
زيارتان في شهرين.. ماذا يريد نتنياهو من ترامب؟
واشنطن- تثير زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ، وهي الثانية ل واشنطن منذ وصول الرئيس الأميركي دونالد ترامب للحكم من جديد في 20 يناير/كانون الثاني الماضي، تساؤلات كثيرة، خاصة أن زيارته الأولى كانت قبل شهرين فقط.
وشهد الشهران الماضيان تطورات مختلفة في العلاقات الأميركية الإسرائيلية والأوضاع المتوترة بالشرق الأوسط، إذ أعادت إسرائيل عدوانها على قطاع غزة ، وتجمَّد الحوار حول إنهاء الحرب على القطاع والإفراج عن الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة.
كما صعَّدت إدارة ترامب بشدة ضد إيران بما يتعلق بملفها النووي والصاروخي، وشنَّت واشنطن هجمات شبه يومية على الحوثيين في اليمن.
وقبل أيام، شملت التعريفات الواسعة التي فرضها الرئيس ترامب على دول العالم فرض 17% تعرفة إضافية على جميع الصادرات الإسرائيلية إلى أميركا.
وتستعرض الجزيرة نت، عبر سؤال وجواب، كل ما يتعلق بزيارة نتنياهو الثانية لواشنطن:
تم الاتفاق على الزيارة عبر مكالمة هاتفية الخميس الماضي أثناء وجود نتنياهو في المجر، بطلب من نتنياهو لمناقشة التعريفات الجديدة التي فرضها ترامب الذي اقترح أن يأتي نتنياهو إلى البيت الأبيض للحديث عن تلك القضية وغيرها من القضايا الثنائية والإقليمية.
ويهدف ترامب أن يشاهد الشعب الأميركي قادة دول أجنبية يتوافدون على واشنطن للحديث حول صفقات جديدة بعدما فرض التعريفات التي أدت إلى هبوط قياسي بأسواق المال الأميركية يومي الخميس والجمعة الماضيين، خسرت فيه الشركات الأميركية نحو 11 تريليون دولار.
وقال مكتب نتنياهو إنه سيناقش مع ترامب "الجهود المبذولة للتوصل إلى اتفاق المحتجزين بغزة، والعلاقات الإسرائيلية التركية، والتهديد الإيراني، ومواجهة المحكمة الجنائية الدولية".
ما أهم مخرجات الزيارة الأولى يوم 4 فبراير/شباط الماضي؟
جاءت زيارة 4 فبراير/شباط لتبرز أهمية العلاقات الخاصة والاستثنائية التي تجمع الولايات المتحدة وإسرائيل، وكان نتنياهو أول مسؤول أجنبي يلتقي ترامب في البيت الأبيض بعد وصوله الثاني إلى سدة الحكم.
وكانت الحرب على غزة محور لقاءات الطرفين التي شارك فيها كبار مسؤولي ملفات السياسة الخارجية الأميركيين والإسرائيليين، وطرح ترامب للمرة الأولى فكرة تهجير سكان غزة للخارج، وأن تأخذ بلاده القطاع وتطوره كي يصبح "ريفيرا جديدة" في الشرق الأوسط.
كذلك ألغى ترامب عقوبات فرضها الرئيس السابق جو بايدن على المستوطنين الذين يرتكبون جرائم ضد الفلسطينيين ب الضفة الغربية ، وأمر بشحن أسلحة لإسرائيل احتجزها بايدن.
ما أهم التطورات التي حدثت خلال الشهرين الماضيين؟
شهد الشهران الماضيان منذ زيارة نتنياهو تطورات عديدة مثيرة ومهمة. وبداية انهار اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، الذي تم التوصل إليه يوم 19 يناير/كانون الثاني الماضي، برعاية أميركية قطرية مصرية مشتركة.
ونص الاتفاق على 3 مراحل بما يشمل انسحابا إسرائيليا كاملا من غزة، وهو ما لم يحدث. وخرقت إسرائيل الاتفاق بعد رفضها تنفيذ المرحلة الثانية وطالبت حماس بالإفراج الفوري عن بقية المحتجزين، الأحياء منهم والأموات.
