
.يا ياسين .. عيني !
على وقع أغنية " يا عزيز عيني " ، وجدتني أقول وأكتب بل وأغني " يا ياسين عيني " ، خاصة وأن الدكتور حازم ياسين فخر مصر العالمي فى طب العيون سمعته يغني أو هكذا هيئ لي وهو يجري لي عملية المياه البيضاء فى عيني اليسرى ، فقلت لنفسي : هذا هو الحب للمهنة إلى درجة العشق ، وهو سر الإبداع فى أي مجال وإن ارتبط ذلك بمجال الأدب .
ولم أتبين إذا كان الدكتور ياسين يغني عربي أو أفرنجي على وقع موسيقي معينة ، حقيقة الأمر أن عيني كانت غارقة أثناء العملية فى بحر من أنواع متعددة من القطرة وألوان الطيف ، وقد يكون كل ذلك من باب خيال تخيلته تحت تأثير العملية التى كنت مقبلا عليها فى شئ من الخوف مع تسليم الأمر لله ، فهي العين رأسمال الكاتب بل وكنزه ، فليس كلنا طه حسين ، فهو استثناء كوني كآية معجزة من آيات الخالق الأعظم ، وحتى أطمئن نفسي قلت للدكتور يا سين : إنهم يقولون إن عملية المياه البيضاء مثل شكة الدبوس ، فقال لي مبتسما : ولا حتي شكة الدبوس ، إنها أقل من ذلك – كلها خمس دقائق وتقوم تغسل وجهك .
من عجيب الأمر أنني كنت – ولا أزال – أدعو الله
أن ينير بصري وبصيرتي، فإذا بي أجدني مصابا فى عيني .. بداية الأمر لم أستوعب كيف كانت إجابة دعوتي على هذا النحو ، إيمانا منى بالآية الكريمة :
وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم - لأكتشف بعد العملية أن نظري صار أقوي والرؤية أوضح ، حتى أنني قلت للدكتور ياسين مداعبا : لقد أعدتني يا دكتور إلى المرحلة الابتدائية قبل أن أرتدى النظارة ، فقد عدت من البداية إلى النهاية – فلم يرتح الدكتور لتعبير " النهاية " ، فقلت له : أقصد " المبتدأ والخبر " ، كلاهما تشابها
ولم أستطع رغم فضولي الصحفي أن أسأله عن غنائه أثناء العملية ، حتى لا أحرجه أو أتطفل على لحظات سعادة يعيشها أثناء عمله ، فأجرح ما قد يظنه خلوته الخاصة فى رحاب العين -التى أري أنها مرادف الحياة – والتي هي من إبداع أحسن الخالقين ، والتي يؤتي بعض خلقه بعض أسرارها لعلاجها لتستأنف رحلتها العجيبة فى دنيا الله الواسعة العجيبة .
وأسمع من يقول : وإيه يعني عامل حكاية ورواية على إيه ؟ ، مهن كثيرة يغني أصحابها حتى الفواعلية وعمال الترحيلة وغيرهما ، فأقول : مثل هؤلاء لا يغنون إلا استعواضا وتعزيا عن شقائهم لا حبا فى مهن فرضتها عليهم ظروفهم الصعبة ولا أقول التعيسة ، أما الغناء حبا فى العمل ، فهو ما أراه نادرا ، لقلة الإخلاص حتى بتنا نعيش عصر الطصلقة ، أو ما يعبر عنه التعبير الشائع على لسان أصحاب الضمير الغائب :على قد فلوسهم !
وحدثت نفسي أن تنتظر العملية الأخرى فى العين اليمني وتركز السمع لتتأكد من غناء الطبيب الماهر إذا كان حقيقة لا خيالا ، ولم أسمع شيئا ، فقلت : إذن فقد هيأ لي ..
على أنني فوجئت بالدكتور حازم ياسين يصرح بعد انتهاء العملية بأنه نادم على أن أضيع فى مهنة الطب عمره ، وأنه يتطلع إلى الهجرة ! صدمت طبعا ، ولكنني ربطت بين قوله وما أثير مؤخرا عن عدم تقدير الأطباء المصريين فى بلدهم بما يليق برسالتهم السامية ، بما يدفعهم إلى الهجرة للخارج .
