
من أسماء الله الحسنى.. "العزيز"
إن اسم الله العزيز يبين لنا جلال القدرة وعظمة السلطان، فالله تعالى هو العزيز الذي لا يُغلب، والقاهر الذي لا يُقهر، والغالب الذي لا يرام؛ فعزته تتجلى في كل مخلوقاته، من أعظم الكواكب إلى أصغر الذرات، كلها تشهد بعزته وقدرته.
فالعزة الحقّة هي عزة الله، ومن أراد العزة فليطلبها في طاعة الله والاستسلام لأمره؛ فلا عزة لأحد إلا به، ولا قوة إلا بقدرته. ومن توكل على العزيز فقد اتصل بمن لا يضام، ومن استعان به فقد استعان بالقوي العزيز، فنحن نعبد الله العزيز، ونستعين به، ونستجير بعزته من ذل الخضوع لغيره.. فسبحانه ما أعظمه من إله، وما أجلّه من رب!
من أراد العزة مع المال، أو مع المنصب، أو مع الجاه، أو مع الصحة والعافية، أو مع الدنيا، أو مع الآخرة، فعليه أن يقتبسها ويستمدها من العزيز، الذي من رَكنَ إليه أوى إلى ركن شديد
وقد ذكر اسمه "العزيز" في القرآن اثنتين وتسعين مرة، جاء في أكثرها مقترنًا بأسماء أخرى من أسمائه، سبحانه، الحسنى، والله، عز وجل، هو العزيز بكل معاني العزة ،كما قال سبحانه: ﴿من كان يريد العزَّة فللَّه العزَّة جميعًا﴾ [فاطر:10].
ويوضح العلّامة السعدي (رحمه الله تعالى) المعاني الثلاثة للعزيز، فيقول: "العزيز" الذي له العزة كلها: عزة القوة، وعزة الغلبة، وعزة الامتناع، فامتنع أن يناله أحد من المخلوقات، وقهر جميع الموجودات، ودانت له الخليقة وخضعت لعظمته (قصة بدء الخلق، الصلابي، ص1139).
فمن أراد العزة مع المال، أو مع المنصب، أو مع الجاه، أو مع الصحة والعافية، أو مع الدنيا، أو مع الآخرة، فعليه أن يقتبسها ويستمدها من العزيز، الذي من رَكنَ إليه أوى إلى ركن شديد، واختص بمنعة لا تُبارى ولا تجارى.
وكل من جرب أن يكون الله مَلاذه وملجأه في حاجته وسؤاله؛ واعتزازه واعتزائه وطلبه، فإن العزيز، سبحانه، يعطيه سؤله، ويحفظ له قدره ومنزلته، فسؤال الله، عز لا ذلَّ معه، وسؤال غيره ذل أعطى أو منع.
ومن كان الله مُعْتَصَمه ومقصده عزَّ وقوي، وإن كان ضعيفًا في بدنه، أو واهنًا في قوته؛ أو مُقلًّا في ماله، أو ذليلًا في عشيرته، فمن أراد عزة لا شائبة تشوبها فليلزم:
فاشدُدْ يديك بحبل الله معتصما فإنه الركن إن خانتك أركان
ومن أسباب الوصول إلى ذلك: التواضع والتسامح والعفو عن الناس، والتجاوز عن عثراتهم أو تقصيرهم في حقك، ففي «صحيح مسلم» عن أبي هريرة- رضي الله عنه-: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "ما نقص مال من صدقة، وما زاد الله عبدًا بعفو إلا عزًّا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه"، ومن أسبابه: الاستمساك بالقرآن تلاوةً وفهمًا وتدبرًا وتحكيمًا؛ فإنه سبحانه سماه العزيز (مع الله، العودة، ص83).
و«العزيز» أي: الذي له جميع معاني العزّة، كما قال سبحانه: ﴿إنَّ العزَّة لله جميعًا﴾ [يونس: 110]، أي: الذي له العزة بجميع معانيها، وهي ترجع إلى ثلاثة معانٍ كلها ثابتة لله، عزّ وجلّ، على التمام والكمال.
