logo
مؤامرة الفن المعاصر بقلم ماريو فارغاس يوسا

مؤامرة الفن المعاصر بقلم ماريو فارغاس يوسا

النهار١٣-٠٥-٢٠٢٥

التقديم والترجمة للفنان المصري الكبير عادل السيوي
تقدم "نظرية المؤامرة" كمصطلح، عنوانا سهلا لمن يرى أن ما يطرح نفسه بقوة ويلاقي رواجا. لا يستند الى قيمة او قوة ذاتية حقيقية، والكثير مما ينتشر الان بالفعل لا يجد مبررا لدى الكثيرين سوى انه احد تجليات المؤامرة. الغريب ان نطرية المؤامرة تتسلل أحيانا الى عقول مبدعين كبار. ولم أكن اتوقع من أديب في حجم ماريو فارغاس يوسا الذي حاز جائزة نوبل 2010، أن يتبنى هو أيضا هذه الطريقة في النظر، فأنا مولع به ككاتب وكمثقف رفيع في الآن نفسه، وهو أديب عظيم مهموم بالفن وتحولاته. واتذكر انه غامر في روايته الرائعة "في مديح الخالة"، ببناء جسور مدهشة بين عالمين: عالم بصري وعالم سردي، فكل فصل موصول بلوحة فنية، يكتشف ببراعة طريقة الحكي والعوالم المرتبطة بها، ويختار لخاتمة روايته لوحة تجريدية تماما.
يبدأ فارغاس يوسا نصه عن مؤامرة الفن المعاصر بمشهد روائي فى متحف بلندن، حيث ينظر كاتب كبير بريبة الى عمل فني، ويتلصص على حديث معلمة جميلة وعلى ردود فعل تلاميذها الذين تحلقوا حول ذلك الشىء الذي اعتبرته جديرا بالتأمل. كتب يوسا هذا النص في لندن سنة 2016. أي بعد أن قطعت ظواهر الفن المعاصر رحلة لا بأس بها، وكانت قد توصلت في السبعينات الى عنوان يخصها، فلم يعد ما بعد الحداثة مصطلحا لائقا بطموحها، لم تقبل المعاصرة بأن توصف كتابع لزلزال الحداثة. وأصرت على الاستقلال تحت عنوان حصري يخصها وحدها. اختار يوسا الا يساير اي ركب، وتفادى المصطلح بعبارة تخصه وهي: "فن أيامنا هذه". والرجل يشك في قدرة الأعمال المعاصرة على الدفاع عن نفسها بمفردها، وكأن الشروح والتفسيرات هي وحدها ما يصنع القيمة.
إخلاص المعلمة وحماستها، وبراءة الأطفال وهم يتفاعلون مع ذراع المكنسة، جعلت الكاتب يتساءل: هل ستقوم هذه السيدة الجميلة بحشو رؤوس هؤلاء الصغار أيضا بالأكاذيب، وهل يجب أن يفتعلوا هم أيضا قيمة لما لا قيمة له؟ هل تدفعهم الى المشاركة في تجسيد الوهم، وهم النوعية والتجديد؟ إنه خلل كبير ومسؤولية كبيرة أيضا. يوسا يرى، وهنا تتضح قيمة نصه هذا. إن ما يحدث داخل المجال الفني، هو انعكاس لخلل في مجال أوسع، وهو المجال السياسي، حيث تتعارض السياسات الراهنة مع فاعلية النخب، تلك النخب التي كانت في الماضى تتصدى للرداءة والتفاهة وتوقف زحفهما، وترفض هيمنة منطق السوق على ابداعات الروح. هذا التعارض بين فاعلية النخب الأصيلة والسياسات العولمية، يهددنا إنسانيا لأنه يضعف قدرتنا على الفرز والاختيار وعلى إدراك مواقع القيمة الفنية الحقيقية.
ينبهنا يوسا الى ملمح مؤرق وحقيقي، ألا وهو عملية إغراق الأعمال الأصيلة، بفيض من الأعمال السطحية الضخمة والصاخبة والمستفزة، بحيث تختلط القيمة، ويصبح من الصعب فصل ما هو معاصر بامتياز عن البضاعة الرائجة الزائفة. العمل الذي شاهده يوسا هنا، مفتوح بلا جدال لقراءات عديدة، فهو يحيل المكنسة وما ترتبط به من تعامل مع الأوساخ والاتربة والجهد والتعب النسائي المنزلى، بعد أن نزع عنها أليافها، الى شيء لطيف ملون وخفيف، غير مؤهل للقيام بأي دور، ولكن الفنان أسند الذراع كالمعتاد الى الجدار، وكأنها لا تزال تقوم بدروها القديم كأداة منزلية. لم يقبل يوسا الدخول حتى ولو من باب السخرية الى تداعيات العمل، لأنه في النهاية ينحاز الى اختيارات فنية يحترمها، ولا يقبل بتأمل الأعمال التي لا توافق ذائقته.
