عمرو خالد : العبقرية في التبسيط
السوسنة- دعا الداعية الإسلامي عمرو خالد إلى الاقتداء بأخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم في التحلي بشخصية مرنة ولطيفة، مستشهدًا بقول النبي: "المؤمن هين لين"، وذلك في التعامل مع النفس، والناس، ومع الله، مما يثمر الهدوء وراحة البال.وفي الحلقة السابعة والعشرين من برنامجه الرمضاني 'نبي الإحسان' عدّد خالد صفات الشخصية السهلة، ومنها أن صاحبها 'يقبل أن تصالحه إذا غضب، يعبر لك عن سبب غضبه منك، متيقظ لما يدور حوله، لكنه ليس بالشكاك أو سيء الظن في الناس، ولا يغضب عندما لا يستجيب الله لدعائه'.وقال المتحدث ذاته إن 'الشخص السهل مع نفسه لا يملك سوطًا لجلدها، بينما السهل مع الناس لديه القدرة على التفويت وعدم الوقوف على خطأ، ومن السهل أن يسامح، ويتعلم من أخطائه في الحياة دون أن يتوقف عندها، ولا يضع شروطًا معقدة عند الزواج'.وأضاف الداعية أن 'النبي صلى الله عليه وسلم رغم كونه أعظم خلق الله كان أسهل البشر، ينام الليل بسهولة رغم أنه يحمل هم الأمة ليوم القيامة؛ يقول للسيدة عائشة: 'إن عينَّي تنامان ولا ينام قلبي''.وفي حين أشار إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمتلك شخصية سهلة في معاملة زوجاته حذر خالد في المقابل من الشخصية الصعبة، باعتبارها أحد أبرز عوامل انهيار العلاقات بين الأزواج، والشركاء والأصدقاء، ومع الأبناء، وبين أن 'الشخص الصعب إما أن يكون صامتًا ضعفًا أو خوفًا من إفساد العلاقة، بينما الطرف الآخر مطمئن ويكرر الأخطاء، حتى يحدث انفجار مفاجئ، أو أنه يدقق في تصرفات الطرف الآخر طوال الوقت، وينتقده باستمرار، ما يجعله يشعر بفقدان الثقة في النفس'.طريقة نبوية فعالةأوضح الداعية أن 'الحل في الطريقة النبوية العظيمة حتى يحدث التوازن: شجاع تصبر على ما يعجبك وما لا يعجبك، وفي الوقت ذاته لديك قدرة على التفويت'، وزاد: 'كانت للنبي صلى الله عليه وسلم القدرة على الجمع بين الاثنين، يقول تعالى: 'وَإِذْ أَسَرَّ ٱلنَّبِىُّ إِلَىٰ بَعْضِ أَزْوَٰجِهِۦ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِۦ وَأَظْهَرَهُ ٱللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُۥ وَأَعْرَضَ عَنۢ بَعْضٍۢ ۖ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِۦ قَالَتْ مَنْ أَنۢبَأَكَ هَٰذَا ۖ قَالَ نَبَّأَنِىَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْخَبِيرُ''.وتابع المتحدث بأن 'النبي صلى الله عليه وسلم كان يتمتع بفن التفويت، كما في الحديث الذي رواه أبو هريرة: 'ما عاب النبي صلى الله عليه وسلم طعامًا قطُّ، كان إذا اشتهى شيئًا أكله، وإن كرهه تركه''.التغافل عن تصرفات الآخرينكشف خالد عن ثلاثة شروط للتغافل عن تصرفات الطرف الآخر، وهي:-ما لا يمكن تغييره في الطرف الآخر.-ما يمكن احتماله.-ما يحدث نادرًا.وأوضح أن السعادة تكمن في التغافل، إذ يقول الإمام أحمد إن تسعة أعشار العافية في التغافل.وعن أبي هريرة أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ولد لي غلام أسود، فقال هل لك من إبل؟ قال نعم، قال ما ألوانها؟ قال حمر، قال هل فيها من أورق (مائل للسواد)؟ قال نعم، قال فأنى ذلك؟ قال لعله نزعه عرق، قال فلعل ابنك هذا نزعه.كما قال المتحدث إن النبي صلى الله عليه وسلم رفض إنكار النسب بالشك السطحي، فقد كان جد ضمضم بن قتادة أسمر وجد زوجته أسمر.