logo
خلال لقاء الشرع وأمير الكويت... "عبارة تاريخية" تثير التساؤلات

خلال لقاء الشرع وأمير الكويت... "عبارة تاريخية" تثير التساؤلات

أثارت عبارة مكتوبة على لافتة في قصر بيان خلال الاجتماع الرسمي بين أمير الكويت، الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، والرئيس السوري أحمد الشرع، تفاعلًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي، وجدلاً حول مدلولها وتوقيتها الرمزي.
وقد تداول ناشطون على منصّات "إكس" و"إنستغرام" و"فيسبوك"، صورًا من اللقاء الذي جمع أمير الكويت والشرع في قصر بيان، كما نشرتها وكالة الأنباء الكويتية الرسمية "كونا"، حيث ظهرت خلف الزعيمين لافتة كُتب عليها:
"لو دامت لغيرك ما اتصلت إليك".
ورغم أن العبارة تُعد من العبارات التاريخية التي طالما رُفعت في قصور الحكم الكويتية، فإن ظهورها في هذا التوقيت وخلال أول زيارة رسمية للرئيس الشرع إلى الكويت، دفع بعض المعلقين إلى التساؤل عن مغزاها أو الحاجة إلى إعادة صياغتها، في حين شدّد آخرون على قيمتها الرمزية الراسخة.
وتعود قصة هذه المقولة إلى عام 1917، حين أمر الشيخ سالم المبارك الصباح، الحاكم التاسع للكويت، بنقشها على واجهة قصر السيف في العاصمة، لتكون تذكارًا دائمًا لكل من يتقلد الحكم أو يتولى مسؤولية عامة. وقد أصبحت العبارة منذ ذلك الحين شعارًا ثابتًا في مقار الحكم، تُرفع في الاستقبالات الرسمية وتُوضع في صالات الاجتماعات الكبرى، تأكيدًا على فلسفة الحكم في الكويت القائمة على التواضع والعدل والاتّعاظ بأن السلطة لا تدوم لأحد.
وكانت حسابات كويتية معروفة على منصة "إكس" قد أشارت إلى أن العبارة ليست جديدة في المشهد السياسي الكويتي، بل أمر بوضعها أمير الكويت الراحل الشيخ سالم المبارك الصباح بهدف تذكير نفسه والحكام من بعده، بأن "الحكم تكليف لا تشريف، وأنه لا يدوم إلا لله وحده".
وجاء ظهور العبارة في إطار جلسة المباحثات الرسمية التي ترأسها أمير البلاد من الجانب الكويتي، فيما ترأس الرئيس أحمد الشرع الجانب السوري، وذلك بحضور ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد الصباح، ورئيس مجلس الوزراء الشيخ أحمد عبدالله الأحمد الصباح، وعدد من كبار المسؤولين في البلدين.
وكان الرئيس الشرع قد وصل إلى الكويت يوم الأحد، في أول زيارة رسمية له إلى البلاد منذ تسلّمه مهامه، تلبية لدعوة رسمية من أمير الكويت، في محطة جديدة من الانفتاح العربي على دمشق، بعد سنوات من الجمود في العلاقات الثنائية.
وتأتي هذه الزيارة في سياق التقارب العربي المتجدد مع سوريا، الذي شهد في الأشهر الماضية خطوات دبلوماسية متسارعة من عدة دول خليجية لإعادة إحياء العلاقات الرسمية، والتشاور في ملفات إقليمية حساسة، بما فيها التعاون الأمني والاقتصادي وعودة سوريا إلى بعض أطر العمل العربي المشترك.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

في أول انتقاد علني، ماسك يصف مشروع قانون ترامب الضريبي بـ'بشع والمثير للاشمئزاز'
في أول انتقاد علني، ماسك يصف مشروع قانون ترامب الضريبي بـ'بشع والمثير للاشمئزاز'

سيدر نيوز

timeمنذ ساعة واحدة

  • سيدر نيوز

في أول انتقاد علني، ماسك يصف مشروع قانون ترامب الضريبي بـ'بشع والمثير للاشمئزاز'

