
المعهد الثقافي الفرنسي في القاهرة حاضنة للإبداع
يعد المعهد الثقافي الفرنسي كيانًا علميًا هامًا وواحدًا من أهم المعاهد -اللغوية البحتة والأخرى الثقافية- التي تقود بخدماتها وكادرها ومنهجها الخاص بها، ذلك النشود الذي يرنو إليه صاحب أي طموح، فهي عن حق تقوده إلى المستقبل، ولست أنا من يقول ذلك، الأمر ليس بالاعتباط والمدح الكائل والقائل معًا بما ندريه وبما لا ندريه، لكن كثيرًا مروا من هنا سيحدثونك.
في لقاء جمعني بطالب يمني درس في المعهد الثقافي الفرنسي، عرفت وحذقت جيدًا ماذا يعني المعهد كحاضنة ثقافية ولغوية لا يمكن أن تقدر بثمن، مع أن الرسوم زهيدة لا تتجاوز قيمتها '1350 جنيهًا للـ40 ساعة' كما كتب في إحدى اللوحات الإعلانية، وهنا قد يظهر لقارئ متعجل أنني أروج بطريقتي الخاصة للمعهد، على أساس أن المعهد لا أحد يعرفه، أو يحتاج للتعريف، لكن العكس والجلي واضحان في ذات الخارطة عن طريق الفروع الخمسة التي يبين انتشارها الواسع في أرجاء عدة في مصر، أن المعهد ذائع الصيت، وتقع هذه الفروع الخمسة التي مركزها الرئيسي في المنيرة وسط القاهرة، واحد منها في مصر الجديدة، وثانٍ في القاهرة الجديدة، وثالث في الإسكندرية، ورابع في الشيخ زايد.
يقدم المعهد الثقافي الفرنسي، ضمن نشاطاته المختلفة، عدة دورات، قد لا يسعنا هنا المجال لذكرها، لكننا سنذكر بعضها على سبيل المثال لا الحصر، دورات في المجال الفني وأمسيات غنائية، وكذلك دورات تبادل فكري ومعرفي بعدة لغات عالمية، وكذلك تدريب طلاب على مهارات إتقان اللغات.
أدهشني صديقي وهو يحدثني عن حفاوة الكادر المتمثل في العائلة التدريسية بالمعهد، بشخصه، وكيف كان لهم دور في حل مشاكل وعقد ثقافية، والأهم والأوضح أنهم تعاملوا معه لكونه يمنيًا أكثر من تعاملهم مع أي طالب آخر، مقدرين الظروف المرحلية التي يمر بها وطننا، وهذه نظرة عمق إنسانية يشكر عليها القائمون على هذه الجهة الكريمة والرائعة، بل من النادر في أوضاع مزرية كهذه أن تجد لك من يحتضنك دون مساعٍ غريبة يبطن بداخلها التعامل البراجماتي، بينما يظهر التقى والزهد في الحاجة. لقد تحدث صديقي قبل أن أنوي الدخول هنا، وأكمل حديثي الفصل معه عن هذا الكيان الثقافي اللغوي الذي يشكل رمزية معطاءة، إلى موضوع آخر جعلني أشاركه إياه. وسنأتي عليه هنا.
يكمن الدور المؤسسي الثقافي الرسمي والآخر الخاص، في ألا يربطك فقط بثقافة وطنك على نحو قومي منغلق، ولا أمتك التي تتكلم بلغة واحدة، ولها ديانة واحدة و… الخ..، بل أن يربطك بالعالم، لكن كيف يكون ذلك؟
كان جزء من حوارات الأدباء والمثقفين الكلاسيكيين في ثمانينيات وأواخر القرن الفائت، يكمن حول حوار الحضارات، وفي هذه الزاوية التي هي منطلق الزوايا، أقيمت الكثير من الندوات، وأعدت الكثير من الأوراق البحثية، ثم تلى حوار الحضارات حوار الأديان، كانت المواضيع ذاتها بباحث تقود إلى سؤال واحد، لكن كيف يحصل كل ذلك دونًا عن العناوين الفارهة خالية المضمون.
الإجابة على هذا السؤال وآخر، تكمن في اللغة، ليس اللغة، بل باللغات، لا يمكن أن يتم الربط الإنساني بين الثقافات والأديان من دون معرفة لغة الآخر والتحدث بها، ما لم فإن هذا سيكون على وزن حب من طرف واحد، حوار من طرف واحد.
