه الاجتماعي يعاني التكرار، ورؤيته الاقتصادية تفتقر للجرأة، و'هويته الدعوية' باتت مربكة أكثر مما هي موجهة.
وإذا أضفنا إلى هذا أن فئات من الشباب، التي كانت في يوم ما العمود الفقري للحزب، باتت تعتبره حزبا 'من الماضي'، يمكننا أن نفهم أن خطر السقوط الحقيقي لا يأتي من الخارج، بل من الداخل.
المفارقة هنا أن بنكيران، الذي قدّم نفسه دومًا كضامن للشرعية الشعبية، يتحول اليوم تدريجيًا إلى السبب في ضياع تلك الشرعية. فكل موقف انفعالي، وكل تصريح خارج السياق، يزيد من العزلة، ويجعل الحزب يبدو كمن يعيش في زمن لا يشبه ما نعيشه. ومع الوقت، لم تعد القضية فقط في شخصه، بل في تركيبة تنظيمية تُقصي كل صوت غير متماهٍ معه.
الحل؟ ليس في الإطاحة ببنكيران كما قد يتوهم البعض، ولا في تخوينه كما يفعل خصومه، بل في خلق نقاش داخلي حقيقي داخل الحزب:
هل ما نريده هو الاستمرار في 'وقفة' ميتافيزيقية فوق عصا القائد؟ أم إعادة التفكير في المشروع برمّته؟
التاريخ الحزبي المغربي يعلمنا أن من لا يُجدّد نفسه، يتآكل. لا أحد يظل في موقع الحياة السياسية لأنه كان يومًا هناك. الشرعية في السياسة ليست صورة قديمة تُعلّق على الجدار، بل قدرة على تجديد الخطاب، ومواكبة التحولات، وطرح أسئلة حقيقية، لا الشعور بالإهانة من كل نقد.
العدالة والتنمية يحتاج إلى نخبة جديدة، لا في الأسماء فقط، بل في الرؤية، في طرق الاشتغال، في أدوات الفعل، وفي شجاعة الاعتراف بالتحولات العميقة داخل المجتمع المغربي. لا أحد يملك ترف التأخر في هذه اللحظة.
أما الذين يتكئون على عصا بنكيران، ويظنون الحزب واقفًا، فقد لا يدركون أن الدابة بدأت فعلًا تلتهم الخشب من الداخل… 'فلما خرّ تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين' سورة سبأ، الآية 14.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الأيام
منذ 26 دقائق
- الأيام
يوم قال الملك الحسن الثاني لفتح الله ولعلو: 'ستفقد شعبيتك'
تعززت الخزانة الوطنية بمولود جديد عبارة عن مذكرات أصدرها الوزير والقيادي الاتحادي السابق فتح الله ولعلو، طافحة بالعديد من الأحداث التي عاشها خلال مساره السياسي والأكاديمي على عهد ملكين، الملك الراحل الحسن الثاني ووارث عرشه الملك محمد السادس. هي مذكرات رجل استثنائي، كان لعقود واجهة الاتحاد الاشتراكي البرلمانية، التي ظلت تهز الرأي العام المتعطش للديمقراطية والعدالة الاجتماعية. كان فتح الله ولعلو خطيبا مفوها شاء القدر أن تتطابق قدراته البرلمانية مع الوزن السياسي لحزب القوات الشعبية. هذه هي الصورة التي يحفظها جيلان على الأقل عن هذا الرباطي ذي الملامح الطفولية، وهي مغايرة نسبيا للصورة التي خلفها الرجل نفسه وهو أول وزير للمالية في حكومة التناوب سنة 1998. وإضافة إلى أنه اقتصادي بارز وثاني مغربي يحصل على الدكتوراه من باريس في هذا التخصص بعد الراحل عزيز بلال، فإن من سيقرأ مذكراته التي نزلت يوم الخميس 24 أبريل 