
إحالة 3 مفتشين و 17 إداريآ للتحقيق لعدم إنضباطهم فى العمل بأوقاف بنى سويف
إحالة 3 مفتشين و 17 إداريآ للتحقيق لعدم إنضباطهم فى العمل بأوقاف بنى سويف
كتب /مصطفى طبانه
في إطار توجيهات الأستاذ الدكتور أسامة السيد الأزهري، وزير الأوقاف، بشأن ضرورة الانضباط في العمل والالتزام المهني داخل كافة قطاعات الوزارة، وحرصًا على رفع كفاءة الأداء والارتقاء بمستوى الخدمات الدعوية والإدارية، صرّح الدكتور عاصم قبيصي، وكيل وزارة الأوقاف بمحافظة بني سويف، بأنه تم اتخاذ إجراءات حاسمة تجاه عدد من العاملين بإحدى الإدارات التابعة للمديرية، وذلك بعد رصد مخالفات وتقصير واضح في أداء المهام الوظيفية.
وأوضح الدكتور عاصم قبيصي أن المديرية قامت بإحالة ثلاثة من مفتشي الدعوة إلى التحقيق الفوري، وذلك على خلفية ما ثبت من تقاعسهم عن أداء المهام المنوطة بهم، وعدم التزامهم بالحضور الفعلي والتفتيش الميداني، وغيابهم المتكرر دون إذن رسمي، الأمر الذي يشكل إخلالًا جسيمًا بمتطلبات الوظيفة، ويؤثر سلبًا على جودة العمل.
وفي ذات السياق، أشار وكيل الوزارة إلى أنه تم تحويل عدد 17 إداريًا من العاملين بالإدارة ذاتها إلى التحقيق الإداري، عقب ما تم رصده من مخالفات متنوعة تمثلت في غياب دون إذن، والتراخي في أداء الواجبات، ووجود قصور في الالتزام بسجلات الحضور والانصراف، فضلًا عن تدني مستوى الانضباط العام داخل مقار العمل.
وأكد وكيل الوزارة أن مديرية أوقاف بني سويف مستمرة في تنفيذ سياسة الحزم والانضباط التي تنتهجها الوزارة، ولن تتهاون مع أي مخالفة أو تقصير من شأنه الإضرار بمصلحة العمل أو التشويش على مسيرة التطوير التي تشهدها الوزارة على كافة الأصعدة.
كما شدد الدكتور عاصم قبيصي على أن الفترة القادمة ستشهد تكثيفًا لجهود المتابعة الميدانية والتفتيش المفاجئ على الإدارات والمساجد، بهدف إحكام الرقابة وتحقيق الالتزام الوظيفي الكامل، ومحاسبة كل من يثبت تقصيره وفقًا للوائح والقوانين المنظمة.
واختتم وكيل الوزارة البيان بالتأكيد على أن رسالة الأوقاف تتطلب من جميع العاملين الجدية والانضباط والحرص على خدمة بيوت الله تعالى والمجتمع، وأن المديرية تدعم العاملين المتميزين وتوفر لهم التدريب والتأهيل، كما تطبق مبدأ الثواب والعقاب بكل شفافية، لضمان بيئة عمل متوازنة ومنتجة
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الاتحاد
منذ 14 ساعات
- الاتحاد
تنفيذاً لتوجيهات رئيس الدولة وإيمانويل ماكرون.. انعقاد لجنة الحوار الاستراتيجي الإماراتي
باريس (وام) عُقد في باريس الأربعاء الماضي، الاجتماع السابع عشر للجنة الحوار الاستراتيجي الإماراتي - الفرنسي، تجسيداً للشراكة الاستراتيجية طويلة الأمد بين دولة الإمارات العربية المتحدة والجمهورية الفرنسية، وتنفيذاً لتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وفخامة إيمانويل ماكرون، رئيس الجمهورية الفرنسية. يستند الحوار الاستراتيجي الذي يشارك في رئاسته معالي خلدون خليفة المبارك، رئيس جهاز الشؤون التنفيذية، وآن ماري ديسكوتيس الأمينة العامة للوزارة الفرنسية لأوروبا والشؤون الخارجية، على الشراكة الاستراتيجية الراسخة بين دولة الإمارات وفرنسا، وتقوم العلاقات الاستثنائية بين البلدين التي تمتد لأكثر من خمسين عاماً، على الصداقة والثقة المتبادلة والتعاون في إنجاز عدد من المبادرات البارزة، مثل متحف اللوفر أبوظبي، وجامعة السوربون أبوظبي. ويتيح الحوار الاستراتيجي الإماراتي - الفرنسي 2025، توسيع آفاق التعاون بين دولة الإمارات وفرنسا في المجالات ذات الأولوية، وهي الاقتصاد، التعليم، الثقافة، الفضاء، الطاقة النووية، والصحة، واتفق الجانبان على تنفيذ مبادرات جديدة مشتركة. وأسهم