
دبابات 'باتون' وسط سيناء.. الإعلام العبري يرصد تحركات عسكرية للجيش المصري
نقلا عن آر تي – أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن مصر قامت بنشر دبابات من طراز 'باتون' و'أبراهامز' وسط سيناء، مشيرة إلى وجود حشد عسكري مصري غير مسبوق بالقرب من الحدود.
ونقلت هذه الوسائل عن مصادر إسرائيلية قولها إن تل أبيب وجهت تحذيرا رسميا للحكومة المصرية في القاهرة بسبب هذا الحشد العسكري الكبير والمستمر في شبه جزيرة سيناء.
واعتبرت المصادر الإسرائيلية أن هذا الحشد يشكل انتهاكا لاتفاقية السلام التاريخية بين مصر وإسرائيل الموقعة عام 1979، والتي جاءت بعد اتفاقيات كامب ديفيد عام 1978.
ووفقا لموقع 'nziv' الإخباري الإسرائيلي، تنص المعاهدة على أن شبه جزيرة سيناء يجب أن تظل منزوعة السلاح، إلا أن الجيش المصري قام بحشد عدد كبير من الجنود والمركبات المدرعة في صحراء سيناء، وهو ما تعتبره إسرائيل أمراً غير مقبول.
وأشار التقرير إلى أن القوات المصرية نشرت دبابات قتال رئيسية قديمة من طراز M60 باتون، التي تم تصنيعها في الولايات المتحدة. كما أضاف أن هذه القوات تم إرسالها خصيصاً إلى مناطق مثل معبر رفح مع غزة، وذلك رداً على مخاوف القاهرة من محاولات إسرائيلية لإجبار أعداد كبيرة من الفلسطينيين على الانتقال من غزة إلى الأراضي المصرية.
وفي الوقت نفسه، لاحظت إسرائيل تحركات دبابات باتون باتجاه ما يعرف بـ'المنطقة أ' حسب اتفاقية السلام لعام 1979، وهي المنطقة الأقرب إلى قناة السويس. وزعم التقرير أن عدد الدبابات المنتشرة هناك يتجاوز بكثير الحد المسموح به وهو 230 دبابة في تلك المنطقة، مما أثار غضب إسرائيل.
ولم تقتصر مخاوف إسرائيل على دبابات باتون فقط، حيث بدأت أيضاً الدبابات الحديثة من طراز M1A1 أبرامز في الوصول إلى المنطقة، حيث تم رصد دبابات أبرامز وهي تتحرك نحو نقاط التجمع في وسط سيناء وبالقرب من معبر رفح الحدودي.
وتعتبر دبابة باتون M60A3 من مخلفات الحرب الباردة، وقد قامت مصر بدمجها في قواتها المسلحة كنظام يعمل جنباً إلى جنب مع النماذج الأمريكية الأحدث مثل M1A1 أبرامز. تم تطوير هذه الدبابة من قبل الجيش الأمريكي في الخمسينيات من القرن العشرين وتم تحديثها خلال السبعينيات، ودخلت نسخة M60A3 الخدمة في عام 1978. وهي مجهزة بأنظمة متطورة للتحكم في إطلاق النار، وجهاز تحديد المدى الحراري، ومدفع رئيسي عيار 105 ملم يمكنه إطلاق أنواع مختلفة من القذائف، بما في ذلك القذائف الخارقة للدروع.
وحصلت مصر على مئات الدبابات من هذا النوع من خلال المساعدات العسكرية للولايات المتحدة منذ ثمانينيات القرن الماضي، ووصل عددها إلى نحو 1000 دبابة من سلسلة M60 في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
أما دبابات أبرامز M1A1، فقد زودتها مصر لقواتها المسلحة من خلال اتفاقية إنتاج مشترك، وأصبحت بمثابة حجر الأساس في الجيش المصري. تم تطوير هذه الدبابة في ثمانينيات القرن العشرين بواسطة شركة جنرال ديناميكس، وهي مزودة بمدفع رئيسي عيار 120 ملم، ودروع مركبة متطورة، ونظام للتحكم في إطلاق النار مع التصوير الحراري.