بدأت المعاصرة رحلتها بنفس ثوري، رافضة الخضوع لهيمنة أي سلطة، بما في ذلك سلطة الغاليري والمتحف والناقد...الخ، وكانت تجربة الحداثة قد فقدت بفعل الحرب العالمية الثانية الكثير من صدقيتها، إذ لم يعد الرهان على التقدم أمرا مقنعا، والتقدم هو الرافعة التي اعتمدتها الحداثة في مشروعها الطليعى. انطلقت المعاصرة من شكوك عميقة في التجربة الانسانية كلها على بعضها، ولم تنل نصيبها من ذلك التفاؤل. ولكن هذه الروح الرافضة قطعت رحلة عبر العقود في مسار مقوس، وصل بها الآن الى الاستسلام لمقررات وشروط عالم الفن الذي رفضت سطوته في البداية، والذي تتحكم فيه مؤسسات كبرى وشخصيات نافذة ويحكمه في المقام الأول منطق الترويج والسوق، بعيدا من أي محاولة للحديث عن الموقف، أو النوعية، أو الدور، أو حتى عن القيمة الفنية.
المدافعون عن رهانات المعاصرة لا يقدمون لنا فى الغالب مادة فنية أو نظرية مقنعة، لكنهم يهزمون خصومهم عمليا بالحضور الصاخب والشهرة والسوق، بينما يتمسك الذين يشككون في منتجها بقيم الحداثة، وأحيانا بما قبلها. وربما يدافعون عن أفكار لم تعد غالبا قادرة على الصمود أمام المتغيرات التي اقتحمت الثقافة الانسانية، محافظين الى حد بعيد، يتقادم صوتهم، ويساهمون بدورهم في إحكام عزلتهم داخل دوائر التحسر على الماضى الاصيل. ولكن على الجانب الاخر، تتولد الاسئلة حول ما تقدمه لنا المعاصرة. فهل ستواصل االرهان على اللافت والصاخب والضخم، او في عبارة اخرى تضخيم المثير وكل ما يحدث فعلا آنيا لدى المشاهد؟ وهل ستظل منحازة الى ما يتم تدويره وتسويقه بسهولة؟ أم أنها قد استهلكت الان كل حيلها، وتركت الباب مفتوحا لبدائل انسانية أكثر تماسكا؟ فارغاس يوسا يرى للأسف اننا سنقف طويلا أمام ذراع المكنسة هذه، فليست هناك الآن في واقعنا المعاصر قوة قادرة على وقف هذه الموجة من السطحية والافتعال الفخورة بذاتها.
***
كي أنسى البركست (مصطلح مختصر يشير الى خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي)، قررت أن أذهب للتعرف الى مبنى متحفTATE MODERN "تيت مودرن" الجديد في لندن. وكما توقعت، وجدت نفسي في موقع يمجد ويقدس حضارة الاستعراض. وكان المبنى المضاف حديثا يحقق نجاحا كبيرا، وامتلأ المتحف بالزوار، برغم أن اليوم كان يوم عمل عاديا وليس عطلة. كثير من السياح ، ولكن الغالبية كانت من الانكليز، وقبل كل شيء من بين الشباب. في الطابق الثالث وفي إحدى قاعات العرض الكبيرة والأكثر إضاءة، كانت ذراع اسطوانية تستند الى الحائط، من المحتمل أن تكون ذراع مكنسة، نزع عنها الفنان ليفها الطبيعي أو المصنوع من البلاستيك، وهو العنصر الضروري لها كي تؤدي وظيفتها، بوصفها أداة يومية للإستخدامات المنزلية. بعد نزع ألياف المكنسة، قام الفنان بتلوين الذراع بعناية ودقة بالأخضر والأزرق والأحمر والأسود في سلاسل متكررة، متبعا تقريبا الترتيب اللوني نفسه، وهكذا تمت تغطية ذراع المكنسة بالكامل. وامتد مستطيلٌ صُنع من الحبال ليحيط بذراع المكنسة هذه، ويمنع المشاهدين من لمسها أو الاقتراب منها كثيرا. كنت مستغرقا في تأمل هذا الشيء، حين وجدتني محاطا بمجموعة من التلاميذ والتلميذات في زيهم المدرسي الأزرق. هم بلا شك أطفال مرفهون من أبناء العائلات الثرية، ومن يملكون القدرة على إلحاق ابنائهم بالمدارس الخاصة، والذين قررت معلمتهم ذات يوم اصطحابهم الى المتحف، لتعريفهم بالفن الحديث.
كانت المعلمة تقوم بمهمتها بحماسة وذكاء وعن اقتناع تام. رشيقة القد لها عينان تبرقان بالحيوية، تتكلم الانكليزية بوضوح وتمكن المعلمة الواثقة. بقيت في مكاني وسط هذا الحشد، مدعيا الاستغراق، وكأنني مأخوذ بتأمل ذراع المكنسة، ولكنني كنت في الواقع مشغوفا بسماع ما تقوله المعلمة. كانت تستعين في مهمتها هذه ببعض النقاط التي تم تحضيرها وتدوينها بجدية ومعرفة مسبقة بلا جدال. قالت المعلمة لتلاميذها: إن هذه المنحوتة أو هذا الشيء المادي الذي يتأملونه كموضوع جمالي، ينتمي أو يجب وضعه ضمن فصيل فني خاص، ألا وهو الفن المفاهيمي، وذلك ضروري لكي يتم تناوله وتقديره على النحو الصحيح.
