
أخبار العالم : الرجال أيضاً ضحايا العنف الأسري.. لماذا يصمتون؟
الجمعة 30 مايو 2025 11:00 مساءً
نافذة على العالم - صدر الصورة، Getty Images
Article information Author, شذى فيصل
Role, بي بي سي عربي
30 مايو/ أيار 2025، 12:28 GMT
آخر تحديث قبل 3 ساعة
"كانت تلاحقني إلى مقر عملي وتصرخ أمام زملائي مستخدمة ألفاظاً نابية، كما كانت تصرخ في وجهي في الشارع أمام الناس وطفلتي، حتى وصل بها الأمر إلى ضربي".
نقلت الجمعية التونسية للنهوض بالأسرة لبي بي سي رواية رجل تعرض للعنف المنزلي لمدة عامين. وليد، وهو اسم مستعار لأحد الضحايا، تحدث عن الاعتداءات التي تعرض لها من زوجته السابقة.
قال وليد، وفقاً لما نقلته الجمعية، إن زوجته كانت تتعمد ضربه في وجهه لترك آثار واضحة، لافتاً إلى أن زوجته "كانت تستفزه وتفتعل المشاكل معه لأتفه الأسباب"، مشيراً إلى أنه كان يحاول تجنّب الرد على اعتداءاتها ويفضل الابتعاد عنها بالنوم خارج المنزل، هرباً من المواجهات اليومية.
رغم استمرار العنف، واصل وليد العيش مع زوجته لمدة عامين بدافع ارتباطه العاطفي العميق بابنته، التي حُرم من رؤيتها بعد الطلاق في عام 2014، رغم صدور حكم قضائي يمنحه حق الزيارة والمرافقة. وأوضح أن طليقته لم تلتزم بتنفيذ الحكم، مما دفعه إلى رفع ثلاث شكاوى ضدها.
عند الحديث عن العنف الأسري، غالباً ما ينصبّ التركيز على النساء والأطفال كضحايا، في حين يُغفل في كثير من الأحيان أن الرجال قد يكونون أيضاً من بين المعرضين لهذا النوع من العنف.
يؤكد الدكتور المصري وليد هندي، استشاري الصحة النفسية أن العنف لا يقتصرعلى النساء، بل يتعرض له الرجال أيضاً، بأشكال مختلفة مثل الجسدي والنفسي والجنسي.
بحسب دراسة أُجريت عام 2022 في جامعة مستغانم بالجزائر بعنوان "تمثيلات النساء العاملات حول عنف الزوجة ضد الزوج"، وشملت العينة من 53 امرأة تتراوح أعمارهن بين 20 و49 عاماً، أظهرت أن العنف الزوجي الموجه ضد الرجال موجود رغم أن ذلك قد يبدو غريباً في مجتمعات يصفها البعض بالذكورية.
"الدراسات المتعلقة بالعنف الأسري أشارت إلى تعرض حوالي 40 في المئة من الرجال في الدول العربية للتعنيف من زوجاتهم في الأعوام الأخيرة".
ويصل هذا العنف الممارس ضد الرجال إلى حد التعذيب النفسي كالحرمان من رؤية الأطفال، والامتناع عن المعاشرة الزوجية، أو الطرد من المنزل، وأحياناً يصل إلى الحبس بسبب قضايا النفقة، بحسب الدراسة.
توضح الدراسة أن العنف ضد الأزواج منتشر لكنه يبقى خفياً في المجتمع الجزائري بسبب البنية الاجتماعية الذكورية التي تحد من الإبلاغ، كما تشير إلى أن ارتفاع مستوى ثقافة ودخل الزوجة قد يؤدي إلى ممارستها هيمنة داخل الأسرة تسبب صراعات في توزيع الأدوار.
النسب الحقيقية قد تكون أكبر بكثير
أجريت دراسة في جامعة المنصورة عام 2017 بعنوان "العنف ضد الأزواج" تناولت أحد أنماط العنف داخل الحياة الزوجية. اختيرت مدينة بنها، عاصمة محافظة القليوبية، كميدان للبحث، واستمرت الدراسة لمدة ستة أشهر.
