logo
مرض 'الترند'

مرض 'الترند'

مصر 360١٤-١١-٢٠٢٤

لم تكن قصة الطبيبة التي طفحت بكلام فج وصادم على مواقع التواصل حول مرضاها هي الأولى، وبالقطع لن تكون الأخيرة في ظل السياق الحالي. فلا يمكن تصور أن تتحول أسرار المرضى وأخطائهم وخطاياهم إلى حديث المدينة وتنشر على مواقع التواصل الاجتماعي، وتمارس طبيبة متواضعة الفكر وصاية على المجتمع وادعاء كاذب بالفضيلة والحجة البلهاء إنها لم تقل أسماء مرضاها وكأن 'هذا الناقص'.
وإذا كان البعض تساءل هل قصة هذه الطبيبة اشتغالة جديدة، أم أنها قصة حقيقية؟ بصرف النظر عن كون ترويج قصتها على مواقع التواصل الاجتماعي، كان طبيعيا أم بفعل فاعل. الحقيقة أنها طفحت بهذا الكلام على مواقع التواصل الاجتماعي؛ بحثا عن 'الترند' الذي بات في الواقع ظاهرة عالمية، ولكنها في البلاد المتقدمة أو الراغبة في التقدم، يكون الترند عادة حول قضايا حقيقية أو نتاج ظواهر حقيقية وغير مصنعة، أما في بلادنا فهو يظهر لمنع أو إخفاء قضايا النقاش الحقيقية، ويخلق نقاشا وهميا، لا يحمل أي مضمون، ويشغل الناس في قضايا هامشية وأحيان كثيرة تافهة.
الصادم في قصة الطبيبة، أنه يفترض، أنها حصلت على تعليم عال، ومع ذلك، فإن المفردات التي استخدمتها وطريقة كلامها، تدل على أنها 'تفك الخط بالعافية'، وأن لديها ادعاء بالفضيلة والمعرفة صادم، وهي جزء من مشكلة 'جهلاء' العصر الحالي، أن كثيرا منهم يتصورون، أنهم علماء وحكماء و'يفهموها وهي طائرة'، في حين أنهم في الحقيقة معدومو العلم والثقافة، وليس لديهم حتى فطرة إنسانية سوية، نجدها عند كثير من البسطاء في مصر.
مواجهة هذه النوعية من الناس، تكون مجتمعيا ومهنيا وليس أمنيا، فمطلوب أن يتعمق لدى الناس ثقافة المقاطعة لكل هذه الظواهر وعدم متابعتها، ولو كانت هذه الثقافة موجودة لقاطع الناس عيادة هذه الطبيبة وحولتها النقابة للتحقيق، دون اللجوء لأساليب المحاسبة الجنائية أو القبض عليها، إنما يجب أن تكون المحاسبة مجتمعية ومهنية فقط.
والحقيقة، أن مشكلة الطبيبة مثل آلاف غيرها، باتوا يبحثون عن الشهرة والمال، دون عمل حقيقي ولا جاد، وأن مهنة سامية مثل الطب لم تشبع رغبات الطبيبة في التحقق المهني والاجتماعي؛ فهرولت نحو الانتشار والثرثرة بكلام فارغ، بدلا من أن تتقن عملها وتخلص رسالة الماجستير، حتى يتاح لها إجراء عمليات بمفردها، وانشغلت بالشهرة التافهة والجري وراء 'الترند'.
