
درس الوقت .. بقلم : منير الدايري
المغربية المستقلة : منير الدايري
كان اليوم غريبًا بعض الشيء، لكنه بدأ كما تبدأ كل الأيام في هذه المدينة المزدحمة التي لا تهدأ. استيقظت متأخرًا كالعادة، أهرول وراء الوقت الذي يمضي بلا رحمة، أنظر إلى الساعة وأتمنى لو أستطيع أن أرجع عقاربها إلى الوراء أو أوقفها ولو لدقيقة، لأستريح. كنت أحاول أن أمسك بالدقائق في ذهني، أحتجزها بقوة كي لا تهرب مني. لكن هذا اليوم لم يكن كغيره، كان يومًا خاصًا؛ موعد عرض مسرحية 'شهرزاد في المدينة النائمة' لأستاذنا المبدع الذي دائمًا يذهلنا بإبداعه. كنت أنا وأخي الصغير ياسر نحلم بهذا اليوم منذ مدة.
ركبنا تاكسي على عجل، جلست في الخلف وياسر حداني، عيناه تلمعان بفرحة طفولية لا تخفى. 'هل تظن أن شهرزاد غادي تحكي لنا قصصًا جديدة اليوم؟' سألني بصوت مليء بالفضول. ابتسمت له رغم القلق الذي كان يعتصرني من الداخل، 'بالتأكيد، هذا الأستاذ ديالنا، دائمًا يفاجئنا بشيء جديد'، أجبته وأنا أحاول إخفاء توتري من أن نصل متأخرين.
السائق، رجل في الأربعينات، وجهه هادئ وعيناه ثاقبتان كأنهما تريان كل شيء، لمحني من المرآة الصغيرة فوق رأسه. لم أقل شيئًا، لكن عيناي كانتا تصرخان: 'عافاك، زيد السرعة!' شعر بي دون أن أتكلم، فزاد من سرعة السيارة فجأة دون كلام، كأنه يعرف أن شيئًا ثمينًا على المحك. للحظة، شعرت أن هناك من يشاركني مشاعري دون أن يعرفني، وهذا هدّاني قليلًا.
في الطريق، تذكرت أيامنا القديمة، عندما كنت أنا وياسر نجلس في غرفتنا الصغيرة، والجدة تحكي لنا عن شهرزاد بصوتها الدافئ، مستلهمًة قصصها من الحكايات الشعبية المنقولة من الادب الهندي كما الفارسي .
كان الوقت كالبحر الهادئ، نلهو فيه دون أن نبالي بخطورته. لكن اليوم، في هذا السباق لنصل إلى المسرح، أدركت أن كل دقيقة كقطرة ماء نادرة، قد تفرق بين أن نشاهد المسرحية أو نفقدها.
وفجأة، توقف التاكسي. زحمة كبيرة أمامنا، السيارات متراصة كحائط من حديد، وأصوات البوق ترتفع، والناس يتبادلون الشتائم من النوافذ، لكن لا شيء يتحرك. نظرت إلى ياسر، كان يعبث بالتيكيات بين يديه الصغيرتين، وهمس بصوت خائف: 'واش غادي نتأخرو؟ لا أريد أن أفوت بداية الحكاية.' شعرت بضيق في صدري، وصرخت داخلي: 'لا يمكن أن أخيب أملك اليوم!'
نظرت إلى السائق وقلبي يخفق، 'عافاك، يجب أن نصل إلى المسرح قبل أن تبدأ المسرحية!' رد عليّ بهدوء غريب، 'ما تقلقش، غادي نلقاو حل.' فتح الباب ونزل بسرعة، ثم عاد بعد لحظات وهو يجر موطو استلفه من أحد المارة. 'طلعو ورايا، غادي نعديو هذا الحيط'، قالها بثقة لم أرَ مثلها من قبل.
حملت ياسر أمامي وركبنا خلف السائق. انطلقنا كالريح بين السيارات الراكدة، الهواء يصفع وجوهنا، وياسر يضحك ويقول: 'هذا بحال مغامرة من حكايات شهرزاد!' ابتسمت رغم الخوف الذي كان يعتمل بداخلي، وقلت في نفسي: 'يا ليت الأستاذ يعرف أننا نعيش قصته قبل أن نشاهدها.'
