
عمائم ملوّنة وفسيفساء متكسرة.. الفتنة ليست نائمة فى سوريا واللعنة على مَن أنكرها
يُمكن أن تربح فى أية لعبة جديدة من المرة الأولى. يكفى الحظ لاحتمالية المرور؛ لكنه لا يستوفى اشتراطات الاحتراف، وبطبيعة الحال لن يسمح لك بالبدء مُدربًا، ومُحاضرة الآخرين فيما يصح أو لا يصح، وما يتوجّب عليهم إتيانه لأجل الإجادة، وعلى طريق اكتمال المهارة وقنص البطولات.
حظ المُبتدئين أتاح للجولانى أن يخلع العمامة ويعقد رابطة العُنق، وأن يُستقبَل فى الرياض وأنقرة بصفة الرئيس، ويخطب أمام القمة العربية الطارئة مُمثّلاً للشام. يسَّر له أن يشطب ماضيه الأسود بكلمة عابرة، وأن يُوفِّر له الرَّعاة جمهورًا مُتأججًا بالهُتاف والتصفيق، وجاهزًا لعَقد لواء الولاية للمَدنىِّ الخارج سباحةً من مستنقع الأُصولية والدم.
فريقان انقسما على التجربة: داعمون عاطفيون تحرّكهم الأيديولوجيا أو يسوقهم الضيق من تراث البعث والأسدين، ورافضون عقلانيون ما ارتاحت عقولهم إلى القفزات غير المنطقية، وإعادة ضبط المصنع بضغطة زِرّ، وإطلاق المُنتج القديم تحت علامة تجارية جديدة، مُضادّة لها تمامًا، ولا رابط بينهما من أى وجه على الإطلاق.
وبهذا؛ يتبدّى الوافد الجديد مُطوّقًا بالانقسام منذ الخطوة الأولى. الحاضنة اللصيقة فكرًا واعتقادًا ستقبل منه ما لا يُقبَل من غيره، والمناوئون لن يرضوا عنه ولو أشعل أصابعه شموعًا. ماضيه يتربّع فوق رأسه مهما أنكر، وحُلفاؤه بايعوه على مُشتركات لا نعلمها، والدولتية والداعشية لا ينسجمان، وعبء الخروج من غابة التناقضات تلك يقع على عاتقه مُنفردًا.
عاش السوريون مأساة كاملة لنحو أربع عشرة سنة. وفرش الأسد الابن طريق خلافته بالورد؛ ولو كان الخليفة داعشيًّا أو آتيًا من خارج فضاء السياسة والدولة أصلاً. باختصار؛ هرب الناس من الشرّ المعلوم إلى سواه، وما توقفوا للسؤال إن كان خيرًا أو شرًّا، بل لو أتاهم الشيطان نفسه لبايعوه على الخروج من زمن المأساة المعلومة، على أمل ألا يُفضى لمآسٍ بديلة.
هُزِم الأسد ولم ينتصر الجولانى، ويُخطئ الأخير لو تصوّر أن دخوله قصر الشعب تحصَّل بالسلاح فى هَبّة ديسمبر، أو أنه من آثار الحرب الأهلية الدائرة منذ فاتحة العقد الماضى. كان الأمر حصيلة توازنات إقليمية ودولية، ونتاج تكثيف للدعم وراء واحد، وانفضاضه من حول الآخر؛ فكأن قرارًا اتُّخذ خارج الشام أصلاً بتنحية الساقط وتولية الصاعد.
وإزاء لعبة الميكانو المُدارة وراء الحدود أصلاً؛ فإن الرحيل والوفادة لا يعبران عن دراما خاصة، ولا مفاعيل داخلية تُعيد ترتيب الأوراق والنظر للسياسة من أُفق وطنى صافٍ. كان بشّار أداة لدى الشيعية المُسلّحة؛ أقله منذ العام 2015، ووارثه اليوم بيدق على رقعة العثمانية الجديدة، وكلاهما ما كانت له الخيرة من أمره، ولا يحكم فى شىء حتى نفسه، وعلى الساعين للاتصال به أو الانفصال عنه، الذهاب إلى مُشغّليه رأسًا.
وليس القصد مِمَّا فات تبرئة أيِّهما من الخروقات الواقعة تحت ولايته، ولا تصويره على صورة الساذج المُغرَّر به؛ بل إعادة النظر للصورة من مسقط صحيح، واستقراء الأبعاد الحقيقية للمشهد فى تبدلاته؛ بحيث لا نظل عاكفين على السرديّة المُشوّهة عن الصراع السورى السورى، وعن أفضلية طرف على طرف، أو اختراع الشرعية من العَدم، وتحت لافتة أقرب للحق الذى يُراد منه عموم الباطل.
