
نظامنا التعليمي.. والضغط المجتمعي
لا يزال في الذاكرة، عندما دخل إلى مكتبي رجل مع ابنه، وهو يطالب بصوتٍ عالٍ بإنصاف ابنه الذي ظُلم، بحجَّة أنَّ تقدير ابنه في الثانويَّة يؤهِّله لأخذ مقعد في كليَّة الطب، في حين تم إسكانه في إحدى الكليَّات النظريَّة، متِّهمًا المؤسسة التعليميَّة بالمحسوبيَّة، وعدم الأمانة.وبعد مراجعة مستندات الابن، تبيَّن أنَّ تقديره فعلًا يؤهِّله للحصول على مقعد في كليَّة الطب، غير أنَّه تبيَّن من استمارة طلب تحديد التخصُّص أنَّه هو نفسه مَن اختار التخصصَ النظريَّ؛ لأنَّه لا يرغب في الطب، ويرى نفسه في الكليَّة النظريَّة التي اختارها، ولكنَّه أخفى ذلك عن والده؛ خوفًا وذعرًا من ردَّة فعله.معروف أنَّه عندما يتخرج الأبناء في الثانوية العامة بتفوق وامتياز؛ فإن الأهل والمجتمع والأصدقاء والأقارب ينتظرون منهم أن يكونوا أطباء، أو مهندسين، ولو فكر أحدهم في غير ذلك، فإنه سيواجه صدودا، أو -على الأقل- تعجبا واستغرابا، وربما اتهاما بقصر النظر!لستُ مبالغًا، لكنَّ هذه هي الحال، فالتدريس ليست مهنة تلبِّي طموحات الطلبة الممتازين غالبًا، وفي المقابل يدخل الطب مثلًا مَن اشتهاه، ومَن لم يشتهه؛ تلبيةً لضغوط الوالدين والمجتمع، وتكون النتيجة الطبيعيَّة لهذا الضغط هي:الأوائل من خرِّيجي الثانويَّة العامَّة، وهم أصحاب المعدَّلات المرتفعة -النوابغ والمواهب والأذكياء- يذهبُون لكليَّات الطب والهندسة.ونجد أنَّ خرِّيجي الدرجة الثانية في المعدَّّل، يدرسُون في كليَّات إدارة الأعمال، وبعد تخرُّجهم يصبحون مديرين على زملائهم الأذكياء والنوابغ؛ لأنَّ الكليات النظريَّة التي يعزف عنها الأوائل، تؤهِّل للتربُّع على أماكن التأثير الاجتماعيِّ.وأمَّا أصحاب المعدَّلات المتدنِّية -بدرجة مقبول- فهم مَن يذهبُون عادةً إلى كليَّات إعداد المعلِّمين، ويقومُون بعد تخرُّجهم بمهمَّة تعليم طلاب زملائهم الأوائل النابغين؛ والسؤال: كيف سيكون مستوى الخرِّيجين لدينا في النهاية؟النتيجة النهائيَّة تكون: ضعف مخرجات التعليم العام الذي يقوم عليه معلِّمون لم يسقهم إليه إلَّا ضعف مستوياتهم العلميَّة!بينما المفروض أنَّ الأوائل من خرِّيجي الثانويَّة العامَّة هم مدخلات كليَّات المعلِّمين، والفائض منهم يذهبون إلى الكليَّات الأخرى، وعندها نحصل على مخرجات تعليميَّة عالية الجودة.قبل عقود قرأتُ مقالًا لأحد الكُتَّاب يقول فيه: إنَّه لم يفهم سر نهضة اليابان التي أفاقت بسرعة من صدمة القنبلة النوويَّة التي أُلقيت عليها في نهاية الحرب العالميَّة الثَّانية، واكتسحت العالم بصناعاتها الثقيلة والخفيفة، إلَّا عندما زارها، فوجد اليابانيين يقدِّرون المعلِّم، ويجلُّونه أشد إجلال، ويحترمونه أشد الاحترام، وجد أنَّ كليَّات التربية في اليابان لا تقبل إلَّا النابغين من الطلاب، فانعكس هذا على مستوى التلاميذ اليابانيِّين، وحدثت النهضة اليابانيَّة الحديثة.في أمريكا -على سبيل المثال- لا يمكن أنْ يدخل الطالب في مجال الطب، أو المحاماة وغيرها، إلَّا حامل الشهادة الجامعيَّة أوَّلًا.كم نحن أحوج إلى هذا الواقع! خاصَّة وبلادنا تعيش رُؤية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -يحفظه الله- التي مضمونها الاعتماد على عطاءات العقل للإنسان السعوديِّ بدلًا من عطاءات الأرض؛ لأنَّ عطاء الأرض محدود، والعقل يُعطي بغير حدود.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