2025 في المعرض الدولي للكتاب بالرباط، سيكتشف رجلا آخر، وسيخلق بالتأكيد حميمية مع رجل لا يمكن أن تميز في سيرته بين ما هو خاص وما هو عام، بين حياته ونضاله. وربما لهذا أعطى هذه المذكرات عنوان «زمن مغربي» وهو يرجح العام على الخاص وهذا مفهوم عموما، ولكنه سيفهم أكثر عندما يبحر القارئ في الصفحات الطويلة والغنية في مجلدين بالتمام والكمال. يبدأ ولعلو مذكراته منذ الولادة حين تزوج والده بنعيسى ولعلو بنت خاله غيثة الجزولي، وسكن دار أبيها بالسويقة في المدينة القديمة بالرباط، ليفتح عينيه في أسرة ليست أرستقراطية ولكنها أسرة «عمل وكد واجتهاد» كما يصفها. وأما عن جده من والده، فيقول إنه كان بائع خضر صغيرا قرب زنقة القناصل، ولكن من بيت جده لأمه مصطفى الجزولي سيبني ولعلو كل عالمه في بيت كبير سيتحول إلى قبلة للوطنيين إلى أن يقرر والده الرحيل إلى حي العكاري ويواصل الفتى دراسته وينخرط في العمل النضالي. المذكرات طويلة جدا، ونحن هنا سنقوم بانتقاء، هو على أية حال تعسفي، وما نتمناه أن يكون هذا التعسف مهنيا نابها. وأن نقرب القارئ من حياة هذه الشخصية المغربية الوازنة وهي تقدم روايتها للتاريخ بمرافقة الزميل لحسن العسيبي، الذي أعد المذكرات للنشر، وخصنا بهذا السبق، فشكرا على ثقة الرجلين. إليكم الجزء الثالث عشر من الصفحات الساخنة التي ارتأت 'الأيام 24' نشرها: عندما قال لي الملك: ستفقد شعبيتك التقيت جلالته أيضا بالقصر الملكي بالرباط (قبل ذلك بمدة)، في إطار التهييئ للمناظرة الوطنية للجماعات المحلية. كنتُ رفقة وزير الداخلية إدريس البصري بصفته الجهة المنظمة للمناظرة، وكان لقاءً إخباريًّا فقط وقوفا، لم يدم سوى دقائق. التفتَ نحوي جلالة الملك الحسن الثاني وقال: – عليكما أن تعرفا أنه في كل دول العالم، يفقدُ وزيرا الداخلية والمالية شعبيتهما بسرعة عندما يقومان بمهامهما أحسن قيام. هذه ضريبة مسؤوليتهما. ابتسمنا وودعنا جلالته حيث التقيت مباشرة بعدها بالأستاذ عبد الرحمان اليوسفي ووضعتُهُ في الصورة، مثلما أخبرتُهُ بجملة جلالة الملك، فرد علي ضاحكا: – لا تخف، شعبيتك أنت لن تتأثر. لكن أعرف أنها تأثرت فعلا، خاصة (وهذا مصدر التناقض) عندما تتخد إجراءات إيجابية لصالح البلد، لأنها في كثير من الأحيان لا تكون شعبية. ترأس جلالته عمليا ثلاثة مجالس وزارية في عهد حكومة اليوسفي، طلب منا في آخرها، (وكان في فصل الصيف)، أن لا نَحضُرَ مرة ثانية في حرارة مُماثلة باللباس الرسمي القاتم، بل اعتبر أن من حقنا الحضور بلباس خفيف. حيث قدمتُ في ذلك الإجتماع بصفتي وزيرا للإقتصاد والمالية قانون إصلاح قطاع التأمينات، الذي كان مُحضَّرًا من قبل، مع دعمٍ مُصاحبٍ لذلك الإصلاح في شكل قرضٍ من قبل البنك العالمي بقيمة 200 مليون دولار. كان عمليا يُصادقُ على ذلك القانون في مجلس الحكومة فقط، بعدها يقوم البنك العالمي بتنفيذ قرار الدعم المصاحب. بالتالي صادقنا عليه بداية في مجلس للحكومة