logo
ملتقى الأزهر للقضايا الإسلامية: القرآن روح الأمة وسر عودتها ودونه تتيه في دروب الضياع

ملتقى الأزهر للقضايا الإسلامية: القرآن روح الأمة وسر عودتها ودونه تتيه في دروب الضياع

24 القاهرة٠٥-٠٣-٢٠٢٥

عقد الجامع الأزهر، مساء اليوم الأربعاء عقب صلاة التراويح، ملتقى الأزهر للقضايا الإسلامية، تحت عنوان القرآن عطاء متجدد، بحضور الدكتور مجد عبد الغفار، أستاذ العقيدة والفلسفة بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر، والدكتور حسين مجاهد، أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون، وعضو لجنة الفتوى الرئيسة بالجامع الأزهر، وأدار الملتقى الدكتور مصطفى شيشي، مدير إدارة شؤون الأروقة بالجامع الأزهر.
استهل الدكتور مجد عبد الغفار حديثه بالتأكيد على أن القرآن هو روح هذه الأمة، وهو سر نهضتها وتقدمها، وبدونه تفقد الأمة بوصلتها وتتيه في دروب الضياع. فالقرآن لم يكن يومًا مجرد كتابٍ للبركة، وإنما هو منهج حياة، ومصدر فكرٍ، ودستورٌ شاملٌ لكل ما يحتاجه الإنسان في دنياه وآخرته. ولكن، مع الأسف، باتت العلاقة مع القرآن عند كثيرٍ من الناس تقتصر على التلاوة دون التدبر، وعلى الحفظ دون الفهم، حتى أصبحنا أمةً هجرت مصدر قوتها. لقد نزلت أول آيةٍ في الإسلام بأمرٍ واضحٍ "اقرأ"، لكن السؤال الذي يجب أن نطرحه على أنفسنا اليوم: كم من المسلمين يقرأون قراءة وعيٍ وتدبرٍ؟ وكم منهم يجعلون القرآن منهجًا يوجه حياتهم؟
وأجاب الدكتور عبد الغفار بأن القرآن لا يطلب منا مجرد ترديد ألفاظه، بل يطلب أن نعيه بعقولنا، ونتفاعل معه بقلوبنا، ونعمل به في سلوكنا. والقرآن نفسه يعاتب الذين لا يتدبرونه، فيقول الله تعالى: "أفلا يتدبرون القرآن"، فالتدبر ليس خيارًا، بل هو جزءٌ من المنهج القرآني في التعامل مع هذا الكتاب العظيم. ولهذا فإن الأمة التي تريد أن تنهض من جديد، لا بد لها من أن تجعل القرآن قائدها في الفكر والعمل، وأن تستلهم منه مبادئها الكبرى، وقيمها الحضارية. فهو كتابٌ جاء ليحكم الحياة، وليكون النور الذي يضيء طريق الإنسانية، فلا ينبغي أن نحصره في حدود الشعائر دون أن يمتد إلى واقعنا الاجتماعي والاقتصادي والسياسي.
ملتقى الأزهر للقضايا الإسلامية: القرآن سبيل الأمة للنهوض من جديد وهو تشريع رباني لكل عصر ومصر
ثم تناول الدكتور حسين مجاهد الحديث عن الجانب التشريعي في القرآن، مشيرًا إلى أن القرآن الكريم هو الدليل القاطع على أنه كتابٌ معجز، والبرهان الواضح على أنه تنزيلٌ من حكيمٍ حميد. ولمَ لا؟ وهو كلام الله الذي قال عن نفسه: ومن أصدق من الله حديثًا، وما دمنا نتحدث عن عطاء القرآن المتجدد، فلا بد أن نشير إلى عطائه في مجال التشريع، حيث جاء بأحكامٍ ومبادئ صالحةٍ لكل زمانٍ ومكانٍ، لأنه ليس مجرد تشريعٍ وضعيٍّ محدودٍ ببيئةٍ أو مجتمعٍ معين، بل هو تشريعٌ ربانيٌّ يخاطب الإنسان في كل عصرٍ وفي كل ظرفٍ.
وأضاف الدكتور مجاهد أن القرآن الكريم سبق النظم القانونية الحديثة بقرونٍ طويلةٍ في وضع القواعد الأساسية للعدالة، والحقوق، والمساواة، وهو ما أذهل كثيرًا من المفكرين الغربيين. فقد ذكر أحد كبار أساتذة القانون في جامعة فيينا أن البشرية تفخر بأن فيها رجلًا كمحمدٍ ﷺ، إذ استطاع وهو الأمي أن يأتي بتشريعٍ سنكون نحن الأوروبيين أسعد ما نكون إذا بلغنا قمته بعد ألف عامٍ!". وهذا دليلٌ واضحٌ على أن التشريع الإسلامي ليس قاصرًا على زمنٍ معين، بل هو متجددٌ في عطائه، قادرٌ على استيعاب المستجدات، وحل المشكلات التي تعترض المجتمعات البشرية.
ملتقى الأزهر للقضايا الإسلامية: القرآن لم يترك جانبًا من جوانب الحياة إلا وتعرض له بأسلوبٍ محكمٍ
واختتم الدكتور مصطفى شيشي الملتقى بالتأكيد على أن القرآن الكريم ليس مجرد كتابٍ للقراءة والتلاوة، بل هو مصدر الهداية والنور. فمن تدبره وجده بحرًا لا ساحل له، ومعينًا لا ينضب، لأن معانيه تتجدد بتجدد العصور، وعطاؤه مستمرٌ لمن أراد أن يغترف منه. فمن يقرأ القرآن بعقلٍ واعٍ، يجد فيه حلولًا لكل القضايا، سواءً كانت دينيةً أو اجتماعيةً أو اقتصاديةً أو علميةً. فالقرآن لم يترك جانبًا من جوانب الحياة إلا وتعرض له بأسلوبٍ محكمٍ، وبمنهجيةٍ تجعل الإنسان قادرًا على استلهام العبر، والتعرف على السنن الإلهية في الكون والحياة. ولهذا، فإن أعظم ما يمكن أن يقوم به المسلم في حياته هو أن يجعل القرآن دليله في السير، ونوره في الظلمات، وسنده في الأزمات، فبه يسعد في دنياه وآخرته، وبه يرتقي في مدارج الفهم والعلم، ليكون كما أراده الله "خير أمةٍ أخرجت للناس".
درس التراويح بالجامع الأزهر: الصيام عبادة تتجاوز حدود الامتناع عن المفطرات إلى تربية النفس وإصلاح القلب
بروايات ابن جماز والسوسي وابن ذكوان.. الجامع الأزهر يقيم التراويح بحضور آلاف المصلين في الليلة السادسة من رمضان
شيخ الأزهر: اسم الله الودود ورد بمشتقاته في القرآن الكريم أكثر من 30 موضعًا
أين نجد اسم الودود ومشتقاته في القرآن الكريم والسنة؟.. شيخ الأزهر يجيب