ولم أدع ما قاله الدكتور حازم ياسين يمر ، فقد شغلني ، فماله والندم والهجرة ، لعل هذا شغل من لم يجد فرصة ، أما هو فما شاء الله اسم عالمي وشهرة فى الداخل والخارج ، وقيمة وقامة وتقدير دولي وعربي ومصري ، فخبرته يسعي للاستفادة بها القاصي والداني ، حتي أصبح علامة مسجلة فى طب العيون ، فما الذى ينقصه ، فضلا عن أنه يعالج مجانا من ليست لهم القدرة المادية ، وهو وفي لأصدقائه بل لأصدقاء أصدقائه أحياء وأمواتا ، فيتنازل عن أجره محبة ووفاء ..
وكان لدي فرصة للقائه فى اليوم التالي لمتابعة عملية الأمس ، فطرحت عليه كل أسئلتي ، فوجدته منتبها ومستمعا ومعطيا وقته الثمين لي رغم طابور الانتظار الطويل فى العيادة وعلى سلالمها ، ثقة به أن عيونهم فى عينيه أمانة هو أهل لها ، لأكتشف أن القضية بالنسبة له ليست قضية شخصية ، وإنما هي قضية وطن يجرى تجريفه من قواه الناعمة فى كل المجالات خاصة فى الصحة والتعليم ، سواء عن قصد أو عن غير قصد – هولا يعرف – ولكنها كارثة فى كل الأحوال ، فالطبيب المصري – هو يتحدث عن مجاله – يلقي تقديرا كبيرا خارج بلاده بدءا من حسن استقباله فى المطار ، ولذلك فهو منزعج جدا من مجرد الحديث عن سجن الطبيب إذا أخطأ – من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر - فلا يبقي إلا الفاشلون وعديمي الضمير ، ولتصبح البلد خرابا – قالها منفعلا انفعالا منضبطا لا عصبيا ، وكأنه يجري عملية لمريض تقتضي الدقة واليقظة ، مضيفا : أرأيت استقالة 117 طبيبا من جامعة عين شمس وهم من أبناء جيلي .. ولذلك تجدني لست فى مزاجي الطبيعي !
وهنا وجدت تفسيرا وجوابا لعدم غناء الدكتور حازم ياسين أثناء العملية الثانية ، إذن فقد غنى فى الأولي لأن مزاجه كان رائقا ، فلم يكن الأمر بالنسبة لي إلا حقيقة لا خيالا واحتمالا ..
وحاولت أن أسري عنه وأجذبه إلى حديث أثير لديه عن صديقه الحبيب الأديب والناقد الكبير الأستاذ رجاء النقاش عليه رحمة الله ، والذى جمعنا فى صالونه الأسبوعي بشقته فى المهندسين قبل هجرته إلى مدينة السادس من أكتوبر، كغيره من المبدعين بحثا عن الهدوء ..
واعتز ما حييت برعاية أستاذنا رجاء النقاش لي إلى درجة أنه كلما وجد فرصة لتشجيعي فى مقال أو حوار ذكر اسمي، بل إنه كان أحد الساعين لتنمية دخلي وتحسين معيشتي ، فيطلبني لتقديم انفراداتى لصحف عربية يرشحها لي ، ولم يكن يتأخر أبدا عن طلبي له بمقال يكتبه خصيصا لمجلة الإذاعة والتليفزيون التى كنت أعمل بها ، وأحرص على الاحتفاظ بها كوثيقة بخط يد الراحل العظيم ، غير أن الأهم من كل ذلك أنني كنت موضع ثقة الأستاذ رجاء النقاش كلما أهمه أمر ..
حدث ذلك مرتين عندما أصيب فى عزيز لديه ، لا لأنه فقده ، بل لأنه – كما ظن - تخلي عنه بعدما كان قد أسدي من معروف كبير له ، ولأنه إنسان رقيق المشاعر فقد استغرق حجم الصدمة بالنسبة له وقتا ليس بالقصير، بدليل أنه طلبني على تليفون المنزل الأرضي – قبل انتشار المحمول – ليفضفض عن صدمته ، ولما قابلته فى دار الهلال واصل الحديث فى نفس الموضوع ، وحاولت مواساته على قدر استطاعتي ، ولكن غدر الأصدقاء كان أكثر فواجعه تأثيرا عليه .