السهولة في التدينذكر خالد أيضًا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان سهلاً في تدينه، ومن ذلك أن سلمة بن صخر البياضي جاءه خائفًا فقال: هلكت، فقال له: ما أهلكك؟ قال إنه وقع على امرأته وهو صائم في نهار رمضان، فلم يعنِّفْه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: هل تجد رقبة تعتقها كفارة لما وقع منك؟ قال: لا. قال: فهل تستطيع صيام شهرين متتابعين؟ قال: لا، وهل أصابني ما أصابني إلا من صيام، قال: فهل تجد طعام ستين مسكينًا؟ قال: لا. فسكت عنه النبي صلى الله عليه وسلم ومكث قليلاً، وإذا بأحد من الصحابة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بزنبيل من تمر، يسع خمسة عشر صاعًا ليتصدَّق به النبي صلى الله عليه وسلم: فقال أين السائل؟ فقال: أنا. فقال: خذ هذا التمر فتصدق به ليكون كفارة على ما اقترفت من الإثم. فما كان من الرجل بعد أن وجد عند رسول الله الأمن والطمأنينة إلا أن طمع في فضل الله تعالى، على يد أرحم الناس بالناس، فقال: أأتصدق به على أفقر مني يا رسول الله؟ ثم أقسم أنه ليس في المدينة أحد أفقر منه لما يراه من شدة الضيق عليه، فابتسم النبي وقال له: تصدق به على أهلك.وتحدث الداعية عن أن النبي صلى الله عليه وسلم كان معلمًا رحيمًا، ومؤدبًا رَفيقًا، ومربيًا حَليمًا، فكانَ إذا رأى خَطأً لا يُعنِّفُ ولا ويزجر ولا يُنفِّر، وإذا رأى صَوابًا مدَحَهُ، وأثْنى عليهِ وشَكر له.وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن أعرابيا بال في المسجد فثار إليه الناس ليقعوا به، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : 'دعوه وأهريقوا على بوله ذنوبًا من ماء – أو سجلا من ماء – فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين'، ثم بين له صلى الله عليه وسلم خطَأَه وأرشده للصوابِ، وقال له: 'إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القَذَر، إنما هي لذكر اللهِ عز وجَل، والصلاة، وقراءة القرآن'.حل المشاكل المعقدةأوضح خالد أن امتلاك شخصية سهلة يساعد على حل المشاكل المعقدة، موصيًا عند حدوث مشكلة داخل الأسرة أن تعبر عن عاطفتك دون أن تدخل في التفاصيل المعقدة، ومن ذلك ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم بين عائشة وفاطمة: 'يا فاطمة أتحبين ما أحب؟ نعم يا أبتي، فقال: إني أحب عائشة فأحبيها'، وقال لعائشة: 'يا عائشة فاطمة بضعة مني ما يؤذيها يؤذيني، فلا تؤذيها'.وأردف المتحدث بأن السهولة تكمن في حل المشاكل بالصمت، إذ إن التدخل أحيانًا يزيد المشكلة، كما يحدث بين الزوجة والحماة، فمن الأفضل وقتها ألا يتدخل الزوج.ولفت خالد إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعالج المواقف المحرجة في بعض الأحيان بمزحة، كما حدث حين غضب علي بن أبي طالب من زوجته السيدة فاطمة، وذهب إلى المسجد ونام على التراب، ليناديه النبي: 'قم أبا تراب'، وبين أيضًا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان سهلاً عند الخطأ، كما حدث في واقعة 'ابن أم مكتوم'، حيث نزل قوله تعالى: عَبَسَ وَتَوَلَّىٰٓ أَن جَآءَهُ ٱلۡأَعۡمَىٰ وَمَا يُدۡرِيكَ لَعَلَّهُۥ يَزَّكَّىٰٓ أَوۡ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ ٱلذِّكۡرَىٰٓ…'، إذ كان كلما قابله بعدها يقول له: 'أهلاً بمن عاتبني فيه ربي'.وخلص عمرو خالد إلى أن العبقرية في التبسيط وليس في التعقيد، قائلاً: 'عندما تشرح أمرًا لأولادك سهلها، بسطها عليهم'، عازيًا نجاحه في رسالته الدعوية إلى التبسيط:

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

السوسنة
منذ 3 ساعات
- السوسنة
أليساندرو يخطب بالعربية
وقفَ الشَّابُّ الإيطالي على المنصة أمامَ مكبر الصَّوت. ألقى خطاباً ترحيبياً باللغة العربية جديراً بحسدِ أفضل الخطباء. لم يخطئْ في كلمة. لم يتلكَّأْ في جملة. لم يحرّف خاءً أو ضاداً أو عيناً. نطقها كلَّها كمَا يَجِبُ. وكانتْ قلوبُ المستمعين من الروائيين والشعراء والأكاديميين تنبضُ فرحاً.أليساندرو فوتيا طالب في سنتِه الرابعةِ في الجامعة الكاثوليكية في ميلانو. والمناسبةُ هي الحفلُ الموسيقي الذي أقيم ضمنَ مهرجان اللغة والثقافة العربية. إنَّها الدورةُ الثامنةُ من هذا الملتقى الذي تساهم في استمراره «هيئةُ الشارقة للكتاب». وموضوعُ الدورةِ «اللسان المهاجر».دُعيتُ لندوةٍ عنوانُها «الإقامةُ في لغةِ الآخر». وجدتُ هذا الطالبَ يستقبلني في المطار ويقدّم نفسَه لي باسم إسكندر. أدهشني حديثُه السَّلِسُ بالعربيَّةِ الفُصحَى وزادَ من دهشتي سؤالُه عن اللهجات التي أفهمها. ففي لغتِنا مروحةٌ واسعةٌ من عشرات اللهجاتِ المحكيَّةِ، من طنجةَ إلى حضرَموتَ. اكتشفتُ أنَّ الشَّابَّ الإيطاليَّ النَّابهَ يجيدُ التَّمييزَ بينَ اللهجةِ المصريَّةِ وبينَ الشاميَّةِ، ويستطيعُ التحادثَ بهما.لن أتحدَّثَ هنا عن فرقةِ الكورال بقيادةِ هاني جرجي التي نقلتنا في مُركَّبٍ عذبٍ ما بين فيروزَ ومنير بشير وعمر خيرت وفريد الأطرش وشادية و«إن راح منك يا عين... هيروح من قلبي فين». تلك حكايةٌ تحتاجُ وقفة خاصة. لكن من الواجب تقديم التحية للمشرفين على معهد الثقافة واللغة العربية في ميلانو. يقوده الدكتور وائل فاروق. ما الذي جاء بهذا الشابِ المصري المسلم للتدريس في جامعة كاثوليكية تعلق الصلبان في قاعاتها؟الجواب نقرأه فيما كتبه فاروق مؤخراً بمناسبة رحيلِ صديقه وأستاذه العلامة كريستيان فان نسبن. وهو راهب هولندي درس الفلسفة َالإسلامية في جامعة عين شمس قبل نصف قرن وقدَّم أطروحةَ دكتوراه في السوربون حول «مفهوم سننِ الله في تفسير القرآن الكريم». كانَ صديقاً مقرباً لعدد من أساتذة الأزهر، يدخل بيوتَهم ويأكلون على مائدته. كانَ يتقاسم مرتَّبَه مع عدد من الأسر المتعففة.كانَ الهولنديُّ كريستيان فان نسبن العضوَ الأجنبيَّ الوحيدَ في الجمعيةِ الفلسفيّة المصريّة، وفي المجلسِ الأعلى للثقافة. وعندما دُعي، عام 2002، للتَّدريس في السوربون، طَلبَ من زميلِه المصري أن يحلَّ مكانَه في الكُليَّةِ القبطية الكاثوليكية للعلوم الدينية. ومن هناك انتقل البروفسور وائل فاروق إلى ميلانو وجامعة القلب الأقدس.لم يكن أليساندرو وحدَه من شارك في الغناءِ ونشر في يوميات المؤتمر بهجة إضافية. كانَ بصحبة فريق من زملائه طلاب العربية وطالباتها. شابات وشبان كالورد، تطوَّعوا لمرافقة الضيوف والترجمة لهم وتسهيل تنقلاتهم في أروقة تاريخية لصرح عريق شيَّده مهندسٌ شهير قبل قرون. مبانٍ وحدائق يتنفس التاريخ في حجارة مبانيها، تردَّدت في قاعتها الكبرى قبل أيام أصوات تنشد: «طلعَ البدرُ علينا». متحف مفتوح تسمع فيه زقزقةَ اختلاط العربيةِ بالإيطالية. كم يبدو العالمُ مختلفاً حين يتفاهمُ ويَشْطُبُ التَّطرُّفَ من قاموسِه.