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مواقيت الصلاة، موعد أذان العشاء اليوم الجمعة 23 - 5 - 2025 في القاهرة والمحافظات
مواقيت الصلاة، موعد أذان العشاء اليوم الجمعة 23 - 5 - 2025 في القاهرة والمحافظات

فيتو

timeمنذ 35 دقائق

  • فيتو

مواقيت الصلاة، موعد أذان العشاء اليوم الجمعة 23 - 5 - 2025 في القاهرة والمحافظات

مواقيت الصلاة اليوم، من أهمية صلاة الجماعة وعظم فضلها أن النبى صلى الله عليه وسلم رغب فى أداء الصلاة فى جماعة ولا سيما صلاة الفجر وصلاة العشاء: عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله ". فضل الصلاة، وعن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إنّ أثقل صلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا. قال الإمام ابن دقيق العيد رحمه الله: خصت العشاء والفجر لأحد أمرين: إما لأنهما في الظلام والمنافق إنما يرائي الناس في الصلاة، كما قال تعالى: { وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ } [النساء:142] مواقيت الصلاة بتوقيت المحافظات، فيتو مواقيت الصلاة والأذان فرض كفاية على الرجال إذا قام به البعض سقط عن الباقين، وللأذان أهمية عظيمة فى إظهار الشعائر الإسلامية وحث المصلين على عمارة المساجد فى الأوقات الخمسة. مواقيت الصلاة اليوم بالقاهرة والمحافظات موعد أذان العشاء اليوم وفقًا للتوقيت المحلي لمدينتي القاهرة والإسكندرية وكذلك،مواقيت الصلاة، لعدد من مدن ومحافظات الجمهورية موعد أذان العشاء بالقاهرة العشاء: 9:17 موعد أذان العشاء بالإسكندرية العشاء: 9:26 موعد أذان العشاء بأسوان العشاء: 8:50 مواقيت الصلاة اليوم والأذان فرض كفاية على الرجال إذا قام به البعض سقط عن الباقين، وللأذان أهمية عظيمة فى إظهار الشعائر الإسلامية وحث المصلين على عمارة المساجد فى الأوقات الخمسة. وفيما يلي مواقيت الصلاة، لعدد من مدن ومحافظات الجمهورية من واقع بيانات الهيئة العامة للمساحة القاهرة: • الفجر: 4:16 ص • الظهر: 12:52 م • العصر: 4:28 م • المغرب: 7:47 م • العشاء: 9:17 م الإسكندرية: • الفجر: 4:16 ص • الظهر: 12:57 م • العصر: 4:36 م • المغرب: 7:54 م • العشاء: 9:26 م أسوان: • الفجر: 4:30 ص • الظهر: 12:45 م • العصر: 4:07 م • المغرب: 7:28 م • العشاء: 8:50 م الإسماعيلية: • الفجر: 4:10 ص • الظهر: 12:48 م • العصر: 4:26 م • المغرب: 7:44 م • العشاء: 9:15 م وجاءت باقي مدن الجمهورية كالتالي: الصلاة تُعلّم المسلم الأمانة والمسؤولية. عندما يُحافظ المسلم على صلاته، فإنه يُظهر مدى التزامه بأمانة العبادة التي كلفه الله بها، فـ الصلاة أمانة في عنق كل مسلم، وحفظها يدل على صدق إيمانه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أول ما يُحاسب عليه العبد يوم القيامة الصلاة، فإن صلحت صلح سائر عمله، وإن فسدت فسد سائر عمله". الصلاة إذن هي مفتاح صلاح الأعمال كلها. والصلاة تُقوّي إرادة المسلم وتُعوّده على الصبر والتحمل. عندما يُقيم المسلم صلاته في أوقاتها، حتى في أصعب الظروف، فإنه يتعلم كيف يتغلب على الكسل والضعف. الصلاة تُذكّر المسلم بأن الحياة ليست فقط ملذات وراحة، بل هي أيضًا جهاد وتعب من أجل الفوز برضا الله. هذا الجهاد يُقوّي شخصية المسلم ويجعله أكثر قدرة على مواجهة التحديات. ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