وبدأت مصر تجميع هذه الدبابات في تسعينيات القرن الماضي في مصنع بالقرب من القاهرة، وبحلول عام 2025 كانت قد تلقت أكثر من 1300 دبابة منها جاهزة للعمل في ظروف صحراوية قاسية. وتتمتع دبابة أبرامز M1A1 بمحرك توربيني غازي من طراز Honeywell AGT1500 بقوة 1500 حصان، مما يمنحها سرعة تصل إلى 68 كم/ساعة على الطرق المعبدة. يوفر درعها المركب، مع الترقيات التفاعلية، حماية قوية ضد معظم التهديدات المضادة للدروع، في حين يمكن لمدفعها الرئيسي إطلاق ذخيرة متقدمة مثل M829 APFSDS القادرة على اختراق الدروع السميكة.
وتعتبر النسخة المصرية من هذه الدبابة أقل تطوراً من النسخة الأمريكية الأصلية، حيث أنها تفتقر إلى العديد من الأنظمة السرية. ومع ذلك، فهو نظام قتالي فعال للغاية، تم تعديله خصيصاً ليناسب ظروف القتال الصحراوية، مما يجعله مناسباً بشكل خاص للعمليات في شبه جزيرة سيناء.
وقال الموقع العبري أنه رغم أن الجيش الإسرائيلي يمتلك قدرات قاتلة في حال اندلاع صراع مع مصر، فإن المؤشرات الحالية تشير إلى أن مصر تتخذ موقفاً دفاعياً متقدماً وليس هجومياً. وأضاف: 'يبدو أن القاهرة ليست مهتمة بغزو غزة أو الدخول في صراع مع إسرائيل، ولكن وجود هذه الدبابات هو في الواقع استعراض للقوة يهدف إلى منع تدفق اللاجئين الفلسطينيين إلى الأراضي المصرية، وأن الدافع وراء ذلك هو الخوف من عدم السماح لهؤلاء اللاجئين بالعودة، وبالتالي تتحمل مصر مسؤوليتهم لعقود من الزمن، كما هو الحال في دول أخرى تستضيف اللاجئين الفلسطينيين'.
وأشار تقرير الموقع العبري إلى أنه من الواضح أن الوضع في المنطقة يتدهور بسرعة، ففي حين تسعى إسرائيل إلى مواجهة حماس في غزة، وفتح في الضفة الغربية، وحزب الله في لبنان، وإيران، فإن القوى الإقليمية مثل مصر وتركيا تعارض التحركات الإسرائيلية، مما يؤدي إلى تعقيد هذه الجهود وإضعاف الوضع الأمني الإسرائيلي العام في المنطقة.
تابعنا علي منصة جوجل الاخبارية

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


مصر اليوم
منذ 2 أيام
- مصر اليوم
تلاعب بالألفاظ.. هجوم روسي ضد ألمانيا بسبب صواريخ توروس
اتهمت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، المستشار الألماني فريدريش ميرتس بمحاولة تضليل الرأي العام بشأن حقيقة الموقف الألماني من تزويد أوكرانيا بصواريخ بعيدة المدى من طراز 'توروس'، مشيرة إلى أن التصريحات الأخيرة لميرتس لا تعكس رغبة حقيقية في السلام، بل تشكل 'تلاعبًا بالألفاظ'، بحسب تعبيرها. وفي تصريحات نقلتها شبكة 'آر تي' الروسية عبر منصة 'إكس'، قالت زاخاروفا: 'يبدو للوهلة الأولى أن هذا تأكيد لرغبة ألمانيا في التوصل إلى حل سلمي للنزاع في أوكرانيا، والحصول على مكان حول طاولة المفاوضات الجادة'، لكنها أضافت: 'لا تكونوا ساذجين.. هذا مجرد تلاعب بالألفاظ'، في إشارة إلى تصريحات ميرتس التي نفى فيها وجود خطط حالية لإرسال هذه الصواريخ إلى كييف. واعتبرت زاخاروفا أن مهمة ميرتس الحالية تتمثل في 'إخراج مسألة تسليم صواريخ توروس من النقاش العلني، وكأنها لم تكن موجودة أصلاً'، في حين أن الواقع – كما تقول – لا يبيّن بوضوح عدد الوحدات التي قد تكون سلمتها ألمانيا بالفعل أو توقيت ذلك. وألمحت إلى أن هناك ما يشبه التعتيم حول تفاصيل التعاون العسكري بين برلين وكييف. وجاءت هذه التصريحات عقب ما أعلنه ميرتس خلال مقابلة مع قناة 'زد دي إف' الألمانية، حيث قال إن… ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة خبرك نت ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من خبرك نت ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة. انتبه: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة مصر اليوم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من مصر اليوم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.


