
الأضحيـة ومستقبـل الشعيـرة الدينيـة
تمثل الأضحية شعيرة دينية محورية في المجتمع الإسلامي، لكنها ترتبط أيضًا بجوانب ثقافية واجتماعية محلية، تتجلى في الاستعدادات التقليدية والأنماط السلوكية التي تحيط بعملية الذبح وتوزيع اللحم، ما يجعلها ممارسة متعددة الأبعاد.
وتجسد منظومة الأضاحي مصفوفة قيمية متكاملة عن التضامن الاجتماعي والتعاون الأسري، بدءًا من تربيتها وجلبها للسوق وبيعها وذبحها بتعاون أفراد الأسرة، وتوزيعها على الأقارب والجيران والفقراء، وانتهاء بإقامة ولائم طيلة أيام عيد الأضحى.
وكان الشباب السعودي هم من يربي الأغنام ويجلبها للسوق ويبيعها، ثم ترك المهنة في أواخر السبعينيات، واشتغل بالتعليم والوظيفة، وترك المهنة للعمالة، وتسببت العمالة وبعض شركات المواشي في التلاعب بسلالة الخروف النجدي، المعروف بتحمله للبيئة القاسية ومقاومته لكثير من الأمراض ومجاراته لمشي الإبل لمسافات طويلة، فانتشر المهجن الضعيف، وندر وجود الأصلي، وحلّ محله سلالات الحرّي والنعيمي، وحاليا بدأت تعود تربية سلالة الخروف النجدي الأصيلة بجهود ذاتية من مربي الأغنام.
أما في مناطق شمال المملكة فما تزال السلالات تحظى باهتمام أهلها رغم تأثرها الكبير بأغنام بادية الشام، وبتربية سلالات أغنام النعيمي للحليب وأخرى للحوم.
ويتحول سوق الأغنام في مختلف المدن والقرى في ليلة العيد إلى مهرجان شعبي مزدحم بشكل يُعيد إنتاج مشهد جماعي مؤقت يعكس تفاعل الدين مع الحياة اليومية. ويعزز هذا الفضاء الشعبي من الإحساس بالمشاركة العامة.
تتميز ليلة العيد بكثرة "الجلّابة" من مختلف المناطق، وكثرة المشترين للضحايا، وينتشر بينهم باعة الماء والمرطبات بثلاجات صغيرة تعمل بمحول كهرباء وقوالب ثلج، وفي وسط السوق تختلط أصوات المحرجين مع الباعة مع رغاء الشياه في تناغم مألوف لا يهدأ إلا مع صوت أذان المغرب، ثم ينصرف الجميع ويعاد تكرار التجربة من فجر الغد.
وعلامات فحص الخروف الطيب بمشاهدة أسنانه أو الضغط على منتصف ظهره أو رفع إليته، فهي الخبرات المعرفية المتراكمة عبر الأجيال التي تحدد بشكل سريع عمره وكمية اللحم فيه وخلوه من المرض. وهي مشاهد مألوفة في سوق الأغنام مع ترقب البائع للنتيجة وقرار الشراء.
وعند فجر يوم عيد الأضحى يلبس الرجال ملابس العيد متجهين إلى المصلى، الذي يكون غالبًا في بطن الوادي، ثم أصبح في الجوامع في المدن الكبرى، وبعد صلاة العيد ينصرف الجميع إما للذبح أو التجمهر عند المطابخ المرخصة بالذبح أو الاستعانة بالعمالة التي تنتشر في الشوارع ممن لا شأن لها بالذبح لكنها تستغل الفرصة وأزمة بعض الأسر رغم كثرة مشاكلهم مع أصول ذبح الأضاحي. وأكثر البيوت تضحي بواحدة لنفسها، وبعضها تكون محملة بوصايا أضاحي لأموات.
تعد مهارة ذبح المواشي جزءًا من التربية الاجتماعية، وهي ثقافة شعبية عالية التقدير؛ لكثرة ذبح الأغنام للضيوف والمنزل وكشتات البر والأضاحي، حيث يرتبط تعلّمها ببناء الرجولة والانخراط في المسؤوليات الجماعية. وقد ارتبطت بفترات ما قبل التخصص المهني، حين كانت الحياة تعتمد على الاكتفاء الذاتي والمشاركة الأسرية. ثم تراجعت مع ظهور المطابخ والمسالخ، مما يمثل بداية التحول إلى اقتصاد السوق وتقسيم العمل، مما أثر على إنتاج الهوية الذكورية التقليدية.
