
ما حكم دفن الشعر والأظفار بعد قصها؟.. دار الإفتاء تجيب
وأجاب شيخ الأزهر السابق الدكتور محمد سيد طنطاوي رحمه الله على السائل عبر الموقع الرسمي لدار الإفتاء قائلا: لا مانع شرعًا من إلقاءِ قُصاصَةَ الشعر وقُلامَةَ الأظفارِ في كيس المهملات؛ فإن دفن ما يُقلم مِن الأظفار أو يُزال مِن الشعر مستحبٌّ لحرمةِ الإنسان وسائر أجزائه، وليس ذلك مِن قبيل الواجبات التي يأثم الإنسان بتركها، بل لا حرج في تركه عند التَّعذُّر أو المشقة.
بيان مدى اهتمام الإسلام بالنظافة
النظافة شأنها في الإسلام عظيمٌ، فهي مطلَبٌ شرعيٌّ، ومقصِد مرعيٌّ؛ حفاظًا على حُسنِ صورةِ الإنسان التي خلقه الله عليها، قال تعالى: ﴿وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ﴾ [التغابن: 3]، وقال جَلَّ جَلَالُهُ: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾ [التين: 4]، وفي الحديث الشريف: «إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ يُحِبُّ الطِّيبَ، نَظِيفٌ يُحِبُّ النَّظَافَةَ.. الحديث» أخرجه الأئمة: الترمذي في "السنن"، والبزار وأبو يعلى في "المسند"، وحسَّنه الحافظ السيوطي في "الجامع الصغير".
حكم دفن الشعر والأظفار بعد قصها والمراد بالدفن في ذلك
قصُّ الشَّعرِ وتقليم الأظفار مِن سُنن الفطرةِ التي تُحقِّقُ للمرءِ حُسْنَ هيئتِهِ، وجمالَ مَظْهَرِهِ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «خَمْسٌ مِنَ الْفِطْرَةِ: الْخِتَانُ، وَالِاسْتِحْدَادُ، وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ، وَنَتْفُ الْإِبِطِ، وَقَصُّ الشَّارِبِ» متفقٌ عليه.
وما ينتج عن قصِّ الشَّعرِ والأظفار مِن قُصَاصَةٍ وقُلَامَةٍ، له اعتباران: أحدهما: كونها مما تَعَافُ مِن رؤيته النفوس، فيستلزم ذلك إبعادَها عن أعيُن الناس، والآخَر: كونها جزءًا مِن جسد الإنسان الذي قرَّر اللهُ سبحانه وتعالى له حُرمتَه وكرامتَه، كما في قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ﴾ [الإسراء: 70]، فيُستحبُّ دفنُها مراعاةً لهذه الحرمة وامتثالًا لذلك التكريم مِن لَدُن رب العالمين.
والمراد بالدَّفن هنا: أن تتمَّ مواراتُها تحت التُّراب، في أيِّ مكانٍ تيسَّر فيه ذلك، داخل الدَّار أو خارجها، وليس المراد منه الدَّفن في المقبرة، قال الله تعالى: ﴿أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا﴾ [المرسلات: 25-26].
قال الإمام أحمد في تأويل الآية -كما نقله الإمام شمس الدين ابن مُفْلِح في "الآداب الشرعية" (3/ 331، ط. عالم الكتب)-: [يُلْقُون الأحياءُ فيها الدَّمَ، والشَّعرَ، والأظافيرَ، وتَدفِنون فيها موتاكم] اهـ.
والقول باستحباب دفن الشَّعر والأظفار بعد قصِّها هو مذهب جماهير الفقهاء مِن الحنفية والشافعية والحنابلة؛ لأنها أجزاء آدميٍّ، والآدميُّ محترَمٌ ومكرَّمٌ، كما في "الاختيار" للإمام ابن مودود الموصلي الحنفي (4/ 167، ط. الحلبي)، و"رد المحتار" للعلامة ابن عَابِدِين (1/ 108، ط. دار الفكر)، و"المجموع" للإمام النووي" (1/ 289-290، ط. دار الفكر)، و"المغني" للإمام ابن قدامة الحنبلي (1/ 66، ط. مكتبة القاهرة).