سعورس
منذ 3 ساعات
- سعورس
حي حراء الثقافي يحتفي باليوم العالمي للمتاحف
ووضع الحي برنامجًا للزوار من الداخل والخارج يطلعون من خلاله على عدد من العناصر السياحية والثقافية والتراثية المختلفة التي وفرها الحي؛ من أجل إثراء تجربتهم الثقافية والمعرفية. ويعد حي حراء الذي يقع أسفل جبل حراء معلمًا سياحيًّا وثقافيًّا في العاصمة المقدسة؛ لما يحتويه من مجموعة من المتاحف والمعارض التي تثري تجربة الزوار الدينية والثقافية، منها متحف القرآن الكريم الذي يحوي منظومة متكاملة تجمع بين المعرفة والتقنيات الحديثة، ويضم مجموعة من المخطوطات النادرة والمصاحف التاريخية، ومتحف ومعرض الوحي، الذي يحوي مقتنيات متنوعة تهتم في مجملها بالسرد التاريخي والإثراء المعرفي، ويقدم تجربة ثقافية فريدة عبر محاكاة لحظات نزول الوحي من خلال استخدام التقنيات الحديثة لعرض تجربة تاريخية وروحانية تعمق فهم الزائر لقصة نزول الوحي على الرسول صلى الله عليه وسلم، ومتحف القهوة السعودية، التي تعد رمز الضيافة والكرم للمجتمع السعودي، من خلال أدواتها ومكوناتها وطرق تحضيرها؛ نظرًا لأنها تمثل ثقافة المجتمع السعودي وموروثه الشعبي الأصيل، إضافة للعديد من الأركان الثقافية والسياحية المختلفة. ويهدف اليوم العالمي للمتاحف (IMD) إلى رفع مستوى الوعي بأنّ المتاحف وسيلة مهمة للتبادل الثقافي، وإثراء الثقافات، وتنمية التفاهم المتبادل والتعاون والسلام بين الشعوب، إضافة إلى توجيه الانتباه العالمي إلى الدور الحيوي الذي تلعبه المتاحف بوصفها مؤسسات تعليمية وثقافية، تسهم بعمق في تطور المجتمعات، وتعكس اتصال الماضي بالحاضر من حيث كونها مستودعًا حيًا للذاكرة البشرية.

سعورس
منذ 3 ساعات
- سعورس
يحيى غبيري: العمل التطوعي في الحج يعكس الوجه المشرق للسعودية
نوه الأستاذ يحيى غبيري أحد كبار العاملين في مجال التطوع في الحج بمنطقة جازان أن العمل التطوعي لا حدود له وأنه شرف لمن ينتمي إليه خاصة في أطهر البقاع إلى الله. وأكد غبيري أن هناك مواقفًا إنسانية متعددة في الحج تعكس الجانب المشرق للتطوع وللمملكة العربية السعودية التي يظهر فيها العمل التطوعي واضحًا لخدمة الملايين في موسم الحج. وأضاف أن أبناء المملكة أصبح لهم خبرات في العمل التطوعي بفضل مساهماتهم الدائمة في الحج والتعاون مع كافة القطاعات التي تشترك في تنظيم الحج. وقال إن الاستعدادات المبكرة للحج تبدأ بانتهاء الحج السابق مباشرة ؛مؤكدًا الدعم الكبير من حكومة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين من أجل تطوير العمل التطوعي لخدمة ضيوف الرحمن. جاء ذلك خلال الورشة التدريبية التي قدمها الأستاذ يحيى غبيري لعدد من الطلاب الذين سيشاركون في برامج تطوعية خاصة قي موسم الحج وذلك ضمن فعاليات برنامج مابين العيدين الثقافي الذي يقيمه نادي جازان الأدبي. وفي نهاية الورشة التدريبية تسلم الأستاذ يحيى غبيري درع نادي جازان الأدبي من المشرف على البرامج الثقافية في النادي محمد الرياني. وحفلت الورشة بعدد من المداخلات حول العمل التطوعي وأهدافه السامية خاصة تلك التي تتعلق بالحج والمواقف الإنسانية العالقة في أذهان قدامى المتطوعين. ‹ › ×


الحدث
منذ 4 ساعات
- الحدث
هيئة الأمر بالمعروف تُفعِّل 58 موقعًا ميدانيًا لخدمة ضيوف الرحمن في الحج
فَعَّلت الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 58 موقعًا ميدانيًا لخدمة حجاج بيت الله الحرام واستقبالهم وتقديم الخدمات التوعوية لهم في مختلف مناطق المملكة. وشملت المواقع (22) نقطة ميدانية توعوية و(5) مراكز ميدانية توعوية في منطقة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة، و(9) مراكز ونقاط ميدانية بمنطقة المدينة المنورة، كما شملت منافذ الدخول البرية بالبطحاء وسلوى والربع الخالي والرقعي وجسر الملك فهد بالمنطقة الشرقية، ومنفذ جديدة عرعر بالحدود الشمالية، ومنفذ الوديعة بنجران، ومدينة الحجاج في محافظة الخرج بمنطقة الرياض، ومدينة الحجاج بمنطقة القصيم، ومنفذ الحديثة ومدينة الحجاج في الشقيق بمنطقة الجوف. وزودت الرئاسة العامة هذه المواقع بعدد من خدماتها التقنية والمشاريع الرقمية النوعية، وجرى تهيئتها لتكون محطات لاستقبال وخدمة ضيوف الرحمن، للإسهام في إثراء تجربة الحاج والزائر وتمكينهم من أداء نسكهم وفق المنهج الشرعي. واستثمرت الرئاسة العامة الشراكات مع الجهات ذات الصلة مستنيرة برؤية المملكة 2030 في تفعيل مبادراتها التوعوية في خمسة مطارات وثلاث محطات قطار وثلاثة مواقع في محيط توسعة المسجد الحرام. وكلفت الرئاسة العامة للعمل في موسم الحج العدد الكافي من الأعضاء والمترجمين من ذوي الكفاءة والخبرة العالية، وقامت بتدريبهم للقيام بأعمال الرئاسة العامة التوعوية والميدانية، لرفع جودة الأداء لدى العاملين، وتهيئة المواقع الميدانية وتوفير منظومة متكاملة من الخدمات الرقمية والتطبيقات الإلكترونية والمنصات التقنية الحديثة. وتأتي هذه الجهود ضمن منظومة الخدمات الجليلة التي تقدمها حكومة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين حفظهما الله.