وأعادت حربها على القطاع يوم 18 مارس/آذار الماضي، وقتلت أكثر من 1300 مواطن وجرحت آلافا آخرين، أضيفوا إلى أكثر من 50 ألف شهيد قتلوا منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
إعلان
كما شهد ملف البرنامج النووي الإيراني تصعيدا كبيرا من جانب ترامب؛ إذ أرسل خطابا لمرشد الثورة الإيرانية يطالبه بالحوار المباشر للتوصل لاتفاق جديد، أو أن تواجه طهران عواقب وخيمة.
وتزامن تهديد ترامب بإرسال البنتاغون المزيد من العتاد الحربي بما يشمل أكبر وأقوى الطائرات المقاتلة إلى قاعدة في المحيط الهندي، إضافة إلى حاملة طائرات جديدة لا تقف بعيدة عن الأراضي الإيرانية.
ينتظر أن يلتقي نتنياهو مع مبعوث ترامب للشرق الأوسط ستيفن ويتكوف ، وتأمل إسرائيل في إحياء المفاوضات. وبدعم من ويتكوف، سعت إسرائيل لتأمين مرحلة أولى ممتدة من الاتفاق الموقع في يناير/كانون الثاني يطلق بموجبها المزيد من المحتجزين الأحياء، بدلا من الدخول بالمرحلة الثانية من الاتفاق التي ستلزمها بإنهاء الحرب والانسحاب الكامل من غزة.
ولا يزال هناك 59 محتجزا بغزة، تؤكد إسرائيل مقتل 35 منهم. ويصر نتنياهو على إنهاء الحرب فقط بعد تدمير قدرات حماس، وضمان عدم سيطرتها على القطاع.
ويقول ترامب إنه يريد "حل مشكلة غزة"، لكنه لم يوضح مؤخرا ما يقصد بذلك. ومنذ طرحه فكرة تهجير الغزيين للخارج، يكرر نتنياهو دعوته "للهجرة الطوعية" لهم التي نددت بها دول كثيرة.
وتقصف إسرائيل غزة وتتعمق قواتها في القطاع منذ استئناف الحرب أواخر مارس/آذار الماضي، كما منعت إدخال المساعدات له منذ أكثر من شهر، في محاولة للضغط على حماس، وذلك ما فاقم الأزمة الإنسانية للمواطنين، بينما تلقي إدارة ترامب باللوم على الحركة في انهيار وقف إطلاق النار.
هل تتفق أراء نتنياهو وترامب حول إيران؟ وهل سيتم التنسيق حول هجوم مشترك على طهران؟
تعمل إسرائيل على ضمان أخذ مصالحها الأساسية في الاعتبار بأي مفاوضات مستقبلية بين إدارة ترامب وإيران. وتكرر تأكيداتها، التي تتفق عليها دائرة صنع القرار الأميركي، بمنع إيران من الحصول على أسلحة نووية. وتحاول إسرائيل الضغط لتضمن أي اتفاق مستقبلي يخلِّص إيران من صواريخها الباليستية الطويلة المدى.
وفي الوقت الذي يرغب فيه ترامب التوصل إلى اتفاق جديد مع إيران عبر محادثات مباشرة، يؤمن نتنياهو أن اتفاقا نوويا جديدا بين أميركا وإيران غير مرجح للغاية، ويريد مناقشة ضربة محتملة على المنشآت النووية الإيرانية.
وصرح ترامب بمقابلة مع شبكة "إن بي سي" بأن العمل العسكري ضد إيران "احتمال حقيقي"، وقال "إذا لم يبرموا صفقة، فسيكون هناك قصف، سيكون قصفا لم يروا مثله من قبل".
وفي رده، تعهد المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي بشن "هجوم مضاد قوي" إذا ضربتها أميركا أو حلفاؤها، ورأت إيران أن أي تصعيد سيأتي "بتكلفة باهظة للحكومة الأميركية وحلفائها".
