logo
ما سر ازدهار مشهد تناول الطعام في الهواء الطلق في نيويورك؟

ما سر ازدهار مشهد تناول الطعام في الهواء الطلق في نيويورك؟

CNN عربية١٥-٠٦-٢٠٢٥

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- عندما ضربت جائحة كورونا العالم، سارع القادة السياسيون في مدينة نيويورك بأمريكا إلى إنقاذ المطاعم، من خلال منحها شريان حياة يتمثل في تناول الطعام في الهواء الطلق عبر أمر تنفيذي.
وشاهد سكان نيويورك المطاعم، التي كانت محصورة في الداخل سابقًا، وهي تمتد إلى الأرصفة والشوارع.
وبوجود قيود قليلة، قام أصحاب المطاعم ببناء أكواخ لتناول الطعام لزبائنهم، وأضافوا لها مصابيح التدفئة، وأجهزة التكييف، والأضواء المتلألئة، والأسقف.
واستمر ذلك على مدار العام خلال الأعوام الأربع التالية.
وفي ذروة الجائحة، قُدّر عدد الهياكل المخصصة لتناول الطعام في الهواء الطلق في الأحياء الخمسة لمدينة نيويورك بحوالي 12,500 هيكل.
ولبرهة من الزمن، أصبحت أجزاء من المدينة تبدو مثل باريس.
وقد جرى تمديد الأمر التنفيذي، الذي أُطلق عليه اسم "Open Restaurants" (المطاعم المفتوحة)، خلال عامي 2022 و2023.
بعد سنوات متتالية من توفّر الأكواخ المؤقتة لتناول الطعام، بدأت العديد من مطاعم المدينة بالاعتماد على أسلوب "الكوخ العشوائي الأنيق"، حتى توقفت تلك الأيام المتساهلة فجأة بسبب شكاوى الجمهور من الأكواخ المهجورة.
وسرعان ما انهار هذا الواقع. وشهد سكان نيويورك في الخريف الماضي تفكيك تلك الهياكل، لتنتهي بذلك أيام تناول الطعام بحرّية في الهواء الطلق.
وقد أحبها الزبائن واعتادوا وجود مقاعد على الأرصفة، بينما كرهها الجيران لأسباب تراوحت بين الضجيج الليلي، واختفاء مناطق ركن السيارات، وظهور الجرذان، وصولاً إلى تحولها لمنظر قبيح بعد هجرها.
تتذكّر بريا شيريبا، المقيمة السابقة في حي "ويست فيليج"، والتي تعيش حالياً في حي "بروكلين"، تلك الأيام الصاخبة بدون الشعور بالحنين لها.
ولم تكن بعض الهياكل مغطاة بالكتابات ومتروكة فحسب، بل تتذكر أيضاً أنّ إحداها كانت تعيق حركة المرور.
خلال السنوات الخمس التي تلت صيف عام 2020، حين سعى مسؤولو مدينة نيويورك إلى إنقاذ المطاعم، بات من الواضح أن الأمر لم يكن سهلاً للعديد من مشغلي المطاعم، إذ ركب بعضهم موجة الجلوس في الهواء الطلق حتى لم يعد بإمكانهم الاستمرار.
شارك صاحب المطاعم يانيك بنجامين في تأسيس وإدارة مطعم "Contento"، البيروفي الحائز على إشادة واسعة في حي هارلم، وامتاز بالتزامه العميق بتوفير إمكانية الوصول للجميع، لا سيما أن بنجامين نفسه يستخدم كرسيًا متحركًا.
وقد واصل المطعم نشاطه من يونيو/حزيران 2021 حتى ديسمبر/كانون الأول 2024.
وقال بنجامين عند الحديث عن تلك الأيام الأولى: "من المفارقات أن الجائحة جلبت فائدة غير متوقعة عندما نفّذت المدينة برنامج تناول الطعام في الهواء الطلق. بالنسبة لنا كمطعم صغير بمقاعد داخلية محدودة، كانت إضافة الطاولات الخارجية نقطة تحوّل من حيث الأرباح".
وأضاف: "وبما أننا مطعم ملتزم بتوفير الوصول للجميع، وخاصة للضيوف من ذوي الإعاقات، فقد رحبنا بعدد كبير من الأشخاص ذوي المناعة الضعيفة الذين استمروا في تناول الطعام في الخارج حتى بعد رفع القيود الداخلية".
