
نتنياهو وحرب غزة
منير شفيق
دخلت الحرب العدوانية الراهنة في قطاع غزة مرحلة جديدة، سمتها الأولى التوسّع في القتل الجماعي، والتجويع شبه الكامل، والتدمير الشامل. وذلك بعد الفشل المتواصل، طوال أكثر من عشرين شهراً، تحت صمود شعبي، ومقاوم عام، وتحت تفوّق المقاومة، عسكرياً في الاشتباكات الصفرية.
والتفسير لهذا الصمود، وهذا التفوّق، يبدو من حيث الحسابات الأولوية لموازين القوى العسكرية، كأنهما ضربٌ من المعجزة: الجيش الصهيوني، والدعم العسكري الأمريكي، مقابل قوّة مقاومة محاصرة، وتسّلحها متواضع جداً، إذا ما قورن بسلاح الجيش الصهيوني، والقنابل والصواريخ الأمريكية. وأضف مجموعة العوامل العسكرية، المتعلقة بالعديد والتكنولوجيا وغيرها، مما يزيد من قوّة التفسير المعتمد على المعجزة- المعجزات.
على أن تفسيراً مقابلاً يدخل، ولو بداية، ضمن قراءة لموازين القوى العسكرية، كما دور الذكاء، والقدرات القيادية، والذاتية والمعنوية، والإعداد المسبق وغيره، يستطيع أن يكون تفسيراً جادّاً، من النواحي العسكرية والموضوعية، والعلمية والإنسانية، دون أن يمنع التفسير بالمعجزة أو يقمعه.
عندما قرّر الجيش الصهيوني، اقتحام قطاع غزة، والقضاء على المقاومة، عسكرياً، اعتمد على أنه يستطيع من خلال الطيران والدبابات، أن يسيطر عسكرياً على القطاع، ويصل إلى أيّة نقطة فيه. ولكنه فوجئ، بعدم وجود عقدة مقاومة واحدة مكشوفة، ولا استحكاماًَ دفاعياً واحداً، كما هو الحال تقليدياًَ- عسكرياً، في اقتحام المدن، والسيطرة عليها. وذلك في مواجهة سلسلة من الأنفاق السريّة، والتي تغطي القطاع، وتشكل قواعد آمنة للقيادات والقوّات. مما أبطل إل حدّ بعيد التفوّق الجوّي، كما زحف القوات البريّة. وجعل المبادرة في الاشتباكات الصفرية، بيدِ المقاومة.
وهنا يجب أن يضاف التفوّق القيادي العسكري والأمني والسياسي، والإعداد لحرب طويلة الأمد (عدّة أشهر)، فضلاً عن إعداد المقاتل المؤمن الإستشهادي، المتسّم بالذكاء والدهاء، والشجاعة الفائقة، والصبر العظيم في القتال، وشظف العيش.
وقد ترجمت هذه المعادلة، بالنصر العسكري، كما تجلى بعد اتفاق وقف إطلاق النار في 15/1/2025، كما ترجمت حتى اليوم، بعد اندلاع الحرب الثانية. بل سمحت هذه المعادلة بالصمود في وجه الإبادة البشرية، والتدمير شبه الشامل، وصولاً لحرب التجويع الجماعي الإجرامي، الذي ساد، لثلاثة أشهر عموماً، وبلغ اليوم حدّ الكارثة الإنسانية واحتمالها، بما يدخلها بالمعجزة في الصبر الإيماني، والتحمّل البشري.
ثمة بُعدٌ آخر، صنعته هذه الحرب إلى جانب بُعدها العسكري، وبُعدها الإنساني، في مواجهة حرب الإبادة والتجويع والتدمير. وهو المتعلق بما لحق من سوء سمعة، استراتيجي عالمي بالكيان الصهيوني، باعتباره مجرم إبادة، ومنتهكا للأعراف الإنسانية والأخلاق، والقانون الدولي. وهو الذي أقام كيانه على الظلم والاغتصاب، واللاشرعية الدولية (وارتكاب المجازر المخفية، عدا فضيحة مذبحة دير ياسين 1948). ولعل من أهم علائم ضعف نتنياهو، عزلته الدولية التي ستودي به.
لقد أدّت هذه الجرائم طويلة الأمد، التي ارتكبها نتنياهو، وما زال على مدى عشرين شهراً، إلى تدمير سمعة الكيان الصهيوني، خصوصاً، لدى الرأي العام الغربي، الذي غطاه، واعتمد عليه في ارتكاب جريمة احتلال فلسطين. فعندما تتكرّر خلال الأسبوع الفائت، ظاهرة امتناع فنادق ومطاعم في بعض العواصم الغربية، قبول استضافة زبائن (عائلات إسرائيلية) بسبب حرب الإبادة للأطفال الفلسطينيين، فهذا ما يجب أن يُحسب، خطوات على درب نهاية الكيان الصهيوني، فكل "مكسب" يظن نتنياهو أنه يحققه، في ما يرتكب من جرائم، لا يقارن بما سبّبه من سوء سمعة عالمية للكيان الصهيوني.
ولهذا فعلى نتنياهو اليوم الاختيار بين سقوط وسقوط، فغزة مقبرته لا محالة..
المصدر / (عربي 21)
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


معا الاخبارية
منذ 39 دقائق
- معا الاخبارية
منظمة أممية: اعتداءات المستوطنين تسعى لتهجير الفلسطينيين بالضفة
بيت لحم - معا- قال مكتب حقوق الإنسان الأممي بالأراضي الفلسطينية ان مستوطنين شنوا مؤخرا موجة عنف ضد تجمعات بالضفة الغربية. واضاف ان هجمات عدة نفذها مستوطنون بالضفة وغالبا بحضور قوات إسرائيلية. واكد ان وزير إسرائيلي دعا في 15 مايو لتسوية قريتين فلسطينيتين بالأرض. وقال المكتب"قلقون من أن هذه الاعتداءات تهدف إلى تهجير الفلسطينيين قسرا".