وبعد تطور المدن وسكنى الفلل، أصبح الناس يذبحون أضاحيهم في منازلهم. وكان الأطفال يلبسون ملابس العيد ويعيشون الدهشة بالفرجة على ذبح الأضاحي، ويساعد الأولاد في مسك الأضحية وتقطيعها ونقلها لقسم النساء في المطبخ، حيث يتولين تقطيعها إلى أجزاء صغيرة وفرز لحوم البيت والهدايا والصدقات وتغليفها في أكياس بلاستيكية.
وتتحول أيام العيد إلى مهرجانات عائلية؛ حيث تكثر الدعوات للغداء والعشاء، وعند اكتفاء أحد الضيوف من الأكل في هذه المناسبات ينهض مصوتًا بعبارة: "الله يقبلها" إشارة إلى الأضحية.
وللشباب والأسر فعالياتهم الخاصة في الشواء و"المقلقل" (قطع اللحم الصغيرة بالمرق) و"الحميس" (قطع اللحم الصغيرة بلا مرق) والتفنن في أنواع الطهي، وفي اليوم الثالث تبدأ النكات عن تلبك المعدة وأصوات الخراف في البطون كناية عن الأكل المفرط للحوم وعدم التوازن الغذائي.
والآن أصبحت الأضاحي تطلب عبر تطبيقات رقمية متخصصة ويتم اختيار الأضحية من صورتها، أو من متعهدي الأغنام المعروفين، وتصل الأضحية مقطعة ومغلفة بأكياس، مما يوحي بأن الأجزاء المخصصة للإهداء والصدقة ستتولاها شركات توصيل طلبات، فقد كانت التسهيلات مريحة وحسنت جودة الحياة إلا أنها ابتلعت المتعة وصناعة الذكريات لأطفال اليوم وشبابهم.
الأضحية كطقس عبور
تُعدّ الأضحية واحدة من أبرز الطقوس الدينية في الإسلام، وتُمارَس موسميًا في عيد الأضحى، وهي شعيرة محورية ذات دلالات دينية واجتماعية ورمزية. من منظور أنثروبولوجي، يمكن تصنيف هذا الطقس ضمن "طقوس العبور" كما حددها أرنولد فان جينيب (1909)، حيث تمرّ الأضحية بثلاث مراحل أساسية: الانفصال، المرحلة الانتقالية، ثم الإدماج.
حيث تعبّر طقوس العبور عن التحولات الرمزية التي يمر بها الأفراد أو الجماعات في مراحل حياتهم أو في مناسبات دينية واجتماعية. وتتمثل أهمية هذا التصنيف في تفكيك البنية الرمزية للطقوس، وتحليل أبعادها الاجتماعية والثقافية والنفسية.
تبدأ مرحلة الانفصال في الأضحية، بشروع الفرد بالاستعداد الطقسي عبر شراء الذبيحة، وهي عملية قصدية بمراعاة شروطها الشرعية، وتأخذ طابعًا رمزيًا عبر فصل الذات عن الحياة اليومية استعدادًا للدخول في لحظة مقدسة.
وتتمثل المرحلة الانتقالية في لحظة الذبح ذاتها، حيث يكون الفرد في حالة "بين بين"، وهي حالة انتقالية من الدنيوي إلى الروحي؛ حيث يمثل الدم المراق بشروطه الشرعية ذروة هذه المرحلة، باعتباره عنصرًا رمزيًا قويًا في العديد من الطقوس الدينية حول العالم.
مرحلة الإدماج بعد الذبح، حيث يتم توزيع اللحم على الأقارب والفقراء، وهي لحظة استعادة للعلاقات الاجتماعية وتجديد للعقد الرمزي داخل الجماعة. وهكذا، يعود الفرد إلى الحياة اليومية لكن في حالة تطهر وتجدد روحي.