معرفتنا باللغات العالمية التي أهمها اللغة الإنجليزية والفرنسية، صار ضرورة في واقع اليوم المتعولم والأكثر انفتاحًا وتداخلاً، والذي يجعلني أقول إن من دونه لن تكون هنالك أي روابط إنسانية جامعة أو حوار حضارات.
يسعى المعهد الثقافي الفرنسي منذُ تأسس في عام 1996م، إلى إيجاد ذلك، ويقدم رسالة ثقافية تعجز عن القيام بها بعض المؤسسات ذات الطابع النفعي، والتي تتعامل مع الطالب كحصالة مال، والتي كنا نظنها تربينا ثقافيًا، لكنها أقل من فعل ذلك، لأنها بسقف طموحات أصحابها، لا تملك واقعًا، وبالتالي لا تملك بنية ثقافية، ولا تنشد العالمية، أو تسعى إلى إيجاد حلول معرفية علمية تزود بها عقل الطالب اليوم، الذي سيصبح إنسان الغد، وذلك كما هو معهود عن طريق اللغة، لغة الآخر ولا سواها.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


اليمن الآن
منذ 7 أيام
- اليمن الآن
تامر حسني يواجه أزمة قضائية... إليكم التفاصيل
حرّر النجم تامر حسني محضراً رسمياً ضد الممثلة القانونية لإحدى شركات الدعاية والإعلان، متهماً إياها بتقديم بلاغ كاذب تسبب في صدور حكم بحبسه في وقت سابق. وفي التفاصيل، تلقى قسم شرطة الشيخ زايد في محافظة الجيزة بلاغاً من محامي النجم المصري، أفاد فيه باتهام سيدة تُدعى "و. ع"، بصفتها القانونية كممثلة لإحدى شركات الدعاية، بتقديم بلاغ كاذب ضد موكله في قضية تحرير شيك مصرفي من دون رصيد بقيمة 247 ألف جنيه لصالح بنك قطر الوطني. وأكد محامي تامر حسني أن البلاغ السابق ألحق ضرراً كبيراً بسمعة موكله ومكانته الفنية، مشدداً على أن النجم المصري لم يصدر عنه أي تصرف مالي غير قانوني، معتبراً أن الهدف من البلاغ كان التشهير والنيل من سمعته. وتواصل النيابة العامة حالياً تحقيقاتها في القضية، حيث تستمع لأقوال الطرفين تمهيداً لاتخاذ ما يلزم من إجراءات قانونية بناءً على نتائج التحقيق. وكانت هذه القضية قد أسفرت عن صدور حكم بالحبس ضد تامر حسني لمدة 5 أشهر في تشرين الأول/أكتوبر 2024، قبل أن يحصل على حكم بالبراءة في كانون الثاني (يناير) 2025، ما دفعه لتحريك دعوى قضائية جديدة اتّهم فيها ممثلة الشركة بالإضرار به عمداً.


اليمن الآن
٠٦-٠٥-٢٠٢٥
- اليمن الآن
"سيكو سيكو" يواصل التحليق: ثاني أعلى الإيرادات في تاريخ السينما المصرية
حقق فيلم سيكو سيكو إيرادات قياسية بلغت مليونًا و172 ألف جنيه، ليصل إجمالي ما حققه الفيلم خلال 31 يومًا، إلى 158 مليونًا و352 ألفًا و656 جنيهًا. وبذلك جعلت تلك الإيرادات فيلم سيكو سيكو في المركز الثاني بقائمة أعلى الأفلام تحقيقًا للإيرادات في السينما المصرية.