ما هو الفن المفاهيمي؟ إنه فن مصنوع من المفاهيم، من الأفكار، في عبارة أخرى يمكن أن نقول إنها أعمال فنية تسعى في المقام الأول الى إثارة ذكاء وخيال من يشاهدها، قبل أن يتمكن عبر حواسه من التمتع باللوحة أو المنحوتة أو التجهيز الفني الذي يقف أمامه، ويشاهده بعينيه. بكلمات أخرى، إن هذا الشيء الذي يرونه، وهو مركون على الحائط، ليس مجرد يد مكنسة خشبية تم تلوينها بألوان مختلفة، وانما هو نقطة إنطلاق، هو جسر سينقلنا لنصل الى شيء ما، شيء سيصنعونه هم معا، ويجب عليهم اكتشافه، أو من الأفضل أن نقول يتعين عليهم البحث عنه واستخراجه وإظهاره، وذلك عبر خيالهم، وقدراتهم الإبداعية. لننظر إذن الى هؤلاء التلاميذ، لنعرف مًن بينهم تفاعل مع العمل وقاده ذلك لأن يقترح شيئا ما.
استمع الأولاد والبنات الى المعلمة بكل اهتمام، ولكنهم كانوا يتبادلون النظرات والضحكات أيضا.
قطع الصمت الطويل الذي امتد بعد السؤال، طفل ذو وجه منمش وشعر أحمر، وجهه يشى بالدهاء واللماحية: "الا يمكن يا سيدتي أن تكون تلك هي ألوان قوس قزح؟ جميل... ولِمَ لا؟ هكذا أجابت المعلمة بحذر. هل هناك أي انطباع أو ملحوظة أخرى؟ صمت جديد، ضحكات قصيرة، ووخزات كوع. "هاري بوتر كان يطير ممتطيا مكنسة تشبه هذه التي نراها الآن"، همست طفلة بهذه الكلمات، وكان وجهها يحمر مثل الجمبري. قهقهات يتم كتمها بصعوبة، ولكن المعلمة أظهرت رفضها لذلك محتفظة برقتها وتمكنها: "كل شيء ممكن، ليس هذا أمرا مضحكا. من الممكن أن يكون الفنان قد استلهم شيئا ما بالفعل من قصة هارب بوتر، مَن يمكنه أن ينفي ذلك. ولكن أرجو الا تختلقوا انطباعات فقط من أجل المشاركة. ارجوكم التركيز فى الشيء الجمالي الموضوع أمامكم، واسألوا أنفسكم ماذا يخبئ هذا الشيء داخله، ما هي الأفكار والمفاهيم التي يمكن أن تخرج منه، ويكون لها علاقة ما بأشياء ووقائع تتذكرونها، وما هي الأفكار التي يمكن أن يولدها هو داخل عقولكم عند مشاهدته".
بمرور الوقت، تشجع الأولاد واحدا بعد الآخر، بينما كان بعضهم يتبعون ملاحظات المعلمة ويقترحون تفسيرات وانطباعات، ترتبط بعلاقة أو صلة ما بذراع المكنسة الملونة. راح الآخرون يلعبون، أو يسعون لإثارة ضحك باقي التلاميذ، وذلك بالحديث عن انطباعات عبثية أو غير متوقعة. قال أحد التلاميذ، وهو طفل بدين، مؤكدا صحة كلامه بلهجة جادة، إن ذراع المكنسه هذه تذكره بجدته، فهي عجوز وقد أصبحت تسير في السنوات الأخيرة متكئة على عكاز خشبي، حتى لا يختل توازنها أو تسقط.
كان إعجابي بالمعلمة يزداد بمرور الدقائق، لم تفقد الأمل ولو لحظة واحدة، لم تسخر من أي منهم، لم تغضب أو تتأفف وهي تسمع ترهاتهم وتعليقاتهم الهزلية وهي تتلاحق. كانت تدرك جيدا أن أغلب تلاميذها وإن لم يكن الجميع قد نسي تماما أمر ذراع المكنسة، كما نسي الفن المفاهيمي، وكانت تطرد مللها بالمشاركة في اللعبة، التى أعطتهم هي بنفسها مفاتيحها، دون أن تقصد ذلك.