الدستور
منذ 2 أيام
- الدستور
"لعب بالكلمات".. زاخاروفا ترد على تصريحات ميرتس بشأن صواريخ توروس
كذّبت المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، تصريحات المستشار الألماني فريدريش ميرتس، حول عدم وجود خطط لتزويد نظام كييف بصواريخ "توروس". ونقلت شبكة "آر تي" عن زاخاروفا قولها على منصة "إكس": "يبدو للوهلة الأولى أن هذا تأكيد لرغبة ألمانيا في التوصل إلى حل سلمي للنزاع في أوكرانيا، والحصول على مكان وراء الطاولة المخصصة للمفاوضات الجادة". وأضافت: "ولكن لا تكونوا ساذجين.. هذا تلاعب بالألفاظ، وتتمثل مهمة المستشار في إزالة قضية تسليم الصواريخ بعيدة المدى من المناقشات العامة وكأنها غير موجودة، فيما في الواقع، لا أحد يعرف عدد الوحدات التي سلمتها برلين لنظام كييف ومتى؟". ولفتت زاخاروفا إلى تصريحات ميرتس الذي أفاد فيها بأن المناقشة العامة حول إرسال صواريخ "توروس" إلى كييف أصبحت ميزة استراتيجية لروسيا وعيبًا استراتيجيًا لألمانيا. وكان ميرتس قد صرح لقناة "زد دي إف" التلفزيونية بأن "هذه القضية ليست على جدول الأعمال في الوقت الراهن، وهي مرتبطة أيضًا بالحاجة إلى التدريب على المدى الطويل". وأضاف أنه من البداية لم يكن هناك أي فائدة من إجراء مناقشات عامة في ألمانيا حول إرسال صواريخ "توروس" إلى أوكرانيا. وقبل أن يتولى المستشارية الألمانية، أفاد ميرتس بإمكانية قيام ألمانيا بتوريد صواريخ من طراز "توروس" إلى أوكرانيا إذا تم الاتفاق على ذلك مع الشركاء الأوروبيين. ووفقًا له، فإن الجيش الأوكراني مجبر على العمل في وضع دفاعي، ولكن يجب أن يكون قادرًا على ضرب طرق إمداد القوات الروسية. وضرب ميرتس مثالًا على ذلك جسر القرم، الذي سيكون تدميره "فرصة لجعل أوكرانيا في وضع استراتيجي متقدم".