وبعث ترامب الشهر الماضي برسالة إلى خامنئي حثه فيها على إجراء مفاوضات نووية وحذَّر من عمل عسكري محتمل، ورفضت إيران الرسالة بسرعة واتهم خامنئي ترامب بمحاولة تضليل الرأي العام العالمي بتصوير إيران على أنها غير راغبة بالتفاوض.
ورغم رفضها المحادثات المباشرة، أعلنت إيران استعدادها للتفاوض غير المباشر، مما يشير إلى مسار محتمل للمضي قدما.
وقال ترامب إنه يريد حلا دبلوماسيا، لكنه هدّد في الأيام الأخيرة بقصف إيران إذا لم تتفاوض على اتفاق لتراجع برامجها النووية.
وكثفت أميركا ضغطها العسكري تزامنا مع المسار الدبلوماسي. ووسع البنتاغون الوجود العسكري الأميركي بالشرق الأوسط، ونشر مجموعتين من حاملات الطائرات الهجومية بالمنطقة، إلى جانب طائرات مقاتلة من طراز "إف 35" وقاذفات "بي 2" ودفاعات جوية من طراز " باتريوت".
وقالت أميركا إن هذه التحركات ليست استعدادات لضربة وشيكة على إيران، بل لدعم الحملة الأميركية ضد أحد حلفاء طهران بالمنطقة، خاصة الحوثيين. وسبق أن حذَّر البيت الأبيض من أنه سيحاسب إيران إذا أطلق الحوثيون النار على القوات الأميركية.
وبسبب الصعوبات الاقتصادية التي تواجه إيران، إضافة إلى خسائرها الإقليمية سواء في لبنان أو سوريا، يشعر ترامب بفرصة للضغط أكثر على القيادة الإيرانية على أمل أن توقع اتفاقا جديدا مع بلاده.
من جانبه، تعهد نتنياهو منذ فترة طويلة بالقيام بعمل عسكري لمنع إيران من تطوير سلاح نووي، وقال في زيارته السابقة للبيت الأبيض إنه تحت قيادة ترامب "ليس لديه شك في أننا نستطيع أن ننهي المهمة" ضد إيران.
وما مصير الـ17% قيمة التعريفات التي فرضها ترامب على إسرائيل؟
تجعل زيارة البيت الأبيض من نتنياهو أول مسؤول أجنبي يتفاوض شخصيا مع ترامب بشأن التعريفات الجديدة التي فرضتها واشنطن على مختلف دول العالم الأربعاء الماضي.
وحققت التجارة الأميركية مع إسرائيل العام الماضي عجزا بلغ 7.4 مليارات دولار، إذ بلغت قيمة الصادرات الأميركية 14.8 مليار دولار، مقابل واردات من إسرائيل بلغت قيمتها 22.2 مليار دولار.
وسبق أن وقعت الدولتان اتفاقية تجارة حرة عام 1995. وتُعد أميركا أكبر وأهم سوق لرجال الأعمال الإسرائيليين الذي يعتمدون كثيرا على وجود جالية يهودية ضخمة وغنية ونافذة داخل الولايات المتحدة.
وسيسعى نتنياهو لإقناع ترامب بإلغاء أو تقليل نسبة التعريفات، أو تقديم تنازلات تجارية من جانب إسرائيل التي تفرض تعريفات قيمتها 33% على السلع والمنتجات الأميركية. وبالفعل، استبق وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش زيارة نتنياهو لواشنطن بإلغاء جميع التعريفات الجمركية على الواردات الأميركية.
كيف تخدم زيارات البيت الأبيض نتنياهو؟
ستكون زيارة نتنياهو للبيت الأبيض الرابعة التي يقوم بها لواشنطن منذ بدء الحرب على غزة، والثانية له منذ تولي ترامب منصبه في يناير/كانون الثاني الماضي. ويروج نتنياهو داخل إسرائيل لخصوصية علاقاته بترامب الذي يحظى بشعبية "طاغية" في إسرائيل تتجاوز كثيرا شعبية نتنياهو أو أي سياسي إسرائيلي آخر.