كما خدم المطعم عددًا كبير من الأشخاص ذوي المناعة الضعيفة، وقدم لهم فرصة تناول الطعام في الهواء الطلق بأمان وراحة.
هذه الممارسة أصبحت قانونية في نيويورك ولكن يتم تحذير السياح منها
لم تختفِ أماكن تناول الطعام في الهواء الطلق في مدينة نيويورك، ولا تزال هناك مقاعد خارجية أكثر مقارنةً بما قبل الجائحة. لكن واجهت المطاعم المتبقية سباقًا بيروقرطيًا لتحديث مرافقها بما يتماشى مع القوانين، بما في ذلك إزالة الهياكل القديمة، والحصول على التصاريح المطلوبة، وإعادة البناء وفقًا لمواصفات المدينة.
وهذا يعني استخدام مقاعد معيارية قابلة للتحريك بسهولة، والالتزام بموسم محدد يمتد من 1 أبريل/ نيسان حتى 20 نوفمبر / تشرين الثاني.
وبالمجمل، حصلت 2,600 منشأة على موافقة للعمل على شوارع المدينة أو أرصفتها.
من جانبه، قال نائب رئيس البلدية للعمليات، ريف روث، هذا الربيع: "سيضفي البرنامج الدائم لتناول الطعام في الهواء الطلق في البلاد، الذي أصبح بالفعل أكثر من ضعف حجم برنامجنا السابق، حياة جديدة على شوارعنا من خلال تجهيزات أكثر أمانًا ونظافة في جميع أنحاء المدينة".
أمّا بالنسبة لبنجامين، فقد صعَّبت القواعد الجديدة قدرته على الاستمرار في تشغيل مطعمه، موضحًا أنّه "منذ أن قررت المدينة اعتبار تناول الطعام في الهواء الطلق موسميًا في عام 2024، أصبح من غير المجدي ماليًا لمشروع صغير مثل مشروعنا أن نفكك منصة الجلوس في الخريف ونعيد بناءها في الربيع".
شَعَر معظم الطهاة بالحاجة إلى الحفاظ على وجود خارجي بدافع الضرورة.
وعلى سبيل المثال، أفاد الشيف أليكس ستوباك، الذي يمتلك ويدير مجموعة من المطاعم الراقية في مانهاتن، أنّ تناول الطعام في الهواء الطلق قبل الجائحة كان نادرًا ومطلوبًا بشدة، ولكنه أصبح الآن ضرورة.
وفي حي "ويست فيليدج"، أنشأ فريق ستوباك هياكل خارجية باهظة الثمن لمطعم "Empellón" بالكاد كانوا قادرين على تمويلها، فقال: "إذا لم تتواجد في الخارج، فأنت لا شيء".
وأشار إلى أنّه في الأيام ذات الطقس اللطيف، وخصوصًا في "ويست فيليدج"، تكون المقاعد الخارجية أول ما يبحث عنه الأشخاص.
وبسبب هذا الطلب الكبير من الزبائن، لم يكن أمام أصحاب المطاعم خيار سوى مواكبة التغييرات المتعلقة بتناول الطعام في الهواء الطلق على مدار السنوات الخمس الماضية، والبناء ومن ثم الهدم، بحسب ما تسمح به الميزانية.
مرّت أنجي ريتو، الطاهية والشريكة المالكة لمطعمَي "Don Angie" و"San Sabino"، في منطقة "ويست فيليدج"، بتجارب متقلبة أيضًا، من بناء هياكل خارجية تقول إن تكلفتها تجاوزت 75 ألف دولار، إلى اضطرارها لتفكيكها وإعادة بنائها مجددًا بما يتماشى مع القواعد الجديدة للمدينة.
ومع ذلك، تواصل ريتو النظر بتفاؤل نحو موسم الصيف، مركّزة على القيمة المضافة التي يوفرها تناول الطعام في الهواء الطلق لزبائنها.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ما سر ازدهار مشهد تناول الطعام في الهواء الطلق في نيويورك؟
ما سر ازدهار مشهد تناول الطعام في الهواء الطلق في نيويورك؟