الحوار في توطيد الشراكة ذات التوجه نحو المستقبل والتركيز على المجالات الحيوية ذات الاهتمام المشترك، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي. وفي ضوء التعاون الدبلوماسي المتنامي بين دولة الإمارات وفرنسا، شهد الحوار الاستراتيجي هذا العام، توقيع مذكرة تفاهم بشأن المشاورات السياسية لإرساء إطار رسمي دوري لحوار دبلوماسي رفيع المستوى بين وزارة خارجية دولة الإمارات، ووزارة أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسية. وقع المذكرة عن الجانب الإماراتي معالي لانا نسيبة، مساعدة وزير الخارجية للشؤون السياسية، فيما وقعها عن الجانب الفرنسي معالي فريديريك موندولوني، المدير العام للشؤون السياسية والأمنية، وذلك عقب انعقاد أولى جلسات المشاورات السياسية بين البلدين في 8 أبريل من العام الجاري. وأتاحت الجلسة، التي شارك في رئاستها معالي لانا نسيبة ومعالي فريديريك موندولوني، للجانبين فرصة تبادل الرؤى السياسية والتقييم الاستراتيجي بشأن التطورات الإقليمية، والتعاون متعدد الأطراف والأولويات المشتركة في سياق الحوكمة العالمية. ويجسد توقيع هذه المذكرة عزم الطرفين على إضفاء الطابع المؤسسي للتنسيق على أعلى المستويات، وتعزيز الشراكة الاستراتيجية ضمن إطار نظام دبلوماسي أكثر انسجاماً في توجهه نحو المستقبل. مخرجات الزيارة وأشاد الجانبان، بقوة العلاقات الاقتصادية الملحوظة، وأعربا عن التزامهما بالبناء على مخرجات الزيارة الرسمية التي قام بها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، إلى باريس في فبراير 2025، والتي مهدت الطريق أمام البلدين لتحقيق شراكة استراتيجية في مجال الذكاء الاصطناعي. ورحّب رئيسا لجنة الحوار الاستراتيجي، بالاستثمار المحوري لدولة الإمارات، والذي أُعلن عنه خلال قمة «اختر فرنسا»، بهدف توسيع نطاق الشراكة الاستراتيجية في مجال الذكاء الاصطناعي. واستعرض الجانبان التنفيذ الجاري لشراكات الاستثمار الاستراتيجية الثنائية الموقعة في ديسمبر 2021، وبحثا كافة المشاريع الاستراتيجية للشركات الإماراتية والفرنسية في مجالات الاستثمار، والنقل، بما في ذلك النقل الجوي، والتكنولوجيا والطاقة. الشراكة الاقتصادية وأشاد الجانبان بإعلان إطلاق المفاوضات المتعلقة باتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين دولة الإمارات والاتحاد الأوروبي. وفي مجال التعليم، جدد الجانبان التزامهما المشترك بتوسيع شبكة المدارس الفرنسية في دولة الإمارات، ودعم تعليم اللغة الفرنسية كلغة ثالثة في المدارس الحكومية. وتم الاتفاق على بحث مدى مساهمة إدخال اللغة الفرنسية إلى منهاج المرحلة الابتدائية (الحلقة الأولى)، والمراحل التالية في تحقيق نتائج أفضل، وستدرس وزارة التربية والتعليم في دولة الإمارات إمكانية اعتماد اللغة الفرنسية ضمن المنهج الدراسي. التعليم العالي وناقش الجانبان التعاون في مجال التعليم العالي، مشيدين بالنجاح الذي حققته جامعة السوربون أبوظبي، من خلال العديد من المشاريع المهمة وزيادة أعداد الطلبة الملتحقين بها. وفي هذا الصدد، تجدر الإشارة إلى أن جامعة السوربون أبوظبي، تعتزم تمديد اتفاقيتها في 2026 لعشر سنوات إضافية. ورحب الجانبان بالتقدم المتواصل في مجال التقنيات الجديدة مع إنشاء مدرسة البرمجة 42 في أبوظبي، وإطلاق برنامج روبيكا لتصميم ألعاب الفيديو، والتعاون بين جامعة ايكول بوليتكنيك الفرنسية وبين جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي. ويشكّل مؤتمر البحوث والابتكار المقرر عقده في أبوظبي بنهاية عام 2025، محطة مهمة في تعزيز وتشكيل مستقبل العلاقات بين البلدين. الصعيد الثقافي وعلى الصعيد الثقافي، فقد رحب الجانبان