logo
بين الطرق الوعرة والمدارج المنسية.. مباراة كرة قدم في «مطار مهجور»

بين الطرق الوعرة والمدارج المنسية.. مباراة كرة قدم في «مطار مهجور»

عكاظ١٦-١٠-٢٠٢٤

في عالم كرة القدم، تبرز الروح الرياضية كقاعدة ذهبية تقوم عليها كل المنافسات. لكن في بعض الأحيان، يطغى الشعور بالانتقام على تلك الروح، ويصبح الميدان الحقيقي ليس في الملاعب، بل في المطارات وعلى طرق السفر الوعرة. هكذا تحولت مباراة بين نيجيريا وليبيا إلى مشهد قاسٍ يعكس سلسلة من المعاملة بالمثل، حيث وجد لاعبو منتخب نيجيريا أنفسهم ضحايا انتقام ليبي بسبب ما عاناه المنتخب الليبي في نيجيريا.
«لن نلعب هذه المباراة».. بهذه الكلمات الحادة أعلن قائد منتخب نيجيريا ويليام تروست إيكونغ رفضه اللعب بعد أكثر من 12 ساعة من الاحتجاز في مطار مهجور بليبيا، بلا طعام أو ماء أو اتصال. لكن هذه لم تكن مجرد حادثة منعزلة، بل كانت، وفقاً للكثيرين، رد فعل من السلطات الليبية على ما تعرض له المنتخب الليبي في نيجيريا قبل أيام.
القصة بدأت عندما وصلت بعثة المنتخب الليبي إلى نيجيريا استعداداً لخوض مباراة الذهاب. هناك، عاش لاعبو ليبيا ظروفاً لا تقل سوءاً عن تلك التي واجهها منتخب نيجيريا لاحقاً، حيث احتجزت البعثة الليبية في مطار لاغوس لأكثر من ثلاث ساعات، ثم نقلوا في حافلات غير مؤمنة عبر غابات وعرة لمسافة تزيد على 200 كيلومتر، وسط ظلام دامس وطرق غير معبّدة. فيصل البدري قائد المنتخب الليبي وصف هذه التجربة بقوله: «كانت رحلة محفوفة بالمخاطر، وسوء المعاملة كان واضحاً منذ اللحظة الأولى».
وبعد أيام قليلة، جاء الرد الليبي سريعاً.. عند وصول بعثة المنتخب النيجيري إلى ليبيا لخوض مباراة الإياب، تم تحويل مسار طائرتهم إلى مطار الأبرق المهجور، وهو ما أبعدهم عن بنغازي بقرابة أربع ساعات بالسيارة. هذه التحويلة، التي جاءت في اللحظة الأخيرة، لم تكن مجرد صدفة، بل كانت جزءاً من خطة واضحة للانتقام مما حدث في نيجيريا، بحسب رواية لمصادر مطلعة عبر محطات تلفزيونية.
وجد لاعبو نيجيريا أنفسهم في نفس الموقف الذي عاشه خصومهم الليبيون قبل أسبوع. احتُجزوا في مطار مغلق، بلا طعام أو ماء، في انتظار حلول غير واضحة. النيجيري بونيفاس مهاجم باير ليفركوزن، تحدث بمرارة قائلاً: «لقد أمضينا في المطار ما يقرب من 13 ساعة، بلا أي شيء.. لا طعام، لا إنترنت، ولا حتى مكان للنوم».
كان هذا الانتظار القاسي بمثابة رسالة من ليبيا إلى نيجيريا: «كما فعلتم بنا، نفعل بكم».
بين لاغوس والأبرق، تحولت مباراة كرة القدم إلى مواجهة بين دولتين، حيث استُبدلت الروح الرياضية بالثأر، وما كان يجب أن يكون احتفالية رياضية تجمع بين الشعوب، أصبحت ساحة لصراع مرير بين المنتخبات، حيث تُستخدم الظروف القاسية كسلاح غير رياضي لإضعاف الخصوم.
مثل هذه الأحداث تعكس تحدياً أكبر تواجهه كرة القدم الإفريقية. في ظل غياب التنظيم الجيد والتنسيق الفعّال بين الدول، تصبح مثل هذه الحوادث أكثر تكراراً. الانتقام المتبادل لا يقتصر على إلحاق الأذى بالفرق، بل يُسيء أيضاً لسمعة اللعبة ويعزز الانقسامات بين المنتخبات، ما يؤثر بالطبع على مستوى الدول.
في حادثة مطار الأبرق، لم يكن اللاعبون وحدهم ضحايا هذه المعاملة، بل كانت الروح الرياضية هي الخاسر الأكبر. تم تصوير لاعبي نيجيريا وهم يحاولون النوم على مقاعد المطار، في مشهد يحطّم معنويات أي رياضي. نديدي لاعب ليستر سيتي، عبّر عن إحباطه قائلاً: «هذه ليست كرة قدم.. ما حدث هنا إهانة للرياضة».
ومع تكرار هذه الحوادث، يُطرح سؤال ملح: إلى متى ستستمر هذه الدائرة من الانتقام في كرة القدم الإفريقية؟ المنتخبات الأفريقية تستحق معاملة تليق بمكانتها وبأهمية اللعبة التي تمثلها. التنافس يجب أن يبقى داخل الملعب، حيث يكون اللاعبون أحراراً في استعراض مهاراتهم، وليس في مطارات مهجورة أو على طرق غير آمنة.
وربما قد آن الأوان لأن يتدخل الاتحاد الإفريقي لكرة القدم (CAF) بشكل حازم لوضع حد لهذه التصرفات، ووضع بروتوكولات صارمة تُلزم جميع الدول الأعضاء بمعاملة الفرق الضيفة بكرامة واحترام، بعيداً عن الحسابات السياسية أو الرغبة في الانتقام والتأثير على المنتخب الضيف بإساءة معاملته واستقباله.
وفي النهاية، لو نطقت ألسنة عشاق كرة القدم في القارة السمراء لقالت: يجب أن نعود إلى ما تمثله كرة القدم حقاً. إنها لعبة الشعوب التي تعبر عن التفاني والإبداع، وتجمع بين البشر تحت راية واحدة. فعندما تتلاشى تلك القيم في خضم المعاملة بالمثل والانتقام، نخسر جميعا في أفريقيا، ليس فقط كلاعبين أو فرق، بل كجماهير تعشق هذه الرياضة وتؤمن بقوتها في توحيد الإنسان.
ما حدث بين نيجيريا وليبيا لعله يكون درساً للاتحادات القارية والاتحاد الدولي الذي بدوره بلا شك سيتفحص هذه الحادثة بكل أبعادها وفصولها. ويرى العقلاء من أهل رياضة القارة السمراء أن كرة القدم تستحق أن تُلعب على أرض الملعب، وليس في مطارات مغلقة أو على طرق وعرة، وأن تبقى الرياضة مساحة للتنافس الشريف والاحترام المتبادل، حتى لا يتحول حلم الكرة الإفريقية إلى كابوس دائم لكل من يتجرأ على اللعب فيها.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ريال مدريد يعلن تعيين تشابي ألونسو مدربا جديدا للفريق
ريال مدريد يعلن تعيين تشابي ألونسو مدربا جديدا للفريق