صعد الأسد الابن بقرار حصرى من الأب، وحل الجولانى على العرش ذاته اليوم بقرارٍ من آباء آخرين، صحيح أننا نجهل حجم التوافق على عملية الإحلال، ونسب الشراكة بين اللاعبين فى تفكيك الحُكم وإعادة تركيبه من طينة مُغايرة؛ إلا أنها ليست عملية شعبية فى الحالين؛ فلا الديمقراطية رافقت القديم فى قدومه وبقائه الطويل، ولا الثورة خلعته، ولا شرعية الشارع انتدبت بديله فى سلطة الأمر الواقع، وهو أقرب فقهيا لتعريف «المُتغلِّب بالسيف»، وعَمليًّا إلى أحمد الجلبى وأشباهه مِمَّن دخلوا العراق على دبابات الأمريكان.
دمشق مدينة أُمويّة حتى النخاع، ويبدو أنها تصبغ حُكَّامها بلونها العتيق، لا فارق بين بشَّار العلوىِّ بمسحة علمانية، أو الجولانى السُنِّىِّ بنكهة جهادية. كلاهما يُشبه يزيد، أو يتشبّه به، ولا كرامة لتقىٍّ أو كريم نسب طالما يُنازع السلطان فى سلطانه، ومعيار الفرز الوحيد أن تُبايِع أو تُباع، ثم نبحث فى المُبرِّرات التى على ضوئها يُقرَّب القريب ويُبعَد البعيد، وتطير رؤوس الموعودين بالموت؛ لا لشىء إلا أن يكونوا عِظَة للخاضع والجاحد، أو صِبغةً للعرش والعهد.
سوريا مساحة عريضة من الألوان، فسيفساء ثريّة عِرقًا ودِينًا، ولكلٍّ منها عِمامته بهيئتها وألوانها. واجب الدولة أن تصون التنوّع وتُجيّر طاقته لصالحها، وأن تصنع «قوسَ قُزحها» الخاص من تلك التلاوين، بحيث يظل كلٌّ منها قائمًا بذاته، وتتداخل معًا فى سبيكة طيفيّة واحدة. وما حدث فى الحقبة الأسدية أن الهيئات والألوان طُمِسَت تقريبًا، وما يُحدثه ضباعُ الأُصولية اليومَ أنهم يُكسِّرون الفسيفسائية ويُؤلِّبون العمائم على بعضها.
ربما يكون لأحداث الساحل السورى الأخيرة ظل سياسى؛ لكنها غير معزولة تماما عن الطائفية. لا يمكن القفز سريعا على علوية الأسد، بما يواكبها من تداخل وسوء فهم وثارات معلقة، كما ليس من حسن الفِطَن القفز على حالة الجولانى بتمثلاتها، والطبيعة الراديكالية للطبقة التى صعد بها، ويحكم من خلالها، ولا ترى العالم خارج نزاعات المعتقد والمذهب، وتقدم العدو القريب دوما على البعيد، وغرامها كله فى الولاء والبراء والاستعلاء بالدين.
الطائفية حقيقة ماثلة فى الشام، ومن واجب المأسسة الاجتماعية والسياسية أن تديرها، لا أن تنكرها أو تُناطحها.. ومن الحقائق أيضا أن سوريا جُرّفت طويلا، وتهشمت ميثاقية العيش المشترك والمواطنة المتكافئة جراء عقول الشمولية والحرب، فعاد الناس جميعا لانتماءاتهم الأولية الضيقة، وغلب الفردى فى الهوية على الجماعى، وليس من أثر ذلك أن ينظر السوريون لبعضهم من زاوية الآخر المختلف فحسب؛ بل إنهم ينظرون للمجال العام من ثقب الطائفة، ويفكرون فى البلد بالعاطفة لا العقل.