دعاء الصباح اليوم الجمعة 23-5-2025.. أدعية مستحبة اليوم
دعاء الصباح اليوم الجمعة 23-5-2025.. أدعية مستحبة اليوم

الدستور

timeمنذ ساعة واحدة

  • الدستور

دعاء الصباح اليوم الجمعة 23-5-2025.. أدعية مستحبة اليوم

يحرص المواطنون على معرفة دعاء الصباح اليوم الجمعة 23-5-2025 وأدعية مستحبة اليوم، حيث يبدأ المسلم يومه بذكر الله والتوكل عليه، ما يعزز الإيمان ويزيد من الطمأنينة والسكينة في القلب. دعاء الصباح اليوم الجمعة 23-5-2025.. أدعية مستحبة اليوم وتستعرض "الدستور" في هذا التقرير دعاء الصباح اليوم الجمعة، وهو دعاء جامع يمكن ترديده بعد صلاة الفجر أو في بداية يوم الجمعة، لتستفتح به يومك بالبركة والرضا. دعاء الصباح اليوم الجمعة اللهم في هذا الصباح المبارك من يوم الجمعة، ارزقني سعة في الرزق، وصحة في الجسد، ونورًا في القلب، وصفاءً في النفس، وبركةً في العمر، ورضًا منك يا أرحم الراحمين. اللهم اجعل هذا اليوم جمعة خير، اكتب لي فيه من الخيرات فوق ما أرجو، واصرف عني فيه من الشرور ما لا أعلم، واغفر لي ولأهلي ولأحبابي ذنوبنا كلها، ما ظهر منها وما بطن. اللهم اجعل صباح الجمعة بداية لكل فرح ونهاية لكل حزن وهم، واملأ قلوبنا يقينًا بأن ما عندك خيرٌ مما نرجو. اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد، عدد ما ذكره الذاكرون، وغفل عن ذكره الغافلون، واجعل لنا في الصلاة عليه نورًا وبركة ورحمة. أدعية مستحبة اليوم الجمعة 1. اللهم اجعل هذا اليوم يومَ خيرٍ وبركة، واكتب لنا فيه السعادة والرزق والعافية. 2. اللهم إنا نسألك في يوم الجمعة، أن تغفر لنا ذنوبنا، وتيسر لنا أمورنا، وتشرح صدورنا، وتحقق لنا ما نتمنى. 3. اللهم اجعل لنا في هذا اليوم دعوة لا تُرد، ورزقًا لا يُعد، وبابًا للجنة لا يُسد. 4. اللهم ارزقنا من واسع فضلك، واكفنا بحلالك عن حرامك، وأغننا بفضلك عمّن سواك. 5. اللهم في يوم الجمعة اجمع قلوبنا على طاعتك، ولا تجعل الدنيا أكبر همّنا، ووفقنا لما تحبه وترضاه. 6. اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين عدد ما كان وعدد ما سيكون. 7. اللهم يا فارج الهم ويا كاشف الغم، فرج همّنا ويسّر أمرنا، وارزقنا من حيث لا نحتسب. 8. اللهم اجعل لنا في هذا اليوم راحة لكل نفس، وشفاء لكل مريض، ورزقًا لكل محتاج. 9. اللهم في يوم الجمعة اجعل لنا نصيبًا من كل خير تقسمه، وبركة تنزلها، وشفاء تنشره، ورزق تبسطه. ولا تنسَ: • قراءة سورة الكهف • الإكثار من الصلاة على النبي ﷺ • والدعاء في الساعة الأخيرة قبل المغرب، فهي ساعة يُرجى فيها الاستجابة.