واصلت المعلمة سماعهم، وأخذ كل منهم فرصته كاملة، وبعزيمة بطولية كانت تصغي الى انطباعاتهم جميعا بكل باهتمام، ولا تتوقف امام هزلية او غرابة الانطباعات، كانت تعيد تلاميذها الأطفال دائما الى ذلك الشيء، "الشيء الجمالي"، الماثل أمام أعينهم، شارحة لهم أنهم بتأملهم كل ما يحدث الآن من تفاعل، أدركوا كيف فتحت ذراع المكنسة الخشبية هذه بألوانها الكثيفة داخل كل منهم فضاء عقليا فسيحا، تتولد من داخله أفكار ومفاهيم، تعيدهم الى الماضي، ثم تقودهم بعد ذلك نحو الحاضر، وكيف قام بتفعيل خيالهم وابداعهم، وذلك بجعلهم قابلين للتفاعل بحساسية مع الفن المعاصر، فن أيامنا هذه. وهو فن يختلف كلية عن ذلك الفن الجميل أو غير الجميل، الذي تم انجازه بيد الفنانين الذين رسموا اللوحات في الماضي، او من عين الفنانين الكلاسيكيين، وقد شاهدوا أعمالهم منذ شهور قليلة مضت عندما زاروا متحف "ناشيونال غاليري".
أخذت المعلمة المثابرة اللطيفة تلاميذها بعد ذلك، ليكتشفوا معها عملا آخر في المبنى الجديد نفسه، في متحف "مودرن تيت" نفسه، والقاعة نفسها، وكان العمل الذي توجهوا اليه عبارة عن متاهة مصنوعة من الحصير، وهي من أعمال الفنانة كريستينا إيغليسياس. أما أنا فقد بقيت وحدي قليلا أتأمل هذا "الشيء الجمالي"، ذراع المكنسة التي لونها فنان، قررت ألا أعرف اسمه، بل ولم أرغب حتى في معرفه العنوان الذي عمّد به منحوتته المفاهيمية هذه.
فكرتُ في صعوبة المهمة التي اضطلعت بها هذه المعلمة الرقيقة: الا وهي أن تقنع هؤلاء الأطفال أن هذا الشيء الذي دعتهم الى تأمله، يمثل نموذجا للفن الذي ينتج في أيامنا هذه، وان ذراع المقشة الملونة، تحتوي داخل ذاتها على تلك الكمية من الأبعاد، التي تشكل معا عملا فنيا أصيلا: مهارة، قدرة، إبتكار، أصالة، جرأة، أفكار، حدس، جمال. لا شك أن المعلمة الرقيقة كانت واثقة من ذلك ومقتنعة به تماما، وإلا لما تمكنت من أن تواجه، بكل الجهد والجدية اللذين أظهرتهما، ما هي مقبلة عليه، ولما تمكنت من الحديث مع تلاميذها وسماع ردود فعلهم بكل هاتين الثقة والبهجة.
أما كان ليكون ضربا من القسوة، أن نجعلها تدرك حقيقة ما تفعله، وأن نوضح لها أن كل هذا الجهد الذي تبذله ببساطة وبراءة واخلاص بالغ، لم يكن في نهاية الأمر سوى مساهمة في خدعة صرحية، حيلة هائلة بالغة الدهاء، كادت تعم الكوكب بأكمله. مؤامرة يشارك فيها أصحاب القاعات والمتاحف، والنقاد المرموقون، والدوريات الفنية المتخصصة، وأصحاب المجموعات الفنية، وأساتذة أكاديميون، ورعاة فنانين وتجار لا يعرفون نعمة الخجل. لقد اتفقوا جميعا على تبادل الخديعة في ما بينهم أولا ، ثم على خداع العالم بأسره تقريبا، وليسمحوا في الطريق بأن تمتلئ جيوب القلة بفضل هذا النوع من التوافق العصابي؟ إنها مؤامرة فوق العادة، خدعة استثنائية، لا احد يتكلم عنها، وبعيدا من كل الاعتبارات، فقد نجحت العملية وانتصرت بقوة على كل الجبهات، بحيث أصبحت واقعا لا يمكن رده ، لم يعد ممكنا توقيفها.
في الفن الذي تنتجه أيامنا هذه، الفن المعاصر، تتجاور أعلى المواهب الحقيقية مع أحط أشكال المكر، وتتخالط معا، بحيث لم يعد ممكنا أن تفصل أحدهما عن الآخر.
لقد وقعت مثل تلك الظواهر من قبل، لا شك في ذلك، ولكن آنذاك كان هناك، من يقف بالفعل خارج تلك الدوائر، كانت هناك مدن بعينها، ومؤسسات بعينها، وفنانون بعينهم، ونقاد بعينهم، يقاومون بضراوة، ويواجهون تلك الحيل والخدع الماكرة، ويكشفون مدى زيفها ويدينونها، ويهزمونها في النهاية. كانوا يشكلون جزءا من تلك النخب الفاعلة التي تم شيطنتها وتهميشها الآن، فالسياسة الصائبة المعتمدة في زماننا الراهن (السياسة الصائبة او الصوابية السياسية مصطلح يستخدمه هنا يوسا على سبيل السخرية، ويقصد أن الصوابية تتحول الى ممارسات سياسية بلا مشروع او أفكار او مواقف)، جعلت تلك النخب الفاعلة تقف الان، ظهرها الى الحائط. ولكن ماذا جنينا من هذا؟ ما هو أمامي الآن: ذراع مكنسة بألوان قوس قزح، تشبه تلك المكنسة التي كان هاري بوتر يمتطيها ليحلق بها وسط الغيوم.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