انتقد الملياردير الأمريكي إيلون ماسك مشروع قانون الضرائب والإنفاق الذي تبناه الرئيس دونالد ترامب، قائلاً إنه 'لا يطيق' هذا التشريع، ووصفه بأنه 'بشع ومثير للاشمئزاز'. ويتضمن مشروع القانون، الذي أقره مجلس النواب في مايو/أيار، إعفاءات ضريبية تقدر بتريليونات الدولارات، وزيادة في الإنفاق الدفاعي، إلى جانب السماح للحكومة الأمريكية باقتراض المزيد من الأموال. وقال ماسك في منشور عبر منصة 'إكس' يوم الثلاثاء إنه 'عار على من صوّت لصالحه'. وكان ماسك قد غادر الإدارة الأمريكية الأسبوع الماضي بعد 129 يوماً من العمل على خفض التكاليف مع فريقه المعروف باسم 'دوج'. وتعد هذه التصريحات أول انتقاد علني من ماسك لترامب منذ مغادرته الحكومة، بعد أن وصف الخطة سابقاً بأنها 'محبطة'. وأنهى الملياردير – الذي حقق ثروته من العمل في مجال التكنولوجيا، وولد في جنوب إفريقيا – فترته في إدارة ترامب في 31 مايو/أيار، وقال ترامب حينها: 'سيبقى معنا دائماً، يساعدنا في كل خطوة'. ويُتوقع أن يزيد مشروع القانون بصيغته الحالية العجز في الميزانية الأمريكية، أي الفارق بين الإنفاق الحكومي والإيرادات، بحوالي 600 مليار دولار في السنة المالية القادمة، وفقاً للتقديرات. وفي سلسلة منشورات عبر 'إكس'، قال ماسك إن مشروع الإنفاق 'المليء بالإهدار بشكل كبير' سيزيد العجز الضخم أصلاً إلى 2.5 تريليون دولار، وسيثقل كاهل المواطنين الأمريكيين بديون لا يمكن تحملها. وفي ردها على تصريحات ماسك، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، إن 'الرئيس يعلم مسبقاً موقف إيلون ماسك من هذا المشروع'، واصفة مشروع القانون بأنه 'جيد وكبير، وهو (ترامب) متمسك به'. ويتضمن مشروع القانون تمديداً لتخفيضات ضريبية وُضعت عام 2017، إلى جانب زيادة كبيرة في التمويل العسكري ودعم خطط الإدارة لترحيل المهاجرين غير النظاميين. كما يقترح رفع سقف الدين، أي الحد الأقصى لاقتراض الحكومة، إلى 4 تريليونات دولار. وتعكس تصريحات ماسك توتراً أوسع داخل الحزب الجمهوري تجاه الخطة، التي واجهت مقاومة من عدة أجنحة حزبية أثناء مرورها في مجلس النواب، وتخضع حالياً للنقاش في مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الجمهوريون. وقال السيناتور راند بول من ولاية كنتاكي إنه لن يدعم القانون إذا تضمن رفع سقف الدين، مشيراً إلى أن 'الحزب الجمهوري سيتحمّل مسؤولية الدين بمجرد تصويته لصالحه'، بحسب تصريحه لقناة سي بي إس. وردّ ترامب بسلسلة منشورات غاضبة على منصة 'إكس'، متهماً بول بأنه 'لا يفهم المشروع إطلاقاً'، وأضاف أن 'سكان كنتاكي لا يطيقونه'، واصفاً أفكاره بـ'الجنونية'. ودافع الجمهوريون عن مشروع القانون، حيث قال زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ جون ثون إن الحزب 'سيمضي قدماً وبسرعة'، رغم 'الاختلاف في وجهات النظر'. أما رئيس مجلس النواب مايك جونسون، الذي نُسب له الفضل في تمرير المشروع داخل المجلس، فقال: 'صديقي إيلون مخطئ تماماً. هذه بداية مهمة للغاية، وإيلون يخطئ في تقديره'. وأشار جونسون إلى أنه أجرى مكالمة هاتفية استمرت 20 دقيقة مع ماسك يوم الإثنين لمناقشة مشروع القانون، وأن حذف بعض الحوافز الضريبية قد 'يؤثر' على شركة تسلا التي يملكها ماسك. وأضاف: 'أشعر بخيبة أمل عميقة لأن ماسك انتقد المشروع رغم حديثنا'. في المقابل، رحب بعض الديمقراطيين بتصريحات ماسك رغم انتقاداتهم السابقة له ولفريق 'دوج'. وقال زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر: 'حتى إيلون ماسك، الذي شارك في العملية وكان من المقربين لترامب، يقول إن المشروع سيء. يمكننا أن نتخيل مدى سوء هذا المشروع'. وحدد ترامب والجمهوريون في الكونغرس موعداً نهائياً في 4 يوليو/تموز لإقرار القانون وتوقيعه. وتشير منشورات ماسك إلى انقسام واضح بينه وبين ترامب، رغم دعمه له في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بتبرعات تجاوزت 250 مليون دولار. وفي محاولة لتهدئة عمالقة الإنفاق، يطالب ترامب الكونغرس بإقرار خطة لخفض الإنفاق الحالي بمقدار 9 مليارات دولار، ويقال إن هذه لخطة مبنية على عمل فريق 'دوج'.