أما المرة الأخرى التى آلمته حينما رشح لرئاسة تحرير مجلة فنية ، بينما كان من الطبيعي أن يكون رئيسا لتحرير مجلة الهلال العريقة التى سبق أن كان رئيسا لتحريرها وقدم فيها أروع ما يمكن تقديمه من أعداد خاصة عن رموز مصر الأدبية كشوقي وطه حسين وتوفيق الحكيم ونجيب محفوظ . وجدته يحدثني فى التليفون ثائرا بعد صدور حركة الترشيحات قائلا : وضعوني فى ( ... ) ولكنني سأجعله حديقة – وقد كان ... هكذا كان رد د. حازم ياسين بعد أن سمع مني .
وقد قصدت أن أقول لن صعوبة الظروف حولنا مهما كانت ، يمكننا بالإرادة والعزيمة تغييرها إلى الأفضل ، كما فعل أستاذنا وصديقنا رجاء النقاش ، وكما فعل المصريون فى أزمنة صعبة عن طريق الجمعيات الأهلية والخيرية ، وليست " الأوقاف " التى رصدها المصريون من أملاكهم وأرزاقهم وقفا على التعليم والصحة والفقراء وغيرها من وجوه الخير ، إلا صفحة مشرقة من تاريخ المصريين رغبة منهم فى أن تظل بلدهم عامرة بالأمل رغم الشقاء ، وبالنور رغم الظلام .
هؤلاء هم المصريون حقا تجدهم فى كل مجالات حياتنا وإن لم يشعر بهم أحد ، وأعتقد أن الدكتور حازم ياسين من هؤلاء الفئة الخيرة ، وإلا ما أعطى " حق الإبصار " لأهل بلده لمن يريد مجانا ، فهل هذه رغبة نادم على مهنته ، أو رغبة مهاجر ؟ إنما هو ضيق بالنفس يحدث أحيانا من كل محب لبلده ، ويريدها أن تكون أحسن البلاد ، ولن تكون أحسن البلاد إلا بكل باذل وقته وجهده وعرقه وخبرته من أجلها فى أصعب ظروفها ، وإلا ففيم الفضل فى البذل والعطاء؟ .
يا دكتور حازم ياسين ويا دكتور مجدي يعقوب ويا دكتور غنيم ويا .. ويا .. مصر العامرة بأبنائها النجباء ، أنتم درة عقدها وفخر شعبها ، وبكم ستظل مصر باقية تضيئونها بمواهبكم وإبداعكم ، ومن كان هؤلاء أبناؤها ، فلن تضيع أبدا ، فمنها ولد فجر الضمير بقدماء المصريين ، وسيظل فى أحفادهم ورثة المجد القديم .
إنني أسمع الآن صوتا هاتفا من بعيد ، من القرن العشرين ، إنه ناقدنا الكبير الدكتور لويس عوض يحدثنا وكأنه يسمح تحاورنا حول هجرة العقول المصرية ، مما يؤكد أن القضية قديمة تتجدد من حين إلى حين دون حل ، ككثير من قضايانا التى نلوكها ، ثم يمضى كل منا إلى حال سبيله ..
يقول د. لويس عوض :
" قضيت العام الدراسي 1974 – 1975 أستاذا زائرا بجامعة كاليفورنيا ( لوس أنجلوس ) .
وفى أمريكا أتاح لي طول إقامتي هذه المرة أن ألتقى بنماذج متعددة من المهاجرين المصريين تعلمت منها شيئا كثيرا .. وقد كان موضع زهو عندي أن أرى نسبة عالية من هؤلاء المهاجرين من خيرة جامعة كاليفورنيا بفروعها المختلفة وفى مختلف التخصصات : فى التاريخ وفى الآداب وفى الطبيعة وفى الهندسة وفى الآثار وفى الفلسفة وفى الطب وفى طب الأسنان إلخ ... وكنت لا أكتم عنهم أسفى على أنهم رحلوا نهائيا بعلمهم الغزير عن وطنهم وهو فى أمس الحاجة إلى كل خبرة متقدمة تخرج من أرض مصر " .