كيت ميدلتون تتألّق باللون الأصفر الزبدي في حفل الحديقة الملكي... إطلالة بألف رسالة! (صور)
كيت ميدلتون تتألّق باللون الأصفر الزبدي في حفل الحديقة الملكي... إطلالة بألف رسالة! (صور)

النهار

timeمنذ ساعة واحدة

  • النهار

كيت ميدلتون تتألّق باللون الأصفر الزبدي في حفل الحديقة الملكي... إطلالة بألف رسالة! (صور)

في ظهور طال انتظاره، عادت كيت ميدلتون، أميرة ويلز، إلى الساحة الملكية بكل أناقتها ورقيها، من خلال مشاركتها في حفل الحديقة الملكي الذي أُقيم في قصر باكنغهام في 20 أيار/ مايو 2025. ويعدّ هذا الحدث أول مشاركة لها في هذه المناسبة منذ عام 2023، بعد فترة نقاهة أعقبت إعلانها عن إصابتها بالسرطان وخضوعها للعلاج. وقد حملت هذه العودة رسالة بالغة التأثير، جمعت بين الشجاعة والإصرار الذي لطالما ميّز حضور الأميرة كيت في الحياة العامة. اختارت كيت ميدلتون لهذه المناسبة فستاناً أنيقاً من تصميم البريطانية إميليا ويكستيد، بلون أصفر زبدي، وهو الفستان ذاته الذي ارتدته خلال احتفالات اليوبيل البلاتيني للملكة إليزابيث الثانية عام 2022. وقد عكس هذا اللون المشرق روح الأمل والدفء، كما جاء تكريماً غير مباشر لجلالة الملكة الراحلة التي كانت تختار الألوان الزاهية لتكون مرئية للجماهير في التجمعات الكبيرة. View this post on Instagram A post shared by Princess of Wales Closet | Magui (@princesswcloset) وأكملت الأميرة كيت إطلالتها بقبعة أنيقة مزينة بالورود من تصميم فيليب تريسي، إلى جانب حذاء كلاسيكي من جيانفيتو روسي بلون حيادي، وحقيبة يد أنيقة من علامة Forever New باللون نفسه. أما أبرز ما ميز إطلالتها، فكان ارتداءها أقراط زفافها من تصميم روبنسون بيلهام، التي تحمل دلالات عائلية وشخصية، إذ تتضمن تصميماً على شكل ورقة شجر وغصن بلوط، في إشارة إلى شعار عائلة ميدلتون، وإلى التاج الملكي (Cartier Halo) الذي اعتمدته يوم زفافها عام 2011. كيت ميدلتون بين رمزية الألوان واستمرارية التقليد جاء اختيار اللون الأصفر الزبدي الزاهي ليعكس التوجه المشرق والمتفائل، وفي الوقت نفسه، كان تحية راقية لروح الملكة إليزابيث الثانية، التي لطالما حرصت على ارتداء الألوان المضيئة لخلق رابط بصري مباشر مع الشعب. وتُمثل هذه الإطلالة خروجاً عن النمط الهادئ من الألوان الترابية الحيادية التي اعتادت كيت ميدلتون ارتداءها في إطلالاتها في الآونة الأخيرة، وخصوصاً أثناء فترة التعافي. فقد أرادت أن تعود بروح مشرقة، تعبّر عن عزمها واستعدادها مجدداً لخدمة التاج بكل رقيّ وتعاطف. لحظات مؤثرة: لقاءات تحمل بصمات إنسانية رافقت الأميرة كيت زوجها الأمير ويليام في الحفل، الذي شارك فيه أيضاً عدد من أفراد العائلة المالكة، بينهم الأميرة أوجيني، زارا تيندال، الأمير إدوارد وصوفي دوقة إدنبرة. وخلال الحفل، التقت كيت أسرة المصورة الراحلة ليز هاتون، التي توفيت بعد صراع مع السرطان، في لحظة عاطفية عكست عمق تعاطفها الإنساني مع المرضى وأسرهم. وجمعتها لحظة مؤثرة أيضاً بـستيفن فرانك، أحد الناجين من الهولوكوست، الذي سبق أن التقطت له صورة ضمن مشروع لتخليد ذكرى ضحايا الحرب العالمية الثانية، بحيث تبادلا العناق في مشهد نادر من الدفء الإنساني وسط الأجواء الرسمية. لم تكن إطلالة الأميرة كيت مجرد مناسبة للأناقة، بل كانت عودة مفعمة بالدلالة والتأثير، أكدت من خلالها التزامها العميق مسؤولياتها الملكية، وقدرتها على الجمع بين الرسمية والإنسانية بأسلوبها الفريد. بهذه الإطلالة، أكدت أميرة ويلز من جديد مكانتها كرمز ملكي عصري، تتحلى بالثبات، الرقي، التعاطف والقدرة على تمثيل التاج البريطاني بأبهى صورة.

كان رفيق سلاح عبدالناصر والسادات...أحمد مظهر السياسي
كان رفيق سلاح عبدالناصر والسادات...أحمد مظهر السياسي