CNN عربية

time١٥-٠٦-٢٠٢٥

  • CNN عربية

ما سر ازدهار مشهد تناول الطعام في الهواء الطلق في نيويورك؟

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- عندما ضربت جائحة كورونا العالم، سارع القادة السياسيون في مدينة نيويورك بأمريكا إلى إنقاذ المطاعم، من خلال منحها شريان حياة يتمثل في تناول الطعام في الهواء الطلق عبر أمر تنفيذي. وشاهد سكان نيويورك المطاعم، التي كانت محصورة في الداخل سابقًا، وهي تمتد إلى الأرصفة والشوارع. وبوجود قيود قليلة، قام أصحاب المطاعم ببناء أكواخ لتناول الطعام لزبائنهم، وأضافوا لها مصابيح التدفئة، وأجهزة التكييف، والأضواء المتلألئة، والأسقف. واستمر ذلك على مدار العام خلال الأعوام الأربع التالية. وفي ذروة الجائحة، قُدّر عدد الهياكل المخصصة لتناول الطعام في الهواء الطلق في الأحياء الخمسة لمدينة نيويورك بحوالي 12,500 هيكل. ولبرهة من الزمن، أصبحت أجزاء من المدينة تبدو مثل باريس. وقد جرى تمديد الأمر التنفيذي، الذي أُطلق عليه اسم "Open Restaurants" (المطاعم المفتوحة)، خلال عامي 2022 و2023. بعد سنوات متتالية من توفّر الأكواخ المؤقتة لتناول الطعام، بدأت العديد من مطاعم المدينة بالاعتماد على أسلوب "الكوخ العشوائي الأنيق"، حتى توقفت تلك الأيام المتساهلة فجأة بسبب شكاوى الجمهور من الأكواخ المهجورة. وسرعان ما انهار هذا الواقع. وشهد سكان نيويورك في الخريف الماضي تفكيك تلك الهياكل، لتنتهي بذلك أيام تناول الطعام بحرّية في الهواء الطلق. وقد أحبها الزبائن واعتادوا وجود مقاعد على الأرصفة، بينما كرهها الجيران لأسباب تراوحت بين الضجيج الليلي، واختفاء مناطق ركن السيارات، وظهور الجرذان، وصولاً إلى تحولها لمنظر قبيح بعد هجرها. تتذكّر بريا شيريبا، المقيمة السابقة في حي "ويست فيليج"، والتي تعيش حالياً في حي "بروكلين"، تلك الأيام الصاخبة بدون الشعور بالحنين لها. ولم تكن بعض الهياكل مغطاة بالكتابات ومتروكة فحسب، بل تتذكر أيضاً أنّ إحداها كانت تعيق حركة المرور. خلال السنوات الخمس التي تلت صيف عام 2020، حين سعى مسؤولو مدينة نيويورك إلى إنقاذ المطاعم، بات من الواضح أن الأمر لم يكن سهلاً للعديد من مشغلي المطاعم، إذ ركب بعضهم موجة الجلوس في الهواء الطلق حتى لم يعد بإمكانهم الاستمرار. شارك صاحب المطاعم يانيك بنجامين في تأسيس وإدارة مطعم "Contento"، البيروفي الحائز على إشادة واسعة في حي هارلم، وامتاز بالتزامه العميق بتوفير إمكانية الوصول للجميع، لا سيما أن بنجامين نفسه يستخدم كرسيًا متحركًا. وقد واصل المطعم نشاطه من يونيو/حزيران 2021 حتى ديسمبر/كانون الأول 2024. وقال بنجامين عند الحديث عن تلك الأيام الأولى: "من المفارقات أن الجائحة جلبت فائدة غير متوقعة عندما نفّذت المدينة برنامج تناول الطعام في الهواء الطلق. بالنسبة لنا كمطعم صغير بمقاعد داخلية محدودة، كانت إضافة الطاولات الخارجية نقطة تحوّل من حيث الأرباح". وأضاف: "وبما أننا مطعم ملتزم بتوفير الوصول للجميع، وخاصة