ركزت الدراسة على إبراز ظاهرة العنف الموجه ضد الزوج داخل إطار العلاقة الزوجية، وأكدت وجود هذه الظاهرة في المجتمع، موضحة أنها تظهر في الغالب كعنف معنوي ولفظي، أكثر من كونها جسدية أو مادية.
توصلت الدراسة إلى أن العنف ضد الزوج لا ينشأ بشكل عشوائي، بل يرتبط بتداخل عوامل اقتصادية واجتماعية وثقافية تؤثر في ظهوره بدرجات متفاوتة. كما أوضحت أن صعوبة رصد الظاهرة بدقة تعود إلى غياب التوثيق الرسمي، حيث تبقى الإحصاءات غير مكتملة ما لم تُسجَّل الحالات لدى الجهات الأمنية أو تُرفع كدعاوى في المحاكم.
ويشير الهندي إلى أن بعض النساء يتأثرن بمفاهيم خاطئة حول صراع القوة وفرض السيطرة على الرجل، والتي قد تنشأ في بيئات عنيفة، ما يؤدي إلى تكرار هذا السلوك. كما لفت إلى أن تعاطي المخدرات والمهدئات بكثرة بين الزوجات يعكس مستويات مرتفعة من العصبية والعنف.
ويرجع هذا العنف بحسب الهندي، إلى عدة أسباب منها التعرض للخيانة الزوجية، بالإضافة إلى ضغوط العمل الشاقة التي تواجهها المرأة، مما يدفعها لممارسة العنف ضد الرجل.
في تونس، امرأة واحدة من بين كل عشر نساء تقوم بتعنيف زوجها، وفق توفيق العياري، رئيس الجمعية التونسية للنهوض بالأسرة، إذ أوضح في حديثه لبي بي سي أن هذه النسب قد تكون أكبر بكثير، نظراً لأن الجمعية تتلقى العديد من الشكاوى المرتبطة بالعنف بشكل مباشر.
وبحسب الجمعية التونسية تعود أسباب العنف أساساً إلى التشريعات التي تقدمت أشواطاً في الدفاع عن حقوق المرأة، مما جعل الرجل عرضة لمتابعات قضائية جادة بمجرد شكوى، مع استغلال بعض الثغرات القانونية في قضايا قانونية.
معظم الحالات التي ترد إلى الجمعية التونسية تتعلق برجال مهددين بالسجن بسبب تعذرهم عن دفع النفقة وتراكم المبالغ المستحقة عليهم، ما يجعلهم عرضة في أي لحظة لدخول السجن. في مثل هذه الظروف، يجد الرجل نفسه في موقف ضعف، بينما تصبح المرأة في موقع قوة تمارس عليه مختلف أشكال الضغط والعنف، ليجد نفسه أمام خيارين: إما الخضوع والقبول، أو مواجهة السجن.
ظاهرة حقيقية يصعب الاعتراف بها
صدر الصورة، Getty Images
يؤكد العياري أن العنف ضد النساء هو ظاهرة أكثر انتشاراً على مستوى العالم، إلا أن العنف ضد الرجال يُعتبر قضية مسكوتاً عنها في كثير من الأحيان. ويعود ذلك، إلى أن الرجل خاصة في المجتمع العربي، يرفض عادة الإفصاح عن تعرضه للعنف من المرأة، وخصوصاً العنف من الزوجة، بسبب اعتبارات تتعلق بالكرامة.
يشير العياري إلى أن تعنيف الرجل في تونس لم يصل لأزمة مجتمعية بعد، بسبب حجم الحالات المسكوت عنها، التي تفوق ما هو مُعلن.
بينما يرى الهندي أنه في مصر، كانت حالات عنف المرأة ضد الزوج تُعد في السابق فردية واستثنائية، حين تُظهر الزوجة نوعاً من التسلط أو القوة. لكن اليوم، أصبحت هذه الحالات تمثل ظاهرة حقيقية، حيث تلجأ بعض النساء إلى العنف كوسيلة لمواجهة ما يعتبرنه هيمنة الرجل.