لا حاجة أو معنى للتفاصيل الدقيقة من الحكاية. يُقال إن عناصر الأمن العام ذهبوا لتنفيذ مذكرة ضبط بحق أحد المطلوبين فى ريف مدينة جبلة، فتعرضوا لإطلاق نار من فلول نظام الأسد، ثم تطور الأمر إلى قتال وخروقات متبادَلة. الخلاصة أن المناطق التى يغلب عليها المكون العلوى شهدت مذابح نكراء، وقُتل الناس على الهوية داخل بيوتهم، وبينهم نساء وأطفال، ونُهبت الممتلكات وكَبّر القتلة على جثث الضحايا. وأخطر ما فى الأمر أنه أُدير تحت لافتة الدولة؛ حتى لو كانت مخطوفة ولم تستعد انتظامها المؤسسى خارج المَلشنة والاحتكار الأصولى.
تفجّرت الوقائع فى نهار الخميس، وامتدّت المقتلة الطائفية بوحشية وانفلات ليومين كاملين، وما توقفت تماما إلا أمس، عندما أعلنت وزارة الدفاع فى الحكومة الانتقالية «انتهاء العملية العسكرية بعد تحقيق أهدافها» بحسب منطوق متحدثها، من دون إيضاح طبيعة الأهداف، ولا الإفصاح عن أعداد القتلى والموقوفين من الفلول والخلايا المزعومة؛ فكأنهم يُصرحون من حيث لا يريدون قطعا، بأن الهدف كان فى الترويع وكىّ الوعى العلوى، وصناعة أمثولة التوظيف لاحقا فى مهمة تقويم الأقليات ونمذجة علاقتها بالسلطة الباطشة.
أطل الجولانى للمرة الأولى مساء الجمعة. تحدث كزعيم ميليشيا جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام) لا كرئيس دولة. أنكر ضمنيا كل الجرائم الموثقة بصريا، واختزل المسألة فى ثنائية الثورة والفلول، وما أقر بالخطأ ولا اعتذر، ولا وجه بالتقصى والتحقيق ومحاسبة المتورطين. بدا الرجل فى إطلالته طائفيا خالصا، يتصنّع الاعتدال لاعتبارات المواءمة فحسب، وينشغل بشرعنة مواقف رجاله فى المقام الأول، وتصليب ظهورهم، وطمأنتهم إلى صلاحية الشعارات الثورية والخلاصية لتغطية مهامهم الطائفية القذرة.
إطلالة ثانية لم تختلف كثيرا؛ ثم انقلبت الطاولة نسبيا. كثافة المشاهد المؤذية أجّجت الغضب من السلطة الأصولية إقليميا وعالميا، صحيح أنه تحصل على بيانين أو ثلاثة توقع له على بياض، لكنّ دولا أخرى أكثر تعقلا حافظت على مواقف متوازنة لا تلغ فى الدم، وأطراف ثالثة استهجنت وأدانت، وكان التحول الكبير مع بيان الخارجية الأمريكية، ومن بعدها دعوة مجلس الأمن لجلسة مُغلقة بشأن المجزرة. استفاق الجولانى أخيرا، أو دُفع من الجهات التى فرضت عليه الرمادية قبلاً؛ فاعلن تشكيل لجنك تحقيق، والتحضير لثانية تكون وظيفتها تدعيم السلم الأهلى.
اعترف الحاكم بالتجاوزات ضمنيا؛ لكنه أبقاها تحت لافتة بقايا النظام ومحاولات صناعة الفتنة. يقول ببجاحة إن ما حدث «مشاكل متوقَّعة»، ولا يبرر تقاعسه عن التحسب لها طالما أنه يتوقعها مسبقا. يقول بصلابة: «لن نسمح لقوى خارجية أو محلية بجَرّنا للفوضى والحرب الأهلية»، ويتجاهل أن سوريا قابعة فى فوضاها واحترابها الأهلى بالفعل، والسؤال يجب أن ينصرف إلى بحث مسار السلم والتنظيم، وليس الإنكار أو ادعاء التصدى لخطر حاضر ومُخيّم بثقله فعلا.