للضيوف من ذوي الإعاقات، فقد رحبنا بعدد كبير من الأشخاص ذوي المناعة الضعيفة الذين استمروا في تناول الطعام في الخارج حتى بعد رفع القيود الداخلية". كما خدم المطعم عددًا كبير من الأشخاص ذوي المناعة الضعيفة، وقدم لهم فرصة تناول الطعام في الهواء الطلق بأمان وراحة. هذه الممارسة أصبحت قانونية في نيويورك ولكن يتم تحذير السياح منها لم تختفِ أماكن تناول الطعام في الهواء الطلق في مدينة نيويورك، ولا تزال هناك مقاعد خارجية أكثر مقارنةً بما قبل الجائحة. لكن واجهت المطاعم المتبقية سباقًا بيروقرطيًا لتحديث مرافقها بما يتماشى مع القوانين، بما في ذلك إزالة الهياكل القديمة، والحصول على التصاريح المطلوبة، وإعادة البناء وفقًا لمواصفات المدينة. وهذا يعني استخدام مقاعد معيارية قابلة للتحريك بسهولة، والالتزام بموسم محدد يمتد من 1 أبريل/ نيسان حتى 20 نوفمبر / تشرين الثاني. وبالمجمل، حصلت 2,600 منشأة على موافقة للعمل على شوارع المدينة أو أرصفتها. من جانبه، قال نائب رئيس البلدية للعمليات، ريف روث، هذا الربيع: "سيضفي البرنامج الدائم لتناول الطعام في الهواء الطلق في البلاد، الذي أصبح بالفعل أكثر من ضعف حجم برنامجنا السابق، حياة جديدة على شوارعنا من خلال تجهيزات أكثر أمانًا ونظافة في جميع أنحاء المدينة". أمّا بالنسبة لبنجامين، فقد صعَّبت القواعد الجديدة قدرته على الاستمرار في تشغيل مطعمه، موضحًا أنّه "منذ أن قررت المدينة اعتبار تناول الطعام في الهواء الطلق موسميًا في عام 2024، أصبح من غير المجدي ماليًا لمشروع صغير مثل مشروعنا أن نفكك منصة الجلوس في الخريف ونعيد بناءها في الربيع". شَعَر معظم الطهاة بالحاجة إلى الحفاظ على وجود خارجي بدافع الضرورة. وعلى سبيل المثال، أفاد الشيف أليكس ستوباك، الذي يمتلك ويدير مجموعة من المطاعم الراقية في مانهاتن، أنّ تناول الطعام في الهواء الطلق قبل الجائحة كان نادرًا ومطلوبًا بشدة، ولكنه أصبح الآن ضرورة. وفي حي "ويست فيليدج"، أنشأ فريق ستوباك هياكل خارجية باهظة الثمن لمطعم "Empellón" بالكاد كانوا قادرين على تمويلها، فقال: "إذا لم تتواجد في الخارج، فأنت لا شيء". وأشار إلى أنّه في الأيام ذات الطقس اللطيف، وخصوصًا في "ويست فيليدج"، تكون المقاعد الخارجية أول ما يبحث عنه الأشخاص. وبسبب هذا الطلب الكبير من الزبائن، لم يكن أمام أصحاب المطاعم خيار سوى مواكبة التغييرات المتعلقة بتناول الطعام في الهواء الطلق على مدار السنوات الخمس الماضية، والبناء ومن ثم الهدم، بحسب ما تسمح به الميزانية. مرّت أنجي ريتو، الطاهية والشريكة المالكة لمطعمَي "Don Angie" و"San Sabino"، في منطقة "ويست فيليدج"، بتجارب متقلبة أيضًا، من بناء هياكل خارجية تقول إن تكلفتها تجاوزت 75 ألف دولار، إلى اضطرارها لتفكيكها وإعادة بنائها مجددًا بما يتماشى مع القواعد الجديدة للمدينة. ومع ذلك، تواصل ريتو النظر بتفاؤل نحو موسم الصيف، مركّزة على القيمة المضافة التي يوفرها تناول الطعام في الهواء الطلق لزبائنها.