الموقع بوست

timeمنذ 2 ساعات

  • الموقع بوست

ريال مدريد يعلن تعيين تشابي ألونسو مدربا جديدا للفريق

وقال النادي في بيان عبر موقعه الإلكتروني: "أعلن نادي ريال مدريد أن تشابي ألونسو سيكون مديرا فنيا للفريق خلال المواسم الثلاثة المقبلة، من 1 يونيو 2025 إلى 30 يونيو 2028". وتابع: "تشابي ألونسو هو أحد أعظم أساطير ريال مدريد وكرة القدم العالمية، دافع عن قميصنا في 236 مباراة رسمية، بين عامي 2009 و2014، وفاز بستة ألقاب: كأس أوروبا العاشرة، وكأس السوبر الأوروبي، والدوري الإسباني، ولقبين في كأس ملك إسبانيا، وكأس السوبر الإسباني مرة واحدة". وأضاف: "تشابي ألونسو هو أيضا أسطورة المنتخب الإسباني، الذي فاز معه بكأس العالم مرة واحدة (2010) وبطولة أوروبا مرتين (2008 و2012)، في 113 مباراة دولية". وواصل: "الآن يعود إلى ريال مدريد كواحد من أفضل المدربين في العالم، بعد أن صنع التاريخ مع باير ليفركوزن، حيث فاز بالدوري والكأس وكأس السوبر الألماني في ثلاثة مواسم". وأوضح أنه سيتم تقديم ألونسو، اليوم الاثنين 26 مايو، عند الساعة 12:30 ظهرا، كمدرب جديد لنادي ريال مدريد في حفل سيقام في مدينة ريال مدريد الرياضية. وكان ألونسو، البالغ من العمر 43 عاما، قد تولى تدريب باير ليفركوزن لمدة موسمين، وقاده في موسمه الأول إلى لقب الدوري الألماني - دون أن يخسر أي مباراة - وكأس ألمانيا في موسم 2023-2024، قبل أن يرحل عن صفوفه قبل أيام. وقرر ريال مدريد الانفصال عن أنشيلوتي بعد موسم كارثي، حيث خرج صفر اليدين، بعد فقدان لقبي الدوري الإسباني ودوري أبطال أوروبا، إلى جانب خسارة نهائي كأس الملك ضد برشلونة.