أرجو أن تعود يا دكتور حازم مغردا بغنائك ، فنحن بحاجة إلى الأمل .
أما أجمل ما شاهدته فى عيادة طبيبنا العالمي الموهوب هو صورته مع والدته ، وهو ما ذكرني بجده د. على إبراهيم مؤسس النهضة الطبية المصرية الحديثة ، والذى كان يعلق صورة والدته على مكتبه ، ويبدو أن رضاء الست الوالدة هو سبب عبقرية أطبائنا ، وغيرهم من عباقرة حياتنا وتاريخنا ، فالأم مفتاح النجاح .
وكما أهدى أمير الشعراء أحمد شوقي تحيته لعلي إبراهيم فإنني أهديها موصولة لحازم ياسين :
طبيبا آيبا من طيبة
لم تزل تندى يداه زعفرانا .

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


مصراوي
منذ 34 دقائق
- مصراوي
تامر حسني يحذر جمهوره من حفلة وهمية: "خبر كاذب"
وجّه الفنان تامر حسني تحذيرًا لجمهوره بشأن صفحة مزيفة تروّج لحفلة وهمية باسمه، مؤكدًا أن ما يتم تداوله عبر تلك الصفحة لا يمت للحقيقة بصلة. ونشر تامر، تحذيره عبر خاصية "القصص القصيرة" على حسابه الرسمي بموقع "إنستجرام"، وكتب: "الصفحة دي بتعلن عن حفلة وهمية وخبر كاذب.. ياريت الكل ياخد باله". وأضاف: "وطبعًا كل الشرف إننا نغني في العراق، وإن شاء الله آجي قريب، ولكن عن طريق جهة حقيقية.. كل الشكر". وأحيا الفنان تامر حسني يوم الجمعة الماضية حفل غنائي ضخم، وقدم عدد من المفاجآت خلال الحفل، إذ شاركه الفنان رضا البحراوي ومغني المهرجانات كزبرة. يذكر أن النجم تامر حسني ينتظر عرض فيلمه الجديد والذي يحمل عنوان"ريستارت" بمشاركة النجمة هنا الزاهد.


مصراوي
منذ 34 دقائق
- مصراوي
ويزو تنشر صورًا من مشاهدها مع كريم عبدالعزيز من مسرحية "الباشا"
كتب - معتز عباس: شاركت الفنانة ويزو متابعيها على السوشيال ميديا، صورًا من مسرحية "الباشا" بطولة النجم كريم عبدالعزيز، والتي استمر عرضها على مدار 4 أيام في جدة بدءًا من يوم 21 حتى 24 مايو الجاري. A post shared by Weza Wizo (@wezawizo) ونشرت ويزو صورًا من أحداث المسرحية عبر حسابها الرسمي بموقع "انستجرام"، وكتبت: "اللهم صلي وسلم وبارك علي سيدنا محمد ماشاء الله لاقوة الا بالله عرض الباشا بطولة النجم الميجا سوبر ستار كريم عبد العزيز واخراج الاستاذ رامي إمام في موسم جدة، الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك اللهم لك الحمد ولك الشكر ". ويشارك في بطولة مسرحية "الباشا"، كل من كريم عبدالعزيز، هنا الزاهد، وويزو، وهيدي كرم، وحاتم صلاح، وجان رامز، ومن تأليف علاء حسن ومحمد صلاح خطاب، وإخراج رامي إمام. اقرأ أيضا..