السفر جوًا قد يكون مرهقًا ومزعجًا.. إليك ما يمكنك فعله
السفر جوًا قد يكون مرهقًا ومزعجًا.. إليك ما يمكنك فعله

CNN عربية

time٠٨-٠٦-٢٠٢٥

  • CNN عربية

السفر جوًا قد يكون مرهقًا ومزعجًا.. إليك ما يمكنك فعله

ملاحظة المحرر: الآراء الواردة في هذا التعليق تعبّر عن وجهة نظر الكاتب فقط. تعرض CNN هذا العمل بالتعاون مع The Conversation، وهي شراكة بين صحفيين وأكاديميين تهدف إلى تقديم تحليلات وتعليقات إخبارية. المحتوى من إنتاج The Conversation حصريًا. دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- خلال ذروة موسم السفر، حين تكون المطارات مكتظّة والمشاعر مشحونة، من المحتمل أنك شاهدت تلك اللحظة أو كنت جزءًا منها، أي عندما ينفجر أحد الركاب في وجه مضيفة الطيران، أو يكاد يفقد أعصابه بسبب إمالة مقعد الطائرة أكثر من اللازم. لكن لماذا يبدو أن السفر بالطائرة يخرِج أسوأ ما فينا؟ تعد الطائرات بيئة تضغط على المشاعر حرفيًا. وبالنسبة للكثيرين، ترتبط المطارات والطائرات بالقلق، والذي يبدأ غالبًا قبل الوصول إلى صالة المغادرة. وتجمع هذه البيئات بين التوتر، والانزعاج، وفقدان السيطرة، ما يجعل حتى أكثر المسافرين هدوءًا يشعرون بالتوتر والقلق. كما أن الطائرات تُبرز التفاوت الطبقي بشكل صارخ. فمن منا لم يختبر مشاعر الغيرة أثناء المرور عبر مقصورات الدرجة الأولى للوصول إلى مقعده بالدرجة السياحية. لذلك، من السهل أن نفهم لماذا أصبحت نوبات الغضب أثناء الرحلات الجوية، أو ما يعرف بالغضب الجوي، شائعة للغاية. في الواقع، شهدت التقارير عن هذه الحوادث ارتفاعًا كبيرًا خلال السنوات الأخيرة، خاصة مع تفاقمها نتيجة التوترات المرتبطة بجائحة كورونا. وفيما يلي نظرة على العلم وراء سبب توترنا الشديد أثناء السفر بالطائرة. والأهم من ذلك، ماذا يمكننا أن نفعل حيال هذا الأمر؟ خلال السنوات الأخيرة، ارتفعت التقارير المتعلقة بسلوك الركاب غير المنضبط حول العالم بشكل ملحوظ. وربما يكون المؤشر الأكثر شمولاً هو البيانات التي جمعتها إدارة الطيران الفيدرالية في الولايات المتحدة، والتي تُظهر ارتباطاً واضحاً بتأثير جائحة كورونا. وفي عام 2021، سجّلت الإدارة 5,973 حادثة لسلوك غير منضبط من قبل الركاب، وهو ارتفاع مذهل بنسبة 492% مقارنة بالعام الذي سبقه. وللتوضيح، فإن متوسط عدد هذه الحوادث خلال الفترة من 2017 إلى 2020 بلغ 901.75 حادثة. ورغم أن الأرقام قد انخفضت منذ ذروتها في عام 2021، فإنها لا تزال أعلى بكثير من مستويات ما قبل الجائحة. وفي عام 2022، سجلت الإدارة 2,455 حادثة، تبعها 2,076 في عام 2023، و2,102 في عام 2024. وقد أدت هذه الحوادث في الولايات المتحدة وحدها إلى بدء 402 إجراء إنفاذ في عام 2023، مقارنة بأعلى رقم قبل الجائحة وهو 83 إجراء في سنة واحدة. ومنذ عام 2021، فُرضت غرامات تجاوزت 21 مليون دولار نتيجة لهذه الحوادث. وليس الأمر مقتصراً على الولايات المتحدة، إذ أفاد الاتحاد الدولي للنقل الجوي بزيادة في حوادث الركاب غير المنضبطين على مستوى العالم، حيث تم تسجيل حادثة واحدة لكل 568 رحلة في عام 2022، مقارنة بحادثة واحدة