أنثروبولوجيا الأضحية
تُعد الأضحية ممارسة دينية مركبة، تتداخل فيها الأبعاد الرمزية والاجتماعية والاقتصادية، ما يجعلها موضوعًا غنيًا للتحليل الأنثروبولوجي. ويمكن فهم كيف تُسهم هذه الطقوس في بناء المعاني الثقافية وتعزيز النسيج الاجتماعي متعدد الزوايا:
الرمز الديني
تُجسد الأضحية في بعدها الرمزي تجسيدًا حيًّا لقيم الطاعة والإيمان وإحياء للسنة، كما وردت في السردية القرآنية لقصة النبي إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام. وتمثل هذه الطقوس - وفق ليفي شتراوس - نظامًا رمزيًا يعكس البنية العميقة للفكر الديني، حيث يُعاد تمثيل المفاهيم المقدسة في إطار جماعي يضفي المعنى ويعزز الإحساس بالمقدّس.
ويسهم الطقس الديني، بما يحمله من أداء جماعي ومعانٍ مقدسة في تحويل التجربة الفردية إلى فعل جماعي، لتصبح الأضحية جسرًا رمزيًا يربط بين الفرد والعقيدة، وبين الحاضر والسرد التاريخي.
إنتاج الهوية الاجتماعية
تمثل الأضحية لحظة زمنية تؤكد على وحدة الجماعة وتعيد ترسيخ القيم الاجتماعية المشتركة، كما أشار دوركايم في تحليله للطقوس بوصفها وسائل لتجديد "الوعي الجمعي". فالمشاركة الواسعة في شعائر الأضحية تنشئ إحساسًا بالتضامن والانتماء، إذ تتجسد الأمة الإسلامية كمجتمع رمزي موحد عبر أداء موحد في الزمان والمكان.
وبهذا، تُصبح الأضحية مظهرًا من مظاهر التدين وآلية لإعادة إنتاج الهوية الدينية والاجتماعية، إذ تكرّس الانتماء الجماعي وتعزّز من تماسك البناء الاجتماعي من خلال شعور مشترك بالمقدس والمسؤولية الجماعية.
الطقوس الرقمية أو الذبح بالوكالة
تُشير التغيرات الحديثة في أداء الأضحية، خصوصًا من خلال المنصات الإلكترونية وتطبيقات الخدمات الرقمية التي توفر خدمات شراء الأضحية والتوكيل بذبحها وتقطيعها وتغليفها حتى وصولها للمنزل، إلى تحول الشعيرة أو الطقس إلى تجربة مُجرّدة من معانيها الثقافية. فإن الطقس يفقد بعضًا من حيويته الرمزية حين يُفصل عن الجسد والفضاء الحسي.
قد يؤدي غياب التفاعل المباشر مع الحيوان والدم والمشاركة الأسرية إلى فقدان الأبعاد الرمزية التقليدية للأضحية، ويثير تساؤلات حول أثر التحديث والعولمة على استمرارية المعاني الطقوسية في المجتمعات المسلمة.
ختاماً
تُعدّ الأضحية من أكثر الطقوس الإسلامية ثراءً وتعقيدًا من حيث الدلالات الرمزية والاجتماعية، إذ تُجسّد تفاعلًا حيًا بين المقدّس واليومي، وتمثّل ممارسة شاملة تتجاوز البُعد التعبدي لتُشكّل جزءًا من نسيج ثقافي واجتماعي واقتصادي يُعبّر عن قيم التكافل والانتماء، ويعكس أنماط العلاقة بين الأفراد داخل المجتمع.
إلا أن التحولات الاجتماعية والاقتصادية والرقمية المتسارعة قد أثّرت بعمق في بنية هذا الطقس، حيث باتت ملامح "التجريد الرمزي" تطغى عليه، ما أفقده تدريجيًا كثيرًا من أبعاده الحسية والتربوية التي لطالما أسهمت في بناء الذاكرة الشعبية وتعزيز الترابط الاجتماعي.
وتبرز الحاجة إلى إعادة التفكير في موقع الأضحية ضمن الثقافة المعاصرة، لا سيما مع ما يبدو من تراجع ارتباطها بمنظومة التقاليد والعلاقات الاجتماعية التي كانت تحيط بها.