نافذة على العالم
منذ 3 أيام
- نافذة على العالم
أخبار العالم : فورين بوليسي: كيف ساهم الإعلام الروسي الرسمي في منح الحوثيين فوزاً دبلوماسياً خلال حربهم مع أمريكا؟ (ترجمة خاصة)
الأحد 18 مايو 2025 01:00 صباحاً نافذة على العالم - قالت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية إن وقف إطلاق النار المفاجئ بين الولايات المتحدة والحوثيين في السادس من مايو/أيار الجاري – في البحر الأحمر والذي استثنى إسرائيل صراحةً - منح الجماعة في اليمن فوزًا دبلوماسيًا نادرًا وغير مستحق. وأضافت المجلة في تقرير لها ترجمه للعربية "الموقع بوست" إنه بعد أشهر من استهداف السفن التجارية واستدراج قوة عظمى إلى الحرب، خرج الحوثيون المدعومون من إيران حاملين ما يتوقون إليه أكثر من الأرض: الاعتراف. وأضافت "لم يصلوا إلى هذا المأزق بمفردهم. فقد أدت حملة موازية لتبييض الروايات، شنتها وسائل الإعلام الحكومية الروسية، والمنظرون المناهضون للغرب، والمؤثرون الانتهازيون، إلى تليين صورة الجماعة. ومهدت هذه الحملة الطريق لواشنطن لمعاملتهم ليس كإرهابيين، بل كشركاء تفاوضيين محتملين". قوة سياسية فعلية وتطرقت المجلة الأمريكية إلى مقال بعنوان "لا تصنع حوثيًا لنفسك" نشرته قناة RT في مارس/آذار، جادل المعلق الروسي سيرجي ستروكان بأن الغارات الجوية الأمريكية في اليمن قد رسمت صورة "عدو" مصطنعة للحوثيين. لم يصوّر ستروكان الحوثيين كإرهابيين، بل كقوة سياسية فعلية تتفاعل مع الديناميكيات الإقليمية، وكتب أن الغارات الجوية الأمريكية الأخيرة "تحمل جميع سمات التدخل". وذكرت أنه ورغم أن المقال صيغ كنقد للسياسة الأمريكية، إلا أنه يعكس نمطًا أوسع: تطبيع الحوثيين من قبل أصوات أجنبية متحالفة مع ما يُسمى بالسرديات المناهضة للإمبريالية. ما يُغفل في هذه الروايات هو السلوك الاستبدادي للجماعة في الداخل، بالإضافة إلى دورها الاستراتيجي كامتداد للنفوذ الإقليمي الإيراني. وتجلى هذا السرد نفسه بوضوح عندما استضاف الحوثيون مؤتمرًا رفيع المستوى في صنعاء حول فلسطين في الشهر نفسه. وقد استقطب هذا المؤتمر، الذي عُقد بعد أسبوع من الغارات الجوية الأمريكية اليومية التي بدأت في 15 مارس/آذار، وفودًا من العراق إلى أيرلندا. وعلى غرار مقال ستروكان، أعاد هذا الحدث تسمية ميليشيا طائفية بحركة مقاومة، ملفوفة بعلم التحرير الفلسطيني، وخدم جمهورًا عالميًا حريصًا على تجاهل جوهر الجماعة الاستبدادي، وفق التقرير. تقول المجلة إنه في معرض تسليط الضوء على تنامي نفوذ الحوثيين الدولي، ضمّ المؤتمر رئيس الوزراء العراقي السابق عادل عبد المهدي، والسياسي الجنوب أفريقي زويليفيليلي مانديلا (حفيد نيلسون مانديلا)، وعضوي البرلمان الأوروبي السابقين كلير دالي وميك والاس من أيرلندا. كما حضر المؤتمر ما شياولين، وهو باحث صيني منتسب إلى جامعة تشجيانغ للدراسات الدولية وصحفي سابق يتمتع بعلاقات وثيقة مع وسائل الإعلام الحكومية الصينية. منظرون