وصلنا إلى المسرح في آخر لحظة، الستارة كانت على وشك أن ترتفع. ركضنا إلى مقاعدنا، أنفاسنا متقطعة، لكن ابتسامة ياسر لم تفارق وجهه. بدأ العرض، ومع أول كلمة نطقتها شهرزاد وملأت القاعة، شعرت أن كل هذا الجهد كان يستحق. السائق، الذي لم أعرف اسمه حتى، كان لا يزال واقفًا عند الباب، ينظر إلينا بابتسامة خفيفة قبل أن يغادر.
في تلك الليلة، ونحن نغادر المسرح، قال لي ياسر: 'اليوم هادا كان زوين بزاف من أي حكاية.' أومأت برأسي، وأدركت أن الوقت ليس مجرد عقارب تدور، بل هو اللحظات التي نعيشها، والمغامرات التي نخوضها لنصل إلى ما نحب.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


المغرب اليوم
٢٧-٠٤-٢٠٢٥
- المغرب اليوم
ياسر جلال يكشف عن نقطة ضعفه في الطعام
نشر الفنان ياسر جلال على حسابه الخاص بـ"فيسبوك" مجموعة من الصور كشف من خلالها عن نقطة ضعفه في الطعام، والوجبة التي لا يستطيع أن يتمالك نفسه أمامها، كاشفاً أيضاً عن حالته النفسية إذا ما تأخرت عليه. ظهر ياسر خلال الصور أثناء تواجده بأحد المطاعم التي تقدم وجبة "السوشي"، كشف من خلال التعليق عليها عن عشقه لهذه الوجبة ووصفها بوصف مؤثر جدًا، قائلاً: "لما تطلب سوشى ويتأخر عليك، بتضايق!... بس أول ما بيجى بيبقى كأن عيل تايه ورجع لحضن أبوه". يُذكر أن ياسر جلال ظل فترة طويلة مبتعدًا عن وسائل التواصل الاجتماعي، الى أن قرر مؤخرًا التواصل مع جماهيره عبر صفحاته الموثقة، ويطل عليهم من وقت لآخر للحديث عن جديده الفني، أو نشر صور شخصية. وكان آخر ظهور له على مواقع التواصل في بث مباشر عبر حسابه على "فيسبوك"، وتحدث عن عدم ظهوره في برنامج شقيقه رامز قائلا: "برنامج رامز أنا بتفرج عليه وبحب رامز فيه الناس فاكرني لو طلعت معاه هضربه، أنا لو فرضًا اتعمل فيّ مقلب عمري ما هضرب أخويا، أبونا زمان غرس فينا حبنا لبعض أنا مقدرش محبش رامز مهما عمل فيّ لو عمل فيّ مقلب لا هشتمه ولا هضربه ولا هجري وراه هاخده في حضني والحاجة التانية أنا مش حاسس إني هبقى مفيد في البرنامج هو عايز ناس دمها خفيف وأنا بعمل أدوار جادة شوية". يذكر أن آخر أعمال ياسر جلال كان الجزء الثاني من مسلسل "جودر" الذي شاركه بطولته: نور اللبنانية، ياسمين رئيس، أحمد فتحي، وليد فواز، وفاء عامر، آيتن عامر، سامية الطرابلسي، عبد العزيز مخيون، أحمد بدير، جيهان الشماشرجي، عايدة رياض، فتوح أحمد، محمد علي رزق، تأليف أنور عبد المغيث، وإخراج إسلام خيري. الفنان ياسر جلال يسابق الزمن للانتهاء من "جودر 2"


المغرب اليوم
٠٥-٠٤-٢٠٢٥
- المغرب اليوم
ياسمين رئيس تتعاقد على مسلسل جديد من تأليف أيمن سليم وإخراج توبة