"فتراحموا".. موضوع خطبة الجمعة اليوم 23 مايو 2025
"فتراحموا".. موضوع خطبة الجمعة اليوم 23 مايو 2025

الدستور

timeمنذ ساعة واحدة

  • الدستور

"فتراحموا".. موضوع خطبة الجمعة اليوم 23 مايو 2025

حددت وزارة الأوقاف موضوع خطبة الجمعة اليوم 23 مايو 2025 الموافق 25 من ذي القعدي 1446، بعنوان: "فتراحموا". وقالت الوزارة إن الهدف من هذه الخطبة توعية الجمهور بمخاطر وآثار العنف الأسري على الفرد والأسرة والمجتمع، علما بأن الخطبة الثانية تتناول خطورة الوصم الاجتماعي وآثاره السلبية. نص خطبة الجمعة اليوم 23 مايو 2025 فتراحموا الحمد لله رب العالمين، الحمد لله غافر الذنب، وقابل التوب، شديد العقاب، ذي الطول، لا إله إلا هو إليه المصير، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وحبيبه وخليله، صاحب الخلق العظيم، النبي المصطفى الذي أرسله الله تعالى رحمة للعالمين، اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد: فإن الأسرة هي الـمأوى الذي نلجأ إليه من قسوة الحياة، والـملاذ الذي نستمد منه الدفء والحنان، الأسرة هي الروض الندي الذي تنبت فيه بذور المحبة والوئام؛ ولذلك وصفها الله جل جلاله في كتابه العزيز أبلغ وصف؛ فقال سبحانه: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون}. عباد الله، تأملوا معي هذه الآية الكريمة البديعة، والكلمات الربانية العذبة: {لتسكنوا إليها}، أي سكن هذا؟! إنه سكن الروح إلى الروح، واطمئنان النفس إلى النفس، إنه الأمان الذي يواجه به الزوجان تقلبات الحياة وصعوباتها، إنه الحضن الدافئ الذي يمحو تعب النهار، ويكف دمع الليل، ثم يفيض الحق تبارك وتعالى علينا بجمال آخر: {وجعل بينكم مودة ورحمة}، ليستا مجرد كلمتين عابرتين، بل هما عمودا الخيمة التي تقوم عليها سعادة الأسرة واستقرارها، الحب الـمتدفق، والحرص على إدخال السرور على قلب الشريك، الكلمة الطيبة، والابتسامة الصادقة، والهدية الرائقة التي تحمل أصدق المعاني. أيها الناس، املأوا بيوتكم سكنا ومودة ورحمة «وتراحموا»؛ فإن الرحمة التجاوز عن الزلات، وتحمل الأخطاء، والإنصات بقلب مفتوح للشكوى، وتقديم العون والسند في أوقات الضعف، الرحمة هي أن تشعر بألم شريكك كأنه ألـمك، وبفرحه كأنه فرحك، هي أن تكون له لينا في العتاب، رفيقا في الشدة، معينا على نوائب الدهر. عباد الله، «فتراحموا» فكم من بيوت تحولت إلى ساحات للنزاع؟! وكم من قلوب تباعدت بعد أن كانت يوما أقرب ما تكون؟! وكم من أطفال شردت؛ بسبب غياب هذا التراحم الذي أوصى به ديننا الحنيف؟! «فتراحموا» أيها الأزواج، تنازلوا عن بعض الحقوق طواعية، فالصلح خير، تغافلوا عن الصغائر، فالحياة أقصر من أن نقضيها في تتبع العثرات، تبادلوا كلمات الحب والثناء، فالكلمة الطيبة صدقة، ولها في القلب أثر لا يمحى، ولا تنسوا «خيركم خيركم لأهله». أيها الكرام «فتراحموا» في تربية الأبناء، كونوا قدوة حسنة