ووسط التحديات القضائية والسياسية التي تواجه نتنياهو، يُعد اللقاء مع ترامب "طوق نجاة مؤقتا" من مواجهة عائلات الأسرى والمحتجزين الذين لا تتوقف مظاهراتهم المطالبة بضرورة التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة.
وقال البيان الصادر عن مكتب نتنياهو إن "رئيس الوزراء يقدّر العلاقة الشخصية والدافئة مع الرئيس ترامب، ويشكره على دعوته ليكون أول زعيم يلتقي به بعد فرض الرسوم الجمركية العالمية، تماما كما كان أيضا أول زعيم يلتقي به بعد دخوله البيت الأبيض".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 2 ساعات
- الجزيرة
نائب جمهوري يدعو لقصف غزة بالنووي والمقاومة تدين
ذكرت قناة كان الإسرائيلية أن عضو الكونغرس الأميركي رندي فاين من الحزب الجمهوري طالب بقصف قطاع غزة بقنبلة نووية، ردا على مقتل اثنين من موظفي السفارة الإسرائيلية في واشنطن، وهو ما أدانته المقاومة الفلسطينية واعتبرته جريمة متكاملة الأركان. وخلال مقابلة مع قناة فوكس الأميركية قال النائب عن ولاية فلوريدا في منشور على حسابه بمنصة "إكس" -حيث عرّف بنفسه بأنه "يهودي صهيوني ويفتخر"- "لم نتفاوض على استسلام مع اليابانيين، قصفناهم بالسلاح النووي مرتين للحصول على استسلام غير مشروط، يجب أن نفعل الشيء نفسه هنا، فأميركا وإسرائيل لن تختلفا يوما على إبادة الفلسطينيين". وليس فاين أول من دعا إلى ضرب غزة بالسلاح النووي، فقد سبقه آخرون، بينهم السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام الذي قارن العدوان على قطاع غزة بقرار الولايات المتحدة إسقاط قنابل ذرية على اليابان في الحرب العالمية الثانية. إعلان وقال غراهام "عندما واجهنا الدمار كأمة بعد هجوم بيرل هاربور وقاتلنا الألمان واليابانيين قررنا إنهاء الحرب بقصف هيروشيما و ناغازاكي بالأسلحة النووية، وكان هذا هو القرار الصحيح". وفي إسرائيل أيضا، دعا متطرفون كثر -بينهم وزير شؤون القدس والتراث الإسرائيلي عميحاي إلياهو- مطلع العام الماضي إلى إسقاط سلاح نووي على قطاع غزة. المقاومة تدين وتعليقا على ذلك، أدانت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) هذا "الخطاب المفعم بالكراهية والتحريض على الإبادة الجماعية"، معتبرة أنها "تعد جريمة مكتملة الأركان ودليلا على العنصرية الفاشية التي تحكم تفكير بعض الساسة الأميركيين، وهو ما يستوجب الإدانة من الإدارة الأميركية ومن الكونغرس الذي بات منصة لتبرير جرائم الاحتلال وتشجيعها عندما استقبل مجرم الحرب بنيامين نتنياهو". وقالت حماس إن "هذه التصريحات تمثل انتهاكا صارخا لمبادئ القانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف وتحريضا علنيا على استخدام أسلحة الدمار الشامل ضد أكثر من مليوني مدني، ورغم هذه الدعوات الوحشية فإنها لن تُضعف عزيمة شعبنا ولا إيمانه بعدالة قضيته، بل تفضح مجددا الوجه الحقيقي للاحتلال وداعميه". بدورها، قالت حركة الجهاد الإسلامي إن هذه التصريحات "دعوة صريحة لارتكاب جرائم ضد الإنسانية وتذكير مرعب بالفاشية ووصمة عار في جبين الكونغرس الأميركي الذي صفق لغطرسة مجرم الحرب نتنياهو". واعتبرت الحركة أن "هذه الدعوات تتنافى مع مبادئ القانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف والمواثيق التي تُحرّم استخدام الأسلحة النووية ضد المدنيين، وهي رغم خطورتها لن تنال من صمود شعبنا ولن تزعزع إيماننا بعدالة قضيتنا التي أسقطت الكثير من الأقنعة عن الوجوه القبيحة".