وإذا كان في بلد مثل مصر هناك قيود كثيرة على حرية الرأي والتعبير، ومفهوم أن يؤثر كثيرون السلامة، ويبتعدون عن مناقشة القضايا السياسة الكبرى ونظام الحكم وبناء دولة القانون والديمقراطية، وأن من المتوقع أن يكون بدلا من ذلك نقاش حول قضايا اجتماعية ومشكلة المحليات والأحياء ومشكلات المنظومة الصحية وأزمة التعليم، ولكننا فوجئنا بأن الجدل العام و'تقطيع الهدوم' انتقل إلى قضايا لا يمكن لبلد في الدنيا، أن تعتبرها قضايا الجدل العام التي تستحق النقاش الشعبي أو النخبوي. عرفت هذه الطبيبة 'الفولة'، وتأكدت أن هذه القضايا 'التافهة' والفضائحية هي التي تعمل 'ترند'، وقررت نشر مشاكل مرضاها على الملأ.
لقد اعتدنا، أن نجد كلاما فارغا ومسيئا، كثيرا ما يقوله من يفترض، أنهم فنانون أو رجال دين أو نواب بحق المرأة أو بحق المسيحيين أو بحق مجتمعات أخرى، أو مخالفين لهم في الرأي أو حتى الذوق العام، وهي تصريحات ليست فقط خارج العقل، إنما كثير منها خارج الفطرة السليمة وهدفها، أن يصفق لها المهوسون ويهاجمها العقلاء، حتى تشتعل مدرجات مواقع التواصل الاجتماعي بالشتامين من كل اتجاه.
والحقيقة، أن السؤال الذي يطرح نفسه هل كل «الترندات» مصنعة أو سابقة التجهيز؟ أم أنها ظاهرة طبيعية، تعكس واقعا مأزوما وتربة مجتمعية، تجعل من الكلام الفارغ حديث المدينة؟
المؤكد، أن هناك جانبا مصنعا من هذه «الترندات». ولكن المؤكد أيضًا أن المجتمعات غير القادرة على مناقشة قضاياها الحقيقية، تضطر بحكم الغريزة والفطرة الإنسانية، أن تناقش ما هو مسموح أمامها، ولن تجد في كثير من الأحيان، إلا ما هو شكلي وهامشي؛ لكي يتحدث فيه الناس، على اعتبار أنه مجال آمن، وربما محبب ومطلوب، أن 'يهبدوا' فيه.
مشكلة 'الترند' المصنوع، إنه يختلق واقعا غير موجود أو يروج لواقعة حقيقية، كما حدث مع الطبيبة؛ لكي يجعلها على قمة النقاش العام بدلا من قضايا حقيقية أخرى أكثر أهمية. أما 'الترند' الحقيقي فهو يوظف أو يستثمر في واقعة حقيقية لأغراض سياسية أو لتحيزات اجتماعية، وتبقى الأولى من سمات المجتمعات المأزومة، والثانية من سمات المجتمعات المتقدمة أو الراغبة في التقدم.
إن المجتمعات الصحية تعرف نقاشًا عامًا حول قضاياها الحقيقة، يكون فيها «الترند» تعبيرًا عن قضية مثارة فعلا في الواقع الاجتماعي، والسياسي سواء حول خلاف بين مشروعين سياسيين كبيرين: يسار أو يمين، أو حول سياسات مطبقة في الصحة والتعليم في مواجهة سياسات أخرى رافضة لها، أو قضية فساد صادمة وغير متوقعة، ولكنها حقيقية وغير مختلقة. كل ذلك يصنع ترندا حقيقيا وغير زائف.
نعم لقد شهدنا في مصر على مدار سنوات «ترندات» كثيرة، كان أبطالها خناقات الفنانين، والمطلقات، وقصص رئيس نادي الزمالك السابق، ومعارك الرياضة، والتحفيل المتبادل بين جماهير الأهلي والزمالك، وردح من يسمون بالفنانات، لكنها قد تكون هي المرة الأولى التي تصبح فيها بطلة 'الترند' طبيبة، لا يجب أن تعالج الناس؛ لأنها تحتاج أولا إلى علاج.