أنكر الرئيس المؤقت لحسابات حركية لا نظامية، وعندما تراجع معترفا كان لاعتبارات خارجية فوق وطنية. يشغله المقاتلون الأصوليون أكثر من الدولة والناس، ورضاء الرعاة أو الأمريكان أهم عنده من التنظيم وعناصره. لا سوريا مطلوبة لذاتها، ولا حتى هيئة تحرير الشام؛ فكلتاهما وسيلة لغايات أخرى، وعليه فلا قيمة للبشر من الجانبين: يُقتَل العوام لتثبيت المجاهدين، وإن ضاقت سيُضحى بإخوة الجهاد لصالح الفكرة، وبإمكان الأغلبية أن تخوض مكاسرة على الأعداد وخزانات الدم، منا قتيل ومنكم، وسنبقى طبعا ويفنى الآخرون
معضلته الحقيقية فى أنه يرقص على حبل مشدود بين نارين. ربما يكون براجماتيا، أو يتصنع التقية والمعاريض؛ لكنه يتحرك بسرعة تتجاوز فصيله الرجعى، وتتباطأ كثيرا بالنظر لطبيعة المجتمع. جاء من كهف مظلم إلى بيئة مدنية حديثة، لا يمكنه أن يصدم وعى البدائيين الطالعين معه، كما لا يستطيع مجاراة المعاصرين الذين تجاوزوا سرديات القرون الأولى بما فيه من خير وشر. ينشد لفريق يطلب الموت، ويلمع فى عينيه فريق يهيم بالحياة، ولا سبيل للتوفيق بينهما دون انحياز واضح؛ لكنه أضعف من اتخاذ القرار، وربما لا يملكه من الأساس.
منذ أُحكِمت قبضة الميليشيات على السلطة بعد رحيل الأسد، تقرر فيما بينهم أن يحتكروا المجال العام. يُمكن أن يُحمَل الأمر مبكرا على الحاجة للصلابة والتجانس، وأن طبيعة الظرف تقتضى تغليب الثقة على الكفاءة، والولاء على المواطنة. لكن كان يتعين أن يُرفَد ذاك بوعى دقيق وديناميكى، يعرف أن من آثاره الجانبية تضخيم الريبة والشكوك، وتغليب الأمنى والحركى على السياسى والوطنى، وكلما طال الأمد يتفسخ النسيج ويتعذر بناء الإجماع، ويتحول الحسم الذى كان مفهوما ومطلوبا فى البداية، إلى شمولية تسلطية وقهر مقصود، ما يغذى فى صدور الآخرين طاقة الغضب والتمرّد، ويوسع الشرخ معهم على الصعيد النفسى، ولو تأخر الانفجار أو بدا محدودا فى السياق المادى.
والحال؛ أن رأس الذئب الطائر فى الساحل الغربى ربما يكون قد أرعب العلويِّين فعلا؛ لكن التداعيات تتجاوز حواضن العائلة الأسدية إلى عموم الجغرافيا السورية. الذين ألقوا سلاحهم نادمون الآن، والقابضون عليه لن يتخلّوا عنه بسهولة، أكان جنوبًا عند الدروز أو شرقا وشمالا لدى الكُرد. تطييف السكّان ينسحبُ على المكان حُكمًا وسلوكًا، ما يُهدِّد بصراعات مناطقيّة تبدأ تحت راية الطائفة؛ لكنها قد تستقلّ عنها لاحقا، وإذا كان انسلاخ البشر عن المُجتمع الموّار صعبًا، فالمُدن المُوزّعة على الأطراف يسيرة على القضم والهضم أيضًا.
تكثّف الضغط على كل المكونات القَلِقَة. السلطة عاجزة عن طمأنة المجموع، أو غير راغبة أصلاً. تحتكر الحكومة والحوار الوطنى وتأسيسية الدستور، تحل الأجهزة الأمنية وتعوِّض عنها بميليشيا من لونٍ واحد، تفهم الدولة من منظور سطحى أو مُحرَّف تمامًا؛ إذ المفهوم لديها ينحصر فى مُعتقد صلب وجغرافيا سائلة، بينما العكس لدى الدول الوطنية الحديثة. مفهوم المواطنة غائب عن وعى الأصوليين بالكامل.
التحق المقاتلون الأجانب بالجيش، وقتلوا السوريين فى مدن الساحل وأريافه، ولا يرى الجولانى غضاضة فى الأمر، مثلما وصف المقبوض عليهم بـ«الأسرى» فى خطابه الأول. صار الغريب مواطنًا بعضوية الميليشيا لا بالجنسية، وحتى لو مُنِحوا إيّاها اليوم فلن يختلف الأمر كثيرًا، إذ الأزمة لدى سلطة الأمر الواقع فى المفاهيم أوّلاً، ثم فى توقيعها على المجال الحيوى للسوريين تاليا، وعليه يتطلّب الأمر وقوفًا على معانى الدولة والدستور والقانون والديمقراطية والمواطنة والمدنية وبقيّة المفردات المُؤسسة للاجتماع المدينى الحديث.