لكل 835 رحلة في عام 2021. وتشمل أكثر أنواع الحوادث شيوعاً: عدم الامتثال للقواعد، والسلوك اللفظي العدائي، وحالات الثمالة. ومن الجدير بالذكر أن حوادث عدم الامتثال قد انخفضت في البداية بعد إزالة متطلبات ارتداء الكمامات في معظم الرحلات، لكنها بدأت بالارتفاع مجدداً في عام 2022، لتنهي العام بزيادة بنسبة 37% مقارنة بعام 2021. وتشمل أمثلة عدم الامتثال ما يلي: تدخين السجائر أو السجائر الإلكترونية داخل المقصورة أو في دورات المياه عدم ربط حزام الأمان عند الطلب تجاوز الحد المسموح به من الأمتعة المحمولة أو عدم تخزينها عند الحاجة استهلاك مشروبات الكحول الشخصية على متن الطائرة. أشارت الأبحاث الأكاديمية إلى أن هذه الظاهرة تنبع من تداخل عوامل ضغط فريدة ترتبط بالطيران. عوامل الضغط البيئي تشير الأبحاث باستمرار إلى أن البيئة المادية داخل الطائرة تعد مساهمًا كبيرًا في شعور الركاب بالإحباط وظهور السلوكيات غير الاجتماعية. تشمل هذه العوامل: ضيق المقاعد، وقلة المساحة الشخصية، وتصميم الكبائن عالية الكثافة، وكلها تزيد من الشعور بعدم الراحة. إضافة إلى أن العوامل النفسية مثل القلق، ورهاب الأماكن المغلقة، ورهاب الطيران قد تؤدي إلى سلوك غير معتاد من الراكب، لا يظهره عادة في سياقات اجتماعية أخرى. وفي بعض الدراسات، تبيّن أن الانزعاج الجسدي مثل التعدّي على المساحة الشخصية يعد العامل الأساسي في إثارة الغضب لدى الركاب. ويمكن كذلك أن تؤدي المحفّزات العاطفية، مثل الإحباط بسبب التأخيرات، أو طول طوابير التفتيش الأمني، أو الخدمات التي لا ترقى للتوقعات، إلى تصعيد الشكاوى البسيطة وتحوّلها إلى انفجارات سلوكية مزعجة. وبالمثل يمكن للضوضاء والجوع أن يزيدا الوضع سوءًا، ما يخلق بيئة متقلّبة حتى قبل أن يبدأ الركاب في إظهار أي سلوك عدائي. وقد اقترحت الأبحاث أيضًا أن شركات الطيران منخفضة التكلفة، رغم أنها ليست السبب المباشر في الغضب الجوي، إلا أنها تُهيّئ بيئة ملائمة للسلوكيات التخريبية بسبب انخفاض مستوى الخدمات وعدم كفاية التسهيلات. عوامل الضغط الاجتماعي تلعب مظاهر عدم المساواة داخل مقصورة الطائرة دورًا آخر قويًا في تأجيج السلوك العدواني. وتظهر الأبحاث أن الطائرات تمثّل نموذجًا مصغرًا للمجتمع الطبقي، حيث تثير عدم المساواة المادية (مثل وجود مقصورة الدرجة الأولى) وعدم المساواة الظرفية (مثل المرور عبر مقصورة الدرجة الأولى عند الصعود إلى الطائرة) مشاعر الإحباط لدى الركاب. ومن المثير للاهتمام أن عدم المساواة الظرفية قد تؤثّر حتى على ركاب الدرجة الأولى أنفسهم، حيث تبرز امتيازاتهم بشكل واضح، ما قد يعزز شعورهم بالأحقية ويدفعهم إلى التصرّف بطريقة غير اجتماعية. استهلاك الكحول وأعراض انسحاب النيكوتين يعتبر استهلاك الكحول عاملاً رئيسياً في إثارة حوادث "الغضب الجوي". وأظهرت بعض الدراسات أن أكثر من نصف هذه الحوادث المبلغ عنها كانت مرتبطة بتسمم كحولي، وغالبًا ما يكون ذلك نتيجة للسياسات المتساهلة في تقديم الكحول في المطارات وأثناء الرحلات الجوية. وبالمثل، فإن أعراض انسحاب النيكوتين كانت عاملاً آخر، حيث نُسب نحو 9% من