يؤكد الهندي أن أنماط هذا العنف شديدة القسوة، حيث تتنوع بين التسميم، والخنق، والحرق، والقتل بمساعدة عشيق، واستخدام أدوات حادة مثل السكاكين أو إذابة الجسد بمواد كاوية.
في حين، لوحظ في السنوات الأخيرة تزايد حالات العنف ضد المرأة في تونس بالإضافة إلى ارتفاع حوادث قتل النساء نتيجة العنف المضاد، بحسب العياري، حيث يشعر الرجل بالظلم والقهر، مما يدفعه للرد بعنف. هذه الظاهرة أصبحت كارثة تؤثر سلباً على الأسرة التونسية والمجتمع بأسره، كما يقول.
صدر الصورة، Getty Images
يقترح الهندي عدة حلول للحد من العنف الأسري، أبرزها ضرورة حسن اختيار شريك الحياة، ونشر القيم الأسرية الإيجابية عبر المناهج التعليمية منذ الطفولة. كما يدعو إلى التوسع في إنشاء مكاتب تأهيل المقبلين على الزواج لتدريبهم على أساليب التعامل السليم، إلى جانب تعزيز دور مكاتب فض المنازعات، على أن تضم فرقاً متخصصة من أخصائيين اجتماعيين ونفسيين، بالإضافة إلى نخبة من رجال الدين.
وترى الجمعية التونسية أن هناك تشريعات لم تعد تواكب الواقع الحالي، فهي "قديمة وبالية"، ويُعد الوقت مناسباً لإعادة النظر فيها، خاصة ما يتعلق منها بقوانين الحضانة والنفقة وغيرها من الجوانب المرتبطة بالأسرة.
عنف في المملكة المتحدة أيضاً: إحصائيات مقلقة
صدر الصورة، Getty Images
تتصاعد الأرقام الصادمة حول العنف الأسري الذي يتعرض له الرجال ففي المملكة المتحدة، تكشف بيانات حديثة عن حجم المعاناة التي يعيشها الضحايا الذكور.
وفقاً لمنظمة "مان كايند"، وهي جمعية خيرية متخصصة في دعم الرجال ضحايا العنف الأسري في المملكة المتحدة، فإن بيانات المكتب الوطني للإحصاء تشير إلى أن 6.5٪ من الضحايا الذكور (مقابل 2.8٪ من الإناث) فكّروا في الانتحار نتيجة إساءة المعاملة من الشريك خلال عام 2022/2023.
كما سجلت الفترة من أبريل/ نيسان 2020 إلى مارس/ آذار 2023 مقتل 40 رجلاً في جرائم عنف منزلي ارتكبها شركاء أو شركاء سابقون، 33 منها كانت على يد نساء، و7 على يد رجال.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


مصراوي
منذ 2 ساعات
- مصراوي
القبض على شخص في مطار مومباي بحوزته 47 أفعى سامة
(بي بي سي) ألقت السلطات الهندية القبض على شخص بحوزته عشرات الزواحف النادرة، بينها عدد من الأفاعي السامة، بعد أن حاول إدخالها إلى البلاد، بطريقة غير قانونية. وكان المواطن الهندي عائداً من تايلاند، عندما أوقفته الجمارك الأحد في مطار مومباي. وقال مسؤولون إن الزواحف، بينها 47 أفعى سامة، كانت مخبأة في حقائب الرجل. واحتجزت كلها بموجب قوانين حماية الحياة البرية، المعمول بها في الهند. ولم تكشف الشرطة عن اسم المشتبه فيه، الذي لا يزال رهن الاعتقال، ولم يتسن له التعليق على القضية. ونشر مسؤولون في الجمارك صوراً على منصة اكس، لعدد من الأفاعي الملونة في صحن. ويقول المنشور إنهم احتجزوا ثلاثة أفاعي قرناء عنكبوتية الذنب، وخمس سلاحف آسيوية، و44 من أفاعي الحفر، بحوزة أحد المسافرين. ولم يتضح من أين جاءت هذه الزواحف. ولا تمنع الحكومة الهندية استيراد الحيوانات، ولكن قوانين حماية الحياة البرية في البلاد تحظر دخول أنواع معنية، بينها المهددة بالانقراض، أو المحمية من قبل الحكومة. ويتعين على المسافر