قبل عرضه على المجلس الوزاري بغاية صدوره في الجريدة الرسمية، والمسؤول عن عرض التفاصيل كالعادة في كل نص قانون وإخبار الملك قبل المجلس الوزاري هو الأمين العام للحكومة. بعد انتهاء عرضي لمشروع قانون إصلاح قطاع التأمينات، سألني الملك الحسن الثاني إن كنا نحن من أعددنا النص. أجبته أنه قانون إصلاحٍ مُنجزٌ من قبل أطر الوزارة بالتنسيق مع المتدخلين في القطاع وأن البنك الدولي قرر تقديم دعم مصاحب لتنفيذ ذلك الإصلاح. فرد جلالته: – إن البنك الدولي هو البنك الدولي وإن المغرب له قراره السيادي، بالتالي فإنه لا أرى ضرورةً للإسراع بصدور هذا القانون الآن. كنا قد توصلنا عمليا بدعم البنك العالمي. لكن القانون لم يصدر في الجريدة الرسمية بسبب عدم مصادقة المجلس الوزاري عليه. فهمتُ حينها أن جلالة الملك يريد أن يمارس علينا كفريق حكومي جديد، نوعا من الإمتحان الذي يمارس على كل داخل جديد إلى مسؤولية مماثلة (بيزوتاج). بقيتُ بعدها، أتصلُ بالأمين العام للحكومة لتمرير نص قانون الإصلاح، خاصة أننا توصلنا ب 200 مليون دولار من البنك العالمي، لكنه ظَلَّ ينصحُني بالتريث والصبر، حتى توفي الملك الحسن الثاني رحمه الله، حيث قُدِّمَ ذلك القانون في أول مجلس وزاري ترأسه جلالة الملك محمد السادس، فصُودق عليه ونشر بالجريدة الرسمية ونُفِّذَ قانون إصلاح قطاع التأمينات.


أكادير 24
منذ 2 ساعات
- أكادير 24
رغم الدعوة الملكية.. إقبال واسع على الأضاحي يثير القلق بالمغرب وسط تعليمات بتقييد مظاهر العيد
agadir24 – أكادير24 شهدت الأيام الأخيرة بالمغرب تفاعلاً واسعًا حول موضوع عيد الأضحى، وسط استمرار الإقبال الكبير للمواطنين على اقتناء الأضاحي، بالرغم من الدعوة الملكية التي ناشدت الشعب المغربي بعدم القيام بشعيرة الذبح هذا العام، نظرًا للظروف الاقتصادية والمناخية الصعبة التي تمر بها البلاد. وسُجلت حركة نشطة بأسواق الماشية في مختلف جهات المملكة، حيث أقبلت أسر مغربية من مختلف الفئات على اقتناء الأغنام، في تعبير عن تشبثها بعادة العيد، رغم موجة الغلاء وتدهور القدرة الشرائية. هذا الإقبال المفاجئ أثار مخاوف عدد من المهنيين والمختصين، بالنظر إلى الوضعية المتدهورة للقطيع الوطني بسبب الجفاف وارتفاع أسعار الأعلاف. ويرى مراقبون أن الإصرار على الذبح في الظرفية الحالية لا يهدد فقط التوازن البيئي والاقتصادي، بل يتعارض مع مبدأ التضامن الذي حملته الرسالة الملكية، والتي دعت إلى التخفيف عن الفئات المتضررة من موجة الغلاء، والحفاظ على الثروة الحيوانية الوطنية. وفي السياق ذاته، كشفت مصادر متطابقة أن السلطات المحلية بعدد من الأقاليم توصلت بتعليمات تقضي بتعليق عدد من الأنشطة المرتبطة بعيد الأضحى، وذلك تفعيلًا لمضامين التوجيه الملكي الذي دعا المغاربة إلى الامتناع عن أداء الشعيرة هذه السنة. ووفق المعطيات المتوفرة، فقد تلقى باشاوات وقياد عدة مناطق تعليمات شفوية تدعو إلى الحد من مظاهر