شاركت في سباق دراما رمضان 2025 بمسلسلي جودر 2، بطولة ياسر جلال، ومنتهي الصلاحية مع محمد فراج، وعلم أن ياسمين تعاقدت على بطولة مسلسل جديد من انتاج شركة أروما ستوديوز، وتأليف أيمن سليم وإخراج محمود عبدالتواب -توبة-، ومن المقرر عقد جلسات عمل مكثفة في الأيام المقبلة للاستقرار على باقي فريق العمل، ومن المتوقع عرض المسلسل في موسم الـ off season المقبل. ويعد هذا المسلسل الجديد هو التجربة الثانية التي تجمع بين ياسمين رئيس والمخرج محمود عبدالتواب بعد مسلسل رقم سري، الذي تم عرضه نهاية العام الماضي، ودارت أحداث العمل حول لقاء، التي تعمل موظفة في أحد البنوك، حيث تجد نفسها عالقة في عملية احتيال خطيرة، بعد توريطها بتقنيات الذكاء الاصطناعي، وتتوالى الأحداث، وشارك في بطولته صدقي صخر، عمرو وهبة، أحمد الرافعي، رحمة أحمد، وهو من تأليف محمد سليمان عبدالمالك. من ناحية أخرى ينتظر المؤلف أيمن سليم عرض أحدث أعماله مسلسل روج أسود، خلال الأشهر المقبلة على إحدى المنصات، وهو من بطولة رانيا يوسف و داليا مصطفى و لقاء الخميسي و مي سليم و فرح الزاهد و أحمد فهيم و أحمد جمال سعيد و منة تيسير. وقدمت ياسمين رئيس في مسلسل جودر شخصية شهرزاد التي قدتمها في الجزء الأول الذي عُرض في رمضان الماضي، ودارت أحداثه في إطار فانتازي تشويقي، وكان قد شارك بجانب ياسر جلال وياسمين رئيس في بطولة العمل، نور اللبنانية، وفاء عامر، أيتن عامر، أحمد فتحي، وليد فواز، جيهان الشماشرجي، أحمد بدير، عايدة رياض، رشوان توفيق، وطارق النهري، والمسلسل من تأليف أنور عبدالمغيث وإخراج إسلام خيري، وإنتاج الشركة المتحدة ومحمد السعدي شركة media hub وشركة أروما لـ تامر مرتضى. ودارت أحداث منتهي الصلاحية في إطار اجتماعي تشويقي، وقدم محمد فراج خلاله شخصية موظف في بنك، وتمر حياته بالعديد من الأزمات، ويلجأ للمراهنات. مسلسل منتهي الصلاحية، مكون من 15 حلقة ويتناول عالم القمار والمراهنات في إطار درامي مشوق، ومن بطولة محمد فراج، ياسمين رئيس، هبة مجدي، محمود الليثي، تامر نبيل، دنيا ماهر، سامي مغاوري، حسن مالك، جيسيكا حسام الدين، وملك حسن، والمسلسل من تأليف محمد هشام عبية، إخراج تامر نادي، ومن إنتاج عبدالله أبو الفتوح شركة E producer. قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :


المغربية المستقلة
١٣-٠٣-٢٠٢٥
- المغربية المستقلة
درس الوقت .. بقلم : منير الدايري
المغربية المستقلة : منير الدايري كان اليوم غريبًا بعض الشيء، لكنه بدأ كما تبدأ كل الأيام في هذه المدينة المزدحمة التي لا تهدأ. استيقظت متأخرًا كالعادة، أهرول وراء الوقت الذي يمضي بلا رحمة، أنظر إلى الساعة وأتمنى لو أستطيع أن أرجع عقاربها إلى الوراء أو أوقفها ولو لدقيقة، لأستريح. كنت أحاول أن أمسك بالدقائق في ذهني، أحتجزها بقوة كي لا تهرب مني. لكن هذا اليوم لم يكن كغيره، كان يومًا خاصًا؛ موعد عرض مسرحية 'شهرزاد في المدينة النائمة' لأستاذنا المبدع الذي دائمًا يذهلنا بإبداعه. كنت أنا وأخي الصغير ياسر نحلم بهذا اليوم منذ مدة. ركبنا تاكسي على عجل، جلست في الخلف وياسر حداني، عيناه تلمعان بفرحة طفولية لا تخفى. 