أيضاً أن يحصل على ترخيص استيراد حيوانات البراري. واعتادت الجمارك احتجاز حيوانات البراري المحظورة بحوزة مسافرين يحاولون إدخالها إلى البلاد بطريقة غير قانونية. ففي يناير/ كانون الثاني، اعتقلت السلطات الهندية رجلاً كندياً في مطار دلهي، يحمل جمجمة تمساح في أمتعته. وفي الشهر التالي، أوقفت سلطات مطار مومباي مسافراً يحمل خمسة من قردة السيامنغ الصغيرة التي تعيش في غابات أندونيسيا وماليزيا وتايلاند. وكانت القردة، المهددة بالانقراض وفق الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، في صندوق بلاستيكي، داخل حقيبة المسافر. وفي نوفمبر/ كانون الثاني، أوقف أعوان الجمارك مسافرين اثنين عائدين من بانكوك، يحملان 12 سلحفاة غريبة. وفي 2019، احتجز المسؤولون في مطار تشيناي أفعى حفر قرناء، و5 سحليات، و4 سحليات زرقاء اللسان، و3 ضفادع شجر خضراء، و22 سلحفاة مصرية، كانت كلها بحوزة رجل قادم من تايلاند.


نافذة على العالم
منذ 6 ساعات
- نافذة على العالم
أخبار العالم : القبض على شخص، في مطار مومباي، بحوزته 47 أفعى سامة
الثلاثاء 3 يونيو 2025 05:00 صباحاً نافذة على العالم - صدر الصورة، Mumbai Customs-III/X التعليق على الصورة، ضبطت السلطات أفاعي قرنية ذات ذيل عنكبوتي وسلاحف ورقية آسيوية وأفاعي حفر إندونيسية من ركاب السفينة. Article information Author, شيريلان مولان Role, بي بي سي، مومباي قبل 13 دقيقة ألقت السلطات الهندية القبض على شخص بحوزته عشرات الزواحف النادرة، بينها عدد من الأفاعي السامة، بعد أن حاول إدخالها إلى البلاد، بطريقة غير قانونية. وكان المواطن الهندي عائداً من تايلاند، عندما أوقفته الجمارك الأحد في مطار مومباي. وقال مسؤولون إن الزواحف، بينها 47 أفعى سامة، كانت مخبأة في حقائب الرجل. واحتجزت كلها بموجب قوانين حماية الحياة البرية، المعمول بها في الهند. ولم تكشف الشرطة عن اسم المشتبه فيه، الذي لا يزال رهن الاعتقال، ولم يتسن له التعليق على القضية. ونشر مسؤولون في الجمارك صوراً على منصة اكس، لعدد من الأفاعي الملونة في صحن. ويقول المنشور إنهم احتجزوا ثلاثة أفاعي قرناء عنكبوتية الذنب، وخمس سلاحف آسيوية، و44 من أفاعي الحفر، بحوزة أحد المسافرين. ولم يتضح من أين جاءت هذه الزواحف. ولا تمنع الحكومة الهندية استيراد الحيوانات، ولكن قوانين حماية الحياة البرية في البلاد تحظر دخول أنواع معنية، بينها المهددة بالانقراض، أو المحمية من قبل الحكومة. ويتعين على المسافر أيضاً أن يحصل على ترخيص استيراد حيوانات البراري. واعتادت الجمارك احتجاز حيوانات البراري المحظورة بحوزة مسافرين يحاولون إدخالها إلى البلاد بطريقة غير قانونية. ففي يناير/ كانون الثاني، اعتقلت السلطات الهندية رجلاً كندياً في مطار دلهي، يحمل جمجمة تمساح في أمتعته. وفي الشهر التالي، أوقفت سلطات مطار مومباي مسافراً يحمل خمسة من قردة السيامنغ الصغيرة التي تعيش في غابات أندونيسيا وماليزيا وتايلاند. وكانت القردة، المهددة بالانقراض وفق الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، في صندوق بلاستيكي، داخل حقيبة المسافر. وفي نوفمبر/ كانون الثاني، أوقف أعوان الجمارك مسافرين اثنين عائدين من بانكوك، يحملان 12 سلحفاة غريبة.


