
هيكل ديناصور نادر يتجاوز صخرة مريخية ويُباع بسعر خيالي في مزاد
تم بيع أكبر قطعة من كوكب المريخ عُثر عليها على الأرض مقابل أكثر من 5 ملايين دولار، خلال مزاد أقيم في نيويورك يوم الأربعاء وشمل قطعا نادرة من الجيولوجيا والآثار.
موضوعات مقترحة
لكن الحدث الأبرز في المزاد كان بيع هيكل عظمي نادر لديناصور صغير تجاوز سعره 30 مليون دولار بعد منافسة شرسة بين المزايدين.
الصخرة التي تزن 54 رطلا (25 كيلوجراما) وتحمل اسم (إن دبليو إيه ) 16788، اكتشفها أحد صيادي النيازك في صحراء النيجر في نوفمبر 2023، ويُعتقد أنها وصلت إلى الأرض بعد أن قُذفت من سطح المريخ نتيجة اصطدام كويكب ضخم، وقطعت مسافة تقارب 225 مليون كيلومتر، بحسب دار سوذبيز للمزادات.
وكان من المتوقع بيع الصخرة بمبلغ يتراوح بين 2 و4 ملايين دولار، لكن المزايدة انتهت بعرض نهائي قدره 3ر4 ملايين دولار، ليصل السعر الرسمي بعد إضافة الرسوم والتكاليف إلى نحو 3ر5 ملايين دولار. وقد جرت المزايدة بوتيرة بطيئة، حيث حاول المسؤول عن المزاد تحفيز العروض وخفّض من قيمة الزيادة المطلوبة في كل عرض.
أما هيكل الديناصور، فأشعل حماس الحضور وأثار حرب مزايدات. الهيكل يعود إلى نوع نادر يُعرف باسم سيراتوصور ناسيكورنس، ويعد واحدا من أربعة هياكل معروفة لهذا النوع، وهو الوحيد الذي يمثل فردا يافعا. ويشبه هذا الديناصور نوع "تيرانوصوروس ريكس" لكنه أصغر حجما.
بدأت المزايدة على الهيكل بعرض مقدم قدره 6 ملايين دولار، ثم ارتفعت العروض خلال الجولة المباشرة بفارق نصف مليون دولار بين كل عرض، ثم بمليون دولار، إلى أن توقفت المزايدة عند 26 مليون دولار. وقوبل إغلاق المزاد بتصفيق من الحاضرين.
وبلغ السعر الرسمي للهيكل العظمي مع الرسوم والتكاليف 5ر30 مليون دولار، ولم يُكشف على الفور عن هوية المشتري.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


بوابة الأهرام
منذ يوم واحد
- بوابة الأهرام
مستقبل التكنولوجيا في الحرب الباردة الثانية
لا يخفى علينا أن العالم يعيش حالة من التوتر غير المسبوق، ربما تفوق في بعض أوجهها ما شهدناه خلال الحرب الباردة الأولى التي نشبت بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي في أعقاب الحروب العالمية. اليوم، تقف الولايات المتحدة وأوروبا الغربية واليابان وحلفاؤهم في مواجهة محور تقوده الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية، وعلى الرغم من امتلاك بعض هذه الدول لأسلحة نووية قادرة على تدمير العالم، فإن الغالب أن تظل هذه الأسلحة أداة ردع متبادلة تمنع الطرفين من اتخاذ قرارات متهورة. لكن من سيفوز في سباق التفوق التكنولوجي، سيكون هو الطرف الذي سيمسك بزمام القيادة في إدارة العالم، والتحكم في المال والتجارة والاقتصاد. دعونا نستعرض أبرز ملامح هذا الصراع، وكيف تديره الولايات المتحدة والصين بأدوات القرن الحادي والعشرين. معركة الرقائق: من يسيطر على عقل الآلة؟ ما تزال الولايات المتحدة تحتفظ بالريادة في مجال معالجات الحواسيب وأشباه الموصلات، وهي أساس معظم التقنيات الحديثة. إلا أن هذه الريادة تبدو هشة، خصوصًا في ظل التهديدات التي تلاحق جزيرة تايوان — موطن شركة TSMC التي تُنتج أكثر من 90% من أشباه الموصلات المتقدمة عالميًا — والتي تواجه خطر الغزو من الصين. إدراكًا منها لحساسية الموقف، خصّصت الولايات المتحدة ما يزيد على 52 مليار دولار لبناء مصانع جديدة في ولايات مثل أريزونا وتكساس وأوهايو، بهدف تأمين سلاسل التوريد وتقليل الاعتماد على الخارج. هذه المعركة التقنية لن تحدد فقط مصير الحواسيب، بل مستقبل الذكاء الاصطناعي، وأنظمة الأسلحة، والحوسبة المتقدمة. الروبوتات والأنظمة الذاتية: معركة الذكاء المتحرّك توشك الروبوتات، والذكاء الاصطناعي، والأنظمة الذاتية على إعادة تشكيل مستقبل الحروب، والتصنيع، والخدمات اللوجستية. وفي ظل النقص المتزايد في العمالة، وتفاقم المخاوف الأمنية، تسرّع الولايات المتحدة من استثماراتها في الطائرات المسيّرة، وأنظمة الدفاع الذاتي، وخطوط الإنتاج الروبوتية، لتعزيز تفوقها على الصين. وفي المقابل، فرضت واشنطن قيودًا صارمة على استخدام الرافعات المينائية والروبوتات الصناعية الصينية، بعد تقارير استخباراتية تُحذر من احتوائها على معدات قادرة على تنفيذ عمليات تجسس أو هجمات سيبرانية. واللافت أن 80% من الرافعات المينائية في الموانئ الأمريكية تأتي من شركة صينية واحدة، ما يبرر هذا القلق الأمني المتزايد. من هنا، أصبح توطين صناعة الروبوتات والأنظمة الذاتية ركيزة محورية في الإستراتيجية الصناعية الأمريكية — وجبهة جديدة في الحرب الباردة الثانية. الحوسبة الكمومية: من يملك مفاتيح الكون؟ إذا كانت الحوسبة التقليدية مبنية على البتات الثنائية (0و1)، فإن الحوسبة الكمومية تستند إلى ظواهر غريبة من ميكانيكا الكم، مثل 'التراكب' و'التشابك الكمومي'. التراكب ظاهره محيره مفادها ان الجسيمات تحت الذرية يمكنها الوجود في أكثر من مكان وبأكثر من صورة في نفس الوقت. والتشابك الكمومي ظاهرة لا تقل غرابة ومفادها أن الجسيمات تحت الذرية المتشابكة تربطها حركة دوران عكسية مهما ابتعدت المسافات حتى لو وصلت لسنوات ضوئيه. برغم أن العلماء لم يفهموا حتى اليوم أسباب تلك الظواهر المحيرة، فإن كثيرًا من المخترعات الحديثة تستفيد من تلك الظواهر، أهمها الحوسبة الكمومية والتي تتيح للكيوبتات أن تتواجد في حالات متعددة في آن واحد. النتيجة؟ أجهزة كمبيوتر ذات قدرة خارقة على: • تطوير الذكاء الاصطناعي بسرعة غير مسبوقة • كسر أعقد أنظمة التشفير الحالية في دقائق • تصميم أدوية جديدة تحاكي التفاعلات البيولوجية بدقة ذرية • ومحاكاة الظواهر الطبيعية لفهم بنية الكون وأسراره الولايات المتحدة تستثمر بكثافة في هذا المجال، بينما خصصت الصين أكثر من 10 مليارات دولار لمركز الحوسبة الكمومية الوطني، وتسعى للحصول على تفوق كمي بحلول نهاية هذا العقد. سلاح التوريد: حين تتحول المعادن والتقنيات إلى أدوات حصار فرضت الولايات المتحدة قيودًا مشددة على تصدير المعالجات المتقدمة وأشباه الموصلات إلى الصين، في محاولة لكبح طموحات بكين في الذكاء الاصطناعي والتسليح الذكي. وردّت الصين بفرض قيود على تصدير 'الغاليوم' و'الجرمانيوم'، وهما من المعادن النادرة الضرورية لتصنيع الرقائق. رغم امتلاك الصين عددًا كبيرًا من براءات الاختراع — بل تتفوق على الولايات المتحدة في بعضها — إلا أن واشنطن لا تزال تحتفظ بقيادة نوعية في البحوث العلمية والجامعات التقنية ومراكز الابتكار. ما