فأفادت نصوص الفقهاء أنَّ دفن الشَّعرِ والأظفار ليس مِن قبيل الواجب الذي يأثم تَارِكُهُ، فإن كانت الأرض معزولةً بالبلاط وما شابهه ممَّا يكون في المنازل حاليًّا، ويحجب التربة عن الظهور، فلا بأس بعدم دفن الشَّعرِ والأظفارِ حينئذٍ، والاكتفاءِ بإبعادها عن أعين الناس بإلقائها مع القمامة أو نحو ذلك؛ صونًا لحرمتها، وحفظًا لهم عن التأذي مِن رؤيتها، مِن غير حرجٍ ولا كراهة في ذلك، إذ "لَا يَلزَمُ مِن تَركِ المُسْتَحَبِّ الكَرَاهَةُ"، كما قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (11/ 17، ط. دار المعرفة).
بناءً على ذلك: فإنَّ دفن ما يُقلم مِن الأظفار أو يُزال مِن الشعر مستحبٌّ لحرمةِ الإنسان وسائر أجزائه، وليس ذلك مِن قبيل الواجبات التي يأثم الإنسان بتركها، بل لا حرج في تركه عند التَّعذُّر أو المشقة.
وفي واقعة السؤال: لا مانع شرعًا من إلقاءِ الرَّجل المذكور قُصاصَةَ شَعرِهِ وقُلامَةَ أظفارِه في كيس المهملات، حيث إنَّ دفنها مستحبٌّ وليس بواجبٍ.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


مصراوي
منذ 38 دقائق
- مصراوي
رمضان عبد المعز: النبي حثّ على الرحمة واللين.. والخلق الجميل حرام على النار
قال الشيخ رمضان عبد المعز، الداعية الإسلامي، إن من أهم الأمور التي حثّ عليها النبي الكريم ﷺ هي اللين والرحمة، مشيرًا إلى حديث نبوي شريف سيكون عنوانًا لحلقة برنامجه، وجاء فيه: "حرّم على النار كل هين لين سهل قريب من الناس"، موضحًا أن كلا القراءتين "حرَّم" و"حرُم" صحيحتان. وأضاف عبد المعز، خلال حلقة برنامج "لعلهم يفقهون"، المذاع على قناة" دي أم سي": النار محرَّم عليها الإنسان الجميل، الخلوق، الهين، السهل، رقيق القلب، القريب من الناس"، مستشهدًا بكلام الإمام مالك بن دينار رضي الله عنه، الذي قال: "من أشد العقوبات التي يُعاقب بها العبد قسوة القلب". وأشار إلى أن الله إذا غضب على قوم نزع منهم الرحمة، ولذلك يجب على الإنسان أن يتفقد قلبه ويتعامل برحمة مع الناس، مضيفا: "لو عايز تمشي في الشارع ومعاك ترمومتر تعرف بيه أهل الجنة من أهل النار، فالنبي ﷺ قال: حرّم على النار كل هين لين سهل قريب من الناس". وتابع: "أما الناس اللي معقدة ومكلكعة وقساة القلب، فهم أبعد ما يكون عن الله، لأن صاحب القلب القاسي بعيد عن الرحمة".