الجزيرة
منذ 4 ساعات
- الجزيرة
الحرب على غزة مباشر.. تنديد دولي بمنع دخول المساعدات وتفاقم أزمة تعيين زيني
في اليوم الـ68 من استئناف الاحتلال عدوانه على قطاع غزة، استمرت الغارات على خيام ومنازل المدنيين الفلسطينيين.


الجزيرة
منذ 5 ساعات
- الجزيرة
مقاتل في حماس "يتخفى في زي صحفي".. كذبة إسرائيل الجديدة
عندما قصفت إسرائيل مجمع ناصر الطبي في خان يونس يوم 13 مايو/أيار، اغتالت الصحفي الفلسطيني المعروف حسن الأصليح. كانت تلك هي المرة الثانية التي تستهدفه فيها. فقد سبق أن تعرّض لهجوم في السابع من أبريل/ نيسان، عندما قصفت إسرائيل خيمة الصحفيين خارج مستشفى ناصر، ما أدى إلى استشهاد الصحفي أحمد منصور. نجا حسن من هجوم أبريل/ نيسان، لكن بعد أسبوع، وأثناء تلقيه العلاج في سرير المستشفى من حروق شديدة وفقدانه إصبعين، قضى عليه الانفجار الثاني الذي دمّر أيضًا وحدة الحروق في المستشفى. تباهى جيش الاحتلال الإسرائيلي بأن حسن كان الهدف في الهجومين، زاعمًا أنه مقاتل في حماس "يتخفى في زي صحفي". وهي المزاعم الكاذبة ذاتها التي اعتادت إسرائيل إطلاقها كلما أقدمت على تصفية صحفي في غزة، لم تكن هذه سوى كذبتها الجديدة. كتب رايان غريم، الشريك المؤسس لموقع "دروب سايت نيوز"، ردًا على "التصريحات الجنونية الصادرة عن جيش الاحتلال"، واصفًا مزاعم إسرائيل بأنها "سلوك نفسي منحرف موضوعيًا". وزعم جيش الاحتلال أنه قصف المستشفى؛ لأن "مسؤولًا ماليًا في حكومة حماس، سبق اغتياله، كان يعمل في المستشفى خلال شهر مارس/ آذار". واعتبرت إسرائيل أن ذلك سبب كافٍ"لقصف المستشفى في مايو/ أيار". وكما أكد غريم: "للتوضيح، فإن وجود موظفين حكوميين في مستشفى لا يجعله هدفًا مشروعًا قانونيًا أو أخلاقيًا. لا سيما بعد أشهر من ذلك". وأضاف: "قصف وحدة الحروق لاغتيال صحفي بارز يرقد فيها بسبب قصفكم خيمته يمثل انحدارًا غير مسبوق. عدد قليل جدًا من الحكومات خلال المئة عام الماضية تجرأت على ارتكاب جرائم من هذا النوع، وأقل منها من تجرأ على فعلها تحت أنظار العالم". انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي تحيات مؤثرة لروح حسن، منها منشور للصحفي أبي بكر عابد جاء فيه: "وداعًا لبطل قتلته إسرائيل لمجرد أنه كان صحفيًا". وفوق صورة لحسن مرتديًا سترته وخوذته التي تحمل شعار "PRESS"، ويتطلع بنظرة حادة إلى الكاميرا، كتب صحفي آخر: "لقد اغتالتك إسرائيل يا حسن.. قتلوك لأن صوتك كان عاليًا جدًا.. قويًا جدًا". وقد لفت هذا المنشور انتباه منظمة ضغط صهيونية تُدعى "Honest Reporting"، وهو اسم يُعدّ من أكثر الأسماء تهكمًا وسخرية لمنظمة أُنشئت خصيصَى لفبركة الروايات، وفرض الرقابة على الصحافة. تأسست المنظمة عام 2006 على يد جو هيامز، المتحدث المسجل باسم السفارة الإسرائيلية في الولايات المتحدة، وقد عملت بشكل