السنّة أغلبية هُضِمت طويلاً؛ لكنه لا حق لها فى ابتلاع الدولة، أكان بالعدد أم بمنطق التعويض عن الماضى. تسنّم الجولانى مقعد الحُكم بالسلاح، وينتقل منه إلى المُغالبة العددية، وهى إن كانت صالحة فى صناديق الانتخاب؛ فإنها غير مقبولة فى العناوين الوجودية ومراحل التأسيس. لا يحقّ لهم الثأر من العلويِّين أو غيرهم، ولا شطبهم من مُعادلة الإدارة لأنهم أقليّة. يحتاج الرجل للاعتراف باختلاف المرجعية، وبأنه وافد من خارج ثقافة الدُّوَل، وعليه أن يتعلَّم ويتربَّى قبل أن يتجرّأ على الجهر بوَصفته الخاصة.
شرعيته بُنِيَت بيده العارية، وعلى أنقاض نظام متوحَّش. إنها شرعية الاضطرار وغياب البديل؛ لكنه مع مرور الوقت سيفتقد لغطاء المبررات الأسدية، وستفقد الحجّة بريقها، وتتبقّى الأسئلة الجادة. إن كان مُقدّرًا له أن يواصل التجربة؛ فعليه البحث عن شرعية بديلة، وخارج سياق القوّة والاحتراب الأهلى وتطييف الجغرافيا والديموغرافيا. والحال؛ أنه يتقاعس عن نسج مظلّة جامعة، وما قدَّم أية إشارات مُطمئنة بشأنها، بل على العكس فعل كل ما ينسف الأمل ويُزعج المجموع السورى من خارج فصيله الضيِّق.
الخلل بنيوى لا شكلانى، وعلى امتداد الخارطة لا فى الساحل ومع العلويين فحسب. قبول النظام المؤقت ما يزال انتقائيا، وتحكمه العاطفة، وحاضنته الحالية أقصى ما يُمكن تأمينه، ومع استفحال المشكلات أو صعوبة تفكيكها سينفض السُّنة أنفسهم من حوله. يحتاج الجولانى لإجراءات جادة من خارج ذهنية العصابة المؤمنة، ولتبدأ بتفكيك بقايا الميليشيات داخل الأجهزة وخارجها، ودمج بقية المكونات فى الهيكلية الإدارية والأمنية للدولة، وتوسيع مجال الحوار فى الانتقال والدستور، وتحقيق العبور من الثورة للدولة بالممارسة لا الأقوال فحسب، وأولها إعلاء سيادة القانون، وإرساء قاعدة مُجرّدة وعادلة على كل الأطراف، تبدأ وجوبا وعلى وجه السرعة بمحاسبة مُجرمى هيئة تحرير الشام وفصائلها الرديفة عمَّا أحدثوه بحق العلويين.
الفتنة فى سوريا حاضرة لا نائمة، واللعنة على مَن أنكرها أو تباطأ فى التصدِّى لها، وفى قَطع الطريق على استثمارها فى صراع العروش ولُعبة الأُمَم.. يُمكن استيعاب أن الجولانى ورجاله يغلب فيهم الطبع على التطبُّع، ولا دراية لهم بالدولة والمدنية والمواطنة؛ إنما لا مُبرِّر على الإطلاق لانعدام الرغبة فى التعلُّم والانضباط، ولا لإعماء العين عن جرائم موصوفة ومُوثّقة.. الأسد صِفة بأكثر مِمَّا هو اسم، ولا يُمكن أن تمشى على منواله وتُعاين مصيرًا مُختلفًا. ويبدو أن النزعة الأُمويّة لديهما ذوّبت فروق العلويّة عن السُّنيّة الجهادية، وأعطت للجولانى فى أسابيع ما أعطته لبشّار فى سنوات، دراما تُعيد نفسها، ومحرقة نتمنّى ألا تُطيح بما تبقّى من سوريا الغالية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


أخبار اليوم المصرية
منذ 8 ساعات
- أخبار اليوم المصرية
مغادرة سوريا وتسليم السلاح في لبنان.. ماذا يحدث للفصائل الفلسطينية؟
غادر قادة فصائل فلسطينية كانت مقربة من الحكم السابق في سوريا وتتلقى دعما من طهران ، دمشق ، وفق ما أكدت مصادر فلسطينية لوكالة فرانس برس، بعد تضييق السلطات عليهم وتسليم الفصائل سلاحها. وكانت واشنطن طلبت من السلطات السورية قبيل رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا ترحيل المنظمات الفلسطينية المتعاونة مع طهران. في لبنان المجاور، من المقرّر أن تبدأ السلطات سحب السلاح من مخيمات اللاجئين الفلسطينيين منتصف حزيران/يونيو، بناء على اتفاق مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي يقوم بزيارة رسمية إلى بيروت، وفق ما أفاد مصدر حكومي لبناني فرانس برس. وأكّد قيادي في فصيل فلسطيني رفض الكشف عن هويته وأصبح خارج دمشق أن "معظم قادة الفصائل الفلسطينية التي تلقت دعما من طهران غادروا دمشق" الى دول عدة بينها لبنان. وعدّد من بين هؤلاء خالد جبريل، نجل مؤسس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين-القيادة العامة، وخالد عبد المجيد، الأمين العام لجبهة النضال الشعبي في سوريا، وزياد الصغير، الأمين العام لحركة فتح الانتفاضة. وتنضوي تلك الفصائل مع مجموعات أخرى من لبنان والعراق واليمن في إطار ما يعرف بـ"محور المقاومة" الذي تقوده طهران، التي كانت أبرز داعمي الأسد. وأوضح القيادي الفلسطيني أن قادة الفصائل المعنية "لم يتلقّوا أي طلب رسمي من السلطات بمغادرة الأراضي السورية، لكنهم تعرّضوا لمحاولات تضييق، وتمّت مصادرة ممتلكات تابعة لفصائلهم ومقدراتها، عدا عن اعتقال زملائهم"، مضيفا "باتت تلك الفصائل ممنوعة من العمل بحكم الأمر الواقع". ولم ترد السلطات السورية على طلب فرانس برس التعليق. وبدأت سوريا تستضيف فلسطينيين منذ العام 1948، أي بعد ما يُعرف بالنكبة، واستقرّت قيادة بعض الفصائل الفلسطينية في سوريا منذ منتصف الستينات. واتُهمت دمشق خلال السنوات التالية بتغذية الانقسامات داخل الفصائل واستخدام الورقة الفلسطينية لمصالحها السياسية. قبل اندلاع النزاع في سوريا في العام 2011، شكّلت دمشق قاعدة رئيسية لحركة حماس، لكن هذه الأخيرة أقفلت معظم مقراتها في سوريا في العام اللاحق وغادرت البلاد على خلفية تدهور علاقتها مع الحكم السابق ودعمها معارضي الأسد. وانقسم الفلسطينيون على الأرض، وخصوصا في مخيم اليرموك في جنوب دمشق، بين مؤيد للمعارضة ومؤيد للسلطات، وقاتلوا الى جانب الطرفين. اليوم، تغيب رايات الفصائل الفلسطينية عن مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين حيث يشهد الدمار على ضراوة المعارك خلال سنوات النزاع الأولى، وتبدو مقرّات الفصائل مقفلة ولا وجود لمسلحين قربها. ويتكرّر المشهد قرب مقار معروفة لفصائل عدّة في عدد من أحياء دمشق، وفق مصوري فرانس برس. ويقول علي ناصر، ستيني من سكان المخيم، "لم يبق أحد من الفصائل، جميعها خرج، وحتى سياسيا لم يعد لها دور". ويؤكد القيادي الفلسطيني أن السلطات السورية الجديدة "صادرت ممتلكات معظم الفصائل من منازل شخصية ومقرات وسيارات ومعسكرات تدريب في ريف دمشق ومحافظات أخرى". ويوضح أن الفصائل "سلّمت السلاح الموجود في مقراتها أو لدى كوادرها بالكامل" الى السلطات التي تسلمّت كذلك "قوائم بأسماء من لديه قطع فردية من عناصر الفصائل وطالبت بها". وحضّت واشنطن التي تصنّف فصائل فلسطينية عدة منظمات "إرهابية"، السلطات الجديدة في دمشق، على "منع إيران ووكلائها من استغلال الأراضي السورية". وطالب الرئيس الأميركي دونالد ترامب نظيره السوري أحمد الشرع خلال لقائهما في الرياض بـ "ترحيل الإرهابيين الفلسطينيين"، وفق البيت الأبيض. وقال مصدر فلسطيني في دمشق إنه بعد الإطاحة بالأسد "جمعنا أسلحة عناصرنا بأنفسنا وسلمناها.. لكننا أبقينا على سلاح فردي خفيف للحماية وليس للقتال، وذلك بموافقة" السلطات. وقال مصدر فلسطيني آخر في دمشق "لا يوجد أي تعاون بين معظم الفصائل الفلسطينية والإدارة السورية" حاليا، مضيفا "غالبا ما يكون الردّ على تواصلنا معها باردا أو متأخرا، ونشعر أننا ضيوف غير مرحب بنا". وأعلنت حركة