بين الصراع والتعاون في قلب هذا السباق المحموم نحو الهيمنة التكنولوجية، تبدو الحرب الباردة الثانية وكأنها معركة مصير بين قوى كبرى تسعى للسيطرة لا على الأرض فقط، بل على المستقبل ذاته. التكنولوجيا — بما تحمله من وعود هائلة وإمكانات خارقة — أصبحت اليوم سلاحًا إستراتيجيًا لا يقل خطورة عن الصواريخ النووية، وربما يفوقها أثرًا في إعادة تشكيل ميزان القوى العالمي. لكن وسط هذا التصعيد، لا بد من التذكير بأن هدف التقدم التكنولوجي لا ينبغي أن يكون الهيمنة، بل تحسين جودة حياة الإنسان، والارتقاء بمستوى الوعي والمعرفة، وحل المعضلات التي تعيق ازدهار البشرية. الحوسبة الكمومية، والروبوتات، والذكاء الاصطناعي — كل هذه أدوات يمكن أن توجّه إما نحو صراعات لا نهائية، أو نحو بناء عالم أكثر عدلاً واستدامة. وهنا تبرز المفارقة الفلسفية: هل ستستخدم البشرية أكثر أدواتها تطورًا لتدمير ذاتها؟ أم ستنجح في تسخير هذا التقدم لفتح أبواب جديدة من التعاون، وتجاوز الحدود الجغرافية والأيديولوجية نحو مستقبل مشترك أكثر إشراقًا؟ لقد أثبتت الأزمات العالمية — من الأوبئة إلى تغيّر المناخ — أن لا دولة يمكنها النجاة بمفردها، وأن التكاتف أفضل كثيرًا من التناحر. وربما يكون التحدي الأكبر الذي تواجهه البشرية اليوم ليس في بناء أقوى كمبيوتر أو أسرع طائرة بدون طيار، بل في بناء الثقة المتبادله، وابتكار منظومات تكنولوجية تضع رفاهية الإنسان فوق إغراء القوة. فالحرب الباردة قد تكون قدرًا جيوسياسيًا، لكن السلام التكنولوجي لا يزال خيارًا ممكنًا — إن أراد صُنّاع القرار ذلك.


الجمهورية
منذ يوم واحد
- الجمهورية
"الدقهلية".. الأرز البسمتي.. الحبة الذهبية تنطلق من قلب الدقهلية
من قرية "الربع" بمركز تمي الأمديد. انطلقت أولي خطوات زراعة الأرز البسمتي محليًا. وهو ذلك الصنف الفاخر الذي طالما ارتبط بالمناسبات والعزائم المصرية. والذي ظلت مصر تعتمد علي استيراده من الهند وباكستان لعقود. رغم قدراتها الزراعية الممتازة. المهندس محمد موسي. أحد أبناء القرية. لم ينتظر دعمًا رسميًا أو تمويلًا. بل بدأ مغامرته بكيلو جرام واحد فقط من الأرز البسمتي الشعير حصل عليه من صديق هندي. وعلي مدار مواسم متتالية. بصبر وإصرار. نجح موسي في تطوير هذا الكيلو إلي 100 كجم شعير. ومن ثم إلي فدانين ونصف من الزراعة الفعلية. ثم إنتاج نحو 15 طنًا من التقاوي. هذه التجربة الفردية سرعان ما لفتت أنظار وزارة الزراعة ومراكز البحوث والجامعات. التي بدأت في تقديم الدعم الفني والعلمي. لتتحول التجربة من مجرد زراعة تجريبية إلي مشروع استراتيجي واعد. قام محرر " الجمهورية اون لاين" بمحافظة الدقهلية بزراعة فدانين من الأرز البسمتي في أرض شديدة الملوحة. بتوجيه مباشر من الدكتور حمدي موافي. رائد تطوير أصناف الأرز المصري. وبإشراف الباحث عبده سباعي من جامعة قناة السويس. واجه الفريق تحديات بيئية كبيرة. لكن بالإرشاد العلمي والتقنيات الحديثة. تم التغلب عليها. شملت التوصيات الزراعية الخاصة حرث الأرض بشكل متعامد واستخدام مركبات البوتاسيوم والسوبر فوسفات ونظام ري متقطع ري يوم وراحة يومين وتقسيم السماد الأزوتي علي ثلاث دفعات قبل طرد السنابل واستخدام المغذيات الورقية والأحماض الأمينية. نجح