هاشتاغز

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مصرع وأصابه ٩فى حادث تصادم ميكروباص بجرار زراعى فى كفرالشيخ
مصرع وأصابه ٩فى حادث تصادم ميكروباص بجرار زراعى فى كفرالشيخ

الجمهورية

timeمنذ 21 دقائق

  • الجمهورية

مصرع وأصابه ٩فى حادث تصادم ميكروباص بجرار زراعى فى كفرالشيخ

وكان اللواء ايهاب عطيه مدير أمن كفرالشيخ قد تلقى بلاغا من مأمور مركز شرطة مطوبس بوقوع الحادث ونتج عنه وفاه أشخاص وأصابه آخرين ، على طريق الثروة السمكية، بالقرب من بركة غليون في قرية برج مغيزل التابعة لمركز مطوبس.. وعلى الفور، تحركت قوة أمنية مدعومة بعدد من سيارات الإسعاف إلى موقع البلاغ؛ وذلك من أجل إجراء التحريات والفحوصات اللازمة للكشف عن ملابسات الحادث وأسبابه. ودفعت غرفة عمليات الإسعاف بـ 10 سيارات إسعاف إلى موقع الحادث، حيث تم نقل المصابين إلى مستشفى مطوبس ورشيد المركزي لتقديم الإسعافات الأولية اللازمة، أما عن جثامين الضحايا فتم التحفظ عليها داخل المشرحة، تحت تصرف جهات التحقيق. وحررت الأجهزة الأمنية في كفر الشيخ، المحضر اللازم بالحادث وتم إخطار الجهات المختصة لتولي التحقيقات؛ وذلك للكشف عن ملابسات الحادث واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة

السيطرة على حريق في متجرين بقرية أبو سلطان بالإسماعيلية
السيطرة على حريق في متجرين بقرية أبو سلطان بالإسماعيلية

خبر صح

timeمنذ 22 دقائق

  • خبر صح

السيطرة على حريق في متجرين بقرية أبو سلطان بالإسماعيلية

نجحت قوات الحماية المدنية في محافظة الإسماعيلية في السيطرة على حريق اندلع، اليوم السبت، في محلين تجاريين عند مدخل منطقة المستعمرة التابعة لقرية أبو سلطان بمركز ومدينة فايد، دون أن تسجل أي إصابات بشرية أو خسائر في الأرواح. السيطرة على حريق في متجرين بقرية أبو سلطان بالإسماعيلية مواضيع مشابهة: استبعاد مدير مدرسة في قنا وتحويله للتحقيق بسبب تقصيره بلجان الثانوية وكانت الأجهزة الأمنية قد تلقت بلاغًا عن اندلاع حريق مفاجئ في المحلين التجاريين داخل نطاق القرية، وعلى الفور انتقلت قوات الشرطة والحماية المدنية إلى موقع الحادث لمعاينته والوقوف على تفاصيله. كما دفعت قوات الحماية المدنية بسيارة إطفاء، حيث تمكنت من احتواء الحريق في زمن قياسي، وتواصل حاليًا عمليات التبريد لضمان عدم تجدد النيران. مواضيع مشابهة: الكنيسة الأرثوذكسية تشهد تجليس الأنبا مينا أسقفًا لإيبارشية برج العرب وفي الوقت نفسه، تقوم الأجهزة الأمنية بفحص موقع الحريق، وجارٍ تحرير المحضر اللازم تمهيدًا لاستكمال الإجراءات القانونية، وتحديد أسباب الحادث من خلال التقرير الفني لقوات الحماية المدنية.

مسؤول سابق في الموساد يحذر: الإيرانيون هم من اخترعوا الشطرنج فلا تستهينوا بطهران
مسؤول سابق في الموساد يحذر: الإيرانيون هم من اخترعوا الشطرنج فلا تستهينوا بطهران