تشابي ألونسو.. ملامح ثورة تكتيكية واقعية في ريال مدريد (تحليل)
تشابي ألونسو.. ملامح ثورة تكتيكية واقعية في ريال مدريد (تحليل)

حضرموت نت

timeمنذ 10 ساعات

  • حضرموت نت

تشابي ألونسو.. ملامح ثورة تكتيكية واقعية في ريال مدريد (تحليل)

يستعد تشابي ألونسو لخوض التحدي الأكبر في مسيرته التدريبية القصيرة، عندما يتولى قيادة ريال مدريد، أحد أكبر أندية العالم، وسط موسم استثنائي ينطلق مباشرة بالمنافسة على لقب كأس العالم للأندية، ومن دون فترة إعداد. ورغم أن قدومه لا يعني ثورة كاملة، إلا أن بصمته التكتيكية ستكون حاضرة، خاصة لفريق يحتاج بوضوح إلى إعادة تنظيم على مستوى البنية والأسلوب. ألونسو يبحث عن لعب كرة قدم حديثة 'نريد أن نلعب كرة قدم حديثة: كثافة عالية، عقلية قوية، ونشاط دائم'، بهذه الكلمات قدّم ألونسو فلسفته منذ توليه تدريب باير ليفركوزن، ولا يبدو أنه سيتراجع عنها بعد النجاحات الكبيرة التي حققها في ألمانيا. تغيير في الهوية التكتيكية أحد أبرز التغييرات المنتظرة مع ألونسو هو التحول إلى نظام بثلاثة مدافعين في الخلف، كما اعتاد في ليفركوزن، عبر خطة 1-3-4-2-1 أو أحيانًا 3-4-3، مع مرونة تكتيكية كبيرة عند خسارة الكرة، حيث يتحول الفريق إلى خط دفاعي مكون من أربعة أو خمسة لاعبين. هذه المرونة تساعد في التأقلم مع مواقف اللعب المختلفة وتمنح الفريق توازنًا بين الدفاع والهجوم. الظهيران في هذا النظام، كما ظهر مع فريمبونج وجريمالدو، يمثلان حجر الزاوية في البناء الهجومي والدفاعي، إذ يتقدمان لخلق العرضيات والفرص، ويتراجعان لتأمين الخط الخلفي. هذا التغيير قد يفرض تحديات في تحديد أدوار بعض نجوم الفريق مثل كارفاخال وفالفيردي، ويثير تساؤلات حول مدى قابلية اللاعبين للتكيف مع أدوار جديدة. مرونة في التشكيل.. لا جمود في الفكر رغم ميوله الواضحة للنظام الثلاثي، لا يتمسك ألونسو بشكل جامد بتشكيل واحد، بل يعتمد على الواقعية والتكيف مع الخصم والموقف. ففي الموسم الماضي، استخدم تشكيله المفضل في 28 مباراة فقط من أصل 52، فيما لجأ إلى تنويعات مثل 1-3-5-2، 1-4-2-3-1، و1-4-4-2. وغالبًا ما واجه الفرق الكبيرة كالإنتر وبايرن وأتلتيكو مدريد بدفاع رباعي. الرسالة واضحة: النظام وسيلة وليس غاية، وألونسو مدرب يعرف كيف يطوع أدواته بحسب متطلبات المباراة. الضغط العالي.. حجر الأساس في فلسفة ألونسو من أهم ما يميز فلسفة ألونسو هو الإصرار على الضغط العالي والمبكر، بعكس النهج الأكثر تحفظًا الذي اتبعه أنشيلوتي، خاصة في آخر مواسمه. يحتل ليفركوزن بقيادة ألونسو أحد أعلى معدلات الضغط في الدوريات الأوروبية، حيث يتم تنفيذ أكثر من 12 سلسلة ضغط في المباراة، نصفها تقريبًا في آخر 40 مترًا من الملعب. هذه المقاربة تعكس رغبة واضحة في الاستحواذ الفعّال والسيطرة الميدانية من خلال افتكاك الكرة بسرعة، لكنها تتطلب لياقة بدنية عالية وتنسيقًا تكتيكيًا دقيقًا، وهو ما سيكون تحديًا كبيرًا في غرفة ملابس ريال مدريد الممتلئة بالنجوم. من العشوائية إلى التنظيم الهجومي أنشيلوتي اعتمد على الحرية الفردية في الثلث الأخير، مستندًا على موهبة اللاعبين لحل المواقف، لكن ألونسو يتبنى الهجوم المنظم والتحرك الجماعي. يتم بناء اللعب عنده من الخلف، مع تمريرات مركزة، تشكيل مثلثات، وجذب المنافسين ثم ضرب خطوطهم بتمريرات عمودية ذكية. في ليفركوزن، لعبت التمريرات النوعية والتغييرات في الوتيرة دورًا محوريًا في خلق الفرص، بينما كان الظهيران والمهاجم المتأخر من أهم أدوات الاختراق. طريقة اللعب هذه تُمكن الفريق من الاستحواذ الحقيقي، وليس الشكلي، على الكرة. الاستحواذ الهجومي.. أداة للتهديد وليس للزينة ألونسو لا يريد فقط السيطرة على الكرة، بل أن تكون وسيلة لخلق الخطر. في ليفركوزن، سجل الفريق معظم أهدافه بعد فترات من الاستحواذ المكثف في الثلث الأخير، وبلغ متوسط نسبة الاستحواذ في هذه المنطقة 68%، ما وضعه ضمن الخمسة الأوائل في الدوريات الكبرى. لكنه لا يغفل أهمية التحول السريع في الحالة الدفاعية، حيث سجّل الفريق أيضًا عددًا كبيرًا من الأهداف بعد استرداد الكرة مباشرة، ما يعكس التكامل بين الاستحواذ والتحولات. ألونسو يحمل مشروعًا لا مجرد خطة تشابي ألونسو لن يكون مجرد بديل لأنشيلوتي، بل ناقل لفلسفة جديدة تجمع بين الحداثة والواقعية. مشروعه في ريال مدريد لن ينجح إلا إذا استطاع تكييف النجوم مع هذه الأفكار، وبناء منظومة متماسكة داخل الملعب وخارجه. لكن الموهبة وحدها لا تكفي، كما قال هو نفسه: 'نعرف ما نريد أن نفعله، لكن الأمر يتوقف على جودة اللاعبين. فبعض الأمور لا يمكن تدريبها، بل تُولد بالفطرة'.