بنجاح متحف اللوفر أبوظبي باعتباره أحد المعالم المهمة للشراكة الثقافية بين البلدين، مؤكدين اهتمامهما المشترك بتعزيز التعاون لاستمرار نجاح المتحف. ولفت الجانبان، إلى الشراكة الاستراتيجية بين دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي ووكالة متاحف فرنسا، لا سيما من خلال برنامج تدريب المحترفين في مجال المتاحف Museopro. ورحبا بالتقدم المحرز في المناقشات المتعلقة بترميم وتجديد قصر تراينون في فرساي. تعاون فضائي وعلى صعيد التعاون في مجال الفضاء، جدد الجانبان عزمهما المضي قدماً في توسيع التعاون في مجال استكشاف الفضاء، وخاصة فيما يتعلق برحلات الفضاء المأهولة، وأكدا التزامهما بتطوير منظومة بيئية فضائية بين الجهات المعنية من البلدين، وتعزيز الشراكة الاستراتيجية الثنائية، من خلال بحث إمكانية إطلاق مبادرات جديدة كإنشاء بنية تحتية مشتركة، ومركز فضائي فرنسي إماراتي، ومشاريع أخرى مشتركة. الطاقة النووية وفيما يتعلق بالطاقة النووية، شدد الجانبان على شراكة البلدين الوطيدة في مجال الطاقة النووية السلمية، ورحبا باستمرار التعاون بين مؤسسة الإمارات للطاقة النووية، والهيئة الاتحادية للرقابة النووية، والمؤسسات الفرنسية الرائدة، مثل شركة كهرباء فرنسا، وهيئة الطاقة الذرية والبديلة الفرنسية CEA، وشركة فراماتوم، وشركة أندرا، والهيئة الفرنسية للأمان النووي والوقاية من الإشعاع ASNR. كما أكد الجانبان، التزامهما المشترك بدعم مبادرة زيادة القدرة الإنتاجية للطاقة النووية ثلاثة أضعاف، وبحث الفرص الممكنة في تكنولوجيا المفاعلات المتقدمة ومفاعلات الوحدات الصغيرة وضمان توريد الوقود النووي، والأمن السيبراني، وإنتاج الهيدروجين المستدام. القطاع الصحي وفي القطاع الصحي، بحث الجانبان عدداً من المواضيع المهمة بهدف تعزيز التعاون الثنائي في المجال الصحي، وركزت المباحثات على توسيع نطاق التعاون الثنائي على الصعيد الأكاديمي، والتعاون مع المستشفيات، وتسهيل توفير رعاية صحية عالمية للمرضى، وإبرام اتفاقات مع شركاء دوليين، مثل منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وشركة سانوفي (Sanofi). وبحث الجانبان الفرص المرتقبة في المجالات المتقدمة، مثل علم الجينوم والتدريب في مجال الذكاء الاصطناعي، مما يعكس التزامهما بمواصلة الابتكار وتطوير أنظمة الرعاية الصحية في كلا البلدين. محادثات بنّاءة تضمن الحوار الاستراتيجي أيضاً، محادثات بنّاءة بشأن القضايا الإقليمية والدولية، وأعرب الجانبان عن التزامهما المستمر بتحقيق السلام والاستقرار والأمن وفقاً للقانون الدولي، مؤكدين ضرورة إيجاد حلول عادلة ودائمة للأزمات في المنطقة. ضم الجانب الإماراتي المشارك في الحوار الاستراتيجي، معالي الدكتور أنور بن محمد قرقاش، المستشار الدبلوماسي لصاحب السمو رئيس الدولة، ومعالي أحمد بن علي محمد الصايغ وزير دولة، ومعالي لانا نسيبة، مساعدة وزير الخارجية للشؤون السياسية، ومعالي سارة مسلّم، رئيسة دائرة التعليم والمعرفة - أبوظبي، وسعود الحوسني، وكيل دائرة الثقافة والسياحة أبوظبي، وحمد الكعبي، المندوب الدائم للدولة لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية سفير الدولة لدى النمسا، والدكتور راشد السويدي، مدير عام مركز أبوظبي للصحة العامة، ومحسن العوضي، مدير إدارة المهمات الفضائية في وكالة الإمارات للفضاء. وضم وفدا البلدين أيضاً، سفيري البلدين ومسؤولين من الهيئات التي تمثل القطاعات ذات الأولوية في دولة الإمارات وفرنسا. وفي ختام الاجتماع السابع عشر للجنة الحوار الاستراتيجي الإماراتي-الفرنسي، أكد الجانبان التزامهما الثابت بمواصلة تعميق الشراكة الاستراتيجية الراسخة بين دولة الإمارات وفرنسا.