أحد المهندسين المحليين في استيراد وتعديل ماكينات لفرك وتعبئة الأرز البسمتي محليًا. ما سهّل عملية الإنتاج وخفّض التكاليف. وجعل المنتج المصري منافسًا قويًا للأرز المستورد في الشكل والطعم. بل وتفوّق عليه في السعر. ودون الحاجة إلي دولار واحد! زار علماء المعهد القومي للأرز بقيادة الدكتور حمدي موافي أراضي التجارب في الدقهلية. خاصة مزرعة المهندس جلال سلامة في جمعية 15 مايو بناحية زيان. حيث جري اختبار صنف "جيزة بسمتي 201". والذي أظهر نتائج مبشرة. تصل بإنتاجية الفدان إلي 5 أطنان شعير في الظروف المثالية. أوصي الخبراء. منهم الباحث عبده السباعي. بعدة إجراءات لضمان نجاح الصنف تقليل معدل التقاوي إلي 20 كجم للفدان فقط بسبب تفريع الحبة الواحدة إلي 10 تفريعات خلال أول 50 يومًا ورش المغذيات قبل المغرب وتجنب الري وقت الظهيرة ومواجهة آفات مثل اللفحة والدودة بدقة. وشارك في الدعم الميداني أيضًا المهندس حسن الشرقاوي. خبير الزراعة بالمعاش. الذي أشرف علي الجدولة المثالية للري والتسميد. قال المهندس خالد أبو بكر. صاحب مضرب أرز. إنهم يشعرون بسعادة كبيرة باهتمام الدولة بهذا النوع من الأرز الذي كانوا يستوردونه لسنوات. مضيفًا نأمل أن تسمح الدولة بإدخال الماكينات المتخصصة لهذا النوع من الأرز وتخفيف الجمارك عامًا واحدًا علي الأقل لدعم انتشاره. فيما طالب مزارعون بضرورة نشر التقاوي عبر الجمعيات الزراعية تحت إشراف البحوث الزراعية. مع إصدار دليل إرشادي لطريقة الزراعة المناسبة لهذا النوع. أكد مدير عام مديرية الزراعة بالدقهلية أن الوزارة تتابع تطورات زراعة الأرز البسمتي عن قرب. من خلال إدارات الإرشاد الزراعي ومشاركة فعالة من مراكز البحوث لتوجيه المزارعين. إذا استمرت هذه الجهود بنفس القوة. فمن المتوقع أن تتحول مصر خلال 3 إلي 5 سنوات إلي واحدة من كبري الدول المنتجة والمصدرة للأرز البسمتي. لتنافس الهند وباكستان. وتغلق فجوة استيراد كانت تستنزف 300 مليون دولار سنويًا. ومع إنتاج محلي عالي الجودة. ومزارع إرشادية مدروسة. ومضارب متخصصة. تصبح الحبة الذهبية البسمتي صناعة قومية جديدة. وورقة رابحة علي طريق تحقيق الأمن الغذائي وتقوية الاقتصاد الوطني.


البورصة
منذ يوم واحد
- البورصة
الصين تنافس أمريكا على سوق الذكاء الاصطناعي البالغة 4.8 تريليون دولار
في الوقت الذي كانت فيه الروبوتات الشبيهة بالبشر تتصارع داخل حلبة ملاكمة خلال مؤتمر الذكاء الاصطناعي الصيني الأبرز في شنغهاي، كانت معركة موازية تدور ضمن فصول الحرب التكنولوجية بين الصين والولايات المتحدة، لكن ببزّات رسمية، في سباق محموم على من يضع قواعد الذكاء الاصطناعي. جاء رد الصين على هذا التحدي عبر إطلاق منظمة عالمية جديدة تهدف إلى توحيد الجهود الدولية لضمان الاستخدام الآمن والشامل لهذه التكنولوجيا الجديدة القوية. فخلال مؤتمر الذكاء الاصطناعي العالمي السنوي الذي عُقد نهاية الأسبوع، حذّر رئيس مجلس الدولة الصيني لي تشيانج من مخاطر 'احتكار' الذكاء الاصطناعي، داعياً المسؤولين الأجانب الحاضرين في القاعة، وغالبيتهم من الدول النامية، إلى التعاون في مجال الحوكمة. تجسّد المنظمة الجديدة، التي تحمل اسم المنظمة العالمية للتعاون في الذكاء الاصطناعي، خطة الصين لمنافسة