الحوادث إلى مدخنين لم يتمكنوا من إشباع رغبتهم في التدخين خلال الرحلات الطويلة. التأثيرات الاجتماعية والديموغرافية وتشير البيانات التجريبية إلى أن العوامل الاجتماعية والديموغرافية تلعب دورًا كبيرًا في حوادث "الغضب الجوي". وقد وجدت إحدى الدراسات التي حللت 228 حالة أن نحو 90% من الحوادث شملت ركابًا من الذكور، وكان البالغون الأصغر سنًا، وخصوصًا الذين تتراوح أعمارهم بين 30 و39 عامًا، هم الأكثر تورطًا. وتؤثر كذلك المعايير الثقافية والتوقّعات المتعلقة بالسفر الجوي على السلوك، إذ تُشكّل الطريقة التي يتعامل بها الركاب مع التأخيرات، والانزعاج، وانتهاكات قواعد الإتيكيت أو الفروقات التي يُنظر إليها على أنها غير عادلة. في المملكة المتحدة، اتخذت شركات الطيران وسلطات المطارات إجراءات مثل حملة "لا عذر للإساءة" في مطار إدنبرة، لمواجهة تزايد السلوكيات التخريبية. وتهدف هذه المبادرات إلى تذكير الركاب بضرورة احترام طاقم الرحلة والمسافرين الآخرين، مع التأكيد على سياسة عدم التسامح مع العدوانية. لكن مواجهة الغضب الجوي يتطلب أكثر من مجرد شعارات. ويمكن لتقنيات تهدئة التصعيد والتعرف المبكر على السلوك التخريبي أن تساعد في نزع فتيل التوتر قبل أن يتفاقم. وتشير الدراسات إلى أن أفراد الطاقم ذوي الخبرة والتدريب الجيد يكونون أكثر قدرة على التعامل مع مثل هذه المواقف. وهناك أيضًا أمور بسيطة يمكن أن تقوم بها لتحسين تجربة السفر بالطائرة: قد تختار تجنّب الإفراط في استهلاك الكحول قبل أو أثناء الرحلة، حتى لو بدا ذلك وسيلة للاسترخاء. فالبقاء رطبًا واختيار المشروبات غير الكحولية يمكن أن يساعد في السيطرة على المشاعر. كن حريصًا على مراعاة الآخرين عند إمالة المقعد، أو تخزين الأمتعة، أو التنقل في الممر. القليل من اللباقة يمكن أن يحدث فرقًا كبيرًا. خفّف التوتر من خلال الوصول إلى المطار مبكرًا، والتأكد من جاهزية مستنداتك. تجنب الاندفاع، فهو غالبًا ما يكون سببًا في زيادة التوتر والانفعال. السفر قد يكون مرهقًا للجميع. إظهار التعاطف والتحلي بالأدب، حتى في المواقف المحبطة، يمكن أن يساعد في تهدئة النزاعات المحتملة. وفي النهاية، من المفيد تذكّر أن السفر جوًا ليس دائمًا تجربة فاخرة، وأن التأخيرات والانزعاج والمضايقات جزء من التجربة أحيانًا. وتقبّل هذا الواقع، يمكن أن يخفف من حدة الإحباط.

لوحات إعلانية مستفزة تُشعل الحرب على "أفضل بيتزا" بين ولايات أمريكية
لوحات إعلانية مستفزة تُشعل الحرب على "أفضل بيتزا" بين ولايات أمريكية

CNN عربية

time٠٧-٠٦-٢٠٢٥

  • CNN عربية

لوحات إعلانية مستفزة تُشعل الحرب على "أفضل بيتزا" بين ولايات أمريكية

عند زاوية الجادة التاسعة وشارع 40، يرى سكان نيويورك هذه اللوحة الإعلانية التي تتفاخر بأن ولاية كونيتيكت تملك أفضل بيتزا في البلاد، يوميًا. تنتصب هذه اللوحات الإعلانية في أماكن شهيرة أخرى مثل تايمز سكوير، وشارع موت، محمّلة برسالة مستفزة، مثل: أفضل بيتزا في البلاد.. لا تجدها في نيويورك. قراءة المزيد أمريكا بيتزا نيويورك

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store