الاتحاد
منذ 14 ساعات
- الاتحاد
محمد الشرقي: تحقيق التنمية الشاملة وتعزيز أهدافها
القاهرة (وام) التقى سمو الشيخ محمد بن حمد الشرقي، ولي عهد الفجيرة، معالي محمد أحمد اليماحي رئيس البرلمان العربي، على هامش تكريم سموه بـ«جائزة يوم الاستدامة العربي 2025»، الذي عٌقد بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية في القاهرة، تحت شعار تعزيز الوعي بأهمية الاستدامة في المنطقة العربية. وأكّد سمو ولي عهد الفجيرة، خلال اللقاء، ضرورة تكاتف الجُهود وتنسيق العمل المشترك بين الأقطار العربية، في سبيل تحقيق التنمية الشاملة وتعزيز أهدافها، وفتح آفاق للشراكات الفاعلة في المجالات كافة. وأشاد سموه، بجهود البرلمان العربي في دعم العمل العربي المشترك وقضاياه الراهنة والمستقبلية، مؤكداً أهمية الدور الذي يقوم به البرلمانيون في دعم مسيرة التنمية المستدامة في الوطن العربي. من جانبه، تقدّم رئيس البرلمان العربي بأسمى آيات التهنئة والتبريكات بمناسبة تكريم سموه من قبل جامعة الدول العربية بجائزة يوم الاستدامة العربي 2025، مؤكداً أنه تكريم مستحق يعكس ما يقدمه سموه من جهود نوعية ورؤية طموحة في دعم مسيرة التنمية المستدامة، والارتقاء بمكانة إمارة الفجيرة على المستويات كافة. وأضاف اليماحي، أن هذا التكريم شهادة عربية على دور سموه القيادي والمُلهم في تمكين الشباب، وتعزيز الابتكار، والعمل على تحقيق تطلعات الأجيال القادمة، في ظل الرؤية الحكيمة لصاحب السمو الشيخ حمد بن محمد الشرقي، عضو المجلس الأعلى حاكم الفجيرة، وترسيخاً للمبادئ التي تقوم عليها دولة الإمارات العربية المتحدة، في الريادة، والعمل، والبناء، في ظل القيادة الرشيدة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله. حضر اللقاء، الدكتور أحمد حمدان الزيودي مدير مكتب سمو ولي عهد الفجيرة، وحمدان كرم مدير المكتب الخاص لسمو ولي عهد الفجيرة، واللواء طارق نصير نائب رئيس البرلمان العربي، والنائب علاء عابد، واللواء يسري مغازي والنائبة شادية الجمل أعضاء البرلمان العربي، وعدد من قيادات أمانته العامة.


البوابة
منذ 14 ساعات
- البوابة
سنوات السجن.. وولادة الكاتب من رماد القيد الذي أنضج الرواية
تجربة السجن في حياة الكاتب صنع الله إبراهيم لم تكن مجرد فصل عابر من فصول سيرته الذاتية، بل كانت الحدث الفاصل الذي أعاد تشكيل رؤيته للعالم وللإنسان، وللأدب بوصفه فعلًا تحرريًا لا مجرد صنعة سردية. لقد انقلبت الحياة لديه رأسًا على عقب حين دوّت الأبواب الحديدية خلفه في العام ١٩٥٩، ووجد نفسه فجأة بين جدران صمّاء، اعتُقل مع المئات في حملة أمنية طالت الشيوعيين وكل من حلم بمجتمع أكثر عدلًا. هناك، في الزنزانة، بدأ صنع الله يعي أن الحبر قد يكون أشد وقعًا من الرصاص. ولد صنع الله في القاهرة عام ١٩٣٧، ودرس القانون في جامعة القاهرة قبل أن تشده السياسة إلى معتركها. انخرط في صفوف اليسار، مؤمنًا بأن الكلمة يمكن أن تكون طليعة التغيير. لكن في دولة تتوجس من الأفكار الحرة، كان الانتماء إلى الفكر الماركسي تهمة تستحق السجن، فوجد نفسه يُقتاد إلى المعتقل وهو في مطلع العشرين من عمره، شاب لم يبدأ حياته بعد، لكنه كان يحمل في داخله وعيًا مبكرًا بأن الواقع لا يتغير بالكلمات وحدها، بل بالمواجهة، ولو على حساب الحرية الشخصية. خمس سنوات ونصف قضاها في المعتقل، لم يكن فيها مجرد سجين سياسي، بل كان مراقبًا دقيقًا للحياة خلف الأسوار. تعرف على عشرات الشخصيات، من عمال إلى مثقفين، من متشددين إلى ساخرين من كل شيء، فصارت الزنزانة معملًا بشريًا تغلي فيه التناقضات، وتتكشف فيه الطبائع على حقيقتها. في هذا المكان الضيق، عرف صنع