الولايات المتحدة على النفوذ العالمي، عبر تقديم نفسها كداعم للذكاء الاصطناعي للجميع. ومن شأن القواعد التنظيمية الأكثر ملاءمة أن تمنح الشركات الصينية دفعة عالمية في سباقها مع نظيراتها الأميركية في بيع المعدات والخدمات ضمن سوق يُتوقّع أن تصل قيمتها إلى 4.8 تريليون دولار بحلول عام 2033. رغم هيمنة الولايات المتحدة على سوق رقائق الذكاء الاصطناعي المتقدمة، تمكّنت الشركات الصينية من تقديم حلول تنافسية تلقى رواجاً لدى العديد من الدول المشاركة في المؤتمر. وبهذا الصدد، قال إريك أولاندر، من مشروع 'الصين والجنوب العالمي' (China-Global South Project)، إن 'الصينيين يأتون بمزيج مختلف كلياً من منتجات الذكاء الاصطناعي، سيكون جذاباً للغاية بالنسبة للدول منخفضة الدخل التي تفتقر إلى البنية التحتية الحوسبية والكهربائية اللازمة لتشغيل أنظمة ذكاء اصطناعي شبيهة بتلك التي تطورها 'أوبن إيه آي' (OpenAI) على نطاق واسع'. بحسب وزارة الخارجية الصينية، شهد المؤتمر مشاركة أكثر من 800 شركة متخصصة في الذكاء الاصطناعي، تمثل أكثر من 70 دولة ومنطقة حول العالم. تتبنى بكين نهجاً قائماً على استخدام التكنولوجيا كأداة ترويج ووسيلة جذب في آنٍ واحد، مستعيدة تجربتها السابقة ضمن مبادرة طريق الحرير الرقمي، التي وضعت الشركات الصينية في قلب شبكات الاتصالات العابرة للقارات. على مدى سنوات، سعت الصين إلى صياغة المعايير العالمية للتقنيات الناشئة، مثل شبكات الجيل الخامس، في محاولة واضحة لتوجيه مسار التطوير التكنولوجي وفتح المجال أمام شركاتها للفوز بحصة في الأسواق الخارجية. وقد أصبح الحضور القوي لشركة 'هواوي تكنولوجيز' (Huawei Technologies) داخل الكيانات التي تضع المعايير الدولية موضع تدقيق من قبل الحكومة الأمريكية، التي فرضت قيوداً صارمة على استخدام معدات الشركة. أصبحت الحوكمة العالمية للذكاء الاصطناعي ميداناً جديداً للمنافسة بين القوى الكبرى، فكل من الولايات المتحدة والصين تعتبر أن هذه التكنولوجيا أداة حيوية ليس فقط لاقتصادها، بل للأمن القومي كذلك. وقد أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأسبوع الماضي أن بلاده 'ستفعل كل ما يلزم' لتتولى ريادة الذكاء الاصطناعي من خلال خطة تتضمن التصدي للنفوذ الصيني المتنامي داخل الهيئات الدولية المعنية بالحوكمة. في ظل غياب قواعد دولية ملزمة لتطوير الذكاء الاصطناعي، تدفع الصين بخطة طموحة تركز على تعزيز البنية التحتية الرقمية المعتمدة على الطاقة النظيفة، وتوحيد معايير القدرة الحوسبية. كما تؤكد بكين دعمها لدور الشركات في صياغة معايير فنية متعلقة بالأمن والصناعة والأخلاقيات. لم يتم الإفصاح عن تفاصيل كثيرة بشأن الكيان الصيني الجديد، ومقره شنغهاي. ففي تصريح مقتضب قبل مغادرة الصحفيين من القاعة، قال المسؤول الكبير في وزارة الخارجية الصينية ما تشاو شيو إن المنظمة ستركز على وضع معايير وأطر حوكمة للذكاء الاصطناعي، مضيفاً أن الصين ستناقش التفاصيل مع الدول الراغبة في الانضمام. ومع احتدام السباق بين الشركات الأمريكية والصينية لتطوير أنظمة ذكاء اصطناعي قد تضاهي، أو تتفوق على، القدرات البشرية، دفعت المخاوف بشأن السلامة أيضاً إلى المطالبة بوضع ضوابط صارمة. وفي هذا الإطار، عبّر