الجهاد الإسلامي في 22 نيسان/أبريل أن السلطات السورية اعتقلت اثنين من قادتها، هما مسؤول الساحة السورية خالد خالد ومسؤول اللجنة التنظيمية ياسر الزفري. وقال القيادي في الحركة هيثم أبو الغزلان لفرانس برس إنهما ما زالا معتقلين "من دون أسباب مقنعة"، لافتا الى "جهود تبذل على أكثر من صعيد لتأمين الإفراج" عنهما. وفي الثالث من أيار/مايو، أوقفت السلطات الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين-القيادة العامة طلال ناجي لساعات، وفق ما أفاد مسؤولون في الفصيل حينها. وتبقى حركة فتح التي يرأسها محمود عباس، والتي لا وجود نافذ لها في سوريا، بمنأى عن التضييق، وفق المصادر الفلسطينية. وكان الرئيس الفلسطيني زار دمشق والتقى الشرع في 18 نيسان/أبريل. قبل اندلاع النزاع عام 2011، ناهز عدد اللاجئين الفلسطنيين في سوريا 560 ألف شخص، وفق وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين (أونروا). ومنحتهم سوريا كل حقوق المواطنة، باستثناء الانتخاب والترشيح. وانخفض عددهم خلال سنوات النزاع الى 438 ألفا. في مخيم اليرموك شبه المقفر، يقول مروان النوار "الفصائل التي وقفت مع النظام البائد، حُسم أمرها تقريبا وغادرت". ويضيف الموظف المتقاعد "يبحث الناس اليوم عن حياة كريمة فقط" بعدما "تعبوا من الفصائل الفلسطينية المتناحرة مع النظام (السابق) وضده". في لبنان، قال مصدر حكومي لفرانس برس إنه تمّ "الاتفاق على بدء خطة تنفيذية لسحب السلاح من المخيمات تبدأ منتصف حزيران/يونيو من بيروت وتليها المخيمات الأخرى". وجاء الاتفاق خلال الاجتماع الأوّل للجنة مشتركة لمتابعة أوضاع مخيمات اللاجئين الفلسطينيين أعلن الطرفان تشكيلها الأربعاء. وبناء على اتفاق ضمني، تتولى الفصائل الفلسطينية مسؤولية الأمن داخل المخيمات التي يمتنع الجيش اللبناني عن دخولها. وكان سلاح الفصائل الفلسطينية عنصرا أساسيا في اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية (1975 - 1990).

مصرس
منذ 9 ساعات
- مصرس
سوريا والبنك الدولي يناقشان توسيع التعاون لشراكة أطول مدى
عقد وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، اجتماعا مع ممثلين من البنك الدولي، الخميس، بهدف تأسيس شراكة أوسع وأطول مدى بين الجانبين. أفاد بذلك بيان لوزارة الخارجية السورية عبر منصة إكس، لم يذكر هوية ممثلي البنك الدولي الذين شاركوا في الاجتماع بدمشق.وذكر البيان أنه تم "عقد اجتماع متابعة بين وزارة الخارجية والمغتربين وممثلي البنك الدولي، بهدف البناء على مخرجات اجتماعات الربيع الأخيرة، وتأسيس شراكة أوسع وأطول مدى خلال الفترة المقبلة".وبين أن الجانبين ناقشا "التقدم المحرز في أول مشروع مشترك في قطاع الطاقة، والذي دخل مراحله التحضيرية، إلى جانب سبل دعم البنك الدولي لسوريا في مجالات الإدارة المالية العامة والطاقة والتعليم والصحة".وأكد الطرفان "أهمية وضع أطر واضحة للتعاون تركز على الدعم الفني وبناء القدرات والإصلاح المؤسسي وتطوير الأنظمة التقنية بما يعزز مسار التعافي والاستقرار في البلاد".وأبدى فريق البنك الدولي اهتمامه بالعمل وفق الأولويات الوطنية، مع الاتفاق على مواصلة التنسيق لتحديد الخطوات المقبلة والعمل على تأطير الشراكة عبر آليات مناسبة، وفق البيان ذاته.والجمعة الماضية، أعلن البنك الدولي تسوية المتأخرات المالية المستحقة على سوريا، والبالغة قيمتها 15.5 مليون دولار لتصبح مؤهلة للحصول على تمويلات جديدة.وأشار، حينها، إلى أنه "تم سداد هذا المبلغ من قبل كل من السعودية وقطر".