جفرا نيوز
منذ 4 ساعات
- جفرا نيوز
بحضور أصحاب المعالي و رجال الدولة .. الشيخ يقيم حفل زفاف نجله أحمد (صور)
جفرا نيوز - تصوير جمال فخيده أقام سعادة النائب السابق الدكتور زكريا الشيخ مساء يوم أمس حفل زفاف نجله أحمد بحضور لفيف من أصحاب السعادة و العطوفة و شيوخ و وجهاء من العشائر الأردنية في فندق الرويال عمان. حيث حضر عدد غفي من أصحاب المعالي و السعادة و العطوفة و شيوخ و وجهاء العشائر الأردنية و الزملاء الصحفيين و الإعلاميين . أسرة جفرا نيوز و إذاعة ميلودي ممثلة برئيس مجلس إدارة الأستاذ نضال الفراعنه تتقدم بأسمى آيات الهنئة و التبريكات للعائلتين؛ سائلين المولى عز وجل أن يجعل الأفراح و السعادة حليفة العائلتين ان شاء الله .

الدستور
منذ 7 ساعات
- الدستور
الدستور تستذكر احتفالات 1946 بالمناسبة
عمان - محمود كريشان تشير المعلومات الى ان الاحتفال بعيد الاستقلال الذي جرى سنة 1946 يعد من اعظم الاحتفالات التي اقيمت؛ إذ اقيمت الزينات والدبكات واقواس النصر، وقدمت وفود الى عمان من مختلف مناطق امارة شرقي الأردن، ومن بعض الدول العربية الشقيقة للمشاركة بذلك ولتقديم التهنئة للملك المؤسس عبدالله الأول ابن الحسين طيب الله ثراه، إذ اقامت بلدية عمان سنة 1946 حفلة بمناسبة الاستقلال في سينما البترا برعاية الملك عبدالله الاول، وافتتحت الحفلة بنشيد الشباب ، والقى رئيس البلدية كمال الجيوسي كلمة بالمناسبة ، وتخلل الحفل فقرات موسيقية ورقصات شركسية ، ثم اختتم الاحتفال بكلمة القاها جلالة الملك المؤسس عبدالله الأول. وقد أوردت الدكتورة حنان ملكاوي في كتابها «عمان دراسة تاريخية» حول عيد الاستقلال: كانت الحكومة قد اعدت الترتيبات اللازمة لإقامة الوفود التي حضرت للمشاركة في احتفالات الامارة بالاستقلال سنة 1946، اذ حجزت فندق فيلادلفيا وطلبت من بعض الشيوخ والوجهاء في مدينة عمان من امثال: مثقال باشا الفايز وواصف باشا البشارات واسماعيل بك البلبيسي وصبري الطباع اعداد بيوتهم (الشبيهة بالقصور) لاستقبال الوافدين ايضاً.. اذ كانت مدينة عمان آنذاك تفتقر الى الفنادق الكبيرة والمباني المناسبة لاقامة واستيعاب تلك الوفود. وورد في كتاب «سيرة مدينة» لمؤلفه الراحل عبدالرحمن منيف: ان فرحة اهالي عمان بالاستقلال الوطني سنة 1946 كانت كبيرة وقد وصفها قائلا: كانت وجوه الناس وتصرفاتهم اقرب الى وجوه براءة الاطفال وتصرفاتهم؛ اذ يضحكون وبعض الاحيان يبكون.. وقال الذين ذهبوا الى الرصيفة وربما ماركا انهم لم يروا في حياتهم وليمة مثل تلك التي اقيمت هناك سواء بعدد الخراف التي ذبحت او الاهازيج التي ظلت تردد في جنبات الوادي.. وقالوا ان رصاصاً غزيرا اطلق في ذلك اليوم وان فرحة الاهالي واحتفالاتهم المتنوعة بالاستقلال انما هي تعبير اكيد