المدن

timeمنذ يوم واحد

  • المدن

كان رفيق سلاح عبدالناصر والسادات...أحمد مظهر السياسي

قلما تجد في تاريخ الفن المصري رجلاً بهذا التنوع والثراء، فقد تشعبت اهتمامات الممثل أحمد مظهر الذي رحل عن الحياة في الثامن من أيار 2002 بين الفن والأدب والرياضة والزراعة والسياسة على خلفية من أصوله العسكرية. بل كان بإمكانه أن يصبح – إذا أراد – أحد اللاعبين الكبار في المسرح السياسي في أعقاب ثورة 23 يوليو 1952. وإذا كان مشواره كممثل الذي بدأ بالصدفة حين شارك في فيلم "ظهور الإسلام" العام 1951 قد قاده لأن يكون أحد أبرز أسماء السينما العربية بما يقرب من مئة فيلم وعشرات الشخصيات الدرامية التي باتت من كلاسيكياتها، وإذا كانت صداقته الحميمة بالأديب نجيب محفوظ قد أدخلته عالم الأدب من الباب الكبير باعتباره صاحب الفضل في تكوين جماعة "الحرافيش" وهو الذي أطلق عليها هذا الاسم منذ أربعينيات القرن الماضي، وإذا كانت نشأته الرياضية الباكرة وجمعه بين الملاكمة والرماية والفروسية قد دفعت به إلى منصات التتويج ومشاركته في دورتي لندن 1948 وهلسنكي 1952 الأولمبيتين، فإن صفحة مهمة في حياته ظلت مجهولة أو شابها على الأقل كثير من الافتئات، فوقعت تفاصيلها بين التهوين تارة والتهويل أخرى، وأعني هنا دوره الخفي في الحياة السياسية بمصر في مرحلة شديدة الخصوصية والاضطراب من تاريخها المعاصر. التحق أحمد مظهر بالكلية الحربية العام 1936 في أعقاب توقيع مصر معاهدتها الشهيرة مع بريطانيا، فوجد في دفعته كلاً من جمال عبد الناصر وعبد الحكيم عامر وخالد محيي الدين وحسين الشافعي وعبد اللطيف البغدادي وزكريا محيي الدين، وكان يسبقه بدفعة أنور السادات، وبدفعتين الأديب يوسف السباعي، ولحق به الدكتور ثروت عكاشة، وهي الأسماء التي غيرت في ما بعد وجه الحياة السياسية في مصر ومنطقة الشرق الأوسط. ثم رافق مظهر بعد التخرج كل من جمال عبد الناصر وأنور السادات حين تم توجيه الثلاثة إلى معسكرات الجيش في منقباد التابعة لمحافظة أسيوط في صعيد مصر. وحينما سألته عند بداية تعارفنا في تشرين الأول 1987 عن ذكرياته عن هذه المرحلة من حياته، قال إنه لاحظ اهتمامات عبد الناصر بالتكتيك العسكري والنظريات القتالية، فيما كان السادات معنياً بالأحزاب السياسية والعمل السفلي والكفاح ضد الاستعمار الإنكليزي، ما انعكس عليه هو الآخر. وأضاف أن السادات حينما انتقلا معًا إلى القاهرة، فيما ذهب ناصر إلى جبل الأولياء بالسودان، هو الذي عرّفه على الفريق عزيز المصري الذي لُقّب بـ"أبو الأحرار" والمعروف بميله إلى معسكر الألمان في الحرب العالمية الثانية من أجل تخليص مصر من الاحتلال البريطاني. ومنذئذ لم يفارق مظهر الفريق عزيز المصري حتى في مغامرته الخطرة بمقابلة القائد روميل على متن طائرة عند قدومه بجيش المحور إلى الصحراء الغربية بمصر قبيل وقوع معركة العلمين الشهيرة التي قلبت موازين القوى في الشمال الأفريقي لمصلحة دول الحلفاء في أتون الحرب العالمية الثانية. وبحسب ما قاله لي أحمد مظهر ونشرته في حينه، أنه كان المؤسس للتنظيم الأول للضباط الأحرار الذي كان عزيز المصري أباه الروحي، وكان التنظيم يجتمع في شقته في شارع الحلمية في مصر الجديدة قبل أن يعلم البوليس السياسي باجتماعات التنظيم، ويصدر القرار بمهاجمة الشقة والقبض على أفراده باعتباره تنظيماً شيوعياً. فقرر الرجل، إثر هذه الواقعة، حلّ التنظيم قبل أن يعيد عبد الناصر تشكيله العام 1949 عقب عودته من حصار