الدستور
منذ 39 دقائق
- الدستور
الإمام الحسن بن عليّ كريم أهل البيت عليه السلام
نسبه الشريف: الإمام الحسن بن عليّ بن أبي طالب بن عبدالمطلب بن هاشم، سبط رسول الله ﷺ، وأول ثمرة من ثمار زواج عليّ بن أبي طالب وفاطمة الزهراء بنت النبي محمد ﷺ، وُلد في المدينة المنورة ليلة النصف من شهر رمضان سنة 3هـ، وسُمِّي بأمرٍ من الله عز وجل عن طريق الوحي، إذ لم يُسبق لهذا الاسم في الجاهلية مثيل. قال النبي ﷺ حين ولد الحسن: «اللهم إني أحبه فأحِبَّه». نشأته وتربيته: نشأ الإمام الحسن عليه السلام في كنف النبوة، وارتضع من معين النبوة الطاهر وتربى في أحضان والده أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب وأمه سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء، أحاطته العناية الإلهية، ورباه النبي محمد ﷺ بنفسه، وكان كثير الحب له ولأخيه الإمام الحسين عليه السلام. كان الحسن ملازمًا لجده المصطفى ﷺ، يلاطفه، يحمله على كتفه، وكان النبي يردد في فضله: «الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة». أخلاقه وصفاته: عُرف الإمام الحسن عليه السلام بالكرم العظيم حتى لُقِّب بـ"كريم أهل البيت"، وبالحلم والصفح، حتى أصبح مضرب المثل في الحلم، كان جميل الصورة، أبيض مشرب بحمرة، واسع الجبهة، عظيم العينين، كثّ اللحية، يشبه النبي ﷺ شبهًا شديدًا. روى أنس بن مالك: «ما رأيت أحدًا أشبه برسول الله ﷺ من الحسن بن علي». مآثره وفضائله: من أبرز مآثر الإمام الحسن عليه السلام: - مشاركته في صلوات النبي وسيره معه منذ صغره. - حضوره مع والده أمير المؤمنين في الجهاد والمعارك. - توقيعه على الصلح مع معاوية حقنًا لدماء المسلمين سنة 41هـ، فيما عُرف بـ"عام الجماعة" مع إظهار شجاعة عظيمة في مواجهة الأعداء قبل الصلح. - انفاقه على الفقراء والمساكين وتوزيعه الثروة في سبيل الله حيث يُروى أنه قاسم أمواله ثلاث مرات لله وأعطاها للمحتاجين. من أقواله المضيئة: قال عليه السلام: "إيّاك وما تعتذرُ منهُ، فإنَّ المؤمنَ لا يسيء ولا يعتذر، والمنافقُ كلُّ يومٍ يسيء ويعتذر". وقال عليه السلام: "من طلبَ رضا اللهِ بسخطِ الناسِ كفاهُ الله أمورَ الناسِ، ومن طلبَ رضا الناسِ بسخطِ اللهِ وَكَلَهُ اللهُ إلى الناسِ". وقال عليه السلام في الحلم: "العفوُ عند المقدرة من سِيَمِ الكرامِ". وقال عليه السلام: "مَن أحَبَّنا للهِ أَدخلَه اللهُ جنَّتَهُ، ومَن أبغضَنا للهِ أَدخَلَهُ اللهُ نارَهُ، ومَن أحبَّنا لغيرِ اللهِ فذلك حُبٌّ يَقيهِ عذابَ النار". وقال عليه السلام عن الدنيا: "إنَّ الدُّنيا دارُ هوانٍ وزَوالٍ، أهلُها فيها على أقدارِ البلايا مَوكولون، ومِنَ البلايا بعدَ الرغبةِ فيها الفِراقُ". وقال في حسن الخلق: "إنَّ أحسنَ الحَسَنِ الخُلُقُ الحَسَنُ". وقال في العِظة: "ما تشاورَ قومٌ إلا هُدوا إلى رشدِهم". وقال عليه السلام موصيًا أصحابه: "إذا أردتَ عِزًّا بلا عشيرة، وهيبةً بلا سُلطان، فاخرجْ من ذلِّ معصيةِ اللهِ إلى عزِّ طاعتهِ". وقال عليه السلام عن الجهاد الأكبر: "عجبتُ لمَن يتفكَّرُ في مأكولِه، كيفَ لا يتفكَّرُ في معقولِه؟! فيجتنِبُ ما يُردِيهِ ويُودِعُ صدرَه ما يُحييهِ". وقال عليه السلام عن الكرم: "مكارمُ الدنيا والآخرة في ثلاثٍ: أن تعفو عمّن ظلمك، وتصل من قطعك، وتحلم على من جهل علي". هذه الأقوال تُظهر سمو أخلاق الإمام الحسن عليه السلام وتعلقه بالله تعالى، وهي نبراس للأخلاق الرفيعة والوعي الإيماني العميق. أقوال العلماء والمحدثين فيه: قال الذهبي في "سير أعلام النبلاء": "السيد الإمام، أبو محمد الحسن بن عليّ، سبط رسول الله ﷺ، وريحانته من الدنيا، أزهر أشبه بالنبي ﷺ من صدره إلى رأسه". قال الإمام الشافعي: يا أهل بيت رسول الله حبكم.. فرضٌ من الله في القرآن أنزله يكفيكم من عظيم الشان أنكم.. من لم يصل عليكم لا صلاة له الإمام أحمد بن حنبل قال: "من السنة الترحم على الحسن بن علي واعتقاد حبه". أشعار في مدحه: قال الشاعر الكميت الأسدي: رأيتُ الولاءَ لكم واجبًا.. وما لي إلى غيرِكم من سبيلِ وأنتُم بنو المصطفى أحمدٍ.. وحَسْبُكمُ ذاكَ عزٌّ جليلُ وقال ابن عطاء السكندري في مناجاته، إشارة لآل البيت: وبالحسن الزكي ومن تبع النور.. من سادة الخلق يا ذا الجلال وفاته عليه السلام: توفي الإمام الحسن عليه السلام مسمومًا سنة 50هـ عن عمر يناهز 47 سنة، ودُفن في البقيع بعد أن منع بنو أمية دفنه قرب جده رسول الله ﷺ، فبقي قبره مشعلًا للهدى يزوره المؤمنون من كل الأقطار. الإمام الحسن بن عليّ عليه السلام سيبقى رمزًا خالدًا للرحمة، للكرم، وللصبر في سبيل وحدة الأمةن مآثره ساطعة كالشمس، وصفحته ناصعة كالقمر، ولا تزال كلماته وأفعاله نبراسًا للهداية إلى يوم الدين فالسلام عليه يوم ولد ويوم يبعث حيًا.


الجمهورية
منذ ساعة واحدة
- الجمهورية
ما حكم الادخار من مصروف البيت دون إذن الزوج؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب
وقالت أبو قورة، خلال حوار مع الإعلامية سالي سالم، ببرنامج "حواء"، المذاع على قناة الناس، اليوم الاثنين: "هو مش مسألة فائض، هو مسألة: هل يجوز لها أن تتحصل على ما يتبقى من النفقة التي أعطاها لها زوجها؟ خاصة أنها بقصد شراء احتياجات المنزل؟ لا يجوز قطعًا للزوجة أن تدخر من نفقات المنزل بدون علم الزوج أو بدون إذنه، حتى لو هتصرفها في البيت أو على شخصها، أو لو حصل ظرف وتطلع الفلوس لزوجها". وأضافت: "الزوج بيديني مصروف، ودي مسألة مهمة جدًا لأن كتير من الزوجات بيقعوا فيها من غير ما يعرفوا الحكم الشرعي. الأصل أن النفقة واجبة على الزوج، وما يعطيه الزوج للزوجة من نفقات للبيت لا يجوز للزوجة أن تدخر منها بدون إذنه". وأوضحت أنه "لو هي قدرت تتكيف وتشتري بعض الاحتياجات اللي محتاجاها، لازم تستأذنه فيما تبقى من هذا المال. لكن إذا أعطاها إذنًا كاملاً بالتصرف في المال، كأن يقول لها: (اصرفي كما تشائين)، فحينها يجوز لها أن تدخر، وما يتبقى من المال يكون من حقها بالكامل". وشددت أبو قورة على أن الشريعة الإسلامية تنص على صيانة الأموال و الحقوق بين الزوجين ، و"سيدنا رسول الله ﷺ قال إن كل إنسان أحق بماله، والتوجه في الشريعة إننا لا نأكل أموال بعضنا البعض بالباطل، وده يشمل العلاقة بين الزوجين، اللي هي أولى الناس بحفظ العهد والأمانة". وأكدت على أن "ما فعلته بعض الزوجات من ادخار أو أخذ مال من مصروف البيت دون علم الزوج لا يجوز شرعًا، سواء أنفقته على نفسها أو على أولادها أو على بيتها، ما لم يكن هناك إذن صريح بذلك من الزوج".