العيد، من بينها منع بيع الأضاحي داخل 'الكراجات' وبعض الضيعات الفلاحية، إضافة إلى حظر بيع الأعلاف والتبن، ومنع نشاط شحذ السكاكين في الأزقة والشوارع، إلى جانب منع بيع الفحم المخصص للشواء وشي رؤوس الأضاحي في الفضاءات العمومية. وكان الملك محمد السادس قد توجه إلى الشعب المغربي برسالة تلاها وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، دعا فيها إلى عدم إقامة شعيرة عيد الأضحى هذا العام، مشيرًا إلى التحديات المناخية والاقتصادية وتراجع أعداد القطيع الوطني، مؤكدا أنه سيقوم بذبح الأضحية نيابة عن الشعب، اقتداءً بسنة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، الذي قال: 'هذا عني وهذا عن أمتي'. ويُتوقع أن يؤدي استمرار الإقبال على شراء الأضاحي إلى مزيد من الضغط على السوق وارتفاع الأسعار، ما قد يفاقم معاناة الأسر الفقيرة والمتوسطة، ويستدعي تدخلاً عاجلاً من الجهات المختصة لضمان التوازن بين الحفاظ على العادات وحماية الموارد الوطنية.


ناظور سيتي
منذ 12 ساعات
- ناظور سيتي
بلاوي يتسلم مهامه رئيساً للنيابة العامة ويتعهد باستقلال القضاء بصرامة وتجرد
المزيد من الأخبار بلاوي يتسلم مهامه رئيساً للنيابة العامة ويتعهد باستقلال القضاء بصرامة وتجرد ناظورسيتي: متابعة في حفل رسمي احتضنته العاصمة، تسلم هشام بلاوي، يوم الأربعاء، مهامه الجديدة كوكيل عام للملك لدى محكمة النقض، ورئيساً للنيابة العامة، خلفاً لمولاي الحسن الداكي. وقد جرى هذا التنصيب بحضور شخصيات بارزة من عالم القضاء والدولة. وفي كلمة بالمناسبة، عبّر بلاوي عن فخره واعتزازه بالثقة الملكية التي خصه بها الملك محمد السادس، متعهداً بمواصلة المسار الإصلاحي للنيابة العامة، والارتقاء بالأداء القضائي لما يخدم ثقة المواطنين ومصداقية العدالة. وشدد بلاوي على التزامه الصارم باستقلال القضاء وتعزيز دور النيابة العامة في حماية الحقوق والحريات، وتطبيق القانون بعدالة وتجرد، مع إعطاء الأولوية لترسيخ سيادة القانون ومبدأ المساواة. وكشف المسؤول القضائي الجديد عن عزمه وضع خطة استراتيجية شاملة لتحديث عمل رئاسة النيابة العامة، تشمل تجويد الخدمات، تعزيز الموارد البشرية، والانتقال قريباً إلى المقر الجديد المجهز بأحدث التقنيات لدعم ورش الرقمنة. كما دعا إلى تفعيل التعاون مع مختلف الفاعلين في منظومة العدالة، من قضاة ومحامين وشرطة قضائية، من أجل تحقيق نجاعة قضائية أكثر فعالية في خدمة المواطنين. وأكد بلاوي على أهمية دور النيابة العامة في محاربة الجريمة، حماية المال العام، وصون كرامة المواطنين، مع إيلاء عناية خاصة للفئات الهشة، وعلى رأسها النساء والأطفال، إلى جانب تشجيع الاستثمار ودعم الاقتصاد الوطني. وفي ختام كلمته، نوه بالخدمات الجليلة التي قدمها سلفه مولاي الحسن الداكي، وجدّد ولاءه وإخلاصه للملك محمد السادس، متمنياً أن يوفقه الله في أداء رسالته لما فيه خير الوطن والمواطنين.