لهم في الاحترام والتقدير الـمتبادل، علموهم لغة الحوار الهادئ، وكيفية الاعتذار عند الخطأ، وكيف يكونون سندا لإخوتهم وأخواتهم، تراحموا في تدبير شؤون المنزل، تقاسموا المسؤوليات بروح الفريق الواحد، فكل منكم له دور لا يقل أهمية عن الآخر في بناء عش الزوجية السعيد. أيها النبلاء، «فتراحموا» فإن العنف الأسري آفة تهدد نسيج مجتمعنا، وتؤثر سلبا على تربية أبنائنا، وعلى استقرار أسرنا، وعلى تقدم أمتنا، فكم من طفل نشأ في بيئة عنيفة فأصبح معقدا نفسيا، أو جانحا منحرفا؟! وكم من امرأة عاشت عمرها في خوف وقلق، تحمل في قلبها جروحا لا تندمل؟! وكم من أسرة تفككت وتشتت بسبب هذه الظاهرة الـمشينة؟! فديننا الإسلامي العظيم يدعونا إلى التراحم والإكرام، إلى العدل والإحسان، إلى القول اللين والفعل الطيب، قال الله جل جلاله: {وقولوا للناس حسنا}، فكيف يليق بنا بعد ذلك أن نتعامل مع أقرب الناس إلينا بالقسوة والعنف؟ أيها المكرمون، فلنجعل من بيوتنا واحات من المودة والرحمة، وحدائق غناء بالحب والإحسان؛ لنزرع في القلوب بذور السعادة والاطمئنان، ولنحصد ثمرا طيبـا في الدنيا والاخرة. *** الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فإن الوصم الاجتماعي سم قاتل يفتك بالقلوب الضعيفة، ويدفع الـمتعافين إلى الانتكاس، ويحبط التائبين، أيها الكرام، لنكن سندا وعونا لإخواننا، لا عبئا عليهم، لنمد إليهم يد العون والمحبة، لا يد الشماتة والنبذ، ولننظر إليهم بعين الرحمة والإنسانية، لا بعين الخوف والاشمئزاز، فكلنا خطاء، وخير الخطائين التوابون! فيا من تصمون الناس بألقاب رديئة، (مريض نفسي، مدمن...) تأملوا هذا النهي الإلهي البالغ الأكيد: {ولا تنابزوا بالألقاب}. ويا من ابتليت بمرض نفسي أبشر، واعلم أن المرض ابتلاء واختبار، فكم من نبي مسه الضر فصبر واحتسب فكانت له العاقبة خيرا، لا تجعل نظرة نابية، أو كلمة جارحة تهز ثقتك بنفسك، أنت لست وصمة عار، بل أنت إنسان لك حق العيش بكرامة وتقدير واحترام. ويا أيها الـمتعافي من الإدمان، يا من انتفضت من براثن الظلام، وكسرت قيود الوهم، لا تلتفت إلى الوراء، ولا تدع شبح الماضي يخيم على حاضرك ومستقبلك، واعلم أيها الحبيب أن التوبة الصادقة تمحو ما قبلها، وأن الله جل جلاله يفرح بتوبة عبده؛ فاثبت على طريق الاستقامة، واجعل من تجربتك نورا يهدي التائهين! ويا كل من أفاق من غفلته، ونبذ جرائمه، أراك مهموما، مكبلا بنظرات الشفقة الممزوجة بالريبة، أراك تتوارى خجلا، تخشى أن تكشف عن جرحك الذي بدأ يلتئم، لا تيأس، قف على باب الكريم الأكرم، أصلح ما بينك وبينه يصلح الله ما بينك وبين الناس، ثم يوضع لك القبول، ويكفيك هذا النداء الإلهي المداوي لحالك «يا جبريل، إني أحب فلانا فأحبه». اللهم طهر نفوسنا، واجعلنا عونا لإخواننا على نوائب الدهر، برحمتك يا أرحم الراحمين.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store