تتيح دراسة الأضحية من منظور أنثروبولوجي تأمّلًا أعمق في مدى قدرة الطقوس على التكيّف مع المتغيرات دون أن تفقد جوهرها الثقافي والرمزي، وعلى المحافظة على دورها في إنتاج المعنى داخل المجتمعات الحديثة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صحيفة سبق
منذ ساعة واحدة
- صحيفة سبق
المفتي العام: وقت رمي الجمرات في أيام التشريق يمتد لأكثر من 16 ساعة.. والتوكيل جائز للنساء بسبب الزحام
أوضح سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، المفتي العام للمملكة، أن وقت رمي الجمرات خلال أيام التشريق يبدأ من بعد الزوال ويمتد لأكثر من 16 ساعة، ما يمنح الحجاج مرونة واسعة لأداء هذا النسك دون تعجّل أو تزاحم. وبيّن سماحته أن وقت الرمي في يوم الحادي عشر من ذي الحجة يمتد من الساعة 12:35 ظهرًا وحتى 5:30 صباحًا من اليوم التالي، مؤكدًا أن من لم يتمكن من الرمي بعد الزوال فله أن يرمي في أي وقت خلال هذه الفترة، حتى بعد العشاء أو منتصف الليل. وأكد المفتي العام، في تسجيل بثّته الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء، أنه لا مانع شرعًا من توكيل المرأة زوجها أو الأم ولدها في الرمي يوم الثاني عشر بسبب شدة الزحام، مراعاة للتيسير ودفعًا للمشقة والضرر. وقال: "إياك أن تُلحق الضرر بنفسك، فالله قد يسّر وسهّل لك، والدين مبني على الرفق والتيسير لا على العنت والمشقة." سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ المفتي العام للمملكة العربية السعودية رئيس هيئة كبار العلماء الرئيس العام للبحوث العلمية والإفتاء ( هل يجوز توكيل المرأة زوجها ، أو الأم ولدها يوم الثاني عشر في الرمي بسبب شده الزحام ؟) — الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء (@aliftasa) June 7, 2025 سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ المفتي العام للمملكة العربية السعودية رئيس هيئة كبار العلماء الرئيس العام للبحوث العلمية والإفتاء ( ما هو آخر وقت للرمي بعد العيد وأيام التشريق ، وهل يجوز الرمي بالليل ؟) — الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء (@aliftasa) June 7, 2025


صحيفة سبق
منذ 2 ساعات
- صحيفة سبق
تفويج منظم للجمرات في أول أيام التشريق.. مسارات آمنة وكوادر سعودية تُسهم في انسيابية الحركة
شهدت منشأة الجمرات اليوم تفويجًا منظمًا وآمنًا لحجاج بيت الله الحرام في أول أيام التشريق، وسط أجواء روحانية وخطة تشغيلية دقيقة، بإشراف فرق سعودية مؤهلة ووفق جدول زمني مُعدّ بعناية بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة. وسارت عمليات التفويج عبر مسارات واضحة ومنظمة، مع التزام الحجاج بأوقات الرمي المحددة وتعليمات السلامة، ما أسهم في تحقيق انسيابية عالية دون تسجيل حالات تزاحم تُذكر. وأكد محمد أمين أندرقيري، رئيس "سنا لخدمات الحجاج"، أن فرق العمل كانت في جاهزية تامة، وقدمت الإرشادات الميدانية اللازمة للحجاج، مشددًا على الالتزام الكامل بالخطة التشغيلية حتى نهاية الموسم. من جهته، أشار وائل عقيلي، رئيس "ركين لخدمات الحجاج"، إلى نجاح خطة التفويج بفضل التنسيق مع الجهات المعنية والانضباط الكبير من الفرق الميدانية، مما سهّل حركة الحشود وأمّن راحة الحجاج في أداء النسك. يُذكر أن خطة التفويج شملت توزيع الحجاج على مجموعات وفق توقيتات محددة، ومسارات مرنة تأخذ في الاعتبار الكثافة العددية، مع دعم لوجستي متكامل لضمان سلامة ضيوف الرحمن طوال مراحل أداء الشعائر.