وفي 14 مايو الجاري، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال "منتدى الاستثمار السعودي الأمريكي 2025" في الرياض، اعتزامه رفع العقوبات المفروضة على سوريا.وأوضح أن القرار جاء بعد مشاورات مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان.وتتطلع السلطات السورية إلى دعم دولي وإقليمي لمساعدتها في معالجة تداعيات 24 سنة من حكم الرئيس المخلوع بشار الأسد (2000-2024).وعلى خلفية انتهاكات نظام الأسد ومجازره في قمع الثورة بسوريا منذ 2011، فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول أخرى بينها بريطانيا عقوبات على هذا البلد العربي، شملت تجميد أصول، ووقف التحويلات المالية، والحرمان من التكنولوجيا، وحظر التعامل مع نظامه.ومنذ الإطاحة بنظام الأسد، تطالب الإدارة السورية الجديدة بقيادة أحمد الشرع، برفع تلك العقوبات، لأنها تعرقل جهود إعادة الإعمار.وفي 8 ديسمبر 2024، بسطت فصائل سورية سيطرتها على العاصمة دمشق بعد مدن أخرى، منهية 61 سنة من حزب البعث الدموي و53 سنة من سيطرة أسرة الأسد.

مصرس
منذ 9 ساعات
- مصرس
تركيا ترحب برفع العقوبات الأمريكية والأوروبية عن سوريا
رحبت وزارة الخارجية التركية، السبت، برفع العقوبات الأمريكية والأوروبية عن سوريا. جاء ذلك في منشور لمتحدث الخارجية التركية أونجو كتشالي، على منصة إكس.وقال كتشالي: "إن الخطوات الأخيرة التي اتخذتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لرفع العقوبات عن سوريا موضع ترحيب".وأوضح المسؤول التركي أن هذه الإجراءات تحمل أهمية كبيرة للجهود الرامية إلى تحقيق الاستقرار والأمن في سوريا.وأكد أن تركيا ومن خلال قدرتها المؤسسية والقوة الريادية لقطاعها الخاص وبالتعاون مع جميع الدول المنفتحة على التعاون، ستواصل دعم الخطوات التي من شأنها أن تساهم في التنمية الاقتصادية في سوريا.والجمعة، أصدرت وزارة الخزانة الأمريكية ترخيصا عاما يوفر "تخفيفا فوريا" للعقوبات المفروضة على سوريا، تماشيا مع قرار الرئيس دونالد ترامب.وأشارت وزارة الخزانة، في بيان عبر منصة إكس، إلى أن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية، التابع لها، أصدر "اليوم (الجمعة) الترخيص العام السوري رقم 25 الذي يوفر تخفيفا فوريا للعقوبات المفروضة على سوريا".وأوضحت الوزارة أن الترخيص "يسمح بالمعاملات المحظورة بموجب لوائح العقوبات السورية، وهو ما يعني من الناحية العملية رفع العقوبات عن سوريا".وفي إطار رفع العقوبات الدولية عن سوريا، أعلنت الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس، الثلاثاء، اتخاذ قرار برفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا.وتتطلع السلطات السورية إلى دعم دولي وإقليمي لمساعدتها في معالجة تداعيات 24 سنة من حكم الرئيس المخلوع بشار الأسد (2000-2024).وعلى خلفية انتهاكات نظام الأسد ومجازره في قمع الثورة بسوريا منذ 2011، فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول أخرى بينها بريطانيا عقوبات على هذا البلد العربي، شملت تجميد أصول، ووقف التحويلات المالية، والحرمان من التكنولوجيا، وحظر التعامل مع نظامه.ومنذ الإطاحة بنظام الأسد، تطالب الإدارة السورية الجديدة بقيادة أحمد الشرع، برفع تلك العقوبات، لأنها تعرقل جهود إعادة الإعمار.وفي 8 ديسمبر 2024، بسطت فصائل سورية سيطرتها على العاصمة دمشق بعد مدن أخرى، منهية 61 سنة من حزب البعث الدموي و53 سنة من سيطرة أسرة الأسد.