نافذة على العالم
منذ 6 ساعات
- نافذة على العالم
أخبار العالم : ملفات سرية للمخابرات السورية تؤكد أن الصحفي الأمريكي المفقود كان مسجوناً لدى نظام الأسد
الثلاثاء 3 يونيو 2025 05:00 صباحاً نافذة على العالم - صدر الصورة، Getty Images التعليق على الصورة، أوستن تايس، اختفى في مكان قريب من دمشق في أغسطس/آب 2012 Article information Author, جوش بيكر و سارة عبيدات – من دمشق، وسيمون مايبين – من لندن Role, 2 يونيو/ حزيران 2025 آخر تحديث قبل 8 ساعة أكّدت ملفات استخباراتية سريّة للغاية، اطّلعتْ عليها بي بي سي، أن الصحفي الأمريكي المفقود أوستن تايس كان مسجوناً من قِبَل نظام بشار الأسد، وهو ما أكّده أيضا مسؤولون سوريون سابقون. وكانت الحكومة الأمريكية قد صرحت بأنها تعتقد أنّ تايس خضع للاحتجاز بأيدي نظام الأسد، لكن هذا النظام -المخلوع حاليا- كان ينفي ذلك دائماً، ولم يكنْ هناك شيء معلوم بشأن ظروف احتجاز تايس. أمّا الآن، فقد بات معلوماً ما حدث للصحفي تايس بعد اختطافه، لا سيما بعد الاطّلاع على الملفّات الاستخباراتية – فضلاً عن شهادة العديد من مسؤولي النظام السابق في سوريا. وكان أوستن تايس قد اختفى في مكان قريب من العاصمة السورية دمشق، في أغسطس/آب 2012، بعد أيام معدودة من عيد ميلاده الحادي والثلاثين. وكان تايس يعمل صحفيا حُرّاً. وبعد مرور سبعة أسابيع، ظهر تايس في مقطع فيديو عبر الإنترنت معصوبَ العينين ومقيّدَ اليدين، حيث أُجبِرَ على إعلان إسلامه بين أيدي رجال مسلّحين. على أن الانطباع الذي ساد هو أنّ أوستن تايس تعرّض للاختطاف بأيدي جماعة جهادية، وسرعان ما رأى محللون ومسؤولون أمريكيون أن المشهد "جرى إعداده وتمثيله". ولم تعلن جماعة أو حكومة مسؤوليتها عن اختفاء الصحفي تايس، ولم يُعلَم عنه شيء منذ ذلك الحين، ما غذّى التكهُّنات بخصوص مكان وجوده. وجاء اطّلاع بي بي سي على الملفّات الاستخباراتية في إطار تحقيق صحفيّ مستمر بدأ العمل فيه قبل عام. وتُعَدّ الملفات الاستخباراتية أوّل دليل يظهر على السطح بخصوص احتجاز الصحفي تايس في سوريا، منذ بدأت جهود البحث عنه بعد سقوط نظام الأسد مطلع ديسمبر/كانون الأول 2024. وتتألّف الملفّات الموسومة باسم "أوستن تايس" من رسائل ومحادثات قامت بها أفرُعٌ مختلفة تابعة لجهاز الاستخبارات السورية. وتحققتْ بي بي سي من أنّ هذه الملفّات أصلية. "سرّي للغاية" وأظهرتْ رسالة موسومة بعبارة "سرّي للغاية" أنّ الصحفي تايس كان معتقلاً في مركز للاحتجاز بالعاصمة السورية دمشق في عام 2012. وأكدت مصادر إضافية أن مكان الاحتجاز كان "سجن الطاحونة"، كما أكّد ضابط كبير في الاستخبارات السورية أنّ الصحفي تايس كان محتجزاً في دمشق بأيدي مجموعة شبه عسكرية. وأصرّ نظام الأسد على إنكار أيّ معرفة له بمكان وجود تايس، وكشف