المعنى الأول: عزّة القوّة، وهي وصفه العظيم الذي لا تنسب إليه قوة المخلوقات وإن عظمت.
المعنى الثاني: عِزة الامتناع، فإنه الغني بذاته فلا يحتاج إلى أحد، لا يبلغ العباد ضرّه فيضرونه، ولا نفعه فينفعونه؛ بل هو الضارّ النافع، المعطي المانع، منزه، سبحانه، عن مغالبة أحد، وعن أن يقدر عليه أحد، وعن جميع ما لا يليق بعظمته وجلاله من العيوب والنقائص، وعن كل ما ينافي كماله، وعن اتخاذ الأنداد والشركاء.
المعنى الثالث: عِزّة القهر والغلبة لجميع الكائنات، فهي كلها مقهورة لله خاضعة لعظمته، منقادة لإرادته، ونواصي جميع المخلوقات بيده، لا يتحرّك منها متحرك، ولا يتصرف متصرف إلا بحوله وقوّته وإذنه، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ومن آثار الإيمان بهذا الاسم أن يكون ذُلّ العبد لله وحده، لا يلتجئ إلا إليه، ولا يحتمي إلا بحماه، ولا يلوذ إلا بجنابه، ولا يطلب عزه إلا منه (فقه الأسماء الحسنى، البدر، ص 246 بتصرف).

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العرب القطرية
منذ 42 دقائق
- العرب القطرية
«إحسان» يكرم كبار القدر الفائزين بمسابقة «القرآن الكريم»
الدوحة - العرب احتفى مركز تمكين ورعاية كبار السن «إحسان» أحد المراكز المنضوية تحت مظلة المؤسسة القطرية للعمل الاجتماعي، بالفائزين والفائزات في مسابقة «إحسان» للقرآن الكريم لكبار القدر، والتي جاءت بالتعاون مع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية وبدعم من البنك الأهلي وذلك في حفل ختامي مميز بحضور مسؤولي المركز وموظفيه إضافة إلى الجهات الداعمة. وشهدت النسخة الثامنة من المسابقة هذا العام مشاركة واسعة من كبار القدر، حيث بلغ عددهم 333 مشاركًا ومشاركة، من بينهم 245 سيدة و88 رجلًا. وقد تنافسوا في ثلاثة فروع رئيسية: حفظ القرآن الكريم كاملاً، حفظ الجزء الخامس والعشرين، والتلاوة الصحيحة من المصحف الشريف دون أخطاء. وأسفرت النتائج عن فوز 39 متسابقة و4 متسابقين بالمراكز الأولى. وفي هذا الإطار تم رصد جوائز مالية قيمة بلغ مجموعها 100 ألف ريال موزعة على الفائزين والفائزات في الفروع الثلاثة للمسابقة تقديراً لجهودهم وتحفيزاً لمواصلة حفظ وتلاوة كتاب الله الكريم. وبهذه المناسبة، صرّحت السيدة شيخة أحمد الحريب مدير إدارة التوعية والتواصل المجتمعي بمركز إحسان قائلة: هذه المسابقة أصبحت جزءًا أساسياً من برامج المركز السنوية، ونجاحها المتواصل يعكس حرص كبار القدر على التفاعل والمشاركة في البرامج القرآنية. ما يميز النسخة الثامنة هو اتساع دائرة المشاركة عامًا بعد عام، ما يدل على الأثر الإيجابي المتنامي لهذه المبادرة. نحرص على أن تسهم المسابقة في رفع جودة حياة كبار القدر بكل أبعادها وتعزز قدراتهم الذهنية والاجتماعية. كما علّق أحد الفائزين من الرجال السيد عبدالسلام علي بقول: «القرآن الكريم أساس حياتي، أبدأ يومي بالقرآن وأختمه به، وهذه المسابقة كانت تجربة مميزة منحتني شعور التنافس وسط