الله الإنسان بكل ضعفه وقوته، وتعلم أن الحكاية تبدأ حين يُسلب الإنسان صوته، ويُترك في العراء. قراءة الأدب العالمي كان السجن أيضًا وقتًا للتأمل القاسي، وللتأمل الخلاق. بعيدًا عن صخب الحياة، كان لديه الوقت لقراءة أعمال الأدب العالمي، من دستويفسكي إلى كافكا، ومن سارتر إلى ماركيز. وكأن القدر أهداه، رغم القيد، تلك العزلة التي تمنح الكاتب شفافية الرؤية وقوة الإدراك. لم يكن السجن مدرسة ألم فقط، بل مدرسة معرفة، فتح فيها أبواب الوعي على مصراعيها، ليدرك أن معركته لم تكن فقط مع السلطة، بل مع الزيف، مع الانخداع، مع الاستسلام. بعد خروجه، لم يكن صنع الله إبراهيم هو ذاته الشاب الذي دخل السجن. خرج أكثر صلابة، أكثر وعيًا، لكنه أيضًا أكثر حذرًا. لم يكتب عن السجن فورًا، لكنه ترك تلك التجربة تختمر في أعماقه، حتى خرجت إلى السطح على هيئة أعمال روائية تُبنى على الصمت بقدر ما تُبنى على الكلام. روايته الأولى "تلك الرائحة"، كانت بمثابة الصرخة المكتومة، سردية الغربة واللاجدوى، والاحتكاك الأول الصادم مع واقع فقد ملامحه. سنوات السجن إذًا، لم تكن عارًا سياسيًا يُمحى، بل كانت التأسيس الحقيقي لكاتب آمن أن الرواية ليست ملهاة، بل أداة لكشف القبح والفضح والتعرية. في عتمة الزنازين، بدأ صنع الله إبراهيم مشروعه الأدبي الطويل، الذي سيصير لاحقًا أحد أهم المشاريع السردية في العالم العربي، حيث امتزج الألم بالمعرفة، والقيد بالكتابة، ليولد أدبٌ لا يهادن ولا يجمّل. لقد كانت الزنزانة الضيقة، paradoxically، هي التي فتحت أمامه أبوابًا لا نهائية من الرؤية والحرية. السجن كمدرسة للكاتب حين أُغلق باب الزنزانة على صنع الله إبراهيم، لم يكن يعرف أنه لم يُودَع مجرد معتقل، بل دُفع إلى فضاء تعليمي من نوع نادر، فضاء لا تُدرّس فيه المناهج، بل تتقاطع فيه الحيوات والتجارب والتناقضات البشرية. السجن، في حالة صنع الله، لم يكن انقطاعًا عن العالم، بل كان انغماسًا عميقًا في طبقاته السفلى، في بواطن الناس، في التاريخ الذي لا يُدوَّن، وفي اللغة التي تُقال على استحياء أو لا تُقال. بين جدران المعتقل، تحوّلت العزلة إلى ورشة مستمرة للفهم، حيث اختلطت أصوات القلوب بأزيز القضبان. لم يكن السجناء متشابهين، بل تنوعوا بين عمال يحملون حكايات الشقاء، وصحفيين يسردون ما طوته الصحف، وفنانين يرسمون الحلم على الجدران، ومثقفين كبار مثل محمود أمين العالم وشهدي عطية، ممن يمكن اعتبارهم موسوعات فكرية تمشي على قدمين. هذا الخليط البشري تحوّل إلى نسيج حيّ ينهل منه الشاب الكاتب دون أن يشعر، كما لو أنه انخرط في ورشة عمل لا تنام. كان السجن مجالًا مفتوحًا لتجريب الرؤية، لا فقط لتعلم المواقف. هناك، تعرّف صنع الله على تناقضات النفس البشرية في أدق حالاتها: كيف ينهار الأبطال تحت وطأة الخوف، وكيف تخرج من أعماق البسطاء حكم لا تحملها كتب الفلاسفة. تعلم أن الفكرة قد تتحوّل إلى عبء، وأن الالتزام قد يصبح وحشة إن لم يُغذَّ بروح النقد والصدق. لقد اختبر الإنسان خارج صوره النظرية، وتعلم أن المثقف ليس بالضرورة من قرأ كثيرًا، بل من عاش كثيرًا وتأمل عميقًا. داخل هذا المعتقل، لم تكن الكتب ممنوعة دومًا، بل كانت تصل أحيانًا كأكسجين خفيّ. قرأ صنع الله في السياسة، في الفلسفة، في التاريخ، وتذوق الأدب العالمي بنهم حقيقي. لم يكن يقرأ ليستعرض، بل ليفهم، ليعيد بناء وعيه على أسس أقل سذاجة وأكثر صرامة. كان كل كتاب يُقرأ أشبه بفتح نافذة صغيرة على العالم، نافذة تضيء عتمة الزنزانة وتمنحها أفقًا فكريًا لا يمكن للقيود أن تُطوِّقه. وكان لهذا الانغماس تأثيره الواضح على أدواته السردية. لم يخرج من السجن بذاكرة حكايات فقط، بل