سري على مهاجمة كل من ينتقد إسرائيل، لا سيما الصحفيين في غزة. وتبين لاحقًا أن لها دورًا كبيرًا في مقتل حسن. نشرت "Honest Reporting" تغريدة جاء فيها: "لا عدد الكاميرات ولا سترات الصحافة ولا الخوذ يمكن أن تخفي من هو حسن الأصليح". وزعمت أن حسن "عمل بشكل وثيق مع حماس لترويج دعايتها الإرهابية". وكان هذا المنشور تحريضًا مباشرًا على القتل، حيث كتب مستخدم يدعى "ballofworms" تعليقًا قال فيه: إن الصحفي الذي دافع عن حسن أصبح "هدفًا مشروعًا"، ودعا جيش الاحتلال الإسرائيلي: "افعلوا ما يجب عليكم فعله". منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول، دأبت هذه المنظمة على اتهام حسن وغيره من الصحفيين بأنهم عناصر في حماس، لمجرد أنهم وثّقوا ما حدث في ذلك اليوم. وقد اتّهمت المنظّمة وكالات: رويترز، وأسوشيتد برس، وسي إن إن، وحتى صحيفة نيويورك تايمز، باستخدام صور من 7 أكتوبر/ تشرين الأول، زعمت أنها صادرة عن حماس. ردّت رويترز وأسوشيتد برس بقوة، وأجرت رويترز تحقيقًا مستقلًا خلص إلى أنه "لا يوجد أي دليل يدعم مزاعم التنسيق مع حماس". ووصفت المنظمة بأنها تنشر "ادعاءات غير مسؤولة". وقد أوضح مدير رويترز التنفيذي جيل هوفمان أن مثل هذه "الإيحاءات" تمثل خطرًا على سلامة الصحفيين في غزة، مضيفًا: "نؤمن بأن Honest Reporting، يجب أن تُحاسب على نشرها المعلومات المضللة، وعلى المخاطر والضرر اللذين لحقا بمصداقية وسلامة الصحفيين العاملين في تغطية هذا الصراع". وفي الولايات المتحدة، تتحمل منظمات إسرائيلية أخرى مسؤولية غير متناسبة عن اعتقال واحتجاز الطلاب الأجانب المعارضين للإبادة الجماعية، والمقيمين في أميركا. فمثلًا، منظمة "بيتار أميركا " "Betar USA"، وهي منظمة ذات توجهات فاشية، ومنظمة "Canary Mission" التي وصفتها مجلة "The Nation" بأنها "حملة واسعة النطاق للتشهير والتجسس مصدرها إسرائيل"، تستهدف الطلاب والأساتذة المنتقدين لإسرائيل، وتوجه لهم تهمًا افترائية تهدف إلى "الإضرار بفرصهم المستقبلية في العمل". وفي عام 2018، كشفت صحيفة The Forward أن مؤسسة Helen Diller Family Foundation خصصت سرًا 100 ألف دولار لصالح "Canary Mission"، من خلال "الصندوق المركزي لإسرائيل" (CFI)، وهي منظمة خيرية مقرها نيويورك، تعمل كوسيط للتبرعات السرية المعفاة من الضرائب، التي يقدمها أثرياء أميركيون لدعم الجماعات المتطرفة في إسرائيل. وقد كُشف مؤخرًا في وثائق محكمة أن "بيتار" و"Canary Mission" هما الجهتان اللتان تقفان خلف القوائم التي استخدمتها وزارة الخارجية الأميركية لاحتجاز الطلاب المنتقدين لإسرائيل. ففي 8 أبريل/نيسان 2025، نشر حساب "بيتار" تغريدة تتضمن ملفًا شخصيًا من موقع "Canary Mission" لطالب تركي يُدعى إيفي إيرجيليك، وجاء في التغريدة: "لقد حددنا هذا الشخص الحاصل على تأشيرة، وقدمنا