تحيا مصر
منذ 39 دقائق
- تحيا مصر
«لا شيء مستحيل على الله»... الطائرة تعطلّت ولم تُقلع إلا بعامر المهدي ليصل إلى الحج
شهد مطار سبها الليبي واقعة إنسانية استثنائية كان بطلها عامر المهدي منصور القذافي، الشاب الليبي الذي كان في طريقه لأداء مناسك الحج بعد أن فاز في قرعة الحج الخاصة بمنطقة الجنوب، القصة التي أثارت تفاعلًا واسعًا عبر منصات التواصل الاجتماعي، تجسد إرادة الأمل والصبر في مواجهة الظروف ونرصد من خلال القصة الكاملة. عامر في طريقه إلى الأراضي المقدسة بدأت القصة عندما كان عامر المهدي منصور يستعد للسفر إلى السعودية لأداء مناسك الحج، وهي المناسبة التي ينتظرها المسلمون في كل عام. و كانت الطائرة التي كان سيستقلها تقلع من مطار سبها، وفي لحظة الحلم، فوجئ عامر بمشكلة أمنية تتعلق باسمه أثناء إنهاء إجراءات السفر، على الرغم من استكماله لكافة التحضيرات، فقد تفاجأ بتأخره عن موعد الرحلة. عندما بدأ عامر بإنهاء الإجراءات، اكتشف رجال الأمن أنه توجد مشكلة فنية تتعلق باسمه، ما تسبب في تأخيره عن الصعود للطائرة، ورغم محاولات رجال الأمن حل هذه المشكلة، إلا أن الوقت كان قد فات، وصعد بقية الحجاج إلى الطائرة، بينما أُغلقت الأبواب وأقلعت الطائرة من دون عامر. ومع حل المشكلة في اللحظات الأخيرة، حاول عامر الاستفسار عن إمكانية العودة، لكنه فوجئ بتصريح أحد الضباط قائلاً: "الله غالب… لم يُكتب لك الحج". ورغم هذه الكلمات القاسية، تمسك عامر بالأمل، حيث قال بإيمان: "النية حج، وسأصل بإذن الله". الطائرة تعود بسبب خلل فني مفاجئ ما إن أقلعت الطائرة حتى حدث عطل فني مفاجئ أجبرها على العودة إلى مطار سبها، وفي تلك اللحظة، اعتقد عامر أن الفرصة قد حانت له للالتحاق بالرحلة، ولكنه صُدم مجددًا عندما رفض الكابتن السماح له بالصعود على متن الطائرة، رغم إصلاح العطل، وهكذا أقلعت الطائرة مرة أخرى، ولكن العطل نفسه عاد ليعطل الرحلة مجددًا، وهو ما جعل الحادثة تبدو استثنائية وغير معتادة للجميع. الكابتن يتخذ قرارًايفاجىء به الجميع.."لن نطير إلا عندما يركب عامر" في المرة الثانية، وبعد حدوث العطل مجددًا، قرر كابتن الطائرة اتخاذ موقف إنساني غير تقليدي. قال للطاقم: "والله ماني طاير حتى تجيبوا عامر معنا في الطائرة". على الفور، نزل جميع الركاب من الطائرة، ليتم دعوة عامر ليكون أول من يصعد على متن الطائرة، وسط مشاعر مختلطة من الدهشة والفرح. كان هذا الموقف الإنساني بمثابة تصحيح للقدر، حيث أصر الكابتن على أن عامر يجب أن يكون معه في الرحلة التي طالما حلم بها. عامر يصل إلى الأراضي المقدسة بعد وصوله إلى مطار المملكة العربية السعودية، نشر عامر المهدي منصور مقطع فيديو عبر مواقع التواصل الاجتماعي، يظهر فيه مبتهجًا بوصوله إلى الأراضي المقدسة. قائلاً: "لقد تحققت أمنيتي رغم كل العقبات"، ليشكر الله على ذلك بعد كل ما مر به من تحديات. وكان وصوله إلى مكة المكرمة بمثابة تتويج لحلم دام طويلًا، ورغم كل التحديات، أصر على أن النية حج، وأنه سينجح في الوصول إلى هدفه. قصة عامر أثارت تفاعلًا واسعًا عبر منصات التواصل الاجتماعي، حيث اعتبر العديد من المتابعين أن ما حدث له كان تجسيدًا حقيقيًا للآية الكريمة: "إنما أمره إذا أراد شيئًا أن يقول له كن فيكون"، وهي الآية التي تعكس قدرة الله على تغيير الأقدار في اللحظات الأخيرة. عامر لم يستسلم للظروف، وتمسك بحلمه، لينال فرصته في أداء الركن الخامس من أركان الإسلام رغم جميع العراقيل التي اعترضت طريقه.