خبر صح

timeمنذ 22 دقائق

  • خبر صح

مسؤول سابق في الموساد يحذر: الإيرانيون هم من اخترعوا الشطرنج فلا تستهينوا بطهران

في حديثه على 'بودكاست نداف بيري'، تناول زوهار بالتي، الرئيس السابق لقسم الاستخبارات في الموساد والمسؤول الأسبق عن الشؤون السياسية-الأمنية بوزارة الدفاع الإسرائيلية، الهجمات الإسرائيلية الأخيرة على إيران، حيث استعرض الأبعاد الاستراتيجية والاستخباراتية لهذه الهجمات وتأثيراتها الإقليمية والدولية. مسؤول سابق في الموساد يحذر: الإيرانيون هم من اخترعوا الشطرنج فلا تستهينوا بطهران ممكن يعجبك: إيران تطلق صواريخ جديدة على إسرائيل مع تفعيل صفارات الإنذار إيران 'رأس الأخطبوط' بالتي أكد أن الهجمات ليست مجرد رد على البرنامج النووي الإيراني، بل تأتي ضمن سياق أوسع يتضمن تداعيات عملية 'طوفان الأقصى' التي حدثت في 7 أكتوبر، حيث وصف هذا اليوم بـ'الزلزال' الذي أحدث ارتدادات في لبنان وسوريا، مضيفًا: 'الآن تبقى الحلقة الأخيرة: إيران'، وأوضح أن إيران تمثل المصدر الرئيسي للتهديد، قائلاً: 'لا يمكن تفكيك أذرع الأخطبوط دون استهداف الرأس نفسه'. عقود من التحضير وأشار بالتي إلى أن القدرات التي أظهرتها العملية الإسرائيلية هي نتاج سنوات طويلة من التخطيط الاستراتيجي والتكتيكي، حيث عملت فرق متخصصة بصمت على مدى فترة طويلة حتى جاءت هذه اللحظة. الحذر من 'النشوة' ورغم إشادته بالعملية، حذر من الإفراط في الثقة، مؤكدًا أن النتائج هي ما يهم، وأن السؤال الحقيقي هو: 'هل سيتراجع العدو؟'، مشددًا على أن المعركة لم تنته بعد، وأن 'أيامًا صعبة قادمة' لا تزال في الأفق. مقال له علاقة: ترامب يكشف تفاصيل مكالمة الـ90 دقيقة مع رئيس الصين في نهاية مفاجأة 'الشطرنج' مع إيران رفض بالتي التشبيهات التي تصف إيران بأنها في 'كش ملك'، موضحًا أنهم من اخترعوا الشطرنج، وهم لاعبو ماراثون، وليسوا هواة، وأكد أن البرنامج النووي الإيراني هو نتيجة أربعين عامًا من العمل المنهجي، مما يجعل من الصعب التنبؤ بخطواتهم المستقبلية. غموض استخباراتي أوضح أن الصورة الاستخباراتية الكاملة لا تزال غير واضحة، مشيرًا إلى أن المواقع الحساسة مثل نطنز وفوردو بحاجة إلى تقييم دقيق للأضرار، قائلاً: 'لا نعلم مصير مراكز المعرفة أو أماكن تخزين اليورانيوم المخصب حتى الآن'. قرارات مصيرية أمام إسرائيل كشف أن إسرائيل ستواجه قريبًا قرارات صعبة ومعقدة للغاية، لكنه امتنع عن تقديم تفاصيل، مؤكدًا أن الأحداث لا تزال تتطور، وتحتاج إلى تحليل عميق. مفترق طرق إيراني بالنسبة لإيران، طرح بالتي تساؤلاً استراتيجياً: 'هل سيتخذ المرشد الأعلى قرارًا بالتراجع والقبول بالتفاوض – ما أسماه 'كأس السم' – أم سيواصل التصعيد الذي قد يهدد نظام الحكم ذاته؟'، مشيرًا إلى غياب القدرة الاستخباراتية الدقيقة للتنبؤ برد فعل طهران. دور المجتمع الدولي وحذر من التقليل من أهمية الدور الأوروبي، مؤكدًا أن أوروبا تظل شريكًا اقتصاديًا وسياسيًا مهمًا لإسرائيل، على الرغم من الانتقادات المتعلقة بالقضية الفلسطينية، وأضاف: 'من المهم أن نظل في صف الديمقراطيات الغربية'.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store