'هل تظن أن شهرزاد غادي تحكي لنا قصصًا جديدة اليوم؟' سألني بصوت مليء بالفضول. ابتسمت له رغم القلق الذي كان يعتصرني من الداخل، 'بالتأكيد، هذا الأستاذ ديالنا، دائمًا يفاجئنا بشيء جديد'، أجبته وأنا أحاول إخفاء توتري من أن نصل متأخرين. السائق، رجل في الأربعينات، وجهه هادئ وعيناه ثاقبتان كأنهما تريان كل شيء، لمحني من المرآة الصغيرة فوق رأسه. لم أقل شيئًا، لكن عيناي كانتا تصرخان: 'عافاك، زيد السرعة!' شعر بي دون أن أتكلم، فزاد من سرعة السيارة فجأة دون كلام، كأنه يعرف أن شيئًا ثمينًا على المحك. للحظة، شعرت أن هناك من يشاركني مشاعري دون أن يعرفني، وهذا هدّاني قليلًا. في الطريق، تذكرت أيامنا القديمة، عندما كنت أنا وياسر نجلس في غرفتنا الصغيرة، والجدة تحكي لنا عن شهرزاد بصوتها الدافئ، مستلهمًة قصصها من الحكايات الشعبية المنقولة من الادب الهندي كما الفارسي . كان الوقت كالبحر الهادئ، نلهو فيه دون أن نبالي بخطورته. لكن اليوم، في هذا السباق لنصل إلى المسرح، أدركت أن كل دقيقة كقطرة ماء نادرة، قد تفرق بين أن نشاهد المسرحية أو نفقدها. وفجأة، توقف التاكسي. زحمة كبيرة أمامنا، السيارات متراصة كحائط من حديد، وأصوات البوق ترتفع، والناس يتبادلون الشتائم من النوافذ، لكن لا شيء يتحرك. نظرت إلى ياسر، كان يعبث بالتيكيات بين يديه الصغيرتين، وهمس بصوت خائف: 'واش غادي نتأخرو؟ لا أريد أن أفوت بداية الحكاية.' شعرت بضيق في صدري، وصرخت داخلي: 'لا يمكن أن أخيب أملك اليوم!' نظرت إلى السائق وقلبي يخفق، 'عافاك، يجب أن نصل إلى المسرح قبل أن تبدأ المسرحية!' رد عليّ بهدوء غريب، 'ما تقلقش، غادي نلقاو حل.' فتح الباب ونزل بسرعة، ثم عاد بعد لحظات وهو يجر موطو استلفه من أحد المارة. 'طلعو ورايا، غادي نعديو هذا الحيط'، قالها بثقة لم أرَ مثلها من قبل. حملت ياسر أمامي وركبنا خلف السائق. انطلقنا كالريح بين السيارات الراكدة، الهواء يصفع وجوهنا، وياسر يضحك ويقول: 'هذا بحال مغامرة من حكايات شهرزاد!' ابتسمت رغم الخوف الذي كان يعتمل بداخلي، وقلت في نفسي: 'يا ليت الأستاذ يعرف أننا نعيش قصته قبل أن نشاهدها.' وصلنا إلى المسرح في آخر لحظة، الستارة كانت على وشك أن ترتفع. ركضنا إلى مقاعدنا، أنفاسنا متقطعة، لكن ابتسامة ياسر لم تفارق وجهه. بدأ العرض، ومع أول كلمة نطقتها شهرزاد وملأت القاعة، شعرت أن كل هذا الجهد كان يستحق. السائق، الذي لم أعرف اسمه حتى، كان لا يزال واقفًا عند الباب، ينظر إلينا بابتسامة خفيفة قبل أن يغادر. في تلك الليلة، ونحن نغادر المسرح، قال لي ياسر: 'اليوم هادا كان زوين بزاف من أي حكاية.' أومأت برأسي، وأدركت أن الوقت ليس مجرد عقارب تدور، بل هو اللحظات التي نعيشها، والمغامرات التي نخوضها لنصل إلى ما نحب.