مباشر
منذ 2 ساعات
- مباشر
مركز النقل يفعّل خطة متكاملة لتنظيم نقل الحجاج من منى إلى الحرم بأيام التشريق
الرياض - مباشر: أدار المركز العام للنقل التابع للهيئة الملكية لمدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة مرحلة الإفاضة من مشعر منى إلى المسجد الحرام ضمن منظومة تشغيلية متكاملة، ترتكز على النقل الترددي المنظم، والتفويج المرحلي، وتوزيع الضغط الزمني والمكاني للحشود، في واحدة من أدق مراحل الحج وأكثرها كثافة. وانطلقت عمليات النقل الترددي من منى إلى الحرم وفق خطة تشغيلية محكمة، شملت تخصيص مسارات ترددية مخصصة للحافلات بمعزل عن حركة المشاة، وتشغيل (100) حافلة مفصلية بسعة (125) راكبًا لكل منها، بطاقة استيعابية تصل إلى (20,000) راكب في الساعة، مما أسهم في تقليص زمن الرحلة إلى (20) دقيقة فقط، وتيسير أداء طواف الإفاضة في وقت قياسي، وفقا لوكالة أنباء السعودية "واس"، اليوم السبت. وشكّلت محطة غرب الجمرات إحدى الأدوات التشغيلية الداعمة لهذه المنظومة، عبر استقبال الحجاج القادمين من منى وتحويلهم إلى مسارات ترددية مباشر نحو المسجد الحرام، ضمن تنظيم دقيق يسهم في ضبط تدفق الحشود وتحسين جودة التنقل. ولم تقتصر جهود المركز على مرحلة الإفاضة فحسب، بل امتدت إلى تحسين الربط في المراحل السابقة، وتطوير تقاطعات حيوية مثل شارع سوق العرب والجوهرة، لتنظيم حركة الحافلات من عرفات إلى مزدلفة، ما أسهم في خفض زمن الرحلة وتعزيز الانسيابية. وتضمنت الخطة التشغيلية التي أعدّها المركز، وتم تنفيذها من قبل شركة كدانة للتنمية والتطوير، إنشاء (71) مركزًا ونقطة طوارئ موزعة في مواقع حيوية داخل المشاعر، بهدف تمكين وصول فرق الاستجابة إلى المناطق ذات الكثافة أو محدودية الوصول، وتوفير بيئة أكثر أمانًا لضيوف الرحمن. وفيما يخص النقل عبر قطار المشاعر، فعّل المركز بالتعاون مع الخطوط الحديدية السعودية "سار" نظامًا لتفويج الحجاج إلى قطار المشاعر، من خلال بطاقات ملوّنة تُحدّد توقيتات الصعود بدقة، بما يسهم في تنظيم الحشود وتحقيق توازن في الكثافة عند المحطات. وتم تفعيل الخريطة التفاعلية لمسارات خدمة الحجاج بين مشعر منى والمسجد الحرام، التي أظهرت توزيع المسارات الستة بدقة زمنية تنتهي معظمها عند الساعة (12:00) منتصف ليلة (11) من ذي الحجة، مع استثناء المسار رقم (4) الذي امتد حتى منتصف ليلة (12) من ذي الحجة، لتوفير مرونة تشغيلية تتماشى مع الواقع الميداني. ودعم هذه الجهود أيضًا تمكين الحركة على الطريقين الدائريين الثاني والثالث، مما ساعد على تسهيل الوصول وتحسين التنقل في مختلف مراحل الحج، لا سيما في أوقات الذروة, وانعكست هذه المنظومة على مؤشرات النقل بوضوح، وتم تقليص مدة التصعيد إلى التروية بـ(4) ساعات، وخفض زمن الانتقال المباشر إلى عرفات بساعتين ونصف، إلى جانب اكتمال التصعيد إلى عرفات في تمام الساعة (8:46) صباحًا، واكتملت مرحلة الإفاضة الأولى إلى مزدلفة عند الساعة (11:58) مساءً، في أداء دقيق يُبرز كفاءة التخطيط وجودة التنفيذ. ويواصل المركز العام للنقل أداءه كمحور تشغيلي رئيس ضمن منظومة الهيئة الملكية، مرتكزًا على تناغم التخطيط والتنفيذ بين الجهات المعنية، والتخطيط المسبق، والتحكم اللحظي في حركة الحشود، بما يسهم في تحسين تجربة الحج والارتقاء بجودة خدمات النقل في المشاعر المقدسة. حمل تطبيق معلومات مباشر الآن ليصلك كل جديد من خلال أبل ستور أو جوجل بلاي