يمنات الأخباري
٠٤-٠٥-٢٠٢٥
- يمنات الأخباري
المعهد الثقافي الفرنسي في القاهرة حاضنة للإبداع
شوقي نعمان* يعد المعهد الثقافي الفرنسي كيانًا علميًا هامًا وواحدًا من أهم المعاهد -اللغوية البحتة والأخرى الثقافية- التي تقود بخدماتها وكادرها ومنهجها الخاص بها، ذلك النشود الذي يرنو إليه صاحب أي طموح، فهي عن حق تقوده إلى المستقبل، ولست أنا من يقول ذلك، الأمر ليس بالاعتباط والمدح الكائل والقائل معًا بما ندريه وبما لا ندريه، لكن كثيرًا مروا من هنا سيحدثونك. في لقاء جمعني بطالب يمني درس في المعهد الثقافي الفرنسي، عرفت وحذقت جيدًا ماذا يعني المعهد كحاضنة ثقافية ولغوية لا يمكن أن تقدر بثمن، مع أن الرسوم زهيدة لا تتجاوز قيمتها '1350 جنيهًا للـ40 ساعة' كما كتب في إحدى اللوحات الإعلانية، وهنا قد يظهر لقارئ متعجل أنني أروج بطريقتي الخاصة للمعهد، على أساس أن المعهد لا أحد يعرفه، أو يحتاج للتعريف، لكن العكس والجلي واضحان في ذات الخارطة عن طريق الفروع الخمسة التي يبين انتشارها الواسع في أرجاء عدة في مصر، أن المعهد ذائع الصيت، وتقع هذه الفروع الخمسة التي مركزها الرئيسي في المنيرة وسط القاهرة، واحد منها في مصر الجديدة، وثانٍ في القاهرة الجديدة، وثالث في الإسكندرية، ورابع في الشيخ زايد. يقدم المعهد الثقافي الفرنسي، ضمن نشاطاته المختلفة، عدة دورات، قد لا يسعنا هنا المجال لذكرها، لكننا سنذكر بعضها على سبيل المثال لا الحصر، دورات في المجال الفني وأمسيات غنائية، وكذلك دورات تبادل فكري ومعرفي بعدة لغات عالمية، وكذلك تدريب طلاب على مهارات إتقان اللغات. أدهشني صديقي وهو يحدثني عن حفاوة الكادر المتمثل في العائلة التدريسية بالمعهد، بشخصه، وكيف كان لهم دور في حل مشاكل وعقد ثقافية، والأهم والأوضح أنهم تعاملوا معه لكونه يمنيًا أكثر من تعاملهم مع أي طالب آخر، مقدرين الظروف المرحلية التي يمر بها وطننا، وهذه نظرة عمق إنسانية يشكر عليها القائمون على هذه الجهة الكريمة والرائعة، بل من النادر في أوضاع مزرية كهذه أن تجد لك من يحتضنك دون مساعٍ غريبة يبطن بداخلها التعامل البراجماتي، بينما يظهر التقى والزهد في الحاجة. لقد تحدث صديقي قبل أن أنوي الدخول هنا، وأكمل حديثي الفصل معه عن هذا الكيان الثقافي اللغوي الذي يشكل رمزية معطاءة، إلى موضوع آخر جعلني أشاركه إياه. وسنأتي عليه هنا. يكمن الدور المؤسسي الثقافي الرسمي والآخر الخاص، في ألا يربطك فقط بثقافة وطنك على نحو قومي منغلق، ولا أمتك التي تتكلم بلغة واحدة، ولها ديانة واحدة و… الخ..، بل أن يربطك بالعالم، لكن كيف يكون ذلك؟ كان جزء من حوارات الأدباء والمثقفين الكلاسيكيين في ثمانينيات وأواخر القرن الفائت، يكمن حول حوار الحضارات، وفي هذه الزاوية التي هي منطلق الزوايا، أقيمت الكثير من الندوات، وأعدت الكثير من الأوراق البحثية، ثم تلى حوار الحضارات حوار الأديان، كانت المواضيع ذاتها بباحث تقود إلى سؤال واحد، لكن كيف يحصل كل ذلك دونًا عن العناوين الفارهة خالية المضمون. الإجابة على هذا السؤال وآخر، تكمن في اللغة، ليس اللغة، بل باللغات، لا يمكن أن يتم الربط الإنساني بين الثقافات والأديان من دون معرفة لغة الآخر والتحدث بها، ما لم فإن هذا سيكون على وزن حب من طرف واحد، حوار من طرف واحد. معرفتنا باللغات العالمية التي أهمها اللغة الإنجليزية والفرنسية، صار ضرورة في واقع اليوم المتعولم والأكثر انفتاحًا وتداخلاً، والذي يجعلني أقول إن من دونه لن تكون هنالك أي روابط إنسانية جامعة أو حوار حضارات. يسعى المعهد الثقافي الفرنسي منذُ تأسس في عام 1996م، إلى إيجاد ذلك، ويقدم رسالة ثقافية تعجز عن القيام بها بعض المؤسسات ذات الطابع النفعي، والتي تتعامل مع الطالب كحصالة مال، والتي كنا نظنها تربينا ثقافيًا، لكنها أقل من فعل ذلك، لأنها بسقف طموحات أصحابها، لا تملك واقعًا، وبالتالي لا تملك بنية ثقافية، ولا تنشد العالمية، أو تسعى إلى إيجاد حلول معرفية علمية تزود بها عقل الطالب اليوم، الذي سيصبح إنسان الغد، وذلك كما هو معهود عن طريق اللغة، لغة الآخر ولا سواها.