وصادق في رغبة الشعب ووعيهم باهمية التخلص من الانتداب البريطاني. الى ذلك.. جاء في كتاب «محطة عمان» لمؤلفه الطبيب العماني العريق الدكتور موفق خزنة كاتبي ان احداث مفرحة حدثت في المحطة/ ماركا في الاربعينيات ومنها مثلاً ما يلي: حفل تتويج الأمير عبدالله الأول ابن الحسين ملكاً على الأردن باسم ملك المملكة الأردنية الهاشمية، وكانت الحفلة في ماركا حيث اقيم عرض عسكري كبير، وكان الملك المؤسس عبدالله الاول طيب الله ثراه يقف في سيارة بيضاء مكشوفة أظنها باقية الى الآن، ويقف بجانبه الأمير عبدالاله الوصي على عرش العراق، وكان الحفل في موقع المطار المدني الحالي. ويضيف كاتبي: ولما كانت المحطة الطريق الوحيد الى ماركا فقد ازدحمت المحطة بالناس الآتين من كل صوب وانتشر الباعة المتجولون ووضع سكان حارة المعانية واصحاب الدكاكين جرار الماء الباردة لتسقي العطشى من الناس العائدين من مشاهدة الاحتفال.. وكنت أنا واهلي ممن ذهبوا الى مكان الاحتفال، ولما كنت طفلاً واحمل كاميرا تصوير خاصة لي فقد سمحوا لي ان ادخل واقترب من السيارة الملكية، وهكذا وقفت بجانب السيارة والتقطت بعض الصور التي ما زلت احتفظ بها الى الآن للملك والأمير .. وكنت وقتها افاخر بها زملائي في المدرسة. وفي هذا المجال، يقول فؤاد البخاري في كتابه «عمان ذاكرة الزمن الجميل» : كانت عمان على موعد مع الاحتفالات الاكثر بهجة وروعة، وذلك حين احتفلت باستقلال الاردن يوم 25 أيار عام 1946 فكانت مشاركة الناس كثيفة.. وقد تبارى تجار العاصمة يومها جميعاً في تزيين المدينة الفتية، حتى بدت في ابهى حلى ترتديها منذ نشوء الامارة.. وكان في مقدمة الافراح والاحتفالات تلك العراضات الشامية المعروفة وحلقات الدبكة والاهازيج الشعبية المؤثرة في القلوب والارواح. في غضون ذلك يقول المسؤول في جمعية الفيحاء الخيرية وأحد وجهاء وتجار عمان القديمة مازن عبدالرزاق الشربجي، ان كبار تجار شوام عمان كانوا يقومون باقامة اقواس النصر امام متاجرهم وهي مزينة برايات الاردن وصور جلالة الملك، وكانت فرقة موسيقات القوات المسلحة الاردنية تجوب شوارع قاع المدينة وهي تقدم مقطوعات موسيقية وطنية وكانت كواكب الخيول التي يمتطيها فرسان من الجيش العربي تسير في وسط البلد وسط حشود شعبية كبيرة. من جانبه قال مجدي الحمصي من شوام عمان ويعمل «تاجر» قهوة في شارع الرضا ان تجار عمان وكبار الوجهاء كانوا يقومون بعمل اقواس النصر على امتداد شوارع وسط البلد وقد زينت بالاعلام الاردنية وصور جلالة الملك، بالاضافة لقيام المدارس ومن ضمنها مدارس الاقصى بترتيب مسيرة سيارات مزينة يشرف عليها مدير المدارس المرحوم الشاعر والمربي الفاضل يوسف العظم، حيث تجوب المسيرة مناطق عمان كاملة وتلقي الاناشيد الوطنية بهذه المناسبة السعيدة.