اسمه للترحيل. هناك الكثير من هؤلاء الأوغاد في أنحاء البلاد، لكنه حالة متطرفة في ولاية ماساتشوستس الفاسدة". ووفقًا للمحامي المتخصص في الهجرة آرون رايشلين- ميلنيك، فإن إدارة ترامب جردت هذا الطالب من تأشيرته "لأن بيتار غردت عنه". وبعد 48 ساعة فقط من تلك التغريدة، أصدرت السلطات مذكرة توقيف بحق الطالب "استنادًا إلى كذبة صريحة". وأكدت أوراق الدعوى أن وزارة الأمن الداخلي استخدمت تغريدة "بيتار" للموافقة على احتجاز إيفي إيرجيليك. وبعد أن قدّم محامون في ولاية ماساتشوستس التماسًا للمحكمة، أمر القاضي بالإفراج عن الطالب، مؤكدًا أن "الاحتجاز تم بناء على تحريض شبه حصري من منظمة بيتار العالمية". وصدرت هذه الأحكام استنادًا إلى أن اعتقال الطالب كان غير دستوري، لأن "أنشطته" و"خطابه" محميان بموجب التعديل الأول الذي يكفل حرية التعبير. حتى الآن، تأثرت أوضاع الهجرة لـ1.800 طالب في 280 مؤسسة تعليمية، وتم إلغاء العديد من تأشيراتهم. كتبت منصة Mondoweiss تأبينًا لحسن ونقلت عنه قوله: "قد يستهدفونني داخل المستشفى، في غرفتي هذه. ماذا عساي أن أفعل؟ أنا لا أقاتل. أنا أعمل، وأنا مسؤول عن مهنتي.. وإذا قتلني الجيش الإسرائيلي، فإن الصور التي التقطتها والقصص التي رويتها للعالم ستظل حية. اسمي وقضيتي وصوتي سيبقى حيًا – أما الاحتلال فسيزول". نعم، الاحتلال سيزول، لأن الطلاب والنشطاء لن يرضخوا أو يتراجعوا عن التنديد بالإبادة الجماعية. وفي ظل القمع الشديد للحراك الطلابي في الجامعات، يخوض عدد من الطلاب حاليًا إضرابات عن الطعام تضامنًا مع الفلسطينيين. فقد بدأ نحو عشرين طالبًا في كاليفورنيا إضرابًا عن الطعام في 5 مايو/أيار، للفت الانتباه إلى المجاعة المفتعلة في غزة، وكتبوا: "نحن طلاب جامعات سان فرانسيسكو، وساكرامنتو، ولونغ بيتش، وسان خوسيه الحكومية، نبدأ اليوم إضرابًا جماعيًا عن الطعام تضامنًا مع مليونَي فلسطيني مهددين بالمجاعة في غزة"، بحسب ما أعلنت حركة "طلاب من أجل العدالة في فلسطين". وفي 11 مايو/ أيار، انضم ستة طلاب من جامعة ييل إلى الإضراب. وبحلول يوم الاثنين، انتقل الاحتجاج إلى جامعة ستانفورد، حيث شارك ما لا يقل عن 10 طلاب و3 من أعضاء هيئة التدريس. وقد بدأت هذه التحركات تُثمر؛ إذ أعلن طلاب جامعة ولاية سان فرانسيسكو إنهاء إضرابهم بعد التوصل إلى اتفاق مع إدارة الجامعة. وفي نيويورك، بتاريخ 15 مايو/ أيار، ألقى الطالب الشجاع لوغان روزوس من جامعة نيويورك NYU كلمة في حفل تخرجه وسط تصفيق حار، قال فيها: "أتحدث إلى كل ذي ضمير.. إلى من يشعر بالألم الأخلاقي إزاء هذه الفظائع.. أدين هذه الإبادة الجماعية وكل من يتواطأ فيها". وفي محاولة انتقامية بائسة، قرّرت إدارة الجامعة حجب شهادته، لكن هذه المسرحية الجبانة سرعان ما ستنكشف، وستُفضح باعتبارها فعلًا منافقًا ومخزيًا.