"ائتلاف دولي" يعيد إنارة سوريا... ولبنان المظلم على لائحة الانتظار
"ائتلاف دولي" يعيد إنارة سوريا... ولبنان المظلم على لائحة الانتظار

المركزية

timeمنذ ساعة واحدة

  • المركزية

"ائتلاف دولي" يعيد إنارة سوريا... ولبنان المظلم على لائحة الانتظار

طوال السنوات الماضية، بدا ملف الطاقة في سوريا، كما في لبنان، كواحد من أصعب الملفات وأكثرها استعصاء على المعالجة، بفعل تعقيدات الحرب والعقوبات والانهيار الهيكلي الذي أصاب البنية التحتية منذ عام 2011. لكن الاتفاق الذي تمّ توقيعه في دمشق قبل أيام، وتحديداً في 29 من أيار الفائت، يُعتبر بمثابة التطور الأكثر جرأة في هذا القطاع منذ أكثر من عقد، سواء لجهة حجم الاستثمار أو تنوّع الأطراف المنخرطة فيه، أو حتى دلالاته السياسية على المستوى الإقليمي والدولي، والتي يبدو أن لبنان لا يزال بعيداً عنها حتى اللحظة. بلغت قيمة الاتفاق 7 مليارات دولار، وقد جرى توقيعه بين الحكومة السورية و"ائتلاف دولي". ويشمل إنشاء أربع محطات كهرباء تعمل بتوربينات غازية بالدورة المركبة (CCGT) بقدرة إجمالية تصل إلى 4000 ميغاواط، موزعة بين دير الزور (شرق سوريا)، ومحردة وزيزون (ريف حماة) وتريفاوي (بريف حمص)، بالإضافة إلى محطة طاقة شمسية بقدرة 1000 ميغاواط ستقام في منطقة وديان الربيع جنوب البلاد. وبحسب الاتفاق، من المفترض إنجاز المحطات الغازية خلال 3 سنوات، في حين يُتوقع أن تُنجز محطة الطاقة الشمسية في أقل من سنتين، بعد استكمال التفاصيل الفنية وإغلاق التمويل. الشركات المستثمرة يقود الائتلاف شركة UCC Concession Investments القطرية، وهي الذراع الاستثمارية لشركة "أورباكون" القابضة التي يرأسها رجل الأعمال السوري - القطري معتز الخياط. فيما تمثل شركة Power International USA الطرف الأميركي في المشروع، وهي شركة طاقة مسجّلة في الولايات المتحدة يُعتقد أنّها ستتولى توريد التكنولوجيا والأنظمة التقنية الحديثة. أما الطرف التركي، فيمثله كل من شركة Kalyon GES Enerji Yatirimlari وشركة Cengiz Enerji، اللتين تشتركان في تطوير وتشغيل مشاريع الطاقة في دول عدّة. ما يعطي هذا الاتفاق وزناً سياسياً استثنائياً، أنّه يأتي في أعقاب تحوّلات كبرى في المشهد السوري منذ نهاية العام الماضي، حين تسلّم الرئيس أحمد الشرع السلطة عقب الإطاحة ببشار الأسد. ومع الانفتاح الجزئي الذي تشهده دمشق، وتراجع وتيرة العنف، بدأ الحديث يدور بصوت عالٍ عن عودة رؤوس الأموال الخارجية، لا سيما من دول الخليج وتركيا، إلى قطاعات البنية التحتية، وفي مقدّمها اليوم قطاع الطاقة. الجانب الأميركي: "داعم صامت" التوقيع تمّ في قصر الشعب بحضور الرئيس السوري أحمد الشرع والمبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توماس باراك، الذي كان حاضراً خلال التوقيع، وكذلك حضر جزءاً من اللقاء الذي جمع الشرع بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أنقرة قبل أيام أيضاً، بحسب معلومات "نداء الوطن". هذا الحضور يعكس وجود "ضوء أخضر" أميركي، ولو صامت، للمضي في العديد من مشاريع إعادة الإعمار ولو ضمن شروط محددة، من بينها ضمانات تتعلق بالشفافية، وشراكة القطاع