جيفري هينتون، أحد رواد الذكاء الاصطناعي، خلال مشاركته في الحدث الصيني، عن دعمه لتعاون الهيئات الدولية في معالجة قضايا السلامة المرتبطة بهذه التكنولوجيا. يبدو أن جزءاً من استراتيجية بكين في مجال الذكاء الاصطناعي يستند إلى توجهها الدبلوماسي بدعم دول الجنوب العالمي لتعزيز حضورها في الساحة الدولية. وخلال كلمته الافتتاحية اليوم السبت الماضي، شدد لي تشيانغ على ضرورة مساعدة هذه الدول في بناء قدراتها في مجال الذكاء الاصطناعي. وشكّلت تلك الدول الغالبية العظمى من أكثر من 30 دولة تمت دعوتها للمشاركة في اجتماعات الحوكمة رفيعة المستوى، من بينها إثيوبيا وكوبا وبنغلاديش وروسيا وباكستان. كما شاركت مجموعة محدودة من الدول الأوروبية مثل هولندا وفرنسا وألمانيا، إلى جانب الاتحاد الأوروبي وعدد من المنظمات الدولية. في المقابل، لم ترصد 'بلومبرج نيوز' وجود أي لافتة باسم الولايات المتحدة، فيما رفضت السفارة الأمريكية في بكين التعليق على ما إذا كان هناك تمثيل رسمي للولايات المتحدة في الحدث. من جانبه، قال أحمد أديتيا، المستشار الخاص لنائب رئيس إندونيسيا، الذي حضر الاجتماع، لـ'بلومبرج نيوز' إن مبادرة الصين 'تحظى بتقدير كبير من الحكومة الإندونيسية'. وأضاف أن بلاده تُعد مناهج دراسية مخصصة للذكاء الاصطناعي لتطبيقها في نحو 400 ألف مدرسة، وتُدرب 60 ألف معلم على هذه التقنية. يبدو أن تركيز بكين على مفهوم 'الانفتاح'، وهي كلمة وردت 15 مرة في خطة عملها للحوكمة، يستند إلى نجاح شركة الذكاء الاصطناعي الناشئة 'ديب سيك' (Deepseek) مطلع هذا العام، حين أدهشت العالم عبر إطلاق نماذج ذكاء اصطناعي تضاهي في قدراتها تلك التي طورتها 'أوبن إيه آي' مع إتاحتها للجميع مجاناً وقابليتها للتعديل دون قيود. وسارعت شركات صينية أخرى إلى تبنّي النموذج نفسه، حيث أطلقت أسماء عملاقة مثل 'علي بابا' (Alibaba)، ولاعبون جدد مثل 'مون شوت' (Moonshot) نماذج لغوية ضخمة متطورة ومفتوحة المصدر. ويكتسب هذا التوجه أهمية خاصة بالنسبة للدول النامية، التي غالباً ما تفتقر إلى الموارد اللازمة لتجميع قواعد بيانات ضخمة أو تطوير نماذجها الخاصة للذكاء الاصطناعي من الصفر، وهي عملية تتطلب رقائق إلكترونية مرتفعة التكلفة من شركات مثل 'إنفيديا' (Nvidia). كما تولي الصين أهمية كبيرة لمفهوم 'سيادة الإنترنت'، وهو ما قد يجذب الأنظمة ذات الطابع السلطوي حول العالم. وجاء في مبادرة الصين لحوكمة الذكاء الاصطناعي العالمية الصادرة عام 2023 أنه 'ينبغي احترام سيادة الدول الأخرى والامتثال التام لقوانينها عند تزويدها بمنتجات وخدمات الذكاء الاصطناعي'. في المقابل، تنص خطة الذكاء الاصطناعي التي طرحها ترمب على أن الحكومة الأمريكية لن تتعاون إلا مع المهندسين الذين 'يضمنون أن أنظمتهم موضوعية وخالية من التحيّز الأيديولوجي المفروض من الأعلى'. هذا التنافس بين الولايات المتحدة والصين يضع العديد من الدول أمام معضلة مألوفة تتمثل في الشعور بالضغط لاختيار أحد الجانبين، إلا أن وزير الاتصالات والتكنولوجيا الرقمية في جنوب أفريقيا، سولي مالاتسي، رفض الانجرار وراء هذه الثنائية. وقال مالاتسي من المؤتمر: 'الأمر لا يتعلق باختيار نموذج على حساب الآخر، بل يتعلق بدمج أفضل ما في النموذجين'.