أجواء محفّزة وداعمة. أشكر كل من ساهم في تنظيم هذه المسابقة المباركة». وقالت إحدى الفائزات: «عندما بدأت الحفظ، لم أتوقع أن أصل إلى هذه المرحلة، ولكن بفضل التشجيع المستمر، اكتسبت ثقة كبيرة بنفسي. هذه المشاركة كانت فرصة عظيمة أعادت لي الثقة بقدرتي على التعلم والحفظ والمشاركة مهما كان العمر». وكان مركز «إحسان» قد أعلن عن فتح باب التسجيل في الفترة من 2 مارس حتي 6 أبريل الماضيين، حيث أُتيحت الفرصة لكافة المواطنين والمقيمين من كبار السن ممن تجاوزوا الستين عامًا، للتسجيل والمشاركة. وقد جرت التصفيات النهائية للمسابقة خلال الفترة من 13 حتي 30 أبريل حيث تم تخصيص قاعات منفصلة للرجال والسيدات في مقر مركز إحسان مع لجنتين متخصصتين لكل فئة. وتأتي هذه المبادرة في إطار التزام المركز بتقديم برامج نوعية تعزز من مكانة كبار القدر، وتدعم قدراتهم الدينية والاجتماعية، بما يسهم في تعزيز مشاركتهم المجتمعية والارتقاء بجودة حياتهم.


العرب القطرية
منذ 3 ساعات
- العرب القطرية
حكمٌ حكيم
-A A A+ حكمٌ حكيم أليس الله بأحكم الحاكمين؟ بلى، بلى، يا رب، ونحن على ذلك من الشاهدين، سبحانك لا تُسأل عما تفعل، ولا اعتراض على حكمك، ولا رادّ لأمرك. إنّ إقرارنا باسم الله الحكيم وبحكمته جلّ جلاله، يقتضي منّا ترويض أنفسنا على تلقي أحكامه القدرية بالقبول والرضا، وعدم الاعتراض على ما قدّر وقضى، فالحكم القدري هو خلاف التكليفي، وهو بيد الله، وإذ لا خيار لنا فيه، فلا اعتراض لنا عليه، وهو كأن يخلق الله العبد قبيحًا ذميمًا، أو أن يخلقه قسيمًا وسيمًا، وأن يخلقه عجميًا أو عربيًا، أبيض أو أسود، كل هذا من أحكام الله القدرية الكونية. ومن أحكامه في عالم الأمر؛ الإيجاد والإماتة والإحياء، يقدرها على مقتضى مشيئته، فنقول إزاءها ما قاله سبحانه: (وَهُوَ القَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الحَكِيمُ الخَبِيْرُ)، وما أحسن ما قال أبو الحسن التهامي في رثاء ولد له مات صغيرًا، وكان هو شيخًا كبيرًا، فأخذ الحزن به كل مأخذ، ولكنه لم يعترض على حكمة الله: حكم المنية في البريـــــــــة (جــــــاري) ما هــــذه الدنيـــــــــا بـــــــــــدار قـــــــــــــــــــرار بينا يرى الإنســـــــان فيها مخبــــرًا حتى يرى خبرًا مــــــــــن الأخبــــــــــــــــــــــار يا كوكبًا ما كان أقصـــــــــر عمـــره وكذاك عمـــر كواكب الأسحار جاورت أعـــــــــدائي وجـــــــــــاور ربـــــــــــــه شتـــــــــــــــــــــــان بين جــــــــــــــــواره وجواري نعم شتان بين الجوارين، وسبحان من يلهم الرضا ويبث الألطاف مع الأقدار والنوازل، فيأخذ بها الحليم العاقل ويُعرض عنها الغَشوم الجاهل، ونسأل الله أن يثبتنا بالقول الثابت في الدارين، وأن يبصرنا بحكمته، فنكون من الشاكرين على نعمته ومن الصابرين على المحن والنقم، فمن سخِطَ فله السخط، ومن رضي فله الرضا. وأما حكمته سبحانه وتعالى، وهي خلو أقداره من العبث تعالى، وقيامها على أتم الإحكام والإبرام، فإذا تسرب إلى العبد أن يعترض بقوله: لم جعل الله كذا أو خلق كذا؟ ولم يكن لديه علم يبصر من خلاله الحكمة الخافية، فعليه أن يسارع إلى نسبها للحكيم الخبير، والحكيم العليم. وقد آنسَنا ربنا جلَّ وعلا بأمثلة من رحلة موسى مع الخضر وعدم استطاعته الصبر، المذكورة في سورة الكهف، وذلك لأن الله جل وعلا إنما كشف للخضر من السرِّ ما لم يكشفه لموسى عليهما السلام، فكان الخضر كلما أحدث أمرًا عدّه موسى عجبًا ونكرًا، وسارع إلى استجوابه وحسابه، فاعترض على خرق السفينة؛ لأنها قد تفضي بأهلها إلى الغرق والهلاك، وعلى قتل الطفل الصغير بلا جريرة ولا جريمة، ثم أشاد جدارًا بلا أجر لأصحاب القرية اللئيمة، وكان موسى عليه السلام موضع الدهشة والنكير حتى الاعتراض الأخير الذي أفضى إلى الفراق بينهما، وكان أن كشف الخضر عليه السلام الأسرار الكامنة والحكم الباطنة التي أطلعه الله عليها، فكان ما فعله الخضر عين الرحمة النابعة من الحكمة. وسبحان الحكيم الذي قدّر لموسى عليه السلام أن تقع له أحداثٌ مشابهة في مجرى حياته، فهو الذي ألقته أمّه في التابوت وقذفته في اليم، وهذا الأمر ظاهره القسوة وقلة الإشفاق والعطف من الأم على صغيرها، ولكنها فعلت ذلك بما أوحى الله لها وألقى في روعها وشعورها، بأنّ طريق نجاته يمر من مظان هلاكه، وهو يشبه السفينة التي خرقها الخضر لكي يزهد بها القراصنة ويعافوها لأصحابها المساكين، وكذلك فقد وكز موسى رجلًا فقضى عليه، كما فعل الخضر إذ قتل الغلام، وكذلك فقد سقى موسى للفتاتين في مدين بلا طائل ولا مقابل، كما شاد الخضر الجدار، ومن وراء هذا وذاك حكمة الحكيم العليم. فما أعظم أن نسلم أمورنا التي لا قدرة لتفكيرنا عليها إلى الله الحكيم، مسلّمين مذعنين، مؤمنين حق الإيمان أنّ وراء ذلك حكمة إلهية ومقصدا يريده سبحانه وتعالى، وأن إخفاءه عنّا إنما هو في مصلحتنا، وفيه خيرنا. @zainabalmahmoud @zalmahmoud@


العرب القطرية
منذ 11 ساعات
- العرب القطرية
التقته «العرب» ضمن باب «عيالنا والقرآن» رمضان الماضي.. الطفل حمد المنصوري حافظ كتاب الله.. في رحاب ربه
الدوحة - العرب توفي، أمس، إثر حادث أليم، الطفل حمد عبدالعزيز يوسف حسن المنصوري (الطالب بالصف السابع بالمعهد الديني الإعدادي الثانوي للبنين)، والذي التقته «العرب» رمضان الماضي ضمن باب «عيالنا والقرآن»، ضمن مجموعة كبيرة من طلاب مركز النور القرآني التربوي. وكان حمد حريصاً على حفظ القرآن الكريم، وأكد خلال اللقاء مع «العرب» على أن والديه حريصان على تشجيعه بصورة مستمرة على الدراسة والحفظ، فكان، رحمه الله، يقسم وقته بين الحفظ والدراسة، فيراجع 10 صفحات من كتاب الله بصورة يومية، وبعدها كان يبدأ في الحفظ، وكان ينوي الاستمرار على نهج الحفظ والتلاوة حتى يختم كتاب الله. وأسرة تحرير «العرب» تتقدم بالتعزية لأسرة حمد، سائلين الله أن يجعل سعيه في حفظ القرآن في ميزان حسناته، وأن يلهم أسرته الصبر والسلوان.