الخاص، واستخدام معدات وتقنيات مصدرها دول غير خاضعة لعقوبات ثانوية. بحسب تقديرات الخبراء، فإنّ الاتفاق يُعدّ بمثابة اختبار أولي لقدرة الحكومة الجديدة على استقطاب التمويل وتنفيذ مشاريع استراتيجية ضمن بيئة لا تزال تعاني من هشاشة أمنية وإدارية. كما أنّ نجاح هذه المشاريع قد يمنح دفعة قوية للمناطق الداخلية التي تعاني من انقطاعات كهرباء شبه دائمة، وسيخلق بيئة ملائمة لاستئناف النشاط الصناعي والزراعي، ورفع مستويات الإنتاج المحلي. وكان قطاع الكهرباء في سوريا، قد انهار بشكل شبه كامل على مدار سنوات الحرب، إذ انخفضت القدرة الإنتاجية من نحو 9500 ميغاواط في 2010 إلى أقل من 1600 ميغاواط في 2025، وذلك بحسب أرقام صادرة عن وزارة الطاقة السورية. وحتى الآن، ما زالت أغلب المناطق في الجارة سوريا، تعتمد على ساعات تغذية لا تتجاوز 3 إلى 4 ساعات يومياً، ما انعكس سلباً على الحياة اليومية والخدمات الصحية والتعليمية، فضلاً عن توقف أغلب المصانع والمعامل الخاصة. الرسالة الأبرز التي يحملها هذا الاتفاق، أنّ سوريا بدأت فعلياً تدخل، ولو ببطء، مرحلة "التعافي الاقتصادي" المفقود في لبنان، انطلاقاً من قطاع الطاقة، وبتوقيع مع شركات من دول كانت متنافسة سياسياً حتى الأمس القريب. لكن تبقى التحديات قائمة، سواء لناحية التمويل المستدام، أو الضمانات السياسية، أو البيئة التشريعية والإدارية التي يتطلبها إنجاح مشروع بهذا الحجم والتعقيد. لبنان المظلم... ينتظر لكنّ المفارقة الأشد وقعاً، لا تكمن فقط في حجم الاتفاق. بل في موقع سوريا اليوم مقارنة بلبنان، الذي يرزح بدوره تحت عبء انهيار كهربائي مزمن من دون أي بوادر جدية لحلول استراتيجية. فعلى الرغم من الفارق الكبير في مستوى التدمير والبنى التحتية بين البلدين، استطاعت دمشق توقيع واحدة من أضخم صفقات الطاقة في المنطقة، بينما لا يزال لبنان عاجزاً حتى عن تثبيت تعرفة عادلة أو تطبيق خطة إصلاح متكاملة، بعد أكثر من 5 سنوات على الأزمة. مع العلم أنّ حاجة لبنان هي أقل من 4000 ميغاواط، واستطاع تأمين قرابة 1000 ميغاواط منها بشكل فردي عبر الطاقة الشمسية (مبادرات خاصة من المواطنين). في لبنان، السجال يتواصل منذ سنوات بين الحصول على الدعم الغازي من مصر، واستيراد الكهرباء من الأردن، وإنشاء معامل عبر القطاع الخاص أو عبر الدولة، من دون أن يُترجم ذلك بخطوة تنفيذية واحدة، فيما تغيب الإرادة السياسية، وتتراكم الشبهات، وتُستنزف البلاد في "بازار" داخلي لا ينتهي. حلول قاصرة هذا التقصير يدفع ثمنه المواطنون اللبنانيون اليوم، خصوصاً بعد زيادة رواتب العسكريين العاملين والمتقاعدين عبر تثبيت سعر المحروقات، والذي سيؤدي اعتباراً من بداية هذا الشهر إلى رفع فواتير الاشتراكات نتيجة ارتفاع سعر المازوت بمقدار 170 ألف ليرة تقريباً. تراجع لبنان يقابله تقدّم في سوريا بهذا المجال، برغم الحصار والماضي القريب المثقل بالحرب. وهذا لا يعكس فقط تبدّل الظروف الجيوسياسية لصالحها على حساب لبنان، بل يطرح علامات استفهام موجعة عن سبب عجز الدولة اللبنانية، بأجهزتها ومؤسساتها، عن التقاط لحظة استثمار مماثلة، ولو بالحد الأدنى. عماد الشدياق - "نداء الوطن"