تحقيق بي بي سي كذب هذا النظام. وخلص التحقيق إلى أن أوستن تايس كان قد أُلقي القبض عليه في منطقة داريا القريبة من دمشق، قبل أن تحتجزه جماعة شبه عسكرية تُدعى "قوات الدفاع الوطني" وهي معروفة بولائها للرئيس السوري المخلوع بشار الأسد. وأكد مسؤول سوري لبي بي سي، أن الصحفي تايس ظلّ بأيدي هذه المجموعة حتى فبراير/شباط 2013 على أقلّ تقدير. وفي ذلك الوقت، عانى أوستن تايس من متاعب في المَعدة، وتلقّى علاجاً مرّتين على الأقل على يد طبيب. وتُظهر تحاليل الدم أن تايس كان يعاني من عدوى فيروسية في ذلك الوقت. وقال رجل، زارَ مقرّ احتجاز تايس، لبي بي سي، إنّ إدارة السجن كانت مهتمة بعلاج الصحفي الأمريكي أكثر من بقية المحتجزين، ومع ذلك فقد بدا (تايس) حزيناً، وفارقتْ البسمةُ وجهَه. "ورقة تفاوُض" صدر الصورة، Reuters التعليق على الصورة، ديبرا، والدة أوستن تايس، التقتْ رئيس المرحلة المؤقتة السورية أحمد الشرع في وقت سابق من العام الجاري وبشكل منفصل، قال عضو في "قوات الدفاع الوطني" -على اطلّاع وثيق بظروف احتجاز الصحفي تايس- إن "قيمة أوستن كانت معروفة". وأضاف لبي بي سي: "كان مفهوماً أنّ تايس 'ورقة' يمكن استخدامها في مفاوضات دبلوماسية مع الولايات المتحدة". وأفادت تقارير بأن تايس حاول الهرب من مكان احتجازه، بالتسلُّل عبر نافذة في المكان، لكن تمّ الإمساك به مجددا. كما تفيد التقارير بأن الصحفي تايس خضع للاستجواب مرّتين على الأقلّ على يد ضابط في الاستخبارات السورية، وأن هذا جرى خلال الفترة ما بين 2012 و2013. وعندما تمّتْ الإطاحة بنظام الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2014، قال الرئيس الأمريكي آنذاك، جو بايدن، إنه يعتقد أن تايس لا يزال على قيد الحياة. وقبل ذلك بيومين، قالت والدته ديبرا تايس إنّ "مصدراً مُهمّاً" أكّد أنّ ابنها كان لا يزال حياً وأنه "يتلقى معاملة جيّدة". لكن، عندما أُخليتْ السجون بعد سقوط نظام الأسد، لم يظهر أيّ أثر لأوستن تايس على الإطلاق، كما أنّ مكان وجوده لا يزال غير معلوم. وتعلَم عائلة تايس بوجود هذه الملفّات الاستخباراتية التي اطّلعتْ عليها بي بي سي، كما تعلَم السلطات الأمريكية بوجودها، وكذلك مجموعة سورية تقوم بجمْع معلومات بشأن الجرائم التي ارتكبها نظام الأسد. ويعتبر أوستن تايس من بين الرهائن الأمريكية الأطول احتجازاً، وقد عكف والداه -ديبرا ومارك- على حملة لتسليط الضوء على اختفاء ابنهما. وكان أوستن تايس ضابطاً سابقاً في البحرية الأمريكية، وقد خدم في كل من العراق وأفغانستان، كما أنه درس الحقوق في جامعة جورج تاون العريقة بواشنطن العاصمة. وفي عام 2012، سافر تايس إلى سوريا، لتغطية أخبار الحرب الأهلية، كمراسل صحفيّ حُرّ. ليختفي أثر أوستن تايس في خِضمّ نظامِ اعتقالٍ مُعقّد وواسع.