شبكة أنباء شفا
منذ 43 دقائق
- شبكة أنباء شفا
بتوجيهات السيد الرئيس محمود عباس ، السفير أشرف دبور يسلم 6 سيارات مجهّزة لأفواج الإطفاء الفلسطينية دعماً للسلامة العامة في المخيمات
شفا – في خطوة نوعية لتعزيز قدرات أفواج الإطفاء الفلسطينية، قدّم سفير دولة فلسطين في لبنان، الأخ أشرف دبور، ستّ سيارات مجهزة بالكامل، منها أربع سيارات إطفاء، وسيارتان مخصصتان لأعمال البحث والإنقاذ، وذلك دعمًا لجهوزية الأفواج في المخيمات الفلسطينية. وقد تم توزيع السيارات على النحو الآتي: في منطقة الجنوب، تسلّمت مخيمات البص، برج الشمالي، وعين الحلوة حصة من الآليات الجديدة، فيما خُصّصت سيارة إطفاء لمخيم شاتيلا في بيروت، وسيارة لمخيم الجليل، وأخرى لمخيم نهر البارد في الشمال. هذا الدعم الكريم يُعدّ خطوة استراتيجية في سبيل تعزيز السلامة العامة داخل المخيمات الفلسطينية ورفع مستوى الجهوزية لمواجهة الطوارئ. وبدورهم عبّر أفواج الإطفاء الفلسطينية عن بالغ شكرها وامتنانهم لسعادة السفير أشرف دبور، الذي يواصل لعب دوره الأبوي والراعي والداعم الأول للمخيمات الفلسطينية، من خلال تلبية احتياجاتهم الضرورية والملحّة.


شبكة أنباء شفا
منذ 43 دقائق
- شبكة أنباء شفا
وزير خارجية الصين يلتقي رئيس مجلس الاقتصاد الوطني الإندونيسي
شفا – اجتمع وزير الخارجية الصيني وانغ يي، مع لوهوت بينسار باندجايتان، رئيس مجلس الاقتصاد الوطني الإندونيسي، في بكين اليوم الثلاثاء. وقال وانغ، وهو أيضا عضو المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، إن هذا العام يوافق الذكرى الـ75 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. وأعرب عن استعداد الصين للعمل مع إندونيسيا لتعميق الثقة السياسية المتبادلة، ودفع التنمية عالية الجودة للمشاريع البارزة مثل، خط سكة حديد جاكرتا-باندونغ فائق السرعة والممر الاقتصادي الإقليمي الشامل، وتعزيز التعاون في مجالات متعددة مثل، المحيطات والمعادن، واستكشاف إمكانات التعاون في المجالات الناشئة. وقال وانغ إن العالم يواجه حاليا تأثير ممارسات الأحادية والتنمر التجاري التي تضر بمصالح مختلف الدول. مضيفا أنه يتعين على الصين وإندونيسيا الحفاظ على الاستقلال، وتوسيع التعاون متبادل المنفعة، وحماية الإنصاف والعدالة. وأضاف أن الصين هنأت إندونيسيا لحصولها على عضوية كاملة في مجموعة بريكس ومستعدة للدعوة بشكل مشترك إلى روح باندونغ مع إندونيسيا، وأعرب عن استعداد الصين لتعزيز التكامل الاقتصادي الإقليمي، ومقاومة الأحادية والنزعات المناهضة للعولمة مع إندونيسيا، والعمل بشكل مشترك لبناء وطن مشترك لمنطقة آسيا-الباسيفيك، والمساهمة في بناء مجتمع مصير مشترك للبشرية. من جانبه، قال لوهوت إن الصداقة بين إندونيسيا والصين لا تزال قوية. وأوضح أن التنمية الاقتصادية في إندونيسيا لا تنفصل عن التعاون متبادل المنفعة مع الصين، مضيفا أن التعاون الثنائي في مجالات التجارة والتمويل ونقل التكنولوجيا وتدريب المواهب حقق نتائج مثمرة، وأن مشاريع بارزة مثل، خط سكة حديد جاكرتا-باندونغ فائق السرعة، عادت بالنفع على شعبي البلدين، وامتد تأثيرها الإيجابي إلى الدول المجاورة. وأعرب عن تطلع بلاده إلى تعزيز التبادلات على جميع المستويات مع الصين، وتوسيع مجالات التعاون، وتعزيز التبادلات الثقافية والشعبية، والدفع من أجل تنمية أكبر لمجتمع مصير مشترك بين إندونيسيا والصين، وتعزيز التضامن والتعاون بين دول الجنوب العالمي بشكل مشترك.