04 Jun 2025 06:28 AM"ائتلاف دولي" يعيد إنارة سوريا... ولبنان المظلم على لائحة الانتظار
04 Jun 2025 06:28 AM"ائتلاف دولي" يعيد إنارة سوريا... ولبنان المظلم على لائحة الانتظار

MTV

timeمنذ ساعة واحدة

  • MTV

04 Jun 2025 06:28 AM"ائتلاف دولي" يعيد إنارة سوريا... ولبنان المظلم على لائحة الانتظار

طوال السنوات الماضية، بدا ملف الطاقة في سوريا، كما في لبنان، كواحد من أصعب الملفات وأكثرها استعصاء على المعالجة، بفعل تعقيدات الحرب والعقوبات والانهيار الهيكلي الذي أصاب البنية التحتية منذ عام 2011. لكن الاتفاق الذي تمّ توقيعه في دمشق قبل أيام، وتحديداً في 29 من أيار الفائت، يُعتبر بمثابة التطور الأكثر جرأة في هذا القطاع منذ أكثر من عقد، سواء لجهة حجم الاستثمار أو تنوّع الأطراف المنخرطة فيه، أو حتى دلالاته السياسية على المستوى الإقليمي والدولي، والتي يبدو أن لبنان لا يزال بعيداً عنها حتى اللحظة. بلغت قيمة الاتفاق 7 مليارات دولار، وقد جرى توقيعه بين الحكومة السورية و"ائتلاف دولي". ويشمل إنشاء أربع محطات كهرباء تعمل بتوربينات غازية بالدورة المركبة (CCGT) بقدرة إجمالية تصل إلى 4000 ميغاواط، موزعة بين دير الزور (شرق سوريا)، ومحردة وزيزون (ريف حماة) وتريفاوي (بريف حمص)، بالإضافة إلى محطة طاقة شمسية بقدرة 1000 ميغاواط ستقام في منطقة وديان الربيع جنوب البلاد. وبحسب الاتفاق، من المفترض إنجاز المحطات الغازية خلال 3 سنوات، في حين يُتوقع أن تُنجز محطة الطاقة الشمسية في أقل من سنتين، بعد استكمال التفاصيل الفنية وإغلاق التمويل. الشركات المستثمرة يقود الائتلاف شركة UCC Concession Investments القطرية، وهي الذراع الاستثمارية لشركة "أورباكون" القابضة التي يرأسها رجل الأعمال السوري - القطري معتز الخياط. فيما تمثل شركة Power International USA الطرف الأميركي في المشروع، وهي شركة طاقة مسجّلة في الولايات المتحدة يُعتقد أنّها ستتولى توريد التكنولوجيا والأنظمة التقنية الحديثة. أما الطرف التركي، فيمثله كل من شركة Kalyon GES Enerji Yatirimlari وشركة Cengiz Enerji، اللتين تشتركان في تطوير وتشغيل مشاريع الطاقة في دول عدّة. ما يعطي هذا الاتفاق وزناً سياسياً استثنائياً، أنّه يأتي في أعقاب تحوّلات كبرى في المشهد السوري منذ نهاية العام الماضي، حين تسلّم الرئيس أحمد الشرع السلطة عقب الإطاحة ببشار الأسد. ومع الانفتاح الجزئي الذي تشهده دمشق، وتراجع وتيرة العنف، بدأ الحديث يدور بصوت عالٍ عن عودة رؤوس الأموال الخارجية، لا سيما من دول الخليج وتركيا، إلى قطاعات البنية التحتية، وفي مقدّمها اليوم قطاع الطاقة. الجانب الأميركي: "داعم صامت" التوقيع تمّ في قصر الشعب بحضور الرئيس السوري أحمد الشرع والمبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توماس باراك، الذي كان حاضراً خلال التوقيع، وكذلك حضر جزءاً من اللقاء الذي جمع الشرع بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أنقرة قبل أيام أيضاً، بحسب معلومات "نداء الوطن". هذا الحضور يعكس وجود "ضوء أخضر" أميركي، ولو صامت، للمضي في العديد من مشاريع إعادة الإعمار ولو ضمن شروط محددة، من بينها ضمانات تتعلق بالشفافية، وشراكة