الفلوجة بفلسطين إبان النكبة الكبرى العام 1948، فانضم إليه أحمد مظهر أيضاً باعتباره ضابطا في سلاح الفرسان بعد مشاركته في حرب 1948 متطوعاً، رغم معارضة الملك فاروق اشتراك سلاح الفرسان في الحرب باعتباره قوة الجيش التي تؤمن عرشه بالقاهرة. ولم تنقطع علاقة مظهر بالرياضة في تلك الفترة، فقد حقق نتائج باهرة في الفروسية أهّلته لعضوية الفريق المصري المشارك في دورتي لندن وهلسنكي الأولبيتين، من من دون أن يتخلف عن اجتماعات الضباط الأحرار الذين كانوا يجهزون لحركتهم الثورية. وفي مقال له نشرته صحيفة الأهرام القاهرية عقب وفاة أحمد مظهر العام 2002، كشف صديقه نجيب محفوظ عن دور خفي قام به مظهر في تلك الفترة الحرجة، فذكَر أن مظهر كان الوسيط بين الضباط الأحرار وحزب الوفد، حين سلّم صهره محمد صلاح الدين باشا وزير الخارجية المصري والقطب الوفدي البارز، رسالة من عبد الناصر إلى النحاس باشا رئيس الوفد ورئيس الوزراء، يخبره فيها بنيّة الأحرار الانقلاب على الملك، طالباً الدعم والتنسيق مع التنظيم. غير أن النحاس رفض الانقلاب على الدستور وسيطرة الجيش على السلطة، لكنه حفظ للأحرار سرّهم. وأضاف محفوظ أن النحاس، ووزير داخليته فؤاد سراج الدين، كانا على علم بتحركات الضباط الأحرار، لكنهما – ما معناه – غضا الطرف عنها حسبما أبلغه صديقه الحرفوش الأكبر أحمد مظهر. وفي صيف 1952، ذهب مظهر إلى عبد الناصر ليبلغه أنه يستعد للسفر إلى فنلندا للمشاركة في دورة الألعاب الأولمبية، مستفسراً عن موعد القيام بالثورة، فأبلغه ناصر بأنه لم يحدّد الموعد بدقة ونصحه بالبقاء في القاهرة. لكن كثرة تأجيلات موعد القيام بحركة الضباط الأحرار دفعت قائد مدرسة الفرسان إلى عدم الاستماع لنصيحة ناصر والسفر إلى أوروبا، غير أن تسرّب أخبار التنظيم إلى القصر الملكي وفوز اللواء محمد نجيب في انتخابات نادي ضباط الزمالك على حساب رجال الملك، دفعا عبد الناصر للتعجيل. وحينما قامت الثورة بالفعل، فجر 23 يوليو، كان أحمد مظهر قد وصل إلى باريس في طريقه إلى فلندا، ولم يكن في الإمكان العودة إلى القاهرة، فأكمل طريقه مع البعثة المصرية إلى هناك. وقال لي مظهر قبل أسبوعين من وفاته، وبينما كنت أحرّر كتاب تكريمه في مهرجان الإسكندرية السينمائي 2002، أنه لم يشأ بعد عودته من الدورة الأولمبية التقرب من زملائه الأحرار، خشية أن يتصور بعضهم أنه يبحث عن منصب رفيع. لكن عبد الناصر احتفظ له بمكانه كقائد لكلية الفرسان وأحد قادة سلاح الفروسية، وأضاف أن علاقته في تلك الفترة اقتصرت على الفارسين يوسف السباعي وثروت عكاشة باعتبارهما رفيقي سلاح الفروسية. وحكى مظهر أن عبد الحكيم عامر وقف في طريقه بشدة حينما قرر قبول دعوة يوسف السياعي للمشاركة في التمثيل في فيلم "رد قلبي" الذي يحكي قصة ثورة يوليو، اعتقاداً منه بأن في ذلك إهانة للزي العسكري الذي يرتديه مظهر. ولم يتحول إلى الحياة المدنية إلا حينما أحاله عامر إلى التقاعد العام 1956 عقاباً له، فاختاره السباعي مساعداً له في المجلس الأعلى للفنون والآداب، ليبدأ الرجل منذ ذلك اليوم مشواره الطويل في عالم التمثيل، ولم يقترب قط من رفقاء السلاح، لا سيما عبد الناصر والسادات، لكنه عند وفاة ناصر في أيلول 1970، حرص على اصطحاب ابنه شهاب إلى بيت الرئيس الراحل في صباح اليوم التالي لتسجيل كلمته في سجل العزاء. أما السادات، فقد اختاره ليمثل شخصيته في أكثر من عمل إذاعي تناول حياة الرئيس، لا سيما بعد انتصارات أكتوبر 1973.