مناهضون للغرب ولكن ربما كان أبرز ما لفت الانتباه هو تشكيلة المتحدثين. فقد شارك كريستوفر هلالي، السكرتير الدولي للحزب الشيوعي الأمريكي حديث التأسيس، المنصة مع ستيفن سويني، الصحفي البريطاني ومراسل شبكة آر تي الممولة من الكرملين، وجاكسون هينكل، وهو مؤثر على وسائل التواصل الاجتماعي وأحد مؤسسي الحزب الشيوعي الأمريكي. (عند عودته إلى الولايات المتحدة، احتُجز الهلالي لمدة ثلاث ساعات من قِبل إدارة الجمارك وحماية الحدود الأمريكية، مما عزز مكانته في هذه الدوائر). كشف وجود كل هؤلاء الأفراد في اليمن عن اتساع نفوذ الحوثيين، ليس فقط ضمن ما يُسمى بمحور المقاومة الإيراني، بل أيضًا ضمن تحالف أوسع من المُنظّرين المُعادين للغرب الذين يعملون بتناغم مع الأنظمة الاستبدادية. قدّم المؤتمر لمحةً عن كيفية مساهمة الشبكات الهامشية، المدعومة من وسائل الإعلام الحكومية والآليات الأيديولوجية، في إضفاء الشرعية على التشدد على الساحة العالمية. وأفادت أن نشر قناة RT لتبرئة الحوثيين ليس مصادفة. فقد تطورت علاقة الجماعة بروسيا مؤخرًا إلى شراكة متعددة الأبعاد، حيث يساهم الحوثيون بنشاط في الجهود الحربية الروسية من خلال تجنيد مدنيين يمنيين للقتال في أوكرانيا، غالبًا عن طريق الخداع. وتشير التقارير الأخيرة إلى أن الجماعة تفاوضت ليس فقط مع روسيا، بل أيضًا مع الصين لتوفير ممر آمن لسفن هاتين الدولتين عبر البحر الأحمر مقابل دعم سياسي، مستفيدة في الوقت نفسه من مكونات أسلحة صينية المصدر، ومعلومات استخباراتية روسية عبر الأقمار الصناعية للاستهداف البحري، وغطاء دبلوماسي في مجلس الأمن الدولي. اضفاء شرعية دولية في هذا السياق، تكشف استراتيجية الحوثيين في إرسال الرسائل عن ثلاثة أهداف استراتيجية متميزة: فهي توفر مبررًا بأثر رجعي لهجماتهم على الشحن الدولي؛ وتصنع شرعية دولية رغم عدم اعترافهم بها؛ وعلى الصعيد المحلي، تعزل المعارضة اليمنية من خلال الإشارة إلى أن القوى العالمية قد قبلت فعليًا حكم الحوثيين كأمر واقع. ويمثل هذا تكتيكًا حربيًا هجينًا كلاسيكيًا، يجمع بين العمليات الحركية وحملات التأثير لتحقيق نتائج استراتيجية لا تستطيع القوة العسكرية وحدها تحقيقها. استفادت قائمة المشاركين في مؤتمر صنعاء من هذه الاستراتيجية المنسقة بتعزيز وهم الزخم الأيديولوجي العالمي. وقالت فورين بوليسي "جاءت كلمات مسجلة مسبقًا من النائب البريطاني السابق جورج غالاوي، والفيلسوف القومي الروسي المتطرف ألكسندر دوغين، وأليدا جيفارا، ابنة تشي جيفارا، وقد اختير كل منهم لثقله الرمزي أكثر من أهميته الدبلوماسية". يعكس هذا الحدث المُدبّر بدقة ما يُميّز الحوثيين عن الجماعات المتطرفة مثل القاعدة أو الدولة الإسلامية. ففي حين تتبنى هذه الجماعات أيديولوجية عدائية صارمة تجاه الأجانب، يُقدّم الحوثيون صورة مختلفة تمامًا: صورة ودودة، بل ومحبوبة، خاصةً لدى الجمهور الغربي. وبدعم إيراني أيضًا، فإن الحوثيين ليسوا مجرد متمردين مسلحين؛ بل هم قوة هجينة بالوكالة تتمتع بإمكانية الوصول إلى الحماية الدبلوماسية والمعدات العسكرية والاستثمار الاستراتيجي طويل الأجل. فعلى عكس الحركات الجهادية التي تُحرّكها العقيدة، فإن الحوثيين انتهازيون سياسيون. سيقبلون المساعدة من أي شخص يرغب في تقديمها، كما أورد التحليل. وأكدت المجلة أن هذه البراغماتية قد مكنتهم ليس فقط من البقاء، بل من الازدهار أيضًا. على مر السنين، تمتعوا بسمعة سخية بشكل مدهش بين الدبلوماسيين الغربيين، حيث قدم لهم بعضهم هدايا، وكتبوا مقالات رأي لتحسين صورتهم، وعاملوهم بمستوى من الاحترام نادرًا ما يُمنح للمتمردين. وأردفت "استُخدم كل من دالي ووالاس كرمزين للتحدي الغربي، حيث قدما تأييدًا مقلقًا للحوثيين في المؤتمر. كان خطاب والاس، على وجه الخصوص، حافلًا بالخطاب المناهض للغرب، وأُلقِيَ بحماسة ثورية مُتأصلة. اتهم إسرائيل بأنها "لا تفهم إلا لغة العنف"، وصوّر القوى الغربية على أنها المهندسة الحقيقية للإرهاب العالمي، وصوّر اليمن كطليعة في النضال العالمي ضد الإمبريالية". ولكن ربما كانت اللحظة الأبرز عندما أعلن أن "المستقبل الآن ملك للصين"، مشيدًا بضبط النفس المزعوم من بكين مدعيًا أنها لم تُسقط قنبلة واحدة منذ 50 عامًا. كان هذا بيانا لم يروج للسلطة الاستبدادية فحسب، بل تجاهل أيضا انتهاكات الصين الموثقة لحقوق الإنسان: الاعتقال الجماعي للأويغور في شينجيانغ؛ والقمع في هونغ كونغ؛ وعدوانها العسكري المتزايد في بحر الصين الجنوبي. وزادت "دأب الحوثيون على التلاعب بالروايات الدولية لمصلحتهم، بدءًا من اتفاقية ستوكهولم التي جمّدت ديناميكيات ساحة المعركة لصالحهم، وصولًا إلى جهود الضغط لتصويرهم كمقاومة محلية ضد السعودية بدلًا من ميليشيا استبدادية". من منظور استراتيجي، يقول التحليل أن مؤتمر صنعاء سعى إلى ملء الفراغ الذي خلّفته وكالات الأمم المتحدة التي انسحبت من مناطق الحوثيين بسبب عدوانهم المتزايد وعدم القدرة على التنبؤ بتصرفاتهم. سبق لوكالات الأمم المتحدة أن التقت بقيادة الحوثيين، وأضفت شرعية غير مقصودة على مطالبتهم بالسلطة، سواء من خلال مبادرات دبلوماسية فاشلة مكّنت الجماعة، أو من خلال التقاط صور في خضمّ عدوان الحوثيين وسرقة الطعام. وذكرت أن الكثيرين في المنطقة وخارجها يتشاطرون المخاوف بشأن معاناة الفلسطينيين في سياق الحرب بين إسرائيل وحماس - وهي جوهر ادعاء الحوثيين بالصلاح. ومع ذلك، فإن الحوثيين، نظرًا لسجلهم الحافل بالقمع الداخلي والعدوان الإقليمي، ليسوا مؤهلين ليكونوا مدافعين موثوقين. ميزان القوى الإقليمي ويتجلى التناقض جليًا عند دراسة الواقع على الأرض. بينما يُشيد والاس بالتزامهم المفترض بالقانون الدولي، يُمارس الحوثيون بشكل ممنهج اعتقال وتعذيب وإخفاء أفراد من الأقليات، بمن فيهم بهائيون وصحفيون ومعارضون سياسيون. كما احتجزوا موظفي الأمم المتحدة بتهم تجسس ملفقة، مما أجبر الأمم المتحدة على التخلي عن عملياتها في الأراضي الخاضعة لسيطرة الحوثيين منذ فبراير. واستدركت "يُمثل تركيز إدارة ترامب الضيق على إضعاف قدرات الحوثيين الهجومية في البحر الأحمر نهجًا تكتيكيًا لمشكلة استراتيجية، لكنه لا يُعالج النظام البيئي الأوسع الذي يُمكّن الحوثيين من إبراز قوتهم. وإذا تُركت حملة الحوثيين لإضفاء الشرعية دون معالجة، فإنها تُهدد بترسيخ مكانتهم كامتداد دائم لقدرات إيران على إبراز قوتها في شبه الجزيرة العربية". وترى أن من شأن هذا التطور أن يُغير جذريًا حسابات ميزان القوى الإقليمي، مما يُقوّض الشراكات الأمنية الأمريكية في الخليج، ويُوسّع العمق الاستراتيجي لإيران، وهو أمر مُقلق بشكل خاص مع استمرار طهران في طموحاتها النووية. ولعلّ الأهم من الناحية الاستراتيجية حسب المجلة هو برنامج التلقين العقائدي الممتد عبر الأجيال الجاري تنفيذه في الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون، وهو حملة تهدف إلى بناء قاعدة سكانية ملتزمة أيديولوجيًا من خلال استغلال القضايا الإسلامية المشتركة، مثل القضية الفلسطينية. يُصيب صانعو السياسات في واشنطن في التركيز على عنف الحوثيين الخارجي، لكن ينبغي عليهم توسيع جهود الدعاية المضادة، وتحديدًا استهداف الشبكات التي تُضخّم رسائل الحوثيين، بما في ذلك تحديد وكشف السلوكيات الزائفة المُنسّقة عبر مختلف المنصات. كما تقول الفورين بوليسي. وقالت "ينبغي أن يُسلّط التواصل الدبلوماسي مع الحلفاء التقليديين في المنطقة الضوء على التناقض بين رسائل الحوثيين الدولية وقمعهم الداخلي. كما ينبغي أن تستهدف العقوبات تحديدًا الأفراد الذين يُسهّلون تواصل الحوثيين الدولي، وليس فقط قيادتهم العسكرية. وأخيرًا، ينبغي على الولايات المتحدة الاستثمار في إبراز الأصوات اليمنية الأصيلة القادرة على تقديم بدائل موثوقة لروايات الحوثيين". على الرغم من ادعاء الرئيس الأمريكي ترامب عقب إعلان وقف إطلاق النار بأن الحوثيين قد "استسلموا"، تشير المجلة أن كبار المسؤولين الحوثيين سارعوا إلى إعادة صياغة وقف الأعمال العدائية، واصفين الولايات المتحدة بالقوة العظمى البراغماتية التي تُدرك تكلفة استمرار التصعيد. ولكن زعيمهم عبد الملك الحوثي ناقض حتى هذا التخفيف، حيث أعاد صياغة اللحظة على أنها انتصار حوثي: "الموقف الأميركي لم يكن، كما ادعى الكافر المجرم ترامب، نتيجة مناشدة أو استسلام من اليمن". وخلصت مجلة فورين بوليسي إلى القول "لا يزال الحوثيون منخرطين في صراعٍ متعدد الأوجه بين إيران والقوة الأمريكية، صراعٌ يُسلّح ممرات الشحن والروايات الإعلامية والجهات السياسية الغربية في آنٍ واحد. وبينما تُركّز العمليات البحرية الأمريكية على الأعراض التكتيكية، ينتشر المرض الاستراتيجي الأعمق دون رادع. وتمتد السابقة التي تُرسى هنا إلى ما هو أبعد من البحر الأحمر؛ إذ تُظهر لكلّ مُخرّبٍ مُحتمل مدى فعالية استغلال الأصوات الغربية لإضفاء الشرعية على أفعالٍ كانت ستُدان عالميًا لولا ذلك".