القطاع الخاص، واستخدام معدات وتقنيات مصدرها دول غير خاضعة لعقوبات ثانوية. بحسب تقديرات الخبراء، فإنّ الاتفاق يُعدّ بمثابة اختبار أولي لقدرة الحكومة الجديدة على استقطاب التمويل وتنفيذ مشاريع استراتيجية ضمن بيئة لا تزال تعاني من هشاشة أمنية وإدارية. كما أنّ نجاح هذه المشاريع قد يمنح دفعة قوية للمناطق الداخلية التي تعاني من انقطاعات كهرباء شبه دائمة، وسيخلق بيئة ملائمة لاستئناف النشاط الصناعي والزراعي، ورفع مستويات الإنتاج المحلي. وكان قطاع الكهرباء في سوريا، قد انهار بشكل شبه كامل على مدار سنوات الحرب، إذ انخفضت القدرة الإنتاجية من نحو 9500 ميغاواط في 2010 إلى أقل من 1600 ميغاواط في 2025، وذلك بحسب أرقام صادرة عن وزارة الطاقة السورية. وحتى الآن، ما زالت أغلب المناطق في الجارة سوريا، تعتمد على ساعات تغذية لا تتجاوز 3 إلى 4 ساعات يومياً، ما انعكس سلباً على الحياة اليومية والخدمات الصحية والتعليمية، فضلاً عن توقف أغلب المصانع والمعامل الخاصة. الرسالة الأبرز التي يحملها هذا الاتفاق، أنّ سوريا بدأت فعلياً تدخل، ولو ببطء، مرحلة "التعافي الاقتصادي" المفقود في لبنان، انطلاقاً من قطاع الطاقة، وبتوقيع مع شركات من دول كانت متنافسة سياسياً حتى الأمس القريب. لكن تبقى التحديات قائمة، سواء لناحية التمويل المستدام، أو الضمانات السياسية، أو البيئة التشريعية والإدارية التي يتطلبها إنجاح مشروع بهذا الحجم والتعقيد. لبنان المظلم... ينتظر لكنّ المفارقة الأشد وقعاً، لا تكمن فقط في حجم الاتفاق. بل في موقع سوريا اليوم مقارنة بلبنان، الذي يرزح بدوره تحت عبء انهيار كهربائي مزمن من دون أي بوادر جدية لحلول استراتيجية. فعلى الرغم من الفارق الكبير في مستوى التدمير والبنى التحتية بين البلدين، استطاعت دمشق توقيع واحدة من أضخم صفقات الطاقة في المنطقة، بينما لا يزال لبنان عاجزاً حتى عن تثبيت تعرفة عادلة أو تطبيق خطة إصلاح متكاملة، بعد أكثر من 5 سنوات على الأزمة. مع العلم أنّ حاجة لبنان هي أقل من 4000 ميغاواط، واستطاع تأمين قرابة 1000 ميغاواط منها بشكل فردي عبر الطاقة الشمسية (مبادرات خاصة من المواطنين). في لبنان، السجال يتواصل منذ سنوات بين الحصول على الدعم الغازي من مصر، واستيراد الكهرباء من الأردن، وإنشاء معامل عبر القطاع الخاص أو عبر الدولة، من دون أن يُترجم ذلك بخطوة تنفيذية واحدة، فيما تغيب الإرادة السياسية، وتتراكم الشبهات، وتُستنزف البلاد في "بازار" داخلي لا ينتهي. حلول قاصرة هذا التقصير يدفع ثمنه المواطنون اللبنانيون اليوم، خصوصاً بعد زيادة رواتب العسكريين العاملين والمتقاعدين عبر تثبيت سعر المحروقات، والذي سيؤدي اعتباراً من بداية هذا الشهر إلى رفع فواتير الاشتراكات نتيجة ارتفاع سعر المازوت بمقدار 170 ألف ليرة تقريباً. تراجع لبنان يقابله تقدّم في سوريا بهذا المجال، برغم الحصار والماضي القريب المثقل بالحرب. وهذا لا يعكس فقط تبدّل الظروف الجيوسياسية لصالحها على حساب لبنان، بل يطرح علامات استفهام موجعة عن سبب عجز الدولة اللبنانية، بأجهزتها ومؤسساتها، عن التقاط لحظة استثمار مماثلة، ولو بالحد الأدنى.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store