ملايين المشاهدات لأغنية تمجد هتلر
ملايين المشاهدات لأغنية تمجد هتلر

الديار

timeمنذ 2 أيام

  • الديار

ملايين المشاهدات لأغنية تمجد هتلر

اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب حققت أغنية "هيل هتلر" (Heil Hitler) للمغني الأمريكي كانييه ويست، ملايين المشاهدات على منصة "إكس" منذ إصدارها في 8 ايار، رغم حظر الأغنية من منصات رئيسية أخرى مثل يوتيوب. وبعدما حقق الفنان الذي بات يعرف باسم "YE" شهرة بفضل أغانيه التي نال من خلالها 24 جائزة "غرامي"، أطلق المغني سلسلة تصريحات معادية للسامية ومؤيدة للنازية في السنوات الأخيرة. وعلى حسابه في منصة "إكس"، حقق المقطع الذي نشر في ذكرى انتهاء الحرب العالمية الثانية، ما يقرب من 10 ملايين مشاهدة حتى الأحد. وتظهر في الأغنية مجموعة من الأميركيين من ذوي البشرة السوداء يرتدون جلود الحيوانات ويرددون عنوان الأغنية التي تمجد الزعيم النازي "أدولف هتلر"، وتنتهي الأغنية بخطاب ألقاه الدكتاتور النازي. وبحسب بيان نقلته محطة "إن بي سي نيوز" الأمريكية، قررت منصة يوتيوب إزالة المحتوى المذكور، مؤكدة أنها ستواصل إزالة التحميلات الجديدة للأغنية من منصتها. وقالت شبكة التواصل الاجتماعي "ريديت" للوسيلة الإعلامية نفسها إنها ستزيل أي تحميلات للأغنية من المنصة. وصرح ناطق باسم الموقع "الكراهية ومعاداة السامية ليس لها مكان على الإطلاق على ريديت". وأزيلت الأغنية أيضا من منصتي البث الموسيقي الرئيسيتين "سبوتيفاي" و"آبل ميوزيك".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store