بينهم الأهلي.. صامويل إيتو يتوقع مصير الرباعي الإفريقي في كأس العالم للأندية
بينهم الأهلي.. صامويل إيتو يتوقع مصير الرباعي الإفريقي في كأس العالم للأندية

حضرموت نت

timeمنذ 10 ساعات

  • حضرموت نت

بينهم الأهلي.. صامويل إيتو يتوقع مصير الرباعي الإفريقي في كأس العالم للأندية

يثق الكاميروني صامويل إيتو عضو اللجنة التنفيذية للاتحاد الإفريقي لكرة القدم في قدرة ممثلي قارة إفريقيا في كأس العالم للأندية 2025، في الظهور بشكل مميز بالبطولة المقرر انطلاقها الشهر المقبل. ويشارك في البطولة كلا من الأهلي وصن داونز والوداد والترجي كممثلين عن قارة إفريقيا. وقال إيتو في تصريحات مع قناة دي سبورتس: ' أعلم أن الفرق التي ستمثل قارتي ستبذل قصارى جهدها للوصول إلى أبعد مسافة ممكنة.' وأشار: ' المستوى متكافئ تمامًا، كرة القدم الآن مجنونة ستبذل الفرق الأفريقية الأربعة قصارى جهدها للوصول إلى أبعد مدى ممكن.' وعن وصول مازيمبي الكونغولي إلى نهائي مونديال الأندية عام 2010 وخسارته أمام الإنتر الإيطالي بثلاثية نظيفة قال: ' كنا محظوظين بوجود نادٍ أفريقي في النهائي. للأسف، لعبوا ضد إنتر ميلان، أتمنى أن يتكرر ذلك.'

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store