خرج وهو يحمل جهازًا حساسًا لالتقاط التفاصيل، لتمييز نبرة الصوت التي تخفي ضعفًا، أو الإشارة التي تكشف عن قهرٍ مكتوم. تحوّل صنع الله إلى راوٍ دقيق، لا يتورط في العاطفة إلا بقدر ما تكشفه المفارقة، ولا يركن إلى البطولة إلا إذا انكسرت. كانت التجربة قد شحذت أدواته ومنحته حساسية أدبية لا تُصنع في الصالونات الثقافية، بل في صلابة الحياة وخشونتها. هكذا أصبح السجن مدرسة لا تنسى. لم تُخرّج كاتبًا ثوريًا فقط، بل خرج منها فنان يحترف الإصغاء، ويفهم أنّ الأدب لا يُكتب من الخارج بل من الداخل، من العيش في قلب المحنة، من مصادقة الألم، ومن القناعة بأن أعظم ما يمكن أن يفعله الكاتب هو أن يقول الحقيقة، ولو كلّفته عمرًا. الكتابة كفعل مقاومة في أعماق الزنزانة، حيث تنعدم المسافة بين الجدران والنَفَس، وحيث تتآكل الأيام في رتابة قاسية، لم يكن لدى صنع الله إبراهيم ما يتمسّك به سوى الكتابة. لم تكن الكتابة ترفًا أو هواية، بل صارت فعل نجاة. بين الصمت الإجباري وأصوات الخطى المعدنية للحراس، شرع في تدوين ملاحظات وقصص قصيرة، على قصاصات ورق، وأحيانًا على أوراق سجائر، كما لو أن كل سطر يُكتب كان انتزاعًا صغيرًا من براثن العدم. لم يكن يكتب من أجل النشر أو المجد الأدبي، بل ليُبقِي ذاكرته حيّة، وليقاوم التفكك الداخلي الذي يصيب السجين إذا لم يُمسك بما يعيد له ملامحه. صارت الكتابة وسيلته الوحيدة لإثبات أنه ما زال يرى ويسمع ويفكر، وأنه لم يتحوّل بعد إلى رقم في دفاتر إدارة السجن. ومن بين الشظايا المتناثرة التي كتبها هناك، بدأت تتشكّل البذرة الأولى لروايته الأهم والأكثر جرأة آنذاك: تلك الرائحة. عندما خرج من المعتقل، لم يكن قد نسي شيئًا من تلك التجربة. بل إن الذاكرة ظلت تتوهّج داخله كجمرة لا تنطفئ. قرر أن يبدأ من تلك النقطة الصفر: من عودة السجين السابق إلى عالم لا يعرفه، ومن شعوره بالاغتراب في مدينته، وسط أهله، في جسده حتى. فكتب تلك الرائحة لا بوصفها حكاية بطل، بل كمرآة لما تفعله السلطة بعقل الإنسان، وكيف تقتل الروح دون أن تسفك دمًا. الرواية جاءت بأسلوب جديد كليًا على الذائقة السائدة. لم تكن مشحونة بالعاطفة أو الانفعال، بل مكتوبة ببرود جراحي، بلغة مقتضبة، حيادية، أقرب إلى تقرير بوليسي مجرد من الانحيازات. ومن هنا كان الصدم. النقاد المحافظون رأوا فيها انعدامًا للحس الوطني، والسلطة رأت فيها خيانة صامتة، لأنها لم ترفع الشعارات، بل كشفت الخراب بالصمت. عند صدورها عام ١٩٦٦، سُحبت الرواية من الأسواق بعد أيام قليلة، وصودرت باعتبارها "منحطة" و"هدّامة". كان ذلك دليلًا إضافيًا لصنع الله أن السلطة تخشى ما لا يمكن تصنيفه، وأن أخطر الأدب ليس ما يهتف، بل ما يصمت أمام القبح ويترك القارئ يراه دون مؤثرات. لم تُنشر الرواية كاملة إلا بعد أكثر من عشرين عامًا، لكن صداها ظل يتردد منذ اللحظة الأولى، كأنها كانت تسبق زمنها. تلك الرائحة لم تكن فقط رواية أولى، بل كانت إعلان ولادة كاتب اختار أن تكون الكتابة عنده فعل مقاومة، لا بمعناها الصاخب، بل بدقتها الموجعة، بفضحها الهادئ، بإصرارها على رؤية ما يُراد لها أن لا تراه. لقد تحوّل القيد إلى ورق، والسجن إلى سرد، والصمت إلى لغة. ومنذ ذلك الحين، لم يكفّ صنع الله إبراهيم عن الكتابة، لأنه أدرك أن من كتب لئلا يُمحى، لا يمكن أن يصمت بعدها. السجن في المتن الروائي لم يكن السجن لدى صنع الله إبراهيم مجرد تجربة طارئة مرّ بها الكاتب الشاب ثم تجاوزها، بل ظلّ حيًّا في ضميره السردي، ينهض مرة بعد مرة في نصوصه، لا كاستدعاء نوستالجي، بل كحقيقة كاشفة عن القمع والبنية العميقة للسلطة. في أعماله، لا يظهر السجن كخلفية بعيدة أو استعارة، بل يتحوّل إلى بطل صامت، له روحه، وأسواره، وعنفه، وعزلته، ومشهده الداخلي المتكرر في كوابيس المجتمع كله. أبرز تجليات هذا التوظيف كانت في رواية "شرف"، التي نُشرت عام ١٩٩٧، حيث لا يحكي إبراهيم عن سجن رمزي، بل يفتح أبواب السجن الحقيقي بكل ما فيه من عنف وتناقض، كأنه ينقل القارئ من مقعده إلى قلب الزنزانة. لا مجال في هذه الرواية للتهويم أو المجاز، بل يقدّم الكاتب سردًا واقعيًا لليومي المقموع، لما يعيشه السجين بين الجدران: دخول الزنازين، قوانينها، تفاصيل الطعام الرديء، رائحة العرق والدم، صدى الأنين ليلًا. شخصية "شرف" نفسها، الشاب الذي يدخل السجن بسبب قتله أجنبيًا حاول الاعتداء عليه جنسيًا، ليست إلا مرآة لمجتمع مأزوم، تضعه الدولة في القفص وتنسحب، بينما تُترك مصائر البشر لتُعاد صياغتها داخل مؤسسات العقاب. في السجن، يتعلّم "شرف" أن القانون ليس سوى ديكور، وأن السلطة الحقيقية يملكها السجانون والسجناء الكبار، في توازن قوى يشبه خارج الأسوار تمامًا. وبينما يتنقّل شرف من الزنزانة إلى عنابر المساجين الجنائيين ثم السياسيين، يستعرض إبراهيم خرائط السجن كما لو كان يرسم خارطة مجتمع مصغّر. كل عنبر يحمل نظامه الخاص، هرميته، لغته، آلياته للعقاب والمكافأة، تمامًا كما في الحياة المدنية، لكن بلا أقنعة. يتعرّى كل شيء في السجن: السلطة، الجريمة، الدين، العلاقات الإنسانية، ويتحوّل النص إلى تشريح كامل لجسد الدولة القمعية. وفي هذا العالم السفلي، لا ينسى إبراهيم أن يسجّل شهادته الخاصة، المبطّنة، من خلال حوارات دقيقة وتفاصيل دقيقة لا تُبتكر في الخيال. صوت صنع الله يبدو من خلف الستار، لا يصرخ لكنه يُصيب، لا يتدخل لكنه يُعرّي. لا شك أن هذه الدقة في وصف الحياة اليومية خلف الأسوار لم تكن ممكنة لولا تلك السنوات التي قضاها هو نفسه بين الجدران، يراقب ويتأمل ويسجل، لا بقلم بل بذاكرة لا تنام. رواية "شرف" إذن ليست فقط عن البطل الفرد، بل عن الجماعة المحبوسة، عن المجتمع حين يُختصر في زنزانة، وعن البلاد التي تُحكم كما يُدار السجن: بالخوف، بالهرم السلطوي، وبمنطق القهر. ولهذا، فإن السجن في أعمال صنع الله إبراهيم ليس مجرد مسرح، بل هو نص قائم بذاته، مرآة قاتمة للواقع، وأداة سردية لفهم جوهر السلطة في عالم لا يثق بالحرية. من الأيديولوجيا إلى الإنسان حين خرج صنع الله إبراهيم من السجن، لم يكن الرجل ذاته الذي دخله قبل خمس سنوات ونصف. لقد عبر الزنزانة لا كمعبر طارئ، بل كمختبر قاسٍ للحياة والأفكار. وبين جدرانها، انكسرت صورة الإيديولوجيا بوصفها طوق نجاة مطلقًا، وتفتحت أمامه أسئلة الإنسان، الفرد، الكائن المعقّد، الخارج من التاريخ والداخل إليه في الوقت ذاته. ترك التنظيمات السياسية خلفه، لا كنوع من النكوص، بل كقفزة وعي: لقد أدرك أن الحقيقة لا تملكها الأحزاب، وأن الأدب، وحده، يمكن أن يحفر في الطبقات العميقة للواقع أكثر مما تفعل الشعارات. من هنا، بدأ مشروعه الحقيقي: الكتابة كمجهر لفحص البنية الداخلية للمجتمع، والإنسان كمدخل لفهم السلطة. في روايته "اللجنة" (١٩٨١)، لا يقدم صنع الله بطلًا شيوعيًا أو ناطقًا باسم تيار سياسي، بل يضع القارئ في قلب متاهة بيروقراطية خانقة، حيث يُستدعى بطل الرواية إلى لجنة مجهولة، تُخضعه لتحقيق عبثي بلا بداية أو نهاية. الرواية تبدو في ظاهرها غرائبية، لكنها في عمقها تشريح فني لنظام القمع المتخفي، حيث يُستبدل السجن بالجهاز، والحاكم بالمؤسسة، والخوف بالصمت. ثم تأتي رواية "ذات" (١٩٩٢) لتُكمل هذا التحوّل؛ هنا لا يكتب صنع الله عن السلطة كجهاز خارجي فحسب، بل يرصد تغلغلها في الحياة اليومية، في الجسد، في تفاصيل العيش الصغير. البطلة "ذات"، الموظفة البسيطة التي تعيش في القاهرة، تصبح مرآة لتحولات مصر من الستينيات إلى الثمانينيات، عبر سرد خالٍ من التجميل، لكنه مشبع بالمفارقات. لا قفزات درامية، لا أبطال خارقين، فقط حياة عادية يُنهكها الزمن والسياسة. في "ذات"، يتحوّل الوطن إلى شقة، والسلطة إلى جهاز تلفزيون، والحياة إلى طابور. إنها الرواية التي تخلّى فيها صنع الله عن منبر الأيديولوجيا، ليجلس في الصفوف الخلفية ويراقب: كيف يُصنع الإنسان ويُكسر في ماكينة اجتماعية لا تهدأ. لم يعد هناك مكان للحلول الكبرى، بل للأسئلة الصغيرة التي تشبهنا، والأسى اليومي الذي لا تكتبه الصحف. هذا التحوّل لم يكن انسحابًا من المعركة، بل إعادة تعريف لها. فبدلًا من مواجهة النظام بالبيان السياسي، صار يواجهه بجملة سردية حادة، بشخصية مسحوقة، بلحظة صمت مملوءة بالمعنى. لقد آمن أن الأدب، حين يتخلص من اليافطات، يصير أكثر خطرًا، لأنه ينفذ إلى المساحات التي تظن السلطة أنها محصّنة. وهكذا، صار صنع الله إبراهيم كاتب الإنسان لا كاتب الحزب. كاتب المتاهة الداخلية لا الخندق العقائدي. كاتب الهامش الذي يقول ما لا تستطيع النخبة أن تصرخ به. لقد تحرّر من الأيديولوجيا ليكتب عن الإنسان الذي سحقته، وبهذا، أصبح أكثر وفاءً للعدالة التي حلم بها ذات يوم، حين كان يوزّع المنشورات، قبل أن يعرف أن الحبر وحده، في النهاية، هو الذي يبقى. القيد الذي حرر الكتابة لم تكن الزنزانة آخر المطاف في حياة صنع الله إبراهيم، بل كانت نقطة البدء الحقيقية. هناك، في العزلة القسرية، انبثق وعي جديد، وتشكّلت علاقة مختلفة مع الكلمة، علاقة نحتت في جدار الصمت سردًا مقاومًا. لم يكن السجن مجرد محنة جسدية أو سياسية، بل كان معملًا خفيًّا صهر فيه الكاتب ذاته القديمة، وخرج منه أكثر حدّة وصدقًا، وأكثر قدرة على أن يرى الواقع من ثقب إبرة، أو من شرخ في الجدار. كان يمكن لتجربة السجن أن تهشّم روحه، أن تدفعه إلى الصمت أو الجنون أو الانكفاء، لكنها بدلًا من ذلك شحذت أدواته، ومنحته سلطة أخلاقية نادرة: سلطة من عانى ثم كتب، لا من راقب عن بعد. القيد الذي التفّ حول معصمه، تحوّل في كتاباته إلى استعارة كاشفة عن القمع، لا تغادر مخيلة القارئ بسهولة، بل تظل تلاحقه، كما يلاحق شبح السلطة أبطاله. الكتابة عند صنع الله لم تكن ترفًا، ولا محاولة للنجاة فقط، بل كانت فعلًا واعيًا للقبض على لحظة الحقيقة. هو لم يكتب ليعبّر عن ذاته فحسب، بل كتب كي يدوّن ما لا يجب أن يُنسى، ما حاول النظام دفنه في تقارير مغلقة أو في زنازين منسية. لذا، جاء أدبه حادًّا، مقتصدًا، متقشّفًا كما هي حياة السجين، لكنه في الآن ذاته ممتلئ بما يزلزل القارئ من الداخل. لقد علّمته الزنزانة أن الكلمات القليلة الصادقة، أكثر وقعًا من المجلدات المحشوة بالشعارات. صار يكتب وهو يعلم أن لكل جملة ثمنًا، ولكل سطر تاريخًا شخصيًا وسياسيًا، ولهذا بدا صوته فريدًا في المشهد الثقافي: صوت لا يساوم، لا يتلوّن، لا يهادن. صوته ظل منحازًا لأولئك الذين لا صوت لهم، الذين عاشوا في الظل، تمامًا كما عاش هو في المعتقل. وهكذا، يمكن القول إن تجربة القمع لم تُخرس صوته، بل صقلته، وإن القيود التي أُغلقت عليه في الزنزانة، فُتحت في نصوصه على آفاق لا حصر لها من المعنى. لقد خرج من السجن وهو يحمل بذور رواياته الكبرى، لا على كتفه، بل في أعماقه، ينبتها مع كل كتابة جديدة. في النهاية، يثبت صنع الله إبراهيم أن الحرية الحقيقية لا تُمنح، بل تُنتزع عبر الكلمة. وأن الأدب حين يُولد من المعاناة، يصبح وثيقة وصرخة ومرايا، بل يصبح فعل مقاومة حقيقي. وهكذا، من بين الحديد والبرد والجدران